الأخلاق
أقبح العيوب تتبع عيوب الآخرين!
​تتبع عيوب الآخرين وزلاتهم وأخطائهم من أقبح العيوب وأسوأ الخصال الرذيلة، فلابد من ستر عيوب الآخرين، وحرمة نشرها، وإشاعتها لما في ذلك من انتقاص لكرامتهم الإنسانية، وانتهاك لحقوقهم المعنوية. [اشترك]

وقد نهى الإسلام في تعاليمه ووصاياه الكثيرة عن تتبع عورات وعيوب وزلات المؤمنين، لما في ذلك من مساوئ كثيرة، ولأن الإسلام يحرص على سلامة المجتمع وحماية الأسرة ونشر المحبة بين المؤمنين.

وقد توعد الله تعالى بالعذاب الشديد الذين يطعنون في الناس بغير حق، وينتقصون من مكانة المؤمنين بالغمز واللمز كما في قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾، والهمزة واللمزة تأتي بمعنى كثير الطعن على غيره بغير حق، سواء كان في الغياب أم في الحضور، وسواء كان باللسان أم بغيره

كما توعد الله عز وجل الذين يشيعون الفاحشة في المجتمع بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وهذا يدل على أن إشاعة الفاحشة من المحرمات، وقد توعد الله تعالى مرتكبها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.

وورد في السنة الشريفة جمهرة من النصوص الناهية عن تتبع عورات المؤمنين وزلاتهم، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «لا تَتَّبِعوا عَوراتِ المُؤمِنينَ؛ فإنَّهُ مَن تَتَبَّعَ عَوراتِ المُؤمِنينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَورَتَهُ، ومَن تَتَبَّعَ اللَّهُ عَورَتَهُ فَضَحَهُ ولَو في جَوفِ بَيتِهِ».

وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: «مَن سَتَرَ أخاهُ في فاحِشَةٍ رَآها عَلَيهِ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدّنيا والآخِرَةِ»، وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: «مَن سَتَرَ أخاهُ المُسلِمَ فِي الدّنيا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ»، وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «لو وَجَدتُ مؤمناً على‏ فاحِشَةٍ لَسَتَرتُهُ بثَوبِي».

وعلى الإنسان المؤمن أن يحذر الوقوع في نشر معايب المؤمنين وزلاتهم، فإن ذلك من الأمور المنهي عنها شرعاً وعقلاً، وكل إنسان له عيوب وزلات، ولذلك قال الإمام علي (عليه السلام): «مَن طَلَبَ عَيباً وَجَدَهُ».

والتنقيب عن عيوب الناس ونشرها في المجتمع؛ من المحرمات، ومن أسوأ العيوب وأشد السيئات، وأقبح الأفعال، ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «تَتَبُّعُ العُيوبِ مِن أقبَحِ العُيوبِ وشَرِّ السَّيِّئاتِ»، وقوله (عليه السلام): «تَأمُّلُ العَيبِ عَيبٌ».

كما أن من الخصال الأخلاقية الحميدة هو نشر إيجابيات الآخرين وحسناتهم، والإغضاء عن سلبياتهم، والكف عن تتبع عوراتهم وزلاتهم وهفواتهم.

وعلى المؤمن أن يتصف بهذه الصفة الحميدة، وأن يسلك مسلك النحل الذي لا يحط إلا على الزهور والورود العبقة الرائحة حتى يمتص منها الرحيق، بخلاف الذباب الذي لا يحط إلا على الأماكن الوسخة والقذرة.

ومن ينقب عن عورات الآخرين ويفتش عنها وينشرها كمن يسلك مسلك الذباب الذي يترك الأشياء الجميلة وذات الرائحة العطرة ويبحث عن الأشياء ذات الرائحة النتنة والقذرة!

والانسان الإيجابي هو الذي ينظر للأمور الإيجابية في الآخرين، وغض الطرف عن سلبياتهم وعيوبهم وزلاتهم، في حين أن الإنسان السلبي لا يرى إلا الأمور السلبية، ولا يبحث إلا عن عيوب الناس وزلاتهم وكأن ذلك هوايته المفضلة.

وقصة نبي الله عيسى مع الحواريين، توضح الفرق بين النظرة الإيجابية للأمور، والنظرة السلبية، فقد رُوِيَ أنّ عيسى‏ (عليه السلام) مَرَّ والحَوارِيّونَ عَلى‏ جيفَةِ كَلبٍ، فقالَ الحَوارِيّونَ: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكَلبَ! فقالَ عيسى‏ (عليه السلام): ما أشَدَّ بَياضَ أسنانِهِ!

فعلى الإنسان المؤمن أن ينظر إلى الأمور والأشياء في الحياة بنظرة إيجابية كما نظر نبي الله عيسى (عليه السلام)، فبالرغم من أنه رأى جثة كلب ورائحته نتنة ولكنه نظر إلى الجزء الإيجابي منه قائلاً: ما أشَدَّ بَياضَ أسنانِهِ!

أما الحواريون الذين كانوا معه فقد نظروا إلى الرائحة الكريهة الناتجة من تعفنه، ولذلك قالوا: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكَلبَ!

إن الكثير من الأمور في حياتنا ستتغير عندما ننظر للأشياء بمنظار إيجابي، ونتجنب النظر إليها بمنظار سلبي، فالكثير من المشاكل الزوجية والأسرية، والكثير من المشاكل الاجتماعية، والكثير من المشاكل الأخلاقية ناتجة من النظر إليها بنظرة سلبية، وعدم رؤية الجوانب الإيجابية منها.

ونجد أن بعض المشاكل في الحياة الزوجية ناتجة من نظر كل طرف لشريك حياته بمنظار سلبي، فيرى نقاط الضعف لديه، والعيوب الموجودة فيه، ولكنه لا يرى الأمور الإيجابية والحسنة منه، ومع الزمن تتحول هذه النظرة السلبية إلى مشاكل مستعصية بين الزوجين، وربما يصل الأمر إلى الانفصال والطلاق.

بينما لو نظر كل طرف لشريك حياته بنظرة إيجابية، وتأمل في النقاط الإيجابية الموجودة عند شريك حياته، وأغضى الطرف عن النقاط السلبية لأصبحت الحياة الزوجية ملؤها السعادة، والتفاؤل والأمل.

من هنا نؤكد على أهمية التركيز على إيجابيات الآخرين وحسناتهم، وأن نشيعها بين الناس، ونتجنب الخوض في معايبهم وزلاتهم، وعدم نشر ما قد نعلمه أو نسمعه أو نقرأه عن عورات الآخرين وعيوبهم وهفواتهم وأخطائهم، فالستر أولى وأفضل وأحسن.

 

2022/08/31

وهمج رعاع: لماذا قسّم الإمام علي (ع) الناس إلى 3 أقسام؟!
يتساءل البعض لماذا قسم أمير المؤمنين عليه السلام فيما يُروى عنه الناسَ إلى ثلاثة أقسام مع أن القسم الثالث: "وهمج رعاع ينعقون" يتضمن قسما رابعا وهو: "كل ناعق"؟

[اشترك]

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي (ره):

إعلم أنّ الهمج وكلّ ناعق إنّما هما من صنف واحد وهم من أهل الشفاء والضلال والجهل والسفاهة والحماقة، وأحدهما تابع والآخر متبوع ثمّ ذُكر المتبوع أي (كل ناعق) على نحو الموجبة الكليّة، وهي بمنزلة الكبرى والقاعدة، والهمج الرعاع بمنزلة الجزئيات والصغرى والنتيجة من الكبرى والصغرى أنه هناك صنف ثالث لا من الأول العالم الرّباني ولا من الثاني المتعلم على سبيل النجاة بل من الجاهلين وأكثرهم من الجهل المركّب فهو جاهل وجاهل بأنّه جاهل، فيرى نفسه عالماً وأنه يُحسن صُنعاً فيتبع كلّ ناعق في الجهل والضلال كشيطان من الجن والإنس ويكون من حزبه ويتولى أمره، ويكون من جُنده وقبيلته والشياطين يوحون إليه في الضلال والشقاء والجاهلية والهلاك ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ونعوذ بالله من الجهل والسفاهة والحماقة والله المستعان.

 

2022/08/15

مجتمعي فاسد.. لا أستطيع العيش فيه وأفكر بـ ’الانتحار’!
أولاً: كانت آسيا في مجتمع فرعوني كافر ولكن حافظت على إيمانها وقداستها فكم فيها أسوة وقدوة فالإيمان بالقلب، وفي القلب، والله يجعل للمؤمن نوراً يمشي به في المجتمع الذي كلّه ظلمات وكله بعضها فوق بعض والله نور السماوات والأرض ويتجلّى نوره في قلب عبده المؤمن ولا سيما الشباب ممّ كان الله نوره كيف ينحرف وينحرف ويضلّ ويشقى.

[اشترك]

وثانيًا: عليكم أنفسكم لا يضركم إذا إهتديتم من ضل كما ورد في القرآن الكريم.

ثالثاً: ما عندك إنّما هو من وساوس الشيطان خالفه وإستعذ منه بالله الكريم الحنان.

رابعاً: إذا أراد الله بعيد خيراً هيّأ له الأسباب، فحاول أن تكون ممّن يراد به خيراً والله ينصرك ويثبت قدمك مهما كان المجتمع فاسداً وظالماً.

خامساً: من كان عنده مثل النبي الأكرم وأهل بيته عليهم السلام كيف لا يتوسّل ويستشفع بهم في الليل والنهار وفي السّر والعلن وفي الخلوات والجلوات وفي لسانه وعقله وقلبه.

سادساً: إتقوا الله ما إستطعتم وبهذا المقدار الذي أنت عليه فعلاً من إنكارك للمنكر بقلبك فهو من أضعف الإيمان ويوماً سيكون قوياً كالشجرة الكبيرة ذات الثمار المفيدة فأولها نبت وجذور في الأعماق.

سابعاً: المجتمع الذي تعيش هونفس المجتمع الذي يعيش فيه المراجع والعلماء والصلحاء والأخيار والمؤمنين والأولياء فإنهم لم يعيشوا في جزيرة الواق الواق ولا في المريخ بل معنا ومعكم فكن منهم وعليك بترك المحرمات والمعاصي وإتيان الواجبات فهذا هو المطلوب منك فعلاً والله المستعان.

ثامناً: إن لم تكن كالشمس تضيء للآخرين فكن لا أقل كالشمعة تضيء تنفسك ولمن حولك من الأسرة والأصدقاء فكن أنت المؤثر في المجتمع الفاسد لا إنك تتأثر لفسادهم وإفسادهم فلماذا هذا الضعف في نفسك فأين الإعتماد على النفس والتوكل على الله؟!

وتاسعاً: ليس المجتمع العراقي بهذا المقدار من الفساد بحيث تصل إلى أن تفكر بالإنتحار بل ما أكثر الطيبين فيه فعليك أن تغير أصدقائك إلى الأصدقاء المؤمنين من أهل المساجد والزيارات والمواكب الحسينية والله العاصم.

2022/08/11

لماذا لم يجعل الله حب الإنسان للعبادة كحبه لـ ’ الطعام والجنس’؟!
الإنسان بوصفه مركب من روح وجسد له نوعين من الحاجات، مادية تلبي حاجة الجسد، ومعنوية تلبي حاجة الروح، ولا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر؛ لأن الإفراط في أي جهة والتفريط في الجهة الأخرى يؤديان إلى مسخ طبيعة الإنسان وتشويه حقيقته.

[اشترك]

ومن هنا تنحصر وظيفة الإنسان في خلق توازن بين الحاجتين، فإرادة الإنسان أما أن ترجح كفة على كفة أخرى وأما أن توازن بينهما بحيث تكون كل حاجة مكملة للحاجة الأخرى، وعليه فإن العبادة لا تحقق جانب الكمال الروحي فقط وإنما أيضاً ترسم المسار الذي يحقق التوزان بين حاجات الروح وحاجات الجسد، ومن هنا يجب أن نفهم الدين بوصفه خطاباً يستهدف إرادة الإنسان من أجل تحريكه نحو الحاجات الفطرية والروحية.

ومع أن كلا الحاجتين تشكلان ضرورات حياتيه إلا أن حاجات الجسد أكثر تأثيراً وإلحاحاً، فلا يمكن أن نتصور استمرار الحياة دون تلبية غريزة الطعام والشراب والجنس وغيرها من الغرائز، فمن الممكن أن يعيش الإنسان بدون أي قيم روحية كما يعيش الحيوان، بينما لا يمكنه ذلك دون تلبية حاجاته الجسدية، ومن هنا لا يحتاج الإنسان إلى من يذكره بحاجاته الجسدية في حين أنه في حاجة دائمة إلى من يذكره بحاجاته الروحية.

أما إذا انعكس الأمر وأصبحت الحاجات الروحية في موضع الحاجات الجسدية والحاجات الجسدية في موضع الحاجات الروحية، حينها لا يمكن أن نتصور استمرار الحياة الإنسانية، إذ كيف يمكن أن تسمر حياة الإنسان من دون دافع غريزي للطعام والشراب والزواج؟ فإذا كان الإنسان بطبعة يفتقد الرغبة في الأكل والشرب إلا بإرادة وتصميم فحينها سيكون حاله كحال المريض الذي يموت جوعاً وهو لا يشتهي الأكل، وفي المقابل إذا كانت العبادة غريزية بحيث يندفع إليها الإنسان كما يندفع للطعام فحينها كيف يمكن أن نتصور أنها تحقق كمالاً روحياً للإنسان؟ فالعبادة الغريزية والطاعة المنبعثة عن الحاجات الطبيعة لا تحقق أي مرتبة معنوية، فإذا كان الإنسان لا يكتسب فضلاً بأكله وشربه لكونها حاجات غريزية، كذلك لا يكون له فضل إذا كانت عبادته غريزية وطاعته منبعثة عن الحالة الطبيعية.

 أما إذا افترضنا أن حاجاته الروحية والجسدية كليهما حاجات غريزية فحينها سيفقد الإنسان أهم ما يميزه وهي الإرادة، إذ كيف يمكن أن نتصور وجود الإرادة وجميع حاجاته غريزية؟ ومن هنا فإن أي محاولة لاقتراح طبيعة جديدة للإنسان هي في الواقع إعدام للإنسان واقتراح موجود آخر لا يمكن تسميته بإنسان.

وعليه فإن حقيقة الإنسان ضمن الإيمان بالله ترتكز على علاقة المخلوق بالخالق، أي أن الإنسان أوجده الله من عدم وخلقه على الهيئة التي هو عليها، قبضة من طين، ونفخة من روح، فأنتما إلى الأرض من جهة الطينة، وانتمى إلى السماء من جهة تلك النفخة.

 والمستفاد من هذا الوصف؛ هو أن الإنسان يمكنه العيش على الأرض وهو يتطلع إلى الله، وبهذا لا يحكم الإنسان ميول أو اتجاه واحد، وإنما ينجذب إلى الأرض كما يندفع الى الأعلى ليتسامى على المادة.

وبذلك يُشارك الإنسان بقية الكائنات في عناصر الطبيعية المشتركة، ويعترف المؤمن بالمادة كحقيقة متأصلة في الإنسان، فيندفع في رحاب الحياة اندفاع المؤمن بضرورة تسخير المادة من أجل الإنسان، فلا يفوته شيء من خيرات الدنيا ونعم الحياة، وفي الوقت نفسه يمتاز عن بقية الكائنات بما منحه الله من أسمائه الحسنى، فيتصل عبرها بالله ويتطلع بها إلى كماله وجماله فيصبح عليماً، قديراً، رحيماً، كريماً، عزيزاً، مهيمناً، ودوداً، حكيماً، مؤمناً.. في سعي دائم للتخلق بأخلاق الله؛ لأن الله هو مطلق العلم، والقدرة، والرحمة، والكرم، والعزة، والهيمنة، والحِكمة، ولو لم يكن موجوداً لما كان هناك معنى للكمال والجمال.

 فلو كانت المادة هي الأصيلة ولا موجود غيرها في عالم الوجود، هل يجوز حينها أن نقول في حق المادة بأنها: العالمة، القادرة، الرحيمة، الحكيمة، السميعة، البصيرة ..؟ وإن كان لا يمكن وهو حتماً غير ممكن فمن اين عرف الإنسان تلك المعاني والصفات؟

ويكفينا هنا القول بان الإيمان بالله هو إيمان بمطلق الكمال والجمال، وتعلق الإنسان بالله هو تعلق بتلك المعاني، يقول البروفيسور هوستن سميث، أستاذ الفلسفة وعلم الأديان في عدة جامعات أمريكية وصاحب كتاب (أديان العالم) في كتابه (لماذا الدين ضرورة حتمية): "فلسفة الحياة كانت أمامي واضحة وبسيطة ... تتلخص فيما يلي :

أولاً: لا يمكن للوجود الدنيوي (الأرضي) بسبب محدوديته وتناهيه، أن يشبع قلب الإنسان بشكل كامل، هناك في فطرة الإنسان توقع وتطلع نحو ""الأكثر"". ولا يمكن لعالم الممارسات الحياتية اليومية أن يشبع هذا التطلع. هذا التطلع إلى ما هو أبعد مما يتيحه العالم الدنيوي، يوحي، بقوة، بوجود شيء تحاول الحياة أن تصل إليه، تماما مثلما تشير أجنحة العصافير لحقيقة وجود الهواء، تنحني أزهار عباد الشمس نحو الضياء لأن الضياء موجود، ويبحث الناس عن الطعام لأن الطعام موجود، قد يجوع بعض الأفراد، ولكن أجسامهم لم تكن لتمر بإحساس الجوع لو لم يكن في الوجود طعام يلبي هذا الإحساس.

