تاريخ
الحركات الإسلامية السياسية: إسلام اللاواقع أم واقع اللا إسلام؟

الكلام عن الاجتهاد السياسي للحركة الإسلامية، يقودنا من جديد الى ضرورة مراجعة العقلية الثقافية للمسلمين، ودراسة العوامل التي ساعدت في تكوينها، والمراجعة هي الطريق الوحيد الذي يسهم في الكشف عن الاتجاه العام للأمة، ومعرفة القيم التي تتحكم في مسيرها المستقبلي، والمشروع السياسي الإسلامي اليوم أمام منعطف خطير، وما زالت الفرصة أمامه لجمع أوراقه وترتيب أولوياته والعمل على بناء خطاب إسلامي يكون فيه أكثر تحرراً من الإسلام التاريخي، فالحركات الإسلامية أمام خيارين الأول: وهو العمل الدؤوب لرسم بوصلة جديدة للأمة ذات صبغة إسلامية تتصف بالأصالة والعصرنة مضافاً للنضج والفاعلية، والخيار الثاني: هو الجمود على الخطاب التقليدي ومسايرة الأمة واستغلال عواطفها الدينية لتحقيق مكاسب سياسية، وما يؤسف له ان الحركة الإسلامية اليوم أقرب للخيار الثاني، فلم تقدم تصوراً ناضجاً لنظام الحكم ينطلق من الإسلام، فنجدها مؤخراً تبنت الدولة المدنية كما هو الحال في مصر وتونس، الأمر الذي يكشف عن عدم جدية هذه الحركات في خيارها الإسلامي السياسي، فطالما الدولة المدنية هي الحل الأمثل لا يبقى مبرر لتشكيل أحزاب سياسية ذات صبغة دينية، وهذا الاستسلام والفشل نتيجة متوقعة؛ بسبب قصور الحركات وعدم قدرتها على تقديم تصور مقنع لنظام حكم إسلامي له قابلية الارتباط بالواقع، ومازالت الحركات بعيدة عن بلوغ مستوى يؤهلها لإعادة انتاج خطاب جديد يناسب الواقع الراهن، ويعود ذلك إلى صعوبات وتعقيدات لها علاقة بطبيعة الوعي والفهم الذي تختزنه الأمة لمعنى الإسلام، فقد تباين الإسلام بتباين المذاهب والتيارات حتى بات من الصعب تحديد معناً مشتركاً يمثل حالة إجماع بين أبناء الأمة، وما هو موجود بين المذاهب من تباينات، وما هو مطروح من قراءات يعقد الأمر ويضاعف الصعوبات. هذا مضافاً الى صعوبات أخرى تتعلق برصد الواقع وتقيمه والقدرة على التكيف والمواكبة، والتحدي الأكبر هو القدرة على تغيير مزاج الأمة ونفسيتها المأزومة.

يصف فرج فودة عجز العقلية الحركية في تقديم تصور إسلامي يتناسب مع العصر بأسلوبه الساخر فيقول: \اننا يجب أن نفرق بين الهروب والمواجهة، وبين النكوص والإقدام، وبين المظهرية والجوهر، فالمجتمع لن يتغير والمسلمون لن يتقدموا بمجرد إطالة اللحية و حلق الشارب، والإسلام لن يتحدى العصر بإمكانيات التقدم بمجرد أن يلبس شبابنا الزي الباكستاني، ومصر لن يتألق وجهها الإسلامي الحضاري بمجرد أن يتنادى الشباب بغير أسمائهم فيدعو الواحد منهم الآخر باسم (خزعل) ويرد عليه الآخر التحية بأحسن منها فيدعوه (عنبسة)\.

الواقع أو التأريخ؟

والقصور الذي نصف به الحركة الإسلامية في تقديم وعي جديد للإسلام، واجتهاد سياسي معاصر، ليس من باب عجز العقلية المنظرة أو التشكيك في المقدرة العلمية للقيادات الحركية، وانما قصور تفرضه طبيعة الإسلام الموروث، فإذا كان من الطبيعي أن يكون لكل زمان إسلام له خطاب سياسي واجتماعي خاص، فمن الضروري أن يكون لإسلام الحاضر شخصيته التي تميزه عن إسلام الماضي، وهذا هو الأمر الذي غفلت عنه الحركات الإسلامية بتبنيها للإسلام بنسخته التاريخية، فأوقعت نفسها في تناقض من الصعب تجاوزه، فكلما تمسكت بالإسلام ابتعدت عن الواقع، وكلما انفتحت على الواقع ابتعدت عن الإسلام، فالحركة الإسلامية في تركيا اقتربت من الواقع فتنازلت عن الإسلام وتبنت العلمانية، وتمسكت طالبان وداعش بالإسلام فابتعدت عن الواقع، وهي ذاتها الخيارات التي تنتظر النهضة في تونس والإخوان في مصر، بعد أن سبقتهم الحركة الإسلامية في السودان بتبني الإسلام كمجرد شعار نتيجة الفشل الذي رافق كل مفاصل التجربة، والخوف ان الحكومة السودانية بعد تحالفاتها الجديدة مع السعودية، أن تعيد إنتاج نفسها بصورة أكثر سلفية.

العلمانية وأمل الحكم الإسلامي

ومع ان خيار العلمانية والدولة المدنية أصبح هو الخيار الأقرب للحركات الأكثر وعياً واعتدالاً، إلاّ ان الإسلام المتطرف سوف يكون أكثر حظوة وصعوداً في هذه المرحلة، لأنّه الخيار المتبقي أمام الشباب الطامح في حكم الإسلام، بعد أن فقدوا كل ثقة في الحركات المعتدلة في تقديم نموذج إسلامي غير مداهن للواقع المعاصر، وفي حال سقوط هذا الخيار المتطرف أيضاً -وهو المتوقع لأنّه يسير عكس عقارب الزمن- سوف ينتهي أي أمل لحكم إسلامي تقيمه حركات إسلامية، إلاّ أن يتدخل الغيب بشكل مباشر وتقام حكومة العدل الإلهية.

 ومن كل ما تقدم يمكننا التأكيد على ان البعد الجوهري الذي يمكن الارتكاز عليه في تقديم قراءة جديدة للإسلام، هو تجاوز النظرة التقليدية الجامدة التي تصور الإسلام كمنجز تاريخي، وهو التحدي الأكبر أمام الحركات الإسلامية، ولا أظن أنها قادرة على تحقيق ذلك؛ لأنّه ردة حقيقة عن الإسلام الذي تشكل وفق التجربة التاريخية، ومن الواضح ان هذه الحركات لم تحاول نقد هذا الموروث بل عملت على تلميعه والتوفيق بين متناقضاته.

