كيف تتعاملين مع «الزوج المتسلّط»؟

إن العلاقات المتوازنة قائمة على الأخذ والعطاء والاحترام المتبادل وأن تقدر شريكك في جميع المواقف، ومن المفاهيم الخاطئة أن العلاقة الجيدة بين الشريكين تأتي بشكل طبيعي ولا تتطلب عملاً، والحقيقة أن العلاقة بين الزوجين تمر بالعديد من المصاعب والخلافات، والتي قد يكون أحد أسبابها سلوكيات الزوج المتسلط الذي يمكن أن يحول العلاقة الزوجية إلى علاقة سامة ومتعبة.

من هو الزوج المتسلط؟

يميل الزوج المتسلط إلى السيطرة وتولي المسؤولية في كل جانب من جوانب حياتك وعلاقاتك، بحيث يفرض سلطته على شريكته في كل المواقف دون الرجوع إليها، محاولًا تأكيد سلطته والتحكم في كل المواقف، وهو الأمر الذي يعتبر شكلاً من أشكال الإساءة.

أشار أحد الأبحاث إلى العديد من أشكال الإساءة التي تحدث في العلاقة بين الشريكين، إذ أن هناك عدة أنواع من الإساءة التي تحدث في العلاقات كالإساءة الجسدية أو العاطفية (النفسية)، وقد أشار البحث إلى أن بعض الشركاء أثناء تلبية الاحتياجات المرتبطة بالعلاقة يتصرفون بشكل مسيء، ما يتسبب ببعض المصاعب لشركائهم نفسيًا وجسديًا، والتي تبرز من خلال ممارسة الهيمنة والسيطرة على الشريك، لذا أكد البحث على ضرورة أن تكون هذه العلاقات مبنية على المحبة والدعم والأمان.

ما هي العلامات التي تشير إلى الزوج المتسلط؟

إن بعض السلوكيات التي تشير إلى أن الزوج متسلط قد تكون واضحة منذ بداية العلاقة، أو تظهر بشكل تدريجي بحيث يصعب اكتشافها في البداية، وإليكِ أبرز هذه العلامات شيوعًا:

اتخاذ القرارات نيابةً عنكِ

إن مفهوم الاعتناء والاهتمام لا يشبه مفهوم التحكم والسيطرة، وقد يكون من الصعب عليك التفريق بينهما، إلا أن هناك اختلاف ما بين الاهتمام والرعاية بحيث يقوم شريككِ بكل ما تحتاجينه، وبين ممارسة الضغط والهيمنة، فعلى سبيل المثال: قد يقوم الزوج المتسلط برسم جدولك الزمني بما يتناسب مع متطلباته، ويحدد لك ما ترتديه، وما تأكليه، أو من هم الأصدقاء الذين يمكنك قضاء الوقت معهم، أو قد يقوم بإغلاق حسابك المصرفي، أو قد يصر على استقالتك من العمل.

اللوم والنقد الدائم

يمكن للشخص المتسلط أن يواجه صعوبة في تحمل مسؤولية أفعاله، فبدلاً من الاعتراف بأنه ينتهك خصوصيتك يوجه اللوم إليك لتجنب تحمل المسؤولية عن سوء أفعاله واختياراته، وهذه علامة شائعة جدًا على السلوك المتسلط في العلاقات.

التدخل في خصوصياتك

قد يطلب الشريك المتسلط الاطلاع على سجل الدردشة الأخير الخاص بك، أو قد يقرأ مذكراتك دون طلب إذنك، أو قد يطلب أيضًا الحصول على كلمات المرور الخاصة بك مستخدمًا الحجة التالية “إذا لم يكن لديك ما تخفيه، فلماذا لا أمتلكها؟”.

عزلك عن الآخرين

قد يحاول الزوج المتسلط قطع اتصالك بالأصدقاء وأفراد العائلة، فقد يشتكي الشريك المسيطر من مقدار الوقت الذي تقضيه مع أشخاص آخرين، وقد يشكك بمحبة الآخرين لكِ ويقول إن تأثيرهم عليكِ سلبي.