إن الحقيقة التي تهيج شوق الإنسان إليها وتشبع روحه تملؤها هي: الله، أياً كان اسمه الذي تسميه به، ولما كان عقل الإنسان لا يستطيع حتى خلال سنين ضوئية! أن يدرك طبيعة الله، فإننا نحسن صنعا بإتباعنا لاقتراح ""رينر ماريا ريلكه "" .

أن نتفكر بالله بوصفه (اتجاها) أكثر من تفكيرنا به ككائن، هذا الاتجاه هو دائما نحو أفضل ما يمكننا أن ندركه، على النحو الذي يؤكده المبدأ اللاهوتي للإسناد الوصفي الذي ينص على أنه: عندما نستخدم أفكارا أو أشياء من عالمنا الدنيوي لنصف بها الله، فإن أول خطوة هي إثبات ما هو إيجابي فيها لله، والخطوة الثانية نفي ما هو محدد متناه في تلك الأوصاف عن الله، والخطوة الثالثة هي الصعود بالمعاني الإيجابية لتلك الأوصاف إلى الدرجة الفائقة (أي إلى أعلى نقطة يمكن لتصورنا أن  يبلغها) بهذا التمييز التام والجذري بين الله والعالم تنتهي أشياء أخرى إلى مواضعها المناسبة"" (لماذا الدين ضرورة حتمية، هوستن سميث، ترجمة سعد رستم، دار الجسور الثقافية، ص 11)

وفي المحصلة إن الحاجات الروحية والكمال المعنوي حقيقة مغروسة في فطرة الإنسان إلا أن الشهوات هي التي تحجبها وتعمل على تغطيتها، ومن هنا لا يمكن أن يستغني الإنسان عن تذكيره بها وتنبيهه إليها، والعبادة بوصفها المحصلة النهائية للأديان هي التي تحقق وظيفة التذكير والتنبية، وقد لخص أمير المؤمنين وظيفة الأنبياء بقوله: (فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويُذكِّروهم مَنسِيَّ نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول ويُرُوهم آيات المقدرة).

2022/08/08

غيبة ومزاح مع النساء.. إليكم خطورة الاعتياد على ’ المعصية’ وتبريرها!
خطر الاعتياد على المعصية إنّ من الأشياء التي توجب سلب العناية الإلهيّة من الشخص، ومن البيت بشكلٍ إجماليّ، المعصية، وبعض المعاصي كبيرة وأخرى صغيرة، ولكنّ الصغيرة منها قد تتحوّل إلى كبيرة، بالاستمرار عليها.

[اشترك]

الاستغفار بعد ارتكاب المعصية

في بعض الأحيان، تبدر من أحدهم معصية مثل الكذب -والعياذ بالله-، وبسبب هذا العمل السيّئ يجب أن يتوب المسيء ويستغفر ربّه، ولكن ثمّة من يستمرّ على هذه الحالة، فهو يكذب كلّ يوم، ويغتاب كلّ يوم، ويبثّ الشائعات كلّ يوم، ويظلم كلّ يوم. وهذا خطرٌ جدّاً، ولخطورته الشديدة تعرّض له القرآن الكريم بشكلٍ جليّ، حيث قال فيه: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾ 1.

فالأفراد المداومون على المعاصي، يرتفع عنهم الاعتقاد بكلّ شيء، بل ويُكذّبون كلّ شيء، ويعتبرونه خرافة.

عن الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام في روايات عدّة: "إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتةٌ سوداء، فإن تاب انمحت، وإنْ زاد زادت، حتّى تغلب على قلبه، فلا يُفلح أبداً"2.

لذا أطلب منكم أن تسعوا جهد إمكانكم أن لا تنقادوا إلى فعل المعاصي، وإذا ما بدر منكم ذلك، عليكم أن تستغفروا الله بسرعة، وتتوبوا إليه توبةً نصوحاً، وحاولوا أن لا تكونوا من المداومين على المعاصي والآثام.

هيبة الذنب والتلاطم الروحيّ

قد يكون للمعصية هيبة في القلب؛ أي قد يشعر الفرد بتلاطم باطنيّ بعد نظرةٍ شهوانيّة إلى ما حرّم الله تعالى النظر إليه على سبيل المثال، أو بعد اغتيابه أحداً، أو الكذب على أحد.

ولكن في بعض الأحيان، تراه لا يشعر بشيء أبداً، لا تلاطم روحيّ، ولا امتعاض من عمل المعصية، وهذا ما تجلبه المداومة على المعاصي، حيث ينعدم الإحساس بجلال وهيبة تخطّي حدود الله تُجاه ارتكاب الذنب.

وإذا ما حدث ذلك، وارتفعت حرمة ارتكاب المعصية من القلب، كان ذلك أسوأ من الاستمرار في المعصية؛ لأنّ المستمرّ في المعاصي يمكن أن يوفّق للتوبة في حال وجود تلك الهيبة والجلال من المعصية في القلب، لكنّ فَقد الشعور بهما لن يسمح للفرد بأن يوفّق للتوبة، وإذا تمكّن من ذلك، فالأمر لا يخلو من صعوبة بالغة.

التبرّج: إشاعة للمعصية

إنّ بعض النساء يستهترنَ بالحجاب في الأعراس ويبدين زينتهنّ، على الرغم من أنّهنّ يعلمن أنّ ذلك لا خير فيه، وأنّه عمل سيّئ، وعندما ينتهي العرس، يتبن إلى الله ويستغفرنه، ويبكين على فعلهنّ ذاك. وهذا ما أسميناه بالتلاطم الروحيّ.

ولكن قد يتحوّل ذلك الاستهتار بالحجاب إلى عادةٍ، من خلال عدم اهتمامها بظهور شعرها أو عنقها، وتزيُّنها بشتّى أنواع المكياج، وبلبسها لقميص ضيّق، وجوارب شفّافة، وتتلطّف بالحديث إلى صاحب المحلّ التجاريّ، بل وتضحك معه.

إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يقول للأصبغ بن نباتة ما مضمونه: سيأتي زمان على أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم تكون فيه النساء كاسيات عاريات، بعد ذلك يضيف: وذلك زمان الفتن، وإن تلك النساء سيذهبن إلى جهنّم ليخلدن فيها.

عليكنّ بالعفّة والتكبّر

لذا أقول للسيّدات: لا بأس في لبس جوربَين -زوج من الجوارب- كي لا يرى الناظر أرجلكنّ، واحذرن لبس الملابس التي تكون أكمامها لا تستر المعصم، وإذا أردتنّ إعطاء البائع ثمن ما تشترين منه، فما عليكنّ إلّا أن تفعلن ذلك بكلّ عفّة وستر، وأكثر من هذا، أطلب منكنّ، إذا تأتّى لأحدهم أن يتحدّث إليكنّ، ويلين بالحديث، فما عليكنّ إلّا أن تكنّ جدّيّات غير ممازحات. إنّ إحدى الصفات التي يجب أن تمتاز بها السيّدات، والتي اعتبرها الإسلام من الصفات الحميدة بالنسبة إلى المرأة، هي التكبّر مقابل الأجنبيّ، وإنّ إحدى علامات المرأة المؤمنة عدم التبسّم والجديّة أثناء الحديث مع غير المحارم؛ لإدراكها أنّ المزاح وما إلى ذلك حرامٌ إلّا مع مَن أحلّ الله لها أن تمازحه ضمن ضوابط وحدود.

وكذا أودّ القول للرجال عند الحديث مع النساء، فما عليكم إلّا أن تكونوا ملتزمين بالشرع الإسلاميّ، مبتعدين عمّا يمكن أن يُعتبر مزاحاً، أو ملاطفة.

على أيّ حال، ينبغي للبائعين أن يحذروا التمادي في القول، وليعلموا بأنّ الأموال التي تستحصل من طرق كهذه، وتصرف في البيت، ستكون وبالاً على ذلك البيت، ومانعةً من نزول البركات.

تبرير المعصية

قد يرتكب أحدهم معصية ثمّ يعترف بذلك، وقد يرتكب معصية ثمّ يبرّر معصيته، وهو ما يعدّ أكبر الأخطار، كأن يقول إنّه متمدّن أو متحضّر؛ ولذا يمزح كثيراً مع النساء ويلاطفهنّ، ويسعى كلّما سنحت له الفرصة للتحدّث إليهنّ. أو أنّ بعض الفتيات يبدين زينتهنّ وأعناقهنّ، ويرتدين لباس الشهرة مبرّرات ذلك بأنّه تمدّن، أو قد تتحدّث إحداهنّ إلى بعض الشباب وتمزح مع هذا، وتضحك مع ذاك معتبرةً ذلك ثقافةً وحضارةً -والعياذ بالله-.

وقد يغتاب أحدهم أفراداً عدّة، ويبرّر ذلك بأنّه غيبة واجبة أو مبرّرة، ويتّهم فلاناً من الناس تحت عنوان الطاعة لا تحت عنوان المعصية، بل قد يقول: إنّ ما أفعله عين الصواب، وإنّ فيه الأجر والثواب.

إنّ بعض الجهلة يشيعون الكثير من الافتراءات تحت عنوان السياسة، فهو يغتاب، ويتّهم، ويكذب، ويرّوج الإشاعات تحت عنوان السياسة، أو بعنوان الانتماء إلى الثورة أو الجهاد.

هذا خطرٌ جدّيّ على المجتمع؛ لذا أطلب منكم الامتناع عن ممارسة المعاصي الكبيرة والصغيرة كونها تبعث على السقوط والانحطاط. ولي طلب آخر أكبر من الأوّل قليلاً، وهو أن تحذروا خروج هيبة المعصية من قلوبكم، وهو نتيجة المداومة على المعاصي، فإذا ما ذهبت الهيبة من القلب، بدأ صاحبه بتبرير معاصيه وآثامه. وهذا هو عين الانحطاط، وفيه يكمن الخطر؛ لأنّه يمنع الإنسان من التوبة، ويمنعه أيضاً من نيل شفاعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام 3.

الهوامش: 1. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 10، الصفحة: 405. 2. الأصول في الكافي، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الذنوب الحديث، الحديث رقم 13. 3. من كتاب الأخلاق البيتيّة، الفصل الثالث - بتصرّف، نقلا عن مجلة بقية الله، العدد 350.
2022/07/31

جزع وهلع: كيف نستقبل «المصائب»؟!
يقولُ اللهُ تعالى في محكمِ كتابِه المجيد: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا / إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا / وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا / إِلَّا الْمُصَلِّينَ / الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾(1).

 [اشترك]

إنَّ الهَلوع والذي هو من صيغ المبالغة مشتقٌ من الهلَع، والهلعُ يعني شدَّة الحرص، وصفة الهلَع من الصفات الجبلِّية في الإنسان أي أنَّه خُلقَ مطبوعاً ومجبولاً على شِدَّة الحِرصِ وحبِّ نيل الخير وجلبِه لنفسه، وهذه الصفةُ ليستْ مذمومةً في الإنسان ما لم تخرجْ عن حدِّ الاعتدال شأنُها في ذلك شأنُ سائر الصفاتِ الجبلِّيَّة في الإنسان، فالذمُّ المُستفادُ من سياقِ الآيات موجَّهٌ إلى سوءِ التدبير لهذه الصفةِ والخروجِ بها عن حدِّ الاعتدال، ولذلك استثنتْ هذه الآياتُ أصنافاً من الناس لا لأنَّهم غيرُ واجدِين لصفة الحِرص على نيلِ الخير بل لأنَّهم أحسنوا التوظيف لهذه الصفةِ، ولم تخرجْ بهم عن حدِّ الاعتدال، فالمصلُّونَ حريصونَ على الخير، وكذلك المنفِقون على السائلِ والمحرومِ والذين هم لفروجِهم حافظون، فكلُّ هؤلاءِ وسائرُ الأصنافِ الذين استثنتهم الآياتُ من سورة المعارج حريصونَ على جلبِ الخيرِ لأنفسِهم لكنَّه الخيرُ الواقعي وليس هو الخيرَ الوهمي أو المزاحَمَ بشرٍّ أكبر.

الاِعتدال في الحرص ليس مذموماً

فشدَّةُ الحِرص ما لم تدفعْ إلى مثل الجزعِ والبخل ليست من الصفاتِ المذمومة في الإنسان، أمَّا إذا بلغت شدَّةُ الحِرص على الخير حدَّاً أصبح معها الإنسانُ جزوعاً منوعاً فإنَّ هذه الصفةَ تُصبح مذمومةً لا في نفسها وإنَّما لخروجِها عن حدِّ الاعتدال ولاقتضائها حينذاك نقضَ الغرض، فهو بجزعِه وبُخلِه لا يجلبُ الخيرَ لنفسه وإنَّما يتوهَّمُ ذلك، والواقعُ أنَّه يضرُّ بنفسِه ويسوقُها للهلاك والخُسران يوم القيامة، فهو وإنْ كان قد يجلبُ الخيرَ لنفسِه بجزعه وبخلِه لكنَّه خيرٌ مؤقَّت يعقُبه شرٌّ دائم، والخيرُ المستتبِع لشرٍّ أكبر ليس خيراً واقعاً كما أفاد أميرُ المؤمنين (ع) فيما روُي عنه في نهج البلاغة: "مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، ومَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ، وكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ فَهُوَ مَحْقُورٌ، وكُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ"(2).

معنى قوله تعالى: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾

ثم إنَّ المراد ظاهراً من الجزوع في قوله تعالى: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾ هو مَن إذا كان في مكروهٍ أو أصابه مكروهٌ فقَدَ صوابَه، فصار فعلُه مِن وحي المكروه الذي هو فيه، وليس من وحي عقلِه أو دينِه، وذلك في مقابل الصابر الذي لا يُخرجُه المكروهُ الذي أصابه أو كان ملازماً له عن صوابِه، فكلٌّ من الجازعِ والصابرِ ينتابُه الحُزنُ والأسى لِمَا هو فيه مِن مكروهٍ إلا أنَّ الفرقَ بينهما أنَّ الصابرَ لا يُصغي لدواعي الحُزن والأسى بل يكبحُ النفسَ عن الانسياقِ والاسترسالِ مع مقتضيات الحُزن، فيبقى مستمسكاً بعقلِه ورشدِه وما يُوصي به دينُه. وأمَّا الجازعُ فينساقُ وراء دواعي المكروهِ الذي أصابَه أو كان مُلازماً له.

حقيقةُ الجزع واختلافُ مظاهرِه

ومِن ذلك يتَّضح أنَّ المراد مِن الجزع ليس هو العويلَ والصراخَ عند المصيبة، فذلك مظهَرٌ من مظاهر الجزَع، وأمَّا حقيقتُه فهو الاِنسياق مع دواعي المصيبة، فتكونُ أفعالُه مِن وحي المصيبة وليس من وحي العقلِ والدين، ولهذا يتمظهَرُ الجزعُ بمظاهرَ مختلفة بحسبِ اختلاف طبيعةِ المصيبة، فمظهرُ الجزع عند الفقدِ يختلفُ عن مظهرِ الجزع من الفقر، وهو يختلفُ عن مظهرِه عند مواجهةِ المَخوف، فالجزعُ في كلِّ هذه الأحوال وشبهِها واحدٌ ولكنَّ آثارَه ومظاهرَه مختلفة، فهو في جميع هذه الأحوال يعني التخلِّي عن مقتضيات العقلِ والدين والخُلق، والركونُ لبواعثِ النفسِ المنفعَلة بالمصيبة، غايتُه أنَّ لذلك مظاهرَ مختلفة بحسب اختلاف طبيعة المصيبة.

فالمُبتلى بمصيبةِ الفقر -مثلاً- إذا أخرجتْه هذه المصيبة عن صوابِه، فلم يَعُد -تحت ضغط هذه المصيبة- يَعبأُ بدينٍ أو عقلٍ أو خُلق، فقادته هذه المصيبة إلى أنْ يسرقَ أو يبتزَّ أو يحتالَ أو يُماكرَ أو يُخادِع فهو جَزوع، وكذلك لو قادتْه هذه المصيبة إلى أنْ يُذِلَّ نفسَه أو يبيعَ شرفَه أو يُظاهِرَ الظلمة أو يستظهرَ بهم فهو جَزوع، ومصداقٌ جليٌّ لقوله تعالى: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾ فالشرُّ هو الفقر، وحيثُ قادَه التبرُّم والأذى والاِنزعاجُ من الفقر إلى التخلِّي عن مقتضيات العقلِ والدين والخُلق وألجئه إلى مقارفة ما لو لم يكن مبتلى بالفقر لمَا كان قد فعلَه لذلك فهو جَزوع.

