تربوي تعليمي
الضرب ليس وسيلة تربية ولا علاجاً لحل المشاكل
إن التعاليم الدينية توصي بالرفق والرحمة بأفراد العائلة، والإحسان إليهم، والتوسعة عليهم.

فينبغي معالجة الخلافات الزوجية والعائلية -إن وجدت- باستخدام تقنيات الحوار والتفاهم والتواصل الإيجابي بين أفراد العائلة، وليس باستخدام العنف الأسري كالضرب واللطم والاعتداء على الزوجة أو الأولاد.

فإن استخدام أسلوب الضرب في صورة وجود الخلافات الزوجية، وكذلك في حالة عدم الرضا عن سلوك الأولاد، ليس علاجاً ولا حلاً للمشاكل العائلية، بل يعقدها أكثر وأكثر.

ان قسماً من الناس يظنون خطأ أن أفضل أسلوب للتربية وحل المشاكل هو استخدام العصا الغليظة، وهذا من أكبر الأخطاء الشائعة في مجال التربية وتعديل السلوك.

وقد أثبتت الدراسات العلمية العديدة خطأ استخدام الضرب كوسيلة في التربية، أو حل المشاكل، بل إن الضرب يعقد المشاكل في الحياة الزوجية، ولا يساهم في تربية الأولاد، بل يترتب عليه نتائج سلبية كثيرة في حياة ومستقبل الأولاد.

إن للضرب آثاراً سلبية ومدمرة لكيان الأسرة والعائلة؛ فالضرب يؤدي إلى تحطيم الشخصية، وجرح المشاعر والأحاسيس، وموت العواطف بين الضارب والمضروب، والعيش داخل المنزل بنكد وقلق واضطراب، بينما يجب أن يتحول المنزل إلى مكان للرحمة والراحة والطمأنينة، ومأوى للدفء العاطفي والروحي، وموقع للحياة الهادئة والممتعة.

و(الضرب) في حد نفسه محرم إلا في حالات استثنائية وقليلة جداً، وبهدف التأديب والتربية والتوجيه والإصلاح، كما لو ارتكب الطفل محرماً من المحرمات الكبيرة فيجوز ضربه بمقدار التأديب بحيث لا يصل إلى حد الدية، وليس بهدف الانتقام والتشفي.

ولم تكتفِ التعاليم والوصايا الإسلامية بالنهي عن الضرب واللطم والإيذاء، بل أوجب دفع غرامة مالية ضد ممارسي العنف ضد الزوجة والأولاد تتحدد بحسب نوع الضرب واللطم وتأثيره على الجلد كما هو مفصل في أحكام الديات.

والهدف من ذلك هو حماية الزوجة والأطفال من استخدام العنف ضدهم، وحماية المجتمع كله من انتشار ظاهرة العنف الأسري المحرم شرعاً وقانوناً؛ فالإسلام يهدف إلى نشر الطمأنينة والهدوء والاستقرار في كل أبعاد المجتمع، ومنه البعد العائلي والأسري.

فعلى الجميع الرفق والرحمة والتحنن على الأهل وأفراد العائلة كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك بقوله: «خَيرُ الرِّجالِ مِن اُمَّتِي الَّذينَ لا يَتَطاوَلونَ عَلى‏ أهليهِم، ويَحِنّونَ عَلَيهِم‏ ولا يَظلِمونَهُم»، وعن الإمام علي عليه السلام‏ - في وَصِيَّتِهِ إِلَى الإِمامِ الحَسَنِ عليه السلام- قال: «لا يَكُن أهلُكَ أشقَى الخَلقِ بِكَ».

2022/07/18

كيف أبعد ولدي ’المراهق’ عن رفاق السوء؟
يتعب الأهل في تربيةِ أبنائهم تربية صالحة على الأخلاق، المودة، التسامح، حسن التّصرف، أدب المُعاملة، ليس غريباً في أنّ الأهل يخافون أشدَّ الخوف إذا رأوهم ينحرفون عن النهج الذي ربوهم عليه بمجالسة رفاق السوء.

وذلك لأنّ تأثير الصديق على صديقه أشدّ وأسهل، وإنّ مُحاولة الأهل في إبعاد أبنائهم عن رفاق السّوء يُعتبر بمثابة تحدي حقيقي، لأنّه سيتلف ما قاموا به خلال سنين بعدَّة أيام.

رفيق السوء

هو الشّخص الذي يتمنّى الشّر لصديقه، يَدلّه إلى فِعل الشّرور، ارتكاب الآثام والمعاصي، تغليب المصلحة على جميعِ تصرُّفاته، يسعى إلى تحقيق مصالحِه على حساب مصالح صديقه، حتّى لو كان يسبّب الضّرر المادي أو المعنوي للصديق، إنّ هذا الأمر يُسمّى استغلال، بالتالي إنّ رفقة السوء تقتصِر على تحقيق المصالِح فقط، يتصف بالعديد من الصِّفات، الخيانة، عدم الوفاء، الاستغناء عن الصّديق في أيِّ وقتٍ من الأوقات، انعدام الثّقة بالآخرين

كيف يؤثِّر رفاق السوء على المراهق؟

فقد يكون هذا التّأثير على شكل تقليد المُراهق لأَصدقائه في مُعظم جوانِب حياتِه، قد يُقدم المُراهق على أفعال لا تتناسَب مع تربيته، حتى يُجاري أصدقائه، يلقى استحسانَهم ومحبتهم، يقُوم بِتجارب وأُمور جديدة لأوّل مرة.

التأثير الإيجابي

يكون التأثير الإيجابي في مصلحة المراهق، مثلاً يتأثر المراهق بأصدقائه بشكل إيجابي، بأن يُصبح أكثر ثقة بنفسِه، أكثر حزماً، أن يُصبح أكثر فعاليّة في مجتمع المدرسة حتى يُجاري أصدقاءه.

التأثير السلبي

فقد تُسبّب الرَّغبة في مجاراةِ الأصدقاء، ضغطاً على المُراهق من النّاحية الصحيّة والسلوكيّة مثلاً، قد يُجرِّب المراهق أمورًا تضر بصحته، كالتدخين، لمُجرد إثبات شجاعته أمام أقرانه.

  • التشبُّه بالأصدقاء في المظهر.
  • التشبُّه بالأصدقاء في قصَّة الشعر وطريقة اللبِس.
  • مُشاهدة البرامج والمُسلسلات نفسها التي يُتابعها أقرانُهم.
  • تتغير طريقة الكلام، استخدام ألفاظ أصدقائِهم نفسها أثناء الحديث.
  • العناد، مُخالفة القواعد المنزليّة.
  • الابتعاد أو ترك الدّراسة كُلياً.
  • مُمارسة الأُمور التي تُخالف التّربية والمبادئ، كالتدخين، المخدرات، شرب الكحول.
  • الحث على أذيَّه الخلق.
  •  التذكير بالفساد.

أسباب تأثر المراهق بالأصدقاء

  •  الأصدقاء هُم أقرب النّاس من حيث العمر للأبناء، المستوى الثقافي، مستوى الإدراك، يتقارب لدى الكثيرين منهم، لذلك إنّ الأسلوب الذي يتّبعه البعض دون قصدٍ منهم أو جهد كبير ليقوم أصدقائهم بسلوكيّاتهم وتصرُّفاتهم والتقيُّد بآرائهم، هو الأسلوب الأقرب إلى نفسهم.
  •  إنّ العلاقة بين الأَصدقاء هي علاقة وقتيّة وزمانيّة، لا يوجد فيها شخص مسؤولٌ عن الآخر، لا وصايَة لأحدٍ على الآخر، بينما توجد وِصاية واضِحة من قبل الأَب والأُم على الأبناء، لذلك إنّ درجة تقبُّل ما يقوم به الزُّملاء والأصدقاء أكبر تأثير على الأبناء من تأثيِر الأَب والأُم.
  •  مُمارسة بعض السلوكيّات أو التصرُّفات بين الأصدِقاء تكون مُمارسة تشاركية، بمعنى أنّ أي فعل يقومُون به يتشاركون فيه في الثّواب والعِقاب، أمّا مع الأهل فإنّ مُعظم الأفكار والسّلوك التي تُطلب من الابن تكون فرديّة.
  •  للقدوة دور كبير، حيث يُعدُّ الصّديق قُدوة حقيقيّة لصديقه، بينما يفقِد الكثير من الأَهل مبدأ القدوة، فمثلاً لا يطلُب الصّديق من صديقِه القيام بعمل ما، إلّا إذا كان قد جرَّبه أو اختبره، فيطلُب من صديقه مُشاركته له في المرّة الأولى، كتجربة الدخان سويّة، فيكُون قُدوة حقيقية له في الفعلِ والقول، أمّا الأهل فإنَّ بعض الآباء يطلبون من أبنائهم عدم التّدخين أبداً، بينما يتناولون أمامهم الدخان

 

  •  الاختياريّة لها دور كبير، فعندما يختارُ الابن صديق معين له، يكوُن قد اختارَ شخصاً مُحبَّباً لديه، أعجبهُ في شيء ما، تأثر بموقفٍ معه، جمعتهُما بعضُ الأفكار والمواقف كرياضة معينة، الاهتمام بمادة دراسية ما، لذلك إنّ آراء هذا الشخص يكون لها تأثير كبير، رغم أنّ محبَّة الوالدين قويّة لدى الغالبية العُظمى من الأبناء، إلّا أنّ تأثير هذهِ المحبَّة في التّربية يكون محدود، إذ لا يربُط الابن بين المحبّة والتربية.

مخاطر رفاق السوء

  • إنّ أصدقاء السُّوء هم سبب لإفساد أخلاق المراهق، فالمراهق عندما يُحاط برفقةِ السوء يتأثّر بهم بشكل كبير، ذلك بِسبب حثِّهم المُستمر له على ارتِكاب الذّنوب والمعاصي، كما إنّ نفس الإنسان بطبعها تتأثّر بشكل كبير جداً بما يَطرق المسامع ويُداعب التطلُّعات والشهوات من الكلامِ الذي يُجمِّل الباطل والعبارات التي تُؤثّر فيها.
  • إنّ صداقة السّوء قد تؤدِّي بالإِنسان إلى الهلاكِ والضّياع، فكثيرٌ من رفاق السُّوء يجعلون الِإنسان يرتكِب أُموراً قد تنعكِس آثارُها سلباً عليه في حياتِه، فالمخدرات هي من نتائِج رفقة السّوء، قد تؤدِّي إلى تدمير المُستقبل للإنسان وتصبح سُّمعته سيئة طوال حياته.
  •  إنّ صداقة السوء تؤدِّي إلى تدمير الحياةِ الشخصيِّة، الاجتماعيِّة للمراهق، فالناس عندما يرون الإِنسان يتتبَّع طُرق السُّوء ويسلُكها، يصاحب الأشخاص السيئين، يبتعدون عنه وينفُرون منه ممَّا يؤدِّي إلى عُزلته عن المجتمع الذي يعيش فيه.

كيف أبعد ابني عن رفاق السوء؟

  •  يُركِّز الكثير مِن الأهل على المكانِ الذي يسكُنون فيه، يختارُون مَكاناً يكُون في منطِقة هادِئة ونظيفة، تتمتّع بوُجود أُناس طيّبي السُّمعة، إذا صَعُب عليهم ذلك يبتعِدون عن المناطِق التي تتمتّع بسُمعة سيّئة، حيث يُوجد في كلّ مدينة، بعضُ الأحياء التي تُعرف بأنّها كثيرةُ المشاكِل، يكون الناس فيها قليلي الاهتِمام بتربيةِ أبنائِهم ومُتابعتهم.
  • يهتمُّ الأهل باختيار المدارس ذات السُّمعة الجيّدة، لتسجيلِ أنبائهم فيها، خاصّةً أنّ المدارس تُعدُّ من أكثرِ الأماكن تأثيراً في الأبناء، يقضوُن فيها وقتاً طويلاً، يتعرّفون فيها على أصدقاء يبقون أحياناً طوالَ العُمر، إنّ رقابة الأهل لأصدقاءِ المدرَسة تكون أصعَب من رقابةِ أصدقاءِ الحي، ذلك يقومون بالبحث عن المدارِس التي تُعرف باهتمامها بالأخلاقِ قبل العلم، والتي يعرف الطُّلاب فيها بالجدّ والتّميُّز والأدب.

 

  •  يفضّل بعض الآباء مُتابعة أصدقاء أبنائِهم، عن طريق سؤال الابن أولاً عن أصدقائه، ثمَّ يسألون بشكلٍ غير مباشر عن أهل هذا الصّديق، وضعه الاجتماعي، سلوكياته، للاطمئنانِ على ابنه.
  •  يقوم بعض الأهل بالطلب من أبنائهم دعوة أصدقائهم للمنزل، سواء الأم أو الأب، بحجّة مُشاهدة مباراة في التّلفاز مثلاً، اللعب على بعضِ الألعاب الإلكترونيّة أو المنزليّة، تناول وجبة عشاء، كذلك تفعل بعضُ الأمهات مع بناتِهنَّ، ذلك من أجل مُلاحظة أصدقاء أبنائهم، التعايش مع أُسلوب علاقتهم، طريقة تعامل كُل منهم مع الآخر، لتشكيل صورة الأصدقاء الذين يخالطون الأبناء، يتم ذلك بطريقة غير مباشرة.
  •  يحاول بعض الآباء والأمهات إقامة علاقات عائلية مع ذوي الأصدقاء المُقربين جداً من أبنائهم، تقديم دعوات لهم، زيارتهم بين وقت وآخر، هذه الطّريقة وإن كانت تؤدي وظيفة اجتماعيّة وإنسانيّة، إلّا أنّها تخدم في جانب مُهم معرفة أهل أصدقاء أبنائهم عن قُرب.
  • يحرص الأهل على تقديم نصائح وإرشادات متلاحقة ومتكرِّرة لأبنائهم حول أهمية الأصدقاء، ضرورة اختيار الرفيق الحسن، الابتعاد عن رفقاء السوء، شرح مخاطر التعلُّم من الأصدقاء، رواية قصص وأحداث حصلت مع بعض الناس. اغتنام بعض الأحداث التي تقع خلال الحياة العادية، لتوظيفِها في شرح ذلك، هذه التّعليمات تُشكِّل حاجِزاً نفسيّاً مُهماً لدى الأبناء، تُساعدهم على اتخاذ مواقِف مُسبقة من بعضِ الأصدقاء الذين يرون فيهم صفاتٍ سلبية.

روان أحمد

2022/07/17

لا يقبل التوجيهات.. هل تسمح الشريعة للمراهق بأن ينفرد في قراراته؟
إنّ المراهق من حين أن تظهر عليه علامات البلوغ الجنسي والعقلي تبدأ مسؤوليته الشرعية عن السلوك الصادر عنه، كما تبدأ مطالبته بالعبادات والفرائض على سبيل الوجوب، وبالجملة يجب عليه ما يجب على الراشدين، والإسلام بذلك يقدر الطور النمائي الذي درجت إليه شخصية المراهق.

إنّ الشريعة الإسلامية تولي اهتماماً مناسباً لشخصية المراهق حيث ارتفعت به إلى مستوى مسؤولية الراشدين، وهذا يعين المراهق على الشعور بالمسؤولية الفردية كما يساعده على تقبل دوره الاجتماعي المناسب لنموه.

إنّ مفهوم استقلال المراهق في المنهج الإسلامي يختلف تماماً عن مفهوم الحاجة إلى الاستقلال عند الغالبية العظمى من علماء النفس، فهو في الأوّل استقلال مسؤول، وفي الثاني استقلال فوضوي، فالمنهج الإسلامي يقرر مسؤولية المراهق الشرعية والقضائية والاجتماعية في جميع أنماط السلوك الصادرة عنه، وأما الاستقلال في نظر علم النفس فهو الانطلاق الفوضوي فلا يستجيب المراهق لأمر ولا يذعن لنهي.

 ومن أبرز مظاهر الحياة النفسية في فترة المراهقة رغبة المراهق في الاستقلال عن الأسرة وميله نحو الاعتماد على النفس، نتيجة للتغيرات الجسمية التي تطرأ على المراهق ويشعر أنه لم يعد طفلاً قاصراً، كما أنه لا يجب أن يحاسب على كلّ صغيرة وكبيرة، أو أن يخضع سلوكه لرقابة الأسرة ووصايتها، فهو لا يحب أن يعامل كطفل ولكنه من الناحية الأخرى ما زال يعتمد على الأسرة في قضاء حاجاته الاقتصادية وفي توفير الأمن والطمأنينة له، فالأسرة تُريد أن تمارس رقابتها وإشرافها عليه بهدف توفير الحماية، ولكنه لا يقر سياسة الأوامر والنواهي، ولذلك ينبغي أن يشجع على الاستقلال التدريجي والاعتماد على نفسه مع ضرورة الاستفادة من خبرات الأسرة الطويلة فهو في هذه المرحلة يريد أن يعتنق القيم والمبادئ التي يقنع بها هو لا تلك التي لقنتها له الأسرة تلقيناً، بل إنّه يتناول ما سبق أن قبله عن طيب خاطر، من مبادئ وقيم، بالنقد والفحص، فيعيد النظر في المبادئ الدينية والاجتماعية التي سبق أن تلقاها من الوالدين على وجه الخصوص ومن الكبار على وجه العموم.

عظمة التشريع هنا أن يأتي بالمسؤولية مع تطور واقع الإنسان، يحس فيه الفرد بالنمو فيشعر الناشئ أنه لم يعد طفلاً صغيراً، ويشعر فيه بالرغبة الشديدة في تحقيق ذاته ويحس بنمو شخصيته واستقلالها، ويضيق ذرعاً بكل ما من شأنه أن ينال من هذا النمو وهذا الاستقلال، فلا يقبل التوجيهات أو الوصايا من الكبار، لأنّه يحس داخل نفسه أنه أصبح واحداً لا يقل شيئاً عن هؤلاء الذين يقومون بتوجيهه والوصاية عليه.

من قال إنّ المسؤولية التي تقررها الشريعة الإسلامية إبّان البلوغ والمراهقة واكتمال النضج العقلي تسمح للمراهق بأن ينفرد بنفسه ويظن أن ليس لوالديه سلطان عليه، وأن من حقه أن يفعل ما يشاء متى شاء، إنّ هذا فهم معكوس للمسؤولية الفردية في التشريع الإسلامي. إننا لا ننكر تفكير المراهق في الخروج على نظام الأسرة وعدم تقبله للأمر والنهي ومحاولاته المتكررة للتغلب على القيود التي تفرضها، ولذلك فهو يخفي كثيراً من أنواع السلوك الذي لا تراه، كما يصادق أفراداً لا ترضى عنهم، ويذهب إلى أماكن يبغضونها ويخشون عليه منها. إنّ هذه المظاهر النفسية والسلوكية لا تقع من شخصية سوية ناضجة مدركة، لذا فإنّ المراهق المسلم يجب عليه مدافعة هوى النفس المنحرف الذي يغريه بالخروج عن طاعة والديه، فإنّهما أحرص الناس على ابنهما المراهق وأشدهم حبّاً لنضجه البدني والنفسي والعقلي، ولذلك لا يرضون له السلوك المنحرف الضال، وهذه قضية يعلمها المراهق جيِّداً، لما يراه من سرور بالغ يملأ عليهم حياتهم إذا ما أثنى عليه أفراد المجتمع لحسن سلوكه وتصرفه، ولما يراه من كآبة غم وحزن إذا ما كان مبغوضاً في المجتمع لانحراف سلوكه وضعف تعقله، إن واجب أساتذة التربية وعلم النفس أن لا يقروا المراهق على الاتجاهات النفسية غير السوية، وأن يؤكدوا له بأنّ الشخصية السوية الناضجة تتقبل الأمر والنهي وتنظره بمنظار العقل الناضج فإن بان صلاحه وعلمت فوائده أطاعت واستجابت، وإن ظهر فساده وانعدمت فوائده فلا تستجيب وتدعو إلى الذي هو خير في أدب، وهذا أرقى مظهر للاستقلال النفسي في المراهقة وغيرها من مراحل النمو.

إنّ إبراهيم (ع) يمثل شخصية الفتى الناضج فكره وعقله الذي يرفض الشرك والوثنية ويدعو قومه إلى عبادة الله سبحانه في أدب وبر. قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ لأبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) (مريم/ 42-47)، هكذا يقول إبراهيم (ع) في برٍ وإشفاق، ولنا وللمراهقين والشباب وغيرهم فيه (ص) أسوة حسنة نقتدي به في علاقتنا بآبائنا وأُمّهاتنا، نستجيب لأمرهم ولنهيهم في أدب وتواضع جم ما دام أمرهم ليس فيه معصية لله ولرسوله (ص) وإن فعلوا ذلك خالفناهم وصاحبناهم في الدنيا معروفاً، والغالب أن تكون أوامر الآباء الأُمّهات للمراهقين وغيرهم متعلقة بصالح حياتهم ومستقبلهم، حتى إن بعض الآباء الذين لا يلتزمون بأداء العبادات والفرائض الدينية يروق له أن يروا أبناءهم يحافظون على أداء العبادات والفرائض والتزام الخلق الإسلامي الصحيح، وهذه ظاهرة سلوكية وإن شئت قل عادة سلوكية اجتماعية نلاحظها في مجتمع المدينة والريف، وهذا لا يمنع أن تكون ندرة من الآباء قل حياؤهم وضعف تعقلهم وفسدت أخلاقهم وانحرف سلوكهم يأمرون أولادهم بالمنكر أو يتغاضون عنه وهم نسبة قليلة بحمد الله تعالى لا يعتد بها في المجموع، والمراهق الواعي في هذه الحالة هو من يستقل بتفكيره وينظر أمره ليرى فيه رأيه ثمّ يختار الذي هو خير.

ينبغي أن يُعرف أن لا تلازم بين الطاعة والإذعان وبين عدم الاستقلال، إذ ليس كلّ رافض لأمر والديه مستقلاً راشداً، وأن ليس كلّ مطيع غير راشد لم يصب حظه من الفطام النفسي، بل إنّ المستقل الناضج من ينظر الأمر ويتفهمه حتى يعقله ثمّ بعد ذلك يقبله أو يرفضه.

 *من كتاب تربية المراهق بين الإسلام وعلم النفس: د. محمد السيد محمد

2022/07/16

أمور وعوامل تؤثر في ’تربية المراهق’
نقصد بعوامل تربية المراهق كلّ المؤثرات التي تؤثر في تربيته ونشأته ونموه من النواحي الجسمية والعقلية والخلقية والدينية وهذه العوامل في الواقع ليست خاصة بتربية المراهق.

[اشترك]

 بل هي عوامل مؤثرة في التربية بعامة فهي تؤثر أيضاً في تربية الأطفال حتى أنّ تأثيرها في تربية الأطفال يكون أكثر وأكبر، إذ أوّل مَن يتأثر بها هو الطفل، ولهذا فعندما نقول أنّ عاملاً ما يؤثر في تربية الطفل فإنّ هذا الحكم أيضاً ينسحب بدوره تبعاً على المراهق، ويعني الباحثون في التربية بتصنيف هذه العوامل وتعدادها إلّا أنّه يمكن رجعها إلى طائفتين اثنين:

 1- الطائفة الأولى: عوامل التربية المقصودة

وهي الوسائل المدبرة التي يقوم بها الكبار من أفراد النوع الإنساني حيال الصغار للتأثير في أجسامهم وعقولهم وأخلاقهم لإعدادهم للحياة المستقبلة، وأهم مواطن هذا النوع من التربية: الأسرة (البيت) والمدرسة، ولما كانت المساجد تقوم بوظيفة المدرسة قبل إنشائها فإنّنا نضيف هذا العامل المهم وهو المسجد، وكذلك المنهج الدراسي الذي يقوم بوظيفة كبرى في تقديم ما ينبغي للمراهق في دراسته.

 2- الطائفة الثانية: عومل التربية غير المقصودة

وهي العوامل التي تؤثر في نشأة الأطفال والمراهقين ونموهم دون أن يكون للكبار دخل في توجيهها نحو هذه الغاية، ولا في أدائها هذه الوظائف.

وتنقسم هذه الطائفة من العوامل أقساماً كثيرة أهمها ما يلي:

 1- عوامل طبيعية كالوراثة والبيئة الجغرافية.

 2- المورثات التي يقوم بها الطفل من قوى إليها بعامل ميوله الفطرية، ومن أشهر هذه العوامل الألعاب الحرة والتقليد.

 3- عوامل اجتماعية كحضارة الأُمّة المنشقة عن معتقداتها وما إلى ذلك مما تشمله البيئة الاجتماعية العامة ويندرج فيها ما يكون الرأي العام، كوسائل الإعلام ونحوها. فأهم عوامل التربية هي الأسرة والمدرسة والمسجد والوراثة والبيئة الجغرافية، والتقاليد والبيئة الاجتماعية العامة ووسائل الإعلام:

 1- المسجد: وهو أهم عوامل التربية فهو نقطة الإشعاع في المجتمع لأنّه يحمل الرسالة الدينية والاجتماعية والخلقية والسياسية والتربوية والتنظيمية، لهذا كان أوّل عامل قام به النبيّ (ص) بعد الهجرة هو بناء المسجد ولابدّ من عودة لظلال المسجد كي يؤدي دوره في التربية ولا تزال الدنيا تذكر بكلّ فخر واعتزاز الدور الذي قامت به المساجد في تاريخنا كالمسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وغيرها كثير.

 2- المدرسة: لم تكن المدرسة معروفة منذ القديم بل كان الجامع والمسجد هو المدرسة بالنسبة للمسلمين ثمّ مع الزمن بدأت نشأة المدارس وأصبحت تنازع البيت والمسجد في التربية زاوية فيها يعيش الطفل أو الشاب ساعات من يومه يتلقى فيها العلم ويمرّ بكثير من التجارب ويخالط الزملاء والمدرسين ويتأثر بهم في نواحي كثيرة من سلوكه وحياته وتصرفاته فالمدرسة لها تأثير كبير في التربية هي تقوم الآن بوظائف تربوية للتأثير في التلاميذ بما يتناسب مع عقيدة الأُمّة ومبادئها لأنّ كلّ مدرسة تسير في مناهجها ونظامها وفق سياسة الدولة التي أنشأتها.

 لذلك يجب أن تعنى المدرسة بجميع قوى الطفل وتربيته من جميع نواحيه الجسمية والإدراكية والوجدانية والإرادية، بتقويم سلوكه وأخلاقه وشخصيته وإعداده إعداداً سليماً للحياة المستقبلية من الناحيتين الفردية والاجتماعية، وتزوده بما يحتاج إليه من معرفة ومعلومات ولا تثريب بعد العناية بكلّ تلك الأمور أن تعنى المدرسة بناحية خاصة بما يتناسب مع حاجة المجتمع والأُمّة.

 3- الوراثة: حيث ينتقل إلى الكائن الحي عن طريق الوراثة عدة صفات منها ما ينتقل إليه من أصوله الخاصة القريبة والبعيدة، ومنها ما ينتقل إليه من فصيلته العامة ومنها ما هو جسمي ومنها ما هو عقلي أو خلقي ومنها ما هو صالح ومنها ما هو ضار.

ولذلك وجدنا الإسلام يعنى بحسن اختيار الرجل لزوجة بحيث تكون صاحبة خلق ودين لأنّ ذلك يؤثر في أولادها، وكذلك يمنع من الزواج من القريبات قرابة شديدة (المحرمات في النكاح) منعاً لعوامل الضعف والمرض عن طريق الوراثة.

 4- البيئة الجغرافية: وهي تطلق على مجموع ما في البقعة التي يعيش فيها الكائن الحي من قوى طبيعية كامنة في المناخ وجو السماء وعناصر الأرض وفيها يحيط بهذه البقعة وكنفها من جبال وبحار وأنهار وسيول، وهي بهذا من أهم عوامل التربية وأوضحها أثر في حياة الإنسان من مختلف نواحيه الجسمية والعقلية والخلقية.