كيف يمكنك أن تتحرري من الزوج المتسلط؟

لا شك أن العلاقات الصحية جزء مهم من الحياة، إذ أظهرت دراسة(Umberson.2010)  عن تأثير العلاقات المتوازنة على الصحة النفسية والصحة البدنية والتي لها دور في تقليل مخاطر الوفاة، حيث أكدت الدراسة أن الأشخاص الذين تربطهم علاقات صحية يتمتعون بصحة أفضل سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي، ولديهم مخاطر أقل للوفاة أو التعرض لأمراض مختلفة.

لذا نقدم إليك أهم الخطوات التي تساعدك على بناء علاقة صحية مع شريكك والتحرر من السلوك المتسلط:

وضع الحدود

لا يتعلق وضع الحدود في العلاقات بإبعاد الآخرين، بل يتعلق الأمر بتوفير بيئة متوازنة بين احتياجات ورغبات كل من الشريكين.

 يتيح وضع الحدود للشريك معرفة آلية سير العلاقة، وتوضيح ما لا يمكن تجاوزه، لذا لا بد من تحديد القيم الأساسية بالنسبة إليكِ والتمسك بها، إذ يمنح ذلك إحساسًا بالرضا والثقة بالنفس بأنكِ شخص مسؤول تمامًا عن قرارتهِ واختياراتهِ، وبالتالي ضمان الحفاظ على علاقة قائمة على الاحترام المتبادل.

التواصل الفعال

من الخطوات الهامة للتحرر من تسلط الزوج ممارسة التواصل الفعال، إذ يؤدي ضعف الاتصال إلى تآكل الثقة، وزيادة هيمنة الشريك نتيجة عدم الانخراط معًا في تواصل فعال، كما يمكن أن تلعب الطريقة التي تتحدثي بها مع شريكك دورًا رئيسيًا في حل الخلافات.

أشارت دراسة (Rogers.2018) تمت فيها مراقبة طريقة الأزواج في التواصل أثناء الخلافات إلى أن جودة التواصل تلعب دورًا هامًا في تخفيف حدة النزاعات، فعلى سبيل المثال: استخدام عبارات مثل: (أفهم لماذا قد تشعر بهذه الطريقة، لكنني أشعر بطريقة مختلفة، وأعتقد أن الموقف غير عادل) تم تصنيفها على أنها أفضل استراتيجية لفتح مناقشة بناءة.

ممارسة الحزم

إذ كنتِ ممن يفتقرون إلى مهارات الحزم بحيث تواجهين صعوبات في قول “لا”، عليك التدرب على الحزم دون أن تظهري العدوانية، وعندها ينعكس ذلك على مستوى ثقتك بنفسك وباختياراتكِ، لأن التواصل الفعال مع الشريك دون الخضوع أو العدوانية يمكن أن يعزز من استمرارية العلاقة ويساعد على إدارة الخلافات بسهولة.

طلب المساعدة

في بعض الأحيان، يتطلب إعادة بناء العلاقة مع الشريك جهدًا ووقتًا كبيرًا، لذا فإن التواصل مع من لديهم الخبرة الكافية كالمعالجين أو الأطباء النفسيين له دور أساسي في حل القضايا المرتبطة بالعلاقات، إذ يمكن للمعالج أن يكون وسيلة ممتازة لإرشادك نحو تحقيق أهدافك والتحرر من تسلط الشريك.

إن العيش في علاقة سامة يمكن أن يكون له أضرار عديدة، لذا لا بد من تحديد كيفية تعامل الشريكين مع بعضهما، حيث يساعد ذلك على حماية طاقتهم من الاستغلال جسديًا أو عاطفيًا، وبالتالي الحفاظ على صحة نفسية متوازنة.

المصدر: لبيه