كيف أتخلّص من وسواس الخوف من الموت؟!

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:1373
مشاركة
A+ A A-
يشير وسواس الخوف من الموت أو ما يٌعرف عالميُا باسم Thanatophobia إلى الخوف من الموت أو من عملية الاحتضار التي تسبق الموت. قد يخشى الشخص المصاب بوسواس الخوف من الموت من وفاته أو موت أحبائه. ويتّسم وسواس الخوف من الموت بمشاعر شديدة وساحقة ومستمرّة من الخوف والقلق والذعر أو الرهبة عند التفكير في الموت أو الاحتضار.

على الرغم من خوف الكثيرين من الموت، لا يؤثر ذلك الخوف عادة على حياتهم اليومية؛ قد يشغل تفكيرهم أحيانًا، على سبيل المثال، إذا تم تشخيصهم بمرض، أو مع تقدمهم في السن، أو إذا توفي شخص عزيز على قلوبهم أو إذا شهدوا حادثًا.

أما المصاب بوسواس الخوف من الموت فعادة ما يكون لديه حالة رهاب من الوفاة بشكل قد يؤثر على نسق حياته اليومية، وعلى نمط سلوكه، وربما يؤدي في بعض الأحيان إلى خوفه من الانخراط في أيّة سلوكيات يعتبرها محفوفة بالمخاطر، ولو بنسبة ضئيلة. في بعض الحالات، قد يشتدّ وسواس الخوف من الموت لدى الشخص لدرجة أنه يمنعه من مغادرة منزله. قد يخشى المصاب بوسواس الخوف من الموت حتى المواقف التي يكون فيها الخطر منخفضًا.

في هذا المقال، سنتعرّف على علامات وسواس الخوف من الموت وأسبابه وطرق للتخلص منه. ويجب الوعي بأن التشخيص الذاتي ليس بديلاً عن التقييم من طرف محترف، لذلك إذا كانت لديك مخاوف بشأن صحتك النفسية، فمن الأفضل استشارة مُقدّم رعاية صحّية مؤهّل.

 ما هي الطريقة المُثلى لمعرفة ما إذا كنت أعاني من وسواس الخوف من الموت؟

لكي يتم تصنيفه على أنه وسواس، يجب أن يتضمن خوفك من الموت ما يلي:

  • مشاعر الخوف أو الذعر أو القلق التي يصعب التحكم فيها أو السيطرة عليها، خاصة عند مواجهة الموت أو الاحتضار أو عند التفكير فيهما.
  • الانخراط في السلوكيات التجنبية، على سبيل المثال، عدم القيام بأي أنشطة تعتبرها خطرة أو محفوفة بالمخاطر أو قد تؤثر على صحتك أو رفاهيتك؛ قد يتضمن ذلك تجنّب المحادثات حول الموت، أو تجنب أماكن معينة مرتبطة بالموت، أو حتى تجنب الفحوصات الطبية.
  • الشعور بالحزن الشديد، أو اليأس، أو الإحباط عند التفكير في الموت أو الاحتضار.
  • المعاناة من أعراض جسدية مثل تسارع دقات القلب، والتعرق المفرط، وضيق التنفس، والدوخة، أو اضطرابات في الجهاز الهضمي عند مواجهة أي أمر مرتبط بالوفاة.
  • ضعف في الأداء اليومي، حيث يمكن أن يتداخل وسواس الخوف من الموت مع حياتك اليومية، مما قد يتسبب في صعوبات في العمل أو العلاقات أو مجالات أخرى من الحياة بسبب الخوف أو القلق المستمرّ.
وغالبًا ما يتضمن وسواس الخوف من الموت الخوف من:
  • المواقف أو الأماكن التي قد تؤدي إلى الموت

قد يتجنّب المُصاب بوسواس الخوف من الموت المواقف أو الأماكن التي يعتبرها خطرة وقد تُسبّب وفاته. على سبيل المثال، قد يخشى المستشفيات بسبب الخوف من الإصابة بعدوى أو مرض، أو قد يرفض السباحة في البحر خوفًا من الغرق أو اعتراض سمكة قرش. قد يخاف المُصاب بوسواس الخوف من الموت من أي مكان أو موقف له أي مخاطر مرتبطة به أو أماكن أو مواقف معينة فقط.