ولا يمكن الحديث عن الاجتهاد وإعمال العقل ورصد المتغيرات للخروج برؤية سياسية تنتمي للواقع الراهن، وما زالت الأمة مترددة في فتح باب الاجتهاد الفقهي. والذي يكشف عمق ارتباط الإسلام السني بالتاريخ؛ هو البقاء في باب الأحكام الفقهية على المذاهب الأربعة، الأمر الذي يؤكد مدى تأثير السلطة السياسية التاريخية على عقلية الأمة، وإلاّ كيف يمكن تفسير أغلاق باب الاجتهاد ومنع الأمة من ممارسة الدور الذي مارسه الأسلاف، ولعدم منطقية هذه الفكرة ولمخالفتها الواضحة لشروط المعرفة تعالت النداءات لفتح باب الاجتهاد، وإن كانت هذه الدعوات تعمل على تحرر الأمة من هيمنة الماضي الفقهية، إلاّ إنّها قاصرة ومحدودة إذا لم تدعوا الى تحرير كل الفهم الإسلامي من تأثير التجربة التاريخية.

 وبرغم ان هذه الدعوى تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح إلاّ إنها مازالت تدور في فلك الأئمة الأربعة، حيث لم يكن من المسموح أن تأتي الاجتهادات الجديدة مخالفة للمذاهب الأربعة، وقد نلحظ ذلك في الدعوى التي أطلقها مجمع الفقه الإسلامي العالمي لضرورة فتح باب الاجتهاد حيث وضع من ضمن الشروط التي يجب الالتزام بها هو الاقتداء بسلف الأمة وما عمل عليه الائمة الأربعة.

وهنا أنقل قرار مجمع الفقه الإسلامي:

\أما بعد: فان مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي، بمكة المكرمة في الفترة ما بين 27 ربيع الآخر 1405هـ و 8 جمادى الأولى 1405هـ الموافق 18-29 يناير 1985م قد نظر في موضوع الاجتهاد، وهو بذل الجهد في طلب العلم، بشيء من الأحكام الشرعية، بطريق الاستنباط من أدلة الشريعة. فالهيكل الأساسي للاجتهاد، يتطلب تمام المعرفة، باستجماع الشروط، فلا مجال للاجتهاد إلاّ بها، تحصيلاً لهذا الفرض الكفائي، كما قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}، فقد أفادت الآية، ان التفقه في الدين، يتطلب التفرغ له، فلابد في الاجتهاد من أخذ الحيطة الكاملة، للوصول إلى الفهم الفقهي الصحيح.

وأوضح السيوطي إيضاحا كاملاً، فرضية الاجتهاد، وانه لم ينقطع، وذلك في كتابه (الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل ان الاجتهاد في كل عصر فرض) فبابه لم يغلق، ولا يملك أحد إغلاقه، ولاسيما ان علماء الأصول- حين بحثوا مسألة جواز خلو الزمن عن مجتهد، أو عدم خلوه- اتفقوا على ان باب الاجتهاد مفتوح أمام من تتوافر فيه شروطه، وانما تقاصرت الهمم عن تحصيل درجة الاجتهاد، وهي التضلع في علوم القرآن، والسنة المطهرة، وأصول الفقه، وأحوال الزمن، ومقاصد الشريعة، وقواعد الترجيح، عند تعارض الأدلة، مع عدالة المجتهد، وتقواه، والثقة بدينه.

وينقسم الاجتهاد أربعة أقسام:

القسم الأول: المجتهد المطلق. كالأئمة المقتدى بهم.

القسم الثاني: المجتهد في المذهب، وله أربع أحوال ذكرها الأصوليون.

القسم الثالث: مجتهد الترجيح.

القسم الرابع: المجتهد في فن، أو في مسألة، أو مسائل، وهو جائز- بناء على ان الاجتهاد يتجزأ - وهو المختار.

لذلك كله قرر المجلس بالإجماع:

1- ان حاجة العصر إلى الاجتهاد حاجة أكيدة، لما يعرض من قضايا، لم تعرض لمن تقدم عصرنا. وكذلك ما سيحدث من قضايا جديدة في المستقبل فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل، على الاجتهاد، حين لا يجد نصّاً من كتاب الله تعالى، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم- وذلك حين قال معاذ (أجتهد رأيي، ولا آلو)- وحينئذ تحفظ للإسلام جدته وصلاحيته للعصور كلها، إذ تحل المشكلات في المعاملات، ونظم الاستثمارات الحديثة، وسواها من المشكلات الاجتماعية. وحبذا لو أقيم مركز يجمع ما يصدر عن المجامع، والمؤتمرات، والندوات، لينتفع بذلك، وتزود به كليات الشريعة، والدراسات العليا الإسلامية، وبذلك يشع الإسلام، وفي ذلك ضمان لحياة مستقيمة صالحة.

2- أن يكون الاجتهاد جماعيّاً، بصدوره عن مجمع فقهي، يمثَّل فيه علماء العالم الإسلامي، وان الاجتهاد الجماعي هو ما كان عليه الأمر في عصور الخلفاء الراشدين كما أفاده الشاطبي في الموافقات، من ان عمر بن الخطاب، وعامة خيار الصحابة، قد كانت ترد عليهم المسائل، وهم خير قرن، وكانوا يجمعون أهل الحل والعقد من الصحابة، ويتباحثون ثم يفتون. وسار التابعون على غرار ذلك، وكان المرجع في الفتاوى إلى الفقهاء السبعة، كما أفاده الحافظ ابن حجر في التهذيب، ذكر انهم إذا جاءتهم المسألة، دخلوا فيها جميعًا، ولا يقضي القاضي، حتى يرفع اليهم، وينظروا فيها.

3- توافر شروط الاجتهاد المطلوبة في المجتهدين، لأنّه لا يتأتى اجتهاد بدون وسائله، حتى لا تتعثر الأفكار، وتحيد عن أمر الله تعالى، إذ لا يمكن فهم مقاصد الشرع، في الكتاب الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام إلاّ بها.

4- الاسترشاد بما للسلف، حتى يقع الاجتهاد على الوجه الصحيح، فلا يسلك اليه حديثًا إلاّ بعد معـرفـة مـا سبق للسـلف، فـي كل شأن، والاستعانة بمــا قدمه الأئمة المقتدى بهم، وإلاّ اختلطت السبل، فان كتب الفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة، أكبر عون على ما يعرض من المشكلات، إلحاقاً لها بنظائرها.

