تجاعيد دافئة

بيت بلا أبناء: هل سمعت بـ"العش الفارغ" من قبل؟!

متلازمة «العش الفارغ»، هي حالة يصاب بها الأبوان أو أحدهما، عند خروج آخر الأبناء من المنزل، سواء لتكملة الدراسة أو للعمل أو الزواج، إذ يشعران آنذاك بالفراغ والحزن والخسارة.

[اشترك]

يحدثنا الدكتور حسين مبارك، حاصل على البورد النمساوي في الطب النفسي والأعصاب، عن تأثير هذه الحالة الاجتماعية في الأبوين وكيفية تفاديها، ويقول «متلازمة العش الفارغ حالة عاطفية عادة ما تصيب الوالدين عندما يغادر الأبناء المنزل للعيش بمفردهم، سواء كان ذلك بسبب الدراسة أو الزواج أو لأسباب أخرى، إذ يشعر الآباء بالحزن،والفراغ والعزلة، بسبب تغيّر الدور الذي كانوا يؤدّونه في حياتهم كأولياء أمور نشطين.

وعلى الرغم من أنها ليست اضطراباً نفسياً معترفاً به بشكل رسمي، إلا أنها قد تؤدي إلى مشاعر الاكتئاب والقلق أو فقدان الهوية لدى بعض الأفراد، بخاصة إذا كانت حياة الوالدين مرتبطة بشكل كبير برعاية الأبناء».

لماذا يشعر الوالدان بالفراغ بعد مغادرة الابن الأصغر المنزل نهائياً؟

هناك علاقة ارتباطية يوضحها الدكتور حسين مبارك، بين متلازمة العش الفارغ وتراكم شعورها السلبي لدى الأبوين، وبين خروج الابن الأصغر من البيت، لأسباب عدّة:

  • آخر من يغادر: الأبناء الأصغر عادة ما يكونون آخر من يغادر منزل الأسرة، ما يجعل مغادرتهم حدثاً نهائياً، وحاسماً للأبوين، فبعد رحيلهم قد يشعر الوالدان بأن البيت قد أصبح فارغاً بالكامل.
  • الرابط العاطفي القوي: في كثير من الحالات، يتشكل رابط عاطفي خاص بين الوالدين والابنة أو الابن الأصغر، بسبب الفترة الطويلة التي قضوها معاً، بعد مغادرة الإخوة الأكبر، وقد يكون هناك اعتماد عاطفي أكبر على الابن الأصغر.
  • تغيّر نمط الحياة: مغادرة الابن الأصغر عادة ما تجبر الوالدين على مواجهة مرحلة جديدة من حياتهما، حيث يتحول دورهما من الرعاية اليومية، إلى محاولة التكيّف مع حياة مختلفة، ما يمكن أن يثير مشاعر الفقد، أو الحزن.
  • يوجد سبب لا يقل أهمية يضاف إلى الأسباب السابق ذكرها، وهي الخلافات العائلية، التي يمكن أن تعمق تأثير متلازمة العش الفارغ، وتزيد من تعقيدها «عندما تكون هناك توترات بين الزوجين، فإن مغادرة الأبناء قد تؤدي إلى مشاعر إضافية من القلق والحزن والاكتئاب، فعدم إغلاق تلك الخلافات بين الوالدين، ومع مغادرة الابن (بخاصة الأصغر)، قد تجعلهما يشعران بأن الفرصة لحلّها قد ضاعت، فضلاً عن الشعور بالعزلة العاطفية لوجود تلك الخلافات، بخاصة إذا لم تكن هناك علاقات صحية تدعمهما بعد مغادرة الأبناء، وفي مثل هذه الحالات، يمكن أن يكون التفاهم الأسري، أو الاستشارة الزوجية، وسيلة مفيدة للتعامل مع الخلافات، وتقليل التأثير السلبي لمتلازمة العش الفارغ».

يلخّص الدكتور حسين مبارك طرق التعامل مع متلازمة «العش الفارغ»، في محاولة للتخلّص من تبعاتها:

  • البحث عن نشاطات جديدة: يمكن للوالدين ملء وقتهما بتعلم هوايات جديدة، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
  • التواصل الاجتماعي: البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يساعد على تخفيف الشعور بالعزلة.
  • التخطيط للحياة بعد الأبناء: التفكير في المستقبل ووضع خطط مشتركة بين الزوجين يمكن أن يعزز الإحساس بالأهمية.
  • طلب الدعم: في بعض الحالات، قد تكون الاستعانة بمعالج نفسي أو مستشار أمراً مفيداً للتعامل مع المشاعر الصعبة.

استراتيجيات العلاج من «العش الفارغ»

يضيف الدكتور حسين مبارك «التعامل مع حالات متلازمة «العش الفارغ» التي تتفاقم بفعل الخلافات العائلية، يتطلب نهجاً إضافيا يتبنى بعضه الأبناء، بجانب المختصين، في محاولة لتخلّص الوالدين من المشاعر السلبية..

وإليك بعض الاستراتيجيات العلاجية التي يمكن أن تُستخدم:

التقييم الشامل:

  • فهم الديناميكيات العائلية: في البداية، يجب أن يتم تقييم شامل للحالة لفهم الخلفية العائلية، وطبيعة العلاقة بين الوالدين والأبناء، والخلافات الحالية، وقد يشمل التقييم أيضاً، البحث عن أيّ أعراض اكتئاب أو قلق، قد تكون مرتبطة بالوضع الجديد.
  • استكشاف مشاعر الفقد: أي مساعدة الوالدين للتغلب على أحاسيسهما تجاه فقدان دورهما كوليّي أمر نشطين، وتأثير ذلك فيهما.

