د. علي أحمد السالم يكتب:
يقول أحد الأمثال الشعبية الإنجليزية أن "ساعة النوم قبل منتصف الليل تساوي ساعتين بعده"، وفي مصر تجد معظم الأمهات يرددن عبارة "نوم الليل مش زي نوم النهار" على مسامع أبنائهن.
هذا ليس رأي المقولات الشعبية فحسب، وإنما تشير الآف الأبحاث العلمية حول العالم لأضرار السهر على الصحة البدنية والنفسية.
السهر ككلمة تعني النوم في ساعة متأخرة من الليل، ولوقت قصير لا يكفي حاجة الجسم، وهو سلوك مخالف لسنن الله في كونه، فقد خصص الله سبحانه وتعالى النهار للعمل والحياة والنشاط، والليل للنوم والراحة، يقول الله تعالى في كتابه العزيز «وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً».
وقد تغيرت هذه المفاهيم بعد التطورات التقنية الهائلة في حياتنا اليوم، فالتلفاز والإنترنت ووسائل الاتصال والتواصل المختلفة، حرمت الإنسان من النوم، وأصبح يقضي وقتاً طويلاً من حياته عليها، وقلّت ساعات النوم، وزاد السهر، وخاصة لدى الشباب.
تشير الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية إلى أن السهر يؤثر سلباً على صحة جسم الإنسان وسلامته، فجسم الإنسان الذي لا ينام جيداً وفي الوقت الصحيح يصاب بالتعب والخمول، وضعف التركيز والذاكرة، ويصاب باحمرار العيون وانتفاخهما، والصّداع، كما يصاب بالتوتر والقلق دون سبب أو داع، وسرعة الغضب، وقد يعاني من بعض المشكلات الجلدية كالبثور وحبّ الشباب.
كذلك السهر يذهب الكفاءة العضلية للجسم ويضعفها جدّا، حيث أثبتت الأبحاث أن القوة العضلية للجسم تكون في كل طاقتها في الصباح وتبدأ تخف تدريجياً في الليل، ولذلك يحتاج الجسم للنوم والراحة لتجديد هذه القوة.
كما أن السهر يؤثر على جهاز المناعة للجسم، وقدرته على حماية الجسم من الكثير من الأمراض، بالإضافة إلى أن هناك علاقة بين السهر والتحصيل العلمي، فقد بينت دراسة علمية أجريت في جامعة تكساس عام 2008 أن الطلبة الجامعيين الذين يدرسون في وقت متأخر من الليل كان لديهم متوسط درجات أقل، في حين أن من ينهون فروضهم مبكراً كانت درجاتهم أعلى.
كما أن هناك علاقة بين السهر وحوادث السيارات، ففي دراسة حديثة نشرت في مجلة طب النوم الإكلينيكي إحدى مجلات الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، رصد فيها الباحثون نسبة حوادث السيارات التي تعرض لها السائقون الشباب على مدى سنة في مدينتين أمريكيتين متجاورتين إحداهما تبدأ الدراسة فيها الساعة 7:20 صباحا والأخرى تبدأ الدراسة فيها الساعة 8:45 صباحا، وجد الباحثون أن نسبة حوادث السيارات التي يقودها الشباب كانت أعلى بنسبة 41٪ في المدينة التي بدأت فيها الدراسة مبكرا مقارنة بالمدينة الأخرى، واستمرت هذه الزيادة حتى بعد أن حاول الباحثون السيطرة على العوامل الأخرى التي تزيد نسبة الحوادث مثل ازدحام الشوارع.
ماذا يحدث في الجسم نتيجة السهر وقلة النوم؟
يرتبط النوم ليلاً بإفراز هرمون الميلاتونين Melatonin الذي يزيد إفرازه في الظلام ويقل في وجود ضوء النهار.
وعندما تطيل السهر وتقلل من عدد ساعات نومك ليلاً، فإنك تحرم جسمك من إفراز القدر الكافي منه، فتختل مستويات هذا الهرمون في جسمك، ما يؤثر سلباً على انتظام الوظائف التالية لديك:
1- معدلات وأوقات النوم والاستيقاظ (الساعة البيولوجية).
2- حرارة الجسم.
3- توازن السوائل داخل الجسم.
4- الشعور بالجوع والشبع.
أضرار السهر على الأطفال والمراهقين
أظهرت دراسات حديثة أن 30% من المراهقين الذين اعتادوا النوم بعد الساعة 11:30 مساءً في أيام الدراسة وبعد 1:30 صباحاً أثناء العطلة، ساء تحصيلهم الدراسي مقارنة بأقرانهم ممن لم يعتادوا السهر.
كذلك، تشير العديد من الدراسات إلى أن الأطفال الذين يعتادون السهر والنوم في ساعات متأخرة من الليل، هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية مستقبلاً.
أخيراً ما العلاج؟ العلاج الوحيد ممارسة السلوك الصحي بممارسة الرياضة، وتناول وجبة خفيفة في العشاء، والابتعاد عن المنبهات كالقهوة، والشاي، والتدخين، وان لا يؤخر نومه إلا لضرورة كمذاكرة علم أو محادثة ضيف أو مؤانسة عائلته.