6- أن تراعى قاعدة انه (لا اجتهاد في مورد النص)، وذلك حيث يكون النص قطعي الثبوت والدلالة، وإلاّ إنهدمت أسس الشريعة.

كل ذلك يعد بادرة إيجابية تحتاج الى مزيد جهد وانفتاح حتى يتمكن المسلم المعاصر من انتاج وعيه الخاص، ومن المهم هنا الإشارة الى ان اصول الفقه السنية، تسمح للعقل السني بتحقيق تطور وانفتاح أكبر على الواقع، فالقياس، والاستحسان، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة، والمقاصد، تجعل الفقيه السني أكثر تحرراً من غيره في إنتاج أحكام شرعية تنسجم مع روح العصر تحت عنوان فقه الضرورة، إلاّ انه لم يتمكن من اعطاء نفسه هذا الحق في نقد تجربة الخلافة وفهم السلف للتصور السياسي، وعند المحاولة لفهم هذه المفارقة نكتشف ان الانفتاح الفقهي كان تأسياً بعمل السلف أيضاً، ويرجع ذلك إلى ان تجربة الصحابة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصطدمت بوقائع جديدة، لم يجد لها أثر في القرآن وأحاديث الرسول فاضطروا للعمل بهذه الأصول الظنية، من قياس، ومصالح، وغيرها ففتحوا الطريق بذلك للفقه السني في امتداد تاريخه، وقد استغل ذلك الفقهاء المعاصرين متمسكين بعمل الصحابة وسلف الأمة، وان كان ذلك اجتهاد وإعمال للعقل، إلاّ انه تقليد وإتباع طالما ارتكزوا على عمل السلف في شرعية ذلك، وهو ذاته الأمر الذي يفسر لنا توقفهم على المستوى السياسي على نظام الخلافة لأنّه الخيار الذي عمل به الصحابة.

 

*مقتطف من كتاب دولة الخلافة الإسلامية.. قراءة في المفهوم والمسار والتحولات - صادر عن شعبة البحوث والدراسات التابعة لقسم الشؤون الدينية - العتبة الحسينية المقدسة
2017/12/10

هل استوعبت الأمة الخيار السياسي للإسلام؟

هناك تيارات حركية تنادي بالإسلام كمشروع سياسي، حتى وإن كانت متأخرة حيث بدأ التنظير الحقيقي لهذا المشروع منذ جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وفي ما بعد حسن البنا، وما أسفرت عنه تلك الجهود من تشكيل حركات إسلامية، مثل الإخوان المسلمين، وما شاكلها من حركات سياسية وجهادية، وبرغم الحضور الواضح لهذه الحركات، إلاّ إنها لا ترتقي إلى مستوى تُمثِّل فيه خيار الأمة الإسلامية؛ لان الغالب الأعم بعيد عن هذا الخيار الحركي، وبالتالي لم تتمكن هذه الحركات من إقناع الأمة بعدُ، مما يعني ان الانتماء العام للإسلام يتوقف عند حدود الدائرة السياسية، وعلى أقل تقدير ان حالة الفهم والوعي في عقلية الأمة التي تشكل خلفية الارتباط بالإسلام لم تستوعب الخيار السياسي للإسلام.

الإسلاميون والسلطة

وما يؤكد على ان خيار الأمة كان بعيداً عن أي مشروع سياسي يسعى إلى تحقيق نظام إسلامي، ان كل الحركات الإسلامية التي حظيت بفرصة ترشيح حر وديمقراطي، وان كانت التجارب محدودة إلاّ إنها لم تتمكن من الوصول إلى السلطة عبر ترشيح الأمة، فالحركة الإسلامية في السودان عندما لم تتمكن من الاستفراد بالسلطة في انتخابات (1986) عادت واستلمت السلطة بانقلاب عسكري (1989) وما زالت مهيمنة على الوضع في السودان، وهكذا كل التجارب الديمقراطية في العالم الإسلامي مع قلة تلك التجارب إلاّ انها لم تُسفر عن وصول تيار إسلامي إلى السلطة، وما حققته حماس من فوز لم يكن السبب هو اقتناع الفلسطينيين بسلطة إسلامية، قدر قناعتهم بمشروع حماس المقاوم للاحتلال الإسرائيلي، والدليل على ذلك ان التنافس الانتخابي بين حماس وحركة التحرير لم يكن حول شكل الدولة ونظامها السياسي، وانما كانت خيارات الشعب الفلسطيني بين حركة مقاومة وحركة يمكن أن تقود الشعب إلى حالة من التطبيع والتبعية الكاملة للكيان الإسرائيلي، أما الإسلاميون في تركيا فوصولهم إلى السلطة كان نتيجة عوامل كثيرة لم يكن واحد منها قناعة الأتراك في دولة شرعية، ولذا لم يستطع النظام السياسي في تركيا تغيير النمط العلماني للدولة.

فشل الإخوان المسلمين

ومؤخراً تمكن الإخوان المسلمين من الوصول الى السلطة في مصر بعد ثمانون عاماً من النضال، وقد كانت تجربة الانتخابات في مصر بعد ثورة 25يناير 2011م فرصة سانحة لهم، بوصفهم الجماعة الأكثر تنظيماً وقدرة على مخاطبة الشارع وتجييشه لصالح مشروعهم السياسي، فصمود الإخوان في ظروف الاقصاء التي مورست في حقهم، والتضحيات الجثام التي بذلت في سبيل هذا المشروع أوجدت نوعاً من التعاطف الشعبي، مضافاً الى الظروف الدولية التي أرادت أن تفتح لهم الطريق ضمن ترتيب جديد للمنطقة، وقد تصدت دولة قطر بكل ما عندها من امكانات للتسويق لهذا المشروع في دول الربيع العربي فدعمت الإخوان في كل من مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا، وقد جنب السودان من هذا الربيع لوجود الإخوان على رأس السلطة فيه، وبرغم ممانعة السعودية لهذا المشروع الإسلامي إلاّ ان قطر كانت تحظى بدعم كل من تركيا وصانع القرار الأوربي، وبعد فشل الإسلاميين في هذه البلاد عادت السعودية لتتموضع من جديد في كل هذه البلاد، وأصبحت البلد الأكثر تأثيرا فيها بما فيها السودان الذي اضطر للحوق بركب القطار السعودي.

