ثمة اعتقاد سائد بأن الغريزة الجنسية لا تعدو أكثر من كونها حاجة يطلبها الجسد كما يطلب الطعام والشراب، لكن هذا المقال سيوضح لك حقيقة الأمر.
إن الغدد المرتبطة بالغريزة الجنسية تترشح في الدم، وحينما يتم هذا الترشح يحصل التغير العجيب في جسم وروح الشباب، فتى كان أم فتاة. وهذا التغير يبدو واضحا جليا حتى على وجه الشاب مما يلفت انـظار الأخرين إليه؛ وهذه الحالة يسميها الإسلام بـ «البلوغ» حيث يقال للشخص الذي تعتريه حالة التغيّر تلك "بالغ".
إن ترشح الغدد المرتبطة بالغريزة الجنسية يكسب الفتى أو الفتاة ميلاً او رغبة، يمكن أن نطلق عليه اسم الميل الجنسي أو الـرغبة الجنسية، وبعبارة أخرى، ما دامت الغريرة الجنسية كالنار تحت الرماد يبدو على الشاب التبختر في مشيته، والتحليق في عالم آخر غير العالم الواقعي ، والميل والرغبة إلى اشياء أخرى، ما كان قبل ذلك يميل أو يرغب إليها، وعندها ينبغي أن يحصل الشاب على جواب رغباته وميوله تلك، وإذا ما حِلنا دون إجابته ستـطفو على السطح مشاكل نحن في غنى عنها لو كنّا قد اجبنا على ميول ذلك الشاب.
هل الرغبة الجنسية كحاجتنا إلى الطعام والمال؟!
إن الرغبة الجنسية ليست كالـرغبة إلى الأكل والشرب، وليست نظير غرائز حب المال، أو حب الرئاسة، أو ما شابه من الغرائز الأخرى، ولو كان حديث فرويد بصدد هذه المسالة صائبا لكانت كل الغرائز ترجع في أساسها إلى هذه الغريزة، ولكن حديث فرويد ذاك ليس صحيحا، ويبقى أن نعلم بأن الغريزة الجنسية ليست كغريزة الرغبة إلى الخبز والماء.
إن العشق، والذوق، والشعر كله، وكل ما يشبهه ينبع من تلك الغريزة، إنكم لم تسمعوا بذلك الذي قال شعرا في الخبز؟! او قصيدة شعرية تغزلا بالماء، وعلى علمي انكم لم تسمعوا بأحدٍ عشق الخبز او الماء، ولكن العشق المرتبط بالغريزة الجنسية موفور، عشق الإنسان لإنسان آخر، وهذا يقينا يرجع في اساسه، ويستمد ما لديه من منبع الغريزة الجنسية.
وهنا لا بد من تحذير الشباب بشكل إجمالي من خطورة المحبة المفرطة بين فتيـين او فتاتين، لأن ذلك يؤدي إلى حالات مرضية خطيرة.
وقد يقول البعض، إن ذلك غير معقول، كونه يحب رفيقه أو صديقه اكثر من اصدقـائه الآخرين، وأن ذلك لا يرجع في الأساس إلى الغريزة الجنسية، وأنه لن يحصل ما لا تحمد عقباه؛ ونقول له: كذبت؛ لأن محبة احد بني البشر لا تنفلت أبدا ولو بنسبة واحد بالمليون من دائرة الغريزة الجنسية، هذا إذا كان الحب المتبادل بين الشباب حبا مفرطا وإفراطيا، او ما يطلق عليه بالعشق، والعشق يرتبط بالغريزة الجنسية.
أما العشق السليم فهو ذاك المرتبط بالله تبارك وتعالى، أجل يمكن أن يعشق أحدهم الإمام الحسين عليه السلام، ويعشق ولي العصر الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه، ويعشق ظهوره، فلا غرابة في الأمر لأن ذلك العشق يرتبط بالله العلي العظيم، ولو لم يكن هؤلاء الذين ذكرنا يعشقون الله لما عشقناهم.
اما الأفراد الذين لا يعرفون معنى الفضيلة، ولا يرتبطون بالله ارتباطا وثيقا يكون عشقهم خطرا، وخطرا جدا.
أريـد أن أقول: إن الـذي يقول شعرا في معشوقه بعد أن تعلق قلبه بالآخرين يستقي عشقه ذاك من تلك الغريزة الجنسية، أما الذي عشق الماء، أو عشق الخبز وقال فيهما شعرا، لا يمكن أن يعد جائعا إلى هذه الـدرجة، ولكن ذوقه تألق ليساعده على قول الشعر في الخبز، وكذا الأمر بالنسبة للذي يقول شعرا في الماء إذ لا يمكن أن نتصور ذلك الشاعر ظمآنا إلى درجة كبيرة بحيث حرك عطشه قريحته الشعرية فالأمر ليس هكذا ابدا.
من هنا نفهم بأن الغريزة الجنسية - بالرغم من عدم صحة نظرية فرويد - يجب أن يكون لها حساب خاص، لذا ينبغي لجميع الشباب، الآباء، الأمهات، وجميع أفراد المجتمع أن يحسبوا لهذه الغريزة حسابا منفصلاً عن بقية القضايا التي تمس المجتمع بشكل عام.