يقول علماء النفس إن الدماغ لا يميز دائماً بين الخيال والواقع بشكل فعال تماماً بل ويمكن أن تحدث مشاهدة أفلام الرعب نفس الخلل الذي يحدثه الخوف الحقيقي لأن الدماغ قد ينسى في تلك اللحظة أن ما يراه ليس خطراً حقيقياً ويشحن استجابته الفسيولوجية التي تجعل الجسم متحفزاً وفي وضع القتال أو الرغبة في الهرب.
ويؤثر اندفاع الأدرينالين في الجسد أثناء مشاهدة أفلام الرعب ما يجعل البعض يشعرون بالثقة بالنفس عندما ينتهون من مشاهدتها لأنها تعطيهم لمحة عن المواقف التي تهدد الحياة وتجعلهم يشعرون بمزيد من الاستعداد لخطر حقيقي قد يحدث ويتأقلمون مع الرعب ويتدربون على كيفية التعامل مع عدم اليقين والتشويق والقلق.
وفي الواقع لا يدرك كثير من الناس خطورة مشاهدة أفلام الرعب والتي منذ أول عروضها التي بدأت في ثلاثينيات القرن العشرين مر المشاهدون لها بتاريخ من الخوف والإغماءات واستعادة التجارب المؤلمة والإصابة بنوبات صرع وحتى الموت بالنوبات القلبية أثناء مشاهدتها، وعلى الرغم من زيادة جرعات الخطر فيها ارتفعت شعبيتها خلال السنوات الأخيرة بحيث يمكن لعائلة التفكير بقضاء سهرة تراها ممتعة أمام فيلم رعب ولو كان الأطفال بينهم.
إن مكمن خطورة أفلام الرعب تصوير الأشباح والشياطين والعنف والدم والأعمال المروعة التي تسقي العقل الباطن بمشاهد فظيعة لا يمكن أن يكون تأثيرها إيجابياً في صحته العقلية بل قد تزيد من درجة خوفه لاعتمادها في الغالب على تنشيط حالات الخوف لدى المشاهدين.
ورغم أن الناس يبذلون مزيداً من الجهد لتقليل الخوف في حياتهم والحصول على حياة سعيدة، تعزز هذه الأفلام انطباع الخوف في عقلهم الباطن من خلال التعرض المتكرر للمواقف التي تجعلهم يشعرون بمزيد من الخوف في حياتهم اليومية.
ونتيجة لزيادة الخوف يصبح الشخص أكثر عرضة للاكتئاب ويطور عقدة النقص وقد يصاب باضطرابات أكثر خطورة مثل جنون العظمة والعديد من الآثار الجانبية الممتدة مثل زيادة الصداع وخفقان القلب والكوابيس وشلل النوم ورؤية الأشباح في الأحلام ومشاعر المطاردة في السرير وزيادة الرغبات العدوانية وغيرها.
ويزداد التأثير السلبي للخوف في عقول الأطفال لشدة تأثرهم بالرعب وما قد تسببه الأفلام لهم من مشاكل نفسية خطيرة تستمر لفترة طويلة في الحياة.
إن الآثار السلبية لأفلام الرعب مقارنة بين تأثيرها المحفز لنشاط الأدرينالين والخوف المستديم الذي ستزرعه في العقول يجعلها أشد خطورة من مواقف الرعب الحقيقية، وعلى الجميع معرفة ما يتناسب مع قدرتهم على تحمل المخاوف، وضرورة تجنيب الأطفال مشاهدتها لمنع التدهور النفسي وحمايتهم من الآثار السلبية لأفلام الرعب على المستويين النفسي والروحي.
وقد لا تلغي حقيقة تأثير أفلام الرعب على الناس شعبيتها لكنها لن تمحو آثارها السلبية على المستوى النفسي وفي العقل الباطن على المستوى الروحي مادام الخبراء يؤكدون أن المشاهد يتأثر بما يشاهده ويترك في عقله الباطن انطباعاً لا ينمحي بسهولة.