تشعر وكأنه حاضر: كيف ترتبط بالإمام المهدي (ع)؟

السؤال: الإمام المهدي (عليه السلام) غائب عن وجدان كثير من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) رغم عقيدتهم به، فما هي السبل التي ترونها كفيلة بشعورهم بحضوره (عليه السلام)؟

الجواب من سماحة المرجع السيد محمد سعيد الحكيم (قدس):

كل أمر حق غيبي يحتاج حضوره وجدانياً إلى تركيزه في النفس بالتفكر والتذكر المستمر، وعدم إغفاله، وبذلك تتم فاعليته وتأثيره في سلوك من يعتقد به.

ولذلك ورد الحث الكثير على التفكر، كما أطلنا الكلام فيه في رسالتنا الموجهة لرجال الحوزة والمبلغين.

وإن من جملة الأُمور الغيبية الحقة وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وأثره في سير نظام الكون، ولا سيما أمر شيعته، ورعاية شؤونهم، وتسديد مسيرتهم، كما يناسبه ما ورد من أن الانتفاع به في غيبته، كالانتفاع بالشمس إذا جللها السحاب (1)، وأن الأرض لا تبقى بغير إمام، وأنه لو رفع الإمام عنها لساخت (2).

فعلى المؤمنين وفقهم الله تعالى الاهتمام بحضور ذلك في وجدانهم، وتركيزه في نفوسهم، بالتفكر والتذكر والارتباط المستمر به، من خلال الأدعية والزيارات الكثيرة الواردة له عنه (عجل الله فرجه) وعن آبائه (صلوات الله عليهم) ومن خلال التأسي به في محنهم وكرباتهم، لأنه أطول الناس محنة وأشدهم كربة، واللجوء إليه في مهماتهم، والاستجارة به في كرباتهم، والاستشفاع به إلى الله تعالى في دعواتهم، لأن الله تعالى يجري الأمور على يديه، وهو أفضل شافع في هذا العصر إليه.

كما أن عليهم أن يرتبطوا به، ويتذكروا موقعه من خلال الرجوع لعلمائهم الذين هم يمثلون وجهته، ويقومون ببعض وظائفه، لأنهم ـ كما ورد في توقيعه الشريف ـ حجته على شيعته، وهو حجة الله تعالى (3).

بل حتى من خلال التوجه والنظر للفساد المنتشر في العالم من الظلم والطغيان والانحلال وغير ذلك، حيث ينبغي أن يكون سبباً لتذكره، والأسف لغيبته، وانتظار ظهوره، وتوقع فرجه الذي به يتم تطهير الأرض من جميع ذلك، لأنه (صلوات الله عليه) يملؤها قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

وقد ورد عنهم (عليهم السلام) ردع الشيعة عن قبيح الأعمال، لأن ذلك يعرض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلى إمام العصر (عليه السلام) فيؤذيهما (4).

ولو تجلت هذه القضية لهم بالتفكر والتدبر لأصلحت كثيراً من سيرتهم، حيث لا ريب في أنهم يحبونهما ويهابونهما، ولا يرتضون لأنفسهم إيذاءهما.

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على ولايته وانتظار أمره، ويهب لنا لطفه (عليه السلام) وعطفه، ورأفته، ورحمته، وتحننه، ودعاءه، وتفقده، وشفاعته، ولا يحرمنا بركة ذلك في ديننا ودنيانا. (5)

الهوامش:

[1] اُنظر بحار الأنوار: ٣٢ / ٢٥٠.

[2] الكافي: ١ / ١٧٨ ـ ١٨٠.

[3] اُنظر وسائل الشيعة: ١٨ / ١٠١.

[4] اُنظر الكافي: ١ / ٢١٩.

[5[ المرجعية الدينية : ص 80.