ما خططك للسنة القادمة؟ هل كنت سعيداً خلال العام الذي قارب على الانتهاء؟ كيف ستحتفل بقدوم العام الجديد؟ أسئلة متلاحقة يزداد الإلحاح في طرحها علينا من جانب المحيطين بنا كلما اقتربنا من نهاية كل عام؛ لكنها في الواقع تصنع حالة من التوتر والكآبة أحياناً، وقد تحول تلك الفترة من نهاية كل عام إلى فترة غير محببة بالنسبة إلى البعض.
لذلك؛ نتطرق في هذا المقال إلى الأسباب العلمية التي تجعل من غير الجيد وضع الخطط التي نعلم بدرجة كبيرة احتمالية فشلها، ونقدم لك مجموعة من الإرشادات الفعالة للتعامل مع الكآبة التي تزورك في نهاية العام.
ما الأسباب التي تقف وراء شعورك بكآبة نهاية العام؟غالباً ما يصادفك الكثير من المنشورات لأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي في فترة نهاية العام، يتحدثون فيها عن إنجازاتهم ونجاحاتهم؛ ما يدفعك لا إرادياً إلى عقد مقارنات بينك وبينهم لا تراعي فيها تباين الظروف الشخصية، وما وراء كواليس تلك النجاحات من إخفاقات وعناء، فتجد نفسك في النهاية تعتقد أنك لم تنجز ما تطلعت إليه؛ وهو بالطبع ما يجعلك تشعر بالإحباط الشديد.
المثير للاهتمام أنك تنظر إلى إخفاقاتك وتجاربك السيئة بطريقة أشبه باجترار الأفكار، فأنت لا تسعى نحو الوصول إلى آليات مفيدة محددة لعلاج تلك الأخطاء، وأيضاً لا تتوقف عن الشعور بالأسى تجاهها؛ وهو ما يزيد حالتك النفسية سوءاً.
ويرى المختص النفسي لاري كوبياك (Larry Kubiak) أن نهاية العام من أكثر الأوقات التي ننهمك فيها في التفكير؛ وهو ما يزيد احتمالية اكتئابنا، بالأخص إذا ما شعرنا أن مستويات إنجازاتنا لا ترقى إلى المستوى المطلوب مقارنة بالآخرين؛ ما يؤثر تباعاً في قدراتنا على التفاؤل تجاه العام الجديد المقبل وآمالنا فيه.
من الجدير بالذكر إن الإصابة بالاكتئاب تجعل عملية اجترار الأفكار في نهاية العام مأساوية؛ وذلك لأن المصاب يركز على الجانب المظلم فقط من حياته، بالإضافة إلى أن الاجترار والاكتئاب يغذيان بعضهما بعضاً؛ ما قد يوصل مريض الاكتئاب إلى مرحلة معقدة من الأعراض.
نصيحة: لا تضع خطة شديدة الإحكام لعامك المقبل!يؤكد المختص النفسي سلطان العصيمي إن الأهداف غير الواقعية والمبالغة في التوقعات تصنع دائرة من الإحباط والشعور بالعجز والفشل، ويفرق العصيمي بين مفهومين مهمين؛ الأول هو الضغط السلبي الذي لا توجد أي فائدة من ورائه، والضغط الإيجابي الذي يدفعنا إلى النجاح.
ويتصل حديث المختص النفسي بتلك الخطط الطويلة التي نضعها في بداية كل عام ثم نكتشف بعد مرور عدة أشهر أننا لم نفلح في إنجاز أي شيء منها؛ لكن لماذا يحدث هذا؟ إليك الأسباب المحتملة:
لأن سلوكياتك ليست مجرد عادات سطحية بسيطة، فجذورها تضرب في أعماق شخصيتك وتكوينك، وترتبط باحتياجاتك العاطفية والجسدية وخبراتك المكتسبة؛ لذا تحتاج عملية تغييرها إلى رويّة وحكمة.
لأنك غالباً ما تنظر إلى عملية التغيير من زاوية فردية، فمثلاً إذا تجنبت التدخين أو الوجبات السريعة، فالممارسات السابقة كانت تجلب لك متعة ما، فهل فكرت في مصدر آخر ستعوض من خلاله متعتك المفقودة؟ ماذا عن الدوبامين الذي كان ينشط في أثناء تدخينك سيجارتك أو تناولك لشطيرتك المفضلة؟ أسئلة مُلحة تحتاج إلى إجابتها عملياً.
لأن السلوكيات الجديدة تحتاج إلى جهد كبير من أجل الإلتزام بها وتثبيتها، فأنت في هذه الحالة ستكون أشبه بمن يسبح ضد التيار؛ لذا من الضروري أن تتجهز جيداً حتى لا تنهار.
توجد عدة نصائح عملية يمكن باتباعها أن تستقبل عامك الجديد بواقعية، وفي الوقت نفسه، تحافظ على طموحك وتطلعك إلى النجاح؛ وأهمها:
تجهَّز للعقبات: تُعد هذه نصيحة مُجربة بالنسبة إليّ على المستوى الشخصي، فالمشكلات لن ينعدم وجودها في حيواتنا؛ لكن ما يمكننا فعله هو أن نقوي مهاراتنا على التعامل معها، ونرفع معدلات مرونتنا حتى لا ندع لها فرصة لعرقلة حيواتنا.
دعك من أهداف الآخرين: فصديقك الذي يود خسارة 20 كيلو من وزنه وزميل عملك الذي يرغب في الانتقال إلى فيلا جديدة وأخوك الذي يتطلع إلى مضاعفة ثروته، جميعهم لديهم رؤىً شخصية جداً وضعوا على أساسها أهدافهم، وأنت أيضاً يجب أن تكون لديك أهداف تنسجم مع شخصيتك وقناعاتك، وعيك تجنب مقارنة إنجازاتك بإنجازاتهم، فكل شخص منا لديه رحلة حياته الفريدة.
امتنَّ لما لديك: قد ننسى أحياناً ما نمتلكه بالفعل من جرّاء سعينا الدائم إلى اكتساب المزيد؛ لكن في الحقيقة، فإن ممارسة الامتنان إحدى أهم الطرائق لتعزيز سعادتنا وجعلنا أكثر اتزاناً في حيواتنا.
احتفل بنجاحاتك الصغيرة: أحد أهم أسباب إصابتنا بالإحباط السريع عند سعينا إلى تحقيق الخطط الموضوعة في نهاية كل عام هو عدم اهتمامنا الكافي بالإنجازات الصغيرة، وتطلعنا الدائم إلى الأهداف الكبيرة؛ بينما الحقيقة أن تلك الإنجازات الصغيرة هي التي تشكل ملامح الهدف الكبير.
لا تَنْسَ الاعتناء بصحتك النفسية: يندفع البعض وراء تحقيق المزيد في حيواتهم على حساب صحتهم النفسية؛ لذا من الضروري أن تضع الحفاظ على اتزانك النفسي في الاعتبار حتى لا تتعرض إلى عواقب وخيمة نتيجة المرور بفترات من الضغط النفسي والقلق المستمرَّين.
*عبدالرحمن أبو الفتوح