ثمنها الجنّة: كيف نحصل على التقوى؟

بسم الله الرحمن الرحيم قال عزَّ من قائل:- ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾.

 تبشر الآية الكريمة المؤمنين بخير، وهي تقول أولاً ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ فإنَّ المؤمنين يوجد لهم سائق يسوقهم إلى الجنَّة، ولماذا هذا السوق فإنَّ المفروض أنهم يسيرون إلى الجنة بأنفسهم فلماذا يتلكأ البعض منهم في السير ويحتاجون إلى ملكٍ يسوقهم إلى الجنة؟ لعل السبب في ذلك هو أنَّ البعض ينتظر ابنه أو أخاه أو صديقه أو زوجته ولكنهم - مع الأسف - لم يكونوا من أهل الجنة، فلأجل هذا الأمر يسوقهم الملك إلى الجنة، ومن هم الذين يسوقهم الملائكة إلى الجنة؟ إنهم المتقون ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِلَى الْجَنَّةِ ﴾، وكيف يسوقونهم ؟ يسوقونهم زمراً ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾ ومعنى الزمر هي جماعة، فهم يساقون جماعةً جماعة، فمثلاً الذين يحضرون مجالس الإمام الحسين عليه السلام هم زمرة والذين يطبخون الطعام لأجله زمرة أخرى ... وهكذا، فلابد إذاً من جود عاملٍ مشترك بين هذه الجماعة حتى يكونوا زمرة واحدة، ثم قالت الآية المباركة ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ أي قبل أن يصلون إلى الجنة تفتح لهم أبوابها احتراماً لهم ويقول لهم خزنتها ﴿ سلام عليكم ﴾ يعني السلام عليكم فإنكم سرتم سيراً مستقيماً في الدنيا فتعالوا الآن إلى الجنة، و﴿ طبتم ﴾ أي طبتم في الجنة تعيشون فيها فترة غير محددة بل خالدين فيها ﴿ فادخلوها خالدين ﴾ أي إلى ما لا نهاية، ومن الواضح أنَّ الإنسان يبقى في الجنة شاباً ولا يصير شيخاً وإلا فلا تنفعه الجنة، بل يبقى على روعته وشبابه وتلذذه، فهذا هو جزاء الذين اتقوا، فالمهم أن يكون الانسان المؤمن متقياً وهذه الآية الكريمة منبهة لنا بأن صيروا متقين واثبتوا على التقوى، وأهم شيء ينبغي المواظبة عليه هو التقوى، لأنك سوف تحصل على جنة الخلود بسبب هذه التقوى.

وكيف نحصل على التقوى؟

إنَّ الأمر ليس بالسهل ولكن أولاً ينبغي التصميم من داخل النفس على إرادة الجنة وطلبها، ومن أهم الأمور لأجل ذلك أولاً هو المواظبة على اللسان من الغيبة والنميمة وما شاكل ذلك وأيَّ تصرف محرم ، والأمر المهم الثاني هو أنَّ التصميم وحده لا ينفع بل لابد وأن يلوذ المؤمن بالله عزَّ وجل ويخاطبه الله دائماً وفي جميع أحواله بأنه يا رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً وخذ بيدي في جميع أموري، فلندع بهذا الدعاء ولنعلم الناس عليه أيضاً فإنهم قد لا يكونوا ملفتين إلى ذلك وإنما هم ملتفتون إلى أشياء أخرى كأن يطلبون من الله تعالى أن يرزقهم الحج أو العمرة أو زيارة المعصومين عليهم السلام وهذا أمر جيد لكن الأهم هو أن يدعو الإنسان ربه في أن يأخذ بيده دائماً وهذا ما يعلمنا به القرآن الكريم كما في قصة يوسف عليه السلام حيث قال:- ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾. اللهم اجعلنا نخشاك كأنّا نراك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ أبداً بحق محمد وأهل بيته الطبيبين الاطهار.

نص الموعظة الأسبوعية لسماحة آية الله الشيخ باقر الإيرواني دام عزّة ليوم الأربعاء :- 10/ شعبان / 1445هـ ق الموافق 21 / 02 / 2024م