كيف نربي أبناءنا في ’الزمن الصعب’؟

 

سحر الشعير:

كيف نستطيع أن نربى أبناءنا تربية صالحة في هذا الزمان الصعب؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فيما يحيط بهم من أسباب الفتن والفساد وكيف نستطيع أن ننشّئهم على الصلاح والتقوى والاستقامة دون أن يتأثروا سلبياً بالمد الثقافي الهائل الوافد إلينا عبر القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت؛ حاملاً في طياته الغث والسمين من المواد المعروضة؟

لا نستطيع أن نحجب الأبناء وليس هذا هو التصرف السليم، ولكن لابد أن يبقى الوالدان هما المؤثر الأول في تشكيل شخصية الابن من خلال حصن الأسرة والمنزل، ولهما في ذلك وسائل كثيرة:

أولاً: اللجوء إلى الله تعالى والاستعانة به وحده في طلب هداية الأبناء وصلاحهم، وهذه هي صفة عباد الرحمن التي مدحهم الله تعالى بها في كتابه العزيز: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.

وأن يكون الأساس الديني والعقدي هو الأصل الذي ينطلق منه الوالدان في تربيتهما للأبناء، قال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

ثانياً: تربية الأبناء على مراقبة الله تعالى: وذلك من خلال غرس عبادة الإحسان في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم، وبذلك يتكون لدى الطفل الضمير الحي اليقظ، والرقيب الداخلي، فإذا شبّ الطفل على ذلك تكوّن لديه الضابط الذي يميز به بين ما هو نافع وما هو ضار، والذي سمّاه الله تعالى " فرقاناً " قال تعالى: يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً، قال العلماء في تفسيرها: فرقاناً تميزون به بين الحق والباطل.

ثالثاً: لابد أن يستشعر الوالدان مسئولية كل منهما عن دورهما العملي في تنمية الضمير لدى الأبناء، وذلك من خلال تصرفاتهما وسلوكهما الطبيعي بشرط أن يكون منضبطاً ومحافظاً على مركز (القدوة الحسنة)، لأن الطفل يتلقى هذا السلوك بطريقة تلقائية ومباشرة فينطبع داخله أن هذا هو السلوك الصحيح المنضبط، فيبدأ في تقليده ويحذو حذوه.

مثال: إذا ارتكب الطفل سلوكاً خاطئاً، فقام الوالدان بتوضيح الأمر له بهدوء مبينين له أثر السلوك الخاطئ الذي يرتكبه على نفسه وعلى الآخرين من حوله، فإن هذا الأسلوب سيساعد على جعل الطفل يفكر في تأثير تصرفاته وأفعاله (نتائجها) على الآخرين قبل أن تصدر منه، وبالتالي يحجزه هذا الأسلوب عن الوقوع مستقبلاً في كثير من السلوكيات الخاطئة.

مثال آخر: عند محاسبة الطفل على سلوك خاطئ أو عادة سيئة نريده أن يتخلص منها، يحاول الوالدان أن يضعا الابن أمام نفسه ويطلبا منه هو شخصياً أن يصدر حكمه ويوضح رؤيته الشخصية لهذا السلوك الخاطئ، وهل يقبل لنفسه هذه الصورة الخاطئة؟

إن هذا الأسلوب ينمى لدى الطفل وبعد أن يكبر ملكة وعبادة (محاسبة النفس) مما يؤدى به إلى إعزاز نفسه والترفع بها عن الدنايا والأخلاق السيئة أو السلوك الشائن.

وأخيراً وإن كان ليس لوسائل التربية الناجحة آخر:

التوعية ونعنى بها:

إن من حق الأبناء علينا أن نمنحهم القدر الكافي من التوعية التي تحصنهم من التلوث السلوكي، وأن ندربهم على معرفة وتمييز أنواع الناس، ومخاطر الحياة في وقت مبكر وذلك من خلال إعطائهم جرعات متدرجة ومناسبة من الحرية وإتاحة الفرصة للتفاعل مع الحياة، وبمرور الوقت تتكون لديهم القدرة على حماية أنفسهم في ظل ما تلقوه من وسائل الضبط والتمييز وأساسها تنمية المراقبة لله تعالى في أنفسهم.