  • الأشخاص الآخرين

قد يكون الخوف من الآخرين مرتبطًا بعدة أمور على غرار:

  •  الخوف من الاقتراب من الآخرين والإصابة بعدوى أو مرض.
  • الخوف من مواجهة قاتل أو سفّاح.
  • الخوف من قتل شخص آخر عن طريق الخطأ.
  • الخوف من مشاهدة موت شخص آخر.
  • الخوف من التعامل من الأشخاص في مرحلة الاحتضار. 
  • الحيوانات

يخشى بعض المصابين بوسواس الخوف من الموت من الحيوانات بسبب التهديد الذي يعتقدون أنها تشكّله على صحتهم وسلامتهم. ويمكن أن يشمل الخوف الذي يواجهونه فيما يتعلق بالحيوانات:

  • الخوف من التعرض لعضة أو لدغة حيوان.
  • الخوف من قيام حيوان بنشر الأمراض أو الفيروسات أو بالتلويث بشكل أو بآخر.
  • الخوف من التعرّض للقتل عرضًا، عند ركوب الخيل على سبيل المثال.
  • الأشياء التي يمكن أن تؤدي إلى الموت

يمكن للمُصاب بوسواس الخوف من الموت أن يشعر بالخوف فيما يتعلق بالأشياء التي يعتبرها خطرة. ويمكن أن يشمل ذلك الأشياء التي تُعتبر عادةً خطرة، مثل البنادق والسكاكين، إضافة إلى الأشياء التي لا يُنظر إليها عادةً على أنها تشكّل خطرًا أو تعتبر شائعة الاستعمال للغاية في الحياة اليومية. على سبيل المثال، قد يخشى شخص ما النباتات لأنها قد تُسمّمه، أو اللافتات الكبيرة لأنها قد تسقط عليه فجأة، والسيارات لأنها قد تصطدم به وهكذا.

  • الخرافات أو القصص المتعلّقة بالموت

يمكن للمُصاب بوسواس الخوف من الموت أن يصبح متطيّرًا أو مؤمنًا بالخرافات ويخشى منها تلك التي تنطوي على الموت. على سبيل المثال، قد يعتقد أن الغراب هو نذير شؤم، لذلك يحاول تجنبه، ولن يترك النعال أو الأحذية رأسًا على عقب (كي لا يموت أحد في منزله). ويمكن أن تُصبح الخرافات جزءًا كبيرًا من حياة الشخص لدرجة أنها تؤدي إلى سلوكيات قهرية واضطراب الوسواس القهري.

وغالبًا ما يُشار إلى وسواس الخوف من الموت على أنه رهاب وجودي، لأنه ينبع من المعرفة الفطرية بأن كل حياة مصيرها أن تنتهي، وأن الجميع يموت. يتمتع البشر بقدرة فريدة على توقع المستقبل ولديهم وعي متزايد بوفياتهم، وعند البعض، يمكن أن يؤدي هذا إلى قلق أو وسواس الخوف من الموت.

تذكّر أن كل شخص يشعر بالخوف أو القلق بشأن الموت إلى حد ما، لأنه جزء طبيعي من الحياة. ومع ذلك، فإذا أصبح خوفك من الموت زائدًا عن حدّه أو لا يمكن السيطرة عليه، فقد يكون من المفيد طلب المساعدة المهنية من خبير في الصحة النفسية، مثل الطبيب النفسي. يمكنهم تقديم التشخيص المناسب وإرشادك من خلال خيارات العلاج المناسبة، مثل الأدوية، إذا لزم الأمر.

 ماهي الأسباب الكامنة وراء كثرة التفكير في الموت؟

يمكن أن يكون هناك عدة أسباب تجعل شخصًا ما يفكّر بشكل مفرط في الموت. فيما يلي بعض التفسيرات المُحتملة:

  1. المخاوف الوجودية: غالبًا ما يرتبط التفكير في الموت بأسئلة وجودية حول المعنى والهدف وراء الحياة. قد يفكّر البعض في حتمية الموت أو يشعرون بانعدام اليقين مما يحدث بعد الموت، ويؤدي ذلك إلى انعكاسات عميقة وزيادة التركيز على الموضوع.
  2. التجارب الشخصية: يمكن أن تثير الأحداث الصادمة، على غرار فقدان أحد الأحباء أو النجاة من خطر محدق، التفكير المكثف حول الموت. قد تجلب هذه الأحداث وعيًا متزايدًا بمدى هشاشة الإنسان واحتمال فقدانه للحياة.
  3. القلق أو الخوف: يمكن أن يؤدي الخوف من الوفاة أو القلق بشأنها إلى التفكير المُفرط حول الموت. قد ينجم وسواس الخوف من الموت عن اضطراب القلق الأساسي أو الرهاب المُحدّد المرتبط بالوفاة. في هذه الحالات، قد يفكّر الأفراد في الموت كوسيلة لمحاولة السيطرة على مخاوفهم أو تجنّب القلق المرتبط بالموضوع.
  4. الاستكشاف الفلسفي أو الروحي: ينخرط البعض في تأملات داخلية فلسفية أو روحية، قد تشمل التفكير في طبيعة الحياة والموت والحياة الآخرة. ويمكن أن يؤدي هذا الاستبطان إلى أفكار مُطوّلة حول الموت كجزء من سعيهم للفهم والإدراك.
  5. التأثيرات الثقافية أو الدينية: يمكن للمعتقدات والممارسات الثقافية أو الدينية أن تؤثر بشكل كبير على أفكار الشخص ومواقفه تجاه الموت. تؤكد بعض التقاليد الدينية أو الثقافية كثيرًا على الموت كجزء من الحياة، مما يؤدي بمتّبعي هذه المعتقدات إلى التفكير في الموت بشكل متكرّر.