 5- المحاكاة والتقاليد: عند الطفل دافع التقاليد والمحاكاة لمن هو أكبر منه لأنّه يشعر بتفوقه عليه فهو يقلده مثلاً في الصوت وفي الحركة وفي التصرفات، ونظر لميله للتقاليد في الحركات يجب ألا تفسره على حركات معينة قبل نضج جسمه وأعضائه كما يجب استغلال هذا الميل لتلقينه الفضيلة والأخلاق لأنّ من عوامل التقاليد عنده هو القوة الحركية للخيالات وهي عبارة عن الصورة الذهنية التي تتمثل فيها عناصر العمل المقصود.

 6- البيئة الاجتماعية العامة: ويقصد بها كلّ ما عدا المنزل والمدرسة من العوامل الاجتماعية في المجتمع التي تنظم شتى فروع الحياة الاجتماعية والعلاقات التي تربط بين الأفراد، وكالنظم والنشاط الاقتصادي والسياسي والتأليف والنشر ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من صحيفة وكتاب ومجلة وإذاعة وتلفزيون.

 ومن ذلك أيضاً الوسط الاجتماعي العام الذي ينشأ فيه الطفل وأيضاً هناك بيئة اجتماعية تؤثر في الطفل أو الشاب كدور الكتب والمكتبات والنوادي ومؤسسات الوعظ والإرشاد والجمعيات الخيرية وكلّ هذه العوامل أو عناصر البيئة تؤثر في الطفل أو الشاب بمقدار اتصاله بها.

* كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ لـ د. طارق عبد الرؤوف عامر

2022/07/12

مصروف الأولاد.. كيف نحدده؟
هل ترغبين في إعطاء أولادك المصروف ومنحهم مكافآت صغيرة على سلوكهم الحسن إلا أنك تخافين أن تفسدهم هذه التصرفات؟

[اشترك]

إن إعطاء مبلغ من المال كمصروف جيب لطفلك منذ عمر مبكر قد يكون له أبلغ الأثر في تعويده على تحمل المسؤولية من ناحية مالية إضافة لمساعدتك في تتبع نفقاته، يقدم الخبير المالي بن إدواردز مجموعة من النصائح التي تساعد رب أو ربة الأسرة في إدارة مصروف الجيب في العائلة بالشكل الصحيح والأمثل:

1- احرصي على توخي العدل في منح المصروف

لكل عائلة طريقتها الخاصة في منح المصروف للأولاد ولا يمكن الحكم بصحتها من عدمه، يفضل بعض الآباء منح المصروف لأولادهم بشكل أسبوعي بحيث يرتب الأولاد طريقة إنفاقه خلال أيام الأسبوع، بينما يفضل آباء آخرون العمل بنظام المكافأة بحيث يحصل الطفل على عدد من النقاط عند قيامه بالتصرفات المطلوبة منه وبالتالي يمنح مبلغًا من المال مقابل كل نقطة، كوني واضحةً وصريحة ً مع أطفالك بخصوص الطريقة التي تفضلين اتباعها لمنحهم المصروف.

2- تابعي كيفية إنفاق الأولاد للمصروف

إن معرفتك بمقدار المال الذي ستمنحينه لأولادك بجانب إحاطتك بجوانب إنفاق هذا المصروف سيسهل عليكِ متابعة أمورهم المالية. يمكنكِ استخدام بعض التطبيقات المتوافرة على الإنترنت أو الهاتف المحمول لمتابعة هذا الأمر.

3- امنحي الهدايا في مناسبات خاصة ومحددة فقط

حاولي أن تقاومي رغبتك الشديدة في إغراق طفلكِ بالهدايا والمكافآت وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي لاعتماده على هذا المال الجانبي في الإنفاق مما يقلل من إحساسه بأهمية الحرص على التدبير فيه وبضرورة وضع ميزانية لصرف المال.

4- ضعي طفلك في موضع القيادة

اسمحي لأطفالكِ باتخاذ القرارات فيما يخص مصروفهم ضمن الحدود التي تضعينها وذلك لحثهم على تدبير مصروفهم بحرص إضافة إلى تشارك أوجه صرف المال بشكل إيجابي بين أفراد العائلة، سيعلمهم هذا كلفة قراراتهم وبأن اتخاذ قرار ما سيكون على حساب أمر آخر.

*إشراقات 
2022/07/11

كيف تلعبين مع طفلك؟
اللعب يقرِّب ما بين الأهل وأطفالهم، يؤهل الأطفال ليصبحون أكثر اعتماداً على أنفسهم، وأكثر قابلية لحل مشاكلهم بأنفسهم، يخصِّب من خيالهم وتركيزهم، اللعب هو مفتاح العلم في المدرسة والحياة.

[اشترك]

انتبهي لطريقة لعبك مع طفلك، واجعلي زوجك مثلاً يراقبك مع طفلك وأنت تلعبين معه، ودعيه يحتفظ ببعض النقاط إن كانت نقداً إيجابياً أم سلبياً.

عليه أن يلاحظ التالي:

- من الذي قرر نوع اللعبة؟

- كم استغرقت اللعبة من الوقت؟

- من كان أكثر استمتاعاً؟

- هل ظهر للمشاهد أنكما مستمتعان؟

- ما هي التصرفات المحمودة لطفلك التي قمتِ بتشجيعها ومدحها؟

ثم بعدها تناقشا في السلبيات والإيجابيات، وكيفية تحسين السلبيات، ضعي خطة معينة وسهلة مثل قراءة وتعلم المزيد من المعلومات عن لعب الطفل وجعله متعة وإفادة، ومن خلال الإجابة على الأسئلة السابقة حاولي التغيير، حاولي كذلك مراقبة نفسك بشكل يومي والتطورات التي حققتِها.

وتذكــري أنكِ أكثر خبرة بطفلكِ وبإمكانك بنفسك الإجابة على هذه التساؤلات، وتحسين أي سيئات تجدينها، ووضع خطة لذلك.

اسألي نفسك:

- هل أستمتِع باللعب مع طفلي؟

- كم مرة بالأسبوع ألعب معه وما هي المدة؟

- ما العقبات التي تواجهني عند اللعب، وكيف أتخلص منها؟

- ما الذي يشعر به طفلي تجاه هذا اللعب والمدة؟

مفاتيح خمسة للبراعة في اللعب:

1- أوجدي الوقت

خططي مسبقاً، حددي 10- 15 دقيقة يومياً للعب مع طفلك، وحدديه بحيث يكون أفضل وقت بلا ازعاج خارجي، أغلقي التلفزيون واجمعي كل أطفالك وحددوا اللعبة.

2- أشركي طفلك

اسأليه عن اللعبة التي يستمتع بها، دعيه يختار ما يحب، فصدقي أو لا تصدقي، أكثر الوالدين فوراً يقررون اللعبة وطريقتها ووقتها!، الأطفال يتعلمون بطريقة أفضل، ويستمتعون أكثر عندما يقررون كيفية اللعب ومدتها، واعتمادهم على أنفسهم بهذا المجال بالذات يجعلهم أكثر تركيزاً لمعرفتهم باللعبة، ومتعتهم تزيد، وتصرفاتهم تتحسن وأهم شيء ثقتهم بأنفسهم تصبح أقوى، كل هذا بسبب اللعب!، هذا يدل أن النتائج ممتازة لكلا الطرفين من نواحي عدة.

3- انزلي إلى مستوى طفلك

التجهيز للعب مهم جداً، كوني قريبة جسدياً من طفلك، انظري إليه مباشرة وأظهري له الاهتمام، مثلاً إذا كان طفلك يريد اللعب على الأرض، اجلسي معه وبطريقته.

4- صِفي له ما ترين

دعي طفلك يختار اللعبة، وبينما هو يلعب ركزي أنت فقط على وصف ما ترينه بصوت إيجابي، مثلاً: " لقد اخترت القطعة الحمراء ووضعتها على القطعة الزرقاء " وهكذا.. رغم بساطة الأمر، إلا أنه سيستغرق منك وقتاً للتمرين عليه، فالأم لا شعورياً ستقوم بتوجيه الطفل إلى الخطوات مثل: " أعرف اللعبة، دعنا نضع هذه القطعة على تلك... "، والأفضل ألا تسألي أسئلة، بل قومي بتقليده.

5- امدحي ما ترينه

عندما تتمكنين من عمل الخطوة السابقة وهي وصف ما ترينه، حاولي الآن المدح خلال الوصف، مثلاً: " ما شاء الله، عملك رائع، قمت بوضع هذا المكعب فوق هذا مع ملاحظة فرق الحجم... ".

كوني قريبة منه جسدياً، ابتسمي في وجهه وانظري إليه مباشرة، استخدمي اللمس والاحتضان والربت على الرأس، فهذا تأثيره كبير جداً على الطفل، ولا تترددي في المدح فور حدوث الأمر، فهذا سيشجعه على التكرار، الطفل بحاجة دائماً أن يعرف أنك راضية عن تصرفاته، فهذا سيعلمه الثقة بالنفس، وسيعلمه المزيد من التجرؤ والاكتشاف، كما سيتعلم أن يصعد إلى مستواكِ.

*إيمان علي

2022/07/10

للأطفال ’طاقة فائضة’.. استثمروها في العطلة الصيفية
يستقبل الأطفال إجازتهم السنوية بشغف كبير، ويصبح هم كل أسرة كيف يقضي الأطفال أوقاتهم، حيث تعد مشكلة استثمار وقت الفراغ من أهم المشكلات التي يُعاني منها الأطفال.

[اشترك]

 وتزداد هذه المشكلة تفاقماً في ظل عدم وجود خطط أو برامج متاحة أمام هذه الشرائح طيلة أيام العطلة الصيفية، هناك من يحرص على استثمار وقت الإجازة في تنمية مهارات الأطفال، وإكسابهم خبرات تعليمية تعزز مستواه في القراءة وممارسة الرياضة والهوايات ومهارات التفكير الابداعي، وتوسعة الأفق والخيال، فضلاً عن إثراء معرفته وثقافته الذاتية، من خلال وسائل تربوية وألعاب ومعينات بصرية عديدة، لا سيما تلك الوسائل التي يقبل عليها الطفل بشغف وحب، والسؤال الذي نعنيه هنا: كيف يستثمر الطفل العطلة الصيفية بشكل إيجابي؟ وكيف تساعده الأسرة على ذلك؟

الدكتورة عبلة عثمان، الأستاذة بكلية التربية بجامعة حلوان، تشير إلى ما يعرف بنظرية «الطاقة الفائضة» ومفادها أن الصغار يحتاجون إلى اللعب للتخلص من الطاقة الفائضة لديهم، ومن ثم تصبح عملية شغل أوقات فراغ الأطفال في فصل الصيف وموسم الإجازات، مسؤولية أسرية بالدرجة الأولى، لأن الطفل يحتاج أن يفرغ هذه الطاقة بشكل إيجابي، ولا يستطيع تحديد الطريقة بنفسه بكل سهولة، لذا يمكن للأبوين مناقشة أبنائهم في المقترحات والإمكانات المادية والمعنوية لهذه العطلة، فيخرجون بقرار يُرضي جميع الأطراف ولا يُوقع على عاتق الأب مصاريف كبيرة، فالعطلة الصيفية بعيداً عن جانبها المُمتع، فهي تنمّي مشاعر الحنان والتقرّب بين أفراد العائلة الواحدة، لذا لا بدّ من استثمار جميع جوانب الإجازة بما يخدم مصلحة العائلة من ترفيه وغيره.

 وبإمكان الأسرة أن تدفع الطفل نحو الاتجاه الصحيح الذي تريده بإتاحة وتوفير المناخ اللازم للاستمتاع بالإجازة، وفي الوقت نفسه الاستفادة منها، حتى ولو من خلال اللعب، أو من خلال طرق بديلة بسيطة وعديدة، أهمها الاستفادة من حث الطفل على القراءة، وتنمية مواهبه وإمكاناته الذاتية باستغلال اللعب والهوايات التي يحبها.

 أهداف

كما أن اللعب يسهم في إحداث تغييرات مرغوبة في البناء الجسمي وفي التكوين العقلي والنفسي للطفل، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يعرف ولي الأمر كيف يوظف اللعب لتحقيق هذا الهدف، وينصح الآباء والأمهات بتوفير الألعاب التي تلائم المرحلة العمرية للطفل، ولا تتعارض مع الثقافة التي يراد للطفل أن يتربى عليها، والتأكد من أنها لا تلحق به أذى، وتحديد الألعاب التي تعمل على تنمية جوانب شخصية الطفل الجسمية والعقلية والوجدانية والمهارية والاجتماعية، ونلفت الانتباه إلى أن بعض أولياء الأمور يخطئون، إذ يعتقدون بأن اللعب لا فائدة ترجى منه، وأنه مضيعة للوقت وللجهد، والأجدر بهم أن لا يحرموا أبناءهم من جني ثمرات اللعب، لأنه يساعدهم على بناء شخصياتهم بناء سوياً متوازناً.

 وتوضح الدكتورة عثمان: «إن الأهمية التربوية والنفسية للعب متعددة، فهو وسيلة من وسائل اكتساب السلوك القويم، ووسيلة من وسائل تطوير السلوك، ووسيلة من وسائل تحرير الطفل من التوتر النفسي، إلى جانب كونه وسيلة من وسائل تطوير التفكير، وتعليم الطفل القوانين والقواعد الأخلاقية والاجتماعية، ووسيلة من وسائل تفاعل المتعلم مع بيئته لأنه وسيلة من وسائل الإعداد للحياة. فضلاً عن كون اللعب التمثيلي يمكّن الطفل من الاستكشاف، حيث يكتسب قواعد السلوك من أدوار الكبار التي يمثلها».

وتضيف: «لعب الطفل بكل ما يقع بين يديه من أشياء يعمل على تنشيط ذاكرته، وتوسيع مداركه، وإكسابه قدرة على التخيل تنمو بما يتلاءم مع نوعية المثيرات المتاحة له، فما يكاد الطفل يصل إلى السن التي تمكنه من دخول المدرسة حتى يكون قد تكون لديه قدر كبير من الخبرات والقدرات التي تمكنه من التفوق على أقرانه الذين لم تتوافر لهم فرص ممارسة اللعب.

وحتّى يتسنّى لكل من العائلة وأطفالها قضاء وقت ممتع لا بدّ من تنظيم جدول زمني يُدرك فيه كلّ من الأبوين والأطفال كيفية قضاء وقتهم، إلى جانب وضع هدف من قبل الوالدين للأطفال والعطلة الصيفية وطرق استثمارها بما هو ممتع ومفيد بالوقت ذاته، كما تأتي تحديد وجهة السفر إذا كان هنالك نيّة للسفر والسياحة لا بدّ أن يشارك جميع أفراد العائلة في اتخاذ الرأي، حتّى يشعر جميعهم بفوائد الإجازة».

*الاتحاد 
2022/07/07

حقها كبير.. لماذا تؤكد النصوص الدينية على مكانة الأم أكثر من الأب؟
يكتسب الطفل لغة الكلام من المحيط الذي يعيش فيه، وكذلك يأخذ سلوكه وأسلوب تعامله من خلال ملاحظته وتقليده للقريبين منه، إنه يأتي للحياة صفحة بيضاء فارغة، ثم تبدأ رسوم العادات والتقاليد التي ينشأ في أجوائها، تنعكس وترتسم على صفحة نفسه وسلوكه.

[اشترك]

ولأن الطفل يتأثر بالأقرب إليه، والأكثر التصاقاً به، فإن الأم هي المؤثر الأكبر في سلوكه في السنوات التأسيسية من عمره، تلك السنوات التي تتحكم في بناء شخصيته المستقبلية. فالطفل شديد الملاحظة والتأمل في تصرفات أمه وحركاتها، ومن ثم يندفع لمحاكاتها وتقليدها، وتبقى في أعماق نفسه، وخبايا مشاعره، الكثير من الانطباعات عن مشاهداته ومعايشته لسلوك المحيطين به فترة صغره، وخاصة الأم.

هذه الانطباعات قد تصبح له مصدر توجيه وإلهام فيما يواجهه من مواقف وظروف. وإذا كان بعض العظماء والمفكرين والأدباء، قد تحدثوا عن بعض ما علق بذاكرتهم من فترة طفولتهم، وعن تأثيرات تلك الفترة في تشكيل شخصياتهم، فإنما هم يتحدثون عن ظاهرة عامة، لكل أبناء البشر، وميزة هؤلاء تعبيرهم عن هذه الظاهرة.

انطلاقاً من هذه الحقيقة فإن الأم الواعية، ذات السلوك القويم، والتوجيه التربوي، تصنع شخصيات أبنائها في مستوى رفيع، وبكفاءة عالية.

ان دراسة حياة العظماء في نشأتهم، والتأمل في ظروف تربيتهم العائلية، يكشف في غالب الأحيان عن دور الأمهات في صناعة شخصيات هؤلاء العظماء.

لقد تحدث القرآن الكريم عن نبي الله موسى وظروف ولادته ونشأته، في آيات كثيرة، نقرأ فيها حضورا فاعلا لأمه، دون إشارة أو ذكر لأبيه عمران، مع تأكيد المصادر التاريخية على وجوده عند ولادة موسى ، وأن عمره آنذاك كان سبعين سنة، كما في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير.

أما نبي الله عيسى بن مريم ، فلم يكن له أب، وانفردت أمه برعايته وتربيته، وجاء ذكرهم بالتعظيم والتقديس في القرآن الكريم، بل خصصت سورة باسمها: سورة مريم.

وكتب أحد الباحثين: «تستطيع الأم الفاضلة أن تؤدي مهمة مئة أستاذ من أساتذة المدارس، هذا ما قاله الشاعر الإنجليزي جورج هربرت، وهذا ما أثبته التاريخ، فجورج واشنطن أول رئيس للجمهورية في الولايات المتحدة، كان قد فقد أباه وهو في الحادية عشرة من عمره، وما كان ليشب على ما شب عليه من رصانة الخلق، وقوة الشخصية، لو لم تكن أمه على جانب كبير من الحكمة والاقتدار، وقد تولت تربيته منفردة بعد وفاة أبيه، ويصدق ذلك كثيرا أو قليلا على عدد من أعلام الأدب والعلم والشعر عبر التاريخ. نذكر منهم على سبيل المثال: جوته، وجرين، وشيللر، وبيكون، وارسكني، فلولا تربية أمهاتهم لهم لما احتل هؤلاء مكانتهم بين أعلام المبدعين».

إن كل أم ترغب الخير لولدها، وتتمنى أن يكون متقدما متفوقا، عليها أن تعلم أن ذلك رهن بحسن تربيتها، وإتقان رعايتها واهتمامها بتوجيهه، وتهذيب سلوكه.

لا يمكن إنكار دور الأب، ولا تجاهل تأثيره في تربية الأبناء، والحديث عن دور الأم إنما هو باعتبارها الأكثر التصاقا بالولد، خاصة في الفترة الأولى من عمره، والتي يطلق عليها علماء التربية والنفس، أنها السنوات التأسيسية لتشكيل شخصية الإنسان.

لذلك نجد النصوص الدينية تؤكد على مكانة الأم، وحقها الكبير على الإنسان فأتعابها وتضحياتها تجاه الولد، أثناء الحمل والولادة والحضانة، لا تقاس بأي جهد آخر، حتى جهد الأب.

ورد عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال أمك. قال: ثم من. قال: أباك.

وأوضح أن العلاقة بين الطفل والأم خاصة في السنوات الأولى، هي أوثق وأقوى من علاقته مع الأب، بسبب طبيعة دور الأم، لذلك تكون هي الأكثر تأثيرا عليهـ وقدرة على صناعة شخصيته.

تقاس أهمية أية وظيفة بعدة مقاييس من أبرزها ما يلي:

أهمية الإنجاز الذي تنتجه الوظيفة.

مدى الجهد المبذول في القيام بها، والكفاءة المؤهلة لذلك.

نسبة توفير البدائل والخيارات لأدائها.

فكلما كان الإنجاز أهم، والجهد المبذول أكبر، والتأهيل المطلوب أرفع، والبدائل أقل، كانت الوظيفة أرقى وأعلى.

على أساس هذه المقاييس فإنه يمكن اعتبار الأمومة أرقى وظيفة في المجتمع البشري، فهي ترتبط بإنتاج الإنسان نفسه، وصنع شخصيته، وذلك إنجاز لا يدانيه أي إنجاز.

أما الجهد الذي تتطلبه مهمة الأمومة من حمل وولادة ورضاعة وحضانة، ففيه درجة قصوى من الخطورة والعناء والمشقة، ويعبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى:﴿ … حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا … ﴾ 1 وفي آية أخرى ﴿ … حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ … ﴾ 2.

كما أن مؤهلات دور الأمومة صفات نفسية فطرية لا يمكن توفيرها بأي ثمن، إنها الحب الحقيقي، والحنان الصادق، والتحمل للعناء بكل رضا وسرور.

وعلى صعيد توفير البدائل والخيارات فإن من الواضح وجدانا وتجربة أن لا أحد يملأ مكان الأم، ولا يستطيع تقمص دورها المتميز.

فالأمومة هي الوظيفة الأرقى، والأم التي تحسن أداء هذه الوظيفة، لا يمكن تثمين دورها بأي ثمن، ولا تحديد أجرها باي مقابل، وكل إنسان مطوق بفضلها، ومهما عمل وقدم لأمه فلن يستطيع مكافأتها.

ومن المؤسف جدا ما تعيشه أغلب المجتمعات في هذا العصر، من إعلاء شأن الاهتمامات المادية والشهوانية، على حساب النوازع الإنسانية النبيلة، حيث تروج بعض الأفكار والتصورات التي تقلل من قيمة دور الأمومة وتستخف به، في مقابل الإشادة بالأعمال الوظيفية الأخرى، التي تدفع المرأة للقيام بها، بعض النساء اصبحن يشعرن بالهامشية والتخلف والخجل، إذا كان دورهن متركزا على القيام بمهمة الأمومة، بينما الوظيفة مدعاة للفخر والاعتزاز.

إنه لا مانع من عمل المرأة في أي مجال من مجالات الحياة لكن لا ينبغي أن يكون على حساب دور الأمومة، ولا يصح أبدا أن يستهان بقيمة هذا الدور.

وكما تطالب المنظمات الإنسانية والتربوية، فإنه ينبغي سن القوانين والتشريعات، التي تمكن المرأة العامة من أداء وظيفة الأمومة المقدمة بالشكل المناسب.

إن الضعف والتقصير في أداء مهام الأمومة، ينعكس سلبا على شخصيات ونفسيات الجيل القادم، فلابد من تعبئة وتوعية واسعة، تعيد هذه الوظيفة الى مركز الصدارة في اهتمام امرأة اليوم.

إلى جانب إغداق الحنان والعطف، وتقديم الرعاية اللازمة للطفل، يجب أن تهتم الأم بغرس بذور الاستقامة والصلاح في نفسية وليدها، وأن تسعى لإعداده للرقي في مدارج الكمال، إنها بسلوكها وسيرتها تستطيع أن تكون نموذجا يحرص أبناؤها على الاحتذاء به، ومحاكاته، فاهتمامها بالمعرفة، والتزامها بالخلق القويم، وأداؤها للواجبات الدينية، يوجد في نفوس أبنائها نفس هذه التوجهات، ويدفعهم للأخذ بها.

كما أن محادثة الأم مع الأبناء، وتقديمها النصائح والإرشادات، وشرح حقائق الحياة ومعادلاتها لهم بلغة واضحة رقيقة، يسهم كثيرا في بناء شخصياتهم الواعية الناضجة.

*الشيخ حسن الصفار

الهوامش: ١- القران الكريم: سورة الأحقاف (46)، الآية: 15، الصفحة: 504. ٢- القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 14، الصفحة: 412.
2022/07/02

تعلّم في تواضع وتخيّل في جموح
لعلّ من أبرز الاستنتاجات التي حصلنا عليها بفضل جائحة وباء كورونا أنّنا عرفنا أهمّيّة الصفات والقدرات الإنسانيّة كالتواضع والخيال في العمليّة التعلّميّة التعليميّة.

[اشترك]

نهدف في هذا المقال إلى الإضاءة على أهمّيّة مفهومي التواضع والخيال لدى المعلّم ولدى الطلّاب، لأنّ القيم الاستهلاكيّة التي يسوّق لها النظام العالميّ النيوليبراليّ طغت على العمليّة التعليميّة، وعزّزت روح الكبرياء، وقولبت الخيال البشريّ ليصبح شبيهًا بالذكاء الاصطناعيّ، وتغاضت عن القيم الإنسانيّة المرتبطة بالاحتياجات اليوميّة للطلّاب وللمعلّمين.

 لهذا نجد أنّ بعض العاملين في المجال التربويّ يسعون إلى تطبيق المناهج الجديدة، ويسعون وراء المؤتمرات التربويّة الضخمة دون أن يهتمّوا بتنمية قيمهم الإنسانيّة والتأمّل حولها بصورة كافية. هذه القيم من شأنها أن تؤثّر في علاقتهم مع الطالب وفي تطويره لقيمه. للحفاظ على إنسانيّة الطلبة، يجب علينا بوصفنا تربويّين أن نعلّمهم كيف يكونون متواضعين، وأن نشجّعهم على استخدام خيالهم. فما نلاحظه أنّ كثير من الطلّاب، كغيرهم من الأشخاص، يدعون العلم بالشيء والمعرفة عندما يجدون أنفسهم أمام موقف تعليميّ، فيتظاهرون أنّ لديهم علمًا أهمّ وأفضل. كيف يمكن لنا، نحن المعلّمون، أن نزرع لدى الطلّاب صفة التواضع ومهارة استخدام الخيال؟ 

التواضع والخيال من جهة التعريف

التواضع الحقيقيّ هنا هو روح اللطف والثقة المتوازنة في النفس. والتواضع في المجال التربويّ فيما يخصّ المتعلّم يعني أن يعي المتعلّم أنّه لا يملك كلّ المعرفة، وأنّه يطوّرها من خلال تفاعله مع الآخر مهما كان مستواه الاجتماعيّ أو الأكاديميّ. 

 الخيال في رأيي عمليّة بشريّة بامتياز، وهو مزيج فريد من المعارف، والخبرات، والمشاعر، والأحلام التي يمرّ بها الإنسان، وحين تضاف إليها لحظة الكشف، ينتُج عنها مولود فكريّ جديد. ويتجلّى الخيال عند الطالب في محاولة تجسيد هذا المولود الفكريّ عبر استخدام مهاراته وقدراته، لتكون المحصّلة تجربة تعلّم فريدة من نوعها. 

يبقى السؤال هنا عن الكيفيّة والتوقيت، أي كيف ومتى يتعلّم الطلبة التحلّي بالتواضع وتتطوّر لديه القدرة على الخيال؟ فيما يخصّ التوقيت، الجواب ببساطة هو أنّهم يتعلّمون حين لا يعرفون أنّهم يتعلمون. وهذا ما سأعرضه من خلال لعبتين: لعبة الاسم، وتحدّي بناء أعلى برج.

لعبة الاسم  The name game

غالبًا ما يعاني المدرّس من مشكلة النسيان التي يتذرّع بها الطلبة كلّ حين لأنّهم ربّما يريدون إخفاء نقاط ضعفهم، أو لعدم فهم مفهوم معيّن عندما يتعلّق الأمر بحلّ مسائل رياضيّة مثلًا، أو في مواقف تعليميّة مختلفة، وأعتقد أنّ جميع التربويّين قد سمعوا كلمة "نسيت" تستخدم حجّةً، وتشكّل نمطًا في صفوفهم أو في فرق عملهم خلال مسيرتهم التعليميّة. 

لحلّ هذه المشكلة، وبهدف إيصال رسالة إلى الطلّاب مفادها أنّ عدم المعرفة بالشيء أمر عاديّ ومقبول، وأنّه علينا السعي للتعلّم، اخترعت لعبةً تسمّى لعبة الاسم “The name game”. وفي هذه اللعبة أدّعي أنّني أنسى أسماء الطلبة، فأغيّر أسماءهم وأراقب ردود فعلهم. ولأنّ اسم الانسان هو أوّل رمز يعطى للإنسان عند مولده ويصبح جزءًا أساسيًّا من الأنا، افترضت أنّ ردّة فعل الشخص عندما تنسى اسمه، أو تناديه باسم شخص آخر ستكون مؤشّرًا على مقدار تواضعه، من باب أنّ من يعتبر نفسه الأفضل لا يحبّ أن يربط اسمه بشخص آخر؟ عندما طبّقت اللعبة على الطلبة، لم أتفاجأ كثيرًا بأنّ أغلبيّتهم لم يتقبّلوا فكرة نسيان أسمائهم، وكنت أفعل ما يفعلون، أي أعتذر لهم وأقول: "آسف نسيت"، محاولًا من ناحية أن أعلّمهم ثقافة الاعتذار، وفائدة الاعتراف بالمشكلة وهذا يدلّ على التواضع، ومن ناحية أخرى أنبّههم إلى وقع تصرّفاتهم على الآخرين. 

