علامات تسبق ظهور «الإمام المهدي».. ما قصّتها؟!

إنّ تقسيم العلامات إلى علامات حتميّة وغير حتميّة مستفاد من الأحاديث المعصوميّة الشريفة، وكما أنّ العلامات الحتميّة مرويّة عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، كذلك العلامات غير الحتميّة مرويّة عنهم (عليهم السلام).

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

والمحتومة هي العلامات التي لا بدّ أن تقع، وغير المحتومة هي العلامات الموقوفة التي لله تعالى المشيئة فيها، كما نصّت على ذلك ما رواه الشيخ النعمانيّ في [الغيبة ص312] عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): « فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: الذي لا يكون غيره، قال: فما الموقوف؟ قال: هو الذي لله فيه المشيئة، قال حمران: إنّي لأرجو أن يكون السفيانيّ من الموقوف، فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا والله، إنّه لمن المحتوم ».

فليس المراد بالعلامات غير المحتومة أنّها تتساوى فيها نسبة التحقّق وعدمه، بمعنى: قد تتحقّق وقد لا تتحقّق من غير مرجّح لأحد الطرفين، فإنّ هذا غير مراد جزماً؛ إذ بناءً على هذا التفسير لا خصوصيّة لهذه العلامات المنصوصة، فكلّ شيء ممكن قد يتحقّق وقد لا يتحقّق، فلماذا ذُكرَت هذه العلامات بالخصوص؟!

بل المراد هو أنّ هذه العلامات ستقع لو بقيت الأحداث والأمور وفق مجراها الطبيعيّ ولم تقع طوارئ وموانع عن وقوعها، ففيها اقتضاء للوقوع والتحقّق بحسب طبيعتها ولكن قد لا تقع بسبب الطوارئ والموانع، فهذه العلامات مثبتة في لوح المحو والإثبات، ولله تعالى أن يبدو فيها ويغيّرها ويبدّلها.

وبهذا يتبيّن أنّ العلامات غير الحتميّة هي عبارة عن إنباءات غيبيّة ترسم خارطة الأحداث المستقبليّة التي ستقع قبيل الظهور المقدّس لو بقيت الأحداث وفق مجراها الطبيعيّ بأن لم تقع موانع وعوارض تمنع وقوعها، وهذه الإنباءات واردة عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، فلا شكّ أنّ لها قيمة معرفيّة؛ إذ إنّها توسّع آفاق المعرفة، وتعمّق ثقافة فقه الظهور، وتزيد الارتباط بالإمام (عجّل الله فرجه).

نعم، لا إشكال أنّ الأولى بالمؤمنين هو تركيز المعرفة على العلامات الحتميّة، وفهم خصوصيّاتها ومشخّصاتها؛ لأنّها علامات يقينيّة التحقّق وضروريّة الوقوع، في حين أنّ العلامات الموقوفة ليست يقينيّة التحقّق ـ إذ قد يقع فيها البداء ـ، ولا يصحّ تركيز المعرفة عليها وحصرها فيها وإهمال العلامات الحتميّة، وإنْ كان الإلمام بها مطلوباً ومفيداً في حدّ ذاته كما أشرنا فيما تقدّم.