شهادة من مخالف: وثيقة تعود لعام ٢٠٠ هـ تثبت قدم نظرية (النص على الإمامة)

مروان خليفات
زيارات:2185
مشاركة
A+ A A-

قول قدماء الشيعة بالنص على أسماء الأئمة.. شهادة من مخالف!

كثيرا ما نسب إلينا المخالفون والشاكون القول باختلاق نظرية الإمامة والنص على أسماء الائمة ع في الغيبة الصغرى (26هـ ـــ 329هـ) وبعدها، هذا بالرغم من تواتر النصوص لدى الإمامية.

واليوم بينما كنت أقرأ كتابا لأحد مخالفي الإمامية، وجدته يشهد لقدماء الامامية بعقيدة النص على الأسماء الطاهرة.

هذا المصنف هو أبو العباس عبدالله بن محمد المعروف بالناشيء الكبير، عاش في القرن الثاني والثالث الهجريين، وهو في كتابه مسائل الامامة ومقتطفات من الكتاب الاوسط فى المقالات، ص 23 يترضى على الخلفاء ومعاوية أيضا، وهذا يدل على عقيدته المخالفة للشيعة.

قال الناشيء الكبير وهو يعدد فرق الشيعة: (فرقة قطعوا على موته ــ أي عليا عليه السلام ــ وزعموا أن الإمام بعده الحسن بن علي، وزعموا أن النبي صلعم قد نص على إمامته كما نص على إمامة أبيه، وهؤلاء هم الذين يدينون بنسق الإمامة وتواتر الوصية، يقولون: لا بد بعد كل إمام من إمام، وبعد كل وصي من وصي إلى أن تفنى الدنيا.

وزعموا أن النبي صلعم قد نص لعلي على كل إمام يكون بعده من ولده إلى يوم القيامة باسمائهم وصفاتهم، فالإمامة تجري اليوم عندهم على ما نص عليه النبي صلعم. وقد حكى هذا القول جماعة من أصحاب علي عليه السلام منهم: الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير)

راجع قوله في: مسائل الامامة ومقتطفات من الكتاب الاوسط فى المقالات، ص 22

وهنا مسائل يحسن توضيحها:

أولا: ألف الناشي الكبير كتابه المذكور قبل استشهاد الإمام الرضا ع (ت 203هـ)، وقبل انتقال الإمامة لابنه الجواد عليه السلام، وهذا يعني أن المصنف ولد على الأقل قبل سنة 180هـ، فإن صح أن وفاته كانت سنة 293هـ، فهو من المعمرين.

إننا نتعامل مع نص تمت كتابته حدود سنة 200 للهجرة، قبل القول بإمامة الإمام الجواد ع (203هـ ــــ 220هـ) كما في الإقرار التالي للمؤلف نفسه.

قال في كتابه المذكور ص 48 مبينا افتراق الشيعة منتهيا بذكر الواقفة ــ الذين قالوا بإمامة موسى بن جعفر ع (183هـ) دون سائر أبنائه ــ: (وإلى هذا الموضع انتهى اختلاف أصحاب الإمامة القائلين بالنسق في الوقت الذي كتبنا فيه كتابنا هذا)

ثانيا: اعتقاد الإمامية في القرن الثاني الهجري وما قبله بتواتر الوصية على الأئمة كما يفيد قوله :(وهؤلاء هم الذين يدينون بنسق الإمامة وتواتر الوصية).

ثالثا: اعتقاد الإمامية في القرنين الاول والثاني الهجريين بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأئمة عليهم السلام بأسمائهم واخبار النبي عليا عليه السلام بذلك، كما في قوله: (وزعموا أن النبي صلعم قد نص لعلي على كل إمام يكون بعده من ولده إلى يوم القيامة باسمائهم وصفاتهم)

رابعا: ذكر المصنف أن اعتقاد تعيين الأئمة بأسمائهم هو المحكي عن بعض أصحاب الأمير عليه السلام، منهم: (الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير).

وقوله هذا يدل على اعتقاد بعض أصحاب الإمام علي عليه السلام بالنص على الأئمة بأسمائهم، لكن قد يقال إن قوله: (وقد حكى هذا القول جماعة من اصحاب علي عليه السلام منهم: الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير)

هو حكاية لقول الإمامية، وهذا مردود ويرده صياغة الكلام، فهو قرر ذاك الاعتقاد أولا، ثم أكده بأنه: حكي عن جماعة من أصحاب علي ع، ثم ذكر ثلاثة منهم.

خامسا: إن عبد خير الذي ذكره هو: عبد خير بن يزيد الهمداني من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا صحابي يؤمن بالنص على الأئمة بأسمائهم، قد أفرده بترجمة مستقبلا، وحاله مشابه إلى حد ما للصحابي أبي الطفيل عامر بن وائلة الذي جعله ابن قتيبة في معارفه من غلاة الرافضة القائلين بالرجعة، وهو ممن حمل راية المختار.

سادسا: هذا النص المتقدم من علم مخالف للشيعة يترضى على الداعية إلى النار، هو وثيقة مهمة صريحة تدل على اعتقاد الإمامية في القرنين الاول و الثاني الهجريين بوجود نص نبوي على أسماء الأئمة عليهم السلام، وتدل على اعتقاد الأصبغ والحارث والصحابي عبد خير تلك العقيدة، وبهذا يبطل ما يقوله الأفاكون الشكاكون ضعاف النفوس من تأخر النص على الأئمة واختلاق الإمامية له .

سابعا: في الوثيقة المتقدمة رد أيضا على من زعم أن مهندس نظرية الإمامة ومخترعها هما هشام بن الحكم أو ابن الراوندي (التائب) لأن هذين متأخرين عن الأصبغ والحارث وعبد خير.

ثامنا: من التابعين الإمامية الذين قالوا بالنص وإمامة السجاد والباقر عليهما السلام الفقيه إبراهيم النخعي (ت 96هـ) كما في نقل القاسم الرسي (ت 246هـ) عنه في كتاب (الكامل المنير في اثبات ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) تحقيق: عبد الولي يحيى الهادي، ص49 ـــ 50 وهذا الكتاب وإن شككوا فيه، لكن أسنده إليه الإمام القاسم بن محمد في كتاب (الاعتصام بحبل الله المتين) وكتبه الأخرى، وقد كان لي كلام حول إمامية النخعي.

مواضيع مختارة