كثرة زيارة الزوجة لأهلها وحلول لتنظيم زيارة الأهل
كتبت ميس نبيل:
عندما تخرج الفتاة من بيت أهلها عروساً تشعر بالغربة في بيت زوجها في بادئ الأمر، فتكثر من زياراتها إلى بيت أهلها الذي ما تزال تعتبره بيتها وترتاح فيه نفسياً وعاطفياً وفكرياً وجسدياً، وهذا أمر طبيعي في مراحل الزواج الأولى، ولكنه يتحول إلى أمر غير طبيعي عندما تبالغ الزوجة في زيارة بيت أهلها ليكون ذلك على حساب بيتها وزوجها ومسؤولياتها الجديدة.
[اشترك]
أسباب كثرة زيارة الزوجة لأهلها
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل المرأة ترغب في زيارة بيت أهلها بكثرة أو حتى المكوث عندهم لوقت طويل، سواء كان ذلك في بداية حياتها الزوجية أو حتى بعد مرور سنوات طويلة على زواجها، من هذه الأسباب نذكر:
1- أسباب متعلقة بالزوجة نفسها:
* عدم الاستقرار العاطفي: فتشعر الزوجة أن المكان الوحيد الذي يشبعها عاطفياً هو بيت أهلها، في كنف والديها، وقد ينتج هذا بسبب دلالها الزائد منذ الصغر أو عدم ثقتها بمن حولها.
* الاعتماد على الأهل مادياً: فاعتماد الزوجة على أهلها مادياً لتلبية حاجياتها أو حتى لتلبية حاجيات بيتها وزوجها تجعل المرأة تكثر من زياراتها لأهلها وترضخ لهم، وهذه مسألة شائعة جداً.
* ضعف القدرة على اتخاذ القرارات: فهناك الكثير من النساء ممن يلجأن للأهل - خاصة الأم- في اتخاذ قرارات عنهن، نحن لا نقول إن على المرأة عدم استشارة أهلها، إلا أن عليها اتخاذ قراراتها بنفسها في النهاية وبمشاركة زوجها حتى لو كانت هذه القرارات غير سليمة أحياناً، لأن عليهما التعلم من أخطائهما، كما أن هناك الكثير من النساء اللاتي لا يشعرن بالراحة والأمان إلا عندما يتخذ الأهل قرارات عنهن بسبب اعتمادهن العاطفي الزائد عليهم.
* عدم الراحة في بيت الزوج: كأن تكون سكنتها في بيت العائلة وسط تدخل الجميع، أو أن بيتها لا تتوفر فيه أموراً قد تعودت على وجودها في بيت أهلها كالتدفئة أو التكييف أو حتى أبسط متطلبات الراحة الجسدية والنفسية.
* الهروب من المسؤولية: فقد تلجأ الكثير من الزوجات إلى الهروب إلى بيت الأهل هرباً من المسؤوليات المتعلقة بالبيت والزوج والأطفال.
* عدم رغبتها في زوجها: قد يكون هذا سبباً أحياناً في تركها لبيتها لفترة طويلة.
2- أسباب متعلقة بالزوج:
* عدم إشباع الزوجة عاطفياً: فعندما لا تجد المرأة الحب والعطف والحنان مع زوجها فإنها حتماً ستبحث عنه في مكان آخر، وغالباً ستعود إلى البيت الذي احتضنها وأشبعها حباً.
* ضعف الثقة بقدرتها على إدارة المنزل: فعندما يعتاد الزوج على إظهار ضعف زوجته في إدارة المنزل من طبخ وتنظيف وتربية الأطفال وتحمل مسؤولية الزوج في كل شيء فإنها غالباً تلجأ إلى بيت أهلها لتتعلم من والدتها الأمور التي تجد نفسها لا تتقنها.
* غياب الزوج عنها لفترة طويلة: فعندما يغيب الزوج عن زوجته لفترات طويلة في العمل أو لأنها يقطن في بلد أخرى مثلاً، فهذا يجعلها تفضل البقاء في بيت أهلها على أن تبقى وحيدة طوال الوقت.
* مشكلات زوجية متكررة أو القسوة على الزوجة وعدم تفهمها واحترامها أو إهمالها أو ضربها.
3- أسباب متعلقة بأهل الزوجة
* يستمر بعض الآباء في معاملة ابنتهم بأنها طفلتهم المدللة والتي من واجبهم حمايتها والوقوف إلى جانبها.
