’حديث مخيف’.. كيف تتعامل الأسر مع الأزمة الاقتصادية العالمية؟

نسمع ونقرأ عن الأزمة المالية التي تجتاح العالم، ويتحدث الخبراء عن خسائر فادحة بأرقام خيالية تصيب الدول والشركات، كما تذكر وسائل الإعلام أن العالم يتغير وهو لم يخرج حتى الآن من تلك الأزمة بل يقال انها لم تبلغ ذروتها بعد، وهذا الحديث المخيف يجعل قلقاً طبيعياً يجتاحنا، خاصة أن الاقتصاديين يتحدثون حديثا متخصصا يجعل الأسرة العادية بعيدة عنه.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فكثير من أرباب الأسر من الرجال والنساء لا يعرفون ما الذي ينبغي عليهم فعله لمواجهة تلك الأزمة، وربما لا يدرك بعض الناس أن عليهم تغيير الكثير من عاداتهم الشرائية وتقنين ميزانياتهم بطريقة مختلفة تجعلهم بمنأى عن المشاكل الاقتصادية والمطبات المالية المفاجئة.

يقدم بعض المختصين في هذا التحقيق النصح للأسرة في كيفية التعامل مع الازمات المالية عموما وكيفية تنظيم ميزانيتها لتكون في مأمن من المواقف المفاجئة، إضافة إلى طرق تأمين مستقبل الاسرة المادي.

البطالة 

يرى الدكتور أحمد البنا أن تداعيات الأزمة المالية في أميركا انعكست على دول العالم، وتختلف درجات التأثر من دولة إلى أخرى لأسباب كثيرة، وهناك جانب في علوم الاقتصاد هو الاقتصاد الاجتماعي الذي يهتم بتداعيات الأزمة على المجتمع، فالأزمة المالية تؤدي إلى استغناء الشركات عن موظفيها وبالتالي تنتشر البطالة، الأمر الذي يؤثر على اقتصاد الحكومات التي تلتزم بدفع الضمان الاجتماعي وتوفير الخدمات لتلك الفئة من المجتمع، ولا يخفى على أحد ما يمكن أن يتسبب به انتشار البطالة من مشاكل فهي واحدة من أسباب العنف والجريمة، لذا يجب على كل أسرة أن تتدارك هذه الأمور وتراجع سلوكها المالي وطرق انفاقها، فتبدأ بالاهتمام بتوفير المدخرات.

فنحن إلى اليوم لا نعرف مدى الضرر في النظام المالي العالمي، ومدى الضرر في القطاعات الاقتصادية لذا يجب مراجعة الانفاق على السلع الأساسية مثل التعليم والصحة والمواد الاستهلاكية، وتقليل المصروفات في السلع الكمالية عن طريق إعادة جدولة الانفاق، والابتعاد عن السلوك النمطي الاستهلاكي، فيجب وضع الخطط الاستهلاكية على مستوى الفرد وعلى كل شخص أن يسأل نفسه هل احتياجاته بهذه الكمية التي يمارسها من الانفاق؟ وهل تستحق السلع المعروضة هذه القيمة المادية؟ لأن تلك التساؤلات تساعد الانسان على تقنين ميزانيته وتوفير المال بدلاً من انفاقه دون حساب.

التحكم بالتداعيات محدود

الخبير المالي وضاح الطه أكد أن التحكم بتداعيات الأزمة المالية محدود جدا، خاصة في حال انهاء خدمات الأفراد لأن مثل تلك القرارات في الغالب تكون غير قابلة للتفاوض، لكن الأسر التي لم تتعرض بشكل مباشر للأزمة عليها التصدي لأي طارئ بتقليص المصاريف في النواحي الترفيهية، لأن مصاريف الأسرة تنقسم إلى قسمين إجبارية لا مفر منها مثل مصاريف السكن والكهرباء والمدارس.

والمصاريف الاختيارية أو التي يمكن التحكم بها كالمشتريات المختلفة، فهناك عادات شرائية لدى كثير من الاشخاص يجب أن تتغير ويجب البحث عن البدائل للسلع مرتفعة الثمن، إضافة إلى اعتماد طرق مختلفة للتسوق إذ يمكن للعائلات الكبيرة أن تتسوق الأطعمة من سوق الجملة لتوفر في الأسعار.