 ومن قلّة تواضع بعضهم، وعدم تقبّلهم لمناداتهم باسم غير اسمهم، ناداني بعضهم باسم آخر بدافع الانتقام، لكنّني لم أنفعل، بل وشكرتهم كثيرًا لأنّهم "ساعدوني على تذكّر اسمي لأنّي كنت قد نسيته أيضًا". وطلبت إليهم مساعدتي لحلّ مشكلة تذكر أسمائهم. فاقترح بعضهم أن يكتبوا أسماءهم على القميص، واقترح بعضهم الآخر أن نصنع لائحةً تضمّ صورهم وأسماءهم أحملها معي باستمرار، وثمّة آخرون طلبوا منّي ارتداء نظّارة يوجد فيها كاميرا تتعرّف على الوجوه وتعطيني الأسماء، وقال بعضهم: إنّهم سيعرفون عن أنفسهم في كلّ مرّة يرونني فيها، وآخرون نصحوني أن أذهب إلى الطبيب وأعرف السبب لأعالجه. الآن أنا آخذ فيتامينات مقوّيةً للذاكرة، ونختبر مدى فاعليّتها، ويذكّرني الطلبة بمواعيد جرعاتها، وما زالت اللعبة مستمرّةً.

خلال هذه اللعبة البسيطة تعلّم الطلبة عبر طريقتي في التعامل معهم، وكيفيّة تصرّفي في المواقف المختلفة عن أهمّيّة عدم النسيان، وتأثير النسيان على الآخرين، وفضل الاعتراف بنقاط ضعفنا، وثقافة الاعتذار، وضرورة التعلّم من الآخرين، وطلب مساعدتهم، وأخيرًا استخدام مخيّلتهم لابتكار حلول لمساعدة الآخرين.

هذه اللعبة البسيطة لها تطبيقات عديدة، إذ يمكن _مع تعديلها قليلًا_ استخدامها في تعليم الرياضيّات، لمساعدة الطلبة على تذكّر أسماء الأعداد، وكيفيّة كتابتها، وخصائصها، واستخداماتها. يكون ذلك عبر إعطاء الطلبة أسماءً مكوّنةً من أعداد، والطلب إليهم أن يتصرّفوا على أساس أنّ أسماءهم أسماء أعداد: لو سمّيت طالبًا بعدد "280"، فعليه أن يحفظه كأنّه اسمه، ويستعين على ذلك بأن يتخيّل نفسه عددًا زوجيًّا، وأنّ لديه 0 آحاد و8 عشرات و2 مئات، ويعرف أن يكتبه بالصورة الكلاميّة، والصورة الرمزيّة، ويعرف أنّ العدد 279 يأتي قبله، والعدد 281 بعده. هذا يساعدنا على حلّ المسائل الحسابيّة، ويعلم الطلبة التواضع؛ لأنّ بعضهم سيتباهى بأنّه يحمل اسم العدد الأكبر، ولكنّه سيفهم فيما بعد أنّ ما يهمّ فعلًا هو الوحدة المستخدمة للدلالة على العدد.

تحدّي بناء أعلى برج "الجود من الموجود"

في هذا النشاط تحدّيت الطلبة لبناء أعلى برج، وذلك باستخدام أشياء موجودة معهم يعيدون استعمالها لتقليل الضرر على البيئة. أتتني هذه الفكرة بسبب جائحة كورونا، كان الطلبة لا يخرجون لشراء المستلزمات، ولا نستطيع إعطاءهم أدوات من عندنا، ولا يستطيعون مشاركتها مع بعضهم بعضًا. هذا لأنّني وجدت أنّ معظم الأنشطة تستخدم أدوات لا يعاد استخدامها، أو مأكولات كحلوى المارشملو وعيدان المعكرونة تستهلك أو ترمى لاحقًا، ممّا يعطي رسالةً مشوّشةً للطلبة عن حسن استخدام الموارد وعدم الإضرار بالمجتمع والصحّة والبيئة.

استخدم كلّ طالب طاولةً، وحقيبةً مدرسيّةً، وحقيبة الطعام، وكتاب الرياضيّات، ودفتر الرياضيّات، وقلم رصاص، وممحاةً، ومسطرةً، ومطرة مياه، وأخيرًا المكوّن السرّيّ وهو فردة من حذائه. وكان من شروط التحدّي البدء بتحديد المشكلة، وهي بناء أعلى برج ممكن من جميع الأدوات المذكورة أعلاه دون إضافة أو نقصان.

بدأ معظم الطلبة البناء مباشرةً دون اتّباع أيّة خطوة من خطوات التصميم الهندسيّ. عندها اضطررت أن ألفت انتباههم إلى أنّني سأقارن البرج المنفّذ بالتصميم، وأنّ أيّ اختلاف سيقصيهم عن المسابقة. وهذا لأنّني افترضت بسبب خبرتي أنّ الطلبة مندفعون لا يخطّطون قبل التنفيذ.

بعض الطلبة أخذ وقته في التفكير، والتخيّل، والعصف الذهنيّ قبل البدء برسم التصميم، ومن ثمّ تنفيذه، وتقييمه، وتعديل التصميم وبنائه مجدّدًا لو دعت الحاجة، إلى أن يصلوا الغاية المنشودة، وهي بناء أعلى برج ممكن. وقد دلّ هذا على استيعابهم خطوات التصميم الهندسيّ التي كانوا قد طبّقوها سابقًا في مشكلة أخرى.

مجموعة أخرى من الطلبة كانت بحاجة إلى التشجيع، وقالوا: إنّهم لا يعرفوا أن يصمّموا. فنصحتهم أن يرسموا بطريقتهم، لكن يجب أن يضعوا أسماء الأدوات بالترتيب. وهذا يدلّ على أنّهم يحتاجون لصقل بعض المهارات الفنّيّة واليدويّة. 

ثمّة طلبة لم يتجرّؤوا على البدء في التنفيذ، لأنّهم خافوا من الفشل، وقد شجّعتهم وقلت لهم: إنّنا لا نعرف ماذا سيحصل قبل أن نجرّب ونحاول، وإلّا فلن نفعل شيئًا في حياتنا. وهذا قد يدلّ على قلّة الثقة بالنفس وخفوت الرغبة في النجاح.

ومن الطلبة من صمّم ونفّذ مرّةً واحدةً، وانهار البرج الذي بناه، فاستسلم للأمر الواقع ولم يحاول مجدّدًا، حتّى بعد التشجيع، وهذا يدلّ على قلّة الصبر لديهم، وقد ينتج أحيانًا لأنّ الطالب تعوّد على تلقّي المساعدة الفوريّة من الأهل أو من المدرّس عند التعرّض لأيّة مشكلة بسيطة. ثمّة طلبة آخرون لم يستسلموا حتّى وصلوا إلى أفضل تصميم لأعلى برج، وبالرغم من أنّهم فشلوا عدّة مرّات، فهم لم ييأسوا إطلاقًا. وهذا يدلّ على المثابرة والصبر وعدم الاستسلام.

وجدت صعوبةً في إقناع عدد قليل منهم في خلع فردة الحذاء خاصّةً الفتيات لأنّهنّ شعرن بالإحراج، وقد احتجّ بعضهنّ بأنّ الحذاء ليس نظيفًا، فطلبت منهنّ تعقيمه حلًّا للمشكلة وساعدتهنّ على ذلك. وهذا يدلّ على شخصيّة خجولة واهتمام بالنظافة والتزام بإجراءات الوقاية من كورونا. 

خلال هذه التجربة لجأ بعض الطلبة إلى الالتفاف على قوانين التحدّي، وحاول استخدام شريط لاصق أو حاول أن يسند البرج على الحائط. وهذا يدلّ على رغبة بالفوز بأيّة طريقة، حتّى لو كان ذلك على حساب الشروط.

بعد أن تمّت مراجعة الأعمال، بدأنا قياس الأبراج الملائمة للشروط، ثمّ جاء إعلان النتيجة لأعلى ثلاثة أبراج، فاحتفلنا وتشاركنا التهاني، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعيّ بالتأكيد.

بعدها أجرى الطلبة تأمّلًا قصيرًا، وأعطوني التغذية الراجعة عن التحدّي. فقالوا: "إنّهم أدركوا أهمّيّة اتّباع الخطوات اللازمة لحلّ أيّة مشكلة، وعدم التسرّع والقفز مباشرةً إلى التنفيذ"، وأضافوا: "إنّ التحدّي لم يكن عادلًا لأنّ بعض الطلبة لديهم أدوات حجمها أكبر، أو أطول وشكلها مناسب للمهمّة، ولهذا كانت أبراجهم أعلى"، وعلّق آخرون ذاكرين أنّهم يحتاجون إلى وقت أطول للتفكير وللتصميم. والبعض قال: "إنّه كان من الأفضل إضافة الكرسيّ إلى الأدوات"، فاعترض آخرون بأنّه قد يقع عليهم ويؤذيهم، كما اقترح البعض أنّه كان من الأفضل السماح باستخدام شريط لاصق أو أيّ نوع من اللاصق لتثبيت الأجزاء بعضها ببعض.

خلال هذا النشاط استخدم الطلبة خيالهم، واستمرّوا في المحاولة بكلّ تواضع، واستخدموا مهارات: التفكير، التصميم، التخطيط، التحليل، إدارة الذات، إدارة الوقت. وقد مكّنني النشاط من معرفة جوانب كثيرة من شخصيّة الطلبة، وذلك خلال مراقبتي لهم، وأخذ ملاحظات ستساعدني فيما بعد على دعمهم وتطوير قدراتهم الشخصيّة والأكاديميّة.

خلاصة

هذه الملاحظات والتأمّلات جعلتني ألاحظ أنّني حين تواضعت تعلّمت من الطلبة، وعلّمتهم بطريقة أفضل. والتواضع جعلني أستخدم الخيال من غير الشعور بالإحراج، وبهذا حاولت أن أكون مثالًا وقدوةً للطلبة، ممّا قادني إلى تحديد إحدى المشكلات الأساسيّة في العمل التربويّ، والتي غالبًا ما نبحث عن حلول لها في المكان الخاطئ.  

المشكلة الحقيقيّة تنبع من قلّة التواضع وفقر الخيال عندنا كتربويّين، إذ إنّ معظم جهدنا ووقتنا في العمل التربويّ يذهب هدرًا لكي نثبت للآخرين أنّنا نفهم ونعرف ونتقن الأمور أفضل منهم، وأنّ وجهة نظرنا هي الأصحّ والأدقّ والأشمل والأفضل، ونصر على تطبيق ما نعرفه من استراتيجيّات بصورة حرفيّة، وأحيانًا شخصيّةً، بمعزل عن استخدام خيالنا لجعلها ممتعةً مثيرةً مناسبةً لاحتياجات طلبتنا. ويتجلّى هذا بوضوح عندما نطلب من طلبتنا العمل في مجموعات لإيجاد حلّ للمشكلات، ونراهم يضيّعون الوقت والجهد والمصادر، فقط لأنّنا لم نكن لهم مثالًا للتواضع، ونراهم أحيانًا مفتقرين للابتكار، لأنّهم لم يستخدموا خيالهم، وهذا بسبب عدم توفيرنا الفرص الملائمة المحفّزة للخيال. كما يقول المثل "فاقد الشيء لا يعطيه".

* جاد عبد الساتر

2022/07/02

متى يجب أن يمتلك طفلك هاتفا ذكياً؟
تعتبر الهواتف المحمولة محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للأطفال، بمن في ذلك المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

[اشترك]

هل يمكن اليوم منع طفلك من استخدام الهاتف الذكي؟ لقد أصبح التفكير في هذا القرار أمرا بالغ الصعوبة لدى الكثيرين، فالهواتف المحمولة هي الوسيلة الأولى التي يلجأ إليها الآباء للفوز بدقائق من الصمت والهدوء من قبل أطفالهم، وربما علينا منح الأم التي تمنع طفلها من الشاشات لأطول فترة ممكنة جائزة الأم المثالية، وسط ضغوط مجتمعية تفرض الشاشات سواء كانت هاتفا ذكيا أو جهازا لوحيا (التابلت) أو تلفزيونا على الجميع.

في المقابل، علينا أن نسأل أنفسنا متى يصبح الهاتف الذكي ضرورة للطفل؟ وكيف ننظم ونراقب استخدامه؟

بحلول الوقت الذي يبلغ فيه ابنكِ أو ابنتكِ 10 أو 12 عاما قد يطلبان امتلاك هاتف محمول للتواصل مع الأصدقاء، وربما ستدركين حينها أنك في حاجة إلى وسيلة مباشرة للتواصل مع أبنائك في أي وقت، لكن تراودك بعض المخاوف، مثل:

التكلفة:  هل يجب أن إنفاق المال (ما يزيد على 200 دولار أحيانا) على شيء يمكن أن يخسره الطفل أو ينكسر بسهولة؟

فواتير شهرية : يستهلك الأطفال باقات الإنترنت الشهرية من دون إدراك، إذ تتطلب ألعاب الأطفال شبكة إنترنت ذات سرعة فائقة، وبالطبع لا تفي الباقات التقليدية باحتياجات تلك الألعاب وفيديوهات تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام.
وليس هذا فحسب، قد يستخدم الأطفال بطاقات الائتمان المسجلة على الهاتف في شراء ألعابهم الإلكترونية وتجديد اشتراكاتها، وقد قرأنا جميعا قصصا عن أطفال ينفقون بسذاجة مبالغ ضخمة من بطاقات ائتمان آبائهم على الألعاب والتطبيقات الأخرى.

التعرض للخطر:  قد يتعرض طفلك للاستغلال الجنسي أو مشاهد العنف من أكثر من طريق، ربما عليكِ مراقبته بصفة مستمرة للسيطرة على هذا الخطر المحتمل.

التعرض للتنمر : كلما زاد وجود الجهاز المحمول زاد خطر التنمر الإلكتروني، ومن الممكن أيضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أن يدرك الأطفال بشكل مؤلم ما ينقصهم.

التعلق: أحد أكثر الأمور التي تثير غضب الآباء والأمهات هو تعلق الأبناء الشديد بالحياة الافتراضية، الأمر الذي يتطلب خطة علاج نفسية مرهقة.

وبالنظر إلى المخاطر، هل يجب أن يمتلك الأطفال هواتف محمولة؟ وكيف تقرر الوقت المناسب للقيام بذلك؟

يقول جيري بوبريك اختصاصي علم النفس السريري وخبير القلق في "معهد تشايلد مايند" (Child Mind Institute) إن هذا السؤال غالبا ما يسأله الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاما.

ويضيف الدكتور بوبريك "أخبر الآباء أن الأمر لا يتعلق بعمر معين بقدر ما يتعلق بالوعي الاجتماعي للطفل وفهمه ما تعنيه التكنولوجيا، يمكن أن يكون لديك طفل يبلغ من العمر 15 عاما غير ناضج حقا، لكنك تمنحه الهاتف لأنه يبلغ من العمر 15 عاما، في حين أن الطفل البالغ من العمر 12 عاما الناضج اجتماعيا يمكنه التعامل مع الأمر بشكل أفضل".

ويوصي الدكتور بوبريك بالأمور التالية لمعرفة هل يمكن لطفلك أن يمتلك الهاتف المحمول الآن:
  • عليك أن تسألي نفسك: كم مرة يفقد طفلك الأشياء، خاصة الأشياء باهظة الثمن؟
  • إلى أي مدى يتعامل طفلك مع المال بشكل جيد؟ هل ستكون في منتصف لعبة وتشتري المزيد من الحيوات "Lives" باندفاع دون التفكير في تكلفتها؟
  • ضعي في اعتبارك أيضا مدى سهولة التقاط طفلك الإشارات الاجتماعية، هل يفهم الرسائل النصية وضوابط النشر عبر منصات التواصل الاجتماعي؟ هي يستجيب لرسائل الغرباء؟ هل يبادر بالتواصل مع الغرباء؟ هل تغير مزاجه رسالة مزعجة من شخص على منصات التواصل الاجتماعي؟
  • ما مدى ذكاء طفلك في ما يتعلق بالتكنولوجيا؟ هل يدرك حقا أن موظفي القبول في الجامعة وأرباب العمل والزملاء في المستقبل يمكن أن يروا ولو بعد سنوات أي شيء تنشره الآن؟
  • ما مدى تفهم أداء طفلك مع تحديد وقت الشاشة؟ إذا كان طفلك متعلقا بالحاسوب فمن المحتمل أن يواجه صعوبة في ترك الهاتف أيضا.
الهواتف المحمولة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

تساهم الهواتف الخلوية في تشتت الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بشكل خاص.

يقول ديفيد أندرسون عالم النفس السريري المتخصص في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والاضطرابات السلوكية في معهد تشايلد مايند إن "الهواتف مصممة لتكون دائمة التحديث قدر الإمكان، فقد تتلقى بريدا إلكترونيا أو إشعارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو تتحقق من موجز الأخبار ونتائج المباريات الرياضية"، جميعها محفزات للتعلق الشديد بالهاتف المحمول، فيما لا يجد الأطفال نفس الحافز للارتباط بأنشطة مثل الواجبات المنزلية أو محادثة مائدة العشاء، بحسب أندرسون.

وتعتبر الهواتف المحمولة أيضا محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للأطفال، بمن في ذلك المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والذين يميلون إلى التصرف باندفاع، إن اندفاعهم يجعلهم أكثر عرضة لنشر أو إرسال شيء قد يندمون عليه لاحقا، وفي عالم يتم فيه تسجيل كل شيء تقوم بإنشائه في الفضاء الإلكتروني يكونون عرضة لارتكاب أخطاء طويلة الأمد.

الهاتف غير الذكي

إذا كنتِ لا تشعرين أن طفلكِ مستعد تماما لامتلاك هاتف ذكي فإن أحد الخيارات المتاحة لديك هو تزويده بهاتف يسمح بالاتصال والرسائل النصية فقط، ولكن ليس بأي شيء آخر مرتبط بعالم الإنترنت.

ومع ذلك، أصبحت الهواتف الذكية أمرا لا مفر منه، علينا فقط إعداد أطفالنا جيدا للتحكم في سلوكياتهم عبر الفضاء الإلكتروني المتاح من خلال تلك الأجهزة.

*أمل محمد

2022/07/02

لا تضربوا الأطفال.. هل نواجههم بـ ’الصراخ’؟!
يتساءل البعض قائلاً: هل نستطيع التعبير عن غضبنا بالصراخ في ظل المطالبة المستمرة لخبراء علم النفس الاجتماعي وعلماء التربية بالامتناع عن ضرب الأطفال والتي جعلتنا نرفع أيدينا عنهم، وهل للصراخ أيضاً تأثير على أولادنا؟!

[اشترك]

قد يشعر الآباء بالحيرة في مواجهة وتوجيه هذه الكائنات الصغيرة التي تحمل ذكاء أكبر مما يتصورون، هذه الكائنات ورغم صغر حجمها فإنها تحمل من القدرات ما يجب احترامه ووضعه في الاعتبار قبل التفكير في رسم أي منهج للتعامل معها بشكل صحيح.

 قد يبدو الحديث عن أساليب العقاب القاسية كالضرب مثلاً والأضرار التي يتركها على الطفل، خاصة على الصعيد النفسي والرحي لا ضرورة له الآن، خصوصاً في ظل الإدراك العلم بمخاطر هذه الأساليب وآثارها السيئة، إلا أن ما يمكن قوله حول الصراخ والذي قد لا يتصوره الكثير منا هو أنه أسوأ وأخطر أسلوب- على الإطلاق- للتعامل مع الأبناء، وتفوق آثاره السيئة أسلوب الضرب والعقاب القاسي، لذا فمن يقول: "هل نستطيع أن نعبر عن غضبنا بالصراخ؟" لا يدرك خطورة ما يقول لأنه اعتبر الضرب اسوأ من الصراخ أو كأنه يقول مادام الضرب غير مسموح فهل يستطيع أن يعبر عن غضبه بالصراخ؟

تنفيس الغضب

إن التعب ومشاكل العمل وتأزم الأحوال اجتماعياً واقتصادياً ووجود العديد من العوامل المقلقة التي تعترض حياة الآباء والأمهات قد تجهلهم بشكل عفوي يتخذون من أبنائهم منفذاً لتنفيس كلّ هذا الغضب، وقد يحاول الأهل السيطرة على عصبيتهم في الظاهر وإن ظلت متحكمة بشكل خفي في سلوكهم، وهو ما يعبر عنه بالملاحظات الجارحة عند كلّ هفوة أو نبرات الصوت التي تنم عن اللوم والعتاب ولو بصوت معتدل ودون صراخ.. وتظل المسالة خارج نطاق التربية وإنما هي وسائل للتعبير عن الغضب، وتقول الخبيرة الفرنسية فرانسواز دولتو: "إن راشداً يتكلم بفظاظة وعدوانية ويتصرف بعنف ويستسلم لانفجارات مزاجية تجاه ولده، عليه ألا يندهش إذا ما رأى هذا الولد يتصرف بالطريقة نفسها مع من هم أضعف منه...".

 إذن على الآباء أن لا ينسوا بأنهم يسعون إلى فهم التأثير الحقيقي لبعض الأساليب التربوية وأضرار البعض الآخر منها كالضرب والصراخ وغيرها وكلّ ذلك في إطار عنوان رئيسي هو كيف نوجّه أبنائنا، لا كيف نعبر عن غضبنا حيال تصرفاتهم؛ وهو الغضب الذي يأتي عادة بسبب مشكلات حياتنا حيث يشتد مع اشتداها وينحسر مع انحسارها، "فالأبوة هي أن يتعلم الآباء السعادة من سواهم- وهم الأبناء- حتى آخر المطاف وفي هذا موت للأنانية" وهو ما أكده أحد خبراء التربية الاجتماعية.

إذن فعلينا أن نعالج سؤالاً واحداً بالتحديد وهو "هل للصراخ تأثير سلبي على أولادنا؟"، وليس "هل نستطيع التعبير عن غضبنا بالصراخ؟" لأنه لا مجال للإجابة عن هكذا سؤال.

الصراخ هو الأخطر

إن الصراخ يعد أخطر على نفسية الطفل من أي أسلوب عقابي آخر لأنه:

 - إهانة للطفل ومس بكرامته.

 - تحطيم لمعنويات الطفل.

- تشكيك في قدراته الذاتية.

- سحب للثقة بالنفس.

- تدمير للعلاقة الإنسانية بين الطرفين.

والصراخ يلغي لغة التواصل والتفاهم بين طرفي المعادلة، فالابن يدخل في حالة من الدفاع عن النفس والخوف من الصوت المرتفع، ويركّز اهتمامه على الطرق التي تحميه من ردود أفعال غير منتظرة، ولا يبدي أي اهتمام بسلوكه الذي أثار هذا الصراخ وتسبب فيه، فهو مما يجب اجتنابه لما له من آثار سلبية خطيرة على شخصية الطفل وعلى مستقبله.

أما عن الضرب فهو ما لم نقل بشأنه: "لا ضرب" على إطلاقها، بل إن الضرب من الوسائل التي لها اعتبار ووجود في التعزير والعقاب، ولكن بشروط وأسباب وفي أحيان معينة وقواعد محددة، فالضرب هو وسيلة للفت حواس الطفل، ألا تستخدم يديك- مثلاً- لهزّ كيف شخص تناديه مراراً دون أن يسمعك.. فتحاول لفت انتباهه باستخدام حاسة أخرى وهي اللمس؟ وعلى هذا النحو ينبغي أن تكون فكرة استخدام الضرب كوسيلة للفت الحواس والتأكيد على معنى معين تعذرت السبل في إيصاله، وليس كوسيلة للتعذيب والانتقام والإيلام والتهديد والترهيب والتنفيس عن الغضب في كائنات ضعيفة ليس لها بنا قوة ولا مأوى تأوي إليه، ولا تستطيع الدفاع عن نفسها تجاه هذا العدوان عليها سوى بأن تتعمد ألا تشعر أو تحس لكي تنتقم ممن يؤذيها ويحاول إيلامها بألا تتألم.

أين المشكلة؟

إن ما نتمناه نحن كآباء هو أن تصبح حياتنا مع أطفالنا سهلة لينة ينفذون نصائحنا بمجرد أن يسمعوها بوداعة النسيم.. وكثيراً ما يكون ارتطامنا بالواقع المغاير مغضباً لنا ومحيراً، والمشكلة في أمنيتنا وليست في الأبناء.

 والآباء غير مطالبين في الواقع بكبت مشاعرهم وتصنع الهدوء أو ترك الحبل على الغارب في التعامل مع الولد والامتناع عن توجيهه أو تصحيح أخطائه ونصحه، وليس المطلوب أن يقف الآباء مكتوفي الأيدي أبداً، إنما عليهم أن يبحثوا عن البدائل الممكنة للتعامل مع الأبناء دون الحاجة للصراخ أو العقاب البدني مع تمرير النصائح والتوجيهات في بيئة ملائمة لتنفيذها، وهو ما يمكن أن ينفذه كلّ الآباء وسيلمسون تأثيره السحري.

 وما يقوي العلاقة بين الآباء والأولاد هو التقبيل المستمر، والممازحة، واللعب، وتناول الطعام سوياً، والحوارات، والنزهات، والذهاب سوياً لشراء الحاجيات، والذهاب سوياً للمساجد والمشاركة في الشعائر الدينية، والمدح والثناء لأي تفوق، والاستماع لآراء الابن واعتراضاته وتوجيهاته أحياناً.

وعلى الآباء أن يصطحبوا أبناءهم إلى الأسواق، ويجعلونهم يمارسون البيع والشراء، ويساهمون في وضع ميزانية مصروفات الشهر وغيرها مما يشعرهم بذواتهم وينمي ثقتهم بنفسهم.

على الآباء أن يختاروا الوقت المناسب لتوجيه الطفل بشكل غير مباشر من خلال قصة أو موقف مفتعل أو أن يشرحوا رأيهم بابن زميلهم الذي فعل كذا مما لا يليق وكان ينبغي أن يفعل كذا كذا، ومن هذه الأوقات المناسبة وقت الطعام أو المشي معاً.

على الآباء أن يستخدموا القصص في توصيل المعاني التي يريدوها، ويمكنهم إهداؤه مجموعة من القصص، ثم يتناقشوا معهم كلّ ليله حول ما استفادة من قراءة كلّ منها، ومن خلال المناقشة يمكنهم توظيفها للتأكيد على معانٍ معينة وأخلاق يريدون له التزامها، وهكذا... على الآباء أن يجعلوا عقابهم للأبناء الخصام، وإن نجحوا في أن يكونوا له صديقاً حقيقياً حميماً تحقق صداقتهم له السعادة والاستفادة، سيكون فقدة لصداقتهم عقاباً لا يسمح أبداً لنفسه التعرض له.

على الاباء أن يجدوا المبرر المنطقي والتفسير المحتمل للتصرف الخاطئ الذي فعله ولدهم- ويمكنهم سؤاله ومناقشه في ذلك- وذلك للتغلب على غضبهم تجاه فعله، ولكي يمكنهم توجيهه بهدوء.

*كتاب في تربية الطفل لـ "السيد أحمد باقر القزويني"

2022/06/25

إشغل نفسك.. الفراغ يقودك إلى ’الإنحراف’ و ’الحسرة’
كان الإنسان في الماضي قلّما يجد له متسعاً من الوقت، فهو دائم العمل والشغل في سبيل تأمين لقمة العيش، واليوم حيث حلت الآلة محل الإنسان في جوانب كثيرة من الحياة، وحيث العمل محدد بساعات معينة.