* السيطرة على ابنتهم: فقد يكون أهل الزوجة متسلطين ويحبون السيطرة على ابنتهم والتحكم في حياتها لعدة أسباب، منها طبيعتهم المحبة للسيطرة أو ضعف شخصية ابنتهم أو رغبتهم بأن تعيش ابنتهم الحياة الفضلى وتتجنب الأخطاء التي وقعوا هم بها، أو عدم تقبلهم لزوج ابنتهم أو حتى عدم رضاهم عن تربيتها لأطفالها.
* التسول العاطفي: فقد يطلب الأهل من الابنة البقاء عندهم أو المبالغة في زيارتهم والتحجج بأمور معينة كالمرض أو الوحدة أو الخوف، أو حتى أن عليها ذلك لنيل رضاهم، وإشعارها بالتقصير الدائم تجاههم.
* اعتقادهم بأن كثرة زيارتها لهم يحميها من زوجها وأهله وأنهم هم "سندها" وخاصة إن كان زوجها سيئاً.
* رغبتهم بأن على ابنتهم المكوث عندهم لأطول فترة ممكنة للتعلم منهم والسير على منهجهم لتجنب الأخطاء التي وقعوا هم فيها في زواجهم.
* حاجتهم الفعلية لوجود ابنتهم إلى جانبهم: قد يكون الأهل بحاجة فعلاً لوجود ابنتهم إلى جانبهم بسبب المرض أو بعض الظروف الصعبة.
4-أسباب أخرى لكثرة زيارة الزوجة لأهلها مثل رعاية الأجداد للأحفاد في الوقت الذي يقضيه الوالدان في العمل، وهنا تكثر زيارات الزوجة لأهلها لتوصيل أطفالها من وإلى بيت أهلها، وكذلك قد يؤدي هذا إلى تدخل الأجداد في تربية الأطفال بسبب مكوثهم لفترة طويلة عندهم مما يسبب مشكلات عدة.
تأثير كثرة زيارة الزوجة لأهلها على الحياة الأسرية
قد تقضي الزوجة أوقات جميلة في بيت أهلها وهي تنعم بالراحة والاستقرار والدلال والدعم، وقد يسكت الزوج في بادئ الأمر على كثرة زيارة الزوجة لأهلها، إلّا أن لهذا الأمر نتائج سلبية كثيرة نذكر منها:
* تقصير المرأة في واجباتها تجاه زوجها وأسرته.
* مشكلات زوجية بينها وبين زوجها قد تؤدي أحياناً إلى الانفصال العاطفي أو الصمت الزوجي أو حتى الانفصال الفعلي، أو خيانة الزوج لزوجته التي لا تلبي احتياجاته كزوجة وأم وربة منزل.
* زيادة قنوات تدخّل أهل الزوجة في شؤون الزوجين، وذلك عن طريق التدخل المباشر بهما أو التدخل في تربية الأولاد أو حتى اتخاذ قرارات عنهما.
* مشكلات بين الزوجة وأهل زوجها الذين سيطالبون ابنهم كذلك بالموازنة في زياراته وزيارات زوجته لأهلها وخاصة إذا كان يرافقها في هذه الزيارات.
* قد يصل الحال أحياناً لكره الزوج لأهل زوجته واتهامهم بأنهم يشجعونها على التمرد.
* وأحياناً قد يصل الحال إلى كره أهل الزوجة لزوجها، لأن الأهل دائماً يريدون الأفضل لابنتهم وغالباً يشعرون بأنها تستحق أفضل من زوجها الحالي، كما أن كثرة زيارة الزوجة لأهلها وقضائها وقتاً طويلاً معهم يجعلها حتماً تتكلم عن المشكلات بينها وبين زوجها أمامهما وهذا يجعلهما يتخذان موقفاً ضده حتى لو كانت المشكلة بسيطة وعابرة.
كيف توازن الزوجة بين أهلها وبيتها؟
نحن نعرف بأن عليكِ الحفاظ على بر والديكِ وعدم قطع زيارتهما حتى بعد الزواج، وأنكِ قد تعانين أحياناً من عدم مقدرتكِ على الموازنة بين واجباتكِ كابنة وواجباتكِ كزوجة، هذه بعض الاقتراحات التي قد تساعدك على الموازنة:
* تكلمي مع شريكك قبل الزواج حول موضوع زياراتك لوالديكِ وأن عليكِ زيارتهما لقضاء بعض الوقت معهما وللاطمئنان عليهما، وحددا محدداً ومدة محددة لهذه الزيارات بحسب علاقتك بهما وظروفكم الخاصة.