وكذلك لو ابتُلي الإنسانُ بالمرض فقادَه الشعورُ بالأذى والألم إلى السخطِ على ربِّه واتَّهامه في عدلِه وحُسن تدبيره فهو جَزوع وإنْ لم يكن يئنُ أو يشكو، وكذلك لو ابتُلي في بعض ولده فكان فيهم المريض أو المُعاق فإذا قادته الحسرةُ على ولده والعناءُ الذي يُكابِدُه في تمريضِه إلى أنْ يشكوَ ربَّه أو يرتابَ في عدلِه أو يتهاونَ في فرائضه فهو جَزوع.

وإذا ابتُلي الإنسانُ بأمرٍ مخوف فتخلَّى عن قيمِه ومبادئه فداهنَ ومالئ حرصاً منه على العافية فهو جَزوع، وهكذا لو ابتُلي بالغُربة فقادته الوحشةُ منها إلى أنْ يأنسَ بالفاسقين أو الضالِّين فيخوضُ فيما يخوضون فهو جَزوع، لأنَّه أصغى إلى دواعي النفس المنفعلةِ بهذه المصيبة فقادتْه إلى التخلِّي عن دينِه وقيَمه. وهكذا لو استحكمَ الضجرُ أو السأمُ أو الهمُّ والغمُّ في النفس فعمدَ إلى الترويحِ عنها بالمعصية أو بما يُنافي سمتَ العقلاء فهو جزوعٌ أيضاً.

الجَزوع يجمعُ على نفسِه مصيبتين

فالجزع ليس له مظهرٌ واحد وإنْ كانت حقيقتُه واحدة، فكلُّ مَن لم يصبر على المكروه فقادته دواعي المكروهِ إلى فعلِ ما لا يليقُ في الدين أو العقل أو الخُلُق فهو جزوع، فلعلَّه لذلك أفاد أميرُ المؤمنين (ع) فيما رُوي عنه أنَّه: "مَن لم يُنجِهِ الصبرُ أهلَكَه الجزع "(3) لأنَّ الجزوع يفقدُ صوابَه ويَغفلُ عن دينِه وينساقُ دون ترِّوٍ وراءَ ما يراه مُخلِّصا له ممَّا هو فيه أو منفِّساً لِما يعتلجُ في صدرِه، وذلك هو ما يَسوقُه لاجتراحِ الذنوب والمخازي، فيكون بذلك قد أوبَقَ نفسه وأهلَكها. فيكونُ قد جمع على نفسه مصيبتين الأولى هي التي وقعت عليه دون اختيارٍ منه، والثانية هي التي انساقَ إليها بمحضِ اختيارِه حرصاً منه على التخلُّص من الأولى، فقد يُفلحُ في التخلُّصِ من الأولى ولكنَّه قد أوبَقَ نفسَه بالمصيبة الثانية في الآخرة، وقد لا يُتاحُ له الخلاصُ من الأولى فيكون قد جمَعَ على نفسِه مصيبتين بل هو في كلا الحالين قد جمَعَ على نفسه مصيبتين، فقد ذاقَ مرارةَِ الأولى وسوف يتجرَّعُ في الآخرة مرارةَ الثانية لأنَّها وقعتْ منه بسوءِ اختيارِه، ولذلك ورد عن الإمام موسى بن جعفر (ع) أنَّه قال: "المصيبةُ للصابر واحدة، وللجازع اثنتان"(4) وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال: "المصيبةُ واحدة، وإنْ جزعتَ صارت اثنتين"(5) فالأولى هي التي وقعتْ عن غير اختيار، والثانيةُ هي التي وقعتْ عن سوءِ اختيار، والثانيةُ أشدُّ من الأولى، فالأولى تزولُ والثانيةُ تدوم أو تطول، ولهذا ورد عن أمير المؤمنين(ع) أنَّه قال: "اغلبوا الجزعَ بالصبر، فإنَّ الجزعَ يُحبِط الأجرَ ويُعظِمُ الفجيعة"(6) فالفجيعةُ مهما تعاظمت فإنَّها لا تدوم وهي مُعوَّضة، فإذا جزعَ الإنسانُ حُرم العِوَض وأوبَق نفسَه بعذابِ الله تعالى يوم القيامة، وهذا هو معنى أنَّ الجزع يُضاعِفُ الفجيعة.

ووردَ عن أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "إنَّ للنكبات غاياتٌ لابدَّ أنْ يُنتَهى إليها، فإذا حُكم على أحدِكم بها فليُطأطأ لها ويصبر حتى تجوز، فإنَّ إعمال الحيلةِ فيها عند إقبالها زائدٌ في مكروهها"(7) أي إنَّ للنكبات والمِحن نهاياتٌ لابدَّ أنْ تنتهي إليها فإذا ابتُلي أحدٌ بشيءٍ منها فعليه أنْ يُطأطأ لها فلا يُكابرُها بل يصبرُ ويتجلَّد، فإنَّه إنْ أعمَلَ الحيلةَ في الخلاصِ منها فإنَّه يزيدُ في مكروهِها، فإمَّا أنْ لا يُفلحَ بحيلتِه في الخلاصِ منها فيكون قد جمعَ على نفسِه مصيبتين، وإمَّا أنْ يفلحَ في الخلاص منها ولكنَّه يكون قد أوبَقَ نفسَه في الآخرة، فذلك هو معنى ما أفاده (ع) من أنَّ إعمال الحِيلة فيها يزيدُ في مكرورهِها أو يكون ذلك هو بعضُ ما يُستفاد من قوله (ع). كما يشهدُ لذلك ما رُوي عنه في نصٍّ آخر: "فيجب على العاقل أنْ ينامَ لها إلى إدبارها فإنَّ مكابدتها بالحيلة عند إقبالها زيادةٌ فيها"(8) أي أنَّه يجبُ على العاقل أنْ يُقابلَ المكارِهَ برحابة صدرٍ إلى أنْ تُدبِر، وذلك لأنَّ مكابدتها بالحيلة يزيدُ في مكرورهِها.

أنجعَ ما ينفعُ في تخفيف المصيبة

ثم إنَّ انجعَ ما ينفعُ في تخفيف المصيبة أيَّاً كانت طبيعتُها هو توقُّعُها واستقبالُها إذا أقبلت برحابة صدرٍ والإيقانُ بأنَّها معوَّضة والاستعانةُ عليها بتهوينِها واستصغارِها في مقابل ما يُبتلى به الآخرون، فإذا استجمعَ في نفسِه هذه الخصال هانتْ عليه المصيبة، وصار في وسْعِه الصبرُ عليها، وأمَّا إذا استعظمَها ورخَّ لها فقدَ أعانَ على نفسِه، لذلك ورد عن أمير المؤمنين(ع): "أنَّ الجزع أتعبُ من الصبر"(9)، وأنَّ: "الجزعَ عند المصيبة يزيدُها، والصبرُ عليها يُبيدُها"(10) فالصبرُ لا يُلغي المصيبة ولكنَّه يُهوِّنها حتى كأن المصابَ في عافيةٍ منها أو أنَّ الصبرَ عليها يُخفِّفُ من غلوائِها ويُسهم في الحدِّ من آثارِها وتبعاتِها حتى كأنَّها لم تقعْ ولم يبتلِ المُصاب بها.

معنى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾

ثم قال تعالى يصفُ الإنسان الذي لم يُحسن تدبيرَ ما جُبل عليه من شدَّةِ الحرص: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ فهو إنْ ابتُلي بمثل الفقر يجزع، وإنْ مسَّه الخير وأقبلتْ عليه الدنيا فإنّه يبخلُ ويمنعُ الناس من أنْ ينتفعوا بشيءٍ ممَّا صارَ في يدِه جشَعاً وحِرصاً على أنْ يحوزَ الخيرَ كلَّه لنفسِه، فما صار في يدِه لم يكن ليُشبِعَ نهَمه بل هو يحرِصُ على المزيد، ولذلك لا تسخو نفسُه، ولا يطيبُ لها أنْ تبذِلَ شيئاً مما نالته لذوي الإعواز والحاجة بل هو يبخلُ ويمنعُ ما في يدِه عن ذوي الحقوق، فلا يُنفقُ على مَن تجبُ عليه نفقتُهم وإنْ أنفق خشيةَ التعيير لم يكد يتجاوزُ انفاقُه حدَّ الكفاف، وأمَّا الزكاةُ الواجبة والخمسُ فهو يراهما مغرَماً ويتذرعُ بكلِّ حيلةٍ حتى لا يُخرجَهما مِن ماله، فإمَّا أنْ يدَّعي لنفسِه الفقر أو يجتهد في التماس الرُخَص وما يُعبَّرُ عنه بالمخارج الشرعيَّة أو يتَّهم الفقراء بأنَّهم يتظاهرون بالفقر، وأنَّهم لا يستحقُّون الزكاة وأنَّ القائمين على صرف الخمس في مواردِه لا يُحسنون صرفَه أو لا يصرفونَه أساساً في مصارفِه بل يحوزونه لأنفسِهم كلُّ ذلك وشبهِه يتذرعُ به البخيلُ ليمنعَ حقَّ الله جلَّ وعلا مِن ماله، قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا﴾(11) وقال تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾(12).

الهوامش 1- سورة المعارج / 19-22. 2- نهج البلاغة -خُطب الإمام علي(ع)- ص544، الكافي -الكليني- ج8 / ص24. 3- نهج البلاغة- خطب الإمام علي- ص502. 4- تحف العقول -ابن شعبة الحراني- ص414. 5-عيون الحكم والمواعظ -الليثي الواسطي- ص26 6-عيون الحكم والمواعظ -الليثي الواسطي- ص90. 7- تحف العقول -ابن شعبة الحراني- ص 201. 8- بحار الأنوار -المجلسي- ج57 / ص79، عيون الحكم -الليثي الواسطي- ص157. 9- الدعوات -القطب الراوندي- ص167. 10- ميزان الحكمة -الريشهري- ج1 / ص280. 11- سورة التوبة / 98. 12- سورة محمد / 38. 13- سورة الكوثر.
2022/07/21

نصيحة من «المرجع الزنجاني» للخطباء: لا تقدموا ما يعجب الناس على ما يرضي الله
علی الرغم من إخلاص أکثر الخطباء لكن یوجد بعض رجال الدین یلتزمون بما هو مقبول ومحبوب بین الناس أکثر ممّا یلتزمون ببیان الحقائق.

[اشترك]

حیث أنّ هذه المجالس أداة لهدایة الناس إلی مرضاة الله و علی هذا لابدّ أن یقدّم المواضیع الحقیقیّة التي تعتمد علی المصادر لا كل ما یثیر إعجاب الناس.

نعم یحسن استخدام ما یعجب الناس و لكن یجب أن یكون مستندا و موجبا لهدایة الناس و إصلاحهم.

إذا لم نقل أنّ كل معتقدات الناس تنشأ من المنابر نستطیع القول أنّ معظم معتقداتهم تكون مأخوذة من المنابر.

القواعد العلمیة یتم دراستها في الحوزات العلمیة لكن ما یوجب الاعتقاد بین الناس هي العواطف وهذه العواطف تتوفّر من خلال الخطب علی المنابر و لذلك لابدّ أن يكون الطریق صحیحًا و هذا هو المرضيّ عندالله تبارك و تعالی و النبي الأعظم صلی الله علیه و آله.

2022/07/21

لماذا نخاف من الله؟
هل نحن نخاف الله سبحانه وتعالى؟ إذا كنا نخاف الله عز وجل، فهل هو خوف من عقابه بحيث لو آمننا من الخوف لم نخفه، أم أن خوفنا منه لأنه يستحق ذلك؟

[اشترك]

يمكننا تصنيف الناس في علاقتهم مع ربهم سبحانه إلى صنفين:

الأول: من يعيش حالة الخوف منه تعالى وأنه سوف يوقع به العقاب والعذاب ويصيبه منه السخط، حتى يصل إلى اليأس من رحمته سبحانه.

الثاني: من يعيش حالة واسعة جداً من رجاء رحمته وعفوه ومغفرته تصل به إلى درجة الاستخفاف بالتكاليف الشرعية والأحكام الإلهية.

ويعود وجود الصنفين لما تلقياه من تعليم وتعريف بالله سبحانه منذ البداية، فأولهما قد زرع في عقله منذ صغره أمر واحد وهو أن الله تعالى يعاقب المذنبين في الدنيا بحلول الأمراض والبلاء عليهم والفقر، وفي الآخرة بدخول النار ونيل عذابها، فلا يعرف بعض الناس من الدين والقرآن الكريم إلا العذاب في القبر، وعذاب جهنم، وما شابه ذلك، وليس للجنة حيز في ثقافته أصلاً.

ومن الطبيعي أن يترك هذا النوع من الثقافة أثره على الإنسان، فيكون دافعه لامتثال الأوامر الإلهية والعبادات الخوف من العقاب والعذاب، لأنه يخشى أن يصيبه الضرر المادي في أمواله وأولاده ونفسه، أو في تجارته.

وعليه، سوف تكون عبادته عبيد العبيد وليست عبادة أخرى وهي أسوأ مراتب العبودية لله تعالى.

وعلى نقيض الصنف الأول، يعيش الثاني، فإن حالة الرجاء الواسع التي قد ربي وثقف بها تجعله يستخف بالتكاليف الإلهية وعدم العناية بتكوين علاقة مع الباري سبحانه، فهو يعيش حالة من الأمن من العذاب.

ولا ريب في عدم صحة منهج كلا الصنفين لوجود خلل فيه، والصحيح تبعية المنهج القرآني في كيفية الخوف من الله تعالى، وهو المنهج القائم على الموازنة بين عنصري الخوف والرجاء، وإليه يشير قوله تعالى:- (ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً).

أسباب الخوف من الله:

لا ريب في وجود مجموعة من الأسباب توجد حالة الخوف الإيجابي عند العبد:

منها: ارتكاب الذنوب والمعاصي.

ومنها: الإحساس بعدم أداء العبد ما هو المطلوب منه، فهو يشعر دائماً بالتقصير أمامه تعالى.

ومنها: محبة العبد لربه، وهو ما يشير إليه أمير المؤمنين(ع): في دعاء كميل بقوله: أني أحبك.

كيف نخاف الله؟

أما كيفية الخوف من الله تعالى فتتضح من خلال النواحي التالية:

الأولى: شمولية الخوف ليكون في السر والعلن على حد سواء، فلا يكون الخوف منه في العلن وأمام الناس دون السر حال انفراد العبد فلا يخاف منه.

الثانية: سعة الخوف منه تعالى ليشمل الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وعدم الفرق بينهما.

الثالثة: الشعور بقانون المراقبة الإلهي.

الرابعة: اللجوء إلى الله والفرار إليه، فإن كل خائف من شيء يلجأ لمأمن إلا الخائف منه سبحانه وتعالى فإنه يلجأ ويفر له عز وجل.

ومع الإحاطة بالمنهج القرآني المطلوب في العلاقة مع الله تعالى، وكيفية تحصيله، ومعرفة الأسباب الموجبة لتوفر الخوف المطلوب عند العبد.

تبقى الإجابة على حصول الخوف منا فعلاً، فهل نحن نخاف من الله تعالى حقاً وحقيقة، أم أن خوفنا منه سبحانه لا يخرج عن كونه خوفاً صورياً، للاطمئنان برحمته وعفوه ومغفرته؟

إن الإجابة عن ذلك تكون بيد العبد، فهو الذي يقرر إن كان يخاف الله تعالى فعلاً، أم أنه يخافه خوفاً صوريا.

*الشيخ محمد العبيدان

2022/07/13

لا أخ ولا صديق ولا زوجة.. هل تبحث عن شيء يؤنسك؟!
أصبح موضوع الأنس بالمولى جل شأنه يشغل بالي، خصوصاً عندما أيقنت أنه لا أحد من البشر يستطيع أن يظل معي دائماً وفي كل لحظات عمري، فلا أخ، ولا أب ولا أم، ولا صديق يسد الفراغ الروحي بشكل أساسي!

[اشترك]

وفي النهاية سيجد الإنسان نفسه وحيداً، وإن لم يكن في هذه الدنيا ففي القبر الذي لا مفر منه ولا مؤنس هناك سوى عملنا.. فكيف نحافظ على هذه الحالة؟

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

إن ما ذُكر يعد درجة من الشفافية إذ اصبح هم التقرب الى الله تعالى هو الهمّ الشاغل، في زمن أصبحت الهمم لا تتجاوز صور المتع المادية، والتي تدور حول الأجوفين!

إن هذا الحال هو ما يسمى بانفتاح الأبواب الباطنية، أو مرحلة اليقظة التي لا تتم لولا الفضل الإلهي على الإنسان، فإن لله تعالى صوراً من دعوة البشر إلى طريق طاعته، ومنها إثارة الحالة الوجدانية عنده، وهذا الأمر يتم بعد القيام بطاعة معتبرة، أو بعد طول مجاهدة في هذا المجال. ولكن ينبغي الالتفات إلى أن هذه الحالة قد لا تدوم طويلا، وذلك فيما لو أتى الإنسان بما ينافى صدقه في السلوك إلى الله تعالى، وعليه فالخطوة الأولى هو إبقاء هذه الجذوة مشتعلة في النفس من خلال التأمل في تفاهة الدنيا من جهة، ومفارقة الإنسان لكل من افترضه محبوبا سوى الله تعالى، أليس كل من عليها فان؟!