العلاج الفردي:

  • خطط التكيف: تعليم الوالدين تقنيات التكيّف الإيجابية، مثل تحديد أهداف جديدة، وتطوير اهتمامات أو هوايات جديدة، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية.
  • إدارة التوتر والقلق: يمكن أن تشمل هذه الجلسات تعلّم تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل والتنفس العميق، إضافة إلى مهارات التفكير المعرفي لتحدّي الأفكار السلبية المتعلقة بمغادرة الأبناء.
  • إعادة بناء الهوية: مساعدة الأفراد على إعادة بناء هويتهم الشخصية، بعيداً عن دورهم كوالدين، والتركيز على تطوير الذات واستكشاف معانٍ جديدة للحياة.

العلاج الأسري:

  • تحسين التواصل: العمل مع جميع أفراد الأسرة لتحسين مهارات التواصل، ما يساعد على حل النزاعات القديمة، وفهم مشاعر بعضهما بعضاً، وقد يتضمن ذلك جلسات علاج أسري يمكن أن تفتح المجال لمناقشة المشاعر المكبوتة، وإيجاد حلول للصراعات القائمة.
  • إعادة بناء العلاقات: في حالات الخلافات العائلية، يجب التركيز على إعادة بناء العلاقة بين الوالدين والأبناء، وتخفيف المشاعر السلبية أو الغضب، وتعزيز الفهم المتبادل.

العلاج الزوجي:

  • التكيّف مع الحياة بعد الأبناء: في حالة وجود توترات زوجية، قد يكون من المفيد اللجوء إلى العلاج الزوجي، بهدف مساعدة الزوجين على التكيّف مع مرحلة جديدة من حياتهما، بعد مغادرة الأبناء، وتعزيز العلاقة بينهما بعيداً عن دورهما كوالدين.
  • إعادة إحياء العلاقة: يمكن أن تشمل الجلسات تعزيز الأنشطة المشتركة والهوايات التي قد تُعيد الحيوية إلى العلاقة الزوجية.

الدعم الاجتماعي:

  • تشجيع الدعم الاجتماعي: مساعدة الوالدين على توسيع شبكة علاقاتهما، من خلال المشاركة في أنشطة جماعية، والانخراط في مجتمعات تشترك في الاهتمامات نفسها.
  • تشجيع الصداقات: المساعدة على رؤية أهمية بناء صداقات جديدة أو إعادة إحياء القديمة منها، والتي يمكن أن توفر الدعم العاطفي في هذه المرحلة الانتقالية.

المراقبة المستمرة والتعديل:

  • تقييم التقدم: احرص على متابعة تقدم الوالدين وأي تغيّرات إيجابية في مشاعرهما أو سلوكهما، ويمكن تعديل خطط العلاج لتلبية احتياجاتهما المستجدة.
  • التعامل مع الانتكاسات: في حالة ظهور مشاعر قوية من الحزن أو القلق، تتم إعادة التركيز على أدوات التكيّف التي تم تعلّمها في العلاج، ومواصلة العمل على معالجة المشكلات العاطفية.

الاستعانة بمتخصصين جدد إذا لزم الأمر:

  • تقديم دعم إضافي: في بعض الحالات، قد يكون هناك حاجة للاستعانة بمتخصصين جدد، إذا ظهرت مشكلات نفسية أكثر تعقيداً، مثل الاكتئاب الشديد أو اضطرابات القلق، فالتعامل مع مثل هذه الحالات يتطلب تفهّماً كبيراً لحساسية الموقف، ودعماً قوياً لمساعدة الوالدين على التكيّف مع التغيرات الكبيرة في حياتهما.
2024/10/23
هل فكرت في حياتك عند الشيخوخة؟!
نقطة يجب الالتفات إليها وهي أن كل واحد منا – الموظف وغير الموظف – يفكر في مستقبله وقلنا في حديث سابق أن الإنسان عليه ألا يقلق على مستقبله، وقد اعترض بعض الإخوة الاقتصاديين وقالوا: كيف تقول هذا والحال أن على الإنسان أن يدخر القرش الأبيض لليوم الأسود كما يقال؟

[اشترك]

وفي مقام الجواب نحن نقول: لا مانع من تدبير المعيشة، ولا نقصد بتدبير المعيشة الفعلية؛ بل نعني مطلق المعيشة الآن ولاحقا، إنما الكلام في نفي الحرص وانعدام التوكل على الله سبحانه، وكل واحد منا يفكر في أفضل الاستثمارات والوظائف، ولكن هل فكر أحدنا يوما من الأيام في حياته عند الشيخوخة؟

