ما حقيقة أن: علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل؟

ما مدى صحة الحديث المروي: علماء امتي كانبياء بني اسرائيل، وفي آخر أفضل من أنبياء بني إسرائيل؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 

إن خير من فصّل في هذا الخبر وبيّن حقيقته المحدّث الكبير الحر العاملي، في كتابه الفوائد الطوسية، (ص ٣٧٦)، في الفائدة (85)

إذْ يقول (ره): لا يحضرني أنّ أحدا من محدّثينا رواه في شيء من الكتب المعتمدة نعم نقله بعض المتأخرين من علمائنا في غير كتب الحديث، وكأنّه من روايات العامة أو موضوعاتهم ليجعلوه وسيلة إلى الاستغناء بالعلماء عن الأئمة عليهم السّلام ولأنه يناسب طريقتهم، فقد أفرطوا في تعظيم علمائهم مع علمهم بفسق أكثرهم ، واعتقادهم فيهم لا تقصر عن اعتقاد الإمامية في أئمتهم بل ربما زاد عليه كما يظهر لمن خالطهم أو تأمّل كتبهمّ وكما دلَّ عليه الحديث الذي رواه الطبرسي في الاحتجاج عن العسكري عليه السّلام في التقليد ، وهو طويل ولأنهم يعتقدون ان العلماء يغنون عن الإمام كما أشار إليه القاضي عبد الجبار في المغني وهم يطلقون على علمائهم لفظ الأئمة وعلى كثير منهم لفظ الإمام كما في كتب رجالهم وغيره من كتبهم ويحتمل كونه من روايات الصوفية أو موضوعاتهم لإرادة إثبات ما يدّعونه من الكشف وما يترتب عليه من المفاسد التي ليس هذا محل ذكرها . 

وقد نقل الشيخ زين الدين في شرح دراية الحديث عن جماعة من مشايخ الصوفية أنه يجوز عندهم وضع الحديث فكيف يجوز حسن الظن بهم في نقل الحديث وعلى تقدير ثبوته في كتب حديثنا المعتمدة من غير طريق العامة والصوفية حيث إنهم متّهمون في نقله كما عرفت، فقد تقرّر أنّ وجه الشبه لا عموم له، بل يكفي صفة واحدة من الصفات المشتركة بين المشبه والمشبه به فهو يحتمل وجوها اثنى عشر :

أحدها: أن يكون المراد بعلماء الأمة الأئمة الاثني عشر عليهم السّلام ويكون وجه الشبه العصمة ولا ريب في ثبوتها في الطرفين بأدلة مذكورة في محلها .

وثانيها : أن يكون المراد بهم الأئمة عليهم السّلام ووجه الشبه كونهم حجة اللَّه على الخلق وكون طاعتهم مفترضة .

وثالثها : أن يكون المراد بهم الأئمة عليهم السّلام ووجه الشبه الفضل والشرف وعلو المنزلة عند اللَّه لكن اعتقاد الإمامية ان كل واحد منهم أشرف من كل واحد من أنبياء بني إسرائيل وحينئذ يكون من عكس التشبيه لان المشبه أقوى وله نظائر .

ويمكن تصحيحه بحمله على الإنكار وبأن المشبه به أقوى من حيث إن المخاطبين لا ينكرونه انما ينكرون المشبه لوجه آخر وهو ان الأئمة لما كانوا اثنا عشر وأنبياء بني إسرائيل ألوفا كثيرة لا تكاد تحصى كان المشبه به أقوى إذ لا يبعد كون ثوابهم كلهم أكثر من ثواب اثنى عشر إماما وقد صرح السيد المرتضى في رسالة تفضيل الأنبياء على الملائكة بان الأفضيلة المراعاة في هذا الباب هي زيادة ما يستحقه الأفضل من الثواب وصرح أيضا بان ذلك أمر لا يهتدى العقل بمجرده إلى معرفته وانما يعرف من النقل وأجاب بمثل ما أجبنا به هنا عن قوله تعالى : « لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ولَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ » وأجاب بغير ذلك أيضا .

ورابعها : ان المراد بهم الأئمة عليهم السّلام ووجه الشبه فرض الطاعة أو كون كل واحد منهم أعلم أهل زمانه أو كونه علمه من اللَّه ولو بالإلهام ونحو ذلك .

وخامسها : أن يكون المراد بهم الأئمة عليهم السّلام ويكون وجه الشبه انه لا يخلو زمان منهم بل في كل زمان واحد منهم أو اثنان فصاعدا لما تقرر من وجوب النبوة والإمامة . وسادسها : أن يكونوا هم المراد من العلماء ويكون وجه الشبه كونهم مظلومين مقتولين خائفين وتارة غائبين فإن ذلك موجود في الطرفين .

وسابعها : أن يكون المراد جميع علماء الأمة ويكون وجه الشبه وجوب العمل بما يروونه عنه وعن أهل بيته عليهم السّلام كما في طرف المشبه به إذا نقلوا عن اللَّه أو عن صاحب الشريعة في ذلك الزمان أو أوصيائه .

وثامنها : أن يكون المراد جميع العلماء ويكون وجه الشبه كثرتهم فان هذا المعنى موجود في الطرفين ويكون حينئذ إخبارا بالغيب واعجازا له عليه السلام .

وتاسعها : ان يراد العلماء ويكون وجه الشبه وجودهم في كل عصر مع قطع النظر عن الكثرة وهو حينئذ اعجاز له عليه السّلام لمطابقة الخبر الواقع إلى الآن .

وعاشرها : أن يكون المراد العلماء ويكون وجه الشبه تحمل المشاق الكثيرة والمتاعب العظيمة من الظلم والخوف فان هذا الوصف موجود في المشبه والمشبه به وفيه اعجاز أيضا ، وان نوقش في عدم كونه كليا أجبنا بما مرّ في حديث الدنيا سجن المؤمن .

وحادي عشرها : أن بكون المراد العلماء ويكون وجه الشبه عدم إطاعة الرعية لهم فان هذا الوصف غالب في المشبه والمشبه به وفيه حينئذ أيضا اعجاز .

وثاني عشرها : أن يكون المراد العلماء ويكون وجه الشبه كثرة العلم فان علماء الأمة إذا تعلموا العلوم المنقولة عنه وعن أهل بيته عليهم السّلام فقد علموا علما كثيرا وحسن التشبيه بأنبياء بني إسرائيل في العلم بالمشبه به ينبغي أن يكون أقوى ولو باعتبار كثرة الأنبياء أو كثرة علومهم وزيادتها على علوم علماء الأمة لا على علوم الأئمة عليهم السّلام فإنهم أعلم قطعا ويحتمل وجوها أخر بل يحتمل كون وجه الشبه مجموع الصفات وأمثالها أو ما يمكن اجتماعه منها واللَّه تعالى أعلم .