الأخلاق
«الإيثار» وأثره في الأخلاق.. من كلمات أهل البيت (ع)
تأثير الإيثار في مكارم الأخلاق الإمام علي (عليه السلام): لا تكمل المكارم إلا بالعفاف والإيثار (1).

[اشترك]

- عنه (عليه السلام): غاية المكارم الإيثار (2).

- عنه (عليه السلام): عند الإيثار على النفس تتبين جواهر الكرماء (3).

- عنه (عليه السلام): بالإيثار يستحق اسم الكرم (4).

- عنه (عليه السلام): بالإيثار يسترق الأحرار (5).

- عنه (عليه السلام): بالإيثار على نفسك تملك الرقاب (6).

فضل المؤثرين

الكتاب * (والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) * (7).

- الإمام الصادق (عليه السلام) - في وصف الكاملين من المؤمنين -: هم البررة بالإخوان في حال العسر واليسر، المؤثرون على أنفسهم في حال العسر كذلك وصفهم الله فقال: * (ويؤثرون على أنفسهم...) * (8).

- عنه (عليه السلام): وقد مدح الله عز وجل صاحب القليل، فقال: * (ويؤثرون على أنفسهم...) * (9).

- عنه (عليه السلام): ليس البر بالكثرة وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه: * (ويؤثرون على...) * ومن عرفه الله عز وجل بذلك أحبه الله (10).

- أبو بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قلت له: أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، أما سمعت قول الله عز وجل: * (ويؤثرون...) * ترى هاهنا فضلا؟ (11).

- أبو هريرة: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لهذا الرجل الليلة؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمة (عليها السلام) فقال لها: ما عندك يابنة رسول الله؟

فقالت: ما عندنا إلا قوت العشية لكنا نؤثر ضيفنا، فقال (عليه السلام): يا ابنة محمد نومي الصبية واطفئي المصباح، فلما أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر فلم يبرح حتى أنزل الله عز وجل * (ويؤثرون...) * (12).

- أهدي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأس شاة فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج  إلى هذا منا، فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحدا إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت * (ويؤثرون...) * (1٣).

- الإمام علي (عليه السلام) - خطابه إلى القوم بعد موت عمر بن الخطاب -: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية * (ويؤثرون...) * غيري؟

قالوا: لا (١٤).

- الإمام الصادق (عليه السلام): كان عند فاطمة (عليها السلام) شعير فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين: رحمكم الله، فقام علي (عليه السلام) فأعطاه ثلثا. فلم يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم: رحمكم الله، فقام علي (عليه السلام) فأعطاه الثلث. ثم جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله، فأعطاه علي (عليه السلام) الثلث وما ذاقوها، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم، وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عز وجل (١٥).

- عائشة: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شاء لشبع ولكنه كان يؤثر على نفسه (١٦).

- بات علي بن أبي طالب (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة.

فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي ابن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة...

فأنزل الله تعالى: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * (١٧).

المصدر: ميزان الحكمة ج١

الهوامش: (١) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٢) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٣) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٤) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٥) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٦) غرر الحكم: ١٠٧٤٥، ٦٣٦١، ٦٢٢٦، ٤٢٥٣، ٤١٨٧، ٤٢٩٣. (٧) الحشر: ٩. (٨) البحار: ٦٧ / ٣٥١ / ٥٤. (٩) الخصال: ٩٦ / ٤٢. (١٠) الكافي: ٤ / 18 / 3. (11) نور الثقلين: 5 / 287 / 60 و ج 285 / 51 وص 53. (12) نور الثقلين: 5 / 287 / 60 و ج 285 / 51 وص 53. (١٣) الدر المنثور: ٨ / ١٠٧. (١٤) الاحتجاج: ١ / ٢٠٩. (١٥) نور الثقلين: ٥ / ٤٧٠ / ٢٠ وانظر أيضا: ٥ / ٤٦٩ / ١٨، ١٩، ٢١. (١٦) تنبيه الخواطر: ١ / ١٧٢ و ١٧٣. (١٧) تنبيه الخواطر: ١ / ١٧٢ و ١٧٣.
2023/05/09

يشرب من ماء البحر.. كيف أتخلص من مشاهدة الصور الخلاعية؟
كيف لي أن امتنع عن مشاهدة الصور الماجنة والخلاعية.. هل لديك أنا في مقتبل العمر وعمري 13 ربيعاً أريد الوصفة الموجبة لابتعاد الشهوة والشيطان.

[اشترك]

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

ليس هنالك من حل سوى العزيمة الراسخة على عدم الاقتراب من جهاز الكمبيوتر، وافضل أن تقطع الاتصال بهذا الجهاز الذي لا يزيدك إلا ضلالا، واعلم إن النظر إلى الصور الماجنة بمثابة شرب ماء البحر، كلما شربت منه ، ازددت عطشا.

إذا كنت كذلك في هذا السن، وبهذه الرغبة الجامحة للنظر إلى الحرام، فماذا سيكون حالك في سن البلوغ وما بعد البلوغ؟!

أعتقد أن الشيطان سوف لن يتركك في تلك المرحلة إلا أن يوقع بكم في عظائم الأمور، وهو ما نراه في الذين انحرفوا انحرافا ذريعا عند كبر سنهم.

2023/05/08

شيمة الأخيار و زينة الزهد.. أروع ما قيل في «الإيثار»
فضل الإيثار: الإمام علي (عليه السلام): الإيثار أعلى المكارم (1). - عنه (عليه السلام): الإيثار شيمة الأبرار (2).

[اشترك]

- عنه (عليه السلام): الإيثار أعلى الإحسان (3).

- عنه (عليه السلام): الإيثار أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان (4).

- عنه (عليه السلام): الإيثار غاية الإحسان (5).

- عنه (عليه السلام): الإيثار أشرف الإحسان (6).

- عنه (عليه السلام): الإيثار أشرف الكرم (7).

- عنه (عليه السلام): الإيثار أعلى مراتب الكرم، وأفضل الشيم (8).

- عنه (عليه السلام): الإيثار سجية الأبرار، وشيمة الأخيار (9).

- عنه (عليه السلام): الإيثار أفضل عبادة وأجل سيادة (10).

- عنه (عليه السلام): الإيثار زينة الزهد (11).

- عنه (عليه السلام): الإيثار فضيلة، الاحتكار رذيلة (12).

- عنه (عليه السلام): من أحسن الإحسان الإيثار (13).

عنه (عليه السلام): أفضل السخاء الإيثار (14).

- عنه (عليه السلام): كفى بالإيثار مكرمة (15).

- عنه (عليه السلام): عامل سائر الناس بالإنصاف، وعامل المؤمنين بالإيثار (16).

- عنه (عليه السلام): من أفضل الاختيار التحلي بالإيثار (17).

- عنه (عليه السلام): من شيم الأبرار حمل النفوس على الإيثار (18).

- موسى (عليه السلام): يا رب أرني درجات محمد وأمته، قال: يا موسى إنك لن تطيق ذلك ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي...، فكشف له عن ملكوت السماء فنظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله عز وجل قال:

يا رب بماذا بلغته إلى هذه الكرامة؟! قال:

بخلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار.

يا موسى، لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتا من عمر إلا استحييت من محاسبته وبوأته من جنتي حيث يشاء (19).

المصدر: ميزان الحكمة ج١ الهوامش: (١) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٢) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٣) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٤) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٥) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٦) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٧) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٨) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (٩) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (١٠) غرر الحكم: ٩٨٦، ٦٠٦، ٩٥١، ١٧٠٥، ٨٦١، ٣٩٩، ٩١٦، ١٤١٩، ٢٢٠٨، ١١٤٨. (١١) كنز الفوائد للكراجكي: 1 / 299. (12) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (13) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (14) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (15) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (16) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (17) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (18) غرر الحكم: 112، 9386، 2888، 7047، 6342، 9436، 9350. (19) تنبيه الخواطر: 1 / 173.
2023/05/07

العيد اختبار: هل طهرّنا أنفسنا؟!
مفهوم العيد - واقعاً وتطبيقا: إنَّ عيدَنا الحقيقي يتمثّل بطاعة الله تبارك وتعالى ورسوله الأكرم، وأهل بيته المعصومين، وأُمنائهم في الآخرين، مِن علمائنا الأبرار - مراجع الدّين.

[اشترك]

وفي المنظور الإسلامي، وبحسبِ روايات المعصومين (عليهم السلام) - أنَّ العيدَ هو تعبيرٌ مشروعٌ عن حالة الشعور بالانتصار على النفس الأمّارة بالسوء والشيطان والثبات على ذلك.

 ولكن ينبغي أن يعيشَ الإنسانُ المؤمن في مِثل هذا اليوم بين حالتي الخوف والرجاء فيما عمِل، وأن يكون صُلباً تقيّاً أمام المُحرّمات والشهوات، وأن يعمل جاهداً لتحصيل ملكة التقوى على نحو الدوام.

وان يُحصّن فرحه بالورع ورضا الله تعالى، وبالهدف والحكمة والغاية المناسبة لخلقنا ووجودنا في الأرض.

وفي يوم العيد يجب أن ننظرَ في قلوبنا هل فيها شيء من الحسد أو الحقد أو النفاق أو الغلّ؟

 فلنتطّهر من ذلك كلّه بالإقلاع عن الصفات الذميمة والأمراض الخبيثة، وأن ندخلّ السرورَ على نبينا وآل بيته الأطهار وإمام العصر والزمان (عجّل الله فرجه الشريف) بتطهير قلوبنا من مَذام الصفات، وأن نتلاقى على المودة والرحمة في ما بيننا، لكي يشملنا الله سبحانه بلطفه وفرجه وتسديده.

2023/04/23

في الأسواق والشوارع: هل من الأدب أن تمشي المرأة وسط الطريق؟!
ما هو حكم مشي المرأة في وسط الطريق وهل يجوز لها أن تُحادث امرأةً أخرى وهما في الطريق أو أنْ تتحدثَ في الهاتف؟

[اشترك]

أمَّا المشي في وسط الطريق للمرأة فهو منافٍ للأدب النبويِّ حيث أفاد رسول الله (ص) فيما رُوي عنه أنه "ليس للنساء من سرَوات الطريق شيء ولكنَّها تمشي في جانب الحائط والطريق"1.

والمراد من سروات الطريق هو وسطه.

وروى الشيخ الصدوق في "من لايحضره الفقيه" قال: ذُكر النساء عند أبي الحسن (ع) فقال: "لا ينبغي للمرأة أنْ تمشيَ في وسط الطريق ولكنَّها تمشي على جانب الحائط"2.

فإذا ما التزمت المرأة المؤمنة بهذا الأدب النبويِّ الشريف فإنَّها تكون أكثر هيبة ووقارًا، ذلك لأنَّ المشي في وسط الطريق يجعلها بارزةً مما قد يسترعي أنتباه الطارقين أو أنْ يحدَّ ذووا النفوس الضعيفة النظر إليها فيتعرَّفوا بذلك على كيفية مشيتها وحجم إهابها، وقد يجرؤ جسورٌ فاسق فيتعمَّد الاصطدام بها.

أمَّا لو مشت في جنب الطريق فإنَّ احتمال وقوعها في كلَّ ذلك مستبعَدٌ عادةً.

وأمَّا المحادثة في الطريق فإنْ كان في وسطه فهو أشدُّ مرجوحية من الفرض الأول ذلك لأنَّه يسترعي انتباه الآخرين بنحوٍ أكثر من الفرض الأول فتكون منافاته للأدب النبويِّ أوضح وتشتدُّ المرجوحية لو كانت المحادثة بصوت مرتفع أو مصاحبة لحركات غير لائقة بالمرأة المؤمنة.

هذا إذا لم يُصاحب المحادثة محذوراً شرعياً كالضحك بصوتٍ مرتفع او انكشاف ما يجبُ ستره على المرأة وإلا كان ذلك محرمًا.

الهوامش: 1. وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص183. 2. من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج3 / ص561.
2023/04/15

اختبر قربك من الله: هل أنت على المسار الصحيح؟!
كيف أختبر نفسي لأعرف أني في طريقي أكثر توجهاً إلى الله وأكثر بعداً عن المعاصي؟

[اشترك]

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

من أهم الأعمال ترك المحرمات بكل حذافيرها والمراقبة الدائمة ومن دون ذلك لا يتقدم الإنسان في طريق القرب مهما بذل سعيه في هذا المجال.

ومن أهم علامات الصدق في الحركة والقبول عند المولى أن يمج الإنسان المنكر بكل أنواعه بمعنى انه لا يرى جاذبية في المنكر ليردع نفسه عنه.. أفهل رأيت أحداً يمنع عاقلا من عدم أكل القاذورات التي لا تستسيغها الطبائع السليمة؟!

وهكذا المؤمن يصل الى درجة لا يحتاج في ترك المنكر الى مجاهدة للنفس، فيكفى تصور عدم رضا مولاه عن الأمر حتى يحتقر ذلك المنكر، مهما كان جميلا عند أهل الدنيا!

واعلم أن العزم في مرحلة لا يكفى لجميع المراحل، فإن الإنسان قد يسدده مولاه في مرحلة من المراحل ويخذله في مرحلة أخرى بحسب التزامه بلوازم القرب.. ومن هنا كانت الحوقلة (لا حول ولا قوة إلا بالله) شعار المؤمن في كل شؤون حياته!

2023/04/15

دعاء لقضاء الحوائج.. يُقرأ قبل الإفطار (فيديو) لـ ’السيد حسين شبّر’
دعاء "عظيم الشأن" يُقرأ قبل الإفطار:

[اشترك]

اللهم رب النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة، والإنجيل، والزبور، و الفرقان العظيم، أنت إله من في السماوات وإله من في الأرض لا إله فيهما غيرك، وأنت ملك من في السماوات، وملك من في الأرض، لا ملك فيهما غيرك، أسألك باسمك الكبير، ونور وجهك المنير، وبملكك القديم، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم، أسئلك باسمك الذي أشرق به كل شئ، وباسمك الذي أشرقت به السماوات والأرض، وباسمك الذي صلح به الأولون، وبه يصلح الآخرون يا حي قبل كل حي ويا حي بعد كل حي، ويا حي لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي، واجعل لي من أمري يسرا وفرجا قريبا، وثبتني على دين محمد وآل محمد، وعلى سنة محمد وآل محمد، عليه وعليهم السلام، واجعل عملي في المرفوع المتقبل، وهب لي كما وهبت لأوليائك وأهل طاعتك، فاني مؤمن بك، ومتوكل عليك منيب إليك، مع مصيري إليك، وتجمع لي ولأهلي وولدي الخير كله وتصرف عني وعن ولدي وأهلي الشر كله، أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض، تعطي الخير من تشاء، وتصرفه عمن تشاء فامنن على برحمتك يا أرحم الراحمين.

2023/03/29

هل تزول آثار الذنوب بالتوبة؟
من المعلوم أن الذنوب والمعاصي تحدث ظلمة في القلب، وتلوّث نقاء الروح، وصفاء النفس، فهل التوبة تزيل تلك الآثار، أم أن آثارها مقصورة في غفران الذنوب ومحو السيئات؟

[اشترك]

الجواب:

كما أن بدن الإنسان معرض للإصابة بالعلل والأمراض التي تؤثر على الصحة سلباً، وقد تؤدي إلى الموت إن لم يبادر الإنسان إلى علاجه، كذلك النفس تصاب بالمرض وتكون بحاجة إلى العلاج.

ولا يخفى أن مرض النفس أخطر بكثير مـن مـرض البدن، ذلك أن مرض البدن لا يؤذي ولا يؤلم إلاّ صاحبه، وإن وصل الأمر إلى الموت فإن المجتمع لن يخسر إلاّ فرداً واحداً، أما مرض النفـس فإنه يشكل خطراً كبيراً على الفرد والمجتمع معاً، لأن صاحب النفس المريضة يتحوّل إلى مجرم محترف، لا يخشى الله تعالى، ولا يرعى حرمة للدين والقيم الإنسانية الفاضلة، ولا يتورّع عن منكر فعله، فيعيث في الأرض فساداً، ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد، بل صاحب النفس المريضة قد يؤثر على الآخرين، فيفسد أخلاقهم، ويجرّهم إلى طريقه المنحرف، وسلوكه الإجرامي، مما يهدد أمن المجتمع وسلامته، ويؤدي إلى انتشار الأمراض الأخلاقية والاجتماعية بين أبنائه.

وإذا كان علاج البدن إنما يتمّ عن طريق العقاقير الطبية المناسبة للحالة المرضية، فإن علاج النفس إنما يكون عن طريق الرجوع إلى الله عز وجل بالتوبة والإنابة، وترك الذنوب والمعاصي.

وجوب المبادرة إلى التوبة:

وكما يجب على المصاب بمرض في بدنه المبادرة إلى العلاج قبل أن يستشري الداء، ويستعصي الدواء، وربما أوصله مرضه إلى الموت، كذلك المصاب بمرض في نفسه، عليه المبادرة إلى التوبة، ولرجوع إلى الله عز وجل، لأنه إن لم يبادر إليها فهو على خطرين:

الأول: قد يباغته الموت قبل التوبة، فيكون من الخاسرين، ولن ينفعه طلب الرجوع إلى الدنيا ليعمل صالحا فيما ترك، كما يقول عز من قائل في الآيتين (99-100) من سورة المؤمنون: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.

الثاني: إن عدم المبادرة إلى التوبة، يجعل الذنوب تتراكم على القلب إلى أن يصدأ وتعلوه الظلمة التي تعمي بصيرة الإنسان عن الخير والصلاح، وتحجبه عن التوبة في الدنيا، وعن رحمة ربه في الآخرة، تماما كما يقول سبحانه في الآيتين (14-15) من سورة المطففين: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}.

التوبة عملية غسل وتطهير:

أما عمّا ورد في السؤال، فلا شك أن آثار التوبة الكثيرة، وبركاتها العظيمة لا تقف عند حد غفران الذنوب، ومحو السيئات، بل هي عملية غسل وتطهير وتنقية للنفس الإنسانية مما ران عليها من صدأ الذنوب وأدران المعاصي، فكما أن غسلنا للثوب يزيل الأوساخ وآثارها، وكما أن علاج أمراض البدن يشفي من المرض ويزيل آثاره، كذلك التوبة تغفر الذنوب، وتزيل آثارها، كما دلّت على ذلك الكثير من الأدلة، ومنها:

الدليل الأول-التوبة رجوع من طرفين:

التوبة مصدر تاب، وتعني الرجوع والإنابة، كما يقول سبحانه في الآية (3) من سورة الزمر: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}، والمعنى: عودوا إلى ربكم بالتوبة، قبل أن يأتيكم عذاب الآخرة، أو مطلق العذاب الذي لا تقبل معه التوبة (كالتوبة عند البأس، أو عند معاينة الموت) وحينها لن تنفعكم توبة، ولن تدرككم مغفرة.

والتوبة لا يمكن أن تتحقق إلا بالرجوع من طرفين، أحدهما أدنى، وهو الإنسان، والثاني أعلى، وهو الله، كما يقول سبحانه في الآية (29) من سورة المائدة{فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وتكون توبة الإنسان بهجر الذنوب، وترك المعاصي، والرجوع إلى الله بالإنابة والندم والاستغفار، وأما توبة الله فهي رجوع منه سبحانه إلى عبده التائب بالرحمة، وغفران الذنوب، وتطهير نفسه من الشوائب، وتنقية قلبه من أدران الذنوب والمعاصي، ولولا رجوع الله إلى عبده، ولطفه به بالتوبة عليه بعد توبته من ذنوبه، وإلا لما نفعته توبته شيئا، ولكان من الخاسرين.

فالله لطيف ورحيم بعباده، ومن لطفه ورحمته بهم أن هيأ للتائبين الصادقين في توبتهم كل أسباب الهدى والخير والسعادة في الدارين، ومن ذلك أنه تعالى كما قبل توبتهم، أيضا جعلها مطهّرة لهم من ذنوبهم الموبقة، ومن آثارها السيئة، ليساعدهم ذلك على الترقي في مدارج الكمال، ولئلا تكون تلك الآثار مانعة لهم من الثبات على التوبة والصلاح.

الدليل الثاني-الأعمال حسنات وسيئات:

إن المتأمل في النصوص الإسلامية -كتابا وسنة- يكتشف أن أعمال الإنسان ليس فقط يترتب عليها الثواب أو العقاب، بل هي ذاتها حسنات أو سيئات، ولذا فالله عز وجل لم ينهانا عن المعاصي فقط لما يترتب عليها من العقاب، بل لأنها متلبسة بالسوء والقبح، لذلك نحن نصفها بهما فنقول: (أعمال قبيحة)، كما أنه تعالى لم يأمرنا بالطاعات فقط لما يترتب عليها من الثواب، بل لأنها متلبسة بالحسن، لذلك نصفها بأنها (أعمال حسنة) فالحسن والقبح صفتان ذاتيتان في الأعمال، ولذلك تنعكس آثار الأعمال على الإنسان، فإن كانت سيئة لوّثته بسوئها وقبحها، وإن كانت حسنة طهّرته من ذلك السوء والقبح، مما يدل على أن الأعمال الصالحة كما يترتب عليها الأجر والثواب، أيضا هي مطهّرة للإنسان مما لوّث به نفسه من أدران الذنوب، وممارسته للأعمال والأقوال القبيحة.

وهذا ليس مجرّد كلام إنشائي، وإنما هو حقيقة قرآنية عظيمة كشف عنها القرآن الكريم في العديد من آياته البينات، كما في قوله تعالى في الآية (6) من سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فلاحظوا كيف تأمرنا هذه الآية الكريمة بما تأمرنا به، ثم تبيّن أن الغاية من ذلك ليس لأن الله يريد أن يجعلنا في حرج ومشقة، بل وليس فقط لأن الالتزام بهذه الأوامر الإلهية يجعلنا نتحصل على الأجر والثواب، وإنما لأن الله يريد أن يطهّرنا ويتمّ نعمته علينا، مما يعني أن تلك الأعمال نعمة إلهية عظيمة، من ثمراتها الكبيرة أنها مطهّرة للإنسان مما لوّث به نفسه من أعمال قبيحة، وحرّي بالإنسان أن يدرك هذه النعمة الجليلة ويعرف قيمتها العظيمة، ويشكر الله عليها.

ويقول عز وجل في الآية _222) من سورة البقرة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، وإخباره تعالى في ختام الآية عن حبه للتوابين وحبه للمتطهرين غير مقيد، بل هو عام، فيشمل كل أنواع التوبة، وكل أنواع التطهّر، فالله يحب كل توبة، كما يحب كل تطهّر، سواء كان تطهّرا من الأمور المادية أم المعنوية، وإنما تكون كل توبة بالرجوع إليه، كما تكون كل طهارة بعبادته، والالتزام بأوامره ونواهيه عز وجل، مما يؤكد لنا أن التكاليف العبادية، والأعمال الصالحة هي طاهرة ومطهّرة.

 

ويؤيد هذا بل يؤكده قوله سبحانه في الآية (114) من سورة هود: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}، حيث علّل سبحانه الأمر بإقامة الصلاة بأن {الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، وهذا يعني أن الصلاة ليس فقط يترتب عليها الحسنات، بل هي ذاتها حسنات، ومن آثارها أنها تذهب سيئات الإنسان وتطهّره من أوساخها وأدرانها.