وإننا لنأسف عندما نرى بعض كبار السن حفظهم الله تعالى – وبعضهم حقيقة من أهل الجنة، ممن تربى في طاعة الله وممن يذكرون أهل بيت نبيهم (ع) ومن الذين لم يرتكبوا المنكرات الكبيرة – لا يملكون وعيا دينيا ولا فهماً في العقيدة ولا صلاة خاشعة ولا رقة في القلب، لماذا؟ لأنهم لم يبذلوا جهدا في أيام شبابهم في إصلاح أنفسهم ولم يستثمروا أوقات فراغهم، بل كانوا منشغلين بسقي الزرع واللعب مع الأطفال والانتقال من بيت إلى بيت في فراغ وبطالة وقد يتمنى البعض منهم التعجيل في أجله لما يعيش من الملل في حياته، والحال أن مراجع التقليد عندنا، تبدأ مرجعيتهم في سن السبعين والثمانين والتسعين حتى المئة، لأنهم يعيشون على رصيد الماضي، ولو تربى الشاب على ثقافة الله والوعي وحب المطالعة، لأنس بالكتاب حتى في أواخر حياته ولاشتغل بالعبادة عن غيرها وإن كان في نهاية عمره، وكلما ازداد في العمر؛ ازداد حباً للعلم والعبادة والاستثمار العلمي.

*مقتطف من محاضرة للشيخ حبيب الكاظمي
2023/12/26
يستمتعون بالقيلولة واقتناء الأطباق: عادات يفضلها كبار السن ولا يفهمها الشباب!
جميعنا نحب كبار السن من الأجداد والجدات والجيران والأقارب، نتهافت لاحتضانهم ونيل رضاهم، غالبا ما يحتفظون بشيء لنا يمنحنا السعادة سواء قصة جيدة في مخيلتهم أو حلوى مخبأة بعناية.

قد تتساءل هل من الممكن أن أصير مثلهم في يوم من الأيام؟، قد تحب بعض الأفعال، التي يقومون بها، والحنان الذي يحتوون به الجميع وطريقة حلهم للمشكلات، لكن هناك بعض العادات التي لا يمكن لشباب اليوم أن يفهموها، والتي يرونها شديدة الغرابة بالنسبة لهم، لكن إذا اكتشفت أنك تقوم بتلك العادات، فأنت بلا شك قد اكتسبتها من أجدادك بدون أن تشعر.

يسرد موقع "برايت سايد" (Brightside) بعضا من هذه العادات، هل تتخيل أنك ستقوم بها يوما؟.

حفظ الأشياء لمناسبة خاصة

بالرغم من أن علماء النفس يوصون بعدم تأجيل الحياة والاستمتاع بها الآن وليس فيما بعد، إلا أن كبار السن عادة ما يحتفظون بشيء ما له قيمة عندهم لمناسبة خاصة، فمن الممكن للعطر الذي حصلوا عليه في عيد ميلادهم أن يظل مفتوحا لمدة 20 عاما، في حين أن مجموعة من الفساتين الجميلة تظل في صندوق بعيد، ليتجمع الغبار عليها عاما بعد عام، يصعب عليهم بالفعل التخلي عن الأشياء، لربما ستأتي المناسبة أو الزمن المناسب لاستخدامها أخيرا.

مجموعة خاصة من الأطباق للضيوف

ظلت هذه العادة مستمرة حتى وقت قريب، حيث تحصل كل فتاة يتم تجهيزها للزواج على مجموعة من الأواني الفاخرة، لاستخدامها فقط مع الضيوف، إلا أن شباب اليوم أخذوا يعترضون على هذه التكاليف الباهظة، التي ما من داع لها، معتمدين في ذلك على أن هذه عادة قديمة غير مناسبة للعصر الحالي.

إعطاء نصيحة غير مرغوب فيها

فيما مضى وربما حتى الآن، لا تتوانى أمهاتنا وجداتنا، عن تقديم المشورة بين الحين والآخر، خصوصا تلك النصائح التي لا نرغب فيها بشدة، والتي قد لا توحي بالاهتمام بقدر الرغبة في السيطرة عليك في الوقت الحاضر.

وجود صندوق أو جرة بأزرار قديمة

يمكن العثور على الصناديق التي تحتوي على مجموعة من الأزرار القديمة في أي منزل تقريبا، ربما لأنه كان من الصعب شراء أزرار في الوقت المناسب حينما تحتاج إليها، ولهذا السبب قام الناس بتخزينها تحسبا، إلا أنه أصبح نادرا ما يتم استخدم تلك الأزرار الاحتياطية، فالموضة تتحرك بسرعة، والناس يشترون ملابس جديدة، حتى قبل أن تتلف ملابسهم القديمة.

القلق بشأن ما يعتقده الآخرون

الاهتمام بآراء الآخرين مهم جدا بين كبار السن، فالكلام أو الفعل أو الإجراء "غير اللائق"، قد ينتهي بإنهاء صداقة أو يؤدي إلى سمعة غير جيدة في الحي، كانت عادة ربط سلوك المرء بآراء الآخرين عميقة الجذور في رؤوس الناس، لم يقتصر الأمر على الاهتمام بآراء الأصدقاء فحسب، بل آراء رئيسك في العمل وزملائك وحتى السيدات المسنات من الجيران.

عدم مدح الأطفال

لم يمتدح أجدادنا أطفالهم كثيرا، بدا لهم أن ذلك سيفسد أبناءهم، وأنهم بالقيام بذلك قاموا بحماية أطفالهم من التلف والتدليل الزائد، لكن علماء النفس اليوم يؤكدون على أنه من المهم إظهار حبنا لأطفالنا والتعبير عنه بشكل واضح.

