كبار السن بحاجة إلى الاهتمام.. نصائح لإسعادهم

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1073
مشاركة
A+ A A-
الاهتمام وتفاصيل بسيطة، هما ما يحتاجه كبار السن من قبل الأبناء، وقد تغيب عنهم أحيانا، إلا أنها تضفي السعادة والبهجة على قلوبهم، ومع مرور العمر قد تزداد حساسية كبار السن في انتظار تلبية حاجاتهم من فلذات أكبادهم، منتظرين قضاء وقت أطول برفقتهم.

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

ويرى خبراء أن اهتمامات الإنسان تختلف مع التقدم بالعمر، وكذلك في تعامله مع الآخرين، وتتغير صفاته وسلوكياته بشكل لا يفهمه الأبناء، لذا من المهم أن يحقق الأبناء ما يريده الآباء حتى لو كان بسيطا، وحتى لو كانت في نظرهم أمورا غير ضرورية.

وبينوا أن من المهم أن يدرك الأبناء فن الاستماع للكبار الذين يجدون متعة في التحدث عن فترة الشباب بكل تفاصيلها، وتكرار ذكر الأحداث والقصص الماضية في الجلسات، ففي ذلك وسيلة لهم للتعبير عن الذات.

إلى ذلك، على الأبناء أن يضعوا أنفسهم مكان والديهم، وأن هذا الحال سيعود عليهم، فحسن معاملة الأبناء لآبائهم ورعايتهم يعلم الأحفاد أصول البر والتراحم والاحترام.

كثير من الأبناء يتساءلون: كيف نرضي آباءنا ونكون سببا في سعادتهم؟ خصوصا مع ازدياد مشاعر خوف وقلق الأبناء، حينما يصل الوالدان إلى عمر كبير، والحرص على أن يتمتعا بصحة نفسية وجسدية جيدة، ومراعاة متطلباتهما جميعها.

تقول تالا الخطيب “تزداد حساسية والديّ، حيث يكون العتب على أقل الأمور وكأنه لا شيء يرضيهما”، مبينة أنها وإخوتها يحاولون دوما أن يوفرا لهما كل ما يسعدهما سواء بأجواء مبهجة داخل المنزل أو الخروج في نزهة، لكن في الوقت ذاته إن انشغل أحد الأبناء بشيء ما يزيد غضبهما ولومهما.

وتتساءل تالا كيف تساعد والديها ليحظيا بحياة مريحة وسعيدة كما وفرا هذه الحياة لها في صغرها، لافتة إلى أن الأدوار تتبدل، حيث يقدم الأبناء الرعاية لآبائهم، و”أنا أكثر ما يخيفني مرضهم أو خسارتهم أو معاناتهم من حالة نفسية لا أعرف كيف أتعامل معها”.

اختصاصي علم النفس د. علي الغزو، يؤكد أن حب وتعلق الأبناء بآبائهم يجعلانهم في حيرة من أمرهم بكيفية الرعاية الصحيحة نفسيا وجسديا، خصوصا في ظل اعتلال الوالدين بأمراض مختلفة.

ويؤكد الغزو أهمية إبعاد مشاكل الأبناء عن الأهالي، لأن خوفهم من أن يصيب الأبناء مكروه يؤثر نفسيا عليهم، وقد يدخلهم بحالة من الكآبة ومعاناة في التفكير وتخيل سيناريوهات سلبية ربما بعيدة عن أرض الواقع، فضلا عن إشراكهم في أمور الحياة كلها واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم الزاخرة، ويوضح أن الأثر النفسي يضر بالصحة، فعاطفة الوالدين كبيرة، ومن الطبيعي أن يتكدرا ويغضبا من الظروف التي تحمل أبناءهم أعباء كثيرة.

ويمكن تقديم الدعم المعنوي بجوانب ترفيهية وأجواء مفرحة داخل البيت وخارجه، أو مرافقتهم بجولة في السيارة أو الخروج لمطعم يفضلونه، أو مكان يمكن أن يغير من روتين وأجواء البيت، ومن المهم عدم افتعال المشاكل أمام الآباء، لأن ذلك يزيد من منسوب الخوف والتفكير لديهم.

الاختصاصي الأسري الاجتماعي مفيد سرحان، يرى أن التقدم في السن هو امتداد لتاريخ طويل أمضى الإنسان فيه حياة حافلة بالعمل والإنجاز والتضحيات من أجل تربية الأولاد ورعايتهم وإعالتهم والحفاظ على وجودهم، ويشير إلى أنه ليس من الوفاء لهما أن يتركا فريسة الضعف والعجز والمرض، بل الاهتمام بهما ورعايتهما والبر بهما من واجباتنا الدينية، والأخلاقية والاجتماعية.