* تكلمي مع والديكِ بأسلوب لطيف بأن لديكِ عائلتان الآن وأن عليكِ الموازنة بينهما، وأن أسرتكِ الجديدة تحتاج لمزيد من الوقت والجهد لبنائها.
* اقنعي نفسك بأنك عندما تتزوجين ستنفصلين عن أهلكِ وأن هذه هي سنة الحياة، وأن الانفصال عنهما في المسكن لا يعني الانفصال الروحي عنهما، فهما ما زالا والديكِ وستقومين بزيارتهما باعتدال على ألّا يؤثر ذلك سلباً على علاقتك بزوجتك.
* تعلمي وضع أولويات وقيم خاصة بكِ وبزوجك، وانشئي كذلك روتيناً عائلياً خاصاً بكما.
* ضعي حدوداً لعلاقتكِ مع أهلكِ مع الحفاظ على احترامهم وأداء جميع واجباتك تجاههم،
* حاولي البحث عن السبب الذي يجعلكِ تقضين وقتاً طويلاً في منزل أهلكِ وعالجيه، فإن كان السبب هو اعتمادكِ المادي عليهما فحاولي الوصول للاستقلالية المالية وإن كان السبب هو عدم ارتياحكِ في منزلكِ فأخبري زوجكِ لتجدا حلاً للموضوع.
* لا تسمحي لأهلك ولا لزوجكِ بالتلاعب بكِ عاطفياً: فأهلكِ يعرفونكِ جيداً ويعرفون المفاتيح التي تؤدي بكِ إلى تحقيق ما يريدون، فانتبهي أن يتلاعبوا بكِ عاطفياً لقضاء وقت طويل معهم على حساب أسرتكِ، وكذلك انتبهي أن يفعل بكِ زوجكِ ذات الشيء ليجبركِ على التقصير في واجباتكِ مع أهلكِ.
* تعرفي على النتائج السلبية لكثرة زيارة الزوجة لأهلها التي ناقشناها سابقاً.
* عندما يكون الآباء غير ناضجين عاطفياً فغالباً يؤثر هذا الأمر على أبنائهم لينشؤوا مثلهم، فالأزواج الأكثر صحة عاطفياً هم أولئك الذين يفهمون أنه من الجيد أن يكون لديهم قدر من الاستقلالية في العلاقة مع الشريك، لذا عليكِ معرفة ما إذا كانت هناك أي سلوكيات غير صحية قد تكونين قد اكتسبتها من والديكِ، والعمل على إصلاحها.
* على الزوج التكلم مع زوجته بحكمة حول كثرة زياراتها لبيت أهلها ومعرفة السبب وراء ذلك ومعالجته معها.
دور الأهل في حياة أبنائهم المتزوجين
كلنا يعرف مرارة اللحظة التي تخرج بها الفتاة من بيت أهلها عروساً لتفارق هذا البيت الذي عاشت في كنفه سنوات عديدة، ولا شك أن الفتاة تبقى طفلة صغيرة في أعين والديها مهما كبرت، ولكن -للأسف- قد تضر هذه المعاملة ابنتهم بدلاً من مساعدتها.
ومن هنا نقدم بعض الاقتراحات لمساعدة الأهل على التعامل مع ابنتهم المتزوجة:
* قدم المشورة لهم فقط عند حاجتهم لها، فلا تفرض رأيك عليهم ودعهم يتحملون مسؤولية قراراتهم وأعمالهم حتى لو أخطأوا.
* اعلم أن ابنك/ ابنتك لن يمشي على خطاك أنت بالضرورة؛ فله شخصيته المستقلة عنك، كما أن الزمان قد تغير والظروف المحيطة به قد تختلف عن تلك المحيطة بك.
* عندما تتزوج فاعلم أن لها حياة خاصة الآن، وهي مسؤولة عنها، ولكنها في نفس الوقت لن تنسى أهلها لأنك قد ربيتها على ذلك، إلا أن عائلتها الجديدة قد تكون بحاجة لها أكثر.
* ضع نفسك مكانها دائماً، فلو بالغت زوجتك في زيارة أهلها ماذا كنت ستفعل؟!
* إن لاحظت كثرة زيارتها لك بعد مرور بضعة أشهر على زواجها فكلمها في الموضوع وبيّن لها خطورة الأمر، لكن لا تنسَ أن تبحث معها عن الأسباب التي تجعلها تمكث عندك وقتاً طويلاً.
* اعلم أن ابنتك تحتاج للدعم والدفء العاطفي من شريكها، وهو كذلك، وأن سعادتك لن تتحقق إلا بسعادتها والتي تترجم باستقلاليتها.