وتجدُر ملاحظة أن الأفكار العرضية حول الموت شائعة ويمكن أن تكون جزءًا طبيعيًا من الوجود البشري. ومع ذلك، إذا أصبحت هذه الأفكار تطفلية أو ساحقة أو تُعطّل حياتك اليومية ورفاهيتك، فقد يكون من المفيد طلب الدعم من أخصائي الصحة النفسية الذي يمكنه تقديم التوجيه ومساعدتك في معالجة أي مخاوف أساسية.

هناك عوامل خطر معينة يمكن أن تزيد من احتمالية إصابتك بوسواس الخوف من الموت، وهي تشمل:

  • التشخيص بمرض خطير يهدد الحياة، أو يقوّضها، أو يجعل المرء في حالة صحية سيئة بشكل عام.
  • وجود عائلة أو أصدقاء مقربين مصابين بمرض خطير أو مسنين أو يحتضرون أو وافتهم المنيّة مؤخرًا.
  • انعدام أو هشاشة المعتقدات الدينية، على سبيل المثال، عدم الإيمان بالجنة أو الآخرة.
  • العمل في مهنة حيث يرى الشخص أشخاصًا يفارقون الحياة بانتظام بطريقة مؤلمة أو عنيفة.
  • وجود نقص في الدعم الاجتماعي أو العائلة والأصدقاء المقرّبين.
  • الشعور بعدم الرضا أو الندم على أفعال سابقة.
  • وجود حالة أخرى ذات صلة حيث يمكن أن يكون الخوف من الموت أيضًا أحد الأعراض، على سبيل المثال، القلق الصحي (المراق) أو اضطراب الوسواس القهري أو اضطرابات القلق.
  • إصابة أحد أفراد الأسرة المقربين، مثل أحد الوالدين أو الأشقاء، بوسواس الخوف من الموت.
  • أن يكون الشخص ضحية للأمراض الملفقة أو المستحثة (المعروفة سابقًا باسم متلازمة مانشاوزن بالوكالة)، خاصة إذا حدث هذا أثناء الطفولة أو المراهقة.
  • التعرض للخوف من الموت أثناء الطفولة أو المراهقة.
  • امتلاك ماض من الاكتئاب أو نوبات الهلع أو أو القلق.
  • وجود أو مشاهدة تجربة سلبية أو مؤلمة تتعلق بالوفاة.
كيف أخرج فكرة الموت من رأسي؟

إذا وجدت نفسك منشغلاً بأفكار الموت وترغب في تقليل تواترها أو شدتها، فإليك بعض الاستراتيجيات التي قد تساعدك:

  1. الانخراط في تقنيات اليقظة والتأريض: يمكن أن تساعدك ممارسة تأمل اليقظة الذهنية أو تمارين التأريض على البقاء حاضرًا والتركيز على اللحظة الحالية. من خلال توجيه انتباهك إلى محيطك المباشر، يمكنك تحويل أفكارك بعيدًا عن المخاوف المتعلقة بالموت.
  2. تحدّي الأفكار السلبية: عندما تظهر الأفكار المتعلقة بالموت، حاول تحديها بتفكير أكثر عقلانية وتوازنًا. اسأل نفسك عمّا إذا كان هناك دليل يدعم مخاوفك أو إذا كانت هناك تفسيرات بديلة أكثر إيجابية للموقف.
  3. اشغل نفسك: انخرط في أنشطة أو هوايات تجذب انتباهك وتُشتّت أفكارك. ابحث عن مهام ممتعة وجذّابة يمكن أن تصرف أفكارك بعيدًا عن الموت. قد تكون قراءة كتاب، أو مشاهدة فيلم، أو متابعة مسعى إبداعي، أو قضاء الوقت مع أحبائك.
  4. الحدّ من التعرض للمثيرات المتعلقة بالموت: إذا كانت بعض المحفزات، مثل المقالات الإخبارية أو الأفلام أو المناقشات، تؤدي باستمرار إلى أفكار تطفلية حول الموت، ففكر في تقليل تعرضك لها. هذا لا يعني تجنب كل الأفكار المتعلقة بالموت، بل يعني أن تضع في اعتبارك المحتوى الذي تستهلكه وتختار التعامل معه بوعي عندما تشعر بأنك مستعدّ لذلك.
  5. ممارسة الرعاية الذاتية: قم بأنشطة الرعاية الذاتية التي تعزز صحتك العامة، مثل ممارسة الرياضة، والحفاظ على نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة الأمور التي تجلب لك السعادة والاسترخاء. يمكن أن يساعد الاعتناء بصحتك الجسدية والعاطفية في تقليل القلق والأفكار المتطرفة.
  6. طلب الدعم من الآخرين: يمكن أن يوفّر لك الحديث عن مخاوفك مع صديق موثوق به أو أحد أفراد الأسرة أو أخصائي الصحة النفسية مساحة آمنة للتعبير عن أفكارك وتلقي الدعم. يمكنهم تقديم وجهات نظر وإرشادات مختلفة وطمأنتك لمساعدتك على التغلب على مخاوفك.
  7. التفكير في العلاج: إذا استمرّت الأفكار المتطفلة حول الموت وأثرت بشكل كبير على حياتك اليومية، فقد يكون من المفيد البحث عن العلاج. يمكن أن يساعدك أخصائي الصحة النفسية في استكشاف الأسباب الكامنة وراء انشغالك بالموت ووضع استراتيجيات لإدارة هذه الأفكار والتعامل معها بشكل فعّال.