ويتضح لنا هذا المعنى أكثر متى تدبرنا في قوله تعالى في الآية (41) من سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وهنا يجب أن نلاحظ أن الله نسب الطهارة إلى القلوب، مما يدل على أنها طهارة معنوية مكانها القلب والروح، وأمّا عدم إرادته تعالى تطهير قلوبهم، فلأنهم لم يريدوا ذلك، وإلا لما سارعوا إلى ما هو ملوّث ويلوّث القلب من الكفر، وتحريف الكلم من بعد مواضعه.

وإذا كان الكفر والأعمال السيئة يلوّثان القلب، فإن الإيمان والأعمال الصالحة تطهّره وتنقيه، ومما لا شك فيه ولا ريب أن التوبة من الأعمال الصالحة فهي مطهّرة، وإذا كان من لوازم التوبة هجران الذنوب، والندم والاستغفار، والاستقامة على الصراط المستقيم، والمحافظة على العبادة والأعمال الصالحة، تضاعفت الطهارة من خلال التوبة ولوازمها، وعاد الإنسان نقيا من شوائب الذنوب وأدرانها.

الدليل الثالث-تأكيد القرآن على أن التوبة مطهّرة للإنسان:

في القرآن الكريم آيات كثيرة جدا تؤكد على حقيقة أن التوبة سبب لغفران الذنوب من جهة، وتطهير التائب من قاذوراتها من جهة ثانية، ومن ذلك قوله جلّ شأنه في الآيتين (145-146) من سورة النساء: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}، إذ كما توعّد الله المنافقين بالنار، استثنى التائبين من نفاقهم، العاملين بلوازم تلك التوبة، بإصلاح أعمالهم السيئة عن طريق الاعتصام بالله، والتمسك بحبله المتمثل في القرآن الكريم والسنة المطهّرة والاقتداء بهديهما، وكان ذلك منهم بصدق وإخلاص في الدين والإيمان، ثم أكد سبحانه أنه سيجعلهم مع المؤمنين، الذين محضوا الإيمان محضا، والذين سيؤتيهم أجرا عظيما.

وما كان سبحانه وتعالى سيجعلهم مع المؤمنين لولا أنهم -بتوبتهم النصوح- تطهّروا من قاذورات النفاق والأعمال القبيحة، وعادوا إلى النقاء والصفاء، وإنما جعلهم عز وجل مع المؤمنين ولم يعدهم منهم، لأنهم في أول توبتهم واتصافهم بما وصفهم به ربهم، فألحقهم بركب المؤمنين المخلصين، ومتى ثبتوا على توبتهم، وحافظوا على ما جاء في الآية الكريمة من وصفهم، وتلبّسوا بذلك تلبّسا حقيقيا وكاملا فلم يغيّروا ولم يبدّلوا، حينها يترقّون ليكونوا من المؤمنين، وهذا يبيّن لنا أن أثر التوبة فوري في التطهير والتنقية، والثبات عليها يرفع الإنسان من مرتبة إلى أخرى.

كذلك يقول تعالى في الآيات (69-70) من سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وكما توضّح هذه الآيات أن التوبة والعمل الصالح ينجيان التائب العامل صالحا من العذاب المضاعف الذي سيخلد فيه المشركون العاملون السيئات بكل ذلة وهوان، كذلك تؤكد أن الله سيبدل سيئاتهم حسنات، ومع أن هذا التبديل من الممكن أن يكون عن طريق التفضّل الإلهي على التائبين بتحويل سيئاتهم إلى حسنات، فيمحو تعالى السيئة ويسجل مكانها حسنة، إلا أن المعنى الأدق والأوفق بالآية الكريمة هو ما سبقت الإشارة إليه من أن الأعمال نفسها إما أن تكون سيئة أو حسنة، والسيئات تعلق بالنفس الشريرة الخبيثة، نتيجة ممارسة الإنسان لها، وعكوفه عليها، فإذا تاب الإنسان وآمن وعمل صالحا، تبدّلت حقيقة نفسه لتصبح طيبة، فتتطهّر من الأعمال السيئة وعوالقها، لتكون نفسا طاهرة نقية، مما يعني أن التوبة والعمل الصالح يطهّران الإنسان ويغيّران حقيقة نفسه ليتحوّل من الشقاء إلى السعادة، ومن القذارة إلى الطهارة.

وربما يقوي هذا المعنى ويؤيده ما مرّ علينا من قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، الدال على أن الحسنات هن يذهبن السيئات، لا أن الله يقوم بمحو السيئة ويسجل مكانها الحسنة، كما يؤيده أيضا ما في القرآن الكريم من آيات عديدة تصف الفاسقين والظالمين والمكذبين بالدين وحقائقه، بالذين في قلوبهم مرض، كما في قوله سبحانه في الآية (12) من سورة الأحزاب: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، الدال على أن قولهم هذا إنما هو نتاج نفاقهم ومرض قلوبهم، وكذا قوله تعالى في الآية (62) من سورة الأحزاب: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}، حيث أمرت بعدم الخضوع في القول، محذّرة من الذين في قلوبهم مرض دون غيرهم، وهذا يدل على أمرين:

الأول: إن أصحاب النفوس الخبيثة والقلوب المريضة هم الذين ينساقون وراء ما يناسب طبيعة أنفسهم من الأعمال القبيحة التي تعلق آثارها في قلوبهم فتزيدها ظلمة، أما أصحاب القلوب السليمة فلا ينساقون وراء تلك الأعمال، بل ينفرون منها، ويواظبون على ما يوافق طبيعتهم من الأعمال الصالحة فتعلق آثارها الطيبة في نفوسهم وقلوبهم.

الثاني: إن أصحاب النفوس الخبيثة والقلوب المريضة يمكنهم إصلاح نفوسهم، ومداواة قلوبهم عن طريق التوبة والعمل الصالح، وبذلك يتطهرون مما هم متلوّثون به من الذنوب وقذاراتها.

الدليل الرابع-الأحاديث تؤكد حقيقة التطهير بالتوبة:

أيضا هناك عدة أحاديث تؤكد حقيقة أن التوبة تتجاوز مرحلة غفران الذنوب إلى التطهير منها، ويكفينا في ذلك الحديث المروي عن إمامنا الرضا عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما في ج6ص21 من بحار الأنوار: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وكما نعلم: فالذي لا ذنب له طاهر لعدم تلوّثه بالذنوب وأوساخها، ولولا أن التوبة تطهّر التائب من الذنوب والأوساخ، وتعيده سليم القلب، نقي الروح، زكي النفس، وإلا لما صح جعل التائب بمنزلة من لا ذنب له.

وفي أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، ج2ص277، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا)، وفي ص287 من المصدر نفسه: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض، فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا، وهو قول الله عز وجل: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.

وفي الحديثين من وضوح المعنى ما يغنينا عن الشرح والبيان، وملخّص القول في ذلك: إن للأعمال حسنة كانت أو سيئة آثارها التي آثار تنعكس على صفحات قلب، ومرآة نفس من يمارسها، فإن كانت أعمالا حسنة أضاءت القلب وأنارته، وإن كانت سيئة جعلت القلب أسودا مظلما، والأعمال التي يكثر منها الإنسان ستؤثر في نفسه أكثر، وستكون آثارها طاردة لآثار الأعمال الأخرى، فإن أكثر الإنسان من الأعمال الصالحة اتسعت دائرة النور في قلبه إلى أن تشفي ما فيه من مرض، وتزيل ما به من ظلمة، وتجعل روحه معلّقة بعز قدسه وحلاله عز وجل، وإن غلبت الأعمال السيئة، تراكمت الظلمات في القلب بعضها فوق بعض، حتى لم يعد لنور الأعمال الصالحة مكان، فيشكل ذلك حجابا بين الإنسان وبين ربه، فيخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

وبما أن التوبة من الأعمال الصالحة أصبح من آثارها وبركاتها أنها تجلو ظلمة الذنوب عن القلب، وتعيد إليه الضياء والنور، وتطهّر صاحبه من أدران المعاصي التي رانت على قلبه حتى حجبته عن رحمة ربه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

2023/03/28

توصيات جديدة من السيد محمد رضا السيستاني
قَبَسٌ قَيِّمٌ مِن تذكِرَةٍ توجهيَّةٍ بمناسبةِ قُربِ حلولِ شهرِ رمضان المُبارك:

[اشترك]

1: لابُدّ مِن الاهتمامِ بتزكيّة النفسِ، مهما أمكن – فإنّها فرصةٌ عظيمةٌ، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة - وذلك باستغلالِ كلِّ آناءِ الشهرِ الفضيل، للرقيِّ بها إلى مراتب عُليا.

2: إنَّ طريقَ العلمِ صَعبٌ مُستَصعَبٌ – فالترقّي في مدارج العلمِ إذا لم يَقتَرن بتزكيّة النفسِ ورعاية ما أُمِر به، سيكون وبالاً على النّاسِ.

3: ينبغي أن نكونَ دعاة بغير ألسنتنا – والحذر في كلِّ التصرّفاتِ والأقوالِ والأفعال.

4: يجب أن تكون هذه النقطة مُرتَكِزَةً في (وعينا) – وهي عدم الإضرار بموقعيّة الدِّين في أذهانِ ونفوسِ النّاس.

وأسألكم الدُعاءَ، ولا سيّما في الشهرِ الفضيل.

سماحة السيّد الأُستاذ مُحَمَّد رضا السيستاني(دامت بركاته) الأربعاء – 22 – شعبان المُعظّم – 1444هجرية.
2023/03/15

منفعة الالتزام بـ ’طاعة الله’
يقول السيّد محمّد صادق الخرسان (حفظه الله): عندما يتعلّم الطالب في المدرسة سيتعرّف على شروط التعليم، من الوقت المحدّد ومتابعة الدروس وتأدية الامتحان وغير ذلك ممّا يقيّد تصرّفاته، فينتظم بذلك ويؤدّيه، لأنَّه من ضمانات نجاحه، وهو يرفض الفشل، فيتأقلم معه كبرنامج عمل يوميّ، ويؤدّي فقراته، لأنَّه التزام يحقّق له طموحاته في النجاح، ويبعده عن الجهل.

[اشترك]

ولا يمنعه من ذلك كون التعلّم يقيّد المتعلّم بساعات إنتاج، ويقلّص بعض العلاقات، بل يجده نظاماً لتطوير واقع الحياة.

وكذلك انتظام الإنسان بطاعة خالقه إنَّما يكشف عن شكره للمنعم عليه بكلّ شيء، وهو دليل على حسن توظيفه لما حوله، ولو أدّى ذلك إلى تقيّده ببعض القيود، لأنَّها تحميه.

فينتج: إنَّ الله خلقنا لنكتسب رصيداً ننتفع به عند إعلان النتائج.

وهو أسلوب معمول به في مختلف أنظمة العالم المتحضّر، حيث تكون فرص متساوية أمام الأشخاص، وعلى كلّ واحد أن يختار بنفسه ما يريد، ليثبت كفاءته، لأنَّ الدرجات ليست منحة، وإنَّما هي نتيجة لعمل تمّ تقييمه وفقاً لأسس محدّدة، فحصل الإنسان على نتيجة عمله.

حوار مع الشباب
2023/03/12

كل ماتريد معرفته عن أعمال ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر وفيها ولد الإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) ذكر لها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان أعمالا كثيرة تتناسب وعظمة هذه الليلة المباركة منها: الغسل ومنها إحياء الليل بالصلاة والدعاء والاستغفار.

[اشترك]

وهي ليلة بالغة الشرف، وقد روي عن الصادق (عليه السلام) قال: «سئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال (عليه السلام): هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها فإنّها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها مالم يسأل المعصية، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينّا (عليه السلام)، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه» … الخبر.

ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنّها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى وهذا ما يزيد هذه الليلة شرفاً وفضلاً، وقد ورد فيها أعمال:

أولها: الغسل، فإنّه يوجب تخفيف الذنوب.

الثاني: إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار كما كان يصنع الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وفي الحديث: «من أحيا هذه الليلة لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب».

الثالث: زيارة الحسين (عليه السلام)، وهي أفضل أعمال هذه الليلة وتوجب غفران الذنوب، ومن أراد أن يصافحه أرواح مائة وأربعة وعشرين ألف نبي فليزره (عليه السلام) في هذه الليلة، وأقلّ ما يزار به (عليه السلام) أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنة ويسرة ثمّ يرفع رأسه إلى السماء فيزوره (عليه السلام) بهذه الكلّمات: السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ الله السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

ويُرجى لمن زار الحسين (عليه السلام) حيثما كان بهذه الزيارة يُكتب له أجر حجة وعمرّة، ونحن سنذكر في باب الزيارات ما يختصّ بهذه الليلة منها إن شاء الله.

الرابع: أن يدعو بهذا الدعاء الذي رواه الشيخ والسيد وهو بمثابة زيارة للإمام الغائب (صلوات الله عليه):

اللهُمَّ بِحَقِّ لَيلَتِنا وَمَولودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوعودِها الَّتي قَرَنتَ إلى فَضلِها فَضلاً فَتَمَّت كَلِمَتُكَ صِدقاً وَعَدلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ نورُكَ المُتَألِّقُ وَضياؤُكَ المُشرِقُ وَالعَلَمُ النّورُ في طَخياء الدَيجورِ، الغائِبُ المَستورُ جَلَّ مَولِدُهُ وَكَرُمَ مَحتِدُهُ وَالمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ وَالله ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إذا آنَ ميعادُهُ وَالمَلائِكَةُ أمدادُهُ، سَيفُ الله الَّذي لا يَنبو وَنورُهُ الَّذي لا يَخبو وَذو الحِلمِ الَّذي لا يَصبو مَدارُ الدَّهرِ وَنَواميسُ العَصرِ وَوُلاةُ الأمرِ وَالمُنَزَّلُ عَلَيهِم ما يَتَنَزَّلُ في لَيلَةِ القَدرِ وَأصحابُ الحَشرِ وَالنَشرِ تَراجِمَةُ وَحيِهِ وَوُلاةُ أمرِهِ وَنَهيِهِ.

اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتِمِهِم وَقائِمِهِم المَستورِ عَن عَوالِمِهِم، اللهُمَّ وَأدرِك بِنا أيامَهُ وَظُهورَهُ وَقيامَهُ وَاجعَلنا مِن أنصارِهِ وَاقرِن ثَأرَنا بِثَأرِهِ وَاكتُبنا في أعوانِهِ وَخُلَصائِهِ وَأحيِنا في دَولَتِهِ ناعِمينَ وَبِصُحبَتِهِ غانِمينَ وَبِحَقِّهِ قائِمينَ وَمِنَ السّوءِ سالِمينَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيِّنَ وَالمُرسَلينَ وَعَلى أهلِ بَيتِهِ الصَّادِقينَ وَعِترَتِهِ النَّاطِقينَ وَالعَن جَميعَ الظَّالِمينَ وَاحكُم بَينَنا وَبَينَهُم يا أحكَمَ الحاكِمينَ.

الخامس: روى الشيخ عن إسماعيل بن فضل الهاشمي قال: علّمني الصادق (عليه السلام) هذا الدعاء لأدعو به ليلة النصف من شعبان:

اللهُمَّ أنتَ الحَيُّ القَيّومُ العَليُّ العَظيمُ الخالِقُ الرَّازِقُ المُحيي المُميتُ البَدئُ البَديعُ، لَكَ الجَلالُ وَلَكَ الفَضلُ وَلَكَ الحَمدُ وَلَكَ المَنُّ وَلَكَ الجودُ وَلَكَ الكَرَمُ وَلَكَ الأمرُ وَلَكَ المَجدُ وَلَكَ الشُّكرُ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، يا واِحدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ يا مَن لَم يَلِد وَلَم يولَد وَلَم يَكُن لَهُ كُفواً أحَدٌ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغفِر لي وَارحَمني وَاكفِني ما أهَمَّني وَاقضِ دَيني وَوَسِّع عَلَيَّ في رِزقي، فَإنَّكَ في هذِهِ الليلَةِ كُلَّ أمرٍ حَكيمٍ تَفرُقُ وَمَن تَشاءُ مِن خَلقِكَ تَرزُقُ فَارزُقني وَأنتَ خَيرُ الرَّازِقينَ، فَإنَّكَ قُلتَ وَأنتَ خَيرُ القائِلينَ النَّاِطِقينَ: وَاسألوا الله مِن فَضلِهِ فَمِن فَضلِكَ أسألُ وَإياكَ قَصَدتُ وَابنَ نَبيِّكَ اعتَمَدتُ وَلَكَ رَجَوتُ فَارحَمني يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.

السادس: ادع بهذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الليلة:

اللهُمَّ اقسِم لَنا مِن خَشيَتِكَ ما يحَوُلُ بَينَنا وَبَينَ مَعصيَتِكَ وَمِن طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ رِضوانَكَ وَمِنَ اليَقينِ ما يَهونُ عَلَينا بِهِ مُصيباتُ الدُّنيا، اللهُمَّ أمتِعنا بِأسماعِنا وَأبصارِنا وَقوَّتِنا ما أحيَيتَنا وَاجعَلهُ الوارِثَ مِنَّا وَاجعَل ثأرَنا عَلى مَن ظَلَمَنا وَانصُرنا عَلى مَن عادانا وَلا تَجعَل مُصيبَتَنا في دينِنا وَلا تَجعَل الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنا وَلا مَبلَغَ عِلمِنا، وَلا تُسَلِّط عَلَينا مَن لا يَرحَمُنا بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ.

وهذه من الدعوات الجامعات الكاملات، ويغتنم الدعاء به في سائر الأوقات. وفي كتاب (عوالي الّلألي): أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يدعو بهذا الدعاء في كافّة الأوقات.

السابع: أن يقرأ الصلوات التي يدعى بها عند الزوال في كلّ يوم.

الثامن: أن يدعو بدعاء كميل الذي أثبتناه في الباب الأوّل من الكتاب، وهو وارد في هذه الليلة.

التاسع: أن يذكر الله بكلّ من هذه الأذكار مائة مرّة: سُبحانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إلهَ إلاّ اللهُ وَاللهُ أكبَرُ، ليغفر الله له ما سلف من معاصيه ويقضي له حوائج الدنيا والآخرة.

العاشر: روى الشيخ في (المصباح) عن أبي يحيى في حديث في فضل ليلة النصف من شعبان أنه قال: قلت لمولاي الصادق (عليه السلام): ما هو فضل الأدعية في هذه الليلة؟ فقال: «إذا صلّيت العشاء فصلّ ركعتين تقرأ في الاُوّلى الحمد وسورة الجحد وهي سورة قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد وسورة التوحيد وهي سورة قل هو الله أحد، فإذا سلّمت قلت: سُبحانَ اللهِ ثلاثاً وثلاثين مرّة، والحَمدُ لله ثلاثاً وثلاثين مرّة، واللهُ أكبَرُ أربعاً وثلاثين مرّة ثمّ قل:

يا مَن إلَيهِ مَلجأُ العِبادِ في المُهِمَّاِتِ وَإليهِ يَفزَعُ الخَلقُ في المُلِمَّاتِ يا عالِمَ الجَهرِ وَالخَفياتِ يا مَن لا تَخفى عَلَيهِ خَواطِرُ الأوهامِ وَتَصرُّفُ الخَطَراتِ يا رَبَّ الخَلائِقِ وَالبَريات يا مَن بيَدِهِ مَلَكوتُ الأرضينَ وَالسَّماواتِ، أنتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ أمُتُّ إلَيكَ بِلا إلهَ إلاّ أنتَ فيالا إلهَ إلاّ أنتَ اجعَلني في هذِهِ الليلَةِ مِمَّن نَظَرتَ إلَيهِ فَرَحِمتَهُ وَسَمِعتَ دُعاءَهُ فَأجَبتَهُ وَعَلِمتَ استِقالَتَهُ فَأقَلتَهُ وَتَجاوَزتَ عَن سالِفِ خَطيئَتِهِ وَعَظيمِ جَريرَتِهِ فَقَد استَجَرتُ بِكَ مِن ذُنوبي وَلَجَأتُ إلَيكَ في سَترِ عُيوبي، اللهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضلِكَ وَاحطُطْ خَطايايَ بِحِلمِكَ وَعَفوِكَ وَتَغَمَّدني في هذِهِ اللَّيلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ وَاجعَلني فيها مِن أوليائِكَ الَّذينَ اجتَبَيتَهُم لِطاعَتِكَ وَاختَرتَهُم لِعِبادَتِكَ وَجَعَلتَهُم خالِصَتَكَ وَصَفوَتَكَ، اللهُمَّ اجعَلني مِمَّن سَعَدَ جَدُّهُ وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيراتِ حَظُّهُ وَاجعَلني مِمَّن سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ وَاكفِني شَرَّ ما أسلَفتُ وَاعصِمني مِنَ الازديادِ في مَعصيَتِكَ وَحَبِّب إلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُني مِنكَ وَيُزلِفُني عِندَكَ. سَيِّدي، إلَيكَ يَلجَأُ الهارِبُ وَمِنكَ يَلتَمِسُ الطَّالِبُ وَعَلى كَرَمِكَ يَعَوِّلُ المُستَقيلُ التائبُ أدَّبتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأنتَ أكرَمُ الأكرَمينَ وَأمَرتَ بِالعَفوِ عِبادَكَ وَأنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ، اللهُمَّ فَلا تَحرِمني ما رَجَوتُ مِن كَرَمِكَ وَلا تُؤيِسني مِن سابِغِ نِعَمِكَ وَلا تُخَيِّبني مِن جَزيلِ قِسَمِكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ لأهلِ طاعَتِكَ وَاجعَلني في جُنَّةٍ مِن شِرارِ بَريَّتِكَ. رَبِّ إن لم أكُنْ مِنْ أهلِ ذلِكَ فَأنتَ أهلُ الكَرَمِ وَالعَفوِ وَالمَغفِرَةِ وَجُدْ عَلَيَّ بِما أنتَ أهلُهُ لا بِما أستَحِقُّهُ فَقَد حَسُنَ ظَنّي بِكَ وَتَحَقَّقَ رَجائي لَكَ وَعَلِقَت نَفسي بِكَرَمِكَ فَأنتَ أرحَمُ الرَّاحِمينَ وَأكرَمُ الأكرَمينَ، اللهُمَّ وَاخصُصني مِن كَرَمِكَ بِجَزيلِ قِسَمِكَ وَأعوذُ بِعَفوِكَ مِن عُقوبَتِكَ وَاغفِر لي الذَّنبَ الَّذي يَحبِسُ عَلَيَّ الخُلُقَ وَيُضيِّقُ عَلَيَّ الرِّزقَ حَتّى أقومَ بصالِحِ رِضاكَ وَانعَمَ بِجَزيلِ عَطائِكَ وَأسعَدَ بِسابِغِ نَعمائِكَ، فَقَد لُذتُ بِحَرَمِكَ وَتَعَرَّضتُ لِكَرَمِكَ وَاستَعَذتُ بِعَفوِكَ مِن عُقوبَتِكَ وبِحِلمِكَ مِن غَضَبِكَ فَجُد بِما سألتُكَ وَأنِل ما التَمَستُ مِنكَ أسألُكَ بِكَ لا بِشيءٍ هُوَ أعظَمُ مِنكَ ».

ثمّ تسجد وتقول: يا رَبّ عشرين مرّة، يا اللهُ سبع مرّات، لا حَولَ وَلا قوَّةَ إلاّ بِاللهِ سبع مرّات، ما شاءَ اللهُ عشر مرّات، لا قوَّةَ إلاّ بِاللهِ عشر مرّات، ثمّ تصلّي على النبي (صلى الله عليه وآله) وآله وتسأل حاجتك، فوالله لو سألت بها بعدد القطر لبلّغك الله عزّ وجلّ إياها بكرمه وفضله.

