كيف نتصرف عندما يكذب أطفالنا؟

ظاهرة جديدة بدأت أراها بكثرة في الاستشارات، وهي خوف الأمهات وتوترهن المبالغ فيه من تصرفات الأطفال وسلوكياتهم الخاطئة، مع أن أغلب المشاكل طبيعية ومرحلية يمر بها أغلب الأطفال وتمضي بسلام بانتهاء هذه المرحلة.

 أو قد تكون بسببنا نحن الذين نحمل الطفل فوق طاقته وفوق قدراته بدون معرفة سمات وخصائص هذه المرحلة للأسف.

سأضرب أمثلة للتوضيح:

الكلام البذيء

جاءتني استشارة من أم تشتكي طفلها البالغ عمره سنتين ونصف مشكلته هي: «الكلام البذيء»، كانت الأم متوترة ومنزعجة جداً من سلوك طفلها، وهي التي تحلم بتربيته على الأخلاق الحسنة! وتعمل دائماً على منعه من استخدام العبارات البذيئة!

وعند طلبها الاستشارة، سألت كيف تتصرف معه، هل تمنعه من اللعب مع أطفال الأقارب كي تحميه وتحفظ لسانه؟! أم أن هنالك حلولاً أخرى.

جاءتني نفس الاستشارة من عدة أمهات لذلك أركز عليها..

أقدر طبعاً هذه الأم وأحترمها وأفرح بهمتها وبأمثالها، لكن تصرف طفلها في هذا العمر طبيعي جداً بل ان كل الأطفال يمرون بهذا التطور اللغوي الذي يأتي بعد فترة تسجيل للمفردات او الجمل التي يسمعها الطفل ممن حوله.

الطفل في هذا العمر لن يستطيع التفريق بين الكلام الجميل والقبيح الا من خلال درات فعلنا عليه، مثلاً عندما نصفق له ونمدحه لأنه قال كلاماً جميلاً فنحن ندعمه ونشجعه ليكررها ونتجاهل او نستنكر الكلام القبيح كي لا يعيدها.

ولا نضحك له ونصفق عندما يتكلم كلاما بذيئاً لأننا بذلك نشجعه عليها فلا يلام حينها!

خوف الأمهات من مشكلة الكذب

لن أبالغ إن قلت إن كل الأطفال يتعلمون الكذب في العشر سنوات الأولى! نعم لا تتفاجأوا من هذا الأمر، وبلا شك فإن للكذب أسباب كثيرة لكن يجب أن نقول:

إن الطفل في السنوات الأربع الى الخمس الأولى لا يستطيع التفريق بين ما هو حقيقي وبين ما هو خيالي فيخلط بين أحداث وقعت ويختلق أحداثاً أخرى، فمن الخطأ أن نحكم على كلامه في هذه المرحلة بالكذب أو أن نطلق عليه صفة الكذاب وهو لم يتطور عقله بعد، لذلك فإن ضرب الأم للطفل بسبب الكذب فهذه المرحلة أمر محسن جداً وكذلك شتمه أو سبه ووصفه بأوصاف "سلبية".

ليس هذا فحسب بل تستخدم الأسلوب الاقوى والأكثر تأثيراً وهو تخويفه بالحرق بالنار في جهنم، بل اتركي الطفل في هذا العمر حتى يكتمل وينمو ويتطور ثم بعمر الـ "خمس سنوات" نبدأ بتعليمه مفهومي الصدق والكذب.

ونزرع فيه قيمة الصدق، بكوننا قدوة له أولاً وأخيراً وأيضاً نحكي له قصص الصادقين والكاذبين وعاقبتهم في الدنيا والآخرة الخ.

المهم الآن، هو أن لا نخاف ونتوتر ونكتئب لأن طفلنا يكذب، فبعض الأمهات تبالغ جداً في خوفها فتأتيها الأفكار السلبية مثل:

  • أصبح كاذباً وسيبقى كذلك طول حياته!
  • أنا أم فاشلة لن أستطيع أن أربي ابني على القيم الإسلامية!
  • تعلم طفلي الكذب مع أنني لا أكذب فهذا يعني أنني أخطأت في تربيتي له.. الخ.

ما نحتاجه هو الهدوء لمواجهة هذه العادات، والقراءة عن خصائص نمو الطفل، عندها سنجد أن الكذب عند الأطفال وغيره مشاكل طبيعية وينبغي التعامل معها بدون توتر وخوف مبالغ فيه.