إن السر الأساسي في وقوع أهل الدنيا في الغرام البشرى هي: رؤية شيء من الجمال المتمثل في أسارير الوجه المادي، والذى لا يعدو طبقات الجلد السطحية، والتي من الممكن أن يزول بفعل أي حريق يزيل كل جمال، بل يحوله إلى قبح ما وراءه قبح! فكيف بمن أذن له الرحمن أن يرى ذلك الجمال والجلال، الذي تجلى به على الجبل فجعله دكا وخر موسى (ع) صعقا.

حاول أن تكثر الطلب من الله تعالى أن يريكم هذا الجمال الذي لو فتح لكم الطريق إلى رؤيته، لأصبح السير لديكم، سيرا تلقائيا حثيثا لا يوقفه شيء دون الوصول إلى مرحلة اللقاء الإلهي.. رزقنا الله تعالى ذلك عاجلا بمنه وكرمه.

2022/07/12

حِصن العرض والدين: لماذا يفقد الرجل غيرته؟!
من الأمور الفطرية التي حث الإسلام عليها الغيرة، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها وإن لم يكن في طبعه ذلك: معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصين.

[اشترك]

تعتبر الغيرة من أبرز صفات الرجولة، وقد أشار لذلك علماء الأخلاق حيث ذكروا أن من فقد غيرته من الرجال، فلن يعدّ منهم، بل عدّ جباناً، لأن الغيرة من آثار الشجاعة، كما أنه لا يمكن أن يتصف الرجل بالعفة ما لم يكن موصوفاً بكونه غيوراً.

وقد تضمنت النصوص أن فاقد الغيرة منكوس القلب، وكلما ازداد الإنسان كمالاً ومعرفة، ازداد غيرة، ولهذا عدّت الغيرة من أبرز صفات الأنبياء(ع) وخصائصهم، وقد جاء عن الإمام الباقر(ع) أنه أتي النبي (ص) بأسارى فخلى عن واحد منهم، فتعجب الرجل، وأجابه النبي (ص) إن فيك خصالاً يحبها الله ورسوله: الغيرة الشديدة على حرمك، وأقبح ما يكون في الرجل هو أن يفقد غيرته.

وقد تضمنت النصوص أن عفة الرجل على قدر غيرته، فمن كان له عفة فهو يترك الحرام، ومن لا عفة له فهو يقدم على فعله على اختلاف المراتب.

أقسام الغيرة:

ويمكن تقسيم الغيرة إلى ثلاثة أقسام:

الأول: الغيرة على النفس:

وأول ما يبدأ موضوع الغيرة عند الرجل في نفسه عندما يصونها عن القبائح والمذمومات، ولذا فإن للإنسان حمية أن يصرف نفسه عن كل ما ينقصها سواء في جوهرها أم في مظهرها.

الثاني: الغيرة على العرض:

فيكون غيوراً على أهله، ويدفع عنهم، وهذا يختلف عن سابقه، وقد جاء في الرواية: صونوا أعراضكم.

ولوجود الغيرة على العرض عند الرجل آثار مهمة في صلاة الحياة الاجتماعية والأخلاقية، لأن وجودها عنده يحصن الأسرة من نواحي عديدة، فيمنع من التفكك الأسري، ومن ثمّ هدم الأسرة وحصول الطلاق.

الثالث: الغيرة على الدين:

وذلك بأن يدفع الانسان عن الدين كل ما يشينه وينقصه، سواء كان ذلك بقول أم كان بفعل، سواء كان ذلك منه أم من غيره.

ويعد هذا القسم أهم الأقسام الثلاثة، وهو ملازم للإنسان في الدنيا والآخرة، وأما الأولان فيختصان بعالم الدنيا.

وكل من لا يحرك ساكناً ودينه ينتقص يكشف ذلك عن وجود خلل في دينه.

ومما يؤسف له وجود موجة من التشكيك اليوم تجاه الدين من خلال عناوين متعددة، مثل: حرية الرأي، والقراءات المتعددة للدين، وما شابه ذلك، وهذا كله يستوجب أن ينتفض الإنسان حيالها غيرة منه على الدين ودفاعاً عنه.

أسباب فقدان الغيرة:

ومع أن الباحث يقف على وجود أسباب متعددة في النصوص لفقدان الإنسان الغيرة، إلا أن أبرز تلك الأسباب وأهمها يعود إلى لقمة الحرام، وملئ البطون منها.

*سماحة الشيخ محمد العبيدان – باحث وأستاذ في الحوزة العلمية

2022/07/09

كيف أتخلّص من ’العادة السرية’؟!
أرجو إنقاذي من العادة السرية لا أتمكن من الخلاص منها تعودت عليها وكل ما افعلها أقول واقسم لن افعلها مجدداً، ولكن وما تمر الساعات عاودت مجدداً وفعلتها وانا متدين وأتمنى الموت ولا افعلها ويمكنني الزواج في هذا الوقت ماذا أفعل الرجاء أنقذوا؟

[اشترك]

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي (قدس):

لا تترك التوبة والنّدم والبكاء على الذنب وحاول أن تتخلّص بالطرق المذكورة كالصيام وتقليل الأكل المقويّ وبالرياضة والمطالعة والمعاشرة مع الشباب المتدين والذهاب إلى المساجد، ولا تيأس من رحمة الله ومن رَوّحه وريحانه، فإنّه يغفر ولو فعلت الذنب تكراراً ومراراً فهو التواب الغفار أي كثير التوبة وكثير المغفرة واقرأ القرآن كثيراً واستعن بالصبر والصلاة وحاول أن تتزوج سريعاً، فإنّه خير ما ينفع في دفع العادة السريّة، نجّا الله شبابنا منها والله المستعان.

2022/07/06

خطوات عملية لـ ’مقاومة الذنوب’: تذكّر هذه الأمور دائماً!
دائما في فترة محرم الحرام ومع الذهاب إلى المجالس الحسينية والاستماع إلى المحاضرات يأتيني إقبال قوي على الطاعات، ولكن مع الوقت يتلاشى هذا الشوق والإقبال حيث أرجع إلى حالتي السابقة حيث الإدبار والملل والذنوب، فما هو الحل لأن أدوم على حالة الشوق والإقبال على الطاعة دائماً ولا أرجع إلى الحالة السابقة؟ هل هناك أيّ نصائح أو أعمال تقوّي من جهاد النفس؟

[اشترك]

الجواب من سماحة آية الله السيد منير الخباز:

 العلاج لحالة الإعراض هو بأمور، منها:

1- المداومة على التسبيح بعد صلاة الفجر في وقتها.

2- المداومة على حضور صلاة الجماعة.

3- المداومة على قراءة بعض أدعية الصحيفة السجادية خصوصاً المناجاة الخمسة عشر.

فإن في هذه الأمور باعثية وفاعلية ملحوظة في تغذية الإنسان المؤمن بالإقبال على طاعة والنفور من أجواء المعصية.

والأمور التي تساهم في تقوية جهاد النفس هي:

أولاً: تربية النفس على الخوف من الله، وتلقين الإنسان نفسه الخوف من الله، وذلك عبر تذكر القبر والآخرة في تمام أوقاته؛ فإن من يتذكر أن مصيره القبر وأن موقفه هو الوقوف بين يدي الله يوم القيامة فإنه لا محالة إذا لقّن نفسه بذلك يكون ذلك باعثاً على جهاد النفس، قال عز وجل ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.

2022/07/06

طبخ وتربية أطفال: هل يفرّق الله بين المرأة والرجل في العبادة؟
في وسط زحام المعيشة، فإن المرأة كالرجل تحاول التغلب على الدنيا، ولكن إمكانيتها تظل محدودة جدا بالقياس إلى الرجل، فصلاة الجماعة وما يعقبها من محاضرات، والجلوس مع العلماء الأجلاء كذلك حضور الدروس والجلسات الدينية وغيرها.

[اشترك]

فكيف تعوض المرأة كل ذلك؟ مع العلم إن انشغالها بالبيت والأولاد يأخذ كل وقتها، حتى الأمور الواجبة كالصلاة تكون أحيانا وسط زحام الأطفال.

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

أقدر معايشتكم لهذه المشكلة الشاغلة لبال أغلب النساء المهتمات بشؤون أنفسهن.. أريد أن أؤكد مبدئيا على انه لا ذكورة ولا أنوثه في عالم الأرواح، فإن الله تعالى عامل تلك اللطيفة الربانية المسماة بـ (الروح) معاملة واحدة، ووعد بان لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، وعليه فان المرأة ليست معفية عن برنامج التكامل العلمي والسلوكي.

وأما آلية هذا التكامل فإنه بفضل انتشار وسائل الثقافة المسموعة والمرئية والمكتوبة، فان المرأة المصرة على خوض هذا الغمار يمكنها ذلك إذا كانت جادة في قصدها، فإننا اليوم نرى الكثير من النساء، يتدرجن في مدارج الثقافة إلى حد التخصص، ثم مزاولة الأعمال الدقيقة، مع تكوين الجو الأسرى.

والسر في الجمع بين هذه الحقول هو: رغبتهن في الجمع بين تلك السبل.. ولكننا مع الأسف، لا نرى مثل هذا العزم الجازم في شؤون التربية والثقافة الدينية.. ولا غرابة فيه بعد أن علمنا إن التعامل مع المحسوس أقرب إلى الطبيعة الساذجة، من التعامل مع عناصر الغيب في عالم الوجود!!

2022/07/06

هل يوجد ذكر للتغلب على ’النفس الأمارة’؟
ما هو الذکر النافع للتغلب علی قوی النفس الأمارة؟

[اشترك]

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي (قدس):

إعلم أيدك الله تعالى أنّ الأذكار كلّها نافعة إذا كانت بنيّة صادقة وخالصة فالعمدة الصدق والإخلاص (أخلص تنل) (بالإخلاص يكون الخلاص).

فلو قلت (يا الله) مخلصاً فإنك تتخلص من العدو الداخلي وهو النفس الأمارة بالسوء ومن العدو الخارجي وهو إبليس وحزبه وجنده من الجن والإنس.

فحاول أن تفكر في أصل المسألة وذاتها لا في العوارض التي تزول والله المستعان.

2022/07/05

هل تناول بعض الأطعمة يسبب ’قسوة القلب’؟
في حال أكلت لحوما بنيت على صحة تذكيتها وحليتها بالطرق الشرعية، ثم تبين خلاف ذلك فهل هناك أثر تكويني أو غيره لهذا الطعام؟

[اشترك]

الجواب من سماحة آية الله السيد منير الخباز:

لا إشكال أن الإنسان المسلم إذا لم يعتمد على حجة شرعية في مقام تناوله للأطعمة أو الأشربة فإن روح اللامبالاة توجب أثراً وضعياً في نفس الإنسان وهو قساوة القلب، كما أشار إلى ذلك الإمام الحسين عليه السلام في خطابه للجيش السفياني المواجه له يوم عاشوراء، فقال «مُلئت بطونكم من الحرام فقلوبكم كالحجارة أو هي أشد قسوة».

ولكن إذا كان الإنسان متحرزاً واعتمد على الحجج الشرعية في الأطعمة والأشربة، ثم انكشف بعد ذلك أن ما تناوله لم يكن مذكى واقعاً فلا يترتب على ذلك أثر وضعي روحي، نعم قد يترتب على ذلك أثر بدني وهذا لا فرق فيه بين المذكى وغيره، فلو افترضنا أن الإنسان مثلاً شرب عصيراً بناء على أنه طاهر إما بإخبار ثقة أو بناء على أصالة الطهارة، ثم انكشف أن العصير ملوّث وفيه بعض القذارة والنجاسة فإن أثر القذارة وهو الأثر التكويني وليس الأثر الروحي ينعكس على البدن شاء الإنسان أم أبى، بل قد يأكل الإنسان لحماً مذكى، ولكنه يكون متعفناً فيؤثر في بدنه، فهناك فرق بين الأثر التكويني البدني والأثر الروحي القلبي، فإن الأثر البدني التكويني قد يحصل حتى لو كان اللحم مذكى، وأما الأثر الروحي الغيبي فهو منوط بالتحرز من قبل الإنسان وعدمه، فإن كان متحرزاً وقاه الله، وإن لم يكن متحرزاً فقد يكون مبتلى بهذا الأثر الوضعي.

2022/07/04

هل ’حب النساء’ ذنب؟!
الحبّ يعني الميل الباطني نحو المحبوب، وله آثار جوانحيّة وجوارحيّة، وإنّه يختلف باختلاف متعلّقاته ومصاديقه، فمنها حبّ النساء، وإنّه يمدح تارة ويذمّ اُخرى .

[اشترك]

فمن الأوّل:

1 ـ قال رسول الله (ص): اُحبّ من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء وقرّة عيني الصلاة .

2 ـ عن الإمام الصادق (ع)، قال: العبد كلّما ازداد في النساء حبّآ ازداد في الإيمان فضلا.

3 ـ وعنه (ع): من أخلاق الأنبياء: حبّ النساء.

فمثل هذا الحبّ الذي يكون مقدّمة للصلاة، كما أنّ التطيّب كذلك، فإنّه بلا شك يكون ممدوحا، بل ممّا يزيد في الإيمان فضلا، وأنّه من أخلاق الأنبياء، وأمّا حبّ النساء مجردا عن كونه مقدّمة للعمل الصالح، فإنّه ممّا يوجب الفتنة، ويكون مذموما، كما يكون منشأ للذنوب ومن جذورها كما ورد في الخبر الشريف: ستّة اُمور كانت سببا للذنب، منها: حبّ النساء.

4 ـ قال أمير المؤمنين (ع): الفتن ثلاث: حبّ النساء وهو سيف الشيطان، وشرب الخمر وهو فخّ الشيطان، وحبّ الدنانير والدرهم وهو سهم الشيطان، فمن أحبّ النساء لم ينتفع بعيشه، ومن أحبّ الأشربة حرمت عليه الجنّة، ومن أحبّ الدينار والدرهم فهو عبد الدنيا[1] .

فجعل مثل هذا الحبّ في عرض حبّ شرب الخمر، وبهذا القياس يعلم

مدى خطورة حبّ النساء

5 ـ قال رسول الله (ص): أوّل ما عصي الله تبارك وتعالى بستّة خصال: حبّ الدنيا، وحبّ الرئاسة، وحبّ الطعام، وحبّ النساء، وحبّ النوم، وحبّ الراحة[2] .

فلا تعارض بين الروايات حينئذٍ لو كان الحبّ من جهتين وباعتبارين، وفي التضادّ يشترط وحدة الجهة والاعتبار، فحبّ النساء منه ما هو ممدوح ومنه ما هو مذموم.

6 ـ عن أبي عبد الله (ع)، قال: إنّ المرأة خلقت من الرجال وإنّما همّتها في الرجال، فأحبّوا نساءكم، وإنّ الرجل خلق من الأرض فإنّما همّته في الأرض[3] .

7 ـ عن أبي عبد الله (ع)، قال: كلّ من اشتدّ لنا حبّآ اشتدّ للنساء حبّآ ولحوّاء[4] .

8 ـ قال رسول الله (ص): اُعطينا أهل البيت سبعة لم يعطهن أحد كان قبلنا ولا يعطاهنّ أحد بعدنا: الصباحة، والفصاحة، والسماحة، والشجاعة، والعلم، والحلم، والمحبّة في النساء[5] .

9 ـ الكافي[6]، بسنده، عن أبي عبد الله (ع)، قال: ما أظنّ رجلا يزداد في هذا الأمر خيرا إلّا ازداد حبّآ للنساء. أراد بهذا الأمر: التشيّع ومعرفة الإمام [7] أو قبول ولايتهم .

10 ـ الفقيه[8]، بسنده عن أبي العباس، قال: سمعت الصادق (ع) يقول :

العبد كلّما ازداد للنساء حبّاً ازداد في الإيمان فضلا.

11 ـ المصدر نفسه، عن معمر بن خلّاد، قال: سمعت عليّ بن موسى الرضا (ع) يقول: ثلاث من سنن المرسلين: العطر، وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة .

12 ـ الكافي[9]، بسنده عن أبي عبد الله 7، قال: قال رسول الله (ص): جعل قرّة عيني في الصلاة، ولذّتي من الدنيا النساء، وريحانتي الحسن والحسين 8.

 13 ـ المصدر نفسه، بسنده عن بعض أصحابنا، قال: سألنا أبو عبد الله (ع): أيّ الأشياء ألذّ؟ قال: فقلنا غير شيء، فقال هو (ع): ألذّ الأشياء مباضعة النساء.

(المباضعة) المجامعة والمقاربة الجنسية من حلال ونكاح شرعي.

14 ـ المصدر، بسنده عن أبي عبد الله 7، قال: ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكثر لهم لذّة من النساء، وهو قول الله عزّ وجلّ: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ )[10]، إلى آخر الآية، ثمّ قال: وإنّ أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيء من الجنّة أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب.