[اشترك]

وأيام العطل كثيرة ومتنوعة، ففي كلّ أسبوع يوم أو يومان، بالإضافة إلى عطلات الأعياد والمناسبات، والإجازات المرضية والاضطرارية وغيرها؛ أصبح لدى الشباب المزيد من الفراغ، والمزيد من الوقت غير المبرمج بعمل محدد.

وفي مثل هذه الحالة فإنّ الشاب المجد في حياته يبذل قصارى جهده في استثمار فراغه فيما يفيد جسمه وعقله وروحه.

 أما الشاب الذي لا يعرف هدفه في الحياة فإنّه يعتبر الفراغ فرصة ذهبية للمزيد من النوم والكسل، أو اللعب فيما لا يفيد، أو الجلوس في الطرقات والشوارع، أو الذهاب إلى الأسواق بلا حاجة، أو مشاهدة التلفاز بدون توقف، أو المعاكسة من خلال الهاتف والإنترنت.

والفراغ عندما يستثمر ويوظف في العمل والإنتاج والنشاط فإن نتائجه كثيرة ومتنوعة على الفرد والمجتمع والأُمّة، أما عندما يهدر وقت الفراغ فيما لا فائدة فيه، فإنّه يتحول إلى معول هدم ودمار وفساد؛ ولذلك نجد أن أكثر الذين ينحرفون من الشباب هم الذين يقضون أوقات فراغهم في اللهو واللغو والعبث. ويرى الكثير من الباحثين أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الفراغ وانحراف الأحداث والشباب، إذ أنّ الشاب عندما يشعر بالفراغ ولا يمتلك الإرادة أو التفكير في استثمار الفراغ وتوظيفه فيما يفيد، فإنّه بذلك يتحول إلى نقمة على الفرد والمجتمع معاً.

ولو ألقينا نظرة على التعاليم الدينية لرأينا أنها تحث على استثمار كلّ لحظة ودقيقة من الزمن وتوظيفها في العمل الصالح، يقول تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح/ 7-8)، ويقول النبيّ (ص): "إنّ العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدر له، فبادروا قبل نفاد الأجل". ويحذر النبي (ص) من افتتان الإنسان بالصحة والفراغ، حيث يقول (ص): "خلتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحة والفراغ"، ويقول (ص) أيضاً: "إنّ الله يُبْغِضُ الصحيح الفارغ لا في شغل الدنيا ولا في شغل الآخرة".

 والفراغ السلبي أحد أسباب الفساد، يقول الإمام عليّ (ع): "إن يكن الشغل مجهدة فاتصال الفراغ مفسدة"، وعنه (ع) قال: "من الفراغ تكون الصَّبوة"، وعنه (ع) أيضاً: "اعلم أنّ الدنيا دار بلية لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فَرْغَتُهُ عليه حسرة يوم القيامة". وللأسف الشديد فالكثير من الشباب لا يتعامل مع الفراغ بصورة إيجابية، فلو ألقينا نظرة فاحصة على كيفية قضاء الشباب لأوقاتهم لاستنتجنا ما يلي: ثمان ساعات للنوم وربما أكثر، أربع ساعات لمشاهدة التليفزيون، ثلاث ساعات للأكل والشرب، ساعتان للتجوال والنزهة، ساعة واحدة للمكالمات الهاتفية، ست ساعات للعمل.. هذا هو المعدل المتوسط لقضاء يوم كامل.

 ومعدل العمل الحقيقي في الدول النامية كما تشير الدراسات لا يتجاوز ساعة واحدة على أفضل تقدير، والمتبقي من وقت العمل يذهب في الأكل والشرب، وقراءة الصحف، والتحدث مع الزملاء، والاتصال بالهاتف، والخروج من دائرة العمل لسبب أو آخر.

وقد أكّدت العديد من الدراسات والاستطلاعات بأن مشاهدة برامج التلفاز ومتابعة الشؤون الرياضية والتجول بالسيارات يأخذ معظم أوقات الفراغ لدى الشباب، في حين أن عادة القراءة والكتابة، أو استثمار أوقات الفراغ في إنجاز الأعمال المفيدة والمنتجة لا تكاد تسجل إلا أرقاماً منخفضة جدّاً، ومن هنا، فالشباب مدعوون لإعادة رسم خريطة أوقاتهم، وجدولة أوقات فراغهم فيما يفيد وينفع، بما يتناسب والتطلعات الحضارية، والقدرة على المنافسة في ظل فرص العولمة وتحدياتها.

 *كتاب الشباب.. هموم الحاضر وتطلعات المستقبل للشيخ عبد الله اليوسف

2022/06/22

كيف تربّي ولدك في ’دقيقة’؟! .. 10 وصايا مهمة

 

يحتار الناس في تربية أولادهم، كيف يرشدونهم إلى الصواب دون أن تكون الوسيلة خاطئة، وها هو اقتراح متوازن.

[اشترك]

أسلوب الدقيقة الواحدة أسلوب حديث في تربية الأبناء، فإذا كنت تعاني من تمرد أبنائك، أو كنت تشعر بوجود مشكلة في تربيتك لأولادك، فحاول تطبيق أسلوب الدقيقة الواحدة في تربيتهم، فيما إذا كان ذلك مجدياً معهم.

ويعتبر الاستاذ الدكتور سبنسر جونسون رائد أسلوب الدقيقة الواحدة في العصر الحديث، ويعتمد هذا الأسلوب على جعل الأبناء يشعرون بعدم الرضا عن تصرفهم الخاطئ، ولكن بالرضا عن أنفسهم، فكيف يتم ذلك بدقيقة واحدة؟

إذا عاد ابنك متأخراً إلى البيت، وكان قد كرر تأخره خلال أسبوع، انظر إلى عينه مباشرة، وقل له: «لقد عدت متأخراً، وكررت ذلك للمرة الثانية هذا الأسبوع «ثم ينبغي أن تعبر عن حقيقة شعورك بالغضب» أنا غاضب جداً منك يا بني، وأنا حزين جداً أنك كررت ذلك مرتين».

وأهم ما في الأمر أنك تريد من ابنك في النصف الأول من الدقيقة أن يشعر به، إذاً لا يكفي أن يتلقى أبناؤنا التأنيب، لكن المهم أن يشعروا به، وسيشعر ابنك بعد كلامك المختصر معه، والمعبر بصدق عن شعورك نحو تصرفه إنه لا يحب ما فعل، وقد يشعر بكره نحوك، إذ لا يرغب أحد منا أن يؤنبه أحد، وهذا بالضبط ما تريده من النصف الأول من الدقيقة، تريد ابنك أن يشعر بأنه غير مرتاح.

ولكن ماذا تفعل إذا شعر ابنك بالضيق، وآخذ يدافع عن نفسه؟

وهنا ينبغي أن تكمل النصف الآخر من الدقيقة، فهو مفتاح النجاح لعملية التأنيب التي تقوم بها.

ففي النصف الأول من الدقيقة قلت لطفلك إنك غاضب منه، ومصاب بخيبة أمل فيه، وحزين بسبب سلوكه الخاطئ، وفي النصف الآخر من الدقيقة انظر إلى وجهه واجعله يشعر بأنك تقف إلى جانبه ولست ضده، وقل له ما يريد سماعه منك، قل له إنه شخص طيب، وإنك تحبه، ولكنك غير راض عن سلوكه تلك الليلة، وإن هذا الأمر يزعجك جداً، ثم ضمه إلى صدرك بقوة حتى تعلمه أن التأنيب قد انتهى دون أن تذكر له ذلك.

وهكذا ففي النصف الأول من الدقيقة قمت بتوبيخ طفلك بأسرع وقت ممكن، وحددت له ما فعل، وعبرت عن شعورك بالغضب تجاه ما قام به، أما النصف الآخر من الدقيقة ففيه لحظات هدوء ومحبة ومنح للثقة.

تذكر خلالها أنك لا تقبل بسلوك طفلك الحالي، ولكنه ولد طيب، تشعره بأنك تحبه وتحتضنه، وبهذه الطريقة يشعر ابنك أنها تؤلم أكثر بكثير من أسلوب التعنيف أو الضرب، ويشعر الأبناء أن تصرفاتهم السيئة لن تمر دون حساب، وأنهم أشخاص طيبون ومحبوبون،

ودقيقة للمديح

إذا قام ابنك بعمل يستحق المديح، فاجعله يشعر بالسعادة حينما يحسن مثلما أنك وبخته حين أساء، لاحظ أبناءك حينما يحسنون التصرف، وقل لهم بالتحديد ماذا فعلوا من أمر حسن، أخبرهم بسرورك لما فعلوه، وتوقف عن الكلام لثواني قصيرة، فإن صمتك يشعرهم أنهم راضون عن أنفسهم.

واختم مديحك بالاحتضان أو أن تربت على كتفه بحنان حتى تشعره أنك مهتم به، وبرغم أن مدح أبنائك لا يستغرق أكثر من دقيقة واحدة، فإن احساسهم بالرضا عن أنفسهم سيرافقهم طوال حياتهم.

حاول أن تجلس مع أبنائك قبل عطلة نهاية الأسبوع، وأسألهم كيف يريدون قضائها، دعهم يضعون خطة يحددون فيها أهدافهم، وما سيفعلونه في تلك العطلة.

اجمع تلك الأهداف، ودعهم ينظرون إليها دقيقة واحدة، ثم يرى كل واحد فيما إذا كانت تلك الأهداف تتوافق مع سلوكهم، فواحد يضع خطة يضبط فيها طريقة تحدثه مع الآخرين مثلاً، فلا يتحدث بصوت مرتفع يزعج من حوله، وآخر يضع هدفه تصحيح طريقة مشيه، أن كانت مشيته غير مألوفة خلال فترة معينة وهكذا.

وينظر كل فرد إلى أهدافه الخاصة، ويلاحظ فيما إذا كان أسلوبه ينسجم مع أهدافه، ولن يستغرق ذلك منه أكثر من دقيقة واحدة.

وهكذا يشعر الأبناء بالثقة بالنفس، والقدرة على إدارة شؤون الحياة، فتصبح حياتهم أكثر إشراقاً وحيوية.

لقد جرب هذه الطريقة عدد كبير من الآباء ووجدوا فيها حلولاً لمشاكلهم في تربية أبنائهم، وحصلوا على نتائج أفضل في وقت قليل، لقد تعلم أطفالهم كيف يحبون أنفسهم، ويسعون لتطوير سلوكهم نحو الأفضل، وعرفوا متعة الحياة.

- الوصايا العشر في تربية الأبناء:

 1- لا تشغل نفسك بتحقيق طموحاتك وتنسى مشاكل أبنائك.

 2- لا تترك مسؤولية التربية على عاتق زوجتك وحدها.

 3- حاول أن تقضي وقتاً كافياً مع أبنائك، تعيش معهم أحاسيسهم ومشاكلهم.

 4- تذكر حين توبخ ابنك أن تشعره بأنك تحبه، ولكنك لا تحب سلوكه فقط، وكلما أحب أطفالك أنفسهم حاولوا تطوير سلوكهم نحو الأفضل.

 5- على الآباء أن يتعلموا الإصغاء إلى أبنائهم كي يتعلم الأبناء كيف يصغون إلى آبائهم.

 6- حاول تنمية الإحساس بالنجاح في نفوس أبنائك منذ الصغر، واجعلهم يلتفتون إلى تصرفاتهم الحسنة، وامدحهم عندما يتصرفون بشكل جيِّد.

 7- شجِّع أولادك على أن يكونوا صادقين معك.

 8- عندما تكون في البيت حاول ألا تفكر إلا في شؤون بيتك وأولادك، وعندما تكون في العمل، فكر فقط في عملك.

 9- إذا رأيت طفلك متمرداً عليك فاسأل نفسك: هل احتضنت طفلك ذلك اليوم؟

 10- اتبع أسلوب الدقيقة الواحدة في حياتك مع أبنائك، فالتأنيب بدقيقة، والمديح بدقيقة، ولكنها حقاً دقيقة مثمرة!

* يمرس

 

 

 
2022/05/20

يخاف من أصوات السيارات.. تعرّف على علامات ’السلوك العدواني’ لدى الأطفال!

العدوان هو سلوك مقصود يستهدف إلحاق الضرر أو الأذى بالغير وقد ينتج عنه أذى يصيب إنساناً أو حيوانياً كما قد ينتج عنه تحطيم للأشياء أو الممتلكات ويكون الدافع وراء العدوان دافعاً ذاتياً، ويظهر العدوان لدى جميع الاطفال لكن بنسب مختلفة.

 

[اشترك]

في العادة يتكون العدوان لدى الانسان سيّما الاطفال نتيجة لغياب النضج او عدم وصولهم الى الدرجة التي تجعلهم متمكنين من ادارة الضبط الداخلي لديهم بصورة سليمة لتحقيق التوافق المطلوب والموافق لقيم المجتمع، مما يجعلهم عاجزين عن تحقيق التكيف والمواءمة المطلوبة للعيش في المجتمع كما انهم يعجزون عن تعلم الدرجة الكافية من أنماط السلوك اللازمة لتحقيق مثل هذا التكيف والتوافق.

ويرى النفسيون السلوك العدواني في أغلب حالاته ينشأ لدى الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة معللين ذلك بأنه دليل على الحيوية والنشاط لدى الطفل، فليس هناك مبرر للانزعاج عندما نشهد بعض أطفالنا ينزعون نحو السلوك العدواني لانهم يمتلكون نشاطاً عالياً ولابد من تفريغ هذا النشاط لكن بطرق اكثر سلمية وهدوء، إذ إن كبته يؤدي الى نتائج ارتدادية غير محمودة من شأنها تضعف النشاط العام للطفل وتجعل منه انساناً خاملا خانعاً وانهزامياً في الكثير من المواقف التي تواجهه على صعيد الأسرة او على صعيد العمل والدراسة.

ما هي مظاهر السلوك العدواني؟

عدة مظاهر يستدل عبرها على أن الطفل يحمل طابعاً عدوانياً أبرزها اتصافه بالإحباط والغضب إضافة الى الخوف المستمر من الكثير من الاستجابات مثل صوت الرعد او السيارات او غيرها، مبادرته دائما الى الاعتداء على الأقران انتقاماً أو بغرض الإزعاج باستخدام اليدين أو الأظافر أو الرأس، الاعتداء على ممتلكات الغير سواء كانت عامة او خاصة او اخفائها بقصد إزعاجهم وإثارتهم، ليس لديه مرونة في التعامل ورفض التصحيح في سلوكياته غير المستقيمة.

ويتصف سلوكه بالمشاكسة وعدم الامتثال للأوامر سواء في المدرسة او في المنزل، وهو سريع الغضب والانفعال بشكل مبالغ فيه ويصاحب ذلك توجيه ألفاظ نابية وشتائم لمن حوله حين يتمالكه الغضب، إحداث الفوضى في الصف عن طريق الضحك والكلام واللعب وعدم الانتباه، هذا المظاهر إن بدت على طفل فالحكم على عدوانيته صار في حكم المسلم به.

كيف ينشأ العدوان لدى الطفل؟

تدعم الأسر النزعة العدوانية في سلوك ابنائها عبر عدة عوامل ربما في أغلبها غير مقصودة ومن هذه العوامل أن يشعر الطفل منذ نعومة أظافره بأنه غير مثير للاهتمام سيما عندما يولد له أخ ثاني وينسحب بساط الاهتمام من تحت قدميه او يقل الاهتمام بالمقارنة في حال كونه وحيداً لديهم، فيمارس الطفل عدوان ضد أخيه وضدهم وربما ضد نفسه في محاولة منه لجذب الانتباه وإعادة الاهتمام المسلوب، كما المواجهات العنيفة التي تحصل بين الأبوين سواء كانت لفظية ام جسدية هي الأخرى ستحول الطفل الى شخص عدائي خلال المحاكاة أو التقليد للاستجابات العدوانية التي تصدر.

ويتعقد (بندورا) وهو عالم نفس كندي وصاحب نظرية التعلم الاجتماعي أن الآباء الذين يتسمون بالغلظة والقسوة مع آبائهم يتعلم أبناؤهم السلوك العدواني، ويقول ايضاً" أن الآباء الذين كانوا يشجعون أبناءهم على المشاجرة مع الآخرين وعلى الانتقام ممن يعتدي عليهم وعلى الحصول على مطالبهم بالقوة والعنف كانت درجة العدوانية لديهم أكبر من درجة العدوانية عند الآباء الذين لم يشجعوا أبناءهم على السلوك العدواني بأي شكل من الأشكال".

وقد يحصل العدوان لدى الطفل نتيجة لاضطراب سلوكي يتوجه به الشخص نحو ذاته ويهدف إلى إيذاء النفس بصور وأشكال مختلفة كتمزيقه لملابسه أو كتبه، ضرب الرأس بالحائط أو السرير، جرح الجسم بالأظافر، لطم الوجه أو شد شعره عض الأصابع، وحرق أجزاء من الجسم بالنار أو السجائر، وهذا أحد الأسباب التي يتولد عبرها العدوان لدى الطفل، كما مشاهدة الطفل لمشاهد العنف في التلفاز او عبر الانترنت سيشجع نمو العدوان في نفسه لا إراديا.

اما آليات الحد من العدوان تدريجياً وصولا الى إطفاءه فتتم عبر المساواة بين الأخوة في المنزل وعدم التفرقة في المعاملة حتى وإن كان أحدهم مولوداً جديداً فليس صحيحاً إشعار أحدهم أنه مقرب اكثر من الآخر والإغداق عليه بالمال والهدايا وحتى التقرب منه وتقبيله، ومن الأهمية بمكان تجنب الشجار العائلي أمام الأطفال والابتعاد عن العتب او اللوم وجعله سرياً بين الابوين، تجنيب الطفل مشاهدة كل ما يحتوي على العنف من أفلام ومسلسلات وحتى نشرات الأخبار لأنهم يقلدوه او يتأثرون به، تخصيص وقت فراغ للعب مع الأطفال والتحدث معهم حول مشاكلهم مع المدرسة أو الواجبات المدرسية، وإن اتبعنا كل هذه الأمور ولم تنفع لن يبقى أمامنا الى استخدام القوة في منع العدوان والحد منه في مراحله الاولى لأن تركه سيجعل منه ينمو وسنعجز عن مواجهته وتعديله ولات حين مناص.

عزيز ملا هذال

 

2022/05/14

لا تسمح لطفلك بـ ’السهر’.. 9 عيوب للتربية المتساهلة!
الكثير من الآباء لا يرغبون في إحزان أبنائهم أو جعلهم يغضبون أو ينفعلون عليهم، كما أنه من الصعب بمكان أن يعرف الآباء دومًا أنّ ما يطلبونه من الأبناء هو عقلاني ومتوافق مع عمرهم، ولكن من المهم جدًا وضع حدود وقواعد، فهذا يعدّ من أسس التربية الصحيحة.

[اشترك]

فرغبات الأطفال قبل مرحلة الحبو تتوافق مع احتياجهم، ولكن هذا يتغير مع تقدمهم في العمر، حيث يبدؤون في طلب أمور تتعارض مع احتياجاتهم، وأحيانًا مع أمنهم وتطورهم الطبيعي، والدراسات تقول إن الأطفال الذين لا توضع لهم حدود لا يتّسمون لاحقًا بالانضباط الذاتي.

ولتوضيح الأمر أكثر إليكم تسعة عيوب للتربية بلا قواعد (التربية المتساهلة):

١-  حينما يسمح الآباء بأمور لا يجب السماح بها، تكون النتائج فادحة: فمثلًا، السماح بالسهر لوقت متأخر في الليل يجعل الطفل مجهدًا وعصبيًا على مدار اليوم، وغير قادر على إنجاز أي نشاط يتناسب مع سنه، كما أن هذا يؤثر على نفسية الطفل وثقته بنفسه، لأنه سيشعر أنه غير قادر على القيام بأمور يستطيع أنداده القيام بها بسهولة.

٢- أحيانًا نُحقق رغبات الطفل على حساب رغبات غيره: فمثلًا، أن يرغب أحد الأطفال وربما يكون الأصغر بالذهاب لمكان معين، ويُجبر بقية الإخوة على الذهاب، فحين يتكرر هذا الأمر، سيجعل هذا التصرف الطفل مدللًا وأنانيًا، وقد لا يراعي مشاعر الآخرين مستقبلًا، ويرى حاجاته ورغباته هي الأولوية.

٣- يتعلم الطفل أن الحزن والإحباط مشاعر غير محتملة: فالطفل حين يلاحظ أن والديه يحميانه من التعرض لأية مشاعر سلبية كمشاعر الإحباط والحزن، فإنه سيحرص مستقبلًا على تفادي تلك المشاعر التي يظن أنها غير محتملة البتة، وهذا لدرجة قد تجعله يفعل أي شيء، لئلا يمر بتلك المشاعر، وقد تغدو بعض تلك الأشياء مُدمِّرة أو غير أخلاقية، كما أنه سيتجنب جميع أنواع المخاطرات، وسَيُصِر أن يسير كل شيء على هواه.

حين يلاحظ الطفل أن والديه يحميانه من التعرض لأية مشاعر سلبية كمشاعر الإحباط والحزن، فإنه سيحرص مستقبلًا على تفادي تلك المشاعر التي يظن أنها غير محتملة البتة.

٤- لن يتعلم الطفل أن يضع لنفسه حدودًا وقواعد بإرادته: فالإنسان يحتاج في مرحلة الدراسة والحياة العملية أن يضع الكثير من القواعد والحدود من أجل تحقيق أهدافه، وعدم معرفته لهذا الأمر من الصغر لعدم تطبيق والديه له أثناء التعامل معه، لا ريب سيؤذيه فيما بعد.

٥- سيتعلم الطفل أن السعادة تتم بتحقيق رغباته الواحدة تلو الأخرى: فالاستجابة لجميع طلبات الطفل أمر غير منطقي، كما أنه ليس في صالح الطفل على المدى البعيد، فالحياة مليئة بالتحديات والأمور التي قد لا يمكن تحقيقها في مرحلة ما، فلا بدّ للطفل أن يتعلم أنه يمكنه أن يكون سعيدًا وراضيًا بما هو موجود الآن، وما أمكن تحقيقه وإن قلَّ.

الاستجابة لجميع طلبات الطفل أمر غير منطقي، كما أنه ليس في صالح الطفل على المدى البعيد، فالحياة مليئة بالتحديات والأمور التي قد لا يمكن تحقيقها في مرحلة ما.

٦- عجز الطفل عن تحقيق السلام الداخلي: فالإحباط والغضب والحزن هي مشاعر تشكل جزءًا من حياتنا، فأن يحرص الآباء دومًا على جعل أبنائهم يتجاهلون تلك المشاعر، فكأنهم يجعلونهم يكرهون الحياة وبالتالي أنفسهم، حين تنتابهم تلك الأحاسيس.

٧- الأطفال بحاجة أن يعرفوا أن الآباء موجودون لحمياتهم: فالأطفال في الحقيقة يرغبون في القواعد، وإن لم يعترفوا صراحة بذلك، فهم يرغبون في وجود أحد مسؤول عنهم، بل الأكثر من هذا، فغياب شخص يتحمل مسؤوليتهم يُعتبر أمرًا مخيفًا بالنسبة لهم.

٨- القيام بتنازلات تتعلق بأمور مهمة بالنسبة للآباء:  فقد يسمح بعض الآباء بأن يعاملهم أبناؤهم معاملة سيئة، أو أن يجعلوا أبناءهم يقضون فترة طويلة أمام التلفاز وألعاب الكمبيوتر، بدل التركيز على دراساتهم أو نشاطات أخرى أكثر نفعًا، فهذه تعتبر تنازلات في غير محلها، وهي تؤذي الطفل ووالديه على المدى القريب والبعيد، ففي المثال الأول سينشأ الطفل عاقًا، وفي الثاني لن يهتم بدراسته، ولن يتمكن من تحديد الأولويات في حياته.

٩- التساهل في التربية يؤثر على العلاقة بين الوالدين والطفل: فحين يشعر الطفل أن لا أحد مسؤول عنه، وأنه غير قادر على الاعتماد على والديه لمساعدته، فإنه لن يشعر بالارتباط بهما، كما أنه سيفقد احترامه لهما، ويتحداهما رغبة منه في إرساء القواعد. فإذن، من المهم وضع قواعد وحدود للأطفال سواء في الرغبات أو التعامل، ولكن دون تشديد وتقيد لحريتهم، فليس المقصود من إرساء القواعد هو التضييق على الأطفال، فلا التساهل بغير حدود محبَّذ، ولا كثرة القواعد وتشديد القيود محبَّب! فكلا طرفي قصد الأمور ذميم، وخير الأمور الوسط.

*تسنيم عبد الرحمن النمر      

2022/05/12

كيف نربّي أولادنا على الصبر؟

هناك كلمات وحكم كثيرة في الصبر، فالصبر كما قيل مر ولكن عاقبته حلوة، والصبر صبران: صبر على ما تكره وصبر على ما تحب، والصبر مفتاح الفرج، والصبر عند الصدمة الأولى، وقيل في الشعر (دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء).
[اشترك]
فالكل يعرف فائدة الصبر ونتائجه ولكن الكثير منا يكون مقياس الصبر عنده قصير فيسخط ويغضب ويتضجر ويستعجل، لأن الصبر كريه على النفس وفي هذا الزمن السريع يحتاج الواحد منا أن يدرب نفسه على الصبر حتى يكون صبورا.
فالصبر مهارة نتعلمها ويمكننا أن نعلمها الأطفال الصغار من خلال وسائل كثيرة، مثل أن نتحدث معهم عن الصبر عندما يتململون من الانتظار للطعام أو عند ازدحام السيارات في الطريق، فنستثمر الفرصة بالحديث عن الصبر وأهميته، ونردد عليهم بين حين وآخر بعض العبارات التي تساعدهم تشرب معاني الصبر مثل (الصبر مفتاح الفرج) و (إن مع العسر يسرا) و (كل تأخيره فيها خيره) وترديد الآية الكريمة (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، عندما تنطبع هذه المعاني في نفوس الأطفال فيتشربون الصبر حتى يكون سلوكا تلقائيا في شخصيتهم.
فالناس تختلف في مقياس صبرها بثلاثة أمور وهي: العمر، وتجارب الحياة والخبرات، والقناعة بأهمية الصبر وثوابه، فصبر الصغير يختلف عن المراهق والكبير، وقد ننجح في تدريب الصغير على الصبر ولكن عندما يبلغ سن المراهقة نجده يفقد صبره بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث له فنذكره بالصبر والمصابرة، ولابد من ملاحظة الإنسان نفسه ما الذي يجعله قليل الصبر، بعض الناس الجوع يكون سببا لعدم صبرهم، والبعض ضيق الوقت والبعض حرارة المناخ والبعض المرض، فكل شخص له سبب يكون ضاغطا عليه فيتضجر ولا يصبر، ومن التمارين العملية التي نجحنا فيها بتدريب الطفل على الصبر بخدمة معين التربوية الإلكترونية، أننا أرسلنا لعبة الصبر للمربين والوالدين، وهي أن يتم تعليق لوحة في غرفة الطفل وفيها وجوه ضاحكة ووجوه حزينة، وكلما صبر الطفل جعلناه يلون الوجه الضاحك ، وإذا لم يصبر وتضجر فيلون الوجه الحزين، فهذا التدريب ينجح مع الأطفال لأقل من ست سنوات.
أما الكبار فإننا نعلمهم الصبر من خلال هذه الوسائل السبعة وهي: أولا أن نعلمهم كيف يعبرون عن مشاعرهم عندما ينفذ صبرهم، فيعبرون عن مشاعر التضجر من خلال الحديث والفضفضة أو بعمل نشاط فني مثل الرسم والتلوين والكتابة أو نشاط رياضي مثل لعب الرياضة والمشي والسباحة، وثانيا يستعين بالدعاء كما دعا قوم طالوت عندما واجهوا قوم جالوت فقالوا (ربنا أفرغ علينا صبرا) فثبتهم الله وصبرهم على أعدائهم، وكذلك الصلاة كما قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة ) فالصلاة والدعاء تروض النفس وتخفف عليها مرارة الصبر وشدته، وثالثا أن يكون لديك أخ أو صديق أو أخت تتحدث معها بما تشعر به من ضيق فإن الحديث يعين الإنسان على الصبر وخاصة إذا تحدثت مع من يعيش مثل ظرفك، ورابعا أن يكون لدى الإنسان ثقة بالله وإيمانا بقدره فترى كل قضاء قضاه الله عليك فيه خير كثير، فهذا الإيمان يقوي مقياس الصبر ويطيل عمره، وخامسا أن ترى الصورة الكبيرة للحياة وليس الجزء الصغير من الصورة، فعندما تبتلى بمرض لمدة أيام أو أسابيع فانظر الى الصحة التي أنعم الله بها عليك بها طوال السنوات الماضية، وإذا ابتليت بولد غير صالح فانظر الى صلاح باقي الأبناء واستقرار الأسرة وقوة ترابطها ووجود المحبة بينكما، فالنظر للصورة الكبيرة في الحياة يساعد على الصبر والتفاؤل، وسادسا أن تتذكر ثواب الصابرين ولعل أهمها وأعظمها بأن الله يكون مع الصابر كما قال تعالى (إن الله مع الصابرين)، ولأن الصبر عظيم فقد جعل الله ثوابه مفتوح لا يحده رقم أو مقياس فقال تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وسابعا أن يتذكر الصابر اسم الله تعالى الصبور فيعيش معاني الصبر.
*جاسم المطوّع

2022/05/10

آباء يفسدون أطفالهم: طرق لتعديل سلوك ’الطفل المدلل’

في بعض الأحيان، قد تتسبب رغبة الوالدين في إعطاء أطفالهم أفضل ما لديهم في إفسادهم أيضاً.

[اشترك]

لا أحد من الوالدين يحلم بتربية طفل مدلل، لكن في بعض الأحيان، قد تتسبب رغبة الوالدين في إعطاء أطفالهم أفضل ما لديهم وجعل حياتهم مريحة وآمنة قدر الإمكان في نتائج لا تتفق بالتأكيد مع خطة الأبوة والأمومة الأصلية مما ينتج عنه: الطفل المدلل.

ففي بعض الأحيان يمكن أن تصبح هذه الرغبة الصحية غير صحية عند العمل بجد لتوفير كل شيء لأطفالنا بحيث يكون لديهم وفرة من كل شيء طوال الوقت ولا يتعلمون أبداً قيمة ما يمتلكون.

اتضح أن علماء النفس الأطفال كانوا يعملون على هذه المشكلة لفترة طويلة، وأطلقوا عليها متلازمة الطفل المدلل، ونحاول في هذا التقرير توضيح الدلائل التي تشير إلى أن طفلك مدلل، وبعض النصائح الخاصة بكيفية التعامل معه.

الأسباب وراء الطفل المدلل

يشعر الأطفال المدللون بأن الكون يدور من حولهم، فلا شأن لهم بأي شيء سوى احتياجاتهم واهتماماتهم ومشاعرهم ورغباتهم، أما الجميع فيأتون في المرتبة الثانية.

ولأن الأطفال يفعلون ما نقوم بتدريبهم عليه، وما نقودهم إليه، فإن الآباء هم المسؤولون إلى حد كبير عن السلوك المدلل، فالأبوة المتساهلة تجعل الطفل غير قادر على استيعاب الحدود المناسبة.

عندما يفسد الآباء أطفالهم تكون نواياهم جيدة في كثير من الأحيان، وإن كانت مضللة، إنهم يريدون أن يوفروا لأطفالهم أفضل حياة ممكنة، ويعطونهم كل شيء، قد يشعر بعض الآباء بالقلق من أن قول كلمة لا سيؤذي مشاعر الطفل أو يضر بثقتهم، فينتج عن هذا تحول سلوك الطفل إلى السلوك المدلل.

علامات الطفل المدلل

هناك العديد من العلامات التي تشير إلى أن طفلك ينتمي للأطفال المدللين، ونرصد هنا بعضاً منها:

 

ينغمسون في نوبة غضب بمجرد أن تقول لهم لا

يشعر الأطفال المدللون بخيبة أمل عندما تعترض على ما يريدون وتقول لهم لا، وعادة ما يعبرون عن رفضهم لما يحدث بنوبات من الغضب المتمثلة في الصراخ والبكاء.

لا يحب الأنشطة القائمة على مبدأ المنافسة

يجب على الآباء تعليم الطفل درساً مهماً، وهو أن الحياة ليست مكسباً دائماً، وإنما هناك ما نخسره من وقت لآخر، لذلك لا يوجد شيء يجب أن نخجل منه.

غالباً ما يرفض الأطفال المدللون الاشتراك في المسابقات التنافسية لأنه يرى أن هناك احتمالاً للخسارة مما يجعله ليس دائماً الأفضل.

لا يرضون مطلقاً عما لديهم

قد يحصل الأطفال المدللون على كل الألعاب والألبسة في العالم، لكن هذا لا يكفي أبداً؛ فهم يريدون المزيد والمزيد.

بدلاً من أن يعبر الأطفال المدللون عن امتنانهم بما لديهم، فإنهم يركزون أكثر على ما يريدون الحصول عليه في المرة القادمة.

يكون مهذباً مع الآخرين، ولكن لا يظهر امتنانه لك

يُظهر الطفل المدلل سلوكاً جيداً مع أشخاص آخرين، لكنه لا يعبر عن أي امتنان لأفراد الأسرة.. ينسى الطفل المدلل أن يقول شكراً، وذلك ليس عن قصد أو لأنه يريد إيذاء مشاعرك، ولكن لمجرد أنه قد اعتاد أن كل ما تفعله أسرته له أمر مسلم به.

يعتقدون أن العالم يدور من حولهم

يميل الأطفال المدللون إلى التركيز على أنفسهم، كما انهم يتوقعون معاملة خاصة، ويرون أنهم مؤهلون للحصول على المزيد من المزايا والتقدير من الآخرين.

فالطفل المدلل يعتمد بشدة على أفراد أسرته، ويسعى دائماً أن يكون مركز الأسرة، ولكن يجب أن يفهم الطفل أن الآخرين أيضاً لديهم احتياجات.

لا يشعرون بقيمة المال

تؤثر الإعلانات بشكل سلبي على الأطفال مقارنةً بالبالغين، لهذا السبب من المهم تعليمهم كيف يمكنهم مقاومة الضغط الاجتماعي. يجب أن يفهم الطفل أن المال لا يظهر في أي مكان وأن على الآباء العمل بجد لكسبه.

يعقد الطفل المدلل أن رغباته وطلباته أهم من ميزانية الاسرة، وهذا ينمي عنده الشعور بأن جميع رغباته تتحقق بدون أدنى مجهود ما يجعله أقل عرضة للاستقلال المالي في الكبر، وربما ينتهي به المطاف غارقاً في الديون.

لا يتحلون بالصبر حتى استجابة طلباتهم

يطلب الأطفال المدللون الأشياء، وينتظرون الاستجابة الفورية، وليس لديهم القدرة على تفهم الانتظار والصبر من أجل تحقيق ما يريدون.

يرفضون إكمال المهام البسيطة حتى تستجديهم أو ترشوهم

يجب على أي والد مسؤول مساعدة أطفاله على أن يصبحوا مستقلين. في سن 3 سنوات يمكن للأطفال التقاط ألعابهم، وفي سن الخامسة يمكنهم المساعدة في الأعمال المنزلية الصغيرة. في سن العاشرة يمكن أن يقشروا البطاطس ويشاركون في صنع الطعام للعائلة بأكملها. 

إذا كان طفلك يرفض في كثير من الأحيان القيام بأشياء أساسية للغاية حتى تتوسل إليه أو تحفزه بالمال، فللأسف طفلك مدلل.

كيف يمكنك تعديل سلوك الطفل المدلل؟

السلوك المدلل لا علاقة له بالجينات، وإنما التنشئة، وهذا خبر جيد، لذا فالتغلب عليه أمر ممكن ولكن، يجب البدء في إجراء بعض التغييرات فور اكتشافك سلوك طفلك، فكلما كبر الطفل، أصبح التغيير أكثر صعوبة.

– تعود على قول لا دون الإحساس بتأنيب الضمير، فمنعك بعض الأشياء عن ابنك يكون من أجل تحسين شخصيته، كما أن تكرار قول لا أمام طفلك يعوده أنه مهما بذل من مجهود في الإلحاح، فالنتيجة ستكون الرفض.

طالما أنك توفر الاحتياجات الأساسية للطفل، فليس عليك أن تشعر بالندم لرفض طلباته، فلا يمكن تحقيق كل ما يطلبه.

– اسمح لطفلك بالبكاء والانزعاج، ومن الممكن أن تتعاطف معه وتحاول تهدئته، ولكن مع وضع حدود للاستجابة بمطالبه حتى يتمكن من الاعتياد على حدودك.

– ابدأ في تفهيم ابنك أنه أهم مما يمتلك، وحاول البدء معه في تعلم الشكر والامتنان، وذلك بتعديد النعم التي يمتلكها.

– أكثر من استخدام كلمة نحن مع طفلك كي يعتاد عليها ويبتعد عن الأنا، وحاول إشراكه في الحياة اليومية.

– تذكر أن الأطفال يستجيبون بشكل أفضل للتشجيع وليس العقاب، لذا ساعدهم على تقدير الأشياء الصغيرة في الحياة، وأظهر لهم أن هناك الكثير من البهجة والسعادة في الأشياء البسيطة.

*زهراء أبو العنين

 

2022/05/08

أسهل طريقة لعلاج الأطفال من ’الأنانية’

من الأفكار الذكية في علاج سلوك الأنانية عند الطفل الصغير أن نلعب معه لعبة الفرق بين (الدقيقة والخمس دقائق).

[اشترك]

وفكرة هذه اللعبة أني أطلب من الطفل أن يرتب العابه بغرفته وأحسب له الوقت الذي يستغرقه في الترتيب، فإذا رتب الألعاب خلال خمس دقائق أطلب منه أن يرد الألعاب مثلما كانت في حالة الفوضى ثم نرتبها مرة أخرى وأساعده بالترتيب أو أخبر أخوه أن يساعده بالترتيب، وأحسب الوقت في الحالة الثانية فإنه سيكتشف بأن في حالة التعاون تم ترتيب الألعاب في وقت أقل قد يستغرق دقيقة واحدة بدل الخمس دقائق، وأوضح له أن من فوائد التعاون استغلال الوقت أو أن أعرض عليه صور أو أفلام لرياضات مثل كرة السلة أو القدم وأوضح له كيف أن التعاون كان سببا للفوز، كل هذه الأفكار العملية تساعدنا في التغلب على سلوك الأنانية.

فغرس التعاون ونبذ الأنانية يكون بالأسلوب العملي والإيجابي وليس بالغضب والعصبية فلو رفض الطفل أن يعطى أخوته أو أصدقائه ألعابه أو حبة حلوى من الحبات التي بيده، فيكون علاج هذه المشكلة من خلال غرس قيمة التعاون وعدم الأنانية بإعطائه كيس من الحلوى ليقوم بتوزيعها على أصدقائه ثم نمدحه على فعله هذا، وحتى نعزز عنده قيمة التعاون وعدم الأنانية في حياته فنشركه بألعاب جماعية وليست فردية حتى تعزز عنده روح الفريق الواحد، ومن جانب آخر فإن رؤية الطفل للمربي بأنه متعاون وليس أناني أثره يكون أقوى من مائة تدريب وتمرين لغرس التعاون، فالتأثير بالمشاهدة والقدوة أثرها كبير بالإضافة إلي تجنب التدليل الزائد أو الإهمال الزائد فكلاهما يعزز قيمة الأنانية عند الأطفال، وتوجد الكثير من المواقع الالكترونية تحتوي على مجموعة من القصص تساعد الأمهات والآباء على غرس قيمة التعاون وعدم الأنانية مثل قصة (ذو القرنين) ففي هذه القصة تتجلى قيمة التعاون بوضوح فقد أعطى الله -سبحانه- ذو القرنين مُلكًا عظيمًا، فكان يطوف الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وقد مكَّن الله له في الأرض، وأعطاه القوة والسلطان، فكان يحكم بالعدل، ويطبق أوامر الله، وذو القرنين الذي قال الله عنه {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} فوجد هنالك قوماً متخلفين { قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} وعندما وجدوا فاتحاً قوياً، وتوسموا فيه القدرة والصلاح عرضوا عليه أن يقيم لهم سداً في وجه (يأجوج ومأجوج) الذين يهاجمونهم، ويعيثون في أرضهم فساداً، ولا يقدرون هم على دفعهم وصدهم وذلك في مقابل مبلغ من المال يجمعونه له من بينهم، وتبعاً للمنهج الصالح الذي أعلنه ذلك الحاكم الصالح من مقاومة الفساد في الأرض فقد رد عليهم عرضهم الذي عرضوه من المال، وتطوع بإقامة السد، ورأى أنّ أيسر طريقة لإقامته هي ردم الممر بين الحاجزين الطبيعيين، فطلب إلى أولئك القوم الذين لا يفهمون أن يعينوه بقوتهم المادية والعضلية {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}.

فالأطفال في العادة يحبون القصص ويعيشون أحداثها ويتخيلون أنهم بداخل القصة، فتوظيف مثل قصة (ذي القرنين) وغيرها من القصص التي تزرع قيمة التعاون وعدم التفرد والأنانية حتى مع الأشخاص الذين لا يفهمون تربى الطفل على التعاون ونبذ الأنانية، فاستغلال وقت الطعام أو الذهاب بالسيارة أو أثناء المشي مع الأبناء بذكر مثل هذه القصص تساهم في تربيتهم، ولكن أحيانا بعض الأطفال يكونوا مبالغين في قيمة التعاون لدرجة أنه لا يبقي لنفسه شيء وكل شيء يوزعه ويقدمه للآخرين وفي هذه الحالة لا بد أن نعلم الطفل التوازن أثناء التعاون ونضرب له الأمثال والقصص ليتعلم، ومن الأفكار العملية مشاركة الطفل في الأعمال الخيرية والتطوعية والإغاثية فإن مثل هذه المشاركة تربي عنده حب العطاء والتعاون وتعالج سلوك الأنانية.

*جاسم المطوّع

 

 

 

2022/04/18

منها ’العصبية’ و ’التفرقة’.. 5 حالات تخسر فيها ابنك!

قال بنبرة حزينة: لقد خسرت ولدي، قلت له: كيف؟ قال: كان ابني يحترمني ويقدرني إلى أن وصل لسن البلوغ فتغير عليّ واكتشفت أن ولدي ليس بولدي، وكأنه جاء من بيت آخر غير بيتنا، وأخلاقه تختلف عن أخلاقنا، وسلوكه يختلف عن سلوكنا، ولا أعرف سبب هذا التغيير.
[اشترك]
 قلت: هل أنت شاركت بتربية ابنك؟ قال: أنا طلقت أمه لما كان عمره خمس سنوات، وبعدها صار يتنقل بيني وبين أمه، فتزوجت بعدها بامرأة أخرى وأمه كذلك تزوجت من رجل آخر، فهل ما فعلناه سببا في خسارتنا لابننا؟ قلت: يكون ما فعلته خطأ لو أنت وأمه أهملتم تربيته ويكون قراركما صحيحا لو أحسنتم تربيته، فكيف تعاملتم معه؟
قال: الصراحة نحن لم نحسن تربيته ولم نهتم به، وكل واحد منا كان مشغول بدنياه وبزواجه الجديد، وصار الطفل بيننا كأنه غريب، قلت: إذن هذا هو السبب في خسارتك لابنك، فالأطفال وهم صغار يتعلقون بوالديهم ويشعرون بأن الوالدين هما مصدر الأمان والراحة والطمأنينة، فإذا لم يشعر الطفل أثناء صغره بهذه المشاعر فإذا كبر إما أنه يهمل والديه أو أنه ينتقم منهما أو أنه يتمرد عليهما لأنهما لم يحسنا تربيته، وربما هذا ما تعيشه أنت مع ولدك اليوم، قال: وهل ممكن اصلاح الوضع بخسارة ابني وتدارك ما فات؟ قلت: نعم، ولكن لا تتوقع أن النتائج تكون إيجابية بشكل سريع، فالمسألة تحتاج إلى وقت لإصلاح الإهمال التربوي لولدك، وحتى تعالج المشكلة لابد أولا أن تكسب ثقته من جديدة ثم تصادقه وتتعامل معه بطريقة محترمة ولطيفة حتى يحبك وبعد ذلك تستطيع أن تؤثر عليه وتغير سلوكه، قال: إذا عليّ أن أبذل الجهد الآن بثلاث خطوات، الأولى كسب الثقة والثانية حسن المعاملة والثالثة السعي لتغيير السلوك الخاطئ، قلت : نعم صحيح، ولو تستطيع أن تقنع أمه كذلك بأن تعامله بالخطوات الثلاث هذه يكون أفضل حتى تعجل علاج المشكلة، قال: سأحاول إن شاء الله ولكنها غير متعاونة معي.
قلت: هل تعلم متى يخسر الوالدين أولادهما؟ قال: أكيد إحدى هذه الحالات الحالة التي أعيشها أنا بالإهمال التربوي بعد الطلاق، قلت: نعم صحيح، وهناك أربع حالات أخرى، قال: ما هي؟ قلت: الحالة الثانية عندما يعتمد الوالدين الأسلوب العصبي والغاضب في التربية، فالعصبية لا تربي الأطفال بل تجعلهم عصبيين وتغرس فيهم الكراهية للوالدين، ولكن الذي يربى الأبناء أسلوب الحوار والتفاهم، وكم من حالة عشتها لأولاد هربوا من بيوت آبائهم بسبب كثرة عصبية الوالدين وصراخهم وضربهم لهم، والحالة الثالثة التي تخسر فيها ابنك عندما تفرق بين الأبناء في المعاملة سواء بسبب العمر أو الجنس أو من أبنائك من زواج آخر، فتفرق بينهم لأن هذا صبي وهذه بنت أو تفرق بينهم بسبب العمر من غير ما تبين سبب التفرقة، ولعل قصة يوسف عليه السلام مع أخوته خير دليل على هذا الموضوع، والحالة الرابعة التي تخسر فيها ابنك عندما لا تحترم رأيه ولا تسمع له وتكثر من انتقاد شكله أو طريقة كلامه أو لباسه أو تصرفاته فيتجنب الطفل والديه في مثل هذه الحالات لأنه يشعر بأنه غير محترم في بيته، وغالبا مثل هؤلاء الأبناء يتعرفون علي أصحاب سوء ويتمسكون بهم لأنهم يجدون الاحترام والتقدير لشكلهم وكلامهم أكثر من والديهم،
أما الحالة الخامسة والأخيرة التي تخسر فيها ابنك عندما لا تكون قدوة أمامه فيجدك تأمره بأمر وتخالفه أو يكتشف أن أحد الوالدين يرتكب شيء مخالف للأخلاق والآداب أو يرتكب المحرمات فتسقط الهيبة التربوية من الوالدين تجاه الأبناء، ويتمرد الأبناء في مثل هذه الحالات لأنهم لا يرون آباؤهم قدوة لهم، فابدأ من اليوم صادق ابنك وجدد الثقة مع حتى لا تخسره.
*الدكتور جاسم المطوّع

 

2022/03/20

التربية العشوائية.. أبناء حسب الظروف!

التربية العشوائية هي أن تربي أبناءك "على مزاجك"، أو وفقا لما تربيت أنت عليه، وفي الغالب هي مزيج بين الاثنين، فالأزواج الجدد غالبا ما يتسامرون حول الأسماء التي يودون منحها لأطفالهم.

[اشترك]

 تحكي الزوجة لزوجها عن مدى حبها للأولاد وأنها تود أن ترزق بولد يشبه أباه لأنها تحبه كثيرا، أما الزوج فيحدث زوجته عن أمنيته في أن يرزقه الله بابنة، لأن البنات أحن على الآباء من الصبيان.. ثم إن البنت قد تدخل أباها الجنة إذا أحسن تربيتها.. لكن هل يتحدث الوالدان عن طريقة تربية الأبناء؟ وهل يأتي الزوج بكتاب عن تربية الأبناء كي تقرأه الأم قبل وضعها.

آباء وأبناء

تقول سميرة 25 سنة: أنا أحب الأطفال بشدة، وأتمنى من الله أن يرزقني بطفلة جميلة لأنني سأقوم بتربيتها كما تربيت، فقد رباني أبواي والحمد لله أحسن تربية، على القيم والأخلاق الحميدة.. ولكني فقط خائفة ألا أنجح في تربية ابنتي كما رباني أبواي.

أما محمد فيقول: بالطبع التربية مهمة المرأة.. فالأب غالبا خارج المنزل، والأم هي المكلفة بتربية الأبناء، وإذا طلبت زوجتي كتابا يتحدث عن كيفية تربية الأبناء سأعطيها المال لتشتريه.. فلا مانع لدي في أن تقرأ زوجتي عن تربية الأبناء.

ومن جانبه يقول هاني: بالطبع لا أريد أن أربي أبنائي تربية عشوائية، ولكني في نفس الوقت لن أربي أبنائي وفقا للنظريات الحديثة الخاصة بعدم ضرب الأبناء نهائيا وعدم تعريضهم لأي مواقف صعبة، فأنا أعمل مدرسا وأعلم جيدا أن الأولاد إن لم يتربوا جيدا فإنهم سيخرجون للمجتمع لا يهمهم شيء، وهنا سينطبق المثل القائل: "على نفسها جنت براقش"، على آباء هذه الأيام.

وأخيرا كان لـ "هناء" هذا الرأي: أربي أبنائي بشكل جيد، وأحاول أن أتبع كل ما أقرأه عن التربية الجيدة والمناسبة لأطفال هذا الزمان، ولكني في حالات الغضب أو الضغط لا أستطيع أن أتبع هذه الأساليب التي "تفقع المرارة"، فأبنائي أشقياء وأحيانا لا يصلح معهم إلا الحزم والتهديد والصراخ، أما في حالتي الهادئة فإنني أعاقبهم كما يقول الكتاب.

حكاية مجتمع

وفي تعليقها على هذه الآراء تروي فاطمة المهدي، المستشارة التربوية، قصة مجتمعنا العربي من خلال قصة صديقتها فتقول: سألتني صديقة: هل للزواج الناجح شروط؟ أجبت: بالطبع، وكيف لا؟ ثم أعددت لها شروط الزواج الناجح.. ومرت الأيام.. وتزوجت صديقتي.. فرحت لخبر حملها الأول، ووضعت صديقتي مولودها.. ومرت الأيام.. والسنون، وانتظرت أن تسألني صديقتي عن شروط التربية الناجحة، لكنها لم تفعل.. التزمت الصمت أو آثرته أو هكذا هي فهمت أنها بمجرد الزواج والإنجاب فكأنما وصلت إلى غايتها الكبرى في الحياة، وجاءت اللحظة التي كنت أتوقعها منذ فترة.. "صديقتي تعاني في تربية ابنها".. (لا تعلم كيف تواجه عناده- احتياجاته العمرية- لا تعلم كيف تتواصل معه فهو على حد تعبيرها أفقدها صوابها).

تستطرد المستشارة فتقول: سألت نفسي نفس السؤال الذي يراودني عند حل كل مشكلة: فنحن في بلادنا نقوم بالتحضير ليوم الزفاف، الضيوف، فستان ليلة العمر، مكان الفرح، حتى أننا نرتب للطعام الذي نأكله في هذا اليوم قبلها بفترة ليست بقصيرة.. ولكننا في المقابل للأسف لا نطلع على كتالوج الزواج الناجح، ومن ثم التربية الناجحة.. ننسى أو نتناسى أو تلك هي ثقافة مجتمعاتنا التي نصر كتربويين على محاولة تغييرها، وكأننا نسبح ضد التيار.

لماذا لا نطلع على كتالوج التربية قبل الزواج وقبل الحمل أو حتى قبل الوضع؟ فنحن نذهب للطبيب عندما نعاني ألما، وإلى الطبيب النفسي عندما تنتابنا مشكلات نفسية، لكننا وللأسف لا نتبع تلك القاعدة التي نرددها ليل نهار: "الوقاية خير من العلاج".

فتلك المقولة لا تتعدى طرف اللسان، ولا نحاول أبدا أن نطبقها إلا بعد أن تقع الكارثة.

أما بالنسبة للمصطلحات الخاصة بالتربية العشوائية والتربية المنظمة والتربية العلمية، فهي في حقيقة الأمر قد تكون مصطلحات متعارف عليها في مجتمعاتنا بالاسم، ولكننا نراها رأي العين عمليا في بعض الأسر، وأكثرها على الأغلب "التربية العشوائية"، وبالرغم من اختلافي مع التربية العشوائية - رغم أنها الأكثر انتشارا- إلا أنني لست مع التربية العلمية أيضا، لأن أنجح طريقة في التربية هي "التربية الناجحة أو الفعالة"، ولأن هذا المصطلح كبير ومطاط فهناك آباء يرون أن النجاح هو إلحاق أبنائهم بمدارس أجنبية تلبي لهم كل احتياجاتهم التربوية والتعليمية، وهناك آباء يرون أن النجاح هو نجاح الدراسة.. وهناك من يرون أن النجاح هو أن يحصل أبناؤهم على ميداليات وشهادات تقدير في الرياضة التي يلعبونها.

وتكمل كلامها فتقول: إن التربية الناجحة لا تأتي بالاطلاع على الكتب العلمية أو الدورات التربوية فقط، ولا تأتي بالتعنيف والضرب، إنما تأتي بالتواصل الحميم مع الأبناء، هذا التواصل الذي يحوي بين طياته الرفق في بعض الأمور والحسم في أمور أخرى.. تأتي تلك التربية بالتوجيه السليم في الوقت المناسب، لن تأتي تلك التربية إلا من أب وأم واعيين لدورهما جيدا.. يمسكان العصا من المنتصف، مشاعر حب ومودة وتوجيه وحزم في آن واحد.. وأخيرا فلابد أن يعلم جميع الآباء أن التربية الناجحة تحتاج إلى جهد ووقت وصبر.

تعريفات هامة

ومن جانبها تقول أميرة بدران، الأخصائية النفسية: إن التربية العشوائية هي تربية تلقائية لا تركيز فيها إلا على سد الاحتياجات الأساسية بشكل كبير من طعام، وشراب، وملابس، وتعليم قدر الإمكان، وغيره من الأساسيات، يكون فيها الأب والأم في حالة دأب على تلبية كل المطالب بحب كبير للأبناء ناتج عن طبيعة فهمهم للمسئولية تجاه الأبناء، والمتمثلة من وجهة نظرهم في تلك الأساسيات، ومنها أن الوالديّة عطاء وتضحية؛ لذلك فإن هذا النوع من التربية ينتج لنا أبناءً حسب ما تجود به الظروف المحيطة.. فقد يكون مساندا لتلك التربية العشوائية مناخ صحي وصحبة جيدة، فتكون شخصيات الأبناء في حالة من التكيف الجيد مع العلاقات الخاصة بالمجتمع، والذات، والمستقبل.

أما إذا كان المناخ المصاحب لهذه التربية غير صحي، بالإضافة إلى صحبة السوء وضعف السلطة الوالديّة - حيث إن هذا النوع من التربية يعتمد على عطاء الأبوين وحبهما - فإنه قد ينحرف الأبناء ولكن بمستويات متفاوتة حسب الخبرات والظروف.

وتضيف أميرة قائلة: إن التربية العشوائية توفر عنصر مهم جدا من عناصر الحاجات الأولية للتربية، ألا وهو الحب والرعاية التي توصل للابن رسالة مهمة جدا له في الحياة، وهي أنه شخص محبوب ويستحق الاهتمام، فيثق الابن في نفسه رغم غياب الرعاية النفسية المتخصصة في التعامل مع مراحل العمر المختلفة للأبناء، وتتوقف بشكل كبير على الوالدين وفهمهم للتربية ونظرتهم لها، فنجد مثلا نماذج مثل طه حسين، وزويل، والشعراوي، أبناء لتلك التربية.. وفي المقابل نجد "التوربيني"، وأطفال الشوارع هم نتاج لنفس التربية التي تتوقف في كل الأحوال على طبيعة فهم وإدراك الوالدين للتربية من وجهة نظرهم.. ويمكن القول إن التربية العشوائية كالبطيخة "اما تصيب او تخيب" (أي: أصابت أو خابت).

أما بالنسبة لنوع التربية الآخر المعروف بالتربية "النفسية"، والتي يتعامل فيها الآباء بحرص شديد وفقا للتعامل السليم من الناحية النفسية ومواجهة مشكلات الأبناء، فإن هذا النوع من التربية قد وجد في المستويات الاجتماعية العليا، وغالبًا ما يكون الوالدان على درجة ثقافية جيدة جدا ويتبعون كل ما يشير له علماء النفس في التربية، وهي تنتج لنا أبناء ناجحين على المستويات العلمية والاجتماعية، ولكنها تفتقر لدرجة كبيرة نسبيًا للوجدان والعاطفة، فنجد الأبناء يتعاملون مع كل شيء، سواء أنفسهم أو علاقاتهم الاجتماعية أو الدراسية أو غيره، وفقا لكتالوج "ما يجب أن تكون عليه الأمور"، والذي يعرفونه جيدا وكأنهم آلات تفتقر للمرونة، وهؤلاء الأبناء يكونون على درجة كبيرة من الحذر والحفاظ على ارستقراطية العلاقات.

أما التربية "المتوازنة" فهي فعلا تلك التربية التي تأخذ من مميزات كل نوع من أنواع التربية وتتفادى عيوبها قدر الإمكان، فتوازن بين العطاء والتدليل، وبين القسوة والحزم، وبين السيكولوجية والوجدان، في إطار شامل للدين ودرجة مقبولة من المرونة التي تسمح ببناء شخصية الابن بشكل سوي قدر الإمكان، والتي توفر عنصر الاحترام والمصداقية والمرجعية الناضجة.

ولم تتوفر أي إحصائيات يمكن الاستناد عليها حتى الآن بخصوص التربية الشائعة في الوطن العربي، ولكنها تتراوح بين التربية العشوائية والتربية القاسية والنفسية بقدر تقدم البلد العربي وثقافته المتغلغلة فيه.

*ليلى حلاوة

2022/03/10

كيف تؤثر الأخبار السياسية على تربية الأبناء؟
خبر عاجل، آخر خبر، مصادر رسمية مقربة، تسريبات، تحليل، مواجهة، مؤتمر صحفي، فضائيات، انترنت، تويتر، فيسبوك، انستغرام، مدونة، يوتيوب، رسالة قصيرة، وتس أب، شاهد عيان وعبارات كثيرة من مستجدات الأحداث كلها تركز على الجانب السلبي للأحداث السياسية فتؤثر في طريقة تفكير الناس وأخلاقهم.

[اشترك]

والتربية هي نتاج ما يعيشه الوالدان من ظروف سياسية واقتصادية واعلامية فعندما يعيش الوالدان في مجتمع فيه ظلم في توزيع الثروات ويقدم فيه القوي على صاحب الكفاءة والغني يحقق ما يريد بينما الفقير كل الأبواب مغلقة في وجهه والإعلام يبث فنونه ليل نهار والنشرات السياسية عبارة عن (خبر عاجل) على مدار الساعة ورسائل خفية تشجع التخلي عن القيم والأخلاق حتى يكون الإنسان ناجحا في الحياة.

إن مثل هذا الواقع الذي يعيشه الوالدان يعكس على نفسيتهما التوتر والغضب والسخط على واقعهما فيتحول هذا السخط الداخلي إلى قيم وأمثال تربوية تنعكس على الأبناء مثل (إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب) واستخدام سياسة العنف للمطالبة بالحقوق، وعدم احترام من أمامنا لأن الناس ما تحترمنا، والدنيا كلها فرص فاحرص على اقتناص الفرصة مهما كان الثمن ولو استخدمت الرشوة أو الغش أو الخداع فهذه كلها قيم تربوية سلبية ومدمرة للجيل.

تربويا ينبغي ألا نتأثر بكثرة الأخبار عن الفساد والظلم فنربي أبناءنا ليكونوا مفسدين وكاذبين حتى يتعايشون مع واقعهم وكما قيل (حشر مع الناس عيد) بل نغرس فيهم أن يكونوا كالشامة بين الناس بأخلاقهم وقيمهم ونعزز فيهم الشخصية المبادرة بالخير وحب التغيير والإصلاح مهما كثر الفساد في المجتمع وأن يكونوا صادقين مع الكاذبين وعادلين مع الظالمين وأن يشتروا رضا الله لا رضا الناس.

فكثير من البيوت تربي أبناءها على هذه القيم فإذا ما أضفنا عليها ما تتبناه نشرات الاخبار السياسية ووكالات الأنباء من منهجية في بث الرسائل السلبية فإن هذا يعطينا خلطة تربوية معقدة ينتج عنها جيل مهلهل ضعيف لا يعطي للقيم الأخلاقية مكانة ولا أولوية بل يعتمد في حياته على أسلوب (اضرب واهرب) أو (كن ذئبا حتى لا تأكلك الذئاب).

ولو تأملنا في منهجية الأخبار السياسية ووكالات الأنباء فانهم يعتمدون سياسة اظهار الجانب السلبي للخبر ويقدمون لنا الوجه المظلم للدنيا فيبثون كل ما هو دموي ومأساوي ويثير الرعب مثل التفجيرات وصور القتلى والأشلاء والكوارث الطبيعية وتحطم الطائرات والصراعات السياسية والاقتصادية والضرب والشتم في المجالس البرلمانية والحروب الخفية بين الأحزاب السياسية كما أنهم يركزون على عرض الخلافات التي لا يمكن تسويتها ولا يركزون على الجوانب الايجابية الكثيرة في الدنيا.

هذا في الجانب السياسي أما في المجال الاجتماعي فإنهم يروجون للحياة الحميمية للمشاهير والفضائح الجنسية للرموز والسقوط في حبائل التحرشات الجنسية والمخدرات ونشر فضائح لكبار السياسيين ورجال الأعمال والقياديين وترويج مفهوم التلصص لمعرفة الأخبار الخاصة بهم ويكون الخبر صيده في عرف الإعلاميين كلما كان مثيرا وغير متوقع ولو كان غير أخلاقي.

مثل هذه المفاهيم تساهم بنشر قيم سلبية كثيرة في المجتمع منها أن الطريق السريع للنجاح السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي هو الخداع والغش والكذب والتلاعب كما يتم ترويج معاني كثيرة بغير مسمياتها مثل الكذب يسمي دبلوماسية والخداع والغش يسمى شطارة والتلاعب والغبن يسمى ذكاء وأخذ حقوق الناس يسمى استغلالا للفرص والرشاوى تسمى هدية أو أتعاب تخليص المعاملات والعلاقة العاطفية في غير إطار الزواج تسمى صداقة والشذوذ يسمى علاقة مثلية وغيرها من الأمثلة الكثيرة.

ولهذا لابد أن تكون لدينا جهود للتوعية في كيفية التعامل مع الأخبار السياسية والقيم المجتمعية وفلترتها صحيا وشرعيا وتحديد وقت باليوم لمتابعة الأخبار حتى لا تؤثر على حياتنا فنصبح مدمني أخبار فنحن لا ندعو إلى ترك المتابعة الاخبارية ولكن نريد ترشيد المتابعة وأن تكون بوعي ونظام واختيار القيم الصحيحة والمفاهيم السليمة والتمييز بين الغث والسمين.

أما تربويا فينبغي أن لا نتأثر بكثرة الأخبار عن الفساد والظلم فنربي أبناءنا ليكونوا مفسدين وكاذبين حتى يتعايشون مع واقعهم وكما قيل (حشر مع الناس عيد) بل نغرس فيهم أن يكونوا كالشامة بين الناس بأخلاقهم وقيمهم ونعزز فيهم الشخصية المبادرة بالخير وحب التغيير والإصلاح مهما كثر الفساد في المجتمع وأن يكونوا صادقين مع الكاذبين وعادلين مع الظالمين وأن يشتروا رضا الله لا رضا الناس فرضا الناس غاية لا تدرك ورضا الله غاية تدرك ونذكر لهم نماذج نجحت في تغيير المجتمع الفاسد كيوسف عليه السلام حقق العدالة والاصلاح والسيرة النبوية فيها قصص كثيرة في تغيير المنكر (...) إنها تربية صعبة ولكنها ليست مستحيلة.

جاسم المطوّع
2022/03/07

لماذا لا تصبر بعض الأمّهات على تربية أبنائهن؟ .. 4 خطوات لامتلاك ’طول البال’!

الصبر على الأبناء ضرورة تربوية

الأم الحنون هي الأم التي تستطيع أن تتشبث بالصبر إلى أقصى مدى ممكن في تعاملها مع الأطفال، لأن الصبر وطول البال والقدرة على الاحتمال تكون المفتاح الرئيسي لتربية الأبناء بصورة صحيحة، وبدون هذا الصبر لن تستطيع الأم أن تخلق قنوات التواصل المستمرة مع أبنائها وبالتالي ستعجز عن غرس أية قيمة أو معنى تربوي في نفوسهم.

[اشترك]

ولكن هل الصبر في التعامل مع الأطفال أمر سهل هذه الأيام؟ الحقيقة أن هذه السمة أصبحت نادرة ولا تتمتع بها أغلب الأمهات في عالم اليوم؛ وذلك يرجع لأسباب عديدة، فما بين ضغوط الحياة والمسئوليات المتزايدة والخلافات مع الزوج أو العائلة، وما بين احتمال أن تكون الأم عاملة ومسئولة عن توفير دخل مالي لإعاشة الأسرة، ما بين كل هذه الأمور تفقد الأم ميزة الصبر في احتكاكها مع أطفالها.

إذا كنتِ حريصة كأم على أن تكون قضية تربية أطفالك قضية ذات أهمية كبيرة وحقيقية في حياتك ورسالة تؤدينها على الوجه الأكمل، فلابد أن تتعرفي على بعض الخطوات التي تساعدك على امتلاك ميزة الصبر وطول البال:

أولاً: تعلمي أهمية الصبر في معاملة الأطفال

الأطفال بطبيعتهم يحتاجون إلى أن تكون الأم حنونًا صبورًا، لأنهم يريدون أن يشعروا بحرية الخطأ، ومن خلال الأخطاء سيتعلمون الصواب، فلو كانت الأم شديدة العصبية، غاضبة طوال الوقت تشعر بالملل من كثرة الأخطاء التي يقع فيها أطفالها، فإن هذا يضع الأطفال في حالة من الخوف الدائم والقلق من رد فعل الأم، وبالتالي لا يكونون مؤهلين لاستقبال أي نوع من التوجيه أو التربية.

ثانيًا: حاولي أن تغوصي في أعماق طفلك

لابد أن تكوني قادرة كأم على إدارة حوار مستمر ومفتوح مع طفلك أو طفلتك، فتعلمين يوميًّا ما هي مخاوف طفلك وما هي آماله؟ ما الذي يمكن أن يؤلمه أو يشعره بالحزن؟ وما الذي يتمنى تحقيقه أو الحصول عليه؟ حاولي أن تستغرقي وقتًا وبطيب نفس وهدوء أعصاب في الاستماع إلى ما في داخل نفس طفلك، واعلمي أن مجرد قدرته على الكلام إليك والاطمئنان بفتح قلبه معك سيجعل مكانتك في قلبه تزداد ويشعر بالأمان في مكاشفتك بكل شيء، الأمر الذي يصبُّ في نهاية المطاف في صالح تربيتك له على الوجه الأمثل.

ثالثًا: لا تصدمي طفلك

إذا وجدتِ أن طفلك يريد أشياء غير مناسبة أو يرتكب أخطاء لا يمكن قبولها فحاولي ألا يكون رد فعلك سريعًا وصادمًا لطفلك، بل اتخذي قرارًا مسبقًا مع بداية كل يوم جديد بأنك ستتريَّثين قبل القيام برد فعل معين تجاه ما يصدر عن طفلك، وأنك تفكرين جيدًا ولو لدقائق قبل أن تقدمي على رد الفعل والتصرف المناسب، وثِقِي أن هذا سيمنحك فرصة كافية لكي يكون سلوكك مع طفلك غير صادم له، وبالتالي تستطيعين أن تتفادي حدوث أية هزات أو اضطرابات نفسية لديه.

رابعًا: اتركي لطفلك هامشًا واضحًا من الخطأ

لابد أن تسمحي لطفلك بأن يتعامل بنوع من الحرية داخل المنزل، لأنه يريد أن يتفتح على الحياة ويجرب الكثير من الأشياء ويتعرف على الكون من حوله، ولو كانت شخصيتك لا تتمتع بالصبر وطول البال فإن طفلك سيكون منطويًا خائفًا يخشى التجربة ويميل دومًا إلى الإحجام والتردد وعدم القدرة على المبادرة أو اتخاذ القرار، ومن ثم لابد أن تغيري من نفسك قليلاً لأجل مصلحة طفلك وأفسحي له مجالا لكي يتصرف بحرية، ولو صدرت عنه بعض الأخطاء فأصلحيها بهدوء من دون أن تصبي عليه غضبًا وعقوبات.

رسالة المرأة

2022/03/01

هل أصارح ولدي بـ ’علامات البلوغ’؟!

علامة للبلوغ صارح بها أبنائك

جاسم المطوّع:

هل تنتظر أن يسألك ابنك عن علامات البلوغ فتجيبه أم أنك تمتلك روح المبادرة وتتحدث مع ابنك قبل بلوغه عن المرحلة المقبلة في حياته؟

[اشترك]

إذا كنت من الصنف الأول فقد تكون قد خسرت ابنك تربويا في أهم مرحلة انتقالية في حياته، لأن هناك من سيسبقك في توجيه ابنك مثل الأصدقاء أو النت أو شبكات التواصل الاجتماعي أو فضول ابنك الطبيعي فيسأل من يثق به وقد يتلقى بعض المعلومات غير الصحيحة، فلابد أن تكون لديك الجرأة في الحديث والمبادرة واستباق الحدث في الحديث مع ابنك أو ابنتك ليتعاملوا مع التغييرات الجسدية والنفسية بطريقة صحية، ربما المبادرة بتعليمه تكون ثقيلة عليك ولكن لابد أنك تعرف بأن زمانه يختلف عن زمانك

ولعل أهم معلومة ينبغي أن تعلمها ابنك وهو مقبل علي مرحلة البلوغ هي أنه صار مكلفا ومسؤولا عن جميع أعماله، وأنه يتحمل مسؤولية أخطائه سواء كان الخطأ في حق الله أو في حق نفسه أو في حق الناس، لأن مرحلة البلوغ تعنى الاستقلال وتحمل المسؤولية وهو ما نعبر عنه بالفقه الإسلامي (بسن التكليف)، فالبلوغ يعنى نزع ثوب الصغار ولبس ثوب الكبار، فلا تنتظر طفلك يأتيك ويسألك عن التغييرات في جسمه، بل أنت بادر في تعليمه من سن التاسعة بعلامات البلوغ، (...) سيما وأن بعضهم يبدأ مبكرا قبل العمر المتعارف أو بعضهم يتأخر إلى سن ال 15 أو 16، ولكن في كل الأحوال ينبغي أن يتحدث الوالدين مع أبنائهم بصراحة تامة ولا يخفون عنهم معلومة، حتى يتقبل الطفل مرحلة البلوغ وهو مستقر نفسيا ومطمئن ويحسن التعامل مع مخاوفه وقلقه

وهناك (13) معلومة مهمة ينبغي أن نصارح أبنائنا بها، وهي أن ثدي البنات يبدأ يكبر تدريجيا، ويلاحظ أن شعر الساق صار أكثر سمكا، ويزداد ظهور الشعر في الجسم فيظهر في أماكن بالجسم لم يكن بها شعر في السابق، ويبدأ ظهور حب الشباب في الوجه أو في الجسم ويزداد التعرق عندهم فتكون لأجسادهم رائحة، ويكون لديهم طفرة في النمو سواء في الطول أو في الوزن وتتغير أصوات الأولاد وينمو شعر الوجه عند الذكور بالذات وتكبر عضلاتهم، وتأتي الدورة الشهرية عند البنات فتشاهد خروج الدم، أما الأولاد فيخرج عندهم السائل وخاصة وقت نومهم، فهذه هي ال (13) علامة للبلوغ التي لابد أن تصارح بها ابنك قبل أن يبلغ حتى يحسن التعامل معها.

ومهم جدا أن تكون قريب من ابنك وقت البلوغ، لأن هذه المرحلة الجديدة في حياته قد تشعره بالمخاوف من التغييرات التي يشاهدها في جسمه فتطمئنه وتجيبه علي كل تساؤلاته، وجميل أن تخبره عن نفسك عندما كنت في عمره وتبين له كيف تعاملت مع مرحلة بلوغك حتى يرتاح نفسيا ويطمئن أكثر، وتخبره بأن هذا أمر طبيعي ورسالة من رب العالمين ليخبرك بأنك صرت مسؤولا عن جميع أعمالك، وأن عقلك اكتمل وقراراتك في الحياة صارت ناضجة، فلو أخطأت فإنك تحاسب على خطأك، وأن القلم كان مرفوعا عنك ولكن الآن وبعد بلوغك صارت الملائكة تكتب أعمالك،

ولعل أكبر مشكلة يعيشها الأطفال وقت بلوغهم هي عدم قبول شكلهم بسبب التغييرات الجسدية التي تحدث وقت البلوغ ، وخاصة إذا رافق التغيير تغيير الحالة المزاجية عندهم بسبب التغييرات الهرمونية وطفرات النمو، فكل شخص يمر بهذه التغييرات ولكن ليس بالضرورة تكون الأثار النفسية والعاطفية واحدة، فبعض الأولاد أو البنات يفضل العزلة والانطواء ويعتقد بأن الناس تراقب التغييرات بجسده، وبعضهم يميل لكثرة النوم وبعضهم يضعف مستواه الدراسي وغيرها من الأعراض المؤقتة لهذه المرحلة، وهنا يأتي دور الوالدين في توجيه الابن وحسن تربيته، وكذلك تفهم المرحلة التي يمر بها فيساعده ويقف معه حتى يتجاوز مرحلة البلوغ.

2022/02/28

حلول ذكية لـ ’شجار الأطفال’ في البيت

جاسم المطوّع:

صراخ وضرب وشتم وبكاء بين الأخوة وخاصة الأطفال في البيت، هذا ما يحدث كل يوم في كل بيت ولكن السؤال المهم هو كيف نتعامل مع هذه الشجارات اليومية حتى لا تسبب قلق وإزعاج للوالدين؟

[اشترك]

 هذا السؤال يعرض عليّ كثيرا من الأمهات والآباء وفي هذا المقال سأقدم عدة أفكار وحلول عملية لإدارة الشجار بين الأبناء بطريقة إيجابية، ولكن مهم أن نعرف بالبداية إن الشجار مفيد لو استثمرناه بطريقة إيجابية، لأننا نستطيع أن نعلم الطفل كيف يضبط نفسه وقت الشجار ويتحكم بأعصابه فلا يغضب أو يصرخ ويكون متعاونا مع أخيه فيفكر في كيف يتعاون ويعالج المشاكل بدل من الشجار فيستخدم عقله أكثر من استخدام عضلاته، حتى لا يتحول الشجار إلى عداوة وكراهية وانتقام.

أما لو حصل الشجار فالسؤال المهم هو متى نتدخل بين الأخوة لفض الاشتباك والشجار، فالأصل ألا يتدخل الوالدين ولكن في حالة لو تحول الشجار إلى اعتداء جسدي أو ضرب يدوي أو شتم وصراخ بصوت عالٍ، ففي هذه الحالات لا بد من التدخل لإيقاف الشجار، أما لو كان الشجار ليس فيه هذه الممنوعات فنتركهم يتشاجرون ويتصارعون ونراقبهم من بعيد، حتى نعودهم على مواجهة مشاكلهم لوحدهم، وفي حالة التدخل من الوالدين فينبغي أن يحافظوا على هدوئهم قدر الإمكان، فضبط النفس أحيانا يكون صعبا ولكن هذا هو الصواب حتى نكون ناجحين تربويا، ففي كل بيت فيه أخوة يحدث فيه شجار وهذا أمر طبيعي، ولكن محاولة إيقاف الشجار صعب لأن هناك أسباب كثيرة للشجار، منها أن الشجار قد يكون بدافع الغيرة بين الأخوة وخاصة إذا شعروا بأن هناك فرقا في المعاملة من الوالدين، أو قد يكون للفت نظر الوالدين ليهتموا بهم لأنهم لم يتم إشباعهم عاطفيا بالكلام واللمس والحضن وهذه مسألة أساسية لاستقرار نفسية الطفل، أو قد يكون تقليدا من الأخ الأصغر للأكبر أو قد يكون السبب اللعب والترفيه أو ربما لم يتعلموا المشاركة وخاصة إذا كان الشجار علي لعبة مثلا، أو قد يكون الطفل نشأ في بيت فيه عنف أسري ويشاهد العنف من الأب تجاه الأم أو من الأم تجاه الأبناء فيتعلم العنف في حياته ويكون جزء من شخصيته.

ومن الحلول الذكية إنك تراقب الشجار من بعيد حتى تعرف من المعتدي والمخطئ، لأنه في الغالب سيأتون يشتكون عندك وكل واحد سيقدم أدلة تفيد ظلم الآخر له فتكون لديك المعلومة من المعتدي وتتصرف وقتها، وإذا لم تعرف من المعتدي أستثمر هذا الشجار ليكون فرصة للتربية على أن يقدموا لك الحلول المستقبلية للمشكلة حتى لا تتكرر المشكلة، وأحرص أن توجههم بهدوء من غير صراخ أو ضرب أو عصبية، وعاملهم بإنصاف فلا تقف بصف الصغير لأنه صغير فقد يكون هو المعتدي ولكن قف بصف المظلوم ضد الظالم، وناقشهم بأفكارهم التي دفعتهم للشجار، فلو تمسك أحدهم باللعبة وكانت هي سبب الشجار، فقل له هل من العدل أنك تأخذ اللعبة طول اليوم، وبين له كيف يكون عادلا في تعامله مع أخيه، وشجع التعاون والمحبة بين الأخوة.

وإذا استمر الشجار فضع له قانونا، مثل أن هناك ممنوعات أثناء الشجار منها الضرب والعض والرفس والشتم وهكذا، وأما المسموح فالحوار والنقاش والمصارعة الجسدية من غير التعرض للوجه والأماكن الحساسة في الجسم، ولعل من أهم الحلول أن يعطي الوالدين من وقتهم للأطفال ويشبعونهم عاطفيا لأن الإشباع العاطفي يجعل النفس مستقرة ومطمئنة، وإذا أردت أن تنتقد فانتقد السلوك لا الطفل وإذا رأيت منهم تعاون فامدح هذا التعاون حتى تعزز روح التعاون والمحبة عندهم، فهذه مجموعة حلول في التعامل مع الشجار حتى ندير الشجار بطريقة إيجابية ونستثمره في حسن تربية الطفل.

2022/02/24

هل سمعتم من قبل بـ ’المراهقة المتأخرة’؟

المراهقة: مراحلها وأبرز مشكلاتها

 عبد الرحمن حمزة:

اشتقت كلمة المراهقة من فعل لاتيني وهو adolescere، والذي يعني عملية التدرّج في النضج الجنسي والعقلي والبدني والانفعالي.

[اشترك]

 ويمكننا إطلاق هذا المصطلح على المرحلة العمرية التي دخلت سن البلوغ، وصولًا إلى سن الرشد، في هذه المرحلة تُعاد هيكلة وتنظيم النفس والعقل لدى المقبل عليها، وصولًا لمرحلة من الرشد المطلوب لمواجهة مصاعب الحياة، ومن المهم التفريق بين مصطلحين يخلط بينهما كثير من الناس، هما البلوغ والمراهقة، إذ يعرّف البلوغ بأنه نضج في الغدد التناسلية وحصول الطفل على معالم جنسية تنقله تلقائيًا بين مرحلة الطفولة والشباب، أما عند الحديث عن المراهقة فلا بد من الإشارة إلى أنها أوسع من ذلك، فهي أشبه ما تكون بالنسيج المتشابك، كما أنها بُنية معينة تتفاعل فيها كافة العناصر، من أعضاء وجوانب نفسية وجوانب اجتماعية ضمن ثقافة معينة، وبأغلب الأحيان تكون ثقافة المجتمع المعاصر.

مراحل المراهقة تقسم المراهقة إلى ثلاث مراحل على النحو التالي:

المراهقة المبكّرة: والتي تبدأ من عمر الحادية عشرة وتستمر حتى الرابع عشرة، وهي مرحلة حرجة كون المراهق يمر بتغيرات كثيرة ويتأرجح ما بين الرغبة في الاستقلال ومعاملته كالكبير، وبين نيل اهتمام ودلال الأهل، وهنا تكمن صعوبة إرضائه، وتعرف هذه المرحلة باسم حب الشباب، إذ يشعر الفرد بانعدام الثقة بالنفس جراء التغيرات الخارجية على المظهر لا سيما في ظل قناعته التامة بأن الجميع يراقبه، وينظر إليه، وتتبلور حاجة المراهق في هذه المرحلة إلى المزيد من الحرية في أمور عديدة، ويتجلى ذلك برفض أفكار ومعتقدات المجتمع المحيط، والعصبية والتوتر، واكتشاف الجسد، بالإضافة إلى حاجته الملحّة للحصول على الخصوصية والانفراد بالنفس، وجميعها أمور بسيطة لا تحتاج أكثر من الصبر والإصغاء وتنمية الشخصية المستقلة للابن.

المراهقة الوسطى: تبدأ هذه المرحلة من عمر الخامسة عشر وتستمر حتى السابعة عشر، وتتميز بشعور الفرد بالاستقلالية، وعليه فإنه يسعى لفرض شخصيته الخاصة وإثبات ذاته، وذلك من خلال تجريب أمور جديدة أو ممنوعة كالدخان، والكحول، والسهر إلى ساعات متأخرة خارج المنزل، ومصادقة أشخاص جدد غير محبذين من الأهل، ومن هنا تبدأ التصادمات مع الأهل كونهم يرفضون الانصياع وراء أفكاره، وتجدر الإشارة إلى أن التغيرات الجسدية تظهر في المرحلة السابقة، بينما تتجلى هذه المرحلة في الاهتمام بلفت نظر الجنس الآخر.

المراهقة المتأخّرة: تبدأ من سن الثامنة عشر وتنتهي في الحادية والعشرين، وقد تمتد فترة أطول تبعًا لاعتماد الأبناء على الأهل في شؤون الحياة المادية والدراسية، وتتضح هوية وشخصية المراهق، فيشعر بثقة أكبر تجاه قرارته الشخصية، وقد تعود شريحة كبيرة من الأبناء إلى طلب النصيحة من الأهل.

خصائص مرحلة المراهقة

يتعرّض المراهق لعدد من التحولات البيولوجية، ينتج عنها نمو متنوع في مرحلة المراهقة، وهي:

النمو الجسدي: تظهر خلال هذه المرحلة عدة قفزات سريعة في النمو، تتعلق بالوزن والطول، في حين أن هذه التحولات تختلف بين الإناث والذكور، فخلال المرحلة الأولى تبدو الفتيات أثقل وأطول من الذكور، ويتعرض الذكور في هذه المرحلة لاتساع الكتفين مقارنة بالوركين، أما الإناث فيتسع لديهن الوركان مقارنة بالكتفين والخصر، كما أن الذكور في هذه المرحلة يتمتعون بسيقان طويلة عند المقارنة بكامل الجسد.

النضوج الجنسي: تُحدّد هذه المرحلة عند كل من الذكور والإناث بأمور معينة، فعند الذكور تكون أولى العلامات لهذه المرحلة زيادة في حجم الخصيتين، إلى جانب ظهور الشعر حول أعضاء التناسل، أما بما يخص الإناث فإن أول علامة لحدوث هذه المرحلة هي الدورة الشهرية، في حين أن هذه العلامة لا تعني ظهور خصائص جنسية ثانوية على الفتاة.

التغير النفسي: مع حدوث التغيرات الجسدية والتحولات الهرمونية خلال مرحلة المراهقة، تتأثر العلاقات الاجتماعية والمزاج والصورة الذاتية لدى الأفراد تأثرًا كبيرًا، وتختلف بين الذكور والإناث بين مشاعر جيدة وسيئة كذلك.