ارتداء سترة حتى إن لم يكن الجو باردا

كبار السن لديهم تعريفات مختلفة لشكل البرد ودرجات الحرارة التي يحتملها الجسم، مع تقدمنا ​​في العمر، تبدأ جدران الأوعية الدموية بفقدان مرونتها، مما يقلل من الدورة الدموية، ويجعلنا نشعر بالبرودة بشكل أسرع، لذا احترم كبار السن وأحضر لهم ستراتهم إن طلبوا منك ذلك.

الهوس بالطقس

عندما تكون شابا، فأنت تكتفي بمجرد فكرة عامة عن الطقس كل يوم، لكن كبار السن يحتاجون إلى مزيد من التفاصيل، ويحبون الحصول على التحديثات كل ساعة، إضافة إلى أنهم يريدون مناقشة الطقس مع أي شخص يرغب في الاستماع.

الهواتف الأرضية القديمة

من النادر أن تجد أي شخص يزيد عمره عن 50 عاما تخلى تماما عن استخدام خط أرضي، يقول بوب لاركن، ساخرا في مقال له على موقع "بيست لايف أون لاين" (BestLifeOnline) يفضل كبار السن العيش في منزل بدون سقف على منزل بدون خط أرضي.

الاستيقاظ مبكرا وأنت لست مضطرا لذلك

من المفارقات الغريبة أنه كلما تقدمت في العمر، وكلما قلت مسؤولياتك، زاد ميلك إلى الاستيقاظ مبكرا، سيكون الشخص الأكبر سنا في المنزل هو أول شخص يستيقظ مع بزوغ الفجر كل صباح، يرتدي ملابس كاملة مستعدا لليوم من بدايته، يجب أن تجرب ذلك، ولا تكن من جيل الألفية الكسول.

الاستمتاع بالقيلولة

من الصحي جدا أن يحصل الجميع على قيلولة، لكن بالنسبة لكبار السن، فإن الاستمتاع بساعة القيلولة في منتصف اليوم شيء أساسي، حتى لو لم يكونوا متعبين، إن قيلولة الثانية بعد الظهر تمثل الحياة بالنسبة لهم.

تذكر الأيام الخوالي

يحب كبار السن التحدث عن طفولتهم المثالية، حينما كان عليهم الركض بحرية وبدون إشراف من آبائهم، الذين يفرضون السيطرة على كل شيء هذه الأيام خوفا على أطفالهم، وحينما كانوا يتحملون مسؤولية الأشياء الكبيرة، بالنسبة لهم فإن أطفال اليوم لن يتمكنوا من فعل ذلك أبدا.

مشاهدة أفلام من قرن آخر

امنح شخصا مسنا الاختيار بين مشاهدة أحدث الأفلام أو فيلم بالأبيض والأسود، وسيختارون دائما الأخير.

2023/10/09
لماذا يصاب البعض بـ «الاكتئاب» مع تقدّم العمر؟
يتعرّض الجسم لتغيّرات كيميائية وفيزيائية مختلفة مع تقدّمنا في العمر، وقد تشمل تلك التغيّرات أيضًا تدهورًا في آليات التكيّف مع الصحة النفسية. يمكن أن تَحدُث مُسبِّبات الاكتئاب بسبب تغْيير ديناميكية العلاقة أو وفاة أحد أفراد الأسرة أو صديق مقرب أو انخفاض الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية الأخرى.

إذا لم يكن الشخص قادرًا على التأقلم الجيد، وأصبح غارقًا في التغييرات التي لا مفر منها، والتي تحدث في وقت واحد مع تقدّم العمر، فمن المحتمل أن يبدأ في الشعور بالانعزال، يمكن أن تتطوّر المشاعر المزعجة بسرعة، والتي قد تبدأ ببساطة كإحباط أو حزن، إلى اكتئاب، ويمكن أن يحدث الاكتئاب المزمن دون أن تدرك ذلك.

مع ذلك، هناك بعض العلامات التي يمكن أن تكون بمثابة تحذير لهذه الحالة الصحية النفسية، إذا كنت قادرًا على إدراك مُسبِّبات الاكتئاب المُتَستِّرة، فيجب أن تكون قادرًا على التخلّص منها، أو تقليل تأثيرها عليك، قبل حدوث أي مشاعر سلبية خطيرة.

مُسبِّبات الاكتئاب المرتبطة بالتقدّم بالعمر

تشمل أهم مسبِّبات الاكتئاب مع التقدم العمر الآتي:

1. انخفاض مستويات فيتامين ب 12

يساعد فيتامين ب 12 الجسمَ على إنجاز العمل على نحو صحي، إذْ يلعب دورًا حيويًا في إبقائك نشِطًا ومبتهجًا، يعمل حمض المعدة على إفراز كمية كافية من فيتامين ب 12 من أجل الأداء الصحي للجسم، ومع ذلك، فإن انخفاض مستويات حامض المعدة لدى كبار السن قد يعوق إنتاج هذا الفيتامين المهم، مما يجعلك تشعر بالخمول والاكتئاب.