15 ـ الفقيه[11]، قال رسول الله (ص): ما رأيت من ضعيفات الدين وناقصات العقول أسلب لذي لبّ منكنّن.

أقول: يظهر من مجموع الروايات الشريفة أنّ حبّ النساء يعني حبّ الزوجة بالخصوص لا مطلق النساء كما هو واضح، ويتولّد من هذا الحبّ شدّة القرب والانسجام الروحي، ومن ثمّ التلاؤم الجسدي وكثرة الطروقة والمباضعة، فإنّه ممّـا يزيد في المحبّة لو كان محفوفا بالآداب والمقدّمات كما ورد في الروايات الشريفة.

*سماحة السيد عادل العلوي (قدس)

 

 الهوامش: [1] () البحار: 100 225. [2] () المصدر: 226، عن الخصال: 1 234. [3] () البحار: 100 226. [4] () المصدر: 227. [5] () المصدر: 228. [6] () الكافي: 5 321. [7] () الوافي: 21 28. [8] () الفقيه: 3 384. [9] () الكافي: 5 321. [10] () آل عمران: 14. [11] () الفقيه: 3 390
2022/07/03

ماحكم الزواج من ’الجنّية’.. هل انقرضت نساء الإنس؟!
كثيراً ما يُسأل العلماء وطلبة العلوم الدينية عن تفاصيل مرتبطة بالأمور الشخصية لصاحب الزمان عليه السلام، فيُسألون: هل هو متزوج أو لا؟ وهل عنده أبناء وبنات وأحفاد، أو لا؟ وأين يسكن؟ وهل صحيح ما يقال: إنه يسكن في الجزيرة الخضراء التي يظن بعض الناس أنها تقع في مثلث برمودا؟ ومن الذي سيتولى تجهيزه بعد موته، والصلاة عليه؟

[اشترك]

أو يسألون عن حروبه سلام الله عليه، وأنه هل سيحارب خصومه بالسيف والأسلحة القديمة، أو سيحاربهم بالأسلحة الحديثة المتطورة؟ وهل سيستفيد صاحب الزمان عليه السلام من التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات وغيرها؟ وهل عنده تكنولوجيا متطورة تفوق التكنولوجيا التي نعرفها؟

وهذه الأسئلة وغيرها وإن كانت تنم عن حرص واهتمام بمعرفة كل التفاصيل المتعلقة بحياة الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وشخصيته، وهو أمر حسن، إلا أن الأهم منه أن يتزود المؤمن بثقافة صحيحة وراسخة ومعرفة بالأمور المهمة المتعلقة بصاحب الزمان عليه السلام، بحيث يستطيع إقامة الأدلة الصحيحة على ولادته، وإثبات وجوده في هذا الزمان، والتدليل على أنه عليه السلام إمام المسلمين وخليفتهم في هذا العصر، ويتمكن من دحض شبهات الخصوم التي تحاك حول طول عمر الإمام عليه السلام، وغيبته أكثر من ألف ومائة عام، وتوليه مهام الإمامة وهو صبي صغير، وغير ذلك مما ذكره خصوم الشيعة، وأجاب عنه علماء الطائفة قديماً وحديثاً في كتبهم ومصنفاتهم، وذلك لأنه لا يضر الجهل بالجوانب الشخصية في حياة الإمام صاحب الزمان عليه السلام، بخلاف معرفة إمامته عليه السلام في هذا العصر، فإنها واجبة لوجوب طاعته عليه السلام على كل واحد من المسلمين، وطاعته لا تتحقق من دون معرفته.

ويذكرني طرح مثل هذه المسائل بشريحة من الناس الذين لديهم ولع شديد بطرح المسائل الغريبة، أو المسائل التي يظنون أنها مبتكرة، وأنها لا تخطر على أذهان عامة الناس، مع أنها في حقيقتها لا تفيد في شيء، ولا تترتب عليها أي منفعة في الوقت الحاضر، ولا ينبغي إشغال النفس بالبحث فيها، وتضييع وقت العالم بها.

وأذكر أنني قرأت في كتاب (الأزهار الفرجية) للعلامة الجليل الشيخ فرج العمران رحمه الله قصة حدثت في منطقتنا، مفادها أن جماعة اختلفوا في أن الله تعالى هل خلق الدجاجة قبل البيضة، أو البيضة قبل الدجاجة؟ فاجتمع رأيهم على أن يسألوا عالم بلدهم، وكان الوقت ليلاً، فجاؤوا إليه وأزعجوه بطرق بابه في هذا الوقت المتأخر، فلما أجابهم لم يقبلوا قوله.

وحدثني أحد طلبة العلم أن رجلاً جاء إلى مجلس مرجع الشيعة آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره، فسأل السيد مرتضى الخلخالي رحمه الله عن الزواج بالجنية، هل يجوز أو لا يجوز؟ فقال له السيد: نحن إلى الآن لم نفرغ من مسائل الإنس، وأنت تسأل عن مسائل الجن؟

وسُئل أحد العلماء عن النثار الذي ألقي في زواج آدم وحواء عليهما السلام، ما هو؟ فأجاب بقوله: ذاك عرس ما حضرناه، فلا علم لنا بنثاره!!

وروى شيخنا المفيد أعلى الله مقامه في كتاب الإرشاد، ص 330 بسنده عن أبي الحكم قال: سمعت مشيختنا وعلماءنا يقولون: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال في خطبته: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة. فقام إليه رجل فقال: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر. فقام أمير المؤمنين عليه السلام وقال: والله لقد حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله بما سألت عنه، وإن على كل طاقة شعر في رأسك ملكاً يلعنك، وعلى كل طاقة شعر في لحيتك شيطاناً يستفزك، وإن في بيتك لسخلاً يقتل ابن رسول الله، وآية ذلك مصداق ما خبرتك به، ولولا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به، ولكن آية ذلك ما نبأت به عن لعنتك وسخلك الملعون.

ومن الواضح أن هذا الرجل كان يظن أن سؤاله لأمير المؤمنين عليه السلام كان سؤالاً محيِّراً، وهذا نوع آخر من الناس الذين عندهم ولع بطرح المسائل التي يظن سائلها أنها مسائل (تعجيزية)، وهي طريقة يحرص على ممارستها بعض أنصاف المثقفين، ولا سيما عندما يلتقون بواحد من العلماء أو طلبة العلم، فيحبون أن يسألوه المسائل التي لا يريدون بطرحها الفائدة العلمية، أو مذاكرة العلم، أو تصحيح المعلومات، أو التأكد منها، أو ما شاكل ذلك، وإنما يريدون شيئاً آخر لا ينفعهم، ولا ينفع غيرهم في شيء.

وكما أن العلم أمانة عظيمة يجب على العلماء باعتبارهم كفلاء أيتام آل محمد أن يؤدوها بصدق  إلى عموم الشيعة الذين هم أيتام في زمان الغيبة، فكذلك يجب على عوام الشيعة أن يسألوا العلماء تفقهاً، وألا يسألوهم تعنتاً.

* سماحة الشيخ علي آل محسن

2022/07/03

خطوة قدم بـ ’غفران الذنوب’ و ’الرزق’.. مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع)!
اختلفت ألسنة النصوص الشريفة التي تتحدث عما يناله الزائر لقبر الإمام الحسين (ع)، فوردت فيها تعبيرات مختلفة، فجاء في بعضها أنه يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقد جاء عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال: من زار قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر[1].

[اشترك]

 بل جاء عنه (ع) أن هذا هو أدنى ما يثاب به زائره (ع)، قال(ع): أدنى ما يثاب به زائر الحسين(ع) بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته أن يُغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر[2].

وقد اشتملت بعض النصوص أن غفران ذنوبه يكون بأول خطوة يخطوها في طريق الزيارة، فعن أبي عبد الله(ع) قال: إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين(ع) فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة من ذنوبه ثم لم يزل يُقدّس بكل خطوة حتى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله، فقال: عبدي سلني أُعطك، ادعني أجبك، اطلب مني أُعطك، سلني حاجتك أقضيها لك، قال: وقال أبو عبد الله(ع): وحق على الله أن يعطي ما بذل[3].

وعنه(ع) أنه قال: إن لله ملائكة موكلين بقبر الحسين(ع) فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم الله ذنوبه، فإذا خطا محوها، ثم إذا خطا ضاعفوا حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة[4].

وجاء في قسم آخر من النصوص التي تتحدث عما يناله الزائر لقبر الإمام أبي عبد الله الحسين(ع) أنه يزاد في رزقه ويمدُ في عمره، ويدفع مدافع السوء، فقد ورد عن الإمام الباقر(ع) أنه قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع)، فإن إتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله[5]. بل جاء في بعض النصوص أن ترك زيارته عاماً يوجب نقصان العمر، فقد ورد عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: من لم يزر قبر الحسين(ع) فقد حرم خيراً كثيراً، ونقص من عمره سنة[6].

وجاء في قسم ثالث من النصوص أن زائر الإمام الحسين(ع) يزور الله في عرشه، ويكون في أعلى عليـين، فعن زيد الشحام، قال: قلت: لأبي عبد الله(ع) ما لمن زار قبر الحسين(ع)، قال: كان كمن زار الله في عرشه[7]. وعنه(ع) أنه قال: من أتى قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه كتبه الله في أعلى عليـين.

وتصور عدم وجود فرق بين النصوص المتقدمة، وإن اختلفت ألسنتها في بيان ما يعطاه الزائر من الثواب والأجر، لأنها تشير إلى شيء واحد وهو الثواب والأجر الذي يلقاه ويعطاه من قبل الله تعالى، في غير محله، وذلك لأن كل واحد من هذه الألسن يشير لشيء يختلف عما يشير إليه الآخر، ويتضح ما ذكرناه بملاحظة التالي.

آثار الزيارة:

إن التدقيق في ألسنة النصوص المتعرضة لما يناله الزائر عند زيارته لقبر الإمام الحسين(ع) يفيد أن هناك آثاراً ثلاثة للزيارة قد يحصل الزائر على أحدها فقط، وقد يحصل على اثنين منها، وقد يحصل على الثلاثة جميعاً، وتوضيح ذلك:

إن النصوص التي تقدمت الإشارة إليها تشتمل على موضوعات مختلفة فيدل كل قسم منها على أثر معين يناله الزائر، وتلك الآثار هي:

الأول: الجزاء:

وهو الأجر والثواب الذي يعطاه كل من يقصد قبر الإمام الحسين(ع)، وهذا تفضل من الله تعالى على عبده، لأنه لا يستحق عليه شيئاً، ويشير لهذا الأثر النصوص التي تحدثت عن غفران الذنوب ومحوها.

الثاني: الآثار الوضعية المترتبة على الزيارة:

والتي يحصل عليها الزائر نتيجة زيارته، من سعة الرزق وطول العمر ودفع مدافع السوء، وقد تضمن القسم الثاني من النصوص هذا الأثر، ومن ذلك أيضاً ما جاء في بعض النصوص أن أيام زيارته لا تحسب من عمره.

وهذه الآثار نوعان:

1-آثار تكوينية، لا تنفك عن العمل وتكون ملازمة له، كملازمة العلة للمعلول، والسبب للمسبب.

2-آثار جعلية اعتبارية، بأن يجعلها الله سبحانه وتعالى تكريماً لزوار الإمام الحسين(ع).

الثالث: المقامات والدرجات التي ينالها الزائر:

بعد زيارته الإمام الحسين(ع) وهذا مثل التعبير بزار الله في عرشه، أو كان في أعلى عليـين، فإن هكذا تعبير ليس من الثواب في شيء، وليس من الآثار الملازمة بحسب الظاهر، وإنما هو مقام يعطاه الزائر ودرجة ينالها جراء زيارته للإمام الحسين(ع).

وقد اتضح مما تقدم، أن كل قسم من النصوص يتحدث عن أثر من الآثار المترتبة على الزيارة.

ومن المعلوم تفاوت الزوار في الحصول عليها، فليس كل الزائرين يحظون بالآثار الثلاثة، فإن بعضهم يحظى بالأثر الأول، وهم كثيرون، وقد ينال فريق الأثر الثاني، إلا أن الحاصلين على الأثر الثالث هم من القلة بمكان.

وحتى يتحصل الزائر على الآثار الثلاثة ولا أقل الأثرين الأول والثاني، فإنه يحتاج شروطاً لابد من توفرها عنده.

وسائل تحصيل المقام الخاص للزيارة:

إن الحصول على الآثار الثلاثة التي تضمنتها النصوص الشريفة لزيارة الإمام الحسين(ع)، رهين توفر شروط وصفات عند الزائر ما لم تكن عنده، فلن يحصل على شيء منها، وهي:

الأول: المعرفة الحسينية الحقة:

وذلك بصحة المعتقد في الإمام الحسين(ع)، وفق منهج الوسطية في ذلك، فلا إفراط ولا تفريط، فلا يعتقد الزائر فيه(ع) عقيدة الغلاة، ولا يكون معتقده فيه عقيدة المقصرين، بل يكون وسطياً، فيعتقد به وفقاً للمقام الذي أعطاه الله تعالى إياه وجعله له، ويعتقد بإمامته وخلافته عن الله سبحانه وتعالى، ويشير إلى ذلك ما تضمنته زيارة عاشوراء: لعن الله أمة أزالتكم عن مقامكم، والمقصود بالمقام هو مقام الخلافة الإلهية الذي جعله الله تعالى للأئمة الأطهار(ع)، وهذا قد يفسر سر التأكيد الدائم في نصوص الزيارة على أن يكون الزائر عارفاً بحقه.

ولم يختص القيد المذكور بزيارة الإمام الحسين(ع)، بل ورد ذلك في زيارة بقية المعصومين(ع)، وهذا يشير إلى أن هناك حقاً عاماً يحتاج الزائر معرفته، وهناك حقاً خاصاً لكل واحد من المعصومين(ع)، لابد من معرفته أيضاً، لبلوغ المقامات ونيل الدرجات، ولما كان الحديث عن المولى الحسين(ع) فلنشر إجمالاً للمقام الخاص به اللازم معرفته، ونتمنى التوفيق لعرض ذلك في مقال آخر بصورة مفصلة:

إن للإمام الحسين(ع) حقاً على الله سبحانه وتعالى، كما أن له حقاً على الرسول الأكرم محمد(ص)، والأئمة الطاهرين(ع)، فأما حقه على الله عز وجل، فإنه لولاه(ع) لما عبد الله على وجه الأرض، ولأنمحى دينه فقد كان بنو أمية يسعون إلى ذلك.

وأما حقه على الرسول الكريم، والأئمة الطاهرين(ع)، فإنه كان سبباً لبقاء ذكرهم، وهذا هو الفرق بين الإمام الحسين(ع) وبقية المعصومين(ع)، فإنه بهم(ع) قد عُرف الله، ولكن بالإمام الحسين(ع) بقيت عبادة الله، ويستكشف هذا المعنى من الزيارة: لقد قتلوا بقتلك الإسلام، وعطلوا الصلاة والصيام، ونقضوا السنن والأحكام وحرفوا آيات القرآن. فقد كان هذا هو الهدف الذي يسعى له الأمويون إلا أن الدم الزاكي الذي أريق على أرض كربلاء كان سبباً موجباً لبقاء ذلك كله.

كما أن له(ع) حقاً على مسلم ومسلمة، لأنه حفظ دينهما، وأكمل إنسانيتهما، بل له حق على البشرية جمعاء، لأنه قد عرفها نهج العزة والكرامة، والتخلص من الذل والهوان، كما علمها محاربة شياطين النفوس والجبابرة، وأن الدين أغلى من كل شيء حتى النفس والأولاد.

الثاني: طهارة المال والبدن:

بأن يكون ما يصرفه الزائر في زيارته من المال الحلال الخالص، وليس مشتبهاً، فضلاً عن أن يكون مالاً حراماً، فإن صاحب المال المشتبه وإن حصل على ثواب الزيارة، بل ربما حصل أيضاً على بعض آثارها المادية، إلا أنه لن ينال شيئاً من المقامات الخاصة بالزائرين.

وكما يلزم أن يكون مال الزائر طاهراً، لابد وأن يكون بدنه كذلك أيضاً، وهذا يستدعي حاجة الإنسان لمجاهدات عديدة حتى يتمكن من الوصول إلى هذه المرحلة وبلوغها، فإن الوصول لأن يكون الزائر محدثاً[8] لله في عرشه كما في الرواية عن الإمام الرضا(ع) لا يكون لكل أحد، بل يختص ذلك بمن كان طاهر المال والبدن.

واعتبار هذا الشرط من الواضحات، إذ لا ريب في منع المال الحرام والجسد الحرام صاحبهما من الحصول على المقامات والدرجات الخاصة بالزائرين.

الثالث: تفريغ النفس للزيارة:

وذلك بأن يفرّغ الزائر نفسه لذلك من حين خروجه من داره قاصداً أرض كربلاء المقدسة حتى يبلغ الحائر الحسيني، ويوفق للثم العتبات الطاهرات واستلام الضريح المبارك.