أبرز المشاكل في حياة المراهق

 تظهر تحديات كثير في حياة المراهق، وكلها قد تكون طبيعية إلى حد ما إذا تعامل معها الأهل بحكمة، فيما قد تتحول إلى مشكلة حقيقة على المدى البعيد إذا غاب دور الأسرة، ومن أبرز المشكلات ما يأتي:

- الصراعات الداخلية ما بين الاستقلال عن الأسرة على جميع الأصعدة أو الاعتماد عليها، وما بين صراع الطفولة أو متطلبات المرحلة الجديدة سواء مرحلة الرجولة بالنسبة للأولاد أو الأنوثة بالنسبة للبنات، بالإضافة صراع الطموحات الزائدة مقابل التقصير في الواجبات والالتزامات، وصراع الغرائز الداخلية مقابل العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع، ناهيك عن الصراع الديني ما بين المسلمات غير القابلة للنقاش مقابل الأفكار الناقدة والفلسفة الجديدة، وأخيرًا الصراع الثقافي بين الجيل الحالي والسابق.

- الشعور بالغربة جرّاء انعدام صلة التواصل مع الوالدين، أو انعدام الأمور المشتركة، فنرى المراهق يحاول جاهدًا وبشتى الوسائل والطرق الانسلاخ التام عن مواقف الأهل ورغباتهم، وهي وسيلة للتميز وإثبات الذات، وهذا بالطبع يستلزم معارضة توجيهات الأهل أو أي سلطة مفروضة؛ لأنه يرى نفسه قادرًا على مجاراة الراشدين وقدراتهم، وبالتالي فإن أي أوامر عليا ما هي إلا استخفاف بالروح النقدية لديه، من هنا تظهر مشاكل العناد والتمرد التي يتبعها تعصب وسلوك عدواني.

- العزلة الاجتماعية والتي تؤدي إلى الخجل من الناس ومقابلتهم والحديث معهم، وتظهر هذه المشكلة جرّاء الدلال الزائد من الأهل، وهو ما يُشعر المراهق بضرورة الاعتماد على الآخرين في حل أي مشكلات أو عقبات حياتية، في حين أن طبيعة المرحلة تتطلب الاستقلال والاعتماد على الذات، ومن هنا تظهر صراعات داخلية طويلة الأمد، ولا يجد لها المراهق حلًا إلا بالعزلة والانطوائية، معتقدًا أن الهرب ينهي المشكلة.

- السلوك غير السوي لتحقيق مقاصده الخاصة دون أيّ اعتبارات، فيلجأ نحو الصراخ، والشتم، والسرقة، وإتلاف الممتلكات، والخوض في جدالات تافهة، والتورط في المشاكل، وعدم الاهتمام بمشاعر الغير، وخرق حق الاستئذان، والعصبية، والعناد، وحدة الطباع معتقدًا أن العنف يحقق المطالب، وغير ذلك من السلوكيات المزعجة بالنسبة للآخرين، وتجدر الإشارة إلى ضرورة فهم طبيعة المرحلة بشكل أو بآخر، لأن السلوكيات التي ذكرناها آنفًا إنما مردّها بنسبة كبيرة إلى الهرمونات الجنسية، فمستوى الهرمونات المرتفعة تلعب دورًا كبيرًا في التفاعلات المزاجية وتتجلى في الصراع عند الذكور، والاكتئاب عن الإناث.

- الانحرافات الجنسية والميل إلى أفراد من نفس الجنس، بالإضافة إلى انحرافات الأحداث من اعتداء وسرقة، وهي مشاكل ناتجة عند غياب دور الأهل في تغذية روح المراهق، ويقصد بالتغذية الروحية إظهار الحب والعطف والحنان والرعاية لإشباع رغباته، وقد أوضحت دراسات أمريكية أن الشواذ جنسيًا عانوا من غياب دور الأب في الأسرة، فكانت الأم تقوم بالدورين معًا، ومن هنا فإنهم قد مالوا تلقائيًا إلى مخالطة النساء سواء أكانوا أمهات أو أخوات أكثر من الرجال، وهو ما تسبب في الشذوذ الجنسي على المدى البعيد.

2022/02/23

كيف نربي أبناءنا في ’الزمن الصعب’؟

 

سحر الشعير:

كيف نستطيع أن نربى أبناءنا تربية صالحة في هذا الزمان الصعب؟

[اشترك]

فيما يحيط بهم من أسباب الفتن والفساد وكيف نستطيع أن ننشّئهم على الصلاح والتقوى والاستقامة دون أن يتأثروا سلبياً بالمد الثقافي الهائل الوافد إلينا عبر القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت؛ حاملاً في طياته الغث والسمين من المواد المعروضة؟

لا نستطيع أن نحجب الأبناء وليس هذا هو التصرف السليم، ولكن لابد أن يبقى الوالدان هما المؤثر الأول في تشكيل شخصية الابن من خلال حصن الأسرة والمنزل، ولهما في ذلك وسائل كثيرة:

أولاً: اللجوء إلى الله تعالى والاستعانة به وحده في طلب هداية الأبناء وصلاحهم، وهذه هي صفة عباد الرحمن التي مدحهم الله تعالى بها في كتابه العزيز: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.

وأن يكون الأساس الديني والعقدي هو الأصل الذي ينطلق منه الوالدان في تربيتهما للأبناء، قال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

ثانياً: تربية الأبناء على مراقبة الله تعالى: وذلك من خلال غرس عبادة الإحسان في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم، وبذلك يتكون لدى الطفل الضمير الحي اليقظ، والرقيب الداخلي، فإذا شبّ الطفل على ذلك تكوّن لديه الضابط الذي يميز به بين ما هو نافع وما هو ضار، والذي سمّاه الله تعالى " فرقاناً " قال تعالى: يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً، قال العلماء في تفسيرها: فرقاناً تميزون به بين الحق والباطل.

ثالثاً: لابد أن يستشعر الوالدان مسئولية كل منهما عن دورهما العملي في تنمية الضمير لدى الأبناء، وذلك من خلال تصرفاتهما وسلوكهما الطبيعي بشرط أن يكون منضبطاً ومحافظاً على مركز (القدوة الحسنة)، لأن الطفل يتلقى هذا السلوك بطريقة تلقائية ومباشرة فينطبع داخله أن هذا هو السلوك الصحيح المنضبط، فيبدأ في تقليده ويحذو حذوه.

مثال: إذا ارتكب الطفل سلوكاً خاطئاً، فقام الوالدان بتوضيح الأمر له بهدوء مبينين له أثر السلوك الخاطئ الذي يرتكبه على نفسه وعلى الآخرين من حوله، فإن هذا الأسلوب سيساعد على جعل الطفل يفكر في تأثير تصرفاته وأفعاله (نتائجها) على الآخرين قبل أن تصدر منه، وبالتالي يحجزه هذا الأسلوب عن الوقوع مستقبلاً في كثير من السلوكيات الخاطئة.

مثال آخر: عند محاسبة الطفل على سلوك خاطئ أو عادة سيئة نريده أن يتخلص منها، يحاول الوالدان أن يضعا الابن أمام نفسه ويطلبا منه هو شخصياً أن يصدر حكمه ويوضح رؤيته الشخصية لهذا السلوك الخاطئ، وهل يقبل لنفسه هذه الصورة الخاطئة؟

إن هذا الأسلوب ينمى لدى الطفل وبعد أن يكبر ملكة وعبادة (محاسبة النفس) مما يؤدى به إلى إعزاز نفسه والترفع بها عن الدنايا والأخلاق السيئة أو السلوك الشائن.

وأخيراً وإن كان ليس لوسائل التربية الناجحة آخر:

التوعية ونعنى بها:

إن من حق الأبناء علينا أن نمنحهم القدر الكافي من التوعية التي تحصنهم من التلوث السلوكي، وأن ندربهم على معرفة وتمييز أنواع الناس، ومخاطر الحياة في وقت مبكر وذلك من خلال إعطائهم جرعات متدرجة ومناسبة من الحرية وإتاحة الفرصة للتفاعل مع الحياة، وبمرور الوقت تتكون لديهم القدرة على حماية أنفسهم في ظل ما تلقوه من وسائل الضبط والتمييز وأساسها تنمية المراقبة لله تعالى في أنفسهم.

2022/02/21

نصائح للأهل والأولاد مع بدء الامتحانات

من الطبيعي أن تولد الامتحانات نوعاً من القلق، للوالدين وللطلبة معاً، خصوصاً وأنها تحدد مستقبل الطالب والطريق الذي يختطه في حياته، كما إنها تشكل عبئاً إضافياً لأن الطالب يشعر بأن الامتحانات تعتبر نوعاً من التقييم لشخصيته، ذكائه ونجاحه، من خلال تأكيد المجتمع على ذلك واعطائها قيمة عليا، وكثيراً ما يردد المعلمون والآباء: (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان).

[اشترك]

وبالتالي يعيش الطالب ضغطاً نفسياً مضاعفاً وقلقاً ضاغطاً، وكذلك الأهل، الذين يراقبون في تلك الفترة سكناته وحركاته، وهذا الاضطراب هو بحد ذاته عامل يهدد أمن الطالب ويفقده الهدوء والسكينة اللازمين لاستحضار الدروس وحفظها، فإن النفس إذا اضطربت وزاد بها الخوف لا يمكنها التركيز على صورة الأشياء وحفظها واستذكارها بصورة جيدة، وتكون الحالة، كالصورة المرتسمة على الماء المتحرك والمتموج فإنها تتحرك ولاتستقر ولاتثبت فلا تبين معالمها بوضوح.

إذن أهم مسألة هو أن نعمل على اطمئنان الطالب وابتعاده عن القلق.

فمن الطبيعي ان نؤكد له على أهمية الدراسة ولكن لنطلب منه أن يؤدي دوره فيجد ويجتهد دون أن يقلق، لأنه إن درس وبذل جهده سيكون مرتاح البال ومرتاح الضمير، سواء أفلح أو جاءت النتائج دون توقعاته، وكما قال الشاعر:

على المرء أن يسعى بمقدار جهده وليس عليه أن يكون موفقاً، فإن الطلاب ليسوا متساوين في الذكاء، كما أن التوفيق ليس منحصراً في الطب أو الهندسة، بل ليس منحصراً في التعليم وهناك في تاريخ العالم القديم والمعاصر أمثلة كثيرة لناس موفقين ومتميزين لم يكملوا تعليمهم أو لم يكونوا بارزين في مدارسهم.

والأمر الآخر الملازم لما ذكرناه، تهيئة الأجواء المريحة والهادئة في البيت والابتعاد عن ضوضاء التلفزيون والكمبيوتر وغيره، ولو على حساب راحة بقية العائلة وتضحيتها ببعض خصوصياتها، فإن الضوضاء والفوضى تمنع الطالب من التركيز وتشتت ذهنه خصوصاً الاضطرابات العصبية والشجار والكلام بصوت مرتفع.

ومن المهم تعزيز ثقة الطالب بنفسه واشعاره بالاحترام وبقيمته، بدلاً من لومه وتقريعه وتنبيهه بكلمات قاسية، فإن التشجيع له دوره الفعال في حث الطالب ولاينفع الاكراه في مثل هذه الحالات.

ومن ثم الاهتمام بتغذية الطلبة في أيام الامتحانات بالغذاء الذي يوفر لهم الفيتامينات والسكريات اللازمة للعمليات الذهنية والابتعاد عن الدهون والأكلات الثقيلة التي تولد الخمول والترهل.

والعمل على تناول البسكويت والوجبات الخفيفة، بين الوجبات الرئيسية، كما ينبغي تجنب أكل البيض والأكلات الثقيلة في افطار يوم الامتحان، والتزود بدل ذلك بالإفطار المعتاد مع العسل والمربى، لتوفير السكريات اللازمة للمخ.

ومن ثم تنظيم النوم، فإن السهر الكثير يفقد القدرة على التركيز والمذاكرة، فلابد أن يأخذ الطلبة استراحات ولو قصيرة لغرض الراحة واستعادة النشاط.

وتنظيم الوقت مهم والاستفادة من أوقات الهدوء وصفاء الذهن، كالصباح المبكر أو الليل، بحسب اعتياد الطالب دون اجباره على ذلك، وينبغي أخذ استراحة بعد الطعام، حتى يهضم ويسترخي الجسم، ومن ثم معاودة الدراسة، والعمل على كتابة جدول للمطالعة حتى لا يضيق الوقت في آخره فيضطرب الطالب وتزدحم عليه المطالب.

ومن الأمور المهمة أيضاً طريقة المطالعة، فإن من الأفضل أن يقرأ الطالب في البداية العناوين الرئيسية، حتى يأنس بموضوعات الكتاب، كما لو أنه يتعرف على شخص ليصادقه، ومن ثم يلقي نظرة على العناوين الفرعية لكل موضوع يريد قراءته ابتداءً وبعدها يقرأ التفاصيل، ويعمل في أن يقرأ بتركيز دون ان يلتفت الى ما يحيطه من أشياء او أفكار اخرى.

ويقرأ ما يقرأ بشوق وتلهف لاستزادة علم ومعرفة، لا بتذمر وكأنه مجبر على دراسة شيء لا يحبه لأن الأمر المستكره لا يستقر في النفس، بل تحاول التخلص منه.

ومن المفيد أن يقوم الطالب بكتابة العناوين المهمة وتلخيص المطالب في دفتر أو أوراق ليراجعها عشية الامتحان وصبيحة يومه، وإن كان الوقت لا يسمح لذلك فيمكنه التأشير بالقلم، أو الألوان على تلك المطالب في نفس الكتاب، حتى يستذكرها كلما شاء.

وأخيراً من المفيد جداً أن يتوكل الطالب وأهله على الله تعالى ويقرأ بعضاً من آيات القرآن، وأن يبتدأ من مذاكرته ببسم الله الرحمن الرحيم... فإن كل ذلك يبحث في نفسه الاطمئنان الى حاضره ومستقبله، وأن يواصل درسه بجد ونشاط وأمل.

وختاماً نؤكد مرة أخرى أن الطلبة متفاوتون في قابلياتهم وأن الأفراد مختلفون في توجهاتهم فربما كان بعضهم أميل للعمل وآخرون للدراسة وهذا ليس افتراضاً بل هو حقيقة علمية، ويكون توفيق الانسان إذا اتجه الى ما تميل إليه نفسه ولديه الاستعداد له، كما إن المهم أن يبدع الانسان في الحقل الذي يعمل فيه، مهما كان نوع تخصصه، وليس الأهم أن يكون ذلك التخصص مما اشتهر بين الناس، كما إن السعادة ليست منحصرة في علم أو مال... وكل هذا يدعونا الى التعامل مع مسألة الامتحانات بهدوء واطمئنان، فليس المراد بالامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان... امتحان البكالوريا، وإنما المراد امتحان الحياة بما فيها من مفترقات بين الخير والشر.

وطبيعي أن ذلك كله لا يحول دون أن يبذل الانسان، قصارى جهده لينال ما يرغب، فمن جَدّ وَجَد، ولكن علينا بذل الجهد ومن الله التوفيق ليختار لنا ما هو أعلم بمصلحتنا فيه.

ريحانة الإلكترونية

2022/01/26

يعرفون الله من خلال ’الكون’.. عن عقائد الأطفال في الروضة

كتب عبد القادر شريف:

التربية الدينية هي تنمية فكر الإنسان وتنظيم سلوكه وعواطفه على أساس ديني بقصد تحقيق أهداف الدين في حياة الفرد والجماعة في أي مجال من مجالات الحياة.

[اشترك]

والدين الإسلامي على هذا هو عملية تتعلق بتنمية عقل الإنسان وفكره وتصوراته عن الكون والحياة وعلاقته بها والهدف الذي يجب أن يسعى الى تحقيقه.

والدين الإسلامي قدم لنا العقائد التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها لكي تحرك في نفسه الأحاسيس والمشاعر وتغرس العواطف الجيدة بأن تدفعه الى السلوك الذي نظمت الشريعة له قواعد وضوابط للسلوك التعبدي الذي يحقق الهدف الذي خلق من أجله الإنسان سواء أكان هذا السلوك فردياً أو جماعياً.

فالجانب الإيماني العقائدي من الدين يقدم لنا أساساً راسخاً من العقيدة الثابتة والتصورات الواضحة والمترابطة والأهداف النيرة والجانب التشريعي يقدم لنا قواعد وضوابط نقيم عليها سلوكياتنا وننظم بها علاقاتنا بل ويرسم لنا خطط حياتنا وسلوكياتنا.

والجانب التعبدي هو سلوك المسلم الذي يحقق به كل التصورات والأهداف والضوابط والأوامر التشريعية.

وعملية التربية هي تنمية شخصية الإنسان على أن تتمثل كل هذه الجوانب في انسجام وتكامل وتتوحد معه طاقات الإنسان وتتظافر جهوده لتحقيق هدف واحد تتفرع منه جميع الجهود والتصورات وضروب السلوك ونبضات الوجدان التي تكون اساساً راسخاً لتنشئة الطفل وبنائه على اساس من الحب والعطف.

ومن أهداف التربية الدينية في رياض الأطفال أن يتعمق الطفل في فهم الكون ويتلمس قدرة الخالق ويشعر بعظمته وقدرته وحكمته وتترتب على ذلك العديد من الاثار التربوية منها:

- ارتباط الإنسان بخالق الكون وأن يعرف أن الهدف الأسمى من هذا الخلق هو عبادة الله.

- تربية الطفل المسلم على الجدية فالكون كله أقيم على أساس الحق وأن تقدم المعلمة من الروضة الأمثلة والنماذج على ذلك اثناء تنفيذها للأنشطة سواء القصصية او الدينية او العقلية المعرفية لتجسد ظواهر الكون وتقربها لعقل الطفل ليعرف ان لهذا الكون خالقا مسيراً بحكمته ومدبراً بعظمته وقدرته.

- أن يعرف الطفل أن كل ما في الكون مسخر لخدمة الإنسان وذلك من شأنه أن يربي عواطف الطفل وانفعالاته على الخضوع لله والشعور بفضله وعنايته ورحمته ويدفعه الى حمده وشكره كما أنها تربي عقل الطفل على مبدأ علمي عملي.

واذا كنا نسعى الى تربية الطفل من مرحلة ما قبل المدرسة تربية دينية سوية من خلال التربية بالقدوة والتي يجب أن تكون المعلمة في الروضة خير قدوة للطفل لأنه يقلدها ويتخذها مثلاً أعلى ورمزاً له فهو يعايشها أكثر مما يعايشه والداه في المنزل وبذلك يتأثر بها ويقلدها كذلك من خلال التربية بالمثل حيث تسوق المعلمة الأمثلة للطفل للعديد من الشخصيات الدينية البارزة وتوضح له المعاناة التي تحملوها والصعاب التي واجهوها من أجل اعلاء كلمة الحق وكذلك التربية بالقصص من خلال سرد المعلمة لأحداث قصة دينية للطفل مثل الهجرة النبوية توضح فيها أسباب هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة الى المدينة والمعاناة التي لاقاها لنشر الدين الإسلامي وكيف صبر وتحمل، وتطلب من الاطفال أن يعيدوا حكايتها عدة مرات حتى يكتسب الطفل الثقة بالنفس والقدرة على التحدث أمام الاخرين وترتيب أحداث القصة وفهم معانيها.

من كتاب التربية الاجتماعية والدينية في رياض الأطفال

2022/01/20

انتخب المدرسة والمعلم.. ما موقف الأب من ’كسل’ ولده؟!

الأب هو الدرس الأول

د. علي القائمي

تقع على الأب وظيفة مهمة في انتخاب مدرسة جيدة لولده ومعلم كفوء، وأن لا يغفل عن دراسته أبدا. أما أهم الاهتمامات فيمكن درجها ضمن النقاط التالية:

[اشترك]

انتخاب المدرسة: إن أهم وظيفة للأب هي اختيار أفضل مدرسة لولده تناسبه وتليق به وأن تضعه موضعا صالحاً وسبب ذلك هو ما للمدرسة من دور مهم وأساسي في بناء شخصية الطفل وأفكاره، فما أكثر الأطفال الذين ظلوا ملتزمين بكل ما تعلموه من المدرسة بينما نسوا ما حصلوا عليه من البيت.

والمدرسة هي أفضل مكان لتحقيق المعاشرة وإقامة العلاقات الواسعة، وإنها توفر فرصة جيدة لتكامل الإنسان أو تسلبه تلك الفرصة فينشأ محطماً منحطاً، كما إنها قادرة على أن تجعله إنساناً ملتزماً بالقانون ومدافعاً عنه أو أن يكون عاصياً ومتمرداً.

فالجو الأخلاقي للمدرسة، والمستوى العلمي لها، وسعتها، وجمال غرفها ومناضدها ومقاعدها أو قبحها، والأجهزة والوسائل المستخدمة فيها تؤثر بأجمعها على الطفل.

انتخاب المعلم: قلنا أن المعلم يؤدي وظيفة الأب في المدرسة، ويلقن الطفل ممارسات وأساليب خاصة، وقد تؤثر في الطفل توجيهات المعلم - غير تلك التي في الكتب الدراسية - وتصرفاته والتزامه وانضباطه وأسلوبه المستخدم مع الأولاد.

وما أكثر المدارس التي نراها قد عينت المعلمين مسبقاً فيضطر طفلكم ليتعلم على يد هذا المعلم لا غيره سواء كان جيداً أو سيئاً.

ولا بد - والحال هذه ـ من مصادقة المعلم والارتباط به لكي تأمنوا تلك الآثار السلوكية والتعليمية السيئة، وأن تتعاونوا مع الآباء الآخرين في تقديم النصائح والإرشادات له لتساعدكم في العمل التربوي.

الاهتمام بدراسة الولد: من الضروري أن يهتم الأب بدراسة ولده فيدفعه لتعلم تلك الأمور التي يحتاج إليها في المستقبل، وينبغي أن يكون هذا الحديث الوارد عن الإمام علي (ع): من لم يتعلم في الصغر لم يتعلم في الكبر، نصب أعين الآباء، ويتأكد هذا الاهتمام بالنسبة للناشئين لأنهم يفضلون عادة النشاطات الأخرى على الدراسة ويقضون جل وقتهم فيها مما يؤثر سلبا على مستواهم الدراسي والتعليمي، وإن اللا أبالية لها نتائج سيئة على مستقبل الطفل.

 الحذر من الكسل: ينبغي على الآباء أن يحذروا من إصابة أولادهم بالكسل، ولكن في نفس الوقت عليهم أن لا يطالبوهم بما يفوق طاقتهم، فالكسل يقضي على ظاهرة حب التطلع لدى الطفل ويحول دون تقدمه.

وقد يكون للكسل مخاطر أخرى لا ترتبط بدراسته فتجره مثلا إلى الانحراف وممارسة الجريمة مما يسبب ذلك في إيجاد مشاكل معقدة في حياته الحالية والمستقبلية.

فليس من الصحيح أن يقف الأب موقف اللا أبالي إزاء تعلم طفله ودراسته لأن الطفل لا يمكنه أن يدرك العواقب الخطيرة لعمله هذا.

كما عليه أن لا يمنعه أيضا من الحركة ويقف بوجه شراسته وعناده لأن ذلك دليل على زيادة عقله، فقد ورد في الحديث الشريف أن: (عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره) فالقراءة والكتابة والتعلم إنما هي أمور تختلف عن اللعب والحركة.

 الاهتمام بتوفير مستلزمات الدراسة: تقع على الأب مسؤولية توفير الظروف والمستلزمات المطلوبة لدراسة الولد، ولا تقتصر هذه المستلزمات على الكتابة والدفتر والقلم، بل إنها تشمل تهيئة المكان المناسب للدراسة والتفرغ إليها براحة بال .

فحري بالأب أن يوفر أو يهيء مكاناً لولده لیقرأ فيه دروسه ویکتب واجباته، وأن يمنع الأطفال الصغار من الحضور في ذلك المكان في ساعات العمل، وأن يكون ذا إنارة جيدة، وأن يمتنع من التحدث إلى ولده في تلك الساعات ولا يكلفه بشيء، وأن يساعده فيما لو تمكن من ذلك.

ومن مستلزمات الدراسة أيضا أن يكون محيط الأسرة مناسبا، لهذا العمل. فالأطفال الذين يعيشون في أجواء أسرية مشحونة بالصراع والنزاع والاختلاف بين الأب والأم لا يمكنهم أن يمتلكوا الاستعداد الكافي للدراسة والتعلم، وتسري هذه الحالة أيضا على تلك العوائل التي ينعدم فيها الحب والود بين أفرادها. التعاون مع المدرسة.

تعتبر المدرسة البيت الثاني للطفل، وتقع على الأب مسؤولية تأثيث هذا البيت الذي سيقضي فيه الولد جانبا من وقته، وحري بالآباء أن يكونوا على اتصال دائم مع المعلمين فيتحدثوا معهم ويتباحثوا بشأن أولادهم لتحقيق نموهم وتكاملهم وحل المشاكل التي تعترضهم.

فتربية الولد بحاجة إلى تعاون الأب مع المدرسة وبذل جهده وتفكيره، ومساعدة المعلمين من أجل الوصول إلى أفكار مشتركة في هذا الشأن.

كما يمكنه من خلال تعاونه مع المدرسة أن يراقب تحرکه وذهابه وإيابه ومعاشريه من الأصدقاء وتقدمه في الدراسة.

ومن أساليب التعاون الأخرى مساهمة الوالدين في تأثيث المدرسة وأقسامها المختلفة كالمختبر والمكتبة وورشة العمل، وتقديم المعلومات المطلوبة للمعلمين بشأن أولادهما وترميم الصفوف الدراسية ومختلف المرافق الأخرى. وسوف يترك هذا الإنجاز أثره الكبير على حياة الطفل أيضا.

حدود التوقع:

رغم الجهود التي يبذلها الأب في مجال تربية ولده، عليه أن يعلم بأن المدرسة لا تؤدي الوظيفة التربوية بكاملها، ولا يحق له أن يترك ولده للمدرسة ويبرئ ذمته، فالآباء مسؤولون شرعاً عن تربية أطفالهم، وإن الخالق جل وعلا يحاسبهم على هذه المسؤولية، وإنهم سيتحملون كامل المسؤولية فيما لو فرط المعلم أو المدرسة بهذه الوظيفة.

لذا ينبغي أن تكون توقعاتنا منطقية وطموحاتنا واقعية وأن يتحلى الآباء بالصبر ليعوضوا عن النقص ويحلوا مشاكل أولادهم التربوية والأخلاقية، وأن يسخروا بعض وقتهم لهذا الأمر حتى يصل الأولاد إلى ذلك المستوى المطلوب من البناء .

من كتاب دور الأب في التربية

2022/01/20

المشاكل تنتجها ’الأسر المفككة’.. ربوا أولادكم بالحب!

د. مها جرجيس:

يعرف علماء الاجتماع التماسك الأسري بأنه: “صلة الربط الوثيقة بين أفراد الأسرة بدءاً من الزوجين وبينهم وبين الأبناء، لينشأ عن ذلك تواصل ومودة ورحمة وإحسان”(1) كما يمكن تعريف التماسك الأسري “بالتفاعل الإيجابي بين أفراد الأسرة والروابط العاطفية التي تجذب بعضهم ببعض”(2)، ولهذا اقترن بالإشباع العاطفي، الذي يفهمه كثير من الناس على ير حقيقته فيظنونه مجرد الحب والحضن والتقبيل، والثناء اللفظي وهذا كله -على أهميته- لا يكفي.