وبرغم وصول الإخوان الى السلطة عبر صناديق الاقتراع في أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير. والتي حصل فيها محمد مرسي على نسبة 51.73%. وفاز فيها على منافسه أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك الذي حصل على نسبة 48.27%. إلاّ انهم لم يستطيعوا الحفاظ على هذه الفرصة الذهبية، نتيجة فشل واضح في إدارة المرحلة، وتراجعهم عن وعودهم التنموية، وانتكاس مشروع النهضة الذي بشروا به، ومحاولاتهم الغير موفقة لأخونة كل مرافق الدولة، هذا مضافاً إلى  ارتباكهم الواضح في سياستهم الخارجية التي غلب عليها الطابع الحزبي أكثر من الطابع الوطني.

وتحرك الشارع المصري من جديد في ثورة شعبية عارمة في 30 يونيو 2013م للإطاحة بحكم الإخوان، وبعد احتقان شديد في الشارع المصري تدخل الجيش مرة أخرى لصالح الشعب واستلم مقاليد السلطة من جديد، وبدأت بذلك مرحلة ثانية من تاريخ الإخوان، وما يهمنا التأكيد عليه هنا هو ان التجربة الإسلامية في مصر لا تحسب شاهد على نجاح الإسلاميين في تحويل مشروعهم في حكم الإسلام الى خيار تتبناه كل الأمة.

القومية.. جهود محدودة

وعجز الحركات الإسلامية في أقناع الساحة بخيار إسلامي في الحكم، لا يعود فقط للأسباب النفسية التي أشرنا لها سابقاً، وانما هناك دوافع ثقافية لها علاقة بالبنية الدينية داخل المجتمعات الإسلامية، فقد توارثت الأمة على مدى ثلاثة عشر قرناً من الزمن شكل واحد للحكم، يتمثل في الخلافة الإسلامية التي سقطت آخر أشكالها في بداية القرن الماضي، وقد قُدم الإسلام في طوال هذه الفترة بالشكل الذي لا يتناقض مع هذا النظام، الأمر الذي ساعد على إبعاد الأمة عن الشأن السياسي وإيكال الأمر إلى من يسمى بخلفاء الله ورسوله، فتبلدت وتجمدت عقلية الأمة سياسياً، وأصبح من الصعب انتاج تصور سياسي ينتمي الى الإسلام في الوقت ذاته ينتمي الى الواقع الراهن، وبعد سقوط هذا النموذج ودخول الاستعمار وتجزية العالم الإسلامي، تبدد حلم الخلافة الإسلامية ووقعت الأمة في حيرة جعلتها عرضة للاستسلام أمام كل التيارات السياسية الجديدة، فبرزت ثقافة كان أساسها القومية والحكومات القطرية، وقد ساهم أتاتورك الذي أقام نظامه العلماني على أنقاض الخلافة العثمانية على تكريس هذه الثقافة، وبدأت موجة القومية تجتاح العالم الإسلامي، وتشكلت حكومات قومية قوية في مصر وسوريا والعراق، ولولا هزيمة العرب في حرب 67 التي اعتبرت هزيمة للتيار القومي لكان قضي تماماً على أي جهود لإقامة نظام إسلامي في الحكم، فتراجع المشروع القومي وإخفاقه في تأسيس دول حديثة على غرار الدول الغربية وتقاعسه أمام القضية الفلسطينية، فسح الباب للحديث عن تصور سياسي إسلامي للمنطقة مستفيداً من الجهود العلمية التي أسس لها جمال الدين ومحمد عبده في القرن الثامن عشر، وحسن البناء في الاربعينات من القرن المنصرم، إلاّ انها تظل جهود محدودة لا ترتقي الى مستوى المنافسة في تلك الفترة.

الدولة العثمانية مفترىً عليها!!

فسقوط الخلافة العثمانية كشف عن فراغ كبير في الخطاب السياسي الإسلامي، قد نجده واضحاً في عشرات الكتابات التي تصف الواقع الإسلامي بعد سقوط الخلافة، بحيث أصبحت الحسرة والبكاء على أطلال الخلافة الضائعة هي الميزة الواضحة لهذه الكتابات، جاء في كتاب محمد فريد الدولة العلية: \ان العناية الصمدية تداركتهم بلم الشعث ورتق الفتق فأضاءت الأفق الإسلامي بظهور النور العثماني وأمدته بالنصر والعون الرباني، فقامت الدولة العلية بحراسة هذا الدين وحماية الشرقيين، ودعت الى الخير وأمرت بالمودة ونهت عن المنكر فكانت من المفلحين\ ([1]).

 وبرغم ان الكاتب ليس إسلامياً إلاّ انه يكشف عن هشاشة التصور الإسلامي في الأمة، فهذه الكلمات التي مدح بها الدولة العثمانية بوصفها حامية الإسلام والمسلمين وبكونها مؤيدة من الله، تدلل على الآمال الساذجة التي كانت معلقة بمشروع الخلافة الإسلامية، وقد حاول الدكتور عبد العزيز الشناوي أستاذ التاريخ في جامعة الأزهر الدفاع عن الدولة العثمانية في موسوعته (الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها) في أربعة أجزاء، فقد كرس جهده في الدفاع عن الدولة العثمانية متهماً قوة غربية في تشويه صورتها، وقال فيه: \مبلغ علمي انه لم تتعرض دولة في العالم لمثل ما تعرضت له هذه الدولة من حملات عنيفة ضارية، استهدفت التشهير بها والنيل منها، وقامت بهذه الحملات المكثفة قوتان عالميتان عاتيتان هما الاستعمار الأوروبي والصهيونية واتخذت هذه وتلك من المؤلفات التاريخية والبحوث العلمية والتصريحات الرسمية ومن مجموعة الوثائق التي نشرتها بعض الحكومات الأوروبية مجالاً لإذاعة ما راق لها أن تنشره عن الدولة تحاملاً عليها\ ([2]).

[ذات صلة]

 وتعليق الفشل والسقوط الكبير لمشروع الخلافة على العوامل الخارجية، هي محاولة أقل ما يقال عنها بأنها استعطاف للشارع الإسلامي الذي يعاني من أزمات عدة تسببت فيها الهيمنة الغربية والصهيونية، فنسبة التشويه الى الاستشراق هو شبيه بنسبة كل اخفاقاتنا الفكرية والثقافية في الأمة للاستشراق أيضاً، وقد وسع الشناوي هجومه للكُتاب العرب الذين اعتبرهم طابوراً خامساً يردد ما يقوله المستشرق، يقول: \وقد ردد بعض المؤرخين والباحثين العرب عن جهالة أو تجاهل أو حقد تلك الآراء الخاطئة والظالمة معاً في مؤلفاتهم\ ([3]).