ويؤكد سرحان أن البر لا يعني المكافأة أو رد الجميل، فمسؤولية الأبناء كبيرة تجاه كبار السن (الوالدين) من رعاية واهتمام وإشعارهم بأهميتهم، وذلك بإشراكهم في أمور الحياة كلها واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم الزاخرة، وتلمس حاجاتهم الضرورية وإدخال السعادة على قلوبهم، ويجب على الأبناء أن يتذكروا دائماً أن آباءهم كانوا يعتنون بهم وهم في قمة السعادة ومهما فعل الأبناء من منغصات كانت بالنسبة للآباء متعة.

ويلفت إلى أن من المهم على الأبناء أن يضعوا أنفسهم مكان والديهم وأن هذا الحال سيعود عليهم، فسيكبرون وسيكون لديهم أبناء، فحسن معاملة الأبناء لآبائهم ورعايتهم يعلم الأحفاد أصول البر والتراحم والاحترام، فينشؤون نشأة صحيحة تؤهلهم للعناية بآبائهم في المستقبل، كما أن وجود كبار السن في الأسرة والاعتناء بهم يضفي الدفء والحميمية على العلاقات داخل الأسرة ويحقق الوئام والمحبة والتكافل بين أفراد الأسرة كافة.

ويقول سرحان “ومن السمات التي تميز أسرنا هي تلك الحميمية المتأصلة بين أفراد الأسرة كلهم كباراً وشباباً وصغاراً، فتجد التوقير والاحترام للكبير متجلياً في كل المحافل وتجد العطف على الصغير والحنو عليه، كما أنك تلاحظ الصحة النفسية لكبار السن المتواجدين بين أفراد أسرتهم دائماً والشعور بالرضا الواضح في حديثهم ومحياهم”.

ويضيف “بر الوالدين والاهتمام بهما يبدأ من تأمين احتياجاتهما الأساسية من المسكن المناسب والمأكل والملبس بما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة لدى الأبناء، وتقديم الرعاية المناسبة لهما، وإدامة التواصل معهما بالزيارة والاتصال في حالة السكن المستقل والتأكد من وجود جميع الاحتياجات الضرورية وغيرها، مما يوسع من سبل الحياة”.

“وفي حالة مرض أحد الوالدين أو كليهما تزداد المسؤولية، حيث يتطلب ذلك متابعة تأمين العلاج وأوقات مراجعة الطبيب وأخذ الدواء، ومثل هذه الأمور تكون أكثر صعوبة في حالة سكن الوالدين بعيدا عن الأبناء، مما يتطلب زيادة عدد الزيارات والاتصال الدائم للتأكد من تناول الدواء في الأوقات المحددة”، وفق سرحان.

ويقول “من المهم لدى الأبناء إدراك أن اهتمامات الإنسان تختلف مع تقدم العمر وكذلك نفسيته وتعامله مع الآخرين، فعلى سبيل المثال، يجب الحديث عن الماضي وفترة الشباب بكل تفاصيلها، كما يكرر ذكر الأحداث والقصص الماضية في الجلسات، واستماع الأبناء والأحفاد يشعر الكبير بالراحة والاهتمام والرضا، وهي وسيلة للتعبير عن الذات، فاستماع الأبناء لأحاديث الآباء والأجداد هو نوع من البر، وإن كان لا يكلف شيئا ماديا”.

وبطبيعة كبار السن أنهم يحبون التواصل مع أصدقائهم وأقاربهم الذين يقاربونهم في العمر، بحسب سرحان، فهم أكثر قدرة على الانسجام، ومسؤولية الأبناء في تيسير تبادل الزيارات بين هؤلاء الكبار وكذلك تأمين الاتصال معهم سواء من خلال الصوت أو الصورة التي تشعر الجميع بالحنين للماضي والثقة بالنفس، وهو أيضا وسيلة مهمة للترفيه والتسلية حتى لا يشعر كبير السن بالفراغ مما يسبب له ألما نفسيا وقد يكون عضويا.

وقد يفضل الآباء والأمهات طعاما أكثر من غيره حتى لو كان بسيطا لكنه ارتبط لديهم بذكريات معينة، وهنا يكمن دور الأبناء في الحرص على الإكثار من هذه الأكلات وتأمينها للآباء، وهو نوع من البر أيضا ما دام يجلب الراحة والسعادة للكبار، فالعبرة ليست بالقيمة المادية بل بما يرغب به الآباء.

ويشرح سرحان أن التقدم بالعمر يفرض على الإنسان صفات وسلوكيات قد لا يفهمها الأبناء، فكبير السن ربما لا يحب أو يقوى على كثرة التنقل ولا يجد في ذلك المتعة التي يجدها الأبناء، والمهم أن يحقق الأبناء ما يريده الآباء حتى لو كان بسيطا، وإدراك الأبناء لما يجلب السعادة للآباء هو المفتاح السحري لنيل الرضا وتعزيز الصحة النفسية للآباء والأمهات.

ديمه محبوبة

 

مواضيع مختارة