إهدار للمال ولـ ’ الشرف’: القمار رأس المصائب!

آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
زيارات:1438
مشاركة
A+ A A-
أضرار القمار لا تخفى على أحد، ولمزيد من التوضيح نذكر باختصار جانبا من المآسي المترتّبة على هذه الظاهرة الخطرة:

[اشترك]

الف: القمار أكبر عوامل الهياج والانفعال

يجمع علماء النفس على أنّ الهياج هو النفسي هو العامل الأساسي في كثير من الأمراض، مثل: نقص الفيتامينات، وقرحة المعدة، والجنون، والأمراض العصبية والنفسية الخفيفة والحادّة. والقمار أكبر عامل على إثارة الهياج، حتّى أنّ عالما أمريكيا يقول: في أمريكا يموت ألفا شخص سنويا نتيجة هياج القمار، وقلب لاعب البوكر «نوع من القمار» تزيد عدد ضرباته على مائة ضربة في الدقيقة، وقد يؤدّي القمار إلى سكتة قلبيّة ودماغيّة أيضا، ومن المؤكّد أنّه يدفع إلى شيخوخة مبكّرة.

إضافة إلى ما سبق فإنّ المقامر ـ كما يقول العلماء ـ يصاب بتوتّر روحي، بل أنّ جميع أجهزة جسمه تصاب بحالة استثنائيّة، كأن يزداد ضربان القلب وتزداد نسبة السكّر في الدم، ويختلّ ترشّح الغدد الداخلية، ويشحب لون الوجه، وتقلّ الشهية، ويمرّ المقامر بعد اللعب بفترة حرب أعصاب وحالة أزمة نفسية، وقد يلجأ إلى الخمور والمخدّرات لتهدئة أعصابه، فيزيد في الطين بلّة وتتضاعف بذلك أضرار القمار.

ويقول عالم آخر: المقامر إنسان مريض يحتاج إلى إشراف نفسي مستمر، ويجب تفهيمه بأنّ الفراغ الروحي هو الذي يدفعه لهذا العمل الشنيع، كي يتّجه لمعالجة نفسه.

ب: علاقة القمار بالجرائم

إحدى مؤسسات الإحصاء الكبرى ذكرت: أنّ ٣٠ بالمائة من الجرائم ناتجة مباشرة عن القمار، و ٧٠ بالمائة من الجرائم ناتجة بشكل غير مباشر عن القمار أيضا.

ج: الأضرار الاقتصادية للقمار

الملايين بل المليارات من ثروات الأفراد تبدّد سنويات على هذا الطريق، إضافة إلى المقدار الهائل من الوقت ومن الطاقات الإنسانية.

وجاء في أحد التقارير: في مدينة «مونت كارلو» حيث توجد أكبر دور القمار في العالم، خسر شخص خلال مدّة ١٩ ساعة من اللعب المستمر أربعة ملايين دولار، وحين أغلقت دار القمار اتّجه مباشرة إلى الغابة، وانتحر بإطلاق رصاصة على رأسه، ويضيف التقرير: أنّ غابات «مونت كارلو» تشهد باستمرار انتحار مثل هؤلاء الخاسرين.

د: الأضرار الاجتماعية للقمار

القمار يصدّ أصحابه عن التفكير بالعمل الجادّ الإنتاجي المثمر في الحقل الاقتصادي، ويشدّهم دائما إلى أمل الحصول على ثروة طائلة بدون عناء عن طريق القمار، وهذا يؤدّي إلى إهدار الطاقات الإنتاجية لهؤلاء المقامرين وبالتالي إلى ضعف الإنتاج على قدر نسبتهم.

المقامرون وعوائلهم يعيشون عادة حياة طفيلية في الجانب الاقتصادي ولا ينتجون، بل يجنون ثمار الآخرين، وقد يضطرّون في حالات الإفلاس إلى السرقة.

أضرار القمار فادحة إلى درجة دفعت حتّى ببعض البلدان غير الإسلامية إلى إعلان منعه، كما حدث في بريطانيا عام ١٨٥٣، وأمريكا عام ١٨٥٥، والاتحاد السوفيتي عام ١٨٥٤، والمانيا عام ١٨٧٣.

ولا بأس أن نشير في الخاتمة إلى إحصائية أجراها بعض المحقّقين تذكر أنّ القمار وراء٩٠ بالمائة من السرقات، و ١٠ بالمائة من المفاسد الخلقية، و ٤٠ بالمائة من الاعتداءات بالضرب والجرح، و ١٥ بالمائة من الجرائم الجنسية، و ٣٠ بالمائة من الطلاق، و ٥ بالمائة من عمليات الانتحار.

لو أردنا أن نعرّف القمار تعريفا شاملا علينا أن نقول: إنّه إهدار للمال والشرف للحصول على أموال الآخرين بالخدعة والتزوير، وللترويج عن النفس أحيانا، ثمّ عدم الحصول على كلا الهدفين.

*مقتطف من كتاب تفسير الأمثل 
مواضيع مختارة