التكافل الاجتماعي: التضحية بـ «مصالح مؤقتة» في زمن الأزمات

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع «الأئمة الإثني عشر»

روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) أنه قال: " اعْلَمُوا أَنَّ حَوائِجَ النّاسِ إِلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ ، فَلا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحُورَ نِقَماً " بحار الأنوار: 25 /121 .

تذهب فلسفة الأخلاق قديما وحديثا باتجاه أن الانسان أناني بطبعه بمعنى أنّ جميع أفعاله تنتهي بعلة غائية واحدة هي مصلحته الشخصية، غير أن الإنسان أحيانا يطبّق أنانيته على المجتمع بمعنى أنه يبحث عن الانانية المشتركة (المصالح المشتركة) وتسمى هذه أنانية عقلانية وأحيانا يبحث عن مصالحه الفردية ولو على حساب الآخرين وتسمى الغرور أو النرجسية .

في خِضَمّ ذلك هل سألتَ نفسك مستغربا: وأينَ الإيثار في هذه المعادلة؟

في الحقيقة الإيثار ضدّ الأنانية تماماً لذا أثاروا جدلاً كثيرا في علم النفس الحديث حول ما إذا كان الإيثار الحقيقي ممكنا او غير ممكن! فلا يمكنهم تصوّر شخصٍ يدمّر مصالحه بالكامل لأجل نفع الآخرين من دون أن يكون له مصلحة شخصية في ذلك بأي شكل من الأشكال .

ولو غضضنا الطرف عن تصوراتهم،  ففي الجانب الديني نجد الإيثار مبَرَرا - اسم مفعول - حيث تكفل الدين (كعقلٍ منفصلٍ) بتوفير المبررات اللازمة، فصار الإنسان وفق هذه الرؤية يضحي بمصالح مؤقتة ليكسب مصلحة أعلى في عالم آخر من جهة الثواب الأخروي و أملاً في مصلحة بديلة في هذا العالم من جهة الثواب الدنيوي ، وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك فلا أقل أنه يولّد شعورا نفسياً واطمئنانا - بسبب القرب من الله تعالى - بقدرٍ لو عرفه غيره من الناس لما فرطوا به.

من هنا كان الايثار والسعي بحوائج الناس نعمة إليهة، وهكذا الكثير من القيم الأخلاقية لا غنى لها عن الدين حتى وإن لم يكن الدين مؤسسا بالنسبة لها . قس الأمر على مقارنة تكافل الشعوب المتدينة بغيرها في زمن الأزمات ينجلي لك الأمر أكثر.