*حسن الشمري
إشارة: المقال يتعلق بالموروث المغيب من تراث النجف وكربلاء وما يعنى بتلك الهضبة النفيسة التي كادت تُدرس قاعاً أثارها وتطمس ظلماً أحوالها لولا كلمات على عليه السلام.
١- النجف وكربلاء وحدة جغرافية متسقة:
يحسب اغلب النظّار والباحثين أن ظهر الكوفة يتحدد بالنجف فقط بيد أن الروايات تشير إلى أبعد من ذلك.
كقوله عليه السلام بحق ولده :(بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة) [كامل الزيارات]
ومنه يعرف ان ظهر الكوفة يبدأ بقبر أمير المؤمنين -عليه السلام- فطارات (هضاب) النجف انتهاءً بطارات كربلاء وحتى قبر الحسين -عليه السلام-.
٢- البحر الأحمر والكوفة الحمراء :
في الجنوب الشرقي من الهضبة يقع بحر النجف، وعثر له في المسماريات تسمية أخرى تعد مهجورة اليوم ، حيث كان يعرف باسم "بانقيا" وهي من لفظ "فينيقيا" وتعني الأرض الحمراء ؛ - (با) تعني الأرض (نيقيا)تعني أحمر- وإنما سمي كذلك تبعاً لتسمية الأرض التي كانت تعرف باسم "الكوفة الحمراء" أو الأرض الحمراء" ؛ إذ كان فيما مضى يتخذ منها ما يصير في اصباغ الدباغة والزينة.
ثم اعلم أنه كان يتصل بالخليج العربي مداً، ولذا تجد في خريطة "هيرو دوت" «البحر الأحمر» مكان الخليج العربي وفي غيرها «الخليج الأحمر » وإنما اكتسب التسمية لأتصاله ببحر النجف[ بحر الأرض الحمراء].
وقال الإمام الجوهري في الصحاح في قوله: الكوفة: الرملة الحمراء، وبها سميت الكوفة([1]).
٣- وطنٌ موحىً به قد أستعجم على الباحثين من ساح فيه :
من كان ليدري أن بين ربوع هذه البقعة المباركة حلَّ غير واحد من أولي العزم يصلي فيها راتباً ويتخذ منها سكناً ..
لولا ما ورد معتبرا عن أهل البيت عليهم السلام ، سيما ما روي عن علي -عليه السلام - حيث قال (يا أهل الكوفة لقد حباكم الله بما لم يحبُ به أحداً مِنْ فَضْلِ مُصَلاَّكُمْ بَيْتِ آدَمَ وَ بَيْتِ نُوحٍ وَ بَيْتِ إِدْرِيسَ وَ مُصَلَّى إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ وَ مُصَلَّى أَخِي اَلْخَضِرِ (١) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ مُصَلاَّيَ وَ إِنَّ مَسْجِدَكُمْ هَذَا لَأَحَدُ اَلْأَرْبَعَةِ اَلْمَسَاجِدِ اَلَّتِي اِخْتَارَهَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَهْلِهَا...، وَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ يكون مُصَلَّى اَلْمَهْدِيِّ مِنْ وُلْدِي.. -الخبر- ).
1): هو إلياس صاحب الرجعة في بني إسرائيل والذي كان موجودا في السبي البابلي ومن أسماءه ايضا: (إيليا ،وأرميا وحسقيال، وعزير) واعلم أنه غير العبد الصالح الذي كان موسى- عليه السلام- محجوجاً به يوم خرقَ السفينة وقتل الغلام ؛إذ ذاك لآخرُ فلا يُتاه بك .
٤- الكوفة أول الطور:
وهو ما جاء في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله اختار من البلدان أربعة، فقال عز وجل " والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين " فالتين المدينة والزيتون بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة -الخبر-)
وقوله عليه السلام :(أدفنوني في هذا الظهر فإنه أول طور سينين(2).
يتحصل من مجموع الأخبار ، كالخبرين الآنفين أن طور سينين من الكوفة ، أو أن الكوفة من طور سينين ، أو هما متطابقان ، أو لبيان الحد.
*مقتطف من أبحاث السيد سامي البدري
الهوامش: (1): سينين وسيناء من أسماء بابل وتعني الحكمة والمعرفة ويعاضده أن الفرات الذي يشق سيناء –بابل- له تسمية تشاكله في المعنى اذ يسمى (اب گال) وتعني :الاب الحكيم ، بل تسمية شطر منه اليوم بالهندية لم تأتي عن فراغ وإنما هي لفظة أكدية- انديقي- وتعني الحكمة ايضا. (2) الصحاح للجوهري 4: 1424. مادة كوف.