[اشترك]
فلا ینبغی أن یکون إقبال النعم مدعاةً للغرور ونسیان الله والطغیان، ولا إدبارها سبباً للیأس والقنوط، لأنّ سعة الرزق وضیقه بید الله، فتارة یرى المصلحة للعبد فی الحالة الاُولى «سعة الرزق»، وتارةً یراها فی الثّانیة، أی «الضیق».
وصحیح أنّ العالَم هو عالم الأسباب، فمن جَدّ وجد، ومن سعى قاوم الصعاب ینلْ فائدة أکثر ویربح عادةً، وأمّا اُولئك الكسالى فلا ینالون إلاّ قلیلاً... لكن هذه القاعدة فی الوقت ذاته لیست دائمیة ولا کلیة، إذ یتفق أن نرى أناساً جدیرین وجادّین یرکضون من هنا وهناك، إلاّ أنّهم لا یصلون إلى نتیجة یبلغون هدفهم، وعلى العكس منهم قد نشاهد أناساً لا یسعون ولا یجدّون وتتفتح علیهم أبواب الرزق من کل حدب وصوب.
وهذه الاستثناءات کأنّها لبیان أنّ الله بالرغم من جمیع ما جَعَل للأسباب من تأثیر، لا ینبغی أن یُنسى فی عالم الأسباب، ولا ینبغی للإنسان أن یغفل أن وراء هذا العالم یداً قویة اُخرى تدیره کیف شاءت!
فأحیاناً ـ ووفق مشیئته ـ توصد جمیع الأبواب بوجه الإنسان مهما سعى وجدّ فی الأمر، وقد یرحم الإنسان وییسّر له الاُمور إلى درجة اَنه ما أن یخطو خطوة... وإذا الأبواب متفتحة أمامه!
فما نرى فی حیاتنا من هذه المفارقات، بالإضافة إلى أنّه یحدّ من الغرور المتولد من وفور النعمة، والیأس الناشىء من الفقر، فهو فی الوقت ذاته دلیل على أن وراء إرادتنا ومشیئتنا یداً قویة اُخرى «تسیّر أعمالنا».