كذلك يمكن المشاركة مع الزملاء في النقل لتوفير مصاريف البترول واستهلاك السيارة فيكون النقل متبادلا بين الزملاء الذي يسكنون متقاربين ويعملون في مكان واحد، ومسألة التدبير مسألة مهمة يجب أن تنتبه إليها المرأة فتكون حريصة على أن تغطي جميع احتياجات الأسرة بأقل تكلفة ممكنة، وترشيد المصروفات والاستغناء عن المواد التي لا توجد إليها حاجة فعلية، وعلى الناس أن يفكروا جديا بالتوفير فلم تعد البنوك توفر القروض في حال الحاجة إليها، لذا تكون مبالغ التوفير النقدية هي الحماية للأسرة من الطوارئ، فلا يمكن الانكار أن الأزمة شديدة وقد تأتي بموجة جديدة من انهاء الخدمات.

توعية الزوجة

وترى أمل عبد العزيز مديرة مصرف أن من الأمور الطبيعية أن تؤثر الأزمة على الأسرة، لذا يكون الوعي مهما لمعرفة كيفية مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، فالتوفير هو أول سبل الحماية المادية للأسرة ولتحقيق القدرة على التوفير يجب تقنين المصروفات ووضع ميزانيات محددة لكل شيء، وتخفيض الانفاق سواء في التسوق أو حتى التقليل من نفقات الكهرباء عن طريق اطفاء الاجهزة والانارة في حال عدم الحاجة إليها.

وعلى الزوج كذلك أن يهتم بتوعية زوجته خاصة إذا لم تكن على اطلاع بواقع العمل والأزمة المالية العالمية، والابتعاد عن الماركات العالمية فهناك سلع بديلة لا تقل جودة عنها، خاصة أن تلك الأزمة لم تسفر حتى الآن عن انخفاض بأسعار السلع فما زال ارتفاع الاسعار موجودا ولا يمكن التوفير ما لم تتغير السياسة الشرائية للفرد والأسرة، إضافة إلى تعويد الأطفال على التوفير والحرص على إيجاد حساب توفير لهم لضمان مستقبلهم الدراسي فالمبالغ الصغيرة التي تستقطع شهرياً من أجل التوفير قد تمثل الضمانة لمواجهة الأزمات والظروف الصعبة التي قد تمر بها الأسرة.

ويمكن كذلك البحث عن البدائل حتى في الانفاق الاجباري كالبحث عن سكن أقل كلفة في حالة الايجار واقتناء سيارة أصغر لتقليل كلفة البترول وفي حالة الاضطرار البحث عن مدارس أقل تكلفة ومضاعفة جهود الاسرة في مساعدة الأطفال في تحصيلهم الدراسي لتعويض ما تعجز عنه المدرسة الجديدة، وكل تلك الامور هي من باب الحرص وينبغي أن يلتفت إليها الناس سواء في حال وجود الأزمات أو عدمه لأن الأمان المادي وسيلة مهمة للاستقرار الاسري والمحافظة على مستقبل الأبناء.

الصورة غير واضحة

ويرى عماد الدين صادق، نائب مدير مصرف ان الأسرة يجب أن تكون أكثر تحفظا في تلك المرحلة، لأن المبالغ النقدية التي تحتفظ بها تمثل سلاحا مهما في وجه الأزمات، والمطلوب الآن ترشيد الانفاق وتأجيل قرارات شراء السلع الكبيرة كشراء السيارات أو المنازل أو حتى قطع الأثاث والسلع مرتفعة الثمن.

كما يجب زيادة وعي ربات البيوت للمساهمة في تقنين الاستهلاك وتغيير طرق الشراء ومحاولة تلبية احتياجات الأسرة من المشتريات بأفضل الطرق، وهو أمر يعتمد بالدرجة الأولى على ذكاء ربة البيت ووعيها، وبنود الانفاق تتفاوت بين أسرة وأخرى لذا فالأمر يعتمد على المسؤولين عن ميزانية الاسرة وكيفية تحديد الأولويات فيها، وكل ما يقال الآن هو اجتهادات لأن الصورة لا تزال غير واضحة ولا توجد مدة محددة لانتهاء الأزمة المالية لذا ليس لنا إلا توجيه الاسر الى الالتزام بميزانيات محددة يكون للتوفير مساحة مناسبة فيها وتأجيل أية خطوات شرائية كبيرة يمكن أن تنقص من قيمة النقد المتوفر لديهم.

نفاق اقتصادي

وقال الدكتور جمعة بلال فيروز، رئيس جمعية حماية المستهلك ألاحظ أن بعض الاقتصاديين منافقون للأسف، فمنهم من يرى القارب غارقاً ولا يعترف بالأمر، بينما الاعتراف بوجود مشكلة يساعد في التفكير بها وايجاد الحلول لها، ألا فالاقتصاديون تعودوا تجميل الأمور، بينما يعود الضرر على المجتمع والأسرة.

*البيان