الحادي عشر: قال الطوسي والكفعمي: يقال في هذه الليلة:

إلهي تَعَرَّضَ لَكَ في هذا اللَّيلِ المُتَعَرِّضونَ وَقَصَدَكَ القاصِدونَ وَأمَّلَ فَضلَكَ وَمَعروفَكَ الطَّالِبونَ وَلَكَ في هذا اللَّيلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزٌ وَعَطايا وَمَواهِبُ تَمُنُّ بِها عَلى مَن تَشاءُ مِن عِبادِكَ وَتَمنَعُها مَن لَم تَسبِقَ لَهُ العِنايَةُ مِنكَ، وَها أنا ذا عُبَيدُكَ الفَقيرُ إلَيكَ المُؤَمِّلُ فَضلَكَ وَمَعروفَكَ، فَإن كُنتَ يا مَولاي تَفَضَّلتَ في هذِهِ اللَّيلَةِ عَلى أحَدٍ مِن خَلقِكَ وَعُدتَ عَلَيهِ بِعائِدَةٍ مِن عَطفِكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبينَ الطَّاهِرينَ الخَيِّرينَ الفاضِلينَ، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَولِكَ وَمَعروفِكَ يا رَبَّ العالَمينَ، وَصَلَّى اللهَُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسليماً، إنَ الله حَميدٌ مَجيدٌ. اللهُمَّ إنّي أدعوكَ كَما أمَرتَ فَاستَجِب لي كَما وَعَدتَ إنَّكَ لا تُخلِفُ الميعادَ. وهذا دعاء يُدعى به في الأسحار عقيب صلاة الشفع.

الثاني عشر: أن يدعو بعد كلّ ركعتين من صلاة الليل وبعد الشفع والوتر بما رواه الشيخ والسيد.

الثالث عشر: أن يسجد السجدات ويدعو بالدعوات المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، منها مارواه الشيخ، عن حماد بن عيسى، عن أبان بن تغلب قال: قال الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) : «كان ليلة النصف من شعبان وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند عائشة، فلما انتصف الليل قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن فراشه فلما انتبهت وجدت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قام عن فراشها، فداخلها ما يدخل النساء ـ أي الغيرة ـ وظنّت أنّه قد قام إلى بعض نسائه، فقامت وتلفّفت بشملتها، وأيم الله ما كانت قزّاً ولا كتّاناً ولاقطناً ولكن سداه شعراً ولحمته أوبار الإبل فقامت تطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر نسائه حجرة حجرة، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساجداً كثوب متلبّد بوجه الأرض، فدنت منه قريباً فسمعته يقول في سجوده:

سَجدَ لَكَ سَوادي وَخيالي وَآمَنَ بِكَ فُؤادي هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيتُهُ عَلى نَفسي يا عَظيمُ تُرجى لِكُلِّ عَظيمٍ اغفِر ليَ العَظيمَ فَإنَّهُ لا يَغفِرُ الذَّنبَ العَظيمَ إلاّ الرَبُّ العَظيمُ.

ثمّ رفع رأسه وأهوى ثانيا إلى السجود وسمعته عائشة يقول:

أعوذُ بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أضاءَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأرضونَ وانكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وَصَلَحَ عَلَيهِ أمرُ الأوّلينَ وَالآخِرينَ مِن فُجأةِ نَقِمَتِكَ وَمِن تَحويلِ عافيَتِكَ وَمِن زَوالِ نِعمَتِكَ، اللهُمَّ ارزُقني قَلباً تَقياً نَقياً وَمِنَ الشِّركِ بَريئاً لا كافِراً وَلا شَقيا.

ثمّ عفّر خديه في التراب وقال: عَفَّرتُ وَجهي في التُّرابِ وَحُقَّ لي أن أسجُدَ لَكَ.

فلمّا همّ رسول الله بالانصراف هرولت إلى فراشها وأتى النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الفراش، وسمعها تتنفس أنفاساً عالية، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا النفس العالي؟ تعلمين أيّ ليلة هذه؟ ليلة النصف من شعبان، فيها تقسم الأرزاق وفيها تكتب الآجال وفيها يكتب وفد الحاج، وإنّ الله تعالى ليغفر في هذه الليلة من خلقه أكثر من شعر معزى قبيلة كلّب، وينزل الله ملائكته من السماء إلى الأرض بمكة».

الرابع عشر: أن يصلّي صلاة جعفر، كما رواه الشيخ عن الرضا (صلوات الله عليه).

الخامس عشر: أن يا تي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات وهي كثيرة منها ما رواها أبو يحيى الصنعاني عن الباقر والصادق (عليهما السلام) ورواها عنهما أيضاً ثلاثون نفراً ممّن يوثق بهم ويعتمد عليهم، قالوا: قالا (عليهما السلام) : «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فصلّ أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرّة، فإذا فرغت فقل:

اللهُمَّ إنّي إلَيكَ فَقيرٌ وَمِن عَذابِكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ، اللهُمَّ لا تُبَدِّلْ اسمي وَلا تُغَيِّر جِسمي وَلا تَجهَد بَلائي وَلا تُشمِتْ بي أعدائي، أعوذُ بِعَفوِكَ مِن عِقابِكَ وَأعوذُ بِرَحمَتِكَ مِن عَذابِكَ وَأعوذُ بِرِضاكَ مِن سَخَطِكَ وَأعوذُ بِكَ مِنكَ جَلَّ ثَناؤُكَ أنتَ كَما أثنَيتَ عَلى نَفسِكَ وَفَوقَ ما يَقولُ القائِلونَ».

واعلم أنّه قد ورد في الحديث فضل كثير لصلاة مائة ركعة في هذه الليلة، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد عشر مرّات، وقد مرّ في أعمال شهر رجب صفة الصلاة ست ركعات في هذه الليلة يقرأ فيها سورة الحمد ويس وتبارك والتوحيد.

2023/03/07

نماذج من مكائد الشيطان ووساوسه!
الأخطر من ذلك والاكذب ما شاع في زماننا هذا من دعوى إفاضة بعض الائمة (عليهم السلام) والأولياء على بعض الناس من أنوارهم، أو حلول أرواحهم فيهم متلبسين بهم فينطقون عنهم ـ كما يزعمون ـ مخبرين ببعض الاُمور المجهولة أو آمرين أو ناهين، بنحو يثير الانتباه ويلفت النظر ويستجلب بعض المغفلين السذّج فيعملون على ذلك مطيعين مصدقين وكأنهم يطيعون الامام أو الولي ويصدقونه.

[اشترك]

وقد رأينا من قاده ذلك للسرقة وانتهاك الحرمات عن حسن نية، ولو تأمل قليلاً لأدرك التخليط في ذلك، وإلا فما بال هذه الذوات الطاهرة تفيض أنوارها على النساء وضعاف البصيرة وتتجسد فيهم وتترك ذوي النفوس العالية والشخصية القوية من علماء الدين ورجال الفكر المتدينين.

على أن تجسد أرواحهم ـ كما يزعمون ـ في أشخاص غيرهم أمر مرفوض دينياً وعقيدياً أشد الرفض، وليس ذلك إلا من عمل الشيطان وكيده ووساوسه وتخييلاته، ولذا شاع في الاوساط التي يضعف فيها الدين، وتُجهل تعاليمه، وتخفى معالمه، ويقل المرشدون، حيث يكون ذلك مرتعاً خصباً للشيطان، وبيئة صالحة لكيده في تضليل الناس والعبث بهم، نعوذ بالله تعالى من كيده ومكره، ونسأله العصمة والسداد إنه أرحم الراحمين، ووليّ المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل."

آية الله العظمى المرجع السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس)، منهاج الصالحين ج٢ ص٢٥-٢٦
2023/03/07

8 وصايا من المرجع الخراساني للحصول على الخشوع في الصلاة
ماذا نفعل لأجل إقبال القلب و التوجه إلی الله تعالی في الصلاة؟

[اشترك]

الجواب من سماحة آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله

بعض ما أوصي بها لأجل خشوع القلب في الصلاة عبارة عن:

أولاً: یتوضأ بإقبال و خشوع القلب. فقد روي عن الإمام الرضا (ع) أن الوضوء یطهر ویزکي القلب (وسائل الشیعة ۱/۳۶۷ابواب الوضوء الباب ۱ الحدیث ۹ ).

ثانیاً: یتأمل في عظمة الصلاة و في الروایات الواردة حول الصلاة.

ثالثاً: یصلي کمن یودع الصلاة وکأنه لا یجد فرصة لها أبدا .(في مجالس الصدوق و ثواب الأعمال عن ابن أبي یعفور قال «قال أبوعبدالله الصادق :إذا صلیت صلاة فریضة فصلها لوقتها صلاة مودع یخاف أن لا یعود إلیها أبدا.)

رابعاً: عندما یتوجه نحو القبلة فلیجهد أن ینسی الدنیا و ما فیها و الخلق وما هم فیه و یفرغ قلبه منها.

خامساً: یتدقق في معاني الصلاة و یصلي بتأن و هدوء.

سادساً: أن یعلم أن الله قد أقبل علیه وینظر إلیه من حین افتتاحه الصلاة إلی أن ینصرف منها و أن ملكا قائم علی رأسه یقول : أیها المصلي لو کنت تعلم من ینظر إلیك ولمن تناجي ما کنت تلتفت عنه و ما قمت من مكانك أبدا .

(کافی عن أبی ‌جعفر۷ قال: «قال رسول ‌الله (ص) إذا قام العبد المؤمن فی صلاته نظر الله عزوجل إلیه (أقبل الله إلیه) حتی ینصرف ... ووکّل الله به ملكاً قائماً علی رأسه یقول له أیها المصلی لو تعلم من ینظر إلیك و من تناجی ما التفتّ و لا زلت من موضعك أبداً» وسائل الشیعة أبواب أعداد الفرائض الباب ۸ الحدیث ۵عن الکافي)

سابعاً: أن یعلم أن رحمة الله تظله حین الصلاة من رأسه إلی عنان السماء . و حفت به الملائكة من حوله إلی أفق السماء(عنه (ص) ... و اظّلته الرحمة من فوق رأسه إلی أفق السماء و الملائكة تحفّه من حوله إلی أفق السماء...» وسائل الشیعة أبواب أعداد الفرائض الباب ۸ الحدیث ۵عن الکافي)

ثامناً: یتجنب عما یكره في الصلاة و یهتم بكل ما یزید في فضیلتها مثل التختم بالعقیق ولبس الثیاب النظیفة والتعطر والتمشیط والاستیاك.

المصدر: الموقع الرسمي لآية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله
2023/02/18

ميل إلى الجنس الآخر.. كيف نقاوم الإغراءات؟
إن فطرية الغريزة لا تعنى بحال من الأحوال حالة الجبر في حركة الإنسان نحو مقتضيات تلك الغريزة.

وعليه فإن على الإنسان أن يستغل كل هذه المحفزات المودعة في باطنه من أجل الوصول الى الكمال الذى اراده الله تعالى له.

ولا شك انه لولا هذه الغريزة المودعة لما أمكن للإنسان ان يتحمل تبعات الحياة الزوجية بما فيها من معاناه في سبيل كسب المال وغيره ، فجاءت هذه الغريزة لترطيب الاجواء، ودفع العبد الى تحمل المسؤولية الجادة وإن كان الأمر يبدا بالميل والحب المشوب بجاذبية الغرائز، ولكن الإنسان بسوء اختياره يؤجج نار الغريزة، فبدلا من أن تكون ناره أداة طبخ لغذاء يقيم صلبه، واذا بها تتحول الى نار تحرق اصل وجوده!

فالحل هو الوقوف دون اشتعال الغريزة في الجهة التي منع عنها الشارع المقدس من خلال التقيد بالنواهي الشرعية في هذا المجال ، والتي قلنا عنها مرارا إنها قائمة على أساس منع الفتنة قبل وقوعها، ووقاية العبد من المرض قبل علاجه، ولكن القوم لا يفقهون سياسة الشارع هذه ، فيتهمون الدين وأهله بالتزمت ومنع مباهج الحياة، وهم مخطئون في هذه التهمة أيما خطا!

2023/02/18

ما هو أفضل عمل لجلب ’الرزق’؟.. من المجرّبات
باسمه جلت اسمائه.. من المجربات النافعة، ختم سورة الواقعة المروي عن العلامة المجلسي (قدس).

[اشترك] 

عن الإمام السجاد (علیه السلام) و حاصله: أنه إذا کان أول الشهر یوم الاثنين، فابدأ بقراءة سورة الواقعة إلی الیوم الرابع عشر، و کل یوم تكون القراءة بعدد الأیام، بحیث یقرأ في الیوم الأول ـ مثلاً ـ مرة، وفي الیوم الرابع عشر أربعة عشر مرة، و یقرأ فی کل خمیس الدعاء التالی: «یا ماجد یا واحد، یا جواد یا حلیم، یا حنان یا منان یا کریم، أسألك تحفة من تحفاتك تلم بها شعثي، و تقضي بها دیني، و تصلح بها شأني، برحمتك یا سیدی».

«اللهم إن کان رزقي في السماء فأنزله، وإن کان في الارض فأخرجه، وإن کان بعیداً فقرّبه، وإن کان قریباً فیسّره، وإن کان قلیلاً فكثره، وإن کان کثیراً فبارك لي فیه، وأرسله علي أیدی خیار خلقك، ولا تحوجني إلى شرار خلقك، وإن لم یكن فكوّنه بكینونتك و وحدانیتك، اللهم انقله إلى حیث أکون، ولا تنقلني إلیه حیث یكون، إنك علی کلّ شیء قدیر، یا حیّ یا قیّوم، یا واحد یا مجید، یا برّ یا رحیم یا غني، صلّ علی محمد وآل محمد، و تمّم علینا نعمتك، و هنئنا کرامتك، و ألبسنا عافیتك».

وهذا العمل والختم مجرب مراراً لتوسعة الرزق، وتسهیل الأمور المشكلة، وأداء الدیون، وینبغي کتمانه عن الجهال والسفهاء.

ومن جملة المجربات في قضاء الحوائج وإنجاح المهمات: ما ذکره بعض أکابر أولیاء الله، وذکر بأنّ له أسراراً غریبة و عجیبة، و کیفیته: أن یتوضأ فی الثلث الأخیر من اللیل، بشرط أن لا یراه أحد، مع حضور القلب، ثم یقول مستقبلاً القبلة ألف مرة: ﴿ ... فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ 1، وبعد کل مائة مرة یقول: «اللهمّ اکفنی حاجتی» ویذکر حاجته، ثم یقول: «إنك علی کل شیء قدیر»، ویكرر هذا العمل ثلاث لیالٍ متتالیة.

الهوامش 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 137، الصفحة: 21.
2023/02/16

تحذير خطير: فئات من الناس لا تُقبل منهم الأعمال!!
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.. ما المعنى؟ وإذا كان كما هو ظاهرها، بأنَّه يُشترط الإنسان أن يكونَ مُتقيًا لكي يُقبل عمله، ألا يستلزم ذلك أن يكون عمل غير المعصوم غير مقبول، ولو أنَّه يجزيه شرعًا؟ لأنَّ غير المعصوم يُذنب، والذنب خلاف التقوى إلا أنْ يتوب.. وهل هذا الرأي هو خلاف الرحمة الإلهية؟!! الجواب من سماحة الشيخ محمد صنقور:

التقوى لها مراتب كثيرة وبأدنى مراتبها تُقبل الأعمال والطاعات، وأدنى مراتبها بل وما يزيد على المرتبة الدنيا لا يمنع من وقوع المعصية اتِّفاقًا على أنْ تتعقَّبها توبةٌ نصوح.

وأما تقوى المعصومين (ع) فهي من أعلى مراتب التقوى، لذلك فهي تمنع من وقوع صغائر الذنوب فضلاً عن كبائرها.

وعليه فصدور الذنوب اتفاقًا خصوصًا الصغائر منها لا يٌنافي التقوى ولا يمنع من قبول الطاعات ما لم يكن إصرار من العبد على الذنب، وكان كلَّما أذنب آبَ إلى ربِّه وصدَقَ في توبته بعقد العزم على عدم العود إلى المعصية والندم الأكيد على ارتكابها.

يقول الإمام الصادق (ع): "لا واللهِ لا يقبل الله شيئًا من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه"(2).

ثم إنَّ الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أفادت أنَّ ثمة موارد لا يكون فيها العمل مقبولاً:

منها: ما ورد عن أبي عبد الله (ع) قال: "لا يقبل اللهُ صدقةً من كسْبٍ حرام"(3).

ومنها: ما ورد عن أبي جعفر (ع) قال: "لا يقبل الله عزَّ وجل حجًّا ولا عمرة من مالٍ حرام"(4).

ومنها: ما ورد عن أبي عبد الله (ع) حين سُئل عن شارب الخمر فقال (ع): "لا يقبل اللهُ منه صلاةً ما دام في عروقه منها شيء"(5).

ومنها: ما ورد عن الرسول الكريم (ص): ".. ومن أكل الربا ملأ اللهُ بطنه من نار جهنَّم بقدر ما أكل، وإنْ اكتسب منه مالاً لا يقبل اللهُ منه شيئًا من عمله، ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد"(6).

ومنها: ما رود عن أبي عبد الله (ع) قال: "ثمانية لا يقبل اللهُ منهم صلاة، وعدَّ منها: الناشز عن زوجها وهو عليها ساخط، ومانع الزكاة، وتارك الوضوء، والجارية المُدرِكة تُصلِّي بغير خمار"(7).

ومنها: ما رود عن الرسول الكريم (ص): "مَن أحدث حدثًا أو آوى مُحدِثًا فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا"(8).

ومن الإحداث الابتداع وإدخال ما ليس من الدين في الدين.

ومنها: ما ورد عن الإمام الرضا (ع): "لا يقبل الله عمل عبدٍ وهو يُضمر في قبله على مؤمنٍ سوءً"(9).

ومنها: ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "لا يقبل اللهُ صلاة خمسة نفرٍ: الآبق من سيده، وامرأةٌ لا يرضى عنها زوجها، ومدمنُ الخمر، والعاقُّ، وآكلُ الربا"(10).

ومنها: ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "والذي بعثني بالحقِّ لا يقبلُ الله عزُّ وجل من عبدٍ فريضةً إلا بولاية علي (ع)"(11).

ومنها: ما ورد عن أحد الصادقين (ع): "نحن أهل البيت لا يقبلُ اللهُ عملَ عبدٍ وهو يشكُّ فينا"(12).

هذا وقد وردت روايات تفوقُ حدَّ التواتر مفادها أنَّه لا تُقبل الأعمال إلا بولاية أهل البيت (عليهم السلام) ولعلَّنا نستعرض بعضها في فرصةٍ لاحقة.

الهوامش: 1- سورة المائدة / 27. 2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج15 / ص337. 3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج9 / ص206. 4- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج93 / ص163. 5- وسائل الشيعة (الإسلامية) -الحر العاملي- ج17 / ص243. 6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج18 / ص122. 7- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج7 / ص253. 8- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج29 / ص28. 9- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج1 / ص97. 10- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج13 / ص332. 11- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج1 / ص176. 12- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج1 / ص166.
2023/02/12

وقتي يضيع: كيف أقاوم كثرة النوم؟!
الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

أولا: لا بد من وقفة متأملة مع النفس في هذا المجال، وإقناعها بأن السعادة الابدية تتحدد بساعات العمر القصيرة، ومن المعلوم ان اللانهاية عندما تقسم على المحدود، فإن النتيجة هي اللانهاية ايضا.. ومعنى ذلك ان كل قطعة من قطع العمر- ولو على مستوى الثانية – فإنها توازيها سعادة لا نهائية، أو شقاوة كذلك، أوليس الامر مخيفا بعد هذه المعادلة؟!

ثانيا: ضرورة برمجة الحياة في قنوات مرسومة في نهاياتها وبداياتها، فإن الذي ليست له خارطة لعملية البناء الذاتي، فإنه لا يقوم له بناء ابدا، إذ أن جمع المواد الاولية على ساحة بناء من دون خارطة ومقاول ومشرف لهو امر عقيم! والغريب ان الناس يبرمجون حياتهم المادية أيما برمجة، ولكن عندما يصل الامر الى شؤون النفس، فإنهم يلقون حبلهم على غاربهم وكأنهم منكرون – في مقام العمل – حياة الروح في افق الابد!!

ثالثا: ان النوم مطلوب كوسيلة لتجديد النشاط اليومي، لا كهدف يجعله الانسان في قائمة الموضوعات المستساغة لديه، بل ان بعضهم يرى النوم هو الموت الاصغر.. وعليه، فإن هذه الساعات التي ينام فيها العبد ساعات باطلة في حد نفسها، إن لم تكن مقدمة للاستجمام والذي هو بدوره مقدمة لاستئناف نشاط جديد..

رابعا: من المناسب ان يسعى العبد للالتزام بآداب ما قبل النوم، وما بعده.. فإن البعض يتقلب في فراشه، الى ان ينام، وهو يعيش في عالم من السرحان، والتفكير الباطل: شهويا كان او غضبيا، مما يرسخ في عقله الباطني بعض الصور التي يمكن ان تكون اداة للفساد في اليقظة، ولا يخفى مدى اللطف في الدعاء الذي يدعو به العبد عند الاستيقاظ حيث يقول: (الحمد لله الذي احياني بعد اذ اماتني، وإليه النشور.. الحمد لله الذي رد الي روحي لا حمده واعبده)..

خامسا: هنالك امور تشحذ الهمة وتقوي العزيمة ومنها: الالتزام بالنوافل، وخاصة عند منافرة الطبع، وقيام الليل، والصيام، والانفاق المالي، وكظم الغيظ.. وإلا فإن ابتلاء الانسان بحالة من الاسترخاء، والتثاقل الى الارض، من موجبات حركة النفس نحو موجبات الهوى التي توافق المزاج غالبا.. ومن الملاحظ ان اغلب السالكين الى الله تعالى لهم اورادهم وعباداتهم الموزعة على الليل والنهار، لئلا تتحقق ثغرة من الثغرات ينفذ من خلالها ابليس..

سادسا: ان معاشرة ذوي الهمم العالية من موجبات انقداح الهمم، وإلا فإن العيش مع البطالين يجر الانسان الى عوالمهم.. والغريب ان سرعة انتقال الخصال السيئة من ذوي المعاشرة لا تقاس بانتقال الخصال الحسنة، فإن طبيعة النفس ميالة الى اللعب واللهو، مملؤة بالغفلة والسهو..

سابعا: لا بد من الالتفات الى ان من موجبات بعث الجدية في الحياة هو التفكير في الاجور التي لا تخطر بالبال، وعلى رأسها الرضوان الالهي الذي يمكن الوصول اليه في الدنيا قبل الاخرة!! ولا شك ان التفكير في مثل هذه العطاءات مما يزيل حالة الكسل والوهن، ومن هنا ينبغي التأمل في هذا النص المبارك المنقول عن امامنا الصادق (ع) حيث يقول: (إذا كان الثواب من الله، فالكسل لماذا ؟!)

واخيرا نستعيذ بالله تعالى من ان يتحول أحدنا الى: جيفة في الليل، وبطال في النهار، وإن كثرة النوم تدع العبد فقيرا يوم القيامة.

2023/02/12

زيارة الإمام الحسين (ع) ودعاء أم داود: أعمال النصف من شهر رجب
أعمال النصف من رجب التي ذكرها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان وأورد الروايات الشريفة بشأن هذا اليوم وذكر له أعمالا مهمة منها: الغسل و زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ومنها صلاة سلمان.