وأنا هنا لست في صدد تقييم الكتاب ومدى موضوعيته في تقييم التجربة العثمانية، وقد أشار المصنف بنفسه في الجزء الرابع للأخطاء التي وقعت فيها الخلافة العثمانية، وانما الذي يهمني هو التدليل على حجم الفراغ الذي تركه سقوط الدولة العثمانية في نفسية الأمة، ووجود كتاب بهذا الحجم خير شاهد على ما أقول.


[1])  تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد، نشر مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة مدينة  نصر،  سنة النشر2012 ، ص 11 من المقدمة.

([2])  الدولة العثمانية دولة اسلامية مفتري عليها، عبد العزيز محمد الشناوي، طـ مكتبة الانجلو المصرية مطبعة جامعة القاهرة 1980 م، ص 5

([3])  المصدر السابق .

 

 

*مقتطف من كتاب دولة الخلافة الإسلامية.. قراءة في المفهوم والمسار والتحولات - صادر عن شعبة البحوث والدراسات التابعة لقسم الشؤون الدينية - العتبة الحسينية المقدسة
2017/11/28

من الواقع.. خيارات سياسية اجترار لتجارب تاريخية قاسية

إذا بدأنا من تحليل عام للمشهد السياسي في البلدان الإسلامية، وحاولنا الاقتراب من الخلفية السياسية للمجتمعات الإسلامية، سوف يبدو لنا المشهد؛ قد استبعد الإسلام كنظام سياسي من إدارة الدولة، وحينها يصح لنا أن نصف الحالة العامة: بأنها تبتعد عن أي دور يُفعَّل فيه الإسلام على مستوى الساحة السياسية.

وقد يقال: ان الأمة اكتفت بجعل الإسلام ضمن حدود الشعار الذي لا يتجاوز الهوية المجتمعية، وهذا الوصف يقر بالإسلام كإطار عام للانتماء، دون الاقتراب من المحتوى والجوهر، وكل ما يحتاج اليه تشكيل هذا الإطار هو التأكيد على المبادئ العامة المتمثلة: في مجرد الإقرار بالعقائد الإسلامية، والالتزام بالأحكام الشرعية، في حدود العبادات، وبعض المعاملات. أما المحتوى الذي يمثل العمق الفلسفي لهذه العقائد، ومدى انعكاسها على الواقع الثقافي والسياسي للأمة، فانه الجانب المهمل، أو المغيب، أو المشوه أحياناً. وكذلك الحالة بالنسبة للأحكام الشرعية؛ التي تحولت الى مجرد طقوس، لا تتفاعل مع أهدافها العامة، وقيمها التشريعية، ومن هنا افتقدت الأمة الإسلامية- في الحالة العامة- كل تصور يمكنه التفاعل مع تطلعات الناس، وحاجاته الحياتية، وبكلمة مختصرة: ان المشهد المهيمن على الواقع الثقافي، والاجتماعي، والسياسي، لا يرتقي أن يكون تعبيراً صادقاً عن نظام الإسلام في الحكم والإدارة.

من دولة الخلافة إلى العلمانية

فمنذ انهيار الصورة الكلاسيكية للإسلام السياسي، أو ما يسمى بالخلافة الإسلامية، وبخاصة بعد تفكيك الإمبراطورية العثمانية (1924م) تشكلت كل دويلات العالم الإسلامي على أساس نظم سياسية لا توصف بكونها إسلامية، ومازالت تلك الحالة، حتى أصبح النمط السائد في الحكم، هو الحالة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة، ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة أو نسبتها فقط للعوامل والأبعاد الخارجية، بعيداً عن حقيقة الوعي الذي تختزنه عقلية الأمة حول الإسلام، فلو كان الإسلام في عمق وعي الأمة يمثل خياراً للعمل السياسي، ومشروعاً للحكم، وبرنامجاً حضارياً متكاملاً، حينها يصح لنا القول: ان الأمة أصبحت تعيش حالة من الردة الحقيقية عن الإسلام؛ لأنها تمسكت بخيارات سياسية بعيدة عنه.

فلم نجد في نفسية الأمة أي حالة من التناقض، بين طبيعتها الإسلامية، وبين تبنيها لتصورات سياسية يسارية، أو يمينية، فكل الأفكار السياسية، والإنسانية، وجدت طريقها إلى واقع الأمة الإسلامية وتفاعلت معها، من غير أن تشعر بأي تناقض بين إيمانيتاها الإسلامية الخاصة، وبين هذه التيارات الدخيلة، والمستحدثة.

حتى الأحزاب السياسية ذات الأبعاد الإلحادية، وجدت لها طريق وسط الأمة وتفاعلت معها الأجيال المسلمة: كالحزب الشيوعي الذي أصبح خياراً سياسياً وازن في كل الأقطار الإسلامية على الأقل في بعض المحطات السياسية من تاريخ العالم الإسلامي. الأمر الذي يؤكد حالة الانفصام بين الهوية الإسلامية الأصيلة، وبين خيارات الأمة السياسية.

ولا أظن اننا نجانب الحقيقة إذا أشرنا لوجود خلل في طبيعة الوعي الذي تختزنه الأمة للإسلام، فحصر الاهتمام بالإسلام ضمن حدود الهوية والإطار فقط، دون الاهتمام الواضح بمحتوى الإسلام الثقافي، والحضاري، والسياسي يؤكد هذا الخلل. مما يجعل من الضروري إيجاد معالجات معرفية حقيقية تستوعب الإسلام كنص مازال متفاعلاً مع حاجات الإنسان وطموحاته في كل آن، وليس الإسلام كحقيقة تاريخية موجودة في الماضي لا يتحقق الانتماء له إلاّ بالرجوع الدائم الى الماضي، وإذا تحقق هذا الوعي يكون حينها من الطبيعي السؤال عن نظام حكم إسلامي لواقعنا المعاصر، أما بدونه لا يمكن تصور نظام سياسي للواقع الراهن من خلال وعي تاريخي، ومن هنا كان من الطبيعي أن تتبنى الأمة خيارات سياسية ذات وعي ينطلق من الواقع حتى لو لم تكن إسلامية.