والمقصود من تفرغه لذلك أن لا يكون مشغولاً خلال تلك الفترة بشيء غير الله تعالى، فيكون لسانه لهجاً مشغولاً طيلة ذلك بالذكر والاستغفار والعبادة، وهكذا، ويكون منصرفاً عن الدنيا وهمومها.

ويمكن استفادة هذا المعنى مما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع) قال: قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أفلسنا في حج، قال: بلى، قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاج، قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلة الكلام إلا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحير، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة على محمد وآل محمد، ويلزمك التحفظ عما لا ينبغي لك، ويلزمك أن تغضى بصرك من المحرمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود على أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً والمواساة أن تناصفه نفقتك، ويلزمك التقية التي وقام دينك بها، والورع عما نهيت عنه، وترك الخصومة وكثرة الإيمان والجدال الذي فيه الإيمان، فإذا فعلت ذلك تم حجك وعمرتك، واستوجبن من الذي طلبن ما عنده نفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.

علامات تحصيل المقامات المعنوية للزيارة:

ويمكن للزائر أن يدرك حصوله على المقامات والدرجات المعنوية من خلال علامات ثلاث:

الأولى: طريقة المجيء للزيارة:

من الواضح أن هناك اختلافاً بين الناس في مجيئهم لزيارة الإمام الحسين(ع)، فيجيء بعضهم بصورة عادية، بينما يجيء آخر وهو يعيش حالة التلهف والشوق لزيارته، فإذا كان مجيء الإنسان للزيارة بالنحو الثاني وهي الزيارة بلهفة وشوق كان ذلك علامة كاشفة عن بلوغه مقام العروج الروحي.

واعلم أن الشوق قسمان:

1-الشوق الاختياري، وهو الذي يكون بيد الإنسان بأن يخرج من بيته قاصداً الزيارة منشغلاً بها عن كل شيء، وفي قلبه شوق للزيارة.

2-الشوق القهري، وهو الذي يحصل للإنسان في قلبه من غير اختياره، وهذا يكون مبنياً على ألطاف وعنايات إلهية، وذلك بأن يطلبه الإمام الحسين(ع) إليه ليضيفه، نظير استضافة الله سبحانه وتعالى عباده خلال أيام شهر رمضان المبارك وخلال موسم الحج، وأول علامات الضيافة الحسينية أنه يلقي الشوق في قلبه.

ويحتاج حصول هذا القسم من الشوق إلى مقدمات، على رأسها صفاء النية، وخلوص العقيدة، والمساهمة في إحياء ذكر الإمام الحسين وإحياء أمره(ع).

ولا ينحصر اعتبار وجود الشوق عند الزائر في خصوص القدوم لزيارة الإمام الحسين(ع)، بل يكون ذلك أيضاً حال توديعه والخروج من عنده، فيودعه الزائر وكله شوق إلى عدم الخروج من حرمه الشريف وروضته المباركة، بل كله شوق للعودة إليه سريعاً وفي أقرب فرصة، ولهذا نجد التأكيد على هذا المعنى في بعض الزيارات من أن لا تكون هذه الزيارة آخر الزيارات، فيقول الزائر: اللهم ولا تجعله آخر العهد مني لزيارته.

الثانية: تجديد العلاقة مع الله:

وذلك من خلال التوبة بعد الإقرار لله سبحانه وتعالى بذنوبه وخطاياه، ومعاصيه، ويكون عازماً على عدم العودة إليها مرة أخرى في حرم الإمام الحسين(ع)، وعند أبي عبد الله(ع)، ويعاهده على عدم العودة إلى ذلك.

الثالثة: تغيّر حاله بعد العودة من الزيارة:

وذلك بالمقارنة بين ما كان عليه قبل الذهاب إلى الزيارة، وما يفترض أنه صار إليه بعدها، فلو كان هناك تغير بين الحالين، بأن كان حاله بعد الزيارة أفضل مما كان عليه قبلها، كان ذلك كاشفاً عن بلوغه البعد الروحي، وحصوله على المقامات والدرجات، أما لو لم يتغير حاله، فإنه لم يحصل على شيء. نعم هذا لا يعني عدم حصوله على الأجر والثواب.

وينبغي الالتفات إلى أن العلامات المأخوذة ليست مأخوذة بنحو مانعة الجمع، بل مأخوذة بنحو مانعة الخلو، بمعنى أن وجود واحدة منها توجب حصول الزائر على شيء من تلك المقامات والرتب والقرب من الله سبحانه وتعالى. نعم وجودها جميعاً يعطي أعلى الرتب، ويوجب نيل أعلى الدرجات والحصول على الكثير من الثواب.

*الشيخ محمد العبيدان

الهوامش: [1] كامل الزيارات ح 1 ص 262. [2] المصدر السابق ح 4 ص 263. [3] كامل الزيارات ح 2 ص 286-287. [4] المصدر السابق ح 3 ص 287. [5] كامل الزيارات ح 1 ص 284. [6] كامل الزيارات ح 3 ص 285. [7] كامل الزيارات ح 1 ص 278. [8] يمكن قراءة النص المذكور بقراءتين، فيحتمل أن يكون الزائر هو المتحدث، والله تعالى هو المُحدث من قبل الزائر، ويحتمل أن يكون الزائر هو المُحدث والله تعالى هو المتحدث.
2022/07/02

أعمال لـ ’ طلب الولد’.. وما يستحب فعله بعد الولادة
يستحب للإنسان طلب الولد والإكثار منه، وبخاصة مع قدرته على كفالته وتربيته تربية حسنة، وقد ذكرت الأحاديث الشريفة عدة آداب للحمل والولادة.

[اشترك]

نستعرض بعضها كما يلي:

الأول: أن يصلي كل من الوالدين في ليلة زفافهما ركعتين قبل المواقعة، وأن يكونا حين المواقعة على طهر من الحدث الأكبر والأصغر، وأن يدعو الزوج في جملة ما يدعو:…فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً، ولا تجعله شرك الشيطان.

ويستحب أن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً تقياً ذكراً، كما يستحب أن يكون على وضوء كلما أراد جماع زوجته أثناء حملها، وأن يسمي حين الشروع في المجامعة، للحامل وغيرها.

هذا كله مضافاً لما سبق منا ذكره من مواصفات الزوجة التي ينبغي للمؤمن اختيارها، والصفات التي ينبغي للمؤمنة اختيارها في زوجها.

الثاني: أن تحرص على الالتزام بالعديد من الآداب المأثورة في طعامها وشرابها مما هو مذكور في مظانه من كتب الحديث.

تولي شؤون المرأة عند الولادة

الثالث: ينبغي مساعدة المرأة عند ولادتها، بل يجب ذلك وجوباً كفائياً عند الخوف عليها أو على ولدها من التلف أو ما بحكمه، ويجوز للمرأة القابلة أن تولدها، كما يجوز لغيرها من النساء أن يساعدنها في ذلك، ويجوز لهن في مثل هذه الحالة النظر إلى عورة المرأة بالمقدار الذي يحتاج إليه، شرط عدم كون الزوج مؤهلاً للقيام بذلك، أو لكون القابلة أرفق بحالها منه [1].

نعم إذا لزم أن يولدها الرجل عند الضرورة، لم يجز اللجوء إلى غير الزوج مع إمكان توليد الزوج لها، كما أنه لا يجوز أن يتولى ذلك الرجل الأجنبي مع وجود شخص من محارمها، وفي جميع الحالات فإنه لا يحل من اللمس والنظر المحرمين إلا مقدار ما تـتأدى به الضرورة.

مستحبات الولادة

الرابع: يستحب غسل المولود عند وضعه إذا أُمِنَ عليه الضرر، والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى، فإنه عصمة من الشيطان الرجيم كما ورد في الخبر.

ويستحب- أيضاً- تحنيكه بماء الفرات وتربة الإمام الحسين (ع)، فيخلط الماء بشيء من التربة ويدخل إلى حنكه وهو أعلى داخل فمه.

وينبغي أن يسمي الطفل الذكر عند ولادته محمداً إلى مدة سبعة أيام، ثم إن شاء الأب أو غيره أن يغير اسمه بعد ذلك وإن شاء أبقاه.

ويستحب تسميته بالأسماء الحسنة، فإن ذلك من حق الولد على الوالد، وفي الحديث الشريف: إن أصدق الأسماء ما يتضمن العبودية لله جل شأنه-كعبد الله وعبد الكريم وعبد الرحيم- وأفضلها أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم. ويلحق بهم أسماء الأئمة المعصومين(ع). وعن النبي (ص) أنه قال: من ولد له أربعة أولاد لم يُسمِّ أحدَهم باسمي فقد جفاني.

كما يستحب أن يخـتار له كنية، وإذا كان اسم الطفل محمداً فلا يكنه بأبي القاسم.

الخامس: تستحب الوليمة عند الولادة، ولو بعدها بأيام قلائل. وأن يحلق له تمام شعر رأسه في اليوم السابع ويتصدق بوزنه ذهباً أو فضة.

وأن يختـنه في اليوم السابع، وإن كان لا بأس بتأخيره عنه، ويولم عند ختنه في اليوم السابع أو قبله، وتـتأدى به السنَّـتان.

ختان الولد

ويجب على الوالد خـتان ولده الذكر قبل بلوغه، فإن بلغ غير مختون وجب عليه المبادرة إلى ختان نفسه.

والختان واجب في نفسه، وشرط في صحة الطواف واجباً كان أم مندوباً، ولحجٍ كان أو لعمرة.

وإذا ولد الصبي مخـتوناً سقط الختان، وإن استحب إمرار الموسى على المحل لإصابة السنة.

ويجب على الأحوط أن لا يترك الولي ختان الصبي إلى ما بعد بلوغه، فإن أخره من غير عذر حتى بلغ الصبي عصى الولي بذلك على الأحوط.

العقيقة

السابع: تستحب العقيقة عن المولود في اليوم السابع لولادته، ذكراً كان أو أنثى، فإن تأخر عن اليوم السابع لعذر أو لغير عذر لم يسقط عنه، بل لو لم يعق عنه حتى بلغ استُحِب له أن يعق عن نفسه، وإن لم يَعُقَّ عن نفسه في حياته فلا بأس أن يُعق عنه بعد وفاته، نعم تجزي الأضحية عن العقيقة، فمن ضحى وجوباً أو استحباباً، أو ضُحِّي عنه، أجزأته عن العقيقة.

ولابد أن تكون من الأنعام الثلاثة: الغنم والبقر والإبل، من أي أصنافها كانت، كما لابد من بذل عين الحيوان وذبحه وتوزيعه بالكيفية التي ستأتي، فلا يجزي عنها بذل ثمنها والتصدق به.

ويستحب أن يعق عن المولود الذكر بذكر، وعن المولود الأنثى بأنثى، وأن تكون العقيقة سمينة سالمة من العيوب، وأن تذبح وتقطع دون كسر عظم منها، ويتخير بين توزيعها لحماً أو مطبوخاً، فإن طبخها دعى إليها من المؤمنين عشرة فما زاد، ولو لم يكونوا فقراء، فيأكلون منها ويدعون للولد، ويكره أن يأكل منها الأب أو من يعوله، ولا سيما الأم.

الهوامش: [1] هذا هو رأي السيد السيستاني. [2] السيد الخوئي.

*الشيخ محمد العبيدان - أستاذ في الحوزة العلمية

2022/06/28

من الميرزا التبريزي.. خطوات عملية لنيل رضا ’الإمام المهدي’
غالباً ما كان الطلاب الشباب الذين كانوا يقدمون لزيارة الفقيه المقدس الميرزا التبريزي (ره) يسألون الميرزا السؤال التالي:

[اشترك]

ماذا يتوجب علينا حتى تكون أعمالنا محط رضا ولي العصر(عج)؟

لكن الميرزا كان يلاحظ ظاهر هؤلاء الطلبة قبل أي شيء فإذا ما رأى أحدهم لا يتناسب لباسه مع شأنية طالب العلم أو أن شعره كان طويلاً أو أن لحيته من القصر بمكان ابتدأ أولاً وبكل محبة بابداء الملاحظات الظاهرية.

الخطوة الاولى:

فكان مما يقوله: «أولاً عليكم إصلاح الشكل الظاهري، فالواجب عليكم أن يكون تحرككم في المجتمع مختلفاً عن تحرك بقية الشباب، الشعر قصير، لحية متعارفة عند أهل العلم، ولباس مناسب لشان الطلبة». ثم يضيف: «ثم عليه أولاً أن يكون دقيقاً في تكاليفه الشاملة للحلال والحرام ويبتعد عن المسائل اللهوية.

الخطوة الثانية:

عليه أن تكون جميع أعماله لله بمعنى أن لا يقدم على عمل إلا لأجل رضا الله تعالى، ولا يشرك في نيته أي داع آخر غير رضا الله تعالى، فإذا ما كان العمل خالصاً لله فانه سوف يكون ذا نتيجة حسنة وسيجزيه الله على ذلك العمل المخلص ويرفع صاحبه إلى مرتبة أعلى.

الخطوة الثالثة:

عليه أن يلتزم الولاء لأهل بيت النبوة عليهم السلام ويخلص لهم الولاء والأدب في ساحتهم القدسية ولا يعمل عملاً إلا ولهم فيه رضا، ويبرز لهم محبته باللسان والجنان، ويقف مدافعاً عن ساحتهم وعن مظلوميتهم ويكون مدافعاً حقيقياً عن الدين والمذهب.

الخطوة الرابعة:

التي أكد عليها الميرزا لهؤلاء الطلبة الشباب هي المواظبة على الدرس، فأوجب على الطلاب صرف جميع أوقاتهم لتحصيل الدروس ليتمكنوا من خدمة الدين والمذهب فإذا لم يواظب الطالب على درسه وأمضى يومه بمسائل هامشية فإنه ليس فقط لن يخدم الدين بل أنه سوف يكون وبالاً على الدين والمذهب.

الخطوة الخامسة:

والاهتمام بالمعنويات هي النكتة الأخرى التي أوصى بها الميرزا فقال: حينما كنا في المدرسة الفيضية كانت المدرسة تعج بالطلبة في منتصف الليل (لإقامة نافلة الليل) بحيث لو أن غريباً دخل منتصف الليل إلى المدرسة لظن من كثرة الطلاب إنما هو وقت صلاة الصبح، فقد كان الطلبة ملتزمون بالتهجد وإحياء الليل. فعلى الطلبة أن يخطو نحو تحصيل هذه الروحانيات وبناء الروح وان لا يغفلوا عن التوسل باهل بيت النبوة.

إن مما كان يعتقد به الميرزا إن منتصف الليل هو وقت توزيع العطايا والأجور لهذا فانه كان يناجي الله بعد منتصف الليل، وكان لديه اتصال قلبي خاص مع معبوده تحكي عنه ذهابه منتصف الليالي إلى الحرم وتهجده في الحرم ومسجد الإمام الحسن العسكري عليه السلام الذي أصبح حديث الطلاب.

والنكتة التي أصر عليها الميرزا في حديثه مع الطلاب أن قال لهم: علاوة على وجوب تمتع الطالب بالذكاء والفطنة عليه أن يتحرك بكل تواضع وتؤدة فلا يحسب لنفسه شأناً ومكانة في نفسه، فينشغل بدرسه وأبحاثه بكل إخلاص فاذا ما اعتبر لنفسه مكانة ما فانه لن يصل إلى شيء.

2022/06/25

هل يوجد ذكر يُضعف ’الشهوات’؟
أنا إنسان مبتلى بالشهوات فلا أستطيع أن أقيد نفسي أو أضبطها فأرجو منكم ذكراً يضعف من هذا الأمر.

[اشترك]

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي (قدس):

الذكر هو حضور المذكور عند الذاكر أي حضور الله عند الذاكر فإذا عرفت أن الله حاضر عندك ويراك ويسمعك ويعلم ما في قلبك وعقلك وعملك فهل تعصيه؟!

إذا كان عند طفل فهل يعصي الله أمام الطفل كالزنا أو العادة السرية؟ هيهات لإنك تخاف الفضيحة فكذلك عليك أن تخاف مقام الله وتنهى النفس عن الهوى فأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإنّ الجنة هي المأوى، وإذا قال شخص لك أعطيك ألف دولار لا تفعل العادة السرية فهل تترك الألف وتفعل أو لا تفعل لتدرك الألف، والله جعل ثمنك وثمن عبادتك وإطاعتك وعدم معصيتك جنة عرضها السماوات والأرض فلماذا تبيع نفسك لعورتك وتكون ذليلاً لشهوتك وإنّ الله أكرمك بالإيمان والعمل الصالح ولو أطعته لكنت من المقربين في جنات ونهر عند مليك مقتدر والله العاصم والمستعان.

2022/06/21

تناول العشاء مع أمك.. خطوات سهلة لـ ’بر الوالدين’
كثير من الإخوة والأخوات الذين يحاولون بر والديهم يفتقدون فقه بر الوالدين في أمور لطيفة يسيرة لكنها للطفها قد تغيب عن اذهان الكثيرين بحكم الاعتياد على خلافها…!!