[اشترك]

بل إن أعظم ما يحقق هذا الإشباع  في محيط الأسرة هو قضاء أوقات كافية فيما بينهم بالإضافة إلى ثقة كل فرد بالآخر، وهذا ما كان يمارس بالسليقة والفطرة في الأجيال السابقة دون مزيد تكلف من طقوس الحب! وليس سرّاً أن نقول إن الجيل الحالي – جيل الألفية الثالثة- يتصف بالحساسية الشديدة والهشاشة المفرطة (3) والنزوع إلى الفردية، ومشاركة العالم الافتراضي لا الحقيقي في الكثير من أمور الحياة، وبالتالي فهو محتاج وبشدة إلى الإشباع العاطفي الحقيقي في محيط الأسرة، وليس المقصود بالإشباع العاطفي هو إغداق الحب فقط أو التدليل الزائد للأبناء؛ وإنما هم بحاجة للإشباع العاطفي الملائم لكل موقف ولكل مرحله فلا تربية بالحب وحده، فالحزم والاحتواء، والقرب، وإظهار الخوف على الأبناء كلها عواطف فطرية ومن الحاجات الغريزية للإنسان وهو بحاجة لأن يحيا بها ويراها من أهله وأسرته ومن حوله.  وعلى أهمية التربية بالحب، إلا أن الحب وحده لا يكفي، بل لا بد معه من الحزم، والعدل، والإلزام بحمل المسؤولية، والمحاسبة والمتابعة التي تعلّم الانضباط، وهذا كله هو ما يبني التوازن العاطفي الذي يحقق للأجيال نفسية سليمة متوازنة قادرة على الصمود في وجه الحياة وغير قابلة للتبعثر والتحطيم عند أدنى موقف!

إن إكساب الأبناء شخصية متوازنة ذات اعتدال نفسي، وانضباط عاطفي، لا يأتي إلا من خلال الممارسة التربوية ذات التطبيق الكافي لهذا المبدأ، فلا حاجة لسيل من المديح والعبارات التي تنفخ الغرور في الصبي أو الصبية لأجل قيامهم بعمل صائب أو مستحسن، بل يكتفى بالثناء المتوازن وعبارات الدعاء ليستقر في النفس ثقةٌ ممزوجة بالاكتفاء الذاتي، الذي يحميهم مستقبلاً من تسول العاطفة من الآخرين.

ولهذا فإن أبرز أسباب غياب هذا الإشباع العاطفي لدى كثير من الأسر هو انشغال الأبوين بالعمل خارج المنزل لأوقات طويلة أو الحضور جسداً مع الانشغال بالترفيه أو العكوف على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى اعتماد كثير من الأسر على العاملات غير المؤهلات في تربية الأبناء والعناية بهم، وهذه القضية أيضاً مما كتب فيه الكثير من البحوث وأجريت فيه العديد من الدراسات الميدانية، بل برزت بعض القضايا الحساسة في بعض الأوقات، وهي تعنيف الخدم للأطفال وتسربت التسجيلات والقصص للعديد من الأطفال الذين كانوا ضحايا لهذا النوع من الإهمال، وانتشرت لأعين الناس في وسائل التواصل الاجتماعي!

وصدق أحمد شوقي عندما قال:

ليس اليتيم من انتهى أبواه من     همّ الحياة وخلفاه ذليـــلا

إن اليتيم هو الذي تلقــــــــى له      أمًّا تخلّت أو أبًا مشغولا

ولقد أكدت كثير من الدراسات أن غالب الجانحين يأتون من بيوت مفككة، وأن هناك علاقة واضحة بين الوضع العائلي المضطرب وجنوح الأحداث، فالشباب لا يتكلفون من تلقاء أنفسهم الأزمات والمشكلات، إنما يعكسون بسلوكهم تأثير البيئة الاجتماعية من حولهم، فليست مرحلة البلوغ بالضرورة مرحلة عواصف واضطرابات نفسية، فليس هناك علاقة بين البلوغ والانحراف، إنما تنشأ العلاقة بينهما عندما تفقد البيئة دورها التربوي، فتهيئ للبالغين المندفعين أسباب الانحراف،(4) ولهذا فإن الإشباع العاطفي والتماسك الأسري هو الملاذ الآمن للأبناء في ظل الأسرة، وهو الحصن الذي يؤوبون إليه في أوقات الأزمات، والحضن الذي يهربون إليه كلما أخافتهم الحياة. وهو ما يصنع إنسانا سويًا مطمئناً هادئًا مستقرًا مرتاحًا، يحس بالأمن، ذا شخصية متوازنة قانعة محبة للآخرين، قادرة على التكيف مع الحياة، مبدعة لا تشعر بالاغتراب الاجتماعي. ولا بد للآباء أن يدركوا كيفية تحقيق هذه الحاجة لأبنائهم في مختلف مراحلهم العمرية وليس فقط في مرحلة الطفولة، لأن غياب هذا الإشباع العاطفي بوابة للانحراف وتذكرة عبور نحو الاضطرابات النفسية الأخرى، ولهذا نجد أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد يجعل هذه الرعاية أمانة ومسئولية أمام الله.

 الهوامش

([1]) براءة صالح كوشك، صراع الأجيال وتأثيره على التماسك الأسري، رسالة ماجستير، ص:18.

([2]) حمدي علي أحمد، محاضرات في علم اجتماع الأسرة، ص:22.

([3]) للاستزادة: أنظر: الهشاشة النفسية لماذا أصبحنا أضعف وأكثر عرضة للكسر، إسماعيل عرفه، مركز دلائل. وانظر: العيش كصورة، كيف يجعلنا الفيسبوك أكثر تعاسة، طوني صغبيني، منشور على الإنترنت. مدونة نيناز، 2012م.

([4]) عدنان باحارث، موقع الدكتور للتربية الإسلامية على شبكة الانترنت.

2022/01/11

لا تزال متلكئة.. هكذا ينبغي أن تتعامل المدارس مع الأطفال في ظل الجائحة

الخصائص المشابهة للصعوبات التعلّميّة لأطفال ما بعد الجائحة: بين التدخّل والتشخيص

كتبت سكينة عفيف النابلسي:

جرت العادة في الكثير من المؤسّسات التعليميّة، بعد الانتهاء من الاختبارات المدرسيّة أو التقويم الختاميّ للمتعلّمين، أن تعمل هذه المدارس، عبر المتخصّصين لديها في مجال علم النفس والتربية الخاصّة، على إحالة المتعلّمين الذين يظهرون مشكلات تراكميّةً في أحد المستويات الأكاديميّة، أو النمائيّة، أو السلوكيّة، أو الانفعاليّة؛ لإجراء تشخيص نفس-تربويّ، لتحديد طبيعة المشكلة التي تواجههم.

[اشترك]

وهذه الإحالة غالبًا ما تكون مسبوقةً بإجراء عدد من التدخّلات التربويّة اللازمة، كتعديل الأهداف التعليميّة، أو الوضعيّة التعليميّة، أو غيرها من التعديلات على مستوى طرائق، أو استراتيجيّات التعليم التي تتناسب مع المستوى الحاليّ للمتعلّمين. وهذه التدخّلات غالبًا ما يقوم عليها معلّمو التربية الخاصّة، أو معلّم الصفّ العاديّ في حال عدم وجود فريق متخصّص لمتابعة المتعلّمين الذين يظهرون هذه المشكلات التعلّميّة.

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الآليّة التي يجب على المدارس اعتمادها للتعامل مع الأطفال الذين يظهرون خصائص مشابهةً لخصائص الصعوبات التعلّمية الناتجة عن التعلّم عن البعد، والاعتماد على مبدأ الاستجابة للتدخّل على نطاق الصفّ برمّته.

استجابات تقليديّة

ثمّة الكثير من المدارس الحكوميّة والخاصّة في الكثير من أقطار العالم العربيّ، ما زالت متلكّئةً، أو لعلّها عاجزة عن اعتماد سياسة تعليميّة تراعي خصوصيّة المتعلّمين الذين يظهرون قصورًا في أحد جوانب التعلّم، أو الجوانب النمائيّة المصاحبة لصعوبات التعلّم مثلًا. وقد يكون أحد أسباب عزوف هذه المؤسّسات عن العمل ضمن سياسة المدارس الدامجة صعوبةُ استقبال كلّ المتعلّمين الذين تختلف الصعوبات لديهم من متعلّم إلى آخر، أو صعوبةُ تكوين فريق مدرسيّ يتخصّص بجوانب القصور كلّها لدى الأطفال، أو ربّما للتكلفة العالية التي يحتاجها هذا النوع من الخدمات.

عليه، تلجأ الكثير من المدارس إلى الاستعانة بفريق خارجيّ للتشخيص، ولإعطاء توصيف للمشكلات التي يواجهها المتعلّمون. وقد تكون التوصيات الصادرة عن جهة التشخيص غير فاعلة في بعض الأحيان في ظلّ عدم وجود فريق مدرسيّ متخصّص يعمل على تقديم الدعم لهم، أو يسير وفق التوصيات المرفقة بالتقارير التربويّة. هذا الأمر قد يقلّل من أهمّيّة التشخيص، إلّا إذا قرّر الأهل الاستعانة بهذه المراكز لتلقّي خدمات متخصّصة بعيدًا عن المدرسة، وغالبًا ما تكون هذه الخدمات رغم أهمّيّتها غير كافية لتطوير مهارات الأطفال، أو لإكسابهم الكفايات التعلّميّة الأساسيّة، لأنّ مثل هذه التدخّلات تحتاج إلى مثابرة، ومتابعة دائمة، وهذا ما قد تقدّمه المدارس لمتعلّميها حينما يكونون ضمن بيئة دامجة تراعي احتياجاتهم، وفروقهم الفرديّة.

على الرغم من دقّة تشخيص بعض الأطفال الذين يأتون إلى مراكز التشخيص دون معطيات مسبقة من المدرسة، إلّا أنّ هذا الأمر أصبح الآن أكثر تعقيدًا في ظلّ الغياب القسريّ للأطفال عن المدارس نتيجة جائحة كورونا، تلك الجائحة التي تسبّبت بحرمان الملايين من أطفال العالم من الإفادة من وجودهم في المدارس لتلقّي تعليمهم بصورة تفاعليّة مباشرة مع أقرانهم ومعلّميهم، خاصّةً الأطفال الذين لديهم إعاقات، أو صعوبات تعلّميّة. بيد أنّ غياب الأطفال عن المدارس لم يؤثّر فقط على مكتسباتهم، وتفاعلهم مع معلّميهم، أو تنافسهم مع أقرانهم، بل وإنّ تداعيات هذا الغياب القسريّ كانت متنوّعةً بصورة لم تبلغ فقط التعليم، والتعلّم، وأساليب التقييم، بل وصلت أيضًا إلى الخصائص النفسيّة، والسلوكيّة، والاجتماعيّة، والمهارات الذهنيّة للأطفال جميعًا، ما شكّل فئةً جديدة من الأطفال باتت خصائصهم متشابهةً إلى حدّ كبير مع خصائص الأطفال ذوي الصعوبات التعلّميّة، لكنّ هذا لا يعني أنّ تلك الخصائص هي أمر ثابت لديهم؛ فهي قد تتغيّر بعد مدّة من عودتهم التدريجيّة إلى مقاعدهم الدراسيّة، إن كان هذا الأمر مرتبطًا بالتعلّم عن بعد.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيفيّة التعامل مع هؤلاء الأطفال الذين يظهرون تلك الخصائص المشابهة مع الصعوبات التعلّميّة خاصّةً في المدارس التي لم تختبر بعدُ تجربةً من هذا القبيل، أو تلك التي ليس لديها خدمات في التربية الخاصّة، فهل يحال كلّ هؤلاء الأطفال إلى مراكز التشخيص التربويّ لمعرفة طبيعة المشكلات، أم أنّه لا بدّ من الانتظار مدّةً زمنيّةً معيّنةً؟

محكّات ضروريّة

قبل اتّخاذ قرار بالتشخيص، أو بتأجيله مدّةً معيّنةً، لا بدّ من العودة إلى المحكّات الأربعة التي وضعها قانون الأفراد ذوي الإعاقة الأمريكيّ  (IDEA, 2006)، الذي ينصّ بمجمله على ضرورة استبعاد العوامل التي قد لا تكون مسبِّبًا أساسيًّا للصعوبات التعلّميّة، مثل وجود قصور في السمع، أو البصر، أو وجود أسباب عاطفيّة، أو اجتماعيّة وغيرها، لكنّ المحكّ الأساسيّ الذي شدّد القانون على ضرورة استبعاده هو المحكّ المتعلّق بجودة التعليم، وهو الافتقار إلى التوجيه المناسب (Lack of appropriate instruction)، فلو استبعدنا محكّ الوضع الاقتصاديّ، والقصور البصريّ مثلًا، وكان التعليم الذي يتلقّاه الطفل يحقّق الجودة اللازمة، وجب علينا البحث عن أسباب أخرى لمعرفة مسبّبات الصعوبات التعلّميّة التي يظهرها الطفل، كأن نقيس بعض المهارات الذهنيّة مثل الذاكرة العاملة، والانتباه، والتركيز، أو مهارات الوعي الفونولوجيّ على سبيل المثال.

أمّا في حالة الغياب القسريّ عن المدرسة الناتج عن جائحة كورونا، فإنّنا لا نستطيع الحكم على الأطفال بأنّ لديهم صعوبات تعلّميّةً، حتّى لو تشابهت خصائصهم مع خصائص الأطفال ذوي الصعوبات التعلّميّة، لا سيّما أنّنا لا نعرف الكثير عن استجابة الأطفال للتعلّم عن بعد، ولا نعرف عن التفاوت الحاصل بين مدرسة وأخرى، ولا بين مادّة تعلّميّة وأخرى، ولا بين معلّم وآخر، إذ إنّ المعلّم قد يواجه بنفسه تحدّيات تتعلّق بطريقة إيصال المعلومات والمفاهيم خاصّةً للأطفال الصغار. هذا إلى جانب أنّنا لا نعرف ما إذا كانت ظروف الأطفال متشابهةً؛ إذ نسمع كثيرًا عن التناوب على الحاسوب أو الهاتف الذكيّ بين أبناء البيت الواحد، والانقطاع المتكرّر أو الدائم للإنترنت والكهرباء. فوق هذا كلّه يأتي المستوى التعليميّ للأهل، وكيفيّة متابعتهم لتدريس أطفالهم، والوقت الذي يقضونه في الدرس. عليه، إنّنا لا نستطيع بأيّ صورة استبعاد المحكّ الأساسيّ الوارد في قانون الأفراد ذوي الإعاقة خاصّةً أنّنا لا نملك المعطيات الكاملة عن جودة التعليم في هذه المرحلة، إذًا ما الحلّ الذي علينا اللجوء إليه؟

بدائل ضروريّة

يأتي الحلّ عبر خطوات مدروسة يقوم عليها صانعو القرار من مديري مدارس إلى الوزارات المعنيّة، من خلال السعي الجدّيّ الحثيث إلى وضع خطط شاملة لإجراء عمليّات مسح لمستويات الأطفال، لا سيّما في مرحلة التعليم الأساسيّ، وذلك على مستوى مهارتي القراءة والكتابة، والمفاهيم الأساسيّة المرتبطة بالصفّ التعليميّ الذي يلتحقون به. بعد عمليّات المسح هذه، يأتي دور المراجعة العامّة للمفاهيم الأساسيّة في المنهاج، والتركيز على الكفايات الضروريّة، ومراجعة الأساسيّات في كلّ الموادّ الدراسيّة، إلى جانب التقييم المستمرّ (Rosenshine, 2012).

تشبه هذه الخطوة ما يعرف بالاستجابة للتدخّل، تلك المتّبعة مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، لكن على مستوى الصفّ كلّه، ويطلق عليها حاليًّا التدخّل على نطاق الصفّ (Class-wide intervention)، ويكون هذا التدخّل موجّهًا للأطفال جميعهم. ولأنّه من المتوقّع أن يعود الكثير من الأطفال إلى المدرسة مع تأخّر واضح في مستوى مهاراتهم مقارنةً مع ما هو متوقّع منهم بوصفه متطلّبًا للصفّ الحاليّ. لذلك، فإنّ مبدأ التدخّل للصفّ كلّه سيكون أمرًا ضروريًّا في هذه المرحلة، علاوةً على ذلك، ستظهر فروق إضافيّة عند مجموعة من الأطفال تحتاج إلى مساعدة إضافيّة غير تلك التي تعطى للصفّ كلّه، وهنا يلعب المستوى الثاني من مبدأ "التدخّل للاستجابة" (Tire 2- RTI) دورًا مهمًّا فعّالًا لمساعدة الأطفال، والعمل وفق فروقهم الفرديّة. ستؤدّي هذه الخطوة أيضًا دورًا مهمًّا لدى هؤلاء الأطفال؛ لأنّها ستحدّد ما إذا كانوا سيحالون إلى المستوى الثالث، المسبوق بإجراء تشخيص شامل على المستويات كلّها، الذهنيّة، والأكاديميّة، والذكاء أيضًا عند من يراه ضروريًّا، أم سيعودون إلى المستوى الأوّل.

بعد إعطاء الوقت الكافي لهذه التدخّلات الجماعيّة والفرديّة، تأتي الخطوة الثانية، وهي إحالة بعض الأطفال إلى التشخيص النفس- تربويّ لمعرفة أسباب الصعوبات التعلّميّة التي يواجهونها، إيذانًا بوضع خطّة فرديّة تربويّة (IEP) لهم مع تلقّي خدمات التربية الخاصّة المناسبة لهم.

أودّ الإشارة هنا أنّ المدّة اللازمة لظهور الاستجابة للتدخّل ما بعد العودة إلى المدارس، سواءً كانت للصفّ كلّه، أو لبعض الأطفال فيه، يجب أن تختلف من بلد إلى آخر، وربّما من محافظة إلى أخرى في بعض البلدان الكبيرة. مثلًا، في لبنان تغيّب الأطفال عن مدارسهم بمعدّل سنتين دراسيّتين اختلطت فيها الأسباب الداعية لذلك. وفي بعض البلدان، تغيّب الأطفال لستّة أشهر، ثمّ عادوا تدريجيًّا، أو عاد بعضهم إلى التعليم بصورته المدمجة بين الذهاب إلى المدرسة، والتعلّم المتزامن عن بعد. لذلك، فإنّ مدّة التدخّل يجب أن تدرس بصورة خاصّة بكلّ دولة، وبطريقة تراعي خصوصيّة الحال، ومدّة غياب الأطفال عن الحضور إلى المدارس.

بناءً على ما سبق، فإنّ المباشرة بإحالة الأطفال إلى مراكز التشخيص النفسيّ-التربويّ مباشرةً مع بدء العودة إلى المدارس لن يكون عادلًا لأيّ جهة، وإنّ استعجال الأهل في أخذ هذا القرار على المستوى الشخصيّ لن يكون قرارًا صائبًا، لكنّ هذا لا يمنع من استشارة المعنيّين للاطمئنان، أو لمعرفة الخطوات الواجب اتّباعها. في الكفّة الأخرى، إنّ تجاهل القياس بصورة مطلقة بحجّة أنّ سبب تأخّر بعض الأطفال ناتج فقط عن التعلّم عن بعد قد يكون قرارًا خاطئًا أيضًا. لهذا السبب، فإنّه من الضروريّ بدايةً إجراء عمليّة القياس، ثم تأتي عمليّة التدخّل الكلّيّ، ثمّ الفرديّ، بعدها يأتي القرار بصورة أكثر وضوحًا حول ما إذا كان بعض الأطفال يحتاج إلى التشخيص، أو إلى خدمات متخصّصة.

على الرغم من أنّ الجميع ينتظر عودة الأطفال إلى مدارسهم، فإنّ تحدّيات كثيرةً تنتظر الجميع؛ إذ ثمّة جوانب نفسيّة وانفعاليّة تحتاج أيضًا إلى القياس، ويجب عدم الارتكاز فقط على الجوانب الأكاديميّة والمهارات. هكذا، فإنّ دور المعلّم في المرحلة القادمة سيكون فيه الكثير من البحث، والتجربة، والتشاور مع المختصّين حتّى تعود الأمور إلى مجراها الاعتياديّ.

خلاصة

إنّ عمليّة القياس أو التشخيص كانت، وما زالت، عمليّةً شائكةً دقيقةً، ولطالما كان ثمّة خلاف على قراءة نتائج التقارير الصادرة عنها بسبب اختلاف النظريّات التي ينطلق منها المتخصّصون، واختلاف خبراتهم وتجاربهم. لأجل ذلك، فإنّ المرحلة القادمة هي مرحلة دقيقة نحتاج معها إلى التروّي، وعدم الاستعجال في إطلاق الأحكام، وإنّ أيّ تسرّع سوف يؤثّر في الناحية النفسيّة للأطفال وذويهم، وقد يطبع معه مرحلةً دراسيّةً كاملةً.

ولأنّ عمليّة التشخيص تُتبع دائمًا بعمليّة التقويم، فإنّ دقّة التشخيص تعني خططًا دراسيّةً، وخططًا فرديّةً ملائمةً لاحتياجات الأطفال والفروق الفرديّة بينهم، سواءً أكان الأطفال من الأطفال الموهوبين، أو ذوي الإعاقات السمعيّة والبصريّة، أو الصعوبات التعلّميّة، فكلّها سيكون معتمِدًا بصورة أساسيّة على القياس والتشخيص الصحيحين.

لذلك، نعمد في هذا الملفّ، الذي يسلّط الضوء على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة في ظلّ الجائحة، على نقل تجاربنا التي خبرناها، أنا وزملائيّ في جامعة العلوم والآداب اللبنانيّة، في العمل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة في ظلّ الجائحة، كلٌّ حسب خبرته واهتماماته، لعلّ ذلك يكون مساعدًا في فتح الآفاق أمام صانعي القرار للإفادة من تجاربنا التي تغطّي كلّ فئات الأطفال ذوي الإعاقة، فضلًا عن الموهوبين.

منهجيات

2022/01/09

همسة في آذان أولادنا وهم على أبواب الجامعات

بين عالم امتلأ بخيالات الطفولة والصبا والبراءة وعدم تحمل المسئولية، وبين عالم يحدوه القلق والترقب والأسرار والغموض ومحاولة رسم صورة للغد الُمقبل حيث النضوج والجدية والمسؤولية، يقف الآن أبناؤنا وطلابنا الناجحون في الثانوية العامة حيث يحدوهم الأمل والتصميم على الخروج من العالم الطفولي الصغير إلى عالم يحدوه المنافسة الحقيقة وعدم الاستسلام.

[اشترك]

سيبدأ عام دراسي جديد ومرحلة جديدة في حياتهم ولزم عليهم الأخذ بالتخطيط السليم والتعرف على طبيعة المرحلة الجديدة ساعين إلى تحقيق أهدافهم من أجل حياة رغدة ومستقبل مشرق وخدمة لوطن معطاء وأمة مجيدة.

ربما يرفع بعض الشباب في هذه المرحلة مبدأ [أنا لن أعيش في جلباب أبي] متخليا عن كل الصفات والأخلاقيات التي حرص أبويه على غرسها فيه في المراحل السابق.

وربما يظن بعض الآباء والأمهات أن أبناءهم صاروا رجالا بعدما التحقوا بالجامعة فتقل مراقبتهم لهم، أو توجيهاتهم الحكيمة، كما يهملون متابعة أدائهم وملاحظة سلوكياتهم غير مدركين التباين الشاسع بين بيئة التعليم في المدارس وبيئة التعليم في الجامعات.

ولذا همسة في أذن أبنائنا الطلاب، فأنتم جيل يسارع لبلوغ المستقبل، فيحمل هم أمته والرقي بوطنه، ورسم صورة مشرقة لمستقبل هذا الوطن، ولذا:

ارسم شخصيتك بأدب: الجامعة عالم مفتوح يستطيع الطالب التحرر كثيرا من القيود التي كانت مفروضة عليه في التعليم ما قبل الجامعي وفي البيت، ولذا وجب عليه أن يجعل معيار حريته تعاليم دينه، وحدود أخلاقه، وخوفه من الله سبحانه، وليعلم علم اليقين أنه بوصوله لهذه المرحلة السنية وبهذا التفوق الدراسي - أن الله تعالى قد حباه من الفطنة ورجاحة العقل ما يجعله يفهم الحقائق والمستجدات.

تخير ما ينفعك وينفع وطنك: فكثير من الطلاب لا يختار ولا يرسم مستقبله ويرضخ لضغوط والديه في الالتحاق بالكلية التي يراها الأب مناسبة لا التي يرى الطالب نفسه فيها ويحبها لأن كثير منهم لم يتعود اتخاذ القرار في الأمور الحاسمة في حياته بنفسه، إنما كان الاعتماد دائمًا على الأبوين أو أحدهما، وسيتطلب ذلك منك حُسن تحديد أهدافك، وتقديم أولوياتك، وحصر إمكانياتك، وتسديد الثغرات، والتخلص من السلبيات.

اعرف نفسك: يظل دور الأبوين مهم في مراحل حياة أبنائهم، ومن ثم يجب أن نربي أولادنا على جوانب المعرفة التي بدأت تتلاشى لصالح التكنولوجيا الحديثة والألعاب التي غزت بيوتنا وعقول أبنائنا على الأجهزة الذكية، فالافتقاد إلى مقومات دخول مجتمع المعرفة، يعني افتقاد الطلبة للمهارات والقيم ذات العلاقة بالأبعاد المعرفية، والوجدانية، والاجتماعية، والشخصية، التي يتطلبها دخول هذا المجتمع.

الوقت هو الحياة: ينطلق الطالب بعدما يلتحق الجامعة في عالم الحرية المطلقة فلا رقيب عليه في حضور المحاضرات أو لا، كما تقل الرقابة في حدود العلاقات التي يكونها في الجامعة، أو في العودة إلى البيت، وهي عوامل قد تهدر الوقت، ولذا يجب ضرورة تثمين الوقت، فأكثر الطلاب الذين فشلوا ولا زالوا يفشلون هم ممن لم يفقهوا قيمة الوقت ولم يحرصوا على تنظيم شؤونهم الحياتية والتوفيق بينها وبين مواقيت مراجعاتهم لدروسهم.

واجه المواقف بثبات ويقين: المجتمع الجامعي مختلف تمام الاختلاف عن المجتمع المدرسي وعن المجتمع الخارجي وأنه سيقابلك في حياتك الجامعية مواقف مُتباينة يحار أمامها العقل السوي، هذه المواقف تتطلب منك الحكمة والتروي وحُسن التصرف وعدم الانسياق وراءها، كما سيقابلك من أصناف الناس وسلوكياتهم ما لم تألفه فلا يخدعنك بريق صنيعهم، ولا تنجرف وراء معسول كلامهم، واستعِن بالله تعالى على كل ذلك، ولا يعيبك السؤال وأخذ المشورة ممن سبقوك من الثقات ومن هم أكبر منك سِنًا.

حاور بأدب: يظن الطلاب أنهم بالتحاقهم بالمرحلة الجامعية أنهم يحق لهم الحرية في التصرفات، وفرض الرأي على الآخر، لكن يجب أن يدركوا أن لغة الحوار الهادف هو سمة للتعايش الطيب فترة الجامعة، ونيل حب وتقدير الجميع سواء من الطلاب أو الأساتذة.

احرص على التوازن في شخصيتك: فلا يطغى جانب على آخر، فكن قوي الجسم، مَتين الخُلُق، مُثقف الفكر، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مُجاهدًا لنفسك، حريصًا على وقتك، مُنظمًا في شؤونك، نافعًا لغيرك.

احرص على المعرفة وإن كانت مشقة: فقد تشعر بقليل من الوحشة في طريق مكتبة كليتك الخاصة أو مكتبة الجامعة لقلة سالكيه، لكن لا داعي للقلق، فالزيارات الدائمة لمحيط المكتبات العامة والخاصة تمدك بمصادر معلومات غير محدودة.

عالج قصورك: لمتابعة خط سيرك الدراسي سواء في تقدمه أو تراجعه، حاول الحفاظ على كافة أوراقك الامتحانية مع كل فصل دراسي، مرفقة بما تمكنت من حصاده من درجات في كل مرة، وتدوين ما واجهك من صعوبات ومُسبباتها. راقب تطورك وحاول تحسين أدائك كلما تطلب الأمر.

لا تؤخر دروسك: يظن طالب الجامعة أنه بمقدوره أن يذاكر دروسه في آخر شهر قبيل الامتحانات، أو ربما ليلة الامتحان كما يفعل البعض، غير أن ذلك الروتين يحرمك التطور الفعلي؛ فلا داعي لتأجيل عملك الجامعي حتى ليلة الامتحان للصقة بورقة الإجابة، بل استمتع بعام كامل من البحث وطرح التساؤلات الجدلية وقراءة أكثر من وجهة نظر عن كل فكرة يُلقيها أستاذك.

مواقع إلكترونية

2021/12/13