تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعض المقاطع الفيديوية المضحكة فهل يجوز إعادة نشرها مجدداً؟
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
الجواب في الفيديو مع سماحة السيد رشيد الحسيني حفظه الله:
تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعض المقاطع الفيديوية المضحكة فهل يجوز إعادة نشرها مجدداً؟
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
الجواب في الفيديو مع سماحة السيد رشيد الحسيني حفظه الله:
دعا الأستاذ في الحوزة العلمية السيد رشيد الحسيني، يوم الاثنين، إلى التقيّد بالإجراءات الوقائية لتجاوز "محنة" كورونا، كما شدد على ضرورة التقيّد بأنظمة القانون.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
جاء ذلك خلال ردّه على سؤال وجه له وحصل عليه «موقع الأئمة الاثني عشر».
وفيما يلي نص السؤال مع الإجابة:
السؤال: السلام عليكم هل كسر التجوال ضد مرض كورونا يعتبر مخالف للشرع وعليه حكم شرعي؟
الجواب: يلزم التقيّد بأنظمة القانون و ينبغي التعاون بهذا الشأن و خصوصاً في هذه المرحلة الراهنة لتجاوز هذه المحنة.
[اشترك]
ثلاثية: الغبار والبخار والدخانيقول الفقهاء: إنّ الحكم يدور مدار الموضوع ويختلف باختلافه، وبين أيدينا ثلاثة موضوعات ينبغي تمييزها عن بعض؛ حذراً من التباس الحكم: الغبار- البخار – الدخان، فمن حيث الأصل و الماهية: الغبار من التراب أو الدقيق أو النورة..الخ، والبخار من الماء، والدخان من الرماد، ومن حيث الحكم، فالغبار ـ وتحديداً الغليظ منه ـ مفطر ومبطل للصيام على مذهب " المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً " (الحكيم – المستمسك،ج8،ص437)، كما قد ورد في مفطريته حديثٌ صحيح، فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوِ اسْتَنْشَقَ مُتَعَمِّداً أَوْ شَمَّ رَائِحَةً غَلِيظَةً أَوْ كَنَسَ بَيْتاً فَدَخَلَ فِي أَنْفِهِ وَحَلْقِهِ غُبَارٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ مُفَطِّرٌ مِثْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ " (الوسائل،ج10ص69،ب22ح1).
وعلى خلاف ذلك: البخار والدخان، فلا شهرة ولا نصّ في مفطريتهما؛ من أجل هذا كان مستند القول بمفطريتهما هو إلحاقهما بالغبار أو غيره مما ثبتت مفطريته، فلنحسم الجدال الآن بشأن إلحاق البخار بالغبار ليتخصص الكلام ويتمحض الحديث بالدخان كما أردنا له، فنقول:
إنّ منشأ القول بمفطرية البخار ـ مع عدم ورود النص فيه ـ هو إلحاقه بالغبار في المفطرية، من حيث اتحادهما في مناط المفطرية وهو صدق وانطباق الأكل والشرب، صدق الأكل على الغبار، وصدق الشرب على البخار، غاية الأمر أنّ أجزاء الغبار ترابية، وأجزاء البخار مائية، ويرى المحققون أنّ هذا الضرب من الاستدلال أشبه بالقياس؛ إذ لم يحكم بمفطرية الغبار لصدق الأكل بل للتعبد بالنص الخاص، ولم يرد ذلك في البخار، من جهة أخرى: قامت سيرة المتشرعة المتصل بالمعصومين على عدم اجتناب البخار في الحمامات في شهر رمضان ( الخوئي – مستند العروة الوثقى، كتاب الصوم، ص151).
التدخين وسؤال المفطريةاتضح إذن ثبوت المفطرية للغبار، وعدم ثبوتها في البخار، فماذا عن الدخان، موضوع هذه المقالة ومحور سؤالها؟، والسؤال هنا عن مفهوم الدخان بما له من الأفراد المختلفة، أبرزها وأكثرها جدلاً هو دخان السكائر، وأفراده الأخر: دخان الأركيلة - دخان السيارات - دخان المