هل دُفن أصحاب الإمام الحسين (ع) في حفرة واحدة؟

مركز الرصد العقائدي التابع للعتبة الحسينية المقدسة
زيارات:3092
مشاركة
A+ A A-
عند زيارة قبور الشهداء في ضريح الإمام الحسين (عليه السلام)، كيف يمكن لمكان صغير مثل ذلك أنْ يسع أكثر من سبعين قبراً؟ وهناك روايات تقول إنْ النساء اللواتي عُدْنَ من السبي، جلست كل واحدة منهن على قبر فقيدها وكذلك نساء الأصحاب؟

الجواب من اللجنة العلمية في شعبة البحوث والدراسات:

مما لا شك فيه أنّ أصحاب الحسين (عليه السلام) قد استشهدوا ودفنوا في كربلاء.

وأنّ الذي دفنهم هو الإمام السجاد (عليه السلام) بمعونة بنو أسد.

أ-قال الشيخ المفيد في حديثه عن كيفية دفن الشهداء: ((... وحفروا - بنو أسد - للشهداء من أهل بيته وأصحابه - الذين صُرعوا حوله - مما يلي رجلي الحسين (عليه السلام) وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً))1 .

وقال أيضاً: ((ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية2، إلى الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فصلوا عليهم ودفنوا الحسين (عليهم السلام) حيث قبره الآن، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عند رجله.

وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه - الذين صُرعوا حوله - مما يلي رجلي الحسين (عليه السلام) وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً. ودفنوا العباس بن علي (عليهما السلام) في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرّية حيث قبره الآن ))3 .

وقال الشيخ المفيد في موضع آخر: (.. وهم (شهداء بني هاشم) كلهم مدفونون مما يلي رجلي الحسين (عليه السلام) في مشهده، حُفِرَ لهم حفيرة وأُلقوا فيها جميعاً وسوي عليهم التراب، إلا العباس بن علي (عليهما السلام) فإنّه دُفن في موضع مقتله على المسناة4، بطريق الغاضرّية، وقبره ظاهر، وليس لقبور أخوته وأهله الذين سمّيناهم أثر، وإنمّا يزورهم الزائر من عند قبر الحسين (عليه السلام)، ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام عليهم، وعلى علي بن الحسين (عليهما السلام) في جملتهم، ويُقال إنّه أقربهم دفناً إلى الحسين (عليه السلام). (فأما أصحاب الحسين (عليه السلام) رحمة الله عليهم، الذين قُتلوا معه، فإنهم دُفنوا حوله، ولسنا نحصل لهم أجداثاً على التحقيق والتفصيل، إلا أنا لانشك أنّ الحائر محيط بهم. رضي الله عنهم وأرضاهم، وأسكنهم جنات النعيم ))5  .

ب-قال المسعودي: ((. . . ودفن أهل الغاضرية - وهم قوم من بني عامر، من بني أسد - الحسين وأصحابه بعد قتلهم بيوم ))6  .

واضح من النصوص المتقدّمة كبر مساحة دفنهم (رضوان الله عليهم).

ويبقى الإشكال: أنّ الحفرة الصغيرة لا تتناسب مع العدد الكبير، إذ أنّ عددهم أكثر من سبعين شهيداً، فهل يتناسب مع تلك الحفرة الصغيرة؟

وجوابه: إنّ أصحاب الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، وأنصاره الذين استشهدوا معه في كربلاء في يوم عاشوراء دفاعاً عن الدين الإسلامي وقيمه، دُفنوا بمقربة من قبر الإمام الحسين (عليه السلام) حيث ضريحهم الآن، لكن مدفن الشهداء جميعاً ليس داخل الضريح المُخصص بالشهداء، بل أنّ أجسادهم الطاهرة مدفونة في تلك البقعة وما حولها مما يلي ضريح الإمام الحسين (عليه السلام)، فلذلك فإن العلماء العارفين والمطلعين يتحاشون العبور من تلك البقعة المباركة احتراما لأولئك الشهداء الكرام.

فالحفرة الصغيرة التي نذهب إليها لا يمكن أنْ تحوي جميع الشهداء، وإنما هي عبارة عن معلمٍ واضحٍ، ويمكن من خلاله زيارة جميع الشهداء، ولو أُفرِد جميع الشهداء بقبور معلومة، لصعبت علينا زيارة مولانا الإمام الحسين (عليه السلام).

قد يُقال: ولكن هناك روايات تقول إنّ النساء اللواتي عُدْنَ من السبي، جلست كل واحدة منهن على قبر فقيدها وكذلك نساء الأصحاب.

جوابه: نعم إنّ ذلك حصل في حينه، قبل أنْ تُبنى قبورهم بهذا الشكل المنظّم، فلذا لا منافاة في ذلك.

الخلاصة:

لا منافاة بين صغر الحفر وعدد الشهداء، إذ أنّ الشبّاك الموجود الآن لا يحصر وجودهم، بل هو فقط بعضهم أكيداً.

الهوامش:   1- الارشاد: 243.   2- الغاضرية: قرية على الفرات منسوبة إلى غاضرة قبيلة من بني أسد.   3- المصدر نفسه.   4- المسناة: حائط يبنى على طرف الماء، ويبدو أن المراد هنا المنبسط الرملي المحاذي لضفة النهر.   5- المصدر السابق.   6- مروج الذهب: 3 / 72.
مواضيع مختارة