همسة في آذان أولادنا وهم على أبواب الجامعات

بين عالم امتلأ بخيالات الطفولة والصبا والبراءة وعدم تحمل المسئولية، وبين عالم يحدوه القلق والترقب والأسرار والغموض ومحاولة رسم صورة للغد الُمقبل حيث النضوج والجدية والمسؤولية، يقف الآن أبناؤنا وطلابنا الناجحون في الثانوية العامة حيث يحدوهم الأمل والتصميم على الخروج من العالم الطفولي الصغير إلى عالم يحدوه المنافسة الحقيقة وعدم الاستسلام.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

سيبدأ عام دراسي جديد ومرحلة جديدة في حياتهم ولزم عليهم الأخذ بالتخطيط السليم والتعرف على طبيعة المرحلة الجديدة ساعين إلى تحقيق أهدافهم من أجل حياة رغدة ومستقبل مشرق وخدمة لوطن معطاء وأمة مجيدة.

ربما يرفع بعض الشباب في هذه المرحلة مبدأ [أنا لن أعيش في جلباب أبي] متخليا عن كل الصفات والأخلاقيات التي حرص أبويه على غرسها فيه في المراحل السابق.

وربما يظن بعض الآباء والأمهات أن أبناءهم صاروا رجالا بعدما التحقوا بالجامعة فتقل مراقبتهم لهم، أو توجيهاتهم الحكيمة، كما يهملون متابعة أدائهم وملاحظة سلوكياتهم غير مدركين التباين الشاسع بين بيئة التعليم في المدارس وبيئة التعليم في الجامعات.

ولذا همسة في أذن أبنائنا الطلاب، فأنتم جيل يسارع لبلوغ المستقبل، فيحمل هم أمته والرقي بوطنه، ورسم صورة مشرقة لمستقبل هذا الوطن، ولذا:

ارسم شخصيتك بأدب: الجامعة عالم مفتوح يستطيع الطالب التحرر كثيرا من القيود التي كانت مفروضة عليه في التعليم ما قبل الجامعي وفي البيت، ولذا وجب عليه أن يجعل معيار حريته تعاليم دينه، وحدود أخلاقه، وخوفه من الله سبحانه، وليعلم علم اليقين أنه بوصوله لهذه المرحلة السنية وبهذا التفوق الدراسي - أن الله تعالى قد حباه من الفطنة ورجاحة العقل ما يجعله يفهم الحقائق والمستجدات.

تخير ما ينفعك وينفع وطنك: فكثير من الطلاب لا يختار ولا يرسم مستقبله ويرضخ لضغوط والديه في الالتحاق بالكلية التي يراها الأب مناسبة لا التي يرى الطالب نفسه فيها ويحبها لأن كثير منهم لم يتعود اتخاذ القرار في الأمور الحاسمة في حياته بنفسه، إنما كان الاعتماد دائمًا على الأبوين أو أحدهما، وسيتطلب ذلك منك حُسن تحديد أهدافك، وتقديم أولوياتك، وحصر إمكانياتك، وتسديد الثغرات، والتخلص من السلبيات.

اعرف نفسك: يظل دور الأبوين مهم في مراحل حياة أبنائهم، ومن ثم يجب أن نربي أولادنا على جوانب المعرفة التي بدأت تتلاشى لصالح التكنولوجيا الحديثة والألعاب التي غزت بيوتنا وعقول أبنائنا على الأجهزة الذكية، فالافتقاد إلى مقومات دخول مجتمع المعرفة، يعني افتقاد الطلبة للمهارات والقيم ذات العلاقة بالأبعاد المعرفية، والوجدانية، والاجتماعية، والشخصية، التي يتطلبها دخول هذا المجتمع.

الوقت هو الحياة: ينطلق الطالب بعدما يلتحق الجامعة في عالم الحرية المطلقة فلا رقيب عليه في حضور المحاضرات أو لا، كما تقل الرقابة في حدود العلاقات التي يكونها في الجامعة، أو في العودة إلى البيت، وهي عوامل قد تهدر الوقت، ولذا يجب ضرورة تثمين الوقت، فأكثر الطلاب الذين فشلوا ولا زالوا يفشلون هم ممن لم يفقهوا قيمة الوقت ولم يحرصوا على تنظيم شؤونهم الحياتية والتوفيق بينها وبين مواقيت مراجعاتهم لدروسهم.

واجه المواقف بثبات ويقين: المجتمع الجامعي مختلف تمام الاختلاف عن المجتمع المدرسي وعن المجتمع الخارجي وأنه سيقابلك في حياتك الجامعية مواقف مُتباينة يحار أمامها العقل السوي، هذه المواقف تتطلب منك الحكمة والتروي وحُسن التصرف وعدم الانسياق وراءها، كما سيقابلك من أصناف الناس وسلوكياتهم ما لم تألفه فلا يخدعنك بريق صنيعهم، ولا تنجرف وراء معسول كلامهم، واستعِن بالله تعالى على كل ذلك، ولا يعيبك السؤال وأخذ المشورة ممن سبقوك من الثقات ومن هم أكبر منك سِنًا.

حاور بأدب: يظن الطلاب أنهم بالتحاقهم بالمرحلة الجامعية أنهم يحق لهم الحرية في التصرفات، وفرض الرأي على الآخر، لكن يجب أن يدركوا أن لغة الحوار الهادف هو سمة للتعايش الطيب فترة الجامعة، ونيل حب وتقدير الجميع سواء من الطلاب أو الأساتذة.

احرص على التوازن في شخصيتك: فلا يطغى جانب على آخر، فكن قوي الجسم، مَتين الخُلُق، مُثقف الفكر، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مُجاهدًا لنفسك، حريصًا على وقتك، مُنظمًا في شؤونك، نافعًا لغيرك.

احرص على المعرفة وإن كانت مشقة: فقد تشعر بقليل من الوحشة في طريق مكتبة كليتك الخاصة أو مكتبة الجامعة لقلة سالكيه، لكن لا داعي للقلق، فالزيارات الدائمة لمحيط المكتبات العامة والخاصة تمدك بمصادر معلومات غير محدودة.

عالج قصورك: لمتابعة خط سيرك الدراسي سواء في تقدمه أو تراجعه، حاول الحفاظ على كافة أوراقك الامتحانية مع كل فصل دراسي، مرفقة بما تمكنت من حصاده من درجات في كل مرة، وتدوين ما واجهك من صعوبات ومُسبباتها. راقب تطورك وحاول تحسين أدائك كلما تطلب الأمر.

لا تؤخر دروسك: يظن طالب الجامعة أنه بمقدوره أن يذاكر دروسه في آخر شهر قبيل الامتحانات، أو ربما ليلة الامتحان كما يفعل البعض، غير أن ذلك الروتين يحرمك التطور الفعلي؛ فلا داعي لتأجيل عملك الجامعي حتى ليلة الامتحان للصقة بورقة الإجابة، بل استمتع بعام كامل من البحث وطرح التساؤلات الجدلية وقراءة أكثر من وجهة نظر عن كل فكرة يُلقيها أستاذك.

مواقع إلكترونية