تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»
كتبت رشا رحيم:
أظهرت أزمه كورونا وخصوصا في بداياتها مميزات عديدة للقادة والحكومات وطريقة استجابتهم للوباء وتفاعلهم لإدارة الأزمات، والعراق واحد من الدول التي تصدت للوباء في بدايته بإمكانيات ضعيفة بسبب وضع البلد ولكنه استطاع توفير الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لتشخيص وعلاج الوباء بمساعدة منظمة الصحة العالمية وجهات ساندة أخرى.
[اشترك]
ونناقش هنا تحليلاً لإدارة الأزمات لبعض الدول والقادة التي تمت الإشادة بها من قبل جهات عديدة وقدرتها على السيطرة على الوباء وخاصة في بداية ظهوره عندما كان الفايروس ووبائيته وإمراضيته مجهولة على كل الأصعدة وفي كل العالم على حد سواء، وسنبدأ من تجربة جورجيا.
معظم المقال مقتبس عن تجمع من علماء العالم NBSR حول إمكانيات بعض الدول من السيطرة على الفايروس في أشهره الأولى والتي لم تعاني من تدهور في الوضع الصحي جراء ازدياد الإصابات وامتلاء المستشفيات ونفاذ الأوكسجين مثل ما عانت إيطاليا وأميركا والهند.
النموذج الأول – جمهورية جورجيا
أهم دولة تم ذكرها في الحوار هي دولة جورجيا وهي دولة نامية مازالت بمراحل التعافي من الإنفصال ومشاكل ما بعد الإنفصال من الإتحاد السوفيتي. لكن بالنسبة للوباء فقد سيطرت جورجيا على الوباء في أشهره الأولى واستطاعت مراقبته ليس فقط من خلال وعي الشعب ولكن من خلال التطبيق الصارم للفحص المختبري والمسحة حتى قبل تشخيص الإصابة الأولى في الدولة، حيث أوضح مدير المركز الوطني للعلوم لمكافحة الأمراض والوقاية في جمهورية جورجيا أنه لا توجد إصابات لأي شخص في عدة مدن من جورجيا حتى منتصف 2020.
جورجيا والتي استقلت عن الإتحاد السوفيتي عام 1991، عانت مشاكل سياسية واقتصادية بعد فترة الإستقلال وحتى يومنا هذا، هي دولة نامية وتعاني من تدخل جارتها أيضا، نظامها نصف رئاسي، تطمح للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، إمكانياتها ضعيفة، تعاني من تفشي البطالة والدين الخارجي ومعدل النمو البطيء.
البيانات تشير إلى سيطرة جورجيا على وباء كورونا بطريقة فعالة أشاد بها علماء العالم سيما روسيا وأميركا، والملفت في بيانات جورجيا غياب الفروقات بين الذكور والإناث بمعدل الإصابة على عكس كل إصابات العالم. الملاحظة الأخرى أن كل الإصابات الموجبة هي من أشخاص مسافرين فقط وأن نسبة قليلة هي من غير المسافرين، وهناك مدن عديدة مازالت خالية من الإصابات بالفايروس.
ولخّص مدير المركز الوطني للعلوم لمكافحة الأمراض والوقاية في جمهورية جورجيا الإستراتيجيات المتبعة للسيطرة على المرض كالآتي:
1ـ إدخال العديد من المراكز والمختبرات حتى البيطرية والمختبرات الخاصة ضمن المختبرات المعدة للتحري عن الإصابات حتى قبل عزل أول حالة موجبة سريريا، وبمعدل خمسين مختبر في كل جورجيا كلها تعمل منذ بداية الأزمة وتحصل كل المختبرات بما فيهم الخاصة على دعم من الحكومة، بمعنى أن معدل الفحص بالآلاف منذ اليوم الأول.
2ـ عزا مدير المركز وفريقه سيطرتهم على المرض إلى نوعية الأشخاص الذين خضعوا للتحري بدون أعراض حيث تم:
- فحص كل العاملين بكل القطاع الصحي بكل اختصاصاتهم الطبية، سائقي الإسعاف وموظفي الطوارئ مرتين أسبوعيا منذ بداية الوباء.
- فحص كل سائقي الشاحنات على الحدود ومتابعة خطوط الشاحنات التي لم تتوقف من تركيا ومن روسيا وأذربيجان وأرمينيا ومراقبة الأشخاص ووضعهم الصحي ومتابعتهم 72 ساعة من تاريخ دخولهم إلى جورجيا.
- فحص العاملين في هذه المراكز على الحدود وكل العاملين بالمؤسسات الحكومية. - فحص كل عاملين النقل العام في القطارات والباصات وغيرها.
- فحص كل المسافرين من كل العالم بدون استثناء وخصوصا القادمين من إيطاليا الصين إيران.
3ـ فحص مياه الصرف الصحي للتحري عن SARS-COV-2 وهو الفيروس الذي تكون منه COVID 19.
4ـ عزل الأشخاص المصابين بعد تشخيص إصابتهم في أفضل المنتجعات والفنادق في جورجيا وحتى فندق الرئاسة ويتمتع المحجوزون في هذه المنتجعات الرئاسية بالرفاهية العالية التي يتمتع بها النزيل.
5ـ تم تفعيل تطبيقات الهاتف لمتابعة المصابين والملامسين والمشابهة لتطبيقات الهاتف التي استخدمتها الصين في بداية الجائحة.
6ـ إن الوضع الذي هم فيه يؤهل كوادرهم ومختبراتهم لإجراء تحاليل جينية gene sequencing لدراسة أصل الفايروس إن كان من السترين الصيني أو السترين الروسي أو الإيطالي أو من إيران أو الهندي. وهذا التحري لا يساعدهم فقط في البحوث العلمية وإنما يساعدهم أيضاً بإيجاد طرق تحليل سيرولوجي أكثر فاعلية في بلدهم.
إن استراتيجيات إدارة الأزمة التي قامت بها جورجيا مكنتها من وضع الوباء ومخاوفه تحت السيطرة ويسجل لها إمكانية العمل بسياسات فتح الحظر قبل دول العالم الأخرى سنة 2020.