محجبات الشهور: زينة الدنيا بخسران الآخرة

بعض النساء يتحجبن في بعض الشهور من كل عام فقط؛ كشهر رمضان أو شهري محرّم وصفر. أمّا في بقية أشهر السنة فتراهنّ متكشفات غير محجبات، حتى أنّ البعض منهن يضعن على وجوههنّ مساحيق خاصة للتجميل.

وقد حرّم الدين الحنيف هذا التبرج والتكشف أمام الأجانب من الرجال، وقد توعّد الله سبحانه وتعالى العاصين أن ليس لهم في الآخرة إلا النار.

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ([1]).

فليس للبشر إلّا أن يتبعوا ما أمر الله تعالى به لبلوغ الكمال النفساني إن أرادوا الفوز والنجاح في الدارين، وإلا كانوا من الأخسرين أعمالاً.

على حد قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} ([2]).

ولاريب أنّ للشيطان دوراً في انحراف الإنسان إن استجاب له وأطاعه. فعلى المرء أن يعتصم بالله العلي العظيم ولا يستجيب لدعوة الشيطان. فالشيطان هو عدو الإنسان اللدود، وهو يسعى جهد قدرته أن يستزل الإنسان لكي يتبعه من خلال وساوسه وتسويلاته، فيصرف الإنسان عن كل ما يقربه إلى الله ويزكيه.

وإن الشيطان ليعترف يوم القيامة قائلاً: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} ([3]).

إذاً فلا سلطان ولا سيطرة للشيطان على الإنسان خلافاً لما يقوله بعض من يريد تبرير موقفه عند ارتكاب المعاصي واجتراح السيئات بتبريرات واهية عقلاً ومنطقاً. إنما الشيطان يدعونا فحسب ولا يتعدى أمره (الدعوة) فما علينا إلّا أن لا نلبّي دعوته ولا نضعف أمام المغريات وزخارف الدنيا والأهواء الباطلة.

يقول الله جل وعلا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير}ِ ([4]).

ولولا اتباعنا إياه وإطاعتنا له لعرجنا في ساحات القدس. فطوبى لنفس فكرت في عقباها فلازمت التقوى وما يؤدي إلى الزلفى، ووفقت إلى أنواع الاستغفار فطهرت من أدرانها وتزكّت مما علق بها من دنس ورجس، لتتوجه نحو النعيم الخالد والحياة التي كلها سرور ورضى.

 قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ([5]) أي: أنّ الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية الأبدية لا هذه الدنيا الدنّية سريعة الزوال فانية الأجل.

*مقتطف من كتاب التبرّج والسفور وانعكاسهما على الفرد والمجتمع صادر عن شعبة البحوث والدراسات في قسم الشؤون الدينية – العتبة الحسينية المقدسة

------------------

([1]) سورة هود: آية 15-16.

([2]) سورة الكهف 103-104.

([3]) سورة ابراهيم 22.

([4]) سورة فاطر: آية: 6.

([5]) سورة العنكبوت: آية: 64.