[اشترك]

ومن ذلك على سبيل المثال:

 من فقه البر:

جاء النهي عن مجادلة الأب ومغالبته بالحجة، (إيجاب الحجة على الوالدين عقوق)، يعني الانتصار عليهما في الكلام، وكذلك السعي لغلبة حجته على حجتهما بالجدال كما يفعل مع سائر الناس.

ومن فقه البر:

أن يحاول الولد فهم حاجات والديه ليبادر بها قبل طلبهما، فذلك أبلغ وأكثر وقْعا وحماية لهما من ذل المنة، كالمبادرة بالإهداء والهبة لهما ليتصدقا ويهديا مثلاً".

ومن فقه البر:

حين يختارك الله ويصطفيك لتبرّ بأحد والديك أو كليهما.. فلا يفسدن الشيطان عليك هذا الاصطفاء فيقول لك:

وباقي إخوتك.. ما دورهم؟ أين هم؟

ومن فقه البر:

تعشَّ العشاء مع أمك، تؤانسها وتجالسها وتقرُّ بك عينُها، أحبُّ إليّ من حجة تطوُّعاً.

ومن فقه البر:

إذا جرحك أبواك بقول او فعل فأكظم غيظك وإن انفطر قلبك، فإنهما سريعا الفيء والندم، واعلم أن حزنك يفطر قلبيهما مرتين.

 ومن فقه البر:

إظهار حسن علاقتك بأخواتك وإخوتك، والسكوت عن ما قد يؤلمك منهم، والتماس المعاذير لهم، وإبداء محاسنهم، وإخفاء مساوئهم أمام والديك فإنه يسرهما.

ومن فقه البر:

من المؤلم أن يكون للوالد عدد من الأبناء الكبار العقلاء، ثم لا تكاد تراهم معه في حاجته، بل يكون بصحبة صديق أو مع عامل يرافقه في المستشفى أو الى المسجد أو في المناسبات، ففي صحبتك له عز له وسرور وفخر وجزيل أجر لك تجد بوادره في ذريتك قبل آخرتك.

ومن فقه البر:

أن لا تفصلك هذه الأجهزة عن التواصل الحسي واللفظي مع الوالدين، إثم وعيب عليك أن تكون بحضرتهما ومشغولا عنهما لان في هذا استهانة بقدرهما وإيلام لهما!

ومن فقه البر:

حدثهما بما يريدان لا بما تريد، وأشعرهما بأنك تحبهما وتسعد بخدمتهما، فالعامل النفسي من أوسع مجالات البر إذا أحسنت استخدامه!

ومن فقه البر:

 أن لا تشعرهما أنّ إخوتك لا يهتمون بهما.. وأنك البار الوحيد.. أكّد لهما أنهما قرة أعين لأبنائهما وأن تقصير فلان كان لظرف طارئ!

ومن فقه البر:

لا تحتد مع إخوتك في نقاش، ولا يرتفع صوتكم في حضرتهما، ففيه إزعاج لهما، وعدم احترام لمقامهما.

ومن فقه البر:

أن يَعْلَم الواحد منا أن والديه عند الكبر تضيق نفساهما، وتكثر مطالبهما، ويقل صبرهما، {فلا تقل لهما أف}

ومن فقه البر:

الإلحاح على الله بالدعاء أن يعينك ويوفقك لبر والديك..

وفي الختام نؤكد:

إن بر الوالدين لا يقتصر على حياتهما، بل يعم حال الوفاة، ففي الرواية إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، عاقاً لهما بعد وفاتهما، لذلك واظب على زيارة قبريهما وقراءة الفاتحة لهما، وعمل الخيرات لهما كالصدقات وكفالة الايتام وعلاج المرضى وبناء المساجد والحسينيات والمؤسسات الخيرية، وإهداء الثواب لهما، وسيعطيك الله ثواب ما تهبه لهما بالإضافة إلى وصول الثواب لهما، وسيكون ذلك موجباً لسعادتهما في عالم البرزخ، وستلمس التوفيق والبركة في حياتك ومماتك ببركة برك لوالديك في حياتهما ومماتهما.

(رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)، سورة ابراهيم آية 41

رب اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيراً.

* الشيخ عبد الله الدقاق – أستاذ في الحوزة العلمية

 

 

 

2022/06/13

2022/06/09

ما هي أدنى درجات ’عقوق الوالدين’؟
أصل العُقُوق من الشق و القطع، و هو أن يترك الولد الاحسان إلى والديه و لا يبرهما، أو يؤذيهما بالكلام المؤذي أو الفعل المؤذي، أو بترك التواصل معهما بما يقتضي برهما .

 

[اشترك]

حرمة عقوق الوالدين ووجوب برهما:

لقد أمر الله سبحانه و تعالى بالإحسان إلى الوالدين و نهى عن عقوقهما في آيات عديدة من القرآن الكريم، و منها قول الله عَزَّ و جَلَّ:  ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ 1 .

ما هو أدنى مصاديق العقوق؟

رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قَالَ: " أَدْنَى الْعُقُوقِ‏ أُفٍّ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً أَهْوَنَ مِنْهُ لَنَهَى عَنْهُ"‏ 2.

و روي عنه أيضاً أنه قال:  " لَوْ عَلِمَ اللَّهُ شَيْئاً أَدْنَى مِنْ أُفٍّ لَنَهَى عَنْهُ [ وَ هُوَ مِنَ الْعُقُوقِ‏ ] وَ هُوَ أَدْنَى الْعُقُوقِ، وَ مِنَ الْعُقُوقِ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى أَبَوَيْهِ يُحِدُّ النَّظَرَ  إِلَيْهِمَا " 3.

و رُوِيَ عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أنه قَالَ: " مَنْ نَظَرَ إِلَى أَبَوَيْهِ نَظَرَ مَاقِتٍ وَ هُمَا ظَالِمَانِ لَهُ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً " 4.

ما معنى أف؟

أفٍّ:  كلمة تَضَجُّر و تَكَرُّه تقال في مقام اظهار التضجر من شيء .


الهوامش: 1. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 23، الصفحة: 284. 2. الكافي:  2 / 348، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة:  329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة:  1365 هجرية / شمسية، طهران / إيران . 3. مستدرك وسائل الشيعة:  15 / 192، للشيخ المحدث النوري، المولود سنة:  1254 هجرية، و المتوفى سنة:  1320 هجرية، طبعة:  مؤسسة آل البيت، سنة:  1408 هجرية، قم / إيران . 4. الكافي:  2 / 349 .
2022/06/08

’ذكر الله’ يزعجه.. كيف نحصل على مناعة ضد وساوس الشيطان؟
من المؤكد أن الإنسان لا يتألم من وسوسة الشيطان إلا إذا كانت تلك الوسوسة على خلاف ما يعتقد به، وهذا مؤشر إيجابي يدل على أن صاحبه ما زال يتمتع بفطرة وقلب سليمين، وإذا جاز لنا تشبيه ذلك فيمكننا أن نشبهه بجهاز المناعة في جسم الإنسان.

فعند دخول أي جسم غريب تتحرك تلك المناعة لطرده ومحاربته، الأمر الذي يتسبب في بعض الآثار الجانبية مثل ارتفاع حرارة الجسم والشعور بالصداع ، إلا أن ذلك يعد مؤشراً إيجابياً يدل على سلامة جاهز المناعة، والحال نفسه يحدث عند دخول أفكار سلبية إلى قلب الإنسان، فإذا استقبلها الإنسان برضى وقبول فإن ذلك يدل على أن قلبه مختوم، وعقله منحرف، وفطرته ممسوخة، أما إذا عمل على رفضها ومقاومتها ولم يسمح بهيمنتها عليه فإن ذلك يؤكد على أن قلبه مازال يعشق الإيمان، قال تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، ومن معاني الختم على القلب أن يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، فيصبح التذكير بالله هو الذي يزعجه وليس العكس قال تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا).

 ومما لا شك فيه أيضاً أن تجاهل هذه الوساوس والاستعاذة بالله تعالى من العلاجات الناجعة لها، إلا أن لكل واحد منها له شروط وآليات خاصة، فالتجاهل قد لا يكون ناجعاً ما لم يقف الإنسان أولاً على محفزات تلك الوساوس، فقد لا يفيده التجاهل مالم يعمل على معالجة تلك المحفزات، فمثلاً قد تكون محفزات تلك الوساوس هو وجوده في مكان معين، أو إذا كان برفقة جماعة معينة، أو إذا كان مجهداً بدنياً أو إذا كان كثير السهر أو كان كثير التشاؤم أو سريع التأثر والانفعال، أو غير ذلك، فحينها لا ينفعه التجاهل إذا لم يتخلص من تلك المحفزات، كما أن التجاهل يحتاج إلى تكنيك خاص وكل إنسان يجب أن يكتشف التكنيك الذي يناسبه، وهناك بعض الآليات التي يذكرها الأطباء النفسيين يجب التعرف عليها.

أما الاستعاذة فيجب أن تكون استعاذة عملية وليست مجرد قول باللسان، كما أشرنا لذلك في إجابة سابقة، حيث قلنا هناك: (ان الاستعاذة يجب أن تكون حقيقية وليست مجرد لقلقة باللسان، فحقيقة الاستعاذة تعني أن تكون بجانب الله تعالى، وحتى يحقق الإنسان ذلك يجب أن يراه الله في المواطن التي يحب أن يراه فيها، فالبعد عن المعاصي ومصاحبة الأخيار والحضور في أماكن العبادة يبعد الإنسان كثيراً عن بيئة الشيطان ويجعله قريباً من الله تعالى).

وعندما يكون الإنسان حديث عهد بالتدين، مما يجعله أكثر عرضة للشيطان، فإنه لن يترك وسيلة حتى يعيده إلى سيرته الأولى.

وهنا ننصح بأمرين:

الأول: وهو التمسك القوي بالسبب الذي دعاه للتدين، فهو لم يتدين إلا لأسباب دعته إلى ذلك، فقد تكون هذه الأسباب عبارة عن صحوة ضمير، أو تفكير عميق، أو عوامل خارجية، أو أي سبب آخر، المهم يجب عليه معرفتها والتمسك بها جيداً؛ لأنها تعد سلاحاً قوياً مكنه من كسر شوكة الشيطان عندما قرر أن يلتزم بدينه، وسوف تساعده أيضاً في الحفاظ على تدينه.

الأمر الثاني: هو التعمق أكثر في دينه وطلب العلم الشرعي بالوقوف على أدلة العقائد وبراهينها، والوقوف على حِكم التشريع وفلسفة الأحكام، وبذلك يقفل الطريق أمام تشكيكات الشيطان ووسوسته، فعندما يتحصن الإنسان علمياً يصعب على الشيطان أن يخدعه من خلال إثارة الشبهات والتشكيكات، وإن كان بالإمكان أن يأتيه من أبواب أخرى، فالشيطان يستهدف الإنسان من خلال عوامل ضعفه.

ولكي نتعرف على مسؤولية الإنسان اتجاه ما يحدث به نفسه من الذنوب والأفكار الباطلة، لابد أن نشير إلى أن بعضها يتعلق بالجانب العملي والسلوكي، وبعضها يتعلق بالجانب الفكري والنظري، وقد فرق بعضهم بين الذنوب التي تتعلق بالجوارح كاللسان والعين والأذن والفرج واليد والرجل، وبين الذنوب التي تتعلق بالعقل والقلب كالإيمان والكفر والحسد والكبر وما شابهها، فإذا حدث الإنسان نفسه بمعصية مثل الزنا أو السرقة أو غير ذلك لا يحاسب عليها طالما لم تتعدى حدود كونها خاطرة في النفس، بخلاف معاصي القلب والعقل فإنه محاسب عليها حتى وإن لم يبح بها، فمن اعتقد في نفسه بالكفر أو الشرك أو بأي عقيدة باطلة فإنه محاسب عليها حتى وإن لم يصرح بها علناً، أما إذا كانت تلك الأفكار عبارة عن وسوسة قهرية مع رفض الإنسان لها وعدم موافقته عليها وتصريحه بخلافها فإنه في هذه الحالة لا يكون محاسباً كما صرحت الروايات، فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (لكل قلب وسواس، فإذا فتق الوسواس حجاب القلب نطق به اللسان وأخذ به العبد، وإذا لم يفتق القلب ولم ينطق به اللسان فلا حرج).

2022/06/06

65 عملاً لـ «زيادة الرزق».. منها زيارة الإمام الحسين (ع)
كما ورد في مجموعة من الروايات الشريفة عن الرسول الأعظم محمد المصطفى وأهل بيته المعصومين الأطهار (ع) : عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين علي (ع)  يقول: ... ثم قال (ع) : ألا أُنبئكم  بعد ذلك بما يزيد في الرزق؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال:

[اشترك]

1 ـ الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق.

2 ـ والتعقيب بعد الغداة ـ صلاة الصبح ـ وبعد العصر ـ صلاة العصر ـ يزيد الرّزق.

3 ـ وصلة الرّحم يزيد في الرزق.

4 ـ وكسح الفَنا ـ أي كنس الساحة أمام البيت ـ يزيد في الرزق.

5 ـ ومواساة الأخ في الله عز وجل يزيد في الرزق.

6 ـ والبكور في طلب الرزق يزيد في الرزق.

7 ـ والاستغفار يزيد في الرزق.

8 ـ واستعمال الأمانة ـ أي ردّها إلى أهلها ـ يزيد في الرزق.

9 ـ وقول الحق يزيد في الرزق.

10ـ وإجابة المؤذن ـ أي يكرّر معه في الأذان ـ يزيد في الرزق.

11ـ وترك الكلام في الخلاء ـ في المستراح وعند التخلّي ـ يزيد في الرزق.

12ـ وترك الحرص يزيد في الرزق.

13ـ وشكر المُنعم يزيد في الرزق.

14ـ واجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرزق.

15ـ والوَضوء ـ أي غسل اليدين أو الوضوء الشرعي ـ قبل الطعام يزيد في الرزق.

 

16ـ وأكل ما يسقط من الخوان ـ من السُّفرة والمائدة ـ يزيد في الرزق.

17ـ ومن سبّح الله كل يوم ثلاثين مرّة دفع الله عز وجل عنه سبعين نوعاً من البلاء أيسرها الفقر. (الخصال: 2: 504).

عن زيد الشحام عن أبي جعفر الإمام الباقر (ع)  قال: ادع في طلب الرزق في المكتوبة ـ أي الصلاة الواجبة ـ وأنت ساجد.

18ـ (يا خير المسؤولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك الواسع فإنك ذو الفضل العظيم) (الكافي: 2: 401 باب الدعاء للرزق الحديث: 4).

عن الحسين بن مسلم عن أبي جعفر (ع)  قال: قلت له: جعلت فداك إنهم يقولون: إن النوم بعد الفجر مكروه لأنّ الأرزاق تقسّم في ذلك الوقت، فقال: الأرزاق موظوفة مقسومة، ولله فضل يقسّمه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وذلك قوله: ﴿ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ثم قال:

19ـ وذكر الله بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض. (البحار: 5: 147 باب الأرزاق ح7).

قال رسول الله‘: 20ـ لا يزيد في الرزق ولا يردّ القدر إلّا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلّا البّر.

21ـ وأقوى الأسباب الجالبة للرزق، إقامة الصلاة بالتعظيم والخشوع.

22ـ وقراءة سورة (الواقعة) خصوصاً بالليل ووقت العشاء.

23ـ وسورة (يس) و(تبارك الذي بيده الملك) وقت الصبح.

24ـ وحضور المسجد قبل الأذان.

25ـ والمداومة على الطهارة.

26ـ وأداء سنة الفجر والوتر في البيت. 27ـ وأن لا يتكلّم بكلام اللّغو... (آداب المتعلمين فصل 12 فيما يجلب الرزق عنه ينابيع الحكمة: 2: 517).

28ـ الاستغفار ويدل على ذلك أخبار كثيرة، قال أمير المؤمنين (ع) : الاستغفار يزيد في الرزق (البحار: 93: 277). وقال (ع)  لكميل: وإذا أبطأت الأرزاق عليك، فاستغفر الله يوسّع عليك فيها. (البحا: 77: 252).

29ـ قراءة القرآن الكريم في البيت.

30ـ الشكر لله قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ...﴾ (إبراهيم: 7). قال أمير المؤمنين (ع) : شكر المنعم زيد في الرزق. (البحار: 71: 44).

31ـ الانفاق والصدقة، ويدل على ذلك آيات وأخبار كثيرة، قال رسول الله‘: إستزلوا الرزق من عند الله بالصدقة (التوحيد للصدوق: 68 والبحار: 76: 316) قال أمير المؤمنين (ع) : أكثروا من الصدقة ترزقوا. (البحار 77: 176).

32ـ صلاة الليل: قال الإمام الصادق (ع) : صلاة الليل تحسّن الوجه، وتحسّن الخُلق، وتطيّب الريح، وتدّر الرزق، وتقضي الدين، وتذهب بالهمّ وتجلو البصر. (البحار: 87: 153).

33ـ صلة الأرحام ولا سيما برّ الوالدين وفي ذلك أخبار كثيرة، قال النبي‘: من سرّه أن يمدّ في عمره، ويبسط في رزقه فليصل أبويه، فإن صلتهما طاعة الله، وليصل ذا رحمه. (البحار: 74: 85).

34ـ القول الحسن، قال الإمام زين العابدين علي بن الحسين÷: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسى في الأجل ـ أي يؤخر الأجل والموت ـ ويحبّب إلى الأهل، ويدخل الجنّة . (البحار: 71: 310).

35ـ حسن النيّة، قال الإمام الصادق (ع) : من صدق لسانه زكى عمله، ومن حسنت نيتّه زيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهل بيته زيد في عمره. قال أمير المؤمنين (ع) : من حسنت نيّته زيد في رزقه . (البحار: 103: 21).

36ـ حسن الجوار، قال الإمام الصادق (ع) : حسن الجوار يزيد في الرزق. (البحار: 74: 205).

 

37ـ الدّعاء للأخ المؤمن، قال الإمام الصادق (ع) : إن دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، ويدّر الرزق، ويدفع المكروه. (الوسائل: 7: 109).

38ـ الصلوات الموجبة للسعة والرزق كرتعين بعد العشاء الآخرة، كما في المستدرك، وصلاة الاستغفار وصلاة الرزق كما في مكارم الأخلاق، والصلاة المعروفة بالكاملة كما في جمال و... (ينابيع الحكمة: 2: 519).

39ـ الأدعية والأذكار الواردة لسعة الرزق وهي كثيرة، كما في كتب الأدعية والأذكار والختومات.

40ـ إطالة الوقوف على جبل صفا وجبل المروة في مكة المكرمة. عن الإمام الصادق (ع)  قال: من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا والمروة. (الوسائل: 13: 479) وهو مجرّب.

41ـ الاستغناء بغنى الله عمّا في أيدي الناس، قال النبي‘: من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله. (البحا: 96: 158).

42ـ الرجوع من غير الطريق الذي أخذ فيه، عن إبن بزيع قال: قلت للرضا (ع) : إنّ الناس رَوَوَا أنّ رسول الله‘ كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فهكذا كان يفعل؟ قال: فقال: نعم، فأنا أفعله كثيراً فأفعله، ثم قال لي: أما إن أرزق لك. (الكافي: 8: 147).

43ـ إطعام الطعام والضيافة، وفي ذلك أخبار كثيرة قال الصادق (ع) : إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من الله عز وجل كثير، وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك. (البحار: 74: 375 باب اطعام المؤمن: ح71) ، وقال‘: الرزق اسرع إلى من يطعم الطعام، من السكين في السّنام (البحار: 74: 362).

44ـ حُسن الخلق: قال أمير المؤمنين (ع)  : في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق (البحار: 77: 287) وقال الصادق (ع) : (حُسن الخلق يزيد في الرزق). (البحا: 71: 396).

 45ـ التساهل، قال أمير المؤمنين (ع) : العُسر يُفسد الأخلاق، والتسّاهل يدرّ الأرزاق. (غرر الحكم).

46ـ البّر والإحسان، قال الصادق (ع) : إن البّر يزيد في الرزق. (البحار: 74: 81).

47ـ مواساة الإخوان: قال أمير المؤمنين (ع) : مواساة الأخ في الله يزيد في الرزق. (البحار: 74: 395).

 48ـ الزواج، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : الحديث الذي يرويه النّاس حقّ أنّ رجلاً أتى النبي‘ فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج ففعل، ثم أتاه فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرّات؟ فقال أبو عبد الله (ع) : نعم هو حق، ثم قال: الرزق مع النساء والعيال. (الكافي: 5: 330 باب أن التزويج يزيد في الرزق: ح4).

49ـ إعطاء الزكاة.

50ـ التوكّل على الله.

51ـ حسن التدبير، قال أمير المؤمنين (ع) : حُسن التدبير ينمي قليل المال، وسوء التّدبير يغني كثيره. (غرر الحكم: 377).

52ـ السخاء والجود: قال أمير المؤمنين (ع)  عليكم بالسخاء وحُسن الخلق، فإنهما يزيدان الرزق، ويوجبان المحبة. (الغرر: 2: 485).

53ـ الرّفق، قال أبو عبد الله (ع) : أيّمّا أهل بيت أعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع الله عليهم في الرزق، والرفق في تقدير المعيشة خير من سعة في المال، والرفق لا يعجز عنه شيء، والتبذير لا يبقى معه شيء، إن الله عز وجل رفيق ويحبّ الرّفق. (البحار: 75: 60 باب الرفق واللّين ح28).

54ـ زيارة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) ، عن أبي جعفر الباقر (ع)  قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع) ، فإن إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العم، ويدفع مدافع السّوء، وإتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ له بالإمامة من الله. (البحار: 101: 48 ب23 ح17).

55ـ البّر بالأهل، قال الصادق (ع) : من حسن برّه بأهل بيته زيد في رزقه. (البحار: 74: 104 باب صلة الرحم في ح64).

56ـ صوم أربعة أيّام من شعبان، قال رسول الله‘ في حديث طويل، ومن صام أربعة أيّام من شعبان وسّع عليه في الرزق. (البحار: 97: 69).

57ـ دوام الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، عن النبي ‘ أنه شكا إليه رجل قلّة الرزق، فقال‘: أدم الطهارم يدم عليك الرزق، ففعل الرّجل ذلك توسّع عليه الرزق. (المستدرك: 13: 41).

وعن عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله‘: من توضأ لكلّ حدث، ولم يكن دخّالاً على النّساء في البيوتات، ولم يكن يكتسيب مالاً بغير حقّ، رزق من الدنيا بغير حساب. (المستدرك: 13: 41).

58ـ قضاء حوائج المؤمنين، قال الإمام الصادق (ع)  لحسين الصحّاف: يا حسين ما ظاهر الله على عبد النِّعم حتى ظاهر عليه مؤونة النّاس، فمن صير لهم وقام بشأنهم زاده الله في نعمه عليه عندهم، ومن لم يصبر لهم ولم يتم بشأنهم أزال الله عز وجلّ عنه تلك النّعمة. (الكافي: 4: 37)

59ـ تسريح الرأس، قال رسول الله‘: تسريح الرأس يذهب بالوباء، ويجلب الرزق، ويزيد في الجماع. (البحار: 76: 18 باب التمشط وآدابه ح7).

60ـ تقليم الأظفار في يوم الخميس أو الجمعة وأخذ الشارب، عن أبي كهمش قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : علّمني دعاء استنزل به الرزق، فقال لي: خذ من شاربك وأظفارك، وليكن ذلك في يوم الجمعة.

61ـ افتتاح الطعام بالملح، قال الصادق (ع) : من ذرّ الملح على أوّل لقمة يأكلها استقبل الغنى (الوسائل: 24: 47).

62ـ غسل اليدين قبل الطعام وبعده، قال الإمام الصادق (ع) : الوضوء ـ بالفتح ـ قبل الطعام وبعده يزيد في الرزق (الخصال: 1:23).

63ـ لعق القصعة، قال أمير المؤمنين (ع) : من لعق قصعة صلّت عليه الملائكة، ودعت له بالسعة في الرزق، ويكتب له حسنات مضاعفة . (البحار: 66: 406 باب لعق الأصابع في ح9).

64ـ التحلّل، عن أبي الحسن (ع)  قال: قال رسول الله‘ لجعفر (ع) ، تخلّل، فإنّ الخلال بجلب الرزق(الوسائل: 24: 422 باب 104 من آداب المائدة ح9).

65ـ حُسن الخطّ وطيب الكلام  قال رسول الله‘: استنزلوا الرزق بالصدقة، والبكور مبارك يزيد في جميع النّعم، خصوصاً في الرزق، وحُسن الخطّ من مفاتيح الرزق، وطيب الكلام يزيد في الرزق. (البحار: 76: 318).

هذا غيض من فيض في معرفة الرزق، فمن علم أن رزقه لا يأكله غيره، كيف لا يطمئن قلبه؟...

2022/06/02

2022/05/30

ماذا أعددنا لـ ’الحياة الأبدية’؟!
في يوم كنت جالساً في غرفتي الصّغيرة، وفتحت الشباك لأشمّ نسيم الربيع النّقي، وأنا أفكر بالأبديّة، وإذا به لفت نظري شجرة العنب التي في ساحة الدار بأوراقها الخضراء.

[اشترك] 

فإنتقل ذهني منها إلى عدد الأشجار في الكرة الأرضيّة، فهل تُعدّ وتُحصى، ثم إلى أغصانها وأوراقها، ثم إلى البيوت والبساتين والغابات وما فيها من الأشجار، ثم إلى الجبال وذرّاتها، وإلى الصحارى ورمالها، والبحار وقطراتها، والسماء وكواكبها، والمجرات التي اكتشفت بالملايين، ثم الحُفر السوداء الذي لم يعلم ما ورائها إلی يومنا هذا، إلّا الله تبارک وتعالی، ثم يا تُرى هل كلّ ذلك يُعد بالمليون أو المليارد والترليون وهكذا، أو أنه خارج عن وهم البشر في عدّه وإحصائه، فإذا كان هذا ممكن في هذه الدنيا الفانية والزائلة، فما بالك بالآخرة والحياة الأبديّة، فكم تكون السّعة الوجوديّة للباقيات الصالحات وللباقيات الطالحات؟!

وهنا نقف على عظمة مقولة سيدنا العلامة الطباطبائي+ حيث قال: (أيّها السادة، أمامنا الأبدية) فماذا أعددنا  لها؟!

2022/05/25

أنا منحوس وأعاني من ’أحلام مرعبة’.. ما الحل؟!

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي (قدس):

أولاً عليك بالأدعية والأوراد عند النوم كما في مفاتيح شيخنا القمي قدس سره ومنها هذا الدعاء (أعوذ بالله من الإحتلام ومن سوء الأحلام ومن أن يتلاعب بي الشيطان في اليقظة والمنام برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين) وعليك بقراءة القرآن قبل النوم ولو بمئة آية.

[اشترك]

والقول بالنحوسة هذا من الجهل فإنّ الأمور كلها بيد الله وعليك بتعقيبات صلاة الصبح كما في المفاتيح وفي آخرها دعاء جميل جداً وفيه (اللّهم إن عندك من الأشقياء فأمحني واكتبني من السعداء) لأنّ الله لوح المحو والإثبات فيمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، فتوكلّ على الله وإرتبط به فإنّ الله لا يدع عبده ألي الله كاف عبده وأمته؟!

وما ذكر فيه من السوء إنّما هو تلقين سلبي وهو الذي يؤثر على عقلك وعقلك يؤثر على قلبك وقلبك يؤثّر على جوارحك وأعمالك فأترك الطاقة السلبية ودائماً كن على شوق وسرور وطاقات إيجابية وقل من الآن أنا أسعد إنسان في الحياة أنا أكثر الناس توفيقاً وبركة أنا أقوى من الآخرين في الإرادة والتصميم والعزم والعمل أنا أخدم ربي وأخدم الناس من يخدم ربه والناس فهو سعيد فأنا سعيد في حياتي المستقبل الباهر والحياة الفاضلة إنّما لي، فالمستقبل مستقبلي والحياة حياتي وأنا كالشمعة أحترق وأنور نفسي وأنوّر من كان من حولي، فالجميع لا يرون مني إلّا الخير والخدمات والمحبة والمودة والصفاء أنا كالجبال شموخاً وكالسماء سماحاً وكالبحر جوداً وكالماء عذباً وصفاءً من مثلي وأنا شيعة أهل البيت من مثلي وأنا مؤمن بالله من مثلي وأنا أقتدي بفاطمة الزهراء عليها السلام وأنا أقتدي بمولاتي زينب الكبرى وهل من يقتدي بهما يشقى أبداً والله بل هو السعيد حقاً حقاً فأنا السعيد أنا السعيد أنا السعيد.

إذكرني في صلواتك وفي زياراتك وفي الدعاء ولا سيما في صلاة الليل ودمتم بخير وسلامي للأحبة والأعزة والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

2022/05/23

إحذروا ’سطوات الله’.. ومن الذنوب ما يضيّق الرزق!
روي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام كثيراً من الدرر التي تحذر الناس من ارتكاب الذنوب والوقوع في المعاصي، وهنا نود أن نأخذ قبسات من كلماتهم عليهم السلام، ونعلق عليها باختصار وإيجاز.

[اشترك] 

فمما ورد عنهم عليهم السلام:
١- قوله عليه السلام: (أشد الذنوب ما استخف به صاحبه)، فإن الذنب الصغير بسبب الاستخفاف ينقلب إلى ذنب كبير، فإن من استخف بمعصية الله فإنه إنما استخف في حقيقة الأمر بالله سبحانه.
٢- قوله عليه السلام: (لا يغرنك ذنب الناس عن ذنبك)، فإن العاقل من أصلح حاله ونظر إلى ذنبه فتاب منه، لأنه هو الذي يسأل الله عنه، ويحاسب عليه، وأما ذنوب الناس فلا يسأل الله عنها إلا من ارتكبها.
٣- قوله عليه السلام: (احذروا سطوات الله وهي أخذه على المعاصي)، فإن المرء لا يأمن أن يموت أو ينزل الله به نقمته وهو على معصيته، فما أسوأ حال من يفد على الله وهو على معصيته.
٤- قوله عليه السلام: (لا تستقلوا قليل الذنوب ، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيراً)، فإن قلة الذنوب تنقلب إلى كثرة بسبب المداومة عليها، مع أن الذنوب الصغيرة تتحول إلى ذنوب كبيرة، لأن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة.
٥- قوله عليه السلام: (أقل ما يلزمكم الله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه)، فإن كل معصية يرتكبها المرء إنما يرتكبها بعضو من أعضائه، وكلها من نعم الله سبحانه، فمن اللؤم أن ينعم الله على العبد بنعمة، ويعصيه بها.
٦- قوله عليه السلام: (اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات)، فإن من أراد أن يفعل المعصية أو يترك طاعة، فليذكر أن هذه المعصية ستنتهي لذتها وتبقى تبعتها وإثمها، وليذكر شقاء العصاة الذين ماتوا، وليتساءل: ماذا بقي لهم من لذاتهم.
٧- قوله عليه السلام: (اتقوا المعاصي في الخلوات، فإن الشاهد حاكم)، فإن من عصى ربه في خلواته فقد جعله أهون الناظرين، لأنه لا يرتكب معصيته لو نظر إليه أقل الناس، فالله سبحانه أولى أن يُخجل منه، لأنه هو الشاهد الذي يحاسب الناس على ذنوبهم.
٨-  قوله عليه السلام: (إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب، وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنوب من الفرض)، فإن العقلاء تركوا من الدنيا ما لا يليق بهم فعله وإن كان جائزاً لهم، ولكنهم تركوه رغبة في إدراك الفضل والكمال، فكيف لا يتركون ما لا يجوز لهم وهو الذنب الذي تركه مع كونه كمالاً فهو أيضاً فرض من الله سبحانه.
٩- قوله عليه السلام: (إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق)، فإن الذنوب لها آثار وضعية في الدنيا منها: تضييق الرزق، ومحق العمر، وعدم استجابة الدعاء، ونزول البلاء كالمرض والقحط والغلاء وغيرها، وعدم التوفيق للخير والطاعات.
١٠- في الحديث القدسي أن الله سبحانه قال: (إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني)، فإن من آثار الذنوب وقوع البلاء لمرتكب الذنب ولا سيما إذا عمل المعصية وهو يعلم بها، ويعلم أن الله مطلع عليه، ومحاسبه، ومعاقبه، وأنه ساخط على فعله.

2022/05/15

2022/05/12

حياء الحمق.. كيف نتخلص من الخجل؟!

الجواب من سماحة السيد عادل العلوي قدس سره:

 

إن الخجل المذموم وهو المعبّر عنه في الأحاديث بحياء الحمق له أسبابه وعوامله كما في علم النفس الحديث.

[اشترك]

 وقد  كُتب في هذا المجال كتب ورسائل كثيرة ومن أهم العوامل عقدة الحقارة التي تتولد من أسباب عديدة، ومن أهمّها عدم تكريم الوالدين لأولادهم بل وتحقيرهم أمام الجمع منذ طفولتهم ممّا يخلق العقدة النفسية في ضميرهم اللاّ شعوري المسمّى بالعقل الباطني.

وفي كبره يبتلى بالخجل المفرط، أو حتى يبتلى بالجناية وأذية الآخرين وبمرض السّاديسم، فلابد من مراجعة الطبيب والعالم النفسي الحاذق ورجل الدين الصالح ويذكر ويروي ما عنده منذ صغره، ثم يتبّع نصائح المربّي والمعلّم، وكلّ واحد يختلف حاله بحسب مشاكله وعوامله، ولمثل هذا لا يمكن أن يطرح المسألة بصورة عامة وبيان أسباب الخجل وعلاجه والخلاص منه، فإن الأمراض الروحية كالأمراض الجسدية فلا يكتفي لمن عنده صداع في رأسه أن يستعمل حبّ الاسبرين، مثلاً فربّما للصداع أسباب أخرى تضره هذه الحبّة فلابد حينئذ من مراجعة الطبيب ، وكذلك في الأمراض النفسيّة كالخجل ودمتم بخير وعافية.

2022/05/08