الإسلام هو دين الفطرة.. هكذا يخبرنا القرآن الكريم في مواضع عدة، بمعنى أنه منسجم بالكامل مع أصل خلقة الإنسان و غاية حركته و حقيقة روحه؛ يقول تعالى:
(فأقم وجهك للدّين حنيفا فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم[1]).
أي: توّجه بالكامل للإسلام، فهو الدين الحنيف و الوسط الذي لا إفراط فيه و لا تفريط، لأنه منسجم بالكامل مع الفطرة الإلهية.
فهو دين «قيّم»، أي: أبديّ ثابت، لكونه وسطا منسجما مع الفطرة- كما توضح الآية الكريمة و نبيّه (صلّى اللّه عليه و آله) هو خاتم الأنبياء[2].
لكن، ما هي الفطرة؟
الفطرة لغة تعني الخلقة، ولبيانها بشكل تفصيلي نقول:
إنّ معلوماتنا هي على قسمين:
الأول: فكرية تتحصّل بالتعليم و التعلّم مثل ما يتحدث عنه العلم في المدرسة، و يستنتجه التلميذ، و نظير ما أقوله في هذا الاجتماع المقدّس و ما تسنتجونه منه.
فهذه معلومات يكتسبها الإنسان، و ترتبط بعقله، فهي معلوماته.
و القسم الآخر: يضم معلومات غير اكتسابية بل «وجدانية»، و هي لا ترتبط بالعقول، بل بالغرائز و الميول، مثل إدراك الإنسان للجوع والعطش.
فهي معلومات ليست تعليميّة و لا تعلّميّة، بل تدرك وجدانيا، إذ يجوع الإنسان، فيتناول الطعام، فيشبع، أو يعطش فيشرب الماء، فيرتوي.
فهو يدرك الجوع و الشبع بالغريزة التي أودعها اللّه فيه.
و بعبارة أخرى يدرك (معنى) العطش ساعة ينتابه و يدرك الارتواء ساعة يتناول الماء.
و هذه الغرائز على قسمين:
الأول: يشارك فيه الإنسان الحيوان كافّة، و لعلّه في بعض الحيوان أقوى منه في الإنسان نظير الأمثلة المتقدّمة.
و الثاني: هي الغرائز التي يتحكّم فيها التوجّه و الإرادة، و هذا القسم هو الذي يطلق عليه اسم «الفطرة» (الإنسانية).
فالفطرة هي نفس الغريزة مع فارق هو أنّ الغريزة تعمل بصورة غير شعورية دون توجّه و لا إرادة، ولديها معلومات. أمّا الفطرة، فهي تدرك و لكن بالعمل و التوجّه.
[1] سورة الروم/ 30.
[2] الاستدلال على خاتمية النبوة المحمدية يرجع إلى كون الاسلام دينا أبديا ثابتا، و ليس لكونهمنسجما مع الفطرة الإلهية، فأصل الاديان الإلهية عامةغير المحرفةمنسجممع الفطرة.