2. الانعزال الاجتماعي

الشعور بالانفصال الاجتماعي والعزلة هو سبب آخر للاكتئاب، قد يكون التقاعد، أو التعامل مع شعور العُشّ الفارغ

(empty nest feeling) ، وهو شعور قد يراود الآباء والأمهات عندما يغادر أبناؤهم المنزل، وقد يكون هذا أمر صعب بشكل خاص بالنسبة لبعض الناس، حاوِلْ أن تنظر بإيجابية إلى مرحلة التقدم في العمر على أنها فرصة:

  • لإحياء زواجك.
  • إعادة التواصل مع أفراد الأسرة الآخرين، والأصدقاء الذين لم تتواصل معهم منذ فترة طويلة.
  • الانخراط في أنشطة اجتماعية مختلفة.
  • تجربة هوايات مختلفة، ربما كنتَ تؤجِّلها باستمرار.

إذا استمر الشعور بالاكتئاب والحزن على مدى أسبوعين، فمن الأفضل استشارة طبيبك، أو مقدّم الرعاية النفسية.

3. جَدولُ نومٍ سيء

لا تُسبِّب قلة النوم مع التقدم في العمر التعبَ فحسب، بل قد تؤثّر سلبًا على تقلبات مزاجك، وإذا لم يتم ضبط النوم بالشكل الكافي، يمكن أن يسبب الشعور بالاكتئاب. تم تحديد النوم المضطرب كعامل رئيسي مسؤول عن التسبب في الاكتئاب لدى كبار السن، هناك بعض اضطرابات النوم الانسدادي، مثل: الأرق، وانقطاع التنَّفَس أثناء النوم، التي قد تحدث مع التقدم بالعمر.

تجنَّب استهلاك منتجات الكافيين إذا كنتَ تواجه مشكلة في الحصول على كمية ونوعية نوم مناسبة، واستشر الطبيب المختص حول الأسباب والعلاجات المحتَملة.

4.الحزن والصدمة

الحزن هو رد فعل طبيعي لفقدان علاقة أو شخص عزيز، لكنّ مشاعر الحزن والصدمة التي تأخذ وقتًا طويلًا قد تحتاج إلى معالجة، لأنها يمكن أن تؤدي إلى اكتئاب مزمن.

يعتبر الاكتئاب المرتبط بالحزن شائعًا بين كبار السن، غالبًا ما يتم الخلط بين أعراض الاكتئاب وأعراض الحزن، وبالتالي فإن السماح للحزن بالتحوّل إلى اكتئاب هو مصدر قلق حقيقي لمقدمي الرعاية الصحية النفسية.

2023/07/04
كبار السن بحاجة إلى الاهتمام.. نصائح لإسعادهم
الاهتمام وتفاصيل بسيطة، هما ما يحتاجه كبار السن من قبل الأبناء، وقد تغيب عنهم أحيانا، إلا أنها تضفي السعادة والبهجة على قلوبهم، ومع مرور العمر قد تزداد حساسية كبار السن في انتظار تلبية حاجاتهم من فلذات أكبادهم، منتظرين قضاء وقت أطول برفقتهم.

[اشترك]

ويرى خبراء أن اهتمامات الإنسان تختلف مع التقدم بالعمر، وكذلك في تعامله مع الآخرين، وتتغير صفاته وسلوكياته بشكل لا يفهمه الأبناء، لذا من المهم أن يحقق الأبناء ما يريده الآباء حتى لو كان بسيطا، وحتى لو كانت في نظرهم أمورا غير ضرورية.

وبينوا أن من المهم أن يدرك الأبناء فن الاستماع للكبار الذين يجدون متعة في التحدث عن فترة الشباب بكل تفاصيلها، وتكرار ذكر الأحداث والقصص الماضية في الجلسات، ففي ذلك وسيلة لهم للتعبير عن الذات.

إلى ذلك، على الأبناء أن يضعوا أنفسهم مكان والديهم، وأن هذا الحال سيعود عليهم، فحسن معاملة الأبناء لآبائهم ورعايتهم يعلم الأحفاد أصول البر والتراحم والاحترام.

كثير من الأبناء يتساءلون: كيف نرضي آباءنا ونكون سببا في سعادتهم؟ خصوصا مع ازدياد مشاعر خوف وقلق الأبناء، حينما يصل الوالدان إلى عمر كبير، والحرص على أن يتمتعا بصحة نفسية وجسدية جيدة، ومراعاة متطلباتهما جميعها.

تقول تالا الخطيب “تزداد حساسية والديّ، حيث يكون العتب على أقل الأمور وكأنه لا شيء يرضيهما”، مبينة أنها وإخوتها يحاولون دوما أن يوفرا لهما كل ما يسعدهما سواء بأجواء مبهجة داخل المنزل أو الخروج في نزهة، لكن في الوقت ذاته إن انشغل أحد الأبناء بشيء ما يزيد غضبهما ولومهما.

وتتساءل تالا كيف تساعد والديها ليحظيا بحياة مريحة وسعيدة كما وفرا هذه الحياة لها في صغرها، لافتة إلى أن الأدوار تتبدل، حيث يقدم الأبناء الرعاية لآبائهم، و”أنا أكثر ما يخيفني مرضهم أو خسارتهم أو معاناتهم من حالة نفسية لا أعرف كيف أتعامل معها”.

اختصاصي علم النفس د. علي الغزو، يؤكد أن حب وتعلق الأبناء بآبائهم يجعلانهم في حيرة من أمرهم بكيفية الرعاية الصحيحة نفسيا وجسديا، خصوصا في ظل اعتلال الوالدين بأمراض مختلفة.

