ما صحة روايات حب المؤمن لـ «النساء»؟!

قال رسول الله (ص): كلّما ازداد العبد إيـمانًا ازداد حبًا للنساء، وقال الإمام الصادق (ع): من أخلاق الأنبياء (عليهم السلام) حبّ النساء.. ما نسبة صحة هذه الروايات؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

إن الروايات في الحثِّ على حبّ النساء قد اشتهرت واستفاضت عند الفريقين (السنّة والشيعة) وهي روايات صحيحة ومعتبرة، وإليك بعضاً منها:

فأمّا روايات الشيعة الإمامية: فسنقتصر على ما أورد قسماً منها الشيخ يوسف البحرانيّ في كتابه الحدائق الناضرة (ج23/ص20)، إذْ يقول في هذا الباب: قد تكاثرت الأخبار بالأمر بحب النساء وأن النكاح يزيد في الرزق:

فمن الأول: ما رواه في الكافي (ج 5/ ص 320) عن إسحاق بن عمار في الموثق " قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : من أخلاق الأنبياء حب النساء " .

وما رواه في الكافي (ج 5 /ص 320 )، والفقيه (ج 3 /ص 242 ح 1151) عن عمر بن يزيد" عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ما أظن رجلا يزداد في الايمان خيرا إلا ازداد حبا للنساء ".

وما رواه في الفقيه (ج 3 / ص 242 ح 1150 ) عن أبي العباس" قال : سمعت الصادق عليه السلام يقول : إن العبد كلما ازداد للنساء حبا ازداد في الايمان فضلا " وما رواه في الكافي (ج 5 /ص 320 ح 3 )، و(الفقيه ج 3 /ص 241 ح 2) عن معمر بن خلاد " قال : سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول : ثلاث من

سنن المرسلين . العطر وإحفاء الشعر وكثرة الطروقة " .

وفي الكافي (ج 5 /ص 321) عن غير واحد " عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : جعل قرة عيني في الصلاة ، ولذتي في النساء " . وغيرها من الروايات.

وأمّا روايات أهل السنّة، فنذكر منها ما رواه النسائي في السنن الكبرى (ج٥/ص280) بسند حسنٍ إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب إليّ من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة. وقد أخرج الحديث أحمد في مسنده (ج19/ص307) طبعة الرسالة، وأبو يعلى في المسند (ج6/ص237)، والبيهقي في (السنن الكبرى، ج ٧/ص ٧٨). وغيرهم.

ومن الروايات أيضاً ما أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/398) عن عائشة قالت : كان يُعجب نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدنيا ثلاثة أشياء : الطيب والنساء والطعام.

ومنها عن أنس بن مالك قال: لم يكن شيء أحب إلى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد النساء من الخيل . وإسناده حسن. انظر هامش مسند الإمام أحمد بن حنبل ( ط الرسالة )، (ج ١٩/ ص ٣٠٧). وغيرها من الروايات في هذا الباب.

وينظر أيضاً كتاب الفردوس بمأثور الخطاب للديلميّ ( 3/309، رقم: 4929)، وكتاب الإفصاح عن أحاديث النكاح" لابن حجر الهيتميّ (ص: 27)، فقد أوردا بعضاً من هذه الأحاديث.

إذنْ: فالروايات في هذا الباب معتبرة من جهة الإسناد ولا إشكال فيها، وأمّا من جهة معناها فتحمل مثل هذه الروايات على احترام المرأة والاعتناء بشخصيتها، وإعلاء شأنها؛ وذلك لأنّ المرأة كانت تعاني عندما بعث النبي (ص) بالرسالة من النظرة الدونية، والاحتقار، ومعاملتها بقسوة، فأراد النبي ( صلى الله عليه وآله) من هذا الحديث وغيره، إكرام المرأة، وبيان منزلتها ومكانتها في الإسلام. فلذا جاءت هذه الروايات لتحث على الزواج والترغيب في النكاح، وزيادة النسل لتكثير المسلمين كقوله ( صلى الله عليه وآله): (( تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط))..

وقد وجّه سؤال إلى بعض مراجع الإماميّة كالسيّد محمد صادق الروحانيّ (قدّس)

عمّا ورد في الروايات: « أنّ من سنن الأنبياء حبّ النساء وكثرة الطروقة » ، فما هو صحّة ذلك ؟ وهل هناك علاقة بين زيادة حبّ النساء وبين الإيمان ، فقد ورد : « أنّ عبادة المتزوّج أضعاف عبادة الأعزب ، وأنّ العبد كلّما ازداد في النساء حبّاً ازداد في الإيمان فضلا » ؟

فأجاب قائلاً: باسمه جلت أسماؤه: بعض النصوص الدالّة على أنّ من أخلاق الأنبياء عليهم  السلام كثرة الطروقة معتبرة السند بلا ريب ، وهي تدلّ على اعتدال أمزجتهم الشريفة وتكامل قواهم الجسديّة والنفسيّة ، رغم اشتغالهم المكثّف بالعبادة مِن ناحية وشؤون الناس من ناحية أخرى ، وهذا يُعبّر عن ذروة كمالهم في هذه النشأة . وأمّا النصوص الدالّة على وجود علاقة بين حبّ النساء وزيادة الإيمان، فهي واضحة المدلول؛ إذ ما دام حبّ الزوجات من السنن التي دعا إليها الشارع المقدّس ، فهذا يعني أنّ الاتّصاف به - بما هو سنّة إيمانيّة - موجب لزيادة الإيمان .[المصدر: أجوبة المسائل في الفكر والعقيدة والتاريخ والأخلاق، ج ١/ ص ٢٩٦، رقم السؤال (589)].

وكذلك وجّه سؤال إلى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظلّه) عن صحة الحديث القائل: (كلما ازداد العبد إيـمانًا ازداد حبًا للنساء)؟ وماذا يقصد به؟ فأجاب عن ذلك قائلا: هذا الحديث ونحوه من الأحاديث المشابـهة معتبرة، وتشير إلى أنّ المؤمن مضافًا إلى ولائه وحبّه لأهل البيت عليهم السلام له علامة ثانية، وهي حبّه للنساء بـمعنى تطبيقه سنّة الرسول الكريم في أمر الزواج، فهو يـميل إلى إجراء هذه السُّنّة التي قال عنها (ص) بأنّه من رغب عن سنّتي فليس مني، ولا يـميل إلى الشذوذ الجنسي والعياذ بالله ولا يرغب فيه.

المصدر: لجنة الاستفتاءات في مكتبه بقم المقدّسة ، كتاب : النكاح والقضايا الزوجية رقم السؤال (5874).