[اشترك]

وهو يوم مبارك وفيه أعمال:

الأول: الغسل

الثاني: زيارة الحسين (عليه السلام) ، فعن ابن أبي نصر أنه قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) في أي شهر نزور الحسين (عليه السلام) ؟ قال : «في النصف من رجب والنصف من شعبان».

الثالث: صلاة سلمان على نحو ما مرّ في اليوم الأوّل

الرابع: أن يصلّي أربع ركعات، فإذا سلّم بسط يده وقال:

اللهُمَّ يا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَيا مُعِزَّ المُؤمِنينَ، أنتَ كَهفي حينَ تُعييني المَذاهِبُ وَأنتَ بارِئُ خَلقي رَحمَةً بي وَقَد كُنتَ عَن خَلقي غَنيا وَلَولا رَحمَتُكَ لَكُنتُ مِنَ الهالِكينَ، وَأنتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ عَلى أعدائي وَلَولا نَصرُكَ إيايَ لَكُنتُ مِنَ المَفضوحينَ، يا مُرسِلَ الرَّحمَةِ مِن مَعادِنِها وَمُنشئَ البَرَكَةِ مِن مَوَاضِعها يا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالشّموخِ وَالرِّفعَةِ فَأولياؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزونَ، وَيا مَن وَضَعَت لَهُ المُلوكُ نيرَ المَذَلَّةِ عَلى أعناقِهِم فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ، أسألُكَ بِكَينوِنَّيِتَكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن كِبريائِكَ، وَأسألُكَ بِكِبريائِكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن عِزَّتِكَ، وَأسألُكَ بِعِزَّتِكَ الَّتي استَوَيتَ بِها عَلى عَرشِكَ فَخَلَقتَ بِها جَميعَ خَلقِكَ فَهُم لَكَ مُذعِنونَ أن تُصَلّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأهلِ بَيتِهِ.

وفي الحديث: ما دعا بهذا الدعاء مكروب إلاّ نفّس الله كربته.

دعاء أم داود

الخامس: دعاء اُمّ داود، وهو أهم أعمال هذا اليوم، ومن آثاره قضاء الحوائج وكشف الكروب ودفع ظلم الظالمين، وصفته على ما أورده الشيخ في (المصباح): هي أنّ من أراد ذلك فليصم اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فإذا كان عند الزوال من اليوم الخامس عشر اغتسل، فإذا زالت الشمس صلّى الظهر والعصر يحسن ركوعهما وسجودهما، وليكن في موضع خالٍ لا يشغله شاغل ولا يكلّمه إنسان، فإذا فرغ من الصلاة استقبل القبلة وقرأ الحمد مائة مرّة وسورة الإخلاص مائة مرّة وآية الكرسي عشر مرّات، ثمّ يقرأ بعد ذلك سورة الانعام وبني إسرائيل والكهف ولقمان ويس والصافات وحم السجدة وحم عسق وحم الدخان والفتح والواقعة والملك و ن و إذا السماء انشقت وما بعدها إلى اخر القرآن، فإذا فرغ من ذلك قال وهو مستقبل القبلة:

صَدَقَ اللهُ العَظيمُ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ذو الجَلالِ وَالإكرامِ الرَّحمنُ الرَّحيمُ الحَليمُ الكَريمُ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شيءٌ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ البَصيرُ الخَبيرُ، شَهِدَ اللهُ أنَّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأولو العِلمِ قائِماً بِالقِسطِ لا إلهَ إلاّ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ وَبَلَّغَت رُسُلُهُ الكِرامُ وَأنا عَلى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدينَ، اللهُمَّ لَكَ الحَمدُ وَلَكَ المَجدُ وَلَكَ العِزُّ وَلَكَ الفَخرُ وَلَكَ القَهرُ وَلَكَ النِّعمَةُ وَلَكَ العَظَمَةُ وَلَكَ الرَّحمَةُ وَلَكَ المَهابَةُ وَلَكَ السُّلطانُ وَلَكَ البَهاءُ وَلَكَ الامتِنانُ وَلَكَ التَّسبيحُ وَلَكَ التَّقديسُ وَلَكَ التَّهليلُ وَلَكَ التَّكبيرُ وَلَكَ ما يُرى وَلَكَ ما لا يُرى وَلَكَ ما فَوقَ السَّماواتِ العُلى وَلَكَ ما تَحتَ الثَّرى وَلَكَ الأرضونَ السُّفلى وَلَكَ الآخرةُ وَالاُولى وَلَكَ ما تَرضى بِهِ مِنَ الثَّناءِ وَالحَمدِ وَالشُّكرِ وَالنَّعماءِ اللهُمَّ صَلِّ عَلى جَبرَائيلَ أمينِكَ عَلى وَحيِكَ وَالقَويِّ عَلى أمرِكَ وَالمُطاعِ في سَماواتِكَ وَمَحالِّ كَراماتِكَ المُتَحَمِّلِ لِكَلِماتِكَ النَّاصِرِ لأنبيائِكَ المُدَمِّرِ لأعدائِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى ميكائيل مَلَكِ رَحمَتِكَ وَالمَخلوقِ لِرَأفَتِكَ وَالمُستَغفِرِ المُعينِ لأهلِ طاعَتِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى إسرافيلَ حامِلِ عَرشِكَ وَصاحِبِ الصُورِ المُنتَظِرِ لأمرِكَ الوَجِلِ المُشفِقِ مِن خيفِتكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى حَمَلَةِ العَرشِ الطَّاهِرينَ وَعَلى السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ الطَّيِّبينَ وَعَلى مَلائِكَتِكَ الكِرامِ الكاتِبينَ وَعَلى مَلائِكَةِ الجِنانِ وَخَزَنَةِ النّيرانِ وَمَلَكِ المَوتِ وَالأعوانِ يا ذَا الجَلالِ وَالإكرامِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى أبينا آدَمَ بَديعِ فِطرَتِكَ الَّذي كَرَّمتَهُ بِسُجودِ مَلائِكَتِكَ وَأبَحتَهُ جَنَّتَكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى اُمِّنا حَوَّاءَ المُطَهَّرَةِ مِنَ الرِّجسِ المُصَفَّاةِ مِنَ الدَّنَسِ المُفَضَّلَةِ مِنَ الإنسِ المُتَرَدِّدَةِ بَينَ مَحالِّ القُدسِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى هابيلَ وَشيثَ وَإدريسَ وَنوحٍ وَهودٍ وَصالِحٍ وَإبراهيمَ وَإسماعيلَ وَإسحاقَ وَيَعقوبَ وَيوسُفَ وَالأسباطِ وَلوطٍ وَشُعَيبٍ وَأيّوبَ وَموسى وَهارونَ وَيوشَعَ وَميشا وَالخِضرِ وَذي القَرنَينِ وَيونُسَ وَإلياسَ وَاليَسَعَ وَذي الكِفلِ وَطَالوتَ وَداودَ وَسُلَيمانَ وَزَكَريا وَشَعيا وَيَحيى وَتورَخَ وَمَتّى وَإرميا وَحَيقوقَ وَدانيا لَ وَعُزَيرٍ وَعَيسى وَشَمعونَ وَجِرجيسَ وَالحَواريّينَ وَالأتباعِ وَخالِدٍ وَحَنظَلَةَ وَلُقمانَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارحَم مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَبارِك عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيتَ وَرَحِمتَ وَبارَكتَ عَلى إبراهيمَ وَآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى الأوصياءِ وَالسُّعَداءِ وَالشُّهداءِ وَأئِمَّةِ الهُدى، اللهُمَّ صَلِّ عَلى ‌الأبدالِ وَالأوتادِ وَالسُّياحِ وَالعُبّادِ وَالمُخلِصينَ وَالزُّهّادِ وَأهلِ الجِدِّ وَالاجتِهادِ، وَاخصُص مُحَمَّداً وَأهلَ بَيتِهِ بِأفضَلِ صَلَواتِكَ وَأجزَلِ كَراماتِكَ وَبَلِّغ روحَهُ وَجَسَدَهُ مِنّي تَحيَّةً وَسَلاماً وَزِدهُ فَضلاً وَشَرَفاً وَكَرَماً حَتّى تُبَلِّغَهُ أعلى دَرَجاتِ أهلِ الشَّرَفِ مِنَ النَّبيّينَ وَالمُرسَلينَ وَالأفاضِلِ المُقَرَّبينَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مَن سَمَّيتُ وَمَن لَم اُسَمِّ مِن مَلائِكَتِكَ وَأنبيائِكَ ورُسُلِكَ وَأهلِ طاعَتِكَ وَأوصِل صَلَواتي إلَيهِم وَإلى أرواحِهِم وَاجعَلهُم إخواني فيكَ وَأعواني عَلى دُعائِكَ، اللهُمَّ إنّي أستَشفِعُ بِكَ إلَيكَ وَبِكَرَمِكَ إلى كَرَمِكَ وَبِجودِكَ إلى جودِكَ وَبِرَحمَتِكَ إلى رَحمَتِكَ وَبِأهلِ طاعَتِكَ إلَيكَ، وَأسألُكَ اللهُمَّ بِكُلِّ ما سألَكَ بِهِ أحَدٌ مِنهُم مِن مَسألَةٍ شَريفَةٍ غَيرِ مَردودَةٍ وَبِما دَعَوكَ بِهِ مِن دَعوةٍ مُجابَةٍ غَيرِ مُخَيَّبَةٍ ؛ يا اللهُ يا رَحمنُ يا رَحيمُ يا حَليمُ يا كَريمُ يا عَظيمُ يا جَليلُ يا مُنيلُ يا جَميلُ يا كَفيلُ يا وَكيلُ يا مُقيلُ يا مُجيرُ يا خَبيرُ يا مُنيرُ يا مُبيرُ يا مَنيعُ يا مُديلُ يا مُحيلُ يا كَبيرُ يا قَديرُ يا بَصيرُ يا شَكورُ يا بَرُّ يا طُهرُ يا طاهِرُ يا قاهِرُ يا ظاهِرُ يا باطِنُ يا ساتِرُ يا مُحيطُ يا مُقتَدِرُ يا حَفيظُ يا مُتَجَبِّرُ يا قَريبُ يا وَدودُ يا حَميدُ يا مَجيدُ يا مُبدئُ يا مُعيدُ يا شَهيدُ يا مُحسِنُ يا مُجمِلُ يا مُنعِمُ يا مُفضِلُ يا قابِضُ يا باسِطُ يا هادي يا مُرسِلُ يا مُرشِدُ يا مُسَدِّدُ يا مُعطي يا مانِعُ يا دافِعُ يا رافِعُ يا باقي يا واقي يا خَلاّقُ يا وَهَّابُ يا تَوَّابُ يا فَتَّاحُ يا نَفَّاحُ يا مُرتاحُ يا مَن بيَدِهِ كُلُّ مِفتاحٍ يا نَفَّاعُ يا رَؤُفُ يا عَطوفُ يا كافي يا شافي يا مُعافي يا مُكافي يا وَفيُّ يا مُهَيمِنُ يا عَزيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ يا سَلامُ يا مُؤمِنُ يا أحَدُ يا صَمَدُ يا نورُ يا مُدَبِّرُ يا فَردُ يا وِترُ يا قُدّوسُ يا ناصِرُ يا مُؤنِسُ يا باعِثُ يا وارِثُ يا عالِمُ يا حاكِمُ يا بادي يا مُتَعالِى يا مُصَوِّرُ يا مُسلِّمُ يا مُتَحَبِّبُ يا قائِمُ يا دائِمُ يا عَليمُ يا حَكيمُ يا جَوادُ يا بارئُ يا بارُّ يا سارُّ يا عَدلُ يا فاصِلُ يا دَيانُ يا حَنَّاُن يا مَنَّانُ يا سَميعُ يا بَديعُ يا خَفيرُ يا مُعينُ يا ناشِرُ يا غافِرُ يا قَديمُ يا مُسَهِّلُ يا مُيَسِّرُ يا مُميتُ يا مُحيي يا نافِعُ يا رازِقُ يا مُقتَدِرُ يا مُسَبِّبُ يا مُغيثُ يا مُغني يا مُقني يا خالِقُ يا راصِدُ يا واحِدُ يا حاضِرُ يا جابِرُ يا حافِظُ يا شَديدُ يا غياثُ يا عائِدُ يا قابِضُ، يا مَن عَلا فَاستَعلى فَكانَ بِالمَنظَرِ الأعلى يا مَن قَرُبَ فَدَنا وَبَعُدَ فَنَأى وَعَلِمَ السِّرَّ وَأخفى يا مَن إلَيهِ التَّدبيرُ وَلَهُ المَقاديرُ وَيا مَن العَسيرُ عَلَيهِ سَهلٌ يَسيرٌ يا مَن هُوَ عَلى ما يَشاءُ قَديرٌ يا مُرسِلَ الرياحِ يا فالِقَ الإصباحِ يا باعِثَ الأرواحِ يا ذا الجودِ وَالسَّماحِ يا رادَّ ما قَد فاتَ يا ناشِرَ الأمواتِ يا جامِعَ الشَّتاتِ يا رَازِقَ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ وَيا فاعِلَ ما يَشاءُ كَيفَ يَشاءُ وَيا ذا الجَلالِ وَالإكرامِ يا حَيُّ يا قَيّومُ يا حَيا حينَ لاحَيَّ يا حَيُّ يا مُحييَ المَوتَى يا حَيُّ لا إلهَ إلاّ أنتَ بَديعُ السَّماواتِ وَالأرضِ.

يا إلهي وَسيِّدي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارحَم مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَبارِك عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيتَ وَبارَكتَ وَتَرحَمْتَ عَلى إبراهيمَ وَآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وَارحَم ذُلّي وَفاقَتي وَفَقري وَانِفرادي وَوَحدَتي وَخُضوعي بَينَ يَدَيكَ وَاعتِمادي عَلَيكَ وَتَضَرُّعي إلَيكَ أدعوكَ دُعاءَ الخاضِعِ الذَّليلِ الخاشِعِ الخائِفِ المُشفِقِ البائِسِ المَهينِ الحَقيرِ الجائِعِ الفَقيرِ العائِذِ المُستَجيرِ المُقِرِّ بِذَنبِهِ المُستَغفِرِ مِنهُ المُستَكينِ لِرَبِّهِ دُعاءَ مَن أسلَمَتهُ ثِقَتُهُ وَرَفَضَتهُ أحِبَّتُهُ وَعظُمَت فَجيعَتُهُ، دُعاءَ حَرِقٍ حَزينٍ ضَعيفٍ مَهينٍ بائِسٍ مُستكينٍ بِكَ مُستَجيرٍ.

اللهُمَّ وَأسألُكَ بأنَّكَ مَليكٌ وأنَّكَ ما تَشاءُ مِن أمرٍ يَكونُ وَأنَّكَ عَلى ما تَشاءُ قَديرٌ، وَأسألُكَ بِحُرمَةِ هذا الشَّهرِ الحَرامِ والبَيتِ الحَرامِ وَالبَلَدِ الحَرامِ وَالرُّكنِ وَالمَقامِ وَالمَشاعِرِ العِظامِ وَبِحَقِّ نِبيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيهِ وَآلِهِ السَّلامُ، يا مَن وَهَبَ لآدَمَ شيثاً وَلإبراهيمَ إسماعيلَ وَإسحاقَ وَيا مَن رَدَّ يوسُفَ عَلى يَعقوبَ وَيا مَن كَشَفَ بَعدَ البَلاءِ ضُرَّ أيّوبَ يا رادَّ موسى عَلى اُمِّهِ وَزائِدَ الخِضرِ في عِلمِهِ وَيا مَن وَهَبَ لِداوُدَ سُلَيمانَ وَلِزَكَريا يَحيى وَلِمَريَمَ عيسى يا حافِظَ بِنتِ شُعَيبٍ وَيا كافِلَ وَلَدِ اُمِّ موسى، أسألُكَ أن تُصَلّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأن تَغفِرَ لي ذُنوبي كُلَّها وَتُجيرَني مِن عَذابِكَ وَتُوجِبَ لي رِضوانَكَ وَأمانَكَ وَإحسانَكَ وَغُفرانَكَ وَجِنانَكَ.

وَأسألُكَ أن تَفُكَّ عَنّي كُلَّ حَلَقَةٍ بَيني وَبَينَ مَن يُؤذيني وَتَفتَحَ لي كُلَّ بابٍ وَتُلَيِّنَ لي كُلَّ صَعبٍ وَتُسَهِّلَ لي كُلَّ عَسيرٍ وَتُخرِسَ عَنّي كُلَّ ناطِقٍ بِشَرٍّ وَتَكُفَّ عَنّي كُلَّ باغٍ وَتَكبِتَ عَنّي كُلَّ عَدوٍّ لي وَحاسِدٍ وَتَمنَعَ مِنّي كُلَّ ظالِمٍ وَتَكفيَني كُلَّ عائِقٍ يَحولُ بَيني وَبَينَ حاجَتي وَيُحاوِلُ أن يُفَرِّقَ بَيني وَبَينَ طاعَتِكَ وَيُثَبِّطَني عَن عِبادَتِكَ، يا مَن ألجَمَ الجِنَّ المُتَمَرِّدينَ وَقَهَرَ عُتاةَ الشَّياطينِ وَأذَلَّ رِقابَ المُتَجَبِّرينَ وَرَدَّ كَيدَ المُتَسَلِّطينَ عَنِ المُستَضعَفينَ، أسألُكَ بِقُدرَتِكَ عَلى ما تَشاءُ وَتَسهيلِكَ لِما تَشاءُ كَيفَ تَشاءُ أن تَجعَلَ قَضاء حاجَتي فيما تَشاءُ.

ثمّ اسجد على الأرض وعفّر خدّيك وقل: اللهُمَّ لَكَ سَجَدتُ وَبِكَ آمَنتُ فارحَم ذُلّي وَفاقَتي وَاجتِهادي وَتَضَرُّعي وَمَسكَنَتي وَفَقري إلَيكَ يا رَبِّ.

واجتهد ان تسحّ عيناك ولو بقدر رأس الذبابة دموعاً، فإنّ ذلك من علامة الإجابة.

2023/02/07

علي (ع) يعلّمنا.. كيف نستلذّ بالعمل الصالح؟
كل عمل يعمله الإنسان لابد أن يكون له منبع، ومن المنبع تتكون له حاضنة، مثل الماء الذي ينبع من الأصل ثم يجري هذا الماء في قنوات حتى يصل إلى بحيرة أو بحر، والمنبع الأساسي لكل أعمالنا هو منهج الإمام علي (عليه السلام) والحاضنة التي تحتضن العمل الصالح هو منهج الغدير النابع من ذلك النبع العظيم، الذي نبني من خلاله حياتنا والسير في الطريق المستقيم.

وكل عمل سواء كان صالحا أو غير صالح، لابد أن يكون له منبع وحاضنة، فإذا اختار الإنسان النبع الصحيح، سوف يعيش حياة سليمة تتبع المنبع والحاضنة. فبعد أن يخرج الماء سيذهب إلى بحر أو بحيرة، وقد يخرج من نبع مسموم وموبوء بالأمراض والجراثيم، حينئذ تكون أعماله ملوثة وطالحة.

الغدير منبع الأعمال الصالحة

لذلك نحن نعتقد بأن منبع ومنهج الغدير هو منبع الأعمال الصالحة، وهناك تشاكل وارتباط بين الإنسان وبين عمله، فكل عمل صالح يعمله سوف يؤدي إلى بناء جيد في داخله، لأن الإنسان يتشكّل من خلال أعماله، واختياره لهذه الأعمال، فإذا كانت أعماله سيئة غالبة عليه، تصبح شخصيته سيئة لأن أعماله تنعكس على بناء شخصيته وتشكيلها وتؤثر في طريقة تفكيره وتعامله مع الآخرين واتجاهاته في الحياة.

فإذا كانت أعماله صالحة وهو الذي اختارها بنفسه، فإن شخصيته تكون جيدة وصالحة أيضا، فهاتان نقطتان مهمتان في عملية بناء الاتجاه في طريق العمل الصالح.

يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) البينة 7. بمعنى أفضل الناس، لأن أعمالهم تجعلهم يتكاملون بشخصياتهم ويصبحون الأفضل من ناحية الخير والبركة والأخلاق الحسنة والإيمان والاعتقاد، ونفع الناس وإصلاح الأمور، وكلما تضاءلت الأعمال الصالحة من الإنسان، ينعكس هذا عليه أيضا، ويتسافل ويصبح لا شيء ولا معنى في حياته، لذلك فإن المعنى الكبير الذي نقصده ونذهب إليه هو نهج الغدير لأنه منبع الأعمال الصالحة.

إن الإنسان اليوم غالبا ما يقلق ويفكر ماذا يفعل في دنياه، فيعيش حالة قلق ولا ينام ليله، ويفكر في النهار أيضا فماذا يفعل وماذا يختار، ويتأثر بالآخرين وبالأجواء المحيطة به، نحن نقوله له إن المنبع موجود فاذهب إلى هذا النبع الأصيل اللذيذ الطيب وانهل واشرب منه حتى تُسعَد بالأعمال الصالحة.

نهج الغدير يغذّينا باليقين

من المفارقات العجيبة أن الإنسان يكون عطشانا وهو بالقرب من المنبع لكنه لا يشرب منه، ولو (غَرفة) أو شربة واحدة، هذه مشكلة كبيرة يعيشها الإنسان، لأن هذا المنبع موجود وهذه الكلمات الطيبة، وهذا النهج العظيم الذي يرفع عنك القلق، ويغذيكَ باليقين، ويغذيك بالعلم والمعرفة والاستقرار والاطمئنان النفسي.

لماذا تذهب عطشانا، ولماذا تختار الأشياء السيئة وتنخدع بالآخرين، إن المشكلة تكمن في أن الناس ينخدعون بالتضليل، وبالشعارات والأقوال والقضايا الأخرى، لكن على الإنسان أن لا ينخدع، ولابد أن يذهب مباشرة إلى النبع الأصيل وهو الإمام علي (عليه السلام).

فعنه (عليه السلام): (إياك وكل عمل ينفّر عنك حرّا أو يذل لك قدرا أو يجلب عليك شرا أو تحمل به إلى القيامة وزرا)، لقد لخّصت هذه الكلمات لنا منهج حياة كامل، فلا تعمل عملا يجعل الحرّ ينفر منك، فمن هو الإنسان الحر؟، إنه الإنسان العاقل الفاهم الناضج الذي يتمتع باستقلال شخصيته، وفي مقابله ذلك الإنسان العبد لشهواته وأهوائه.

العمل السيّء مرغوب من قبل عبيد الأهواء، أما إذا كان الإنسان ذا شخصية مستقلة ويكون متقيا ورِعا، فإنه يتنفّر من العمل السيّء، وهذا مقياس لمعرفة العمل الصالح من العمل الطالح، العمل الصالح يخص الصالحين والأتقياء الأحرار، فالإنسان الحر المستقل بشخصيته لا يقبل الخطأ لأنه إنسان عاقل، أما العمل الطالح فهو الذي يفرح به عبيد الدنيا والأهواء.