الإسلام.. فردانية العلاقة مع الله

هذه المعضلة المعرفية أفرزت نمط من التفكير عمل على تأصيل هذه النظرة السطحية للإسلام، فقدمت بعض القراءات اليسارية والليبرالية الإسلام كإطار شخصي فردي ضمن علاقة خاصة بين الإنسان وبين الخالق، كبعد وجداني عاطفي لا علاقة له بواقع الإنسان الاجتماعي والثقافي، فدعموا بذلك النظرة التقليدية، وأشادوا بالتجربة الصوفية كتجربة انعزالية لا تتدخل في الشأن الحياتي للإنسان، في الوقت الذي دعوا الأمة إلى مزيد من الانفتاح على التجربة الإنسانية وبخاصة في الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

 وبرغم وجود بعض المحاولات في مواجهة كل ذلك إلاّ ان المشروع السياسي للإسلام مازال غامضاً وغير واضح المعالم، وقد انعكس ذلك في التباينات بين الحركات الإسلامية التي اهتمت بهذا المشروع، كما انعكس في فشل هذه الحركات بإقناع الأمة بالخيار السياسي للإسلام، فنحن أمام وعي سياسي يمثل الأغلبية، والطابع العام للعالم الإسلامي، استطاع أن يستوعب كل الخيارات السياسية، في الوقت الذي لم يحقق التفاعل المطلوب مع الخيار الإسلامي، مع ان الحالة الطبيعية للمسلمين تستوجب بروز التيار الإسلامي كعنوان سياسي، يعبر عن مدى الانتماء لهذا الدين، ذلك هو الأمر الذي يقودنا من جديد إلى النظر في طبيعة الانتماء، الذي يقبل بالآخر وإن كان ذو مرجعية معرفية بعيدة عن الإسلام، ولا يتفاعل بالمستوى المطلوب مع الخيار الذي يجب أن ينعكس من طبيعته الذاتية.

تناقضات

بهذا الوصف يمكننا الكشف عن الدوافع التي حركت بعض تيارات الأمة لتبني مشروع الإسلام السياسي، ويمكن تلخيصها: في رفض الواقع بما فيه من تخلف ورجعية وحرمان، مضافاً الى الكفر بإسلام الأمة التي تبنت كل الخيارات ما عدا خيار الإسلام في الحكم، ومن هذه الزاوية يمكننا تتبع نشوء التفكير المتطرف الذي حاول تبرئة الإسلام، في الوقت الذي اتهم فيه فهم الأمة محملاً إياه كل المسؤولية، ولكي تبرئ هذه التيارات الإسلام كدين من ساحة الاتهام، لجأت إلى التاريخ كعمق وجداني، وكتجربة ناجحة- على الأقل في مخيلة الأمة- لتستعير منه فهم الإسلام، ولتحاكم به الفهم المعاصر، وبذلك تتحقق القطيعة بين إسلام التجربة التاريخية، وبين إسلام التجربة الراهنة، ودخلت بذلك الأمة في مرحلة جديدة من التناقضات، فمضافاً الى حالة التناقض التي يفرزها الواقع المعاصر، أصبحت الأمة أيضاً ملزمة أن تعيش تناقضات الماضي، فلم تصبح خيارات الإنسان المعرفية هي مجرد تحقيق وعي يتفاعل مع الواقع، وانما تحقيق وعي يمكنه الالتفات إلى الوراء في الوقت الذي يسير قدماً الى الإمام، في عملية صعبة ومعقدة تصل في أكثر الأحيان الى الكفر بالواقع أو الكفر بالماضي.

ومن المؤكد ان الإيمان بإسلام الماضي والتأكيد عليه لا يتحقق إلاّ بعد الكفر بإسلام الحاضر، ومن أجل ذلك تم التأكيد على نظام الخلافة كحل لأزمة الحكم في المجتمعات الإسلامية، والكفر بالديمقراطية كشكل معاصر للحكم.

ومشروع الخلافة الإسلامية برغم انه يحمل دلالة الانتماء للإسلام، إلاّ انه في الواقع يكشف عن حالة تناقض أو انفصام؛ فالإشادة بالتاريخ هي إدانة للواقع، والأيمان بما كان عليه السلف من إسلام، يقابله تشكيك بما عليه المسلم اليوم من إسلام، بحيث لا يستطيع المسلم المعاصر أن يقول: (أنا مسلم لأني أعيش اليوم إسلامي وأعبر بتجربتي عن إيماني). والإسلام وإن كان مساهماً فعلياً في صنع التاريخ إلاّ انه لم يحقق ذلك في الحاضر، فكل الخيارات الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية... هي منجزات ليست إسلامية، فإذا أراد المسلم المعاصر الإسلام انفصل عن الواقع وإن أراد الواقع انفصل عن الإسلام.

وقد كرس الخطاب السلفي هذه الحالة وتفنن في نقل أمجاد الماضي وتسويقها، حتى أصبح الخطاب الأعلى صوتاً والأكثر حضوراً هو الإسلام التاريخي، الأمر الذي يفسر لنا بروز بعض الظواهر الطالبانية والداعشية وغيرها من الحركات الراديكالية، التي تعبر عن نفسية مأزومة همشها الحاضر فهربت نحو الماضي، ومن هنا لا يمكننا استبعاد الحالة النفسية عند تحليل هذه الظواهر، في الوقت الذي لا نستبعد تأثير الجو الثقافي الذي عزز هذه الحالة، كما لا يجوز استبعاد العامل السياسي الذي وظف هذه الظواهر.

تجربة إسلامية قاسية تاريخياً

ولتقديم قراءة سياسية معاصرة للإسلام تستمد شرعيتها من النص الديني، لابد من مواجهة الوعي التاريخي للإسلام، فعملية النقد للتجارب التاريخية هي الخطوة الأولى لتجاوز التركة الثقيلة التي جعلت الأمة مستسلمة أمام ما أُنجز تاريخياً، ومن المفارقات المدهشة ان هذه الأمة تستبعد الخيار الإسلامي في الحكم لقصور التجربة التاريخية التي مثلت كارثة حقيقية لتجربة الحكم في الإسلام، وبخاصة العهد الأموي والعباسي، ولكن في الوقت نفسه تنظر بعين القداسة لتلك التجارب التاريخية، ولا تجد في نفسها الجرأة لتقديم أي تصور معارض لها، وذلك بسبب الربط الذي حصل بين الإسلام كدين وبين تجربة سلف الأمة، والأعجب من ذلك ان بعض الحركات الإسلامية أسست كل تصوراتها على تلك التجربة وبدأت في الدعوة إلى الخلافة الإسلامية تأسياً بتجربة الأمويين والعباسيين والعثمانية مثل حركة التحرير.