ويؤكد الغزو أهمية إبعاد مشاكل الأبناء عن الأهالي، لأن خوفهم من أن يصيب الأبناء مكروه يؤثر نفسيا عليهم، وقد يدخلهم بحالة من الكآبة ومعاناة في التفكير وتخيل سيناريوهات سلبية ربما بعيدة عن أرض الواقع، فضلا عن إشراكهم في أمور الحياة كلها واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم الزاخرة، ويوضح أن الأثر النفسي يضر بالصحة، فعاطفة الوالدين كبيرة، ومن الطبيعي أن يتكدرا ويغضبا من الظروف التي تحمل أبناءهم أعباء كثيرة.

ويمكن تقديم الدعم المعنوي بجوانب ترفيهية وأجواء مفرحة داخل البيت وخارجه، أو مرافقتهم بجولة في السيارة أو الخروج لمطعم يفضلونه، أو مكان يمكن أن يغير من روتين وأجواء البيت، ومن المهم عدم افتعال المشاكل أمام الآباء، لأن ذلك يزيد من منسوب الخوف والتفكير لديهم.

الاختصاصي الأسري الاجتماعي مفيد سرحان، يرى أن التقدم في السن هو امتداد لتاريخ طويل أمضى الإنسان فيه حياة حافلة بالعمل والإنجاز والتضحيات من أجل تربية الأولاد ورعايتهم وإعالتهم والحفاظ على وجودهم، ويشير إلى أنه ليس من الوفاء لهما أن يتركا فريسة الضعف والعجز والمرض، بل الاهتمام بهما ورعايتهما والبر بهما من واجباتنا الدينية، والأخلاقية والاجتماعية.

ويؤكد سرحان أن البر لا يعني المكافأة أو رد الجميل، فمسؤولية الأبناء كبيرة تجاه كبار السن (الوالدين) من رعاية واهتمام وإشعارهم بأهميتهم، وذلك بإشراكهم في أمور الحياة كلها واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم الزاخرة، وتلمس حاجاتهم الضرورية وإدخال السعادة على قلوبهم، ويجب على الأبناء أن يتذكروا دائماً أن آباءهم كانوا يعتنون بهم وهم في قمة السعادة ومهما فعل الأبناء من منغصات كانت بالنسبة للآباء متعة.

ويلفت إلى أن من المهم على الأبناء أن يضعوا أنفسهم مكان والديهم وأن هذا الحال سيعود عليهم، فسيكبرون وسيكون لديهم أبناء، فحسن معاملة الأبناء لآبائهم ورعايتهم يعلم الأحفاد أصول البر والتراحم والاحترام، فينشؤون نشأة صحيحة تؤهلهم للعناية بآبائهم في المستقبل، كما أن وجود كبار السن في الأسرة والاعتناء بهم يضفي الدفء والحميمية على العلاقات داخل الأسرة ويحقق الوئام والمحبة والتكافل بين أفراد الأسرة كافة.

ويقول سرحان “ومن السمات التي تميز أسرنا هي تلك الحميمية المتأصلة بين أفراد الأسرة كلهم كباراً وشباباً وصغاراً، فتجد التوقير والاحترام للكبير متجلياً في كل المحافل وتجد العطف على الصغير والحنو عليه، كما أنك تلاحظ الصحة النفسية لكبار السن المتواجدين بين أفراد أسرتهم دائماً والشعور بالرضا الواضح في حديثهم ومحياهم”.

ويضيف “بر الوالدين والاهتمام بهما يبدأ من تأمين احتياجاتهما الأساسية من المسكن المناسب والمأكل والملبس بما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة لدى الأبناء، وتقديم الرعاية المناسبة لهما، وإدامة التواصل معهما بالزيارة والاتصال في حالة السكن المستقل والتأكد من وجود جميع الاحتياجات الضرورية وغيرها، مما يوسع من سبل الحياة”.

“وفي حالة مرض أحد الوالدين أو كليهما تزداد المسؤولية، حيث يتطلب ذلك متابعة تأمين العلاج وأوقات مراجعة الطبيب وأخذ الدواء، ومثل هذه الأمور تكون أكثر صعوبة في حالة سكن الوالدين بعيدا عن الأبناء، مما يتطلب زيادة عدد الزيارات والاتصال الدائم للتأكد من تناول الدواء في الأوقات المحددة”، وفق سرحان.

ويقول “من المهم لدى الأبناء إدراك أن اهتمامات الإنسان تختلف مع تقدم العمر وكذلك نفسيته وتعامله مع الآخرين، فعلى سبيل المثال، يجب الحديث عن الماضي وفترة الشباب بكل تفاصيلها، كما يكرر ذكر الأحداث والقصص الماضية في الجلسات، واستماع الأبناء والأحفاد يشعر الكبير بالراحة والاهتمام والرضا، وهي وسيلة للتعبير عن الذات، فاستماع الأبناء لأحاديث الآباء والأجداد هو نوع من البر، وإن كان لا يكلف شيئا ماديا”.

وبطبيعة كبار السن أنهم يحبون التواصل مع أصدقائهم وأقاربهم الذين يقاربونهم في العمر، بحسب سرحان، فهم أكثر قدرة على الانسجام، ومسؤولية الأبناء في تيسير تبادل الزيارات بين هؤلاء الكبار وكذلك تأمين الاتصال معهم سواء من خلال الصوت أو الصورة التي تشعر الجميع بالحنين للماضي والثقة بالنفس، وهو أيضا وسيلة مهمة للترفيه والتسلية حتى لا يشعر كبير السن بالفراغ مما يسبب له ألما نفسيا وقد يكون عضويا.