تذكر أن هذه الاستراتيجيات قد توفر إرشادات عامة، ولكن إذا كنت تعاني من أفكار مستمرة ومزعجة حول الموت، فمن المهم طلب المساعدة المهنية من أخصائي الصحة النفسية المؤهل..

 علاج وسواس الخوف من الموت

يتضمن علاج وسواس الخوف من الموت أو أي رهاب مُحدّد مجموعة من استراتيجيات المساعدة الذاتية والمساعدة المهنية. فيما يلي بعض الأساليب التي قد تكون مفيدة:

  1. العلاج النفسي: أطلب العلاج من أخصائي صحة نفسية مؤهل ومتخصص في اضطرابات القلق أو الرهاب. العلاج السلوكي المعرفي هو نهج شائع الاستخدام يمكن أن يساعدك على تحدّي الأفكار والمعتقدات التي تساهم في خوفك من الموت وتعديلها. يُعرِّضك علاج التعرض، وهو نوع من العلاج كما المعرفي السلوكي، تدريجيًا إلى محفزات مرتبطة بالوفاة بطريقة مضبوطة وداعمة لتقليل الخوف والقلق.
  2. التعرّض التدريجي: بتوجيه من الطبيب النفسي، عرّض نفسك تدريجياً للأفكار أو المواقف المتعلقة بالموت. ابدأ بمحفزات أقلّ حدة وشق طريقك تدريجيًا إلى مواقف أكثر صعوبة. يمكن أن يساعد هذا التعرض في تخفيف حساسيتك تجاه الخوف من الموت بمرور الوقت.
  3. تقنيات الاسترخاء: تعلّم ومارس تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو الاسترخاء التدريجي للعضلات أو التأمل اليقظ. يمكن أن تساعدك هذه الأساليب في إدارة أعراض القلق وتعزيز الشعور بالهدوء والاسترخاء.
  4. التعلّم والمعرفة: يمكن أن يساعد اكتساب المعرفة حول الموت والاحتضار من خلال المصادر أو الكتب أو المواد التعليمية على فهم طبيعة الحياة والموت ويساهم في إزالة الغموض عن الأمر وتقليل الخوف المرتبط به.
  5. مجموعات الدعم: فكّر في الانضمام إلى مجموعات أو مجتمعات الدعم عبر الإنترنت حيث يمكنك التواصل مع الآخرين ممن يشاركونك مخاوف مماثلة. يمكن أن توفّر مشاركة الخبرات والأفكار مع من يواجهون تحديات مماثلة الشعور بالقوة والدعم.
  6. تقنيات المساعدة الذاتية: يمكن أن يساعد الانخراط في تقنيات المساعدة الذاتية، مثل تدوين أفكارك وعواطفك وتكرار التأكيدات الإيجابية المتعلقة بالموت أو تخيل سيناريوهات هادئة وسلمية، في تغيير طريقة تفكيرك وتقليل قلقك.
  7. الأدوية: قد يصف الطبيب النفسي، في بعض الحالات، دواء للمساعدة في إدارة أعراض القلق أو الرهاب. من الأفضل اتخاذ هذا القرار بالتشاور مع أخصائي رعاية صحية يمكنه تقييم احتياجاتك الخاصة.

مهم جدًا ملاحظة أن التغلب على وسواس الخوف من الموت هو عملية فردية للغاية، وما يصلح لشخص ما قد لا ينجح مع شخص آخر.

المصدر: hakini
مواضيع مختارة