ويمكننا القول: ان هذه الأمة قد خضعت لتجربة إسلامية قاسية، وعلى أقل تقدير منذ قيام الدولة العصبية ابتداءً من الدولة الأموية مروراً بالعباسية وانتهاء بسلاطين الدولة العثمانية، وقد سطَّر لنا التاريخ أبشع أشكال الاستغلال السياسي باسم الدين، مما أوجد حالة في الشعور أو في اللاشعور تستدعي النفور من النظم السياسية ذات الصبغة الدينية، وقد يفسر لنا هذا وجود هذه الأنظمة التي تحكم بسياسات لا ترتكز على الدين في مشروعها السياسي، حتى أحزاب المعارضة في أغلبها الأعم لا تعارض تلك السلطة لكونها لا تحكم بالإسلام، الأمر الذي يؤكد ان خيارات الأمة في السياسة ليست إسلامية، ووجود هذه الأنظمة كان نتاجاً طبيعياً لثقافة الأمة، وليس كما يقال ان الأنظمة الحاكمة قد تمكَّنت من رقاب الأمة بمعونة خارجية بعيداً عن رضاها.

وما يعزز هذه الحالة ان المؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية، يتمحور معظم خطابها حول التربية والتهذيب والالتزام بالأحكام الشرعية، بل حتى بضرورة السمع والطاعة للحاكم، ولا نجد خطاباً يطالب بالحكم الإسلامي إلاّ ضمن الحركات الإسلامية، وهي دوائر محدودة داخل الأمة، كما إنها متهمة من تيار عريض بكونها تستغل الدين لتحقيق مآرب خاصة.

*مقتطف من كتاب \دولة الخلافة الإسلامية.. قراءة في المفهوم والمسار والتحولات\ - صادر عن شعبة البحوث والدراسات التابعة لقسم الشؤون الدينية - العتبة الحسينية المقدسة

 

2017/11/26

النبي محمد (ص).. شهيد الأمة

كثيرة هي الشمائل النبوية المذكورة في القرآن الكريم، وهنا نحاول ان نقف عند واحدة منها، لما للتعرف على خصائصه  من أثر مهم في معرفة عظم المصيبة التي ابتلي بها المسلمون برحيله حتى ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فإن الخلق لم يصابوا بمثله قط([1]).

فعظم الشعور بالفقدان يتوقف على عظم المفقود.

وما نريد ان نتوقف عنده في هذه المقالة مقام الشهادة الذي وصف الحق تبارك وتعالى نبيه به في كتابه فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}([2])، فما معنى الشهادة في هذه الآية الكريمة؟

إن هذه الشهادة المذكورة في الآية، حقيقة من الحقائق القرآنية تكرر ذكرها في كلامه سبحانه، كقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}([3])، وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}([4])، وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ}([5])، والشهادة فيها مطلقة، وظاهر الجميع على إطلاقها هو الشهادة على أعمال الأمم، وعلى تبليغ الرسل أيضا، كما يومىء إليه قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}([6])، وظاهر الآيات إن هذه الشهادة ليست في الآخرة ويوم القيامة فقط كما في قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} ([7])، بل في الحياة الدنيا ايضا يشير اليها قوله تعال حكاية عن عيسى (عليه السلام): {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ([8]).

ثم لنا ان نسأل ان هذا الشهيد شهيد على صور الأعمال فقط ام على حقيقتها وباطنها والمقصود من حقيقة الاعمال المعاني النفسانية من الكفر و الإيمان و الفوز و الخسران، و كل خفي عن الحس ومستبطن عند الإنسان؟

والجواب: بما ان الآيات مطلقة فهي تفيد ان الشهيد عالم ومطلع على حقائق الاعمال وليس صورها فحسب، بل هي تحمل حقائق أعمال الناس في الدنيا من سعادة أو شقاء، وانقياد وتمرد، وأداء ذلك في الآخرة يوم يستشهد الله من كل شيء، حتى من أعضاء الإنسان، يوم يقول الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.

ولا يخفى أن هذه الحقائق القلبية النفسانية هي مدار الثواب والعقاب في الآخرة فعليها يدور حساب رب العالمين يوم تبلى السرائر كما قال تعالى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}([9])، فهي مما ليس في وسع الإنسان إحصاؤها والإحاطة بها وتشخيصها من الحاضرين فضلا عن الغائبين إلا رجل يتولى الله أمره ويكشف ذلك له بيده، ويمكن أن يستفاد ذلك من قوله تعالى {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ([10]).

الشهادة.. كرامة خاصة

و من المعلوم أن هذه الكرامة ليست تنالها جميع الأمة، إذ ليست إلا كرامة خاصة للأولياء الطاهرين منهم، و أما من دونهم من المتوسطين في السعادة، و العدول من أهل الإيمان فليس لهم ذلك، فضلا عن الأجلاف الجافية، و الفراعنة الطاغية من الأمة، بل هؤلاء هم من أشار اليهم الحق تعالى بقوله {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}([11])، ومن خلال الآية المتقدمة يتضح تلازم مقام الشهادة مع الشفاعة حيث أنها نفتها عن غير الشهداء، وبما أنهم ـ اي الشهداء ـ من الذين أنعم الله عليهم بمقتضى قوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً}([12])، فيكونون هم أصحاب الصراط المستقيم لقوله: اهدنا الصراط المستقيم

فهم أصحاب الصراط المستقيم، لقوله تعالى \صراط الذين أنعمت عليهم\: فاتحة الكتاب - 7.

فالمراد بكون الأمة شهيدة أن هذه الشهادة فيهم، كما أن المراد بكون بني إسرائيل فضلوا على العالمين، أن هذه الفضيلة فيهم من غير أن يتصف به كل واحد منهم، بل نسب وصف البعض إلى الكل لكون البعض فيه و منه، فكون الأمة شهيدة هو أن فيهم من يشهد على الناس و يشهد الرسول عليهم.

ومما تقدم نعلم أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) محيط بإحاطة ملكوتية بالجميع وان الاعمال كذلك تعرض عليه، ففي بعض الروايات كل صباح ومساء وفي روايات كل اثنين وكل خميس فهل يمكن ان نقبل شهادة من ليس له اطلاع على الاعمال المراد شهادته عليها.

ومقامات النبي’ في القيامة عظيمة وهي اعلى من باقي الانبياء والرسل بل جميع الخلق ومنها هذه الرواية اللطيفة في تفسير العياشي:

«عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم: في قول الله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا، قال: يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاما ويؤمر الشمس، فيركب على رؤوس العباد، ويلجمهم العرق، ويؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيستشفعون منه فيدلهم على نوح، ويدلهم نوح على إبراهيم، ويدلهم إبراهيم على موسى، ويدلهم موسى على عيسى، ويدلهم عيسى فيقول:

عليكم بمحمد خاتم البشر فيقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أنا لها فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق فيقال له: من هذا؟ والله أعلم فيقول محمد، فيقال: افتحوا له فإذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا فلا رفع رأسه حتى يقال له: تكلم وسل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه ويستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد أحرق بالنار فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو قول الله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا»([13]).

قال علي بن أبي طالب عليه السلام:

\يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فيقام الرسل فيسأل فذلك قوله لمحمد’: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) وهو الشهيد على الشهداء، والشهداء هم الرسل\([14]).

قال أمير المؤمنين عليه السلام: \ما برأ الله نسمة خيراً من محمّد’\([15]).

 ----------------------------------

([1]) الوسائل: ج3، ص267.

([2]) البقرة: 143.

([3]) النساء: 41.

([4]) النحل: 84.

([5]) الزمر: 69.

([6])الأعراف: 6.

([7]) النساء: 159.

([8]) المائدة: 117.

([9]) البقرة: 225.

([10]) الزخرف: 86.

([11]) النساء: 69.

([12]) النساء: 69.

([13]) الميزان، الطبطبائي، ج ١، ص ١٧٥.

([14]) بحار الانوار مجلد: 7 ص 313 .

([15]) الكافي الشريف ج1، ص440.

 
2017/11/19

في ذكرى رحيل النبي.. هكذا يرى علي (ع) محمداً (ص)

توسمت شخصية الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) بكمالات حيرت أرباب العقول وكل قاصد لمعرفته، وأنى لنا معرفته وهو القائل: (يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وأنا)[1] ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

لذا لو أردنا أخذ نزر من معرفة هذه الشخصية العظيمة يحدونا العقل الى أعتاب باب مدينة علمه وأعرف الخلق به علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) والوقوف على بعض درره في وصف النبي (صلى الله عليه وآله) في عدة وقفات:

1-    في طفولته وكهولته:

قال عليه السلام : (خير البريّة طفلا، وأنجبها كهلا)[2]

فعن عمه أبي طالب قال في النبي (صلى الله عليه واله) : لم أرَ منه كذبة قط، ولا جاهلية قطّ، ولا رأيته يضحك في غير موضع الضحك، ولا يدخل مع الصبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكان الوحدة أحبّ إليه والتواضع..)[3]

والكهل: الرجل الذي يتجاوز الثلاثين.

فقد جاء في الخبر: (لمّا بنت قريش الكعبة، وتنازعوا في رفع الحجر ووضعه في محلّه، وحكّموا النبيّ (صلى اللّه عليه وآله) فحكم بينهم بما ارتضوه، قال قائل متعجّبا من انقياد شيوخ قريش لشابّ وكان يومئذ ابن خمس وثلاثين: أما واللات والعزّى ليفوقنّهم سبقا، وليقسمنّ بينهم حظوظا وجدودا، وليكوننّ له بعد هذا اليوم شأن ونبأ عظيم)[4]

2-   نزر من سيرته:

وقال عليه السلام: (سيرته القصد، وسنّته الرّشد، وكلامه الفصل، وحكمه العدل)[5]

القصد هو التوسط والاعتدال، وضده التجاوز عن ذلك، وبعبارة أخرى القصد هو منهج لا افراط فيه ولا تفريط، فقد بين الامام علي (عليه السلام) اعتدال سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) في جميع مجالات حياته المباركة عباديا واخلاقيا وسياسيا واقتصاديا.. حتى وصفه القران الكريم: (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[6]، (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[7].

فقد كان (صلى اللّه عليه وآله) يقسم لحظاته بين جلسائه، ولا يتكلّم إلاّ في ما رجا ثوابه، فإذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير، ولم يكن المسلمون وحدهم في دهشة من كمالاته، بل وقف غيرُهم متحيرا من عظمة شخصيته وعلو مقاماته.

فقد صرح برنارد شو الفيلسوف العالمي بقوله: (ان دين محمد هو الدين الوحيد الذي يلوح لي أنه حائز على أهلية الهضم لأطوار الحياة المختلفة بحيث يستطيع أن يكون جاذبا لكل جيل ... ان محمدا يجب أن يدعى منقذ الانسانية، وأعتقد أنه لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلب إلى العالم السعادة والسلام، ان محمدا أكمل البشر من السابقين والحاضرين، ولا يتصور وجود مثله في الآتين)[8]

3-   في أفضليته على جميع الخلائق:

وقال عليه السلام: (وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله وسيّد عباده)[9] (لا يوازى فضله)[10] (المجتبى من خلائقه... والمصطفى لكرائم رسالاته)[11] (أرسله بالضّياء، وقدّمه في الاصطفاء)[12]، (فهو إمام من اتّقى، وبصيرة من اهتدى)[13]

تلألأت هذه الكلمات بمقامات النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) التي لا يدانيه فيها احد، فقوله: (سيد عباده) و (المجتبى من خلائقه) و (قدمه في الاصطفاء) و (امام من اتقى) و (لا يوازى فضله).. كل هذه بيانات بان مقام النبي (صلى الله عليه وآله) وفضله لا يدانيه فيه أحد من خلق الله طرا بلا استثناء، فهو أول من خلقه الله تعالى

ومنه خلق كل خير كما ورد في كتب الفريقين.

إننا نعتقد، أن مسير مئات الآلاف إلى مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) إحياءً لذكرى رحيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، في الـ 28 من صفر الخير، ما هو إلا تجسيد حي للمودة في القربى، الذي أمر به الله تبارك وتعالى في قوله: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[14].

 

[1]  روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه: ج5 ص492.

[2] نهج البلاغة : خطبة 105.

[3] المناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص37 .

[4] الطبقات لابن سعد: ج1 ص94.

[5] نهج البلاغة : خطبة 94.

[6] يس: 3- 4.

[7] القلم: 4.

[8] في ظلال نهج البلاغة: ج1 ص63 نقلا عن جريدة الجمهورية المصرية عدد 14 مايو « أيار » سنة 1970.

[9] نهج البلاغة : خطبة 214.

[10] نهج البلاغة : خطبة 151.

[11] نهج البلاغة : خطبة 178.

[12] نهج البلاغة : خطبة 212.

[13] نهج البلاغة : خطبة 94.

[14] الشورى: 23.

 
2017/11/18