وقد يفضل الآباء والأمهات طعاما أكثر من غيره حتى لو كان بسيطا لكنه ارتبط لديهم بذكريات معينة، وهنا يكمن دور الأبناء في الحرص على الإكثار من هذه الأكلات وتأمينها للآباء، وهو نوع من البر أيضا ما دام يجلب الراحة والسعادة للكبار، فالعبرة ليست بالقيمة المادية بل بما يرغب به الآباء.

ويشرح سرحان أن التقدم بالعمر يفرض على الإنسان صفات وسلوكيات قد لا يفهمها الأبناء، فكبير السن ربما لا يحب أو يقوى على كثرة التنقل ولا يجد في ذلك المتعة التي يجدها الأبناء، والمهم أن يحقق الأبناء ما يريده الآباء حتى لو كان بسيطا، وإدراك الأبناء لما يجلب السعادة للآباء هو المفتاح السحري لنيل الرضا وتعزيز الصحة النفسية للآباء والأمهات.

ديمه محبوبة

 

2022/11/22
كبار السنّ في وحدة وعزلة: هل تحوّلت ’بركة الدار’ إلى شيء؟!
ورد عن رسول الله (ص) : «إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ»[1] .

من أخطر إفرازات الحضارة المادية المعاصرة، هيمنة الروح المصلحية المادية على الإنسان، وإغفال البعد القيمي الأخلاقي، وهذا ما أنتج حالة (تشيّؤ الإنسان).

[اشترك]

والتشيّؤ يعني التحول إلى أشياء وأدوات بالمفهوم المادي، وفي المفهوم الاجتماعي، يدلّ على تحول العلاقات بين البشر، إلى ما يشبه العلاقات بين الأشياء، ومعاملة الناس بعضهم بعضًا بعدّهم أشياء مجرّدة، دون النظر إلى القيمة الإنسانية.

العلاقات وفق مبدأ المنفعة

ويعتبر الفيلسوف والكاتب الناقد المجري (جورج لوكاش 1885-1971م) (أول من بحث في موضوع التشيّؤ في الفكر الفلسفي المعاصر، وهو يرى أن التشيّؤ يحوّل العلاقات الإنسانية في ظلّ هيمنة النظام الاقتصادي الرأسمالي إلى أشياء جامدة، وخاضعة لمنطق التبادل التجاري بالصورة التي يتحول فيها البشر إلى سلع، وفق مبدأ المنفعة)[2] .

وقد انتقد هذا الواقع العديد من المفكرين الغربيين، ودقوا أجراس الإنذار والخطر على إنسانية الإنسان.

إنّ تعامل الإنسان مع أيّ شيء من الأشياء، أو جهاز من الأجهزة، إنّما هو بمقدار انتفاعه منه، فإذا انتهت صلاحية ذلك الجهاز، وانتفت المنفعة والمصلحة منه، تنتهي قيمته، ويصبح عبئًا على الإنسان حتى يتخلص منه.

وبذات الطريقة يكون التعامل بين الإنسان والإنسان الآخر، يهتم به ويحترمه ما دامت هناك مصلحة ومنفعة في البين، فإذا انتفت المنفعة والمصلحة، فلا دافع للاهتمام والاحترام. مهما كانت درجة القرابة والصلة بذلك الإنسان، أبًا أو أمًا أو زوجًا أو ولدًا.

التعامل مع المسنين نموذجًا

وتتحدّث كثير من التقارير والإحصاءات عن حالة الجفاء والجفاف في العلاقات الإنسانية في المجتمعات المادية المتقدمة، حيث يكون مصير كبار السنّ والمرضى العاجزين إلى رعاية المؤسسات المعنية، دون اهتمام أو تواصل من أبنائهم وذويهم، وهذا يعرّضهم للوحدة والعزلة الاجتماعية والاكتئاب، وكشفت جائحة كورونا عن مآسي في دور العجزة والمسنين في مختلف المجتمعات الغربية.

وتشير كثير من التقارير إلى أنّ إساءة معاملة كبار السنّ تعدّ إحدى المشكلات العالمية الموجودة بالبلدان النامية والمتقدمة على حدٍّ سواء.

من هنا تأتي أهمية إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يومًا عالميًّا للمسنين في سنة 1990م هو الأول من شهر أكتوبر في كلّ عام، لتذكير المجتمعات الإنسانية بهذه الشريحة، وضرورة الاهتمام برعايتها. والتعامل معها باحترام يليق بإنسانيتها وعطائها في الحياة.

خاصة وأنّها شريحة آخذة في الاتساع، فبسبب تقدّم مستوى الطب، وتوفر الرعاية الصحية، وتطور خدمات الحياة، ارتفع متوسط العمر عالميًّا، وتضاعف عدد كبار السنّ في مختلف المجتمعات.

المنطق الإنساني في رعاية المسنين

إنّ احترام كبار السنّ ورعايتهم ينطلق من مبدأ احترام إنسانية الإنسان، وتقدير ما قدّم من عطاء ودور في حياته.

كما أنّ هذه المرحلة تنتظر كلّ إنسان يمتدّ به العمر، فحين تتعزّز هذه الحالة تكون حماية لمستقبل أجيال المجتمع.

ورد عن رسول الله (ص): «مَا أكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إلاَّ قَيَّضَ الله لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّه)[3] .

وورد عن الإمام جعفر الصادق (ع): «بَرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ»[4] .

من هنا جاءت النصوص الدينية تؤكّد على رعاية المسنين واحترامهم.

ورد عن رسول الله (ص): «مَنْ وَقَّرَ ذَا شَيْبَةٍ لِشَيْبَتِهِ آمَنَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ»[5].

وعنه (ص): «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا، فَلَيْسَ مِنَّا»[6] .

وجاء في الكافي بسند صحيح عن الإمام جعفر الصادق (ع): «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِجْلَالَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ»[7] .

على المستوى العائلي فإنّ البرّ بالوالدين يقع في الرتبة التالية لتوحيد الله وعبادته، يقول تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ‎﴿٢٣﴾‏ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾. [الإسراء: 23-24].

ورد عن رسول الله (ص): «مَن أصْبَحَ مُطِيعًا لِلَّهِ في والِدَيْهِ أصْبَحَ لَهُ بابانِ مَفْتُوحانِ مِنَ الجَنَّةِ، وإنْ كانَ واحِدًا فَواحِدًا، ومَن أمْسى عاصِيًا لِلَّهِ في والِدَيْهِ أصْبَحَ لَهُ بابانِ مَفْتُوحانِ مِنَ النّارِ، وإنْ كانَ واحِدًا فَواحِدًا». فَقالَ رَجُلٌ: وإنْ ظَلَماهُ؟ قالَ: «وإنْ ظَلَماهُ، وإنْ ظَلَماهُ، وإنْ ظَلَماهُ»[8] .

إنّ رعاية كبار السّن واحترامهم تتجاوز الإطار العائلي، فهي مسؤولية اجتماعية، تستلزم صدور تقنينات تنظم حقوق هذه الشريحة، وتردع أيّ تعدٍّ عليهم أو الإساءة لهم.

نظام حقوق كبير السّن ورعايته

وقد صدر في بلادنا مؤخرًا بتاريخ 3/ 6/ 1443هـ نظام حقوق كبير السّن ورعايته بمرسوم ملكي[9] .

وقد نصّ النظام الذي يحتوي على 23 مادة على قضايا أساسية مهمّة تضمنتها المادة الثانية:

تمكين كبار السّن من العيش في بيئة تحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم.

نشر التوعية والتثقيف المجتمعي لبيان حقوق كبار السّن؛ لأجل احترامهم، وتوقيرهم.

توفير معلومات إحصائية موثقة عن كبار السّن؛ للاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث ذات العلاقة بهم، والمساعدة في وضع الخطط والبرامج.

تنظيم وتنفيذ برامج مناسبة لكبار السّن؛ تعزّز من مهاراتهم وخبراتهم وممارسة هواياتهم وتعزيز اندماجهم في المجتمع.

تشجيع القادرين من كبار السّن على العمل، والاستفادة من برامج الدعم الموجهة إلى الجهات المشغلة لهم.

دعم النشاطات التطوعية في خدمة كبار السّن.

تأهيل المرافق العامة والتجارية والأحياء السكنية والبيئة المحيطة والمساجد؛ لتكون ملائمة لاحتياجات كبار السّن، وذلك في ضوء الأنظمة والأوامر ذات العلاقة.

تخصيص أماكن لكبار السّن في المرافق العامة والمناسبات العامة.

حثّ القطاع الخاص وأصحاب الأعمال والجهات الأهلية على رعاية كبار السّن من خلال إقامة مراكز أهلية وأندية اجتماعية.

وقد حدّد النظام عقوبات رادعة بالسّجن والغرامة على أيّ انتهاك لشيءٍ من حقوق كبار السّن. ومهم جدًّا تداول هذا النظام وتفعيله ونشر مضامينه.

كما يجب أن تنشأ مؤسّسات بمبادرات أهلية تهتم بكبار السّن، وأن تسود المجتمع ثقافة احترام الكبير ورعايته، ويجب أن تتعزّز هذه الثقافة في أوساط الجيل الصّاعد، فبعض أبناء الجيل الجديد تنقصهم هذه الثقافة وهذا الاهتمام.

إنّ الحديث الشريف الوارد عن النبي (ص) يعتبر إكرام الكبير من إجلال الله تعالى: «إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ»[10] .

*خطبة الجمعة 4 ربيع الأول 1444هـ الموافق 30 سبتمبر 2022م. الهوامش: [1]  الألباني: صحيح أبي داود، ح4843. [2]  وائل أيوب: تشيؤ الإنسان ما بين النفعية والاستهلاك، مجلة المعرفة: وزارة الثقافة - سوريا، عدد 684، سنة59. [3]  الترمذي، ح1945. [4]  الكافي، ج5، ص554. [5]  جامع أحاديث الشيعة. ج١٦ ص٢٣٩. [6]  الألباني: صحيح الجامع، ح5445. [7]  الكافي: ج4 ص733. [8]  السيوطي: الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج5، ص268. [9]  هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، -https://laws.boe.gov.sa/BoeLaws/Laws/LawDetails/3c63e654-4046 468d-93fd-ae1a00de13be/1 [10]  الألباني: صحيح أبي داود، ح4843.
2022/10/03