معرفة الاحرار للعمل الصالح

هناك بعض الناس إذا قابلوا إنسانا متّقيا فإنهم يهربون منه، لأن المتقي يعبر عن الأعمال الصالحة، والإنسان الحر يعبّر عن العمل الصالح، عليك اختيار العمل وفق مقاييس محددة، لنفترض أنك في كربلاء وقمت بعمل ما، فهل يقبله الإمام الحسين (عليه السلام)، وهل يقبله الإنسان الحر؟

لذلك هناك جانبان، الأول هو عليك أن تفكر بالعمل الذي تقوم به، وما هي عواقب هذا العمل، والثاني هل سيقبله الأحرار والمتقين والصالحين؟، إذا لم يقبله الأحرار فإياك منه، اتركه، (والإنسان على نفسه بصيرة ومعرفة في هذا الأمر).

اختيار اقدار الشر

(يذل لك قدرا أو يجلب عليك شرا): إن التعصب لشيء معين هو نوع من أنواع العبودية للمزاج والأهواء، وفيه نوع من التجبّر والتكبّر على الآخرين، وهذا يخالف طريقة الأحرار والمتقين والصالحين، وإذا كان هذا العمل سيئا فإنه بالنتيجة سوف يقودك إلى طريق الأقدار التي يختارها الإنسان من خلال أعماله، فيأخذك هذا العمل السيّئ إلى طريق فيه أقدار غير جيدة.

هذا الأمر واضح كالإنسان الذي يذهب في طريق شرب الخمر، أو يتناول المخدرات، أو يذهب في طريق الفساد المالي والإداري، فهذه الأمور سوف يقوده إلى عاقبة سيئة جدا ستدمره حتما.

أو يجلب له شرّا، فعليك أن تفكر في أن هذا العمل الذي تنوي القيام به، هل عاقبته جيدة أم لا، وهل فيه خير أم فيه شر؟

(أو تحمل به إلى القيامة وزرا)، أي يبقى معك العمل إلى يوم القيامة، وهذه النقاط التي يذكرها الإمام علي (عليه السلام) متشابهة ومتداخلة ولكن هناك تفكيك بين الأعمال، بعض هذه الأعمال قد تكون مباحة، ولا إشكالات فيها، وهناك أعمال مكروهة أو محرمة، فيجب التفريق بين هذه الأمور حتى يتخيّر الإنسان بنفسه العمل الصالح والجيد.

معاني العمل الصالح

هنا ربما يسأل بعضهم، ما هو العمل الصالح وكيف نميزه عن الطالح؟

انه العمل الجيد، الذي تكون فيه جودة، وهو يقف في مقابل العمل الرديء، والعمل الصالح هو العمل المتقَن في مقابل العمل الركيك، كذلك هو العمل الماهر والذكي، وعلى الإنسان أن يتخيّر الأعمال الذكية في حياته وليس الأعمال الغبية.

ومن الأعمال الصالحة، العمل التعاوني الذي يجب أن يتشارك فيه الإنسان مع الآخرين، ويتعاون معهم (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة 2. لأن من أهم مصاديق العمل الصالح التعاون في العمل، ويتجسَّد الإنسان المؤمن الصالح بأعماله في طاقته التعاونية.

كذلك العمل التشاركي، حيث يكون فيه مشاركة مع الآخرين وليس العمل الأناني وهو عمل سيّء وفردي، والعمل الصالح هو الذي تكون فيه عاقبة حسنة في مقابل العاقبة السيئة، كذلك العمل الحسن وهو ما يستحسنه الشرع والعرف، والعمل الخيِّر في مقابل الشر.

من الأعمال الصالحة، العمل الإصلاحي الذي يُعد من أهم مصاديق العمل الصالح في مقابل العمل في الإفساد أو القطيعة، (إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم)، فالإصلاح هو الذي يوجد فيه بناء وتشييد ونمو في مقابل العمل الهدّام.

العمل الصالح في المصلحة العامة

والعمل الذي فيه مصلحة عامة هو عمل صالح أيضا، فتكون فوائد هذا العمل لصالح كل الناس.

مثال عن ذلك هناك من يجلب بضاعة تفيد المصلحة العامة، وتارة أخرى يجلب بضاعة يستفيد منها بعض الأغنياء أو فئة قليلة فقط، يوجد فرق بين المصلحة الشخصية والعامة، فهناك من يجلب بضاعة لكي يربح هو شخصيا ولا يستفيد منها عامة الناس، لذلك فإن العمل الذي يستفيد منه عامة الناس تكون فيه بركة ونمو وتزايد.

والعمل النافع والمثمر من الأعمال الصالحة حيث فيه إنتاج وثمرة ونفع للناس وليس للنفع الذاتي فقط. فلا يجوز جلب بضاعة تضر الناس، فالعمل الصالح هو العمل الذي ينفع الناس.

كذلك العمل الذي فيه تقوى وورع، ويوجد تأكيد على هذا النوع من العمل، أما إذا لا يوجد ورع في العمل فلا تنطبق عليه معايير العمل الصالح مطلقا، وأيضا العمل الذي فيه أجر وثواب هو عمل صالح.

كذلك العمل الذي فيه سلم وتسالم، وتصالح بين الناس، وهنالك معان كثيرة توجد لدينا منها الفضائل والأخلاق الحسنة، فكل عمل ينفع الناس ومثمر وينتهي إلى العاقبة الحسنة والخير هو عمل صالح، فالعمل الصالح بالنتيجة هو الذي يرضي الله سبحانه وتعالى.

غياب الثقافة التعاونية

يتبادر هنا سؤال مهم إذا كانت لدينا منهجية الغدير فلماذا تأخرنا عن الأمم الأخرى؟، لقد ذكرنا بعض الأسباب سابقا، ومنها غياب الإتقان، ووجود المعاصي، وغياب الذكاء والتعاون والمشاركة، والمصلحة العامة والإصلاح، كل هذه المسميات هي من معاني العمل الصالح، ولكن أين نعثر اليوم على إنسان توجد عنده ثقافة تعاونية وهي أساس الثقافة الإسلامية؟

الإسلام أساسه التعاون، والإنسان المسلم هو الإنسان المتعاون، ولكن هناك نرجسية عالية عند البعض ولا يقبل التعاون مع الآخرين، ويقول أنا فقط.

شروط انجاز العمل الصالح

الشرط الأول: أن يقدم الأهم على المهم.

الاختيار بين غير المهم والمهم والأهم، العمل الصالح هو الأهم، وله أولوية.

الشرط الثاني: أن يكون هذا العمل نابعا من الوظيفة والمسؤولية الشرعية وليس من الرغبة الذاتية.

والفرق بين الحاجة والرغبة، ان العمل الصالح هو الأكثر مطلوبية وهو العمل الذي يسد حاجة، وليس العمل الذي يأتي من خلال الرغبات الذاتية، هناك من يعمل عملا صالحا ولكن من خلال رغباته الذاتية، لذلك أكدنا على التقوى والورع، فالعمل الصالح هو الذي ينبع من الوظيفة والمسؤولية.

منهج الغدير منهج المسؤولية، لذلك حين ينبع منه العمل الصالح فيجب أن لا يخضع لرغبتي الخاصة، بل يجب أن يتوافق مع منهج الغدير ومع رضا الله سبحانه وتعالى.

الشرط الثالث: أن يكون هذا العمل عملا إصلاحيا.

إن ما يقف في مقابل العمل الصالح هو الفساد والإفساد، كذلك الشر الذي قد لا يكون ضعيفا، فهو شر كامن صغير مخفي، وهذا هو الشر النابع من خبث، لكن الإنسان لا يشعر به ولا يعرف به، أو أنه يتغاضى عنه.

كذلك قضية التسقيط، أحيانا يطلق أحدهم كلمة على شخص آخر تبدو غير مقصودة لكنه في الحقيقة يقصد قولها لتسقيط الآخر وهذا الفعل شر خبيث، قد يعتبره الإنسان شر صغير لكنه كبير جدا، وكل هذه الأعمال اليومية التي يقوم بها الإنسان تؤدي إلى تشكيل شخصيته، ومن ضمن ذلك الفساد، الشر، الرذيلة، الخيانة، الكذب، الطمع، الحرص، الصراع، العنف، العدوان، فالإنسان كمعتدي بالكلام، باللفظ، بالكراهية، بالاعتداء الجسدي، بالاعتداء على حقوق الناس وأموالهم، كل هذا بسبب الصراعات والنزاعات.

في مقال قديم ذكرتُ أن الإنسان العالِم حقا لا يكون في صراع ونزاع، بل هو في مصالحة مع الآخرين دائما، فمن يدخل في الصراع والنزاع هو الإنسان الجاهل، أما الإنسان العقل الذي ينهل من نهر الغدير فإنه لا يتصارع ولا يتنازع مع الآخرين، وإنما هو في حالة مصالحة دائمة وتفاهم مستمر وسائر باستقامة في طريق الإمام علي (عليه السلام)، لأنه طريق الهداية والإرشاد، وطريق الأحرار.

الشرط الرابع: أن يكون هذا العمل فيه سلم ومسالمة ومشاركة وتعاون.

إذا لاحظت شخصا لديه نزاعات دائمة مع الآخرين، فعليك أن تعرف بأن هذا الإنسان ليست له علاقة بالأعمال الصالحة، وليس له علاقة بمنهج الغدير، وإنْ كان يدّعي الالتزام بمنهج الغدير، لأن أعماله هي التي تفصح عنه، وعمله هو الذي يبيّن اتباعه لمنهج الغدير من عدمه.

هل تعتقد أن الصراع والتنازع مع الآخرين، ومع المؤمنين، ومع العائلة، ومع الجيران، هو من الأعمال الصالحة؟، بل هذه من أسوأ الأعمال، لأن الإمام علي (عليه السلام) يوصي بالتواصل والصلة والتقارب، حيث يقول: (وَإِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالْمُقَارَبَةِ)، هذا هو منهج الغدير، فإنه منهج التواصل والتعاون والتفاهم وعدم التخاصم والتنابذ والتسابب.

ترتيب سلّم الأولويات

كما ذكرت سابقا هناك أعمال نابعة من رغبة ذاتية ومن المزاج وليس من المسؤولية الشرعية، لكن الإنسان الصالح المؤمن بالغدير هو الذي يلتزم بالشرعية، إما إذا أدى عمله وفق رغبته ومزاجه فلا يبقى لدينا نظام، ولا يبقى حجر على حجر، لذا على الإنسان أن يعمل في إطار المصلحة العامة ويلتزم بالمشاركة مع الآخرين في ترتيب سلّم الأولويات.

لذلك نلاحظ أن الأعمال الخيّرة متناثرة هنا وهناك، وليست أعمال منهجية، فكل فرد يعتقد أنه يحب هذا العمل فسوف يؤديه أو يقوم به، بينما الصحيح عليه أن يدرس الأمر، فتكون هناك دراسة ومشاورة فيما بين العاملين لاختيار الأولويات، وسلّم الأولويات والتركيز في العمل، لأن من سمات العمل الصالح هو العمل المنتِج المركّز وليس القيام بالعمل الصالح فقط، فلابد أن يكون هذا العمل الصالح مثمرا في إنتاجيته.

وهذا يحتاج إلى مشاورة مع العلماء الذين يفهمون الموازين ويعرفون الخطوط العامة، والأمور التي يحتاجونها في بناء مناهج العمل، فالعمل الصالح عبارة عن تشكيلة كبيرة وعظيمة تستهدف المستوى الأعلى من بناء الإنسان ومصلحته، وليس مجرد عمل أفقي، وإنما العمل العمودي.

العمل الأفقي أو ما نسميه باللهجة العامية (الطشار) هو عمل متناثر، وهو بالنتيجة يفقد غايته وهدفيته، أما العمل العمودي فهو متصاعد ومتقدم، فمن أهم مصاديق العمل الصالح هو العمل المركّز المنتِج المثمر الذي يعتمد على تخطيط ومشاورة فيما بين العقلاء.

ما هي صفات العمل الصالح؟

تتضح صفات العمل مما يلي:

أولا: تكون نتائجه واسعة، تشمل الجميع، والجميع يستفيدون من هذا العمل الصالح، وكما ذكرنا آنفا، العمل المركّز والمخطط له.

ثانيا: يتبين العمل الصالح من قيمة النتائج التي يصل إليها، لأن قيمة العمل الصالح عندما تفككه وتنظر إليه، تظهر من خلال تأثيره في الحاضر والمستقبل، وتكون قيمته موضوعية مطلوبة بحد ذاتها، كما تقول الآية القرآنية: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97، أجر غير ممنون يعني هذا الأمر ليس فيه منّة، وإنما جاء الأجر من قيمة العمل نفسه، لأن قيمته وإنتاجيته كبيرة، وتأثيره كبير أيضا.

فهو كالذي يبذر بذرة صغيرة، فتنمو وتصبح شجرة، وهذه الشجرة تعطي بعد سنين ثمارا هائلة، فهي بذرة صغيرة، فهذه هي قيمة العمل، وهي واسعة وكبيرة جدا، لاسيما إذا كان عملا قائما على الإخلاص، والفهم والتخطيط للمستقبل، في بعض الأحيان لا يحتاج الأمر للتخطيط فالعمل بحد ذاته يعطي إنتاجا هائلا.

كما نلاحظ ذلك في شجرة النخيل مثلا، تنبت من نواة صغيرة يزرعها الإنسان، ثم تنمو وبعد سنين، تعطي الكثير من الثمار على مدى وجودها، هذا هو العمل الصالح، بذرة لثمار واسعة، فإذا فهم الإنسان قيمة هذا الكلام، سوف يبقى طول حياته يبذر بذور العمل الصالح، وعليه أن لا يضيّع كل دقيقة من حياته في غير العمل الصالح.

وفي حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، العمل الصالح لا ينتهي، ويبقى يثمر باستمرار، كما نلاحظ في أشجار النخيل التي تم زرعها قبل عشرات الناس، فأعطت ثمارها طيلة هذه السنوات للناس، ويكون ثواب ذلك لمن زرعها، وعنه (صلى الله عليه وآله): (ما من رجل يغرس غرسا إلا كتب الله له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس)، وهذا هو معنى العمل الصالح، أما تفكير الناس اليوم، ماذا يفيدني هذا العمل؟ أو ما هي الفائدة التي احصل عليها من هذا العمل؟، لكن هذا التفكير ليس صحيحا، بل علينا التفكير بنتائج العمل الصالح دائما.

لذا فإن بذرة العمل الصالح هي للإنسان نفسه في كل الأحوال، وإن كان يستفيد الآخرون من وسعتها، ولكن بالنتيجة الإنسان الذي يعمل العمل الصالح ويبذر البذرة هو الذي يستفيد، وينعكس عليه ذلك انعكاسا هائلا وكبير في الدنيا والآخرة، فيُمنَح البركة في حياته ولأولاده ولأحفاده وهكذا.

ثمرة العمل الصالح كأصلهِ

يقول الإمام علي (عليه السلام): (ثمرة العمل الصالح كأصله)، (ثمرة العمل السيء كأصله)، لكن الإنسان الذي يبذر البذرة حتى يعمل منها خمرا، فماذا ينتج الخمر غير المساوئ والكوارث والمآسي، أما الذي يبذر البذرة من أجل إطعام الناس، ومن أجل إحياء الناس وإرشادهم، وهدايتهم، هذه هي النتائج المهمة للعمل الصالح الذي له وسعة ممتدة من الحاضر إلى المستقبل، لكن الإنسان قد لا يشعر بذلك وهو في الدنيا، وقد يعرف قيمتها في الآخرة، فيما إذا كانت صالحة أو سيئة.

سهولة الحياة بالعمل الصالح

ثالثا: سهولة الحياة بالعمل الصالح، فالعمل الصالح سهل جدا وهذه حقيقة، ولا يحتاج الإنسان في ذلك إلا الإرادة والنيّة والإيمان والاعتقاد، ودائما يكون الإنسان الذي يعمل العمل الصالح في مأمن، ولا توجد مشكلات في حياته، المشكلات توجد في حياة صاحب العمل السيّئ، فتجده يعيش في ضيق وضنك دائما.

بعض الناس يتصورون العكس، ويظنون أن العمل الصالح صعب ويحتاج إلى ناس متقين ورعين، بينما نجد أن العمل الصالح سهل، فإذا أردنا الحياة السهلة علينا أن نختار طريق الغدير، فهو حياة سهلة رغيدة وطيبة، فالحياة بالعمل الصالح هي الحياة السهلة الطيبة.

يقول الإمام علي (عليه السلام): (فَذَرُوا مَا قَلَّ لِمَا كَثُرَ وَمَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ بِالرِّزْقِ)، لا تذهبوا وراء الأشياء الضيقة في الحياة، بل وراء الأشياء الواسعة، فالعمل الصالح يتميز بوسعه، والله تعالى هو الذي يعطي الرزق، فلا تخف من أن تصرف أموالك أو جهودك في عمل الخير.

عواقبه عظيمة ولذيذة

رابعا: عواقب العمل الصالح عظيمة، ومديدة، وضخمة، كما أن العمل السيّء كذلك يتضخم في جوانبه السيئة، لكن الإنسان الذي يعرف هذه المعادلة وهذا النظام، يستطيع أن يشخص الأمور وماذا يختار.

إذا أُعطيَ الإنسان بئرين، أو منبعين، أحدهما فيه ماء لذيذ والآخر فيه ماء مرّ علقم، فماذا يختار؟، حتما أنه يختار اللذيذ، العاقل يفهم هذه المعادلة وحتى الطفل الصغير يفهمها، في هذه الدنيا الفرق بين العمل الصالح والسيّئ، كالفرق بين المنبعين أعلاه، فالعمل الصالح هو أن تشرب الماء اللذيذ، والعمل الطالح والسيّئ هو أن تشرب الماء المالح أو المر.

أرجو أن نتأمل في هذا الحديث تأملا عميقا لأننا إذا وضعناه قاعدة في حياتنا سوف تكون جميلة وطيبة بالماء العذب، فعن الإمام علي (عليه السلام): (شَتَّانَ مَا بَيْنَ عَمَلَيْنِ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ وَعَمَلٍ تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ ويَبْقَى أَجْرُهُ)، فحين تأكل لقمة طيبة من طعام لذيذ جدا، فكم ثانية تبقى لذة هذا الطعام في الفم، ربما عشر أو 15 ثانية، لنفرض أنك وضعت هذه اللقمة في فم طفل يتيم أو فقير، كم تبقى هذه اللذة عندك، إنها ستبقى مستمرة وقد تصبح أبدية لأنها لذة معنوية، هذا هو المقصود بالعمل الصالح ففيه لذة عظيمة.

لذا على الإنسان أن لا يضيّع اللذة الحقيقية، فهناك عمل تذهب لذته، وتبقى تبعته كالإنسان الذي يأكل المال الحرام، ويأكل الطعام الذي يشتريه بأموال فاسدة، كم تطول لذة هذا الطعام؟، عشر ثوان، لكن تبقى تبعته مستمرة وكبيرة وقد تكون للأبد.

2023/02/04

تخلّصوا من الرياء والتصنّع.. كلمات جديدة لـ ’السيد محمد باقر السيستاني’
تصفيّةُ النفسِ إنّما تتحقّقُ بالتخلّصِ مِن الرياء والتَصَنّع والتكَلّف والازدواجيّة :

- إنَّ الإنسان المؤمن السائر إلى الله تبارك وتعالى والدّار الآخرة الطالب لتصفيةِ نفسه ، ينبغي به تخلصيها من الرياء والتصَنّع أمام النّاس، والانطلاق مِن دواعٍ إلهيّةٍ فاضلةٍ وصادقةٍ مع الله سبحانه ، ومع النّاس .

- فالتجمّل بالخصال الفاضلة بعنصرها النفسي مُتقوّم بحسن النيّة ، ومِن المُهمّ للإنسانِ دائماً أن يحرص على أن لا يكون ظاهره أحسن مِن باطنه ، بمعنى أنَّ باطنه وخلواته في ما بينه وما بين الله سبحانه ومناجاته وإقباله في صلاته وكيفيتها – ينبغي أن يكون أحسن من ظاهره واقعاً وصدقا.

- وإنَّ آراء بعض أهل المذاهب الباطلة، وربّما فلسفة جميع ما يُؤتى به عندهم يقوم على نوعٍ مِن التكَلّف والتصنّع والرياء المركوز في بُنيتهم النفسيّة ودواعيها ، وهذا الأمر ،أي - التجمّل في الظّاهر بما يزيد عن واقع الإنسان يوجب زيفَ شخصيّته ، ومَفسَدةً كبيرةً.

سماحة السيِّد الأُستاذ محمّد باقر السيستاني الأربعاء - 9 رجب الأصبّ – 1444 هجري تدوين : مرتضى علي الحلّي – النجف الأشرف
2023/02/01

منها النوم والضحك.. أمور توجب ’ مقت’ الله.. تجنّبها!
المقت هو شدة البغض والغضب، ومقت الله هو أشد أنواع البغض، نستجير بالله من غضب الله وبغضه.

مواضع مقت الله في القرآن الكريم:

الكفر: قال الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾ 1.

الجدال في آيات الله من دون دليل وبرهان وحجة، والمقصود أن المجرمين يردون حجج الله البالغة والقاطعة بحسب الأهواء وتقليد الآباء: قال سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ 2.

مخالفة القول للفعل: قال جل جلاله: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ 3.

بعض مواضع مقت الله وغضبه في الحديث الشريف:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة عليها السلام: " إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك " 4.

الاستخفاف بالفقير المسلم وإهانته: فعن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله في آخر خطبة له: " ... وَمَنْ أَهَانَ فَقِيراً مُسْلِماً مِنْ أَجْلِ فَقْرِهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّ اللَّهِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ‏ اللَّهِ‏ عَزَّ وَجَلَّ وَسَخَطِهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ ... " 5.

غضب الله للنساء والصبيان: فعَنْ كُلَيْبٍ الصَّيْدَاوِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ 6 عليه السلام: " إِذَا وَعَدْتُمُ الصِّبْيَانَ فَفُوا لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّكُمُ الَّذِينَ تَرْزُقُونَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ يَغْضَبُ لِشَيْ‏ءٍ كَغَضَبِهِ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ " 7.

النوم من غير سهر.

الضحك من غير عجب.

الأكل على الشبع، فقد رُوِيَ عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: "‏ ثَلَاثَةٌ فِيهِنَّ الْمَقْتُ‏ مِنَ‏ اللَّهِ‏ عَزَّ وجَلَّ، نَوْمٌ مِنْ غَيْرِ سَهَرٍ، وضَحِكٌ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ، وأَكْلٌ عَلَى الشِّبَعِ‏ " 8.

الهوامش: 1. القران الكريم: سورة غافر (40)، الآية: 10، الصفحة: 468. 2. القران الكريم: سورة غافر (40)، الآية: 35، الصفحة: 471. 3. القران الكريم: سورة الصف (61)، الآية: 3، الصفحة: 551. 4. رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين كتاب مناقب الصحابة ص 154 وقال عنه حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. 5. أعلام الدين في صفات المؤمنين: 413، لحسن بن محمد الديلمي المتوفى سنة 841 هجرية، الطبعة الأولى 1408 هجرية، مؤسسة آل البيت قم/إيران. 6. أي الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام) ثامن أئمة أهل البيت (عليهم السلام). 7. الكافي: 6 / 49، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية / شمسية، طهران / إيران. 8. من لا يحضره الفقيه: 1 / 503، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، والمتوفى سنة: 381 هجرية، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران.
2023/01/30

ما الدليل على خصوصية شهر رجب ببعض الأعمال العبادية؟
إنَّ لشهر رجب -وكذلك شعبان وشهر رمضان- خصوصيَّة وامتيازًا على سائر الشهور، فإنَّ الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في فضل شهر رجب وفضل العبادة فيه تفوقُ حدَّ الاستفاضة بل هي متواترة إجمالًا.

 ويكفي للتثبُّت من ذلك الوقوف على ما أورده الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه فضائل الأشهر الثلاثة، فقد أورد في الفصل المتَّصل بفضائل شهر رجب ثمانية عشر رواية مسندة، وفيها ما هو معتبرٌ سندًا، وفيها ما أورده بأكثر من طريق كحديث أم داود الذي أخرج له خمسة طرق أو ستة، هذا بقطع النظر عن الروايات الأخرى التي أوردها في سائر الكتاب وغيره من سائر كتبه وما أورده غيرُه من المحدِّثين والتي اشتملت على الحثِّ والتأكيد على مضاعفة ثواب الصيام والعمرة وزيارة الحسين(ع) والصدقة والإحياء لبعض الليالي فيه.

ونتيمَّن في المقام بنقل روايتين معتبرتين من حيثُ السند يتَّضح منهما خصوصيَّة هذا الشهر الشريف:

الأولى: معتبرة علي بن سالم عن أبيه سالم بن عبد الرحمن قال: دخلتُ على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في رجب وقد بقيتْ أيام، فلمَّا نظر إليَّ قال لي: يا سالم هل صمتَ في هذا الشهر شيئًا؟ قلتُ: لا والله يا بن رسول الله (ص) قال لي: لقد فاتَك من الثواب ما لا يعلمُ مبلغَه إلا الله عزَّ وجل إنَّ هذا الشهر قد فضَّله الله وعظَّم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته، قال: قلت له يا بن رسول الله فانْ صمتُ ممَّا بقيَ شيئًا هل أنالُ فوزًا ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال يا سالم: مَن صام يومًا من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانًا له من شدَّة سكرات الموت وأمانًا له من هولِ المطَّلع وعذابِ القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جوازٌ على الصراط، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمِنَ يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده وأُعطيَ براءة من النار"([1]).

فيكفي للوقوف على خصوصيَّة وعظمة هذا الشهر الشريف النظر في قوله (ع): "لقد فاتَك من الثواب ما لا يعلمُ مبلغَه إلا الله عزَّ وجل إنَّ هذا الشهر قد فضَّله الله وعظَّم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته"

الثانية: موثقة الحسن بن عليِّ بن فضَّال عن أبيه عن أبي الحسن عليِّ بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: "من صام أوَّل يومٍ من رجب رغبةً في ثواب الله عزَّ وجل وجبت له الجنة، ومن صام يومًا في وسطه شفع في مثل ربيعةَ ومُضَر، ومَن صام في آخره جعله الله من ملوك الجنَّة وشفَّعه في أبيه وأمِّه وابنه وابنته وأخيه وعمِّه وعمته وخاله وخالته ومعارفِه وجيرانِه وإنْ كان فيهم مستوجبٌ للنار"([2]).

تأكُّد استحباب الصوم في رجب:

ومن هذه الموثقة والتي قبلها تتَّضح جزافيَّة دعوى أنَّ أعمال رجب كلُّها لم يثبت استحبابها، فهذا هو الصيام الذي هو مِن أبرز أعمال شهر رجب واستحبابُه بالخصوص ثابتٌ بلا ريب بهاتين المعتبرتين وغيرهما من الروايات المستفيضة.

تأكُد استحباب عمرة رجب:

ومن أعمال شهر رجب العمرة الرجبيَّة، واستحبابُها بالخصوص ثابتٌ دون أدنى شك، فقد نصَّت على ذلك رواياتٌ معتبرة كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال له: ما أفضل ما حج الناس؟ قال: عمرة في رجب وحجَّة مفردة في عامها"([3]).

وصحيحة معاوية بن عمَّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه سُئل أيُّ العمرة أفضل عمرةٌ في رجب أو عمرةٌ في شهر رمضان؟ فقال: لا بل عمرةٌ في رجب أفضل"([4]).

وصحيحة معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المعتمر يعتمر في أي شهور السنة شاء، وأفضل العمرة عمرة رجب"([5]).

زيارة الحسين (ع) في رجب:

ومن أعمال شهر رجب زيارة الإمام الحسين (ع) واستحبابُها بالخصوص ثابتٌ كما هو مقتضى مثل صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألتُ أبا الحسن الرضا (عليه السلام) في أي شهرٍ تزورُ الحسين (عليه السلام)؟ قال: في النصف من رجب والنصف من شعبان"([6]).

فهذه هي أهم أعمال شهر رجب وقد اتَّضح ممَّا أوجزناه استحبابُها في الجملة، فدعوى نفي استحبابها بنحو الإطلاق مجازفة لا تليق، وأمَّا الأدعية المخصوصة بشهر رجب فأكثرُها مأثورة عن أهل البيت (ع) وقد أوردها المحدِّثون في مصنَّفاتهم مسندةً أو مرسلةً عن أهل البيت (ع)، فدعوى أنَّها متأثرة بالمتصوِّفة أو هي واردة من طرق العامة بما يوحي أنَّ أكثرها جاء من أحد هذين المصدرين هذه الدعوى لا أساس لها وهي من الطعن غيرِ المبرَّر في المأثور عن أهل البيت (ع)، نعم قد يتَّفق أنَّ بعض الأدعية منتهية إلى طرق العامَّة أو هي من تأليف بعض العلماء إلا أنَّه مضافًا إلى كونها محدودة فإنَّ الوارد من طُرق العامَّة لا يخفى إذ ينسبُها المصنِّفون إلى طرقِها وأمَّا الأدعية المخترعة فإنَّها لا تُنسب إلى أهل البيت (ع) فإما أنْ ينسبها مخترعُها إلى نفسه أو لا ينسبها إلى أحد، وهذه الطريقة هي التي جرى عليها السيِّد ابن طاووس في مصنَّفاته، فالتشكيك فيما نَسبه السيِّدُ ابن طاووس إلى المأثور عن أهل البيت (ع) وادِّعاء أنَّه قد أخذه من كتب المتصوِّفة أو كتب العامة يُعدُّ من الطعن في أمانة السيد ابن طاووس (رحمه الله) حيث إنَّه ينسب الأدعية إلى المأثور عن أهل البيت (ع) والحال أنَّه قد اخترعها أو أخذها من المتصوِّفة أو كتب العامة!!. نعم قد ينقل بعض الأدعية عن هذه الكتب ولكنَّه ينسبها إلى أهلها كما أنَّ الأدعية التي اخترعها كان ينصُّ على أنَّه قد اخترعها.

وللتثبُّت ممَّا ذكرناه نُشير إلى مجموع الأدعية التي أوردها السيِّد ابن طاووس في كتاب الإقبال في الفصل الثالث والعشرين تحت عنوان (فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كل يوم منه) ([7]) فقد أورد فيه ثمانية أدعية:

دعاء: "اللهم إني أسألك يا الله.. ":

الأول: يبدأ "اللهم إني أسألك يا الله يا الله يا الله" وقد نقله -كما أفاد- من كتاب المختصر من المنتخب ([8]).

دعاء: "يا من يملك حوائج السائلين":

الثاني: يبدأ بقوله (ع): "يا من يملك حوائج السائلين.. " وقد أورده بسند ينتهي إلى أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يدعو في الحجر في غرة رجب في سنة ابن الزبير، فانصتُ إليه، وكان يقول: "يا من يملك حوائج السائلين.. "([9]).

دعاء: "خاب الوافدون على غيرك":

الثالث: يبدأ بقوله (ع): "خاب الوافدون على غيرك.. " وقد أورده بسند ينتهي إلى عبد الله بن مسكان، عن أبي معشر، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من أيامه: خاب الوافدون على غيرك.. "([10]).

دعاء: "اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك":

الرابع: يبدأ بقوله (ع): "اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك.. " وقد أورده بسند ينتهي إلى يونس بن ظبيان قال: كنت عند مولاي أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل علينا المعلَّى بن خنيس في رجب فتذاكروا الدعاء فيه، فقال المعلَّي: يا سيدي علِّمني دعاءً يجمع كلَّ ما أودعته الشيعة في كتبِها فقال: قل يا معلَّى: "اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك.. "([11]).

دعاء: "يا من أرجوه لكل خير":

الخامس: يبدأ بقوله (ع) "يا من أرجوه لكل خير.. " وقد أورده بسند ينتهي إلى محمد بن سنان عن محمد السجاد في حديث طويل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلتُ فداك هذا رجب علِّمني فيه دعاء ينفعني اللهُ به، قال: فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وقل في كلِّ يومٍ من رجب صباحًا ومساءً وفي أعقاب صلواتِك في يومك وليلتك: "يا من أرجوه لكل خير.. "([12]).

دعاء: "اللهم يا ذا المن السابغة":

السادس: يبدأ بقوله (ع): "اللهم يا ذا المن السابغة.. " وقد أورده بسنده إلى جدِّه أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) وقال: وهو مما ذكره في المصباح بغير أسناد، ووجدتُه في أواخر كتاب معالم الدين مرويًا عن مولانا الإمام الحجَّةِ المهدي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين.. وهذا لفظ دعائه (عليه السلام): "اللهم يا ذا المن السابغة.. "([13]).

دعاء: "اللهم إني أسألك بمعاني جميع.. ":

السابع: يبدأ بقوله (ع): "اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك.. " وقد أورده بسنده عن جدِّه أبي جعفر الطوسي (رضي الله عنه) فقال: أخبرني جماعة عن ابن عياش قال: ممَّا خرج على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد (رضي الله عنه) من الناحية المقدسة ما حدثني به خير بن عبد الله قال: كتبته من التوقيع الخارج إليه: بسم الله الرحمن الرحيم ادعُ في كلِّ يومٍ من أيام رجب: "اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك.. "([14]).

دعاء: "اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب":

الثامن: يبدأ بقوله (ع): "اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب.. " أورده بسنده عن جدِّه أبي جعفر الطوسي (قدس الله روحه)، فقال: قال ابن عياش: وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم -السفير الثالث- رضي الله عنه في مقامه عندهم هذا الدعاء في أيام رجب: "اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب.. "([15]).

هذه هي مجمل الأدعية التي أوردها السيد ابن طاووس في الإقبال تحت عنوان (فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كلِّ يوم منه) وقد لاحظتم أنَّ سبعة منها مأثورة عن أهل البيت (ع) والأول نسبه إلى كتاب المختصر من المنتخب وأنا لا أعلم بهويَّة مؤلِّف هذا الكتاب إلا أنَّ الذي يظهر من بعض إحالات ابن طاووس على كتابه أنَّه من علماء الإماميَّة، فقد نقل عنه في الإقبال زيارة وارث المشهورة قال: "فقال ما هذا لفظه: ثم تتأهب للزيارة فتبدئ فتغتسل وتلبس ثوبين طاهرين وتمشي حافيا إلى فوق سطحك أو فضاء من الأرض، ثم تستقبل القبلة فتقول: السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله .."([16])، وهذا ما يكشف عن أنَّ صاحب كتاب المختصر من المنتخب من علماء الإماميَّة.

الهوامش: [1]- فضائل الأشهر الثلاثة -الصدوق- ص19، الأمالي -الصدوق- ص65، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج10 / ص475. [2]- فضائل الأشهر الثلاثة -الصدوق- ص17، الأمالي -الصدوق- ص60. [3]- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج11 / ص253. [4]- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص301. [5]- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص303. [6]- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص466. [7]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج3 / ص200. [8]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج3 / ص201. [9]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج3 / ص208. [10]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص209. [11]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص210. [12]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص210، 211. [13]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص211، 214. [14]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص214، 215. [15]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص215، 216. [16]- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس ج3 / ص70.
2023/01/30

السيد محمد باقر السيستاني يؤشّر 9 نقاط تخص أشهر رجب وشعبان ورمضان
المفاضَلةُ الإلهيَّةُ تربويّاً ومعنويّاً بين الأوقات – أشهرُ – رجب وشعبان ورمضان نموذجا – الأغراض الإصلاحيّة والمُعطيات القِيَمِيِّة

1- إنَّ شهر رجب هو بدايةٌ لأشهر ثلاثة فضيلة، ومميّزَة في الإسلام، وهي شهورٌ خُصَّت بالعبادة، من الصيام والقيام وذكر اللهِ كثيرا، واستغفاره، وفيها نفحات خاصّة لله سبحانه، ومَن أدرك تلك النفحاتِ ارتقى وصَلُحَ حاله.

2- هذه الأشهر الثلاثة بمثابة فصل ربيع معنوي في مجموع السنة، كما أراد اللهُ سبحانه، فنوّعَ فصولَ السنةِ الطبيعيّة، وميَّزَ كلّ فصلٍ في أغلب أقطار الأرض بخصوصيّاتٍ ومزايا، كذلك فرّق بين الأوقات، فجعل منها أوقاتٍ اعتياديّةً وأوقاتٍ فاضلةً.

3- إنَّ وقت الإنسان في الحقيقة هو رأس ماله، ولذلك فإنَّ كلَّ آنٍ من الآناتِ هو أغلى من الدنيا وما فيها، إذا استثمره للآخرة، ليكون له أثرٌ خالدٌ على حياته في ما بعد هذه الحياة، والوقت أمر حسّاس بالنسبة للإنسان، ولكن بحكم طبيعته وتثاقله، لا يمكن أن يجعل جميع أوقاته على نحو الجدّيَّة.

4- من الناحية التربوية والعمليّة فاضلَ اللهُ سبحانه بين الأوقات، فجعلَ بعض الأوقات أفضلَ من بعضٍ، حتى يتشوّق الإنسانُ إلى العمل الصالح في هذه الأوقات الفاضلة، ويسترسل بعض الشيء في غيرها.

5- إنَّ هذه الأشهر الثلاثة هي أشهرٌ للتزوّد المعنوي في الحياة، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (197)، البقرة.

فعلينا أن نستشعرَ النسيمَ المعنوي الّذي يهبَّ فيها، حتى تدركه القلوبُ المُستَعِدَّةُ والطالبةُ، وليساعدها على تزكية النفس والازدياد من العطايا، والتزوّد من التقوى، واستحضار الله سبحانه والدّارِ الآخرة.

6- ينبغي أن تكون لنا فيها لحظاتٌ من المناجاة مع الله تبارك وتعالى، وعبادته، والالتزام بصلاة الليل، وتلاوة القرآن الكريم بتأمّلٍ وتدبّر وخشوعٍ.

7- إنَّ أجواء الدنيا التي نعيشها زائفةٌ وزائلةٌ، وبمجرّد أن تنتهي حياة الإنسان، ويُحمَلُ إلى قبره، ستختلف الأمور هناك تماماً، ويبقى تعامل الإنسان بعد هذه الحياة في ما حصّل، وليس المحصّل المادّي منها، وإنّما المحصّل المعنوي - في ماذا اكتسب من الخصال الفاضلة، وماذا اكتسب من المعرفة النافعة، وماذا اكتسب من الأعمال الصالحة؟

فإذا مات الإنسان، قال النّاس عنه: ما تركَ، وقالت الملائكة: ما قدّم.

8- الإنسان بعد هذه الحياة لا يعنيه الأهل والمال والولد، وستنقضي لحظات اللّذّة والمتعة، والأسف والحزن والهَم، وسيقبل على ذخيرته، وإنَّ لحظة الانتقال من هذه الحياة هي لحظة الحقيقة.

9- ذا لم نسعَ إلى أن نتّصفَ بصفاتِ المُتّقين، كما في توصيف أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلا أقّل مِن أن نجعلهم منظوراً ومِثالاً لنا، والإنسان إذا كان له طموح ورؤية وتقدير مناسب في تزكية نفسه، فلابُدّ مِن أن يستثمر قابليّاته، وإلّا فضيق الرؤية وضعف الهمّة، هي التي تمنعه عن رؤية ما بعد هذه الحياة، وليس من الصحيح أن لا يتجاوز أملنا ونظرنا هذه الدنيا.

سماحة السيِّد الأُستاذ محمّد باقر السيستاني (دامت توفيقاته) الاثنين – 30 جمادى الآخرة – 1444 هجري تدوين: مرتضى علي الحلّي – النجف الأشرف
2023/01/29

ابدأ من شهر رجب.. برنامج عملي لـ ’ ترك المعاصي’!
إن أفضل ما يلتزم به المؤمن خلال هذه الأشهر، أربعينية ترك المعاصي.

فيبدأ من أول رجب مثلاً، وحتى منتصف شعبان ليقول لإمام زمانه (عج): “يا مولاي! هذه نفسي قد هذّبتها، أو خففت من سلبياتها؛ فامسح أنت على قلبي وفكري”.. وليكن شعاره: “اللهم! اجعله خير شهر رجب مرّ عليّ منذ أن خلقتني”..

ومن المفيد في هذا المجال أن يخادع الإنسان نفسه -مثلاً- بطلب الالتزام فقط لأربعين يوماً، قائلاً: يا نفس! ليست لكِ الهمة أن تكوني على الطريق المُستقيم سنة كاملة، لذا أطلبُ منكِ -يا نفسي- أن تلتزمي فقط أربعينَ يوماً..

فرب العالمين جعل موسم الحج أياماً معلومات، وشهر رمضان أياماً معدودات؛ فهذهِ سياسة إلهية؛ لأنه يعلم أن بني آدم لا طاقةَ لهُ بالاستمرارية، فيغريه ويعطيه عينة من النفحات.. وبالتالي، فإن الذي يتقن العمل في شهر رمضان، ويصير للهِ عبداً؛ ويستذوق حلاوة القرآن، وقيام الليل في شهرِ رمضان؛ فإنه سيستمر في ذلك طوال العام؛ ولكن شريطة أن يستذوق..

وكما في الروايات: (ما ضعف بدن عما قويت عليه النية)، فإن هو نوى؛ جاءه المدد من رب العالمين.

2023/01/28

منها في شهر رجب.. ما الحكمة من الدعاء في المواسم العبادية؟
بلا شك أنه من اللازم على المؤمن الارتباط بربه في كل الأوقات، ولكن ما هي فلسفة تركيز الدعاء في هذه الأشهر المباركة؟

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

لعل الفلسفة من ذلك -والله العالم- أن طبيعة بني آدم، هي طبيعة تثاقلية، كما يعبر القرآن الكريم، بقوله تعالى: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}.. بمثابة الأجسام التي تخضع لقانون الجاذبية الأرضية، فتميل إلى الأسفل إذا لم تُمسك من الأعلى.. والنفس الإنسانية -كذلك – تتجاذبها عوامل الهوى والميل إلى الشهوات إلى الأرض.

ومن هنا فرب العالمين رأفة بعباده، جعل لهم مواسم عبادية معينة: كما في الحج، وشهر رمضان.. لتعويض هذا التكاسل، وحتى يستفرغ العبد وسعه في هذه الأيام والليالي.

ومن الملاحظ أنه في عالم النبات، فصل الربيع عبارة عن ثلاثة أشهر.. فأيضاً ربيع القلوب ثلاثة أشهر، فالذين يريدون استنبات البذور الكامنة في أنفسهم، عليهم أن يركزوا جهودهم في هذه الليالي.. فإن لكل يوم، ولكل ليلة زهرتها التي ينبغي متابعتها، والوقوف عندها، واستشمامها.. وإلا لأخذها الذبول، ومن ثم الانحلال حيث لا عودة أبدا.

2023/01/25

شهر الله العظيم.. إليك كل ما تريد معرفته عن أعمال شهر رجب
في فضل شهر رجب وأعماله

اعلم أنّ هذا الشهر وشهر شعبان وشهر رمضان هي أشهر متناهية الشرف، والأحاديث في فضلها كثيرة، بل رُوي عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أنه قال: إنّ رجب شهر الله العظيم لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً، والقتال مع الكفار فيه حرام، ألا إنّ رجب شهر اللهُ، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، ألا فمن صام من رجب يوما استوجب رضوان الله الأكبر، وابتعد عنه غضب الله وأُغلق عنه باب من أبواب النار (1).

وعن موسى بن جعفر عليه‌ السلام قال: من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسير سنة ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة (2).

وقال أيضاً: رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله عز وجل من ذلك النهر (3).

وعن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال: قال رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله: رجب شهر الاستغفار لاُمَّتي، فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم. ويسمى رجب الاصبّ لانّ الرحمة على أُمّتي تصبُّ فيه صَبّا، فاستكثروا من قول: أَسْتَغْفِرُ الله وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ (4).

وروى ابن بابويه بسند معتبر عن سالم قال: دخلت على الصادق عليه‌ السلام في أواخر شهر رجب وقد بقيت منه أيام، فلما نظر إلى قال لي: يا سالم، هل صمت في هذا الشهر شَيْئاً؟ قلت: لا والله يا بن رسول الله، فقال لي: فقد فاتك من الثواب مالم يعلم مبلغه إِلاّ الله عز وجل، إن هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته. قال: فقلت له: يا أبن رسول الله، فإن صمت مما بقي منه شَيْئاً هل أنا أفوز ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال: يا سالم، مَنْ صام يوماً من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت، وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر الشهر كان له بذلك جوازاً على الصّراط، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن من يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده، وأعطي براءة من النار (5).

واعلم أنه قد ورد لصوم شهر رجب فضل كثير، ورُوي أنّ من لم يقدر على ذلك يسبّح الله في كل يوم مائة مرة بهذا التسبيح لينال أجر الصيام فيه:

سُبْحانَ الاِله الجَلِيلِ سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحَ إِلاّ لَهُ سُبْحانَ الاَعَزِّ الاَكْرَمِ سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ العِزُّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ (6).

وأَمّا أعماله فقسمان:

القسم الأوّل: الأعمال العامة التي تؤدى في جميع الشهر ولا تخص أياماً معينة منه وهي أُمور:

الأول: أن يدعو في كل يوم من رجب بهذا الدعاء الذي روي أنّ الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ دعا به في الحِجْر في غُرّة رَجَبْ:

يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ، اللّهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الواسِعَةُ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلْدُنْيا وَالآخرةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ (7)(8).

الثاني: أن يدعو بهذا الدعاء الذي كان يدعو به الصادق عليه‌ السلام في كل يوم من رجب:

خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلاّ لَكَ وَضاعَ المُلِمُّونَ إِلاّ بِكَ وَأَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاِغِبينَ وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطَّالِبِينَ وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلْسَّائِلِينَ وَنَيْلُكَ مُتاحٌ لِلامِلِينَ وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ وَحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ ناواكَ، عادَتُكَ الاِحْسانُ إِلى المُسِيئِينَ وَسَبِيلُكَ الإِبْقاءُ عَلى المُعْتَدِينَ. اللّهُمَّ فَاهْدِنِي هُدى المُهْتَدِينَ وَارْزُقْنِي اجْتِهادَ المُجْتَهِدِينَ وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الغافِلِينَ المُبْعَدِينَ وَاغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ (9).

الثالث: قال الشيخ في (المصباح): روى المعلى بن خُنيس عن الصادق عليه ‌السلام أنَّه قال: قل في رجب:

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ وَعَمَلَ الخائِفِينَ مِنْكَ وَيَقِينَ العابِدِينَ لَكَ ، اللّهُمَّ أَنْتَ العَلِيُّ العَظِيمُ وَأَنا عَبْدُكَ البائِسُ الفَقِيرُ أَنْتَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ وَأَنا العَبْدُ الذَّلِيلُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَامْنُنْ بِغِناكَ عَلى فَقْرِي وَبِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفِي يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَوْصِياء المَرْضِيِّينَ وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالآخرةِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (10).

أقول: هذا دعاء رواه السيد أيضاً في (الاقبال)، ويظهر من تلك الرواية أنّ هذا الدعاء هو أجمع الدعوات ويصلح لان يدعى به في كل الأوقات (11).

الرابع: قال الشيخ أيضاً: يستحب أن يدعو بهذا الدعاء في كل يوم:

اللّهُمَّ يا ذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاءِ الوازِعَةِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ وَالقُدْرَةِ الجامِعَةِ وَالنِّعَمِ الجَسِيمَةِ وَالمَواهِبِ العَظِيمَةِ وَالاَيادِي الجَمِيلَةِ وَالعَطايا الجَزِيلَةِ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَعَلا فَارْتَفَعَ وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَأَعْطى فَأَجْزَلَ وَمَنَح فَأَفْضَلَ ، يا مَنْ سَما فِي العِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ (12) الاَبْصارِ وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَفْكارِ يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالمُلْكِ فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ وَتَفَرَّدَ بِالآلاِء وَالكِبْرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ ، يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرياءِ هَيْبَتِهِ دقائِقُ لَطائِفِ الاَوْهامِ وَانْحَسَرَتْ دُونَ إدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الاَنامِ ، يا مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ وَوَجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِهذِهِ المِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي إِلاّ لَكَ وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلى نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَبِما ضَمِنْتَ الاِجابَةَ فِيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ ، يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ وَأَبْصَرَ النَّاِظرِينَ وَأَسْرَعَ الحاسِبِينَ ، يا ذا القُوَّةِ المَتِين صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَاقْسِمْ لِي فِي شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ وَاحْتِمْ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ وَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفوراً وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفوراً ، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسأَلَةِ البَرْزَخِ وَادْرأ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً وَأَرِعَيْنِي مُبَشِّراً وَبَشِيراً ، وَاجْعَلْ لِي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ (13) مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً وَمُلْكاً كَبِيراً وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً (14).

أقول: هذا دعاء يدعى به في مسجد صعصعة أيضاً (15).

الخامس: روى الشيخ: أنه خرج هذا التوقيع الشريف من الناحية المقدسة على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد قدس: أُدع في كل يوم من أيام رجب:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ مايَدْعُوكَ بِهِ وُلاةَ أَمْرِكَ المَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ

المُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ الواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ المُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ ، أَسْأَلُكَ بِما نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ وَأَرْكانا لِتَوْحِيدِكَ وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ الَّتِي لاتَعْطِيلَ لَها فِي كُلِّ مَكانٍ يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ ، لافَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها إِلاّ أَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ فَتْقُها وَرَتْقُها بِيَدِكَ بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها إِلَيْكَ ، أَعْضادٌ وَأَشْهادٌ وَمُناةٌ وَأَذْوادٌ وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ فَبِهِمْ مَلأتَ سَمائَكَ وَأَرْضَكَ حَتّى ظَهَرَ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ ؛ فَبِذلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَواقِعِ العِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَزِيدَنِي إِيْماناً وَتَثْبِيتاً ، يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ وَظاهِراً فِي بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ يا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ ، حادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ أَهْلَ الكِبْرِياءِ وَالجُودِ ، يا مَنْ لايُكَيَّفُ بِكَيْفٍ وَلايُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ (16) عَلى عِبادِكَ المُنْتَجَبِينَ وَبَشَرِكَ المُحْتَجِبِينَ وَمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَالبُهْمِ الصَّافِّينَ الحافِّينَ ، وَبارِكْ لَنا فِي شَهْرِنا هذا المُرَجَّبِ المُكَرَّمِ وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَشْهُرِ الحُرُمِ وَأَسْبِغْ عَلَيْنا فِيهِ النِّعَمَ وَأَجْزِلْ لَنا فِيهِ القِسَمَ ، وَأَبْرِزْ لَنا فِيهِ القَسَمَ بِإسْمِكَ الأعْظَمِ الأعْظَمِ الأَجَلِّ الأَكْرَمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلى النَّهارِ فَأَضاءَ وَعَلى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ ، وَاغْفِرْ لَنا ماتَعْلَمُ مِنَّا وَما (17) لا نَعْلَمُ وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوِب خَيْرَ العِصَمِ واكْفِنا كَوافِيَ قَدَرِكَ وَامْنُنْ عَلَيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ وَلا تَكِلْنا إِلى غَيْرِكَ وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْرِكَ وَبارِكْ لَنا فِيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ أَعْمارِنا وَأَصْلِحْ لَنا خَبِيئَةَ أَسْرارِنا وَأَعْطِنا مِنْكَ الاَمانَ وَاسْتَعْمِلْنا بِحُسْنِ الاِيمانِ وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَيَّامِ وَالاَعْوامِ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ (18).

السادس: وروى الشيخ: أنه خرج من الناحية المقدسة على يد الشيخ أبي القاسم قدس هذا الدعاء في أيام رجب :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالمَولُودِينَ فِي رَجَبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّانِي وَابْنِهِ عَلِيٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ المُنْتَجَبِ، وَأّتَقَرَّبُ بِهما إِلَيْكَ خَيْرَ القُرَبِ يا مَنْ إِلَيْهِ المَعْرُوفُ طُلِبَ وَفِيما لَدَيْهِ رُغِبَ ، أَسْأَلُكَ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ مُذْنِبٍ قَدْ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ فَطَالَ عَلى الخَطايا دُؤُوبُهُ وَمِنَ الرَّزَايا خُطُوبُهُ ؛ يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَوْبَةِ وَالنُّزُوعَ عَنْ الحَوْبَةِ وَمِنَ النَّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ وَالعَفْوَ عَمَّا فِي رِبْقَتِهِ ، فَأَنْتَ مَوْلايَ أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ. اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّرِيفَةِ وَوَسائِلكَ المُنِيفَةِ أَنْ تَتَغَمَّدَنِي فِي هذا الشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ وَاسِعَةٍ وَنِعْمَةٍ وَازِعَهٍ وَنَفْسٍ بِما رَزَقْتَها قانِعَةٍ إِلى نُزُولِ الحافِرَةِ وَمَحَلِّ الآخرةِ وَما هِيَ إِلَيْهِ صائِرَةٌ (19).

السابع: وروى الشيخ أيضاً عن أبي القاسم حسين بن روح قدس النائب الخاص للحجة عليه‌ السلام: أنه قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ فِي رَجَبٍ وَأَوْجَبَ عَلَيْنا مِنْ حَقِّهِمْ ما قَدْ وَجَبَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ المُنْتَجَبِ وَعَلى أَوْصِيائِهِ الحُجُبِ ، اللّهُمَّ فَكَما أَشْهَدْتَنا مَشْهَدَهُمْ (20) فَانْجِزْ لَنا مَوْعِدَهُمْ وَأَوْرِدْنا مَوْرِدَهُمْ غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِردٍ فِي دارِ المُقامَةِ وَالخُلْدِ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ ؛ إِنِّي قد (21) قَصْدُتُكْم وَاعْتَمَدْتُكُمْ بَمَسْأَلَتِي وَحاجَتِي وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّار وَالمَقَرُّ مَعَكُمْ فِي دارِ القَرارِ مَعَ شِيعَتِكُمْ الاَبْرارِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ أَنا سائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيما إِلَيْكُمْ التَّفْوِيضُ وَعَلَيْكُمْ التَّعْوِيضُ ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ المَهيضُ وَيُشْفى المَرِيضُ وَماتَزْدادُ الأَرْحامُ وَماتَغِيضُ. إِنِّي بِسِرِّكُمْ

 

مُؤْمِنٌ (22) ، وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ وَعَلى الله بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعِي بِحَوائِجِي وَقَضائِها وَإِمْضائِها وَإِنْجاحِها وَإِبْراحِها (23) وَبِشُؤُونِي لَدَيْكُمْ وَصَلاحِها ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلامَ مُوَدِّعٍ وَلَكُمْ حَوَائِجَهُ مُودِعٌ يَسْأَلُ الله إِلَيْكُمْ المَرْجِعَ وَسَعْيَهُ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَأَنْ يَرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ إِلى جَنابٍ مُمْرِعٍ وَخَفْضِ مُوَسِّعٍ وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلى حِينِ (24) الاَجَلِ وَخَيْرِ مَصِيرٍ وَمَحَلٍّ فِي النَّعِيمِ الاَزَلِ وَالعَيْشِ المُقْتَبَلِ وَدَوامِ الاُكُلِ وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَلِ (25) وَعَلٍّ وَنَهلٍ لاسَأَمَ مِنْهُ وَلا مَلَلَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، وَتَحِيَّاتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى العَوْدِ إِلى حَضْرَتِكُمْ وَالفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ وَالحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الوَكِيلُ (26).

الثامن: روى السيد ابن طاووس عن محمد بن ذكوان المعروف بالسجّاد ـ لأنه كان يكثر من السجود والبكاء فيه حتى ذهب بصره ـ قال: قلت للصادق عليه‌ السلام: جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاءاً ينفعني الله به، قال عليه‌ السلام: اكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

قل في كل يوم من رجب صباحا ومساءً وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك:

يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ (27) كُلِّ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الكَثيرَ بِالقَلِيلِ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّنا مِنْهُ وَرَحْمَةً، أَعْطِنِي بِمَسأَلَتِي إِيّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخرةِ، واصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ (28) الدُّنْيا وَشَرِّ الآخرةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ماأَعْطَيْتَ وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ.

قال الراوي: ثم مدّ عليه ‌السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء وهو يلوذ بسبابته اليمنى. ثم قال بعد ذلك: يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا ذَا النَّعَماءِ وَالجُودِ يا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ

حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلى النَّار (29).

التاسع: عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أنه قال: من قال في رجب: أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إلهَ إِلاّ هُوَ وَحَدْهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مائة مرة وختمها بالصدقة. ختم الله له بالرحمة والمغفرة، ومن قال أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد (30).

العاشر: وعنه صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله قال: من قال في رجب: لا إِلهَ إِلاّ الله ألف مرة كتب الله له مائة ألف حسنة، وبنى الله له مائة مدينة في الجنة (31).

الحادي عشر: في الحديث: من استغفر الله في رجب سبعين مرة بالغداة وسبعين مرة بالعشيّ يقول: أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال: اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، فإن مات في رجب مات مرضيّاً عنه، ولا تمسه النار ببركة رجب (32).

الثاني عشر: أن يستغفر في هذا الشهر ألف مرة قائلاً: أَسْتَغْفِرُ الله ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ والآثامِ، ليغفر له الله الرحيم (33).

الثالث عشر: روى السيد في (الاقبال) فضلا كَثِيراً لقراءة قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عشرة آلاف مرة أو ألف مرة أو مائة مرة في شهر رجب (34).

وروى أيضاً: أنّ من قرأ: (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) مائة مرة في يوم الجمعة من شهر رجب كان له يوم القيامة نور يجذبه إلى الجنة (35).

الرابع عشر: روى السيد أنّ من صام يوما من رجب وصلّى أربع ركعات يقرأ في الأوّلى آية الكرسي مائة مرة، وفي الثانية (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) مائتي مرة لم يمت إِلاّ وقد شاهد مكانه في الجنة أو يرى له (36).

الخامس عشر: روى السيد أيضاً عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أنّ من صلّى يوم الجمعة من رجب أربع ركعات ما بين صلاة الظهر وصلاة العصر يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي سبع مرّات و (قل هو الله أحد) خمس مرات ثم يقول عشرا: أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ، كتب الله له من اليوم الذي صلّى فيه هذه الصلاة إلى اليوم الذي يموت فيه بكل يوم ألف حسنة ، وأعطاه بكل آية تلاها مدينة في الجنة من الياقوت الأحمر ، وبكل حرف قصراً في الجنة من الدرّ الأبيض ، وزوجه حور العين ، ورضي عنه بغير سخط ، وكُتب من العابدين ، وختم له بالسعادة والمغفرة ... الخبر (37).

السادس عشر: أن يصوم ثلاثة أيام من هذا الشهر هي: أيام الخميس والجمعة والسبت، فقد روي: أنّ من صامها في شهر من الأشهر الحرم كتب الله له عبادة تسعمائة عام (38).

السابع عشر: يصلّي في هذا الشهر ستين ركعة يصلي منها في كل ليلة ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و (قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ) ثلاث مرات و (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) مرة واحدة فإذا سلّم رفع يديه إلى السماء وقال:

لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ وَإِلَيْهِ المَصِيرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ النَبِيِّ الاُمِّيِّ وَآلِهِ، ويمرّر يديه على وجهه.

وعن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أنّ من فعل ذلك استجاب الله دعائَه وأعطاه أجر ستين حجة وعمرة (39).

الثامن عشر: رُوي عن النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله: أنّ من قرأ في ليلة من ليالي رجب مائة مرة: (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) في ركعتين فكأنما قد صام مائة سنة في سبيل الله ورزقه الله، في الجنة مائة قصر كل قصر في جوار نبي من الأنبياء عليهم ‌السلام (40).

التاسع عشر: وعنه صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله أيضاً: أنّ من صلّى في ليلة من ليالي رجب عشر ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و (قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ) مرة والتوحيد ثلاث مرات غفر الله له ما اقترفه من الاثم، الخبر (41).

العشرون: قال العلامة المجلسي في (زاد المعاد): روي عن أمير المؤمنين عليه‌ السلام أنه قال: قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله من قرأ في كل يوم من أيام رجب وشعبان ورمضان في كل ليلة منها كلاً من الحمد

وآية الكرسي و (قُلْ يا أيُّها الكاِفُرونَ) و(قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوُذ بِرَبِّ النَّاسِ) ثلاث مرات، وقال: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيّ العَظِيمِ ، وثلاثاً: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وثلاثاً : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ ، وقال أربعمائة مرة : أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غفر الله له ذنوبه وإن كانت عدد قطر الأمطار وورق الأشجار وزبد البحار ... الخبر (42).

وقال العلامة المجلسي (رض) أيضاً: من المأثور قول: لا إِلهَ إِلاّ الله في كل ليلة من هذا الشهر ألف مرة (43).

واعلم أنّ أول ليلة من ليالي الجمعة من رجب تسمى ليلة الرغائب وفيها عمل مأثور عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ذو فضل كثير، ورواه السيد في الاقبال والعلامة المجلسي في إجازة بني زهرة. ومن فضله ان يُغفر لمن صلاّها ذنوب كثيرة، وأنه إذا كان أول ليلة نزوله إلى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق فيقول: (يا حبيبي، أبشر فقد نجوت من كل شدة! فيقول: من أنت، فما رأيت أحسن وجها منك ولا سمعت كلاما أحلى من كلامك ولا شَمَمْتُ رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول: يا حبيبي، أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا، جئت الليلة لا قضي حقك وأُؤانس وحدتك وأرفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظلّلت في عرصة القيامة على رأسك، فافرح فإنك لن تعدم الخير أبداً. وصفة هذه الصلاة: ان يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي بين صلاتي المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمه ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (إنا أنزلناه) ثلاث مرات و (قل هو الله أحد) اثنتي عشرة مرة ، فإذا فرغ من صلاته قال سبعين مرة: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ النَبِيِّ الاُمِّيِّ وَعَلى آلِهِ (44)، ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوح ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة : رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيُّ الأعْظَمُ، ثم يسجد سجدة أُخرى فيقول فيها سبعين مرة : سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوح ، ثم يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء الله (45).

واعلم أيضاً أنّ من المندوب في شهر رجب زيارة الإمام الرضا عليه ‌السلام، ولها في هذا الشهر مزيّة كما أنّ للعمرة أيضاً في هذا الشهر فضل، وروي: انها تالية الحج في الثواب (46).

واعتمر علي بن الحسين عليهما ‌السلام في رجب، وكان يصلي عند الكعبة عامّة ليله ونهاره ويسجد عامّة ليله ونهاره وكان يسمع منه وهو في السجود:

عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، [لا يزيد على هذا مدّة مقامه] (47).

القسم الثاني: في الأعمال الخاصة بليالي أو أيام خاصة من رجب:

الليلة الأولى: هي ليلة شريفة وقد ورد فيها أعمال:

الأول: ان يقول إذا رأى الهلال: اللّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلّيْنا بِالاَمْنِ وَالاِيْمانِ وَالسَّلامَةِ وَالاِسْلامِ رَبِّي وَرَبُّكَ الله عَزَّوَجَلَّ (48).

وروي عن النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله أنه كان إذا رأى هلال رجب قال: اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي رَجَبٍ وَشَعْبانَ وَبَلِّغْنا شَهْرَ رَمَضانَ وَأَعِنَّا عَلى الصِيامِ وَالقِيامِ وَحِفْظِ اللّسانِ وَغَضِّ البَصَرِ وَلا تَجْعَلْ حَظَّنا مِنْهُ الجُوعَ وَالعَطَشَ (49).

الثاني: أن يغتسل، فعن بعض العلماء عن النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله أنّه قال: من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه (50).

الثالث: أن يزور الحسين عليه‌ السلام (51).

الرابع: أن يصلي بعد صلاة المغرب عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) مرة ويسلم بين ركعتين، ليُحفظ في أهله وماله وولده ويجار من عذاب القبر ويجوز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب (52).

الخامس: أن يصلي ركعتين بعد العشاء يقرأ في أول ركعة منهما فاتحة الكتاب و (ألم نشرح) مرة و (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) ثلاث مرات، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب و (ألم نشرح) و (قُلْ هُوَ الله أحَدٌ) والمعوّذتين، فإذا سلّم قال: لا إلهَ إِلاّ الله ثلاثين مرة وصلى على النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ثلاثين مرة ليغفر الله له ذنوبه ويخرج منها كيوم ولدته أُمه (53).

السادس: أن يصلّي ثلاثين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل يا أيها الكافرون) مرة وسورة التوحيد ثلاث مرات (54).

السابع: أن يأتي بما ذكره الشيخ في (المصباح) حيث قال: العمل في أول ليلة من رجب، روى أبو البختري وهب بن وهب عن الصادق عليه ‌السلام عن أبيه عن جده عن عليّ عليه‌ السلام قال: كان يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليالٍ في السنة وهي: (أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة النحر (55).

وروى عن أبي جعفر الثاني عليه‌ السلام أنه قال: يستحب أن يدعو بهذا الدعاء أول ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة (56):

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِكٌ وَأَنَّكَ عَلى كُلِّ شيء مُقْتَدِرٌ وَأَنَّكَ ماتَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ الله إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّي لِيُنْجِحَ بِكَ طَلِبَتِي، اللّهُمَّ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَالاَئِمَّةِ مِنْ أَهْل بَيْتِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَنْجِح طَلِبَتِي، ثم تسأل حاجتك (57).

وروى علي بن حديد قال كان موسى بن جعفر عليه ‌السلام يقول وهو ساجد بعد فراغه من صلاة الليل:

لَكَ المَحْمَدَةُ إِنْ أَطَعْتُكَ وَلَكَ الحُجَّةُ إِنْ عَصَيْتُكَ لا صُنْعَ لِي وَلا لِغَيْرِي فِي إِحْسانٍ إِلاّ بِكَ ، يا كائِنُ قَبْلَ كُلِّ شيء وَيا مُكَنِّوَنَ كُلِّ شيء إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَدِيلَةِ عِنْدَ المَوْتِ وَمِنْ شَرِّ المَرْجِعِ فِي القُبُورِ وَمِنَ النَّدامَةِ يَوْمَ الأزِفَةِ ؛ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ عَيْشِتي عيْشَةً نَقِيَّةً وَمِيتَتِي مِيتَةً سويَّةً وَمُنْقَلَبِي مُنْقَلَباً كَرِيماً غَيْرَ مُخْزٍ وَلا فاضِحٍ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ يَنابِيعِ الحِكْمَةِ وَأُولِي النِّعْمَةِ وَمَعادِنِ العِصْمَةِ وَاعْصِمْنِي بِهِمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَلا تَأْخُذْنِي عَلى غِرَّةٍ وَلا عَلى (58) غَفْلَةٍ، وَلا تَجْعَلْ عَواقِبَ أَعْمالِي حَسْرَةً وَارْضَ عَنِّي فَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِلظَّالِمِينَ وَأَنا مِنَ الظَّالِمِينَ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي مالا يَضُرُّكَ وَأَعْطِنِي مالا يَنْقُصُكَ فَإِنَّكَ الوَسِيعُ رَحْمَتُهُ البَدِيعُ حِكْمَتُهُ، وَأَعْطِنِي السِّعَةَ وَالدِّعَةَ وَالاَمْنَ وَالصِّحَّةَ وَالبُخُوعَ وَالقُنُوعَ والشُّكْرَ وَالمُعافاةَ وَالتَّقْوى وَالصَّبْرَ وَالصِّدْقَ عَلَيْكَ وَعَلى أَوْلِيائِكَ وَاليُسْرَ وَالشُّكْرَ، وَاعْمُمْ بِذلِكَ يا رَبِّ أَهْلِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي فِيكَ وَمَنْ أَحْبَبْتُ وَأَحَبَّنِي وَوَلَدْتُ وَوَلَدَنِي مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ يا رَبَّ العالَمِينَ.

قال ابن اُشيم: هذا الدعاء يعقب الثماني ركعات صلاة الليل قبل صلاة الوتر ثم تصلي الثلاث ركعات صلاة الوتر، فإذا سلّمت قلت وأنت جالس:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لاتَنْفدُ خَزائِنُهُ وَلايَخافُ آمِنُهُ ، رَبِّ إِنْ ارْتَكَبْتُ المَعاصِي فَذلِكَ ثِقَةٌ مِنِّي بِكَرَمِكَ إِنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِكَ وَتَعْفُو عَنْ سَيِّئاتِهِمْ وَتَغْفِرُ الزَّلَلَ، وَإِنَّكَ مُجِيبٌ لِداعِيكَ وَمِنْهُ قَرِيبٌ وَأّنا تائِبٌ إِلَيْكَ مِنَ الخَطايا وَراغِبٌ إِلَيْكَ فِي تَوْفِيرِ حَظِّي مِنَ العَطايا، يا خالِقَ البَرايا يا مُنْقِذِي مِنْ كُلِّ شَدِيدَةٍ (59) يا مُجِيرِي مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ وَفِّرْ عَلَيَّ السُّرُورَ وَاكْفِنِي شَرَّ عَواقِبَ الاُمُورِ فَأَنْتَ (60) الله عَلى نَعَمائِكَ وَجَزِيلِ عَطائِكَ مَشْكُورٌ وَلِكُلِّ خَيْرٍ مَذْخُورٌ (61).

واعلم أنّ لكل ليلة من ليالي هذا الشهر الشريف صلاة خاصة ذكرها علماؤنا ولا يسمح لنا المقام نقلها.

اليوم الأول من رجب

وهو يوم شريف وفيه أعمال:

الأول: الصيام، وقد روى أنّ نوحا عليه‌ السلام كان قد ركب سفينته في هذا اليوم فأمر من معه ان يصوموه، ومن صام هذا اليوم تباعدت عنه النار مسير سنة (62).

الهوامش:

1 ـ رواه المجلسي في زاد المعاد: 5. 2 ـ زاد المعاد: 5. 3 ـ رواه الطوسي في التهذيب 4 / 306 ح 924. 4 ـ زاد المعاد: 5. 5- زاد المعاد: 5. 6 ـ زاد المعاد: 8. 7 ـ إنّك على كلّ شيء قدير: نسخة. 8 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 208 والمجلسي في زاد المعاد: 8. 9 ـ رواه السيد ابن طاووس في الاقبال 3 / 209، زاد المعاد: 8. 10 ـ مصباح المتهجّد: 802. 11 ـ الاقبال 3 / 210. 12 ـ خواطر ـ خ ـ. 13 ـ وجنّاتك ـ خ ـ. 14 ـ مصباح المتهجّد: 802. 15 ـ كما في المزار الكبير للشمهدي: 143. 16 ـ صلّ على محمّد وآله و: نسخة. 17 ـ ما: خ. 18 ـ مصباح المتهجّد: 803. 19 ـ مصباح المتهجّد: 805. 20 ـ مشاهدهم ـ خ ـ. 21 ـ قد: نسخة. 22 ـ مؤتمّ ـ خ ـ. 23 ـ وايزاحها ـ خ ـ. 24 ـ خير ـ خ ـ. 25 ـ والسلسبيل ـ خ ـ. 26 ـ مصباح المتهجّد: 821. 27 ـ من ـ خ ـ. 28 ـ وجميع شرّ ـ خ ـ. 29 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 211، فصل 23. 30 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 216، فصل 24. 31 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 216، فصل 24. 32 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 217، فصل 24 وما بين المعقوفات من المصدر. 33 ـ المراقبات: لميرزا جواد ملكي في اعمال رجب، 101. 34 ـ الاقبال 3 / 217 فصل 24. 35 ـ الاقبال 3 / 200، فصل 22. 36 ـ الاقبال 3 / 200، فصل 22. 37 ـ رواه ابن طاوس في الاقبال 3 / 200، فصل 22. 38 ـ الاقبال 2 / 21، فصل 5 عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله مع اختلاف لفظي قليل. 39 ـ رواه ابن طاوس في الاقبال 3 / 179، فصل 8. 40 ـ الاقبال 3 / 180، فصل 8. 41 ـ الاقبال 3 / 179، فصل 8 مع اضافات. 42 ـ زاد المعاد: 12. 43 ـ زاد المعاد: 12. 44 ـ اللّهم صلّ على محمّدٍ وآل محمّد ـ خ ـ. 45 ـ الاقبال 3 / 185 فصل 10، والبحار 107 / 126، مع اختلاف في الالفاظ. 46 ـ انظر مصباح المتهجّد: 821. 47 ـ الاقبال 3 / 218 فصل 26. وما بين المعقوفين منه. 48 ـ الاقبال 3 / 173 فصل 3. 49 ـ الاقبال 3 / 173 فصل 3. 50 ـ رواه ابن طاووس في الاقبال 3 / 173 فصل 4. 51 ـ الاقبال 3 / 218 فصل 27. 52 ـ الاقبال 3 / 178 فصل 8 مع اضافات عن النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله. 53 ـ الاقبال 3 / 178 فصل 8 عن النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله مع اختلاف في الالفاظ. 54 ـ الاقبال 3 / 177 فصل 8. 55 ـ مصباح المتهجّد: 789. 56 ـ عبارة «بعد العشاء الآخرة» ليس في المصباح، وفي المفاتيح كتب فوقها: نسخة. 57 ـ مصباح المتهجّد: 789. 58 ـ على: خ. 59 ـ شدّة ـ خ ـ. 60 ـ فإنّك ـ خ ـ. 61 ـ مصباح المتهجّد: 797 ـ 800.  
2023/01/24

هل ندعو الله بقلوبنا أم بالكلمات؟!
إن الدعاء ـ في حقيقته ـ يمثل المعاني القيمة، التي تتبلور في نفس الداعي، ويستتبع التوجه العميق إلى الذات الإلهية، فالفناء في وجوده الواجب، ثم الرجوع إلى عالم المادة، لأداء مهمة الروح العليا، روح العدالة والحق والصدق وبالتالي: الخلاص من كل العبوديات.

وفي هذا السفر السريع البطيء، والطويل القصير، لا حاجة إلى أي شيء، سوى التركيز على نقطة المبدأ، ومركز الانتهاء.

فلا يمكن أن نقيد الدعاء ـ بعد أن كان عملا روحيا ـ بأي قيد، من زمان أو مكان أو لفظ، ولا بأية لغة أو صيغة أو نص.

وقد رسم الإمام الصادق، أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، لهذه الفكرة خطة واضحة، في الحديث التالي:

عن زرارة، قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: علمني دعاء؟ فقال: إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك 1.

فإذا كان الداعي لم يطق أن يستوعب أكثر مما يجري على لسانه، فإن ذلك يكفيه، والمهم أن يكون ملتفتا إلى أساس الدعاء ولبه وهو التركيز على نقطة المبدأ ومركز الانتهاء، في سيره الروحي.

وقد أفصح الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الحقيقة لما سأل رجلا: كيف تقول في الصلاة؟

فأجاب الرجل: أتشهد ثم أقول: «اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار».

وأضاف الرجل: أما أني ـ والله ـ لا أحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: حولها ندندن 2.

لكن الإسلام قد حدد للدعاء المختار حدودا، وقرر له شروطا، راعى في ذلك بلوغه إلى الكمال المطلوب، ومن ذلك ما يرتبط بألفاظه ولغته.

ففي الوقت الذي أكد على جوانب معناه وأهدافه، لم يهمل جانب أدائه وصيغته.

والحق، إنا إذا أردنا أن نركز التفاتنا كاملا، فإن كل الحواس ـ وهي ترتبط بواسطة الأعصاب بعضها بالأخرى ـ لابد أن تتجه وتلتفت سواء الحواس الخارجية وجوارحها، أم الحواس الباطنية وقابلياتها، وحاسة النطق ـ وهي المعبرة عن الجميع ـ وآلتها اللسان، لابد أن تتحرك أعصابه، فتكون كلمة الداعي حاسمة، وتكون ألفاظ الدعاء مركزة موجهة.

أليست الألفاظ تعبيرا عن مكامن الضمير، وسرائر الوجدان؟

أليست الكلمات النابعة عن طلبات الروح، اصدق دليل على التركيز في التوجه والالتفات؟ ومن يدري؟!

فلعل العبد الداعي يكون أقرب إلى مولاه الجليل، عند بعض الحالات، وأداء بعض النغمات، وتلاوة بعض الكلمات، وفي بعض المقامات والأوقات؟ دون غيرها؟!

إن النية الواحدة، قد تصاغ بأشكال مختلفة، وتؤدى بأساليب متنوعة، وقد تصحبها أنغام متفاوتة.

فأيا منها نختار؟ لنتوسل به إلى هذا السر الروحي، ونتزود منه على هذا الطريق الصعبة، ونتوصل بسببه إلى النتيجة المنشودة.

ما أروع للداعي، لو عرف، أو تنبه إلى أجمل لفظة في أبدع أسلوب، والى أليق تعبير في ارق نغمة، وكان دعاؤه نابعا من أعماق الضمير، ليكون ارغب إلى مقام الإنس، وأقرب إلى حظيرة القدس، واكد في تحقيق رغبات النفس.

أليس هذا هو الأحسن، والأضمن لحصول الإجابة؟

لكن ليس الإفراط في المحافظة على اللفظ، والتوغل في مراعاة أداء الحروف وضبط الحركات، هدفا للمتكلم الواعي، ولا غاية للإنسان الهادف، فضلا عن المسلم الذي يقوم بمهمة عظيمة مثل الدعاء.

فان الدعاء ـ قبل أن يبلور في الجمل والكلمات ـ إنما هو نور مضي ينقدح فيفيض عفى اللسان، و لو كان القلب كدرا لم ينقدح فيه ذلك النور، فأين له أن يظهر على لسان صاحبه، الدعاء؟!

قال الإمام الصادق عليه السلام: تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو، خطيبا مصقعا ولقلبه اشد ظلمة من الليل المظلم 3.

وهكذا الانهماك في تطبيق القواعد اللفظية، بما يصرف توجهه عن المعاني ويقطع التفاته عن الهدف.

وهو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه، من قوله:

من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع 4.

نعم، أن إغفال جانب اللفظ وحسن التعبير، وصحح النص وسلامة العبارة عيب، بلا ريب، في الدعاء يحطه عن مرتبة الكمال اللازم في كل جوانب الدعاء من لفظه ومعناه، ولابد للداعي العارف، المتمكن من ذلك أن يتصف به، فيكون دعاؤه بمستوى ما يطلب من المقام الرفيع المنشود.

ومن هنا ورد التأكيد البليغ على اتصاف الدعاء بالأدب، ويراد به «الأدب العربي» في مراعاة القواعد اللغوية والنحوية والبلاغية، إذا بلغ الداعي مرتبة عالية من العلم والمعرفة، وبلغ من الدين والعقيدة مبلغا يحسن مثل هذا الطلب منه.

قال الإمام أبو جعفر محمد بن علي، الجواد عليه السلام: ما استوى رجلان في حسب ودين ـ قط ـ إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما.

قال الراوي: جعلت فداك، قد علمت فضله عند الناس، في المنادي والمجالس، فما فضله عند الله عز وجل؟! قال عليه السلام: بقراءة القرآن كما انزل، ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن، وذلك ان الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله عز وجل 5.

إن الكمال اللازم يجب أن يعم أدب الداعي ومعارفه، فيكون كاملا في لغته التي يتقدم بالدعاء بها، بعيدا عن اللحن المزري، فان الله يحب ان يرى عباده يناجونه بأحسن ما يناجي به أحد.

أليس القرآن ـ وهو كلام الله ـ نزل بأبلغ ما يكون الكلام وأعذبه، فليكن ما يخاطب به العبد مولاه ـ كذلك ـ في أوج ما يقدر عليه من الكلام الطيب والذكر البديع، المنزه عن عيب اللحن، والوهن.

إن الإسلام ـ في الوقت الذي ينص على الاكتفاء بما يجري على اللسان من الدعاء، إذا لم يعرف الداعي نصا مأثورا، لان ذلك أدنى ما يأتي منه ـ فإنه لا يكتفي ممن يمكنه الوصول إلى المأثور، أن يقتنع بالدعاء الذي يخترعه من عند نفسه.

عن عبد الرحيم القصير، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت: جعلت فداك، إني اخترعت دعاء!

قال عليه السلام: دعني من اختراعك.

إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله عليه وآله وصل ركعتين تهديهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله . . . 6.

وعلمه دعاء يتلوه.

إن الدعاء المأثور، هو ـ بلا ريب ـ أقوى، وأصدق، وأضبط، فهو أوصل إلى المطلوب، مما يخترعه ذهن الإنسان العادي، ويلوكه لسانه... 7.

1. وسائل الشيعة: 4 / 1171. 2. الأسماء المبهمة ـ للخطيب البغدادي ـ: 116 رقم 63 وانظر كنز العمال: 2 / 88. 3. الكافي ـ الأصول ـ: 2 / 422. 4. بحار الأنوار: 1 / 7 ـ 218. 5. عدة الداعي: 18، وسائل الشيعة: 4 / 1107، وانظر: كنز العمال: 2 / 293. 6. الكافي، كتاب الصلاة، باب صلاة الحوائج: 3 / 476 ح 1.
2023/01/22

لماذا يترك بعض الرجال زوجاتهم ويلجأ إلى ’ الأفلام الإباحية’؟!
إن النظر الى هذه الصور والمشاهد الإباحية محرم في الفتاوى، ومخالفة مرجع التقليد يعني التعرض لغضب الله تعالى وغضب أوليائه (ع).

والذي يثير غضب مولاه سيعيش النكد والعقوبة الإلهية في الدنيا قبل الآخرة، ومن المعلوم أن هذه الصور تثير الإنسان أكثر من حده الطبيعي، وحينئذ لا يشبع بحلاله، فيفكر في الآخرين، وبالتالي يبتعد الزوج نفسياً عن زوجته عندما يقارنها بمن هي أقوى منها في إشباع الغريزة.

وبما ان الزوجة لا تؤدي الغرض الذي يراه في الأفلام الإباحية، فإنه سينتقصها في ذاته، ولو لم يعترف بذلك ظاهرا.

أضف الى أن هذه الصور، تحول الإنسان الى موجود شهواني لا يفكر في الوجود إلا في هذا المجال، لأن الغريزة تطغى بشكل طبيعي على كل أبعاد الإنسان عند إفساح المجال لها.

وبعبارة موجزة: إن هذا الأمر يعود أخيرا لتحطيم الحياة الزوجية بدلا من تثبيتها كما قد يدعيه قائلها.

2023/01/22

ورع الشباب: لا يطيق النظر إلى امرأة أجنبية!

إنه لمن الجميل أن يصل الإنسان إلى مرحلة ينسجم فيها وجوده مع ما هو مطلوب منه شرعا!

فهو في البداية يعيش حالة المجاهدة مع مشتهيات نفسه وأهوائه، ولكنه يصل إلى مرحلة الصفاء والنقاء، مثله مثل المدمن على التدخين، فعندما يترك التدخين فإن رائحة النكوتين تصعد إلى فمه في الأيام الأولى، ولكن بعد فترة من المقاومة يصبح وجوده وجودا نقيا.

إن الذي فُتحت له أبواب الغيب، فهل يرجع إلى المزبلة؟!

إن البعض من الشباب وصل إلى درجة من درجات الورع والتقوى، أنه عندما يرى امرأة أجنبية وكأن هنالك جهازا حديديا يلف رقبته يمينا وشمالا، فإن الحركة ارتدادية قسرية، فهو لا يطيق النظر، ولا يحتاج أن يفكر بأنها نظرة جائزة أو غيره.

والبعض منهم إذا أكل طعاما حراما من غير قصد، معدته تتقيأ هذا الطعام الحرام ولا تقبله.

نعم يصل الإنسان إلى هذه الدرجات، التي يصبح فيها وجوده منسجما مع موجبات التقوى والورع.

2023/01/11

2023/01/09

موقف صعب: اغتياب شخص عصبي لا يغفر.. ما العلاج؟!

أعرف أن الغيبة حرام ولقد اغتبت كثيراَ وطلبت من الله المغفرة، وأعرف أنني لو ذهبت إلى الذي اغتبته سوف تكون هناك مشكلة كبيرة لأنه كبير في السن وعصبي جداً.. فما الحل؟

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

يكفي الاستغفار الصادق، والإحساس بالندامة، والعزم على الإصلاح، والقيام بالعمل الصالح إهداء لمن اغتبته من صدقة أو عبادة، ولا يجب الإخبار خصوصا إذا أدى ذلك إلى إثارة الفتنة.

والمهم في هذه المرحلة أن يصل الإنسان إلى رؤية ملكوت الغيبة المتمثلة بأكل الميتة، فلو عاش العبد هذا التقزز بعينه في الغيبة لما صار له ميل إلى الغيبة ليحتاج الأمر إلى استحلال وندامة..

ومن الغريب أن بعض الروايات جعلتها في عداد الزنا، ولا عجب في ذلك لان في كليهما هتك وخرق للستر الذي وضعه الله تعالى.

هذا في عالم الأبدان وذاك في عالم النفوس.

2023/01/09

تزويق المعاصي وإثارة الشبهات.. ماذا تعرفون عن الغشّ في الدين؟!

عن الإمام عليِّ أمير المؤمنين (ع) قال: "من غشَّ الناسَ في دينِهم فهو معاندٌ للهِ ولرسولِه (ص)"(1).

كيف يتحققُ غشُّ الناسِ في دينِهم؟

نسبة ما ليس من الدين إلى الدين مكايدةً:

يتحقَّقُ ذلك بأنْ يحتالَ عليهم ويخدعهم فيقدِّم لهم ما ليس من الدين على أنَّه من الدين، فالغشُ يعني الخديعة والاحتيال والتمويه والتلبيس والتدليس وهو في كلِّ شيء بحسبه، فالغشُّ في البيع مثلاً يكونُ بنحوِ إظهار المبيع الرديء في صورة الجيِّد أو إظهار المبيع على خلافِ حقيقته وواقعِه كإظهار معدن الحديد في صورة الذهبٌ أو الفضَّة وذلك بمثل تمويهه وتغليفه.

كذلك هو غشُّ الناس في دينِهم فإنَّه يكونُ بمثل نسبة شيءٍ إلى الدين وهو ليس من الدين واقعاً، ويسعى لإقناعهم بذلك من طريق تزويقِ مغالطةٍ وصياغتها في صورةِ برهان فيستدلُّ بها على دعواه من نسبة شيءٍ إلى الدين وهو ليس من الدين واقعاً.

وقد يُقنعُهم بذلك من طريق الفِرية والكذب فيختلقُ حديثاً متضمِّناً لدعواه وينسبُه للرسول الكريم (ص) أو ينسبُه كذباً لمَن يثقُ الناس بصدقِهم وتثبتهم. أو يُحيلُهم -مثلاً- على مصادرَ معتمدةٍ لدى الناس والحال أنَّها خاليةٌ من مزاعمِه ويعتمد في ذلك على أنَّ الناس لن يُراجعوا تلك المصادر أو أنَّهم لن يفهموا لو اتَّفق لهم أن راجعوها. وقد يعتمد في إقناعهم -بما نَسَبَه زوراً إلى الدين- على ثقةِ الناس بصدقِه وعلمِه وتثبُّته.

وقد يعتمدُ في إقناعهم بمزاعمِه على مثل طريق الشعوذة أو السحر أو التعاطي للعلوم الغريبة فيلبِّس عليهم ويخدعُهم ويُوهمهم أنَّه من أصحاب الكرامات وأنَّ الله تعالى يُجري المعجزات وخوارقَ العادات على يديه فيكون ذلك سبباً في تصديق الناس لمزاعمِه. فكلُّ ذلك وشبهه يكون من غشِّ الناس في دينهم.

 

وكذلك فإنَّ من غشِّ الناس في دينهم تفسير آيات القرآن المجيد بالرأي وبالأهواء وتقديمُ ذلك للناس على أنَّه من مُرادات القرآن ومقاصده، ومن ذلك تأويل آيات القرآن وصرفها عن مدلولها الذي يقتضيه ظهورُها العرفي وتقتضيه قواعدُ اللغة دون الاستناد في ذلك إلى ما ثبت عن النبيِّ الكريم (ص) والأئمة المعصومين(ع) يفعل ذلك في مقام الخصومة أو للانتصار لرأيه أو مذهبه.

يقول أمير المؤمنين (ع) كما في نهج البلاغة: ".. وآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً ولَيْسَ بِه، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ، ونَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وقَوْلِ زُورٍ، قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِه، وعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِه .. فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ والْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ، لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَه، ولَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْه، وذَلِكَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ"(2).

إثارة الشبهات والتشكيكات بطرقٍ ماكرة:

ومن الغشِّ في الدّيِن إثارة الشبهات حول بعض القضايا الدينيَّة، فيأتي لما هو ثابتٌ من الدين بالضرورة أو هو ثابت بالأدلَّة المعتبرة فيُثيرُ حولَه الشبهات والتشكيكات دون التصدِّي لمعالجتها وتفنيدها فيكون ذلك سبباً في زعزعة ثقة الناس بدينِهم أو ببعض قضاياه، فذلك من أجلى مصاديق غشِّ الناس في دينهم. فمثلُ هؤلاء أضرُّ على الناس من جيش يزيد كما ورد ذلك في الاحتجاج عن الإمام العسكري (ع) قال: في صِفَةِ عُلَماءِ السَّوءِ-: ".. هُم أضَرُّ عَلى ضُعَفاءِ شيعَتِنا مِن جَيشِ يَزيدَ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ (ع) وأصحابِهِ .. وهؤُلاءِ عُلَماءُ السَّوءِ النّاصِبونَ المُتَشَبِّهونَ بِأَنَّهُم لَنا مُوالونَ، ولأعدائِنا مُعادونَ، يُدخِلونَ الشَّكَّ والشُّبهَةَ عَلى ضُعَفاءِ شيعَتِنا فَيُضِلّونَهُم ويَمنَعونَهُم عَن قَصدِ الحَقِّ المُصيبِ .."(3).

السخرية والاستهزاء بالقضايا الدينيَّة وحمَلَة الدين:

ومن الغشِّ في الدين السخرية والاستهزاء ببعض القضايا الدينيَّة أو الأحكام الشرعيَّة أو السخرية والاستهزاء بحمَلَة الدين فيكون مآل ذلك إضعاف تمسُّك الناس بدينهم، وقد حذَّر القرآنُ المجيد من ذلك في أكثر من موضع.

فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾(4).

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ / وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ / لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾(5).

الإغراء بالمعصية بتزيينها أو تهوينها والتشجيع عليها:

ومن الغشِّ في الدين الإغراء بالمعصية وذلك من طريق تزيينها لعوام الناس أو تهوينها وتصغيرها أو التشجيع عليها بوسائل ماكرة فيأخذ من يفعل ذلك دور الشيطان الذي أخبر القرآن عنه بقوله: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾(6) وقوله: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ .. يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾(7).

قال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾(8). فهم إنَّما يأمرون بالمنكر بعد أن يُلبسونَه لباسَ المعروف ويُضفون عليه بمكرِهم ما يُوجبُ تزيينه وتحسينه والإغراءَ به، وكذلك فهم حين ينهونَ عن المعروف فإنَّهم يعملون على التنفير منه والتزهيد في مزاولته وذلك من طريق التخويف من عواقبه الموهومة أو إظهاره في صورة الفعل المنافي -بزعمهم- لمقتضيات التعقل والحكمة، أو القول بأنَّ الظروف والأحوال قد تغيرت فلم يعُد هذا الفعل معروفاً كما كان عليه قبل تجدُّد الظروف والأحوال وبهذه الوسائل الماكرة وشبهها يزيِّنونَ للناس ما هو قبيح ويدفعونهم لمقارفته ويصرفون الناس عن فعل ما هو حسَن وذلك بالتنفير منه والتزهيد فيه. وقد وصف الإمامُ عليٌّ(ع) في نهج البلاغة مثل هؤلاء بقوله: "ونَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وقَوْلِ زُورٍ .. يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ ويُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وفِيهَا وَقَعَ، ويَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وبَيْنَهَا اضْطَجَعَ، فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ والْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ، لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَه - ولَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْه وذَلِكَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ"(9).

وخلاصة القول: إنَّ غشَّ الناس في دينهم يكونُ بمثل التلبيس على الناس بنسبة شيءٍ إلى الدين وهو ليس من الدين واقعاً كما هو شأن المبتدعة ويكون بمثل إثارة الشبهات والتشكيكات حول القضايا الدينيَّة كما يفعل ذلك أهل الرِيَب، ويكون بمثل السخرية والاستهزاء ببعض القضايا الدينيَّة أو الأحكام الشرعيَّة أو السخرية والاستهزاء بحملَة الدين ويكون بمثل الإغراء بالمعصية من طريق تزيينها لعوام الناس أو تهوينها وتصغيرها أو التشجيع عليها بوسائل ماكرة. ويفعل ذلك والذي سبقه المنافقون والمنافقات كما نصَّ على ذلك القرآن المجيد.

الهوامش: 1- عيون الحكم والمواعظ -علي بن محمد الليثي الواسطي- ص462. 2- نهج البلاغة الإمام علي (ع) -تحقيق صبحي الصالح- ص118. 3- الاحتجاج -الطبرسي- ج2 / ص264. 4- سورة النساء / 140 5- سورة التوبة / 64-66. 6- سورة الحجر/ 39.  7- سورة النساء / 119-120. 8- سورة التوبة / 67. 9- نهج البلاغة الإمام علي (ع) -تحقيق صبحي الصالح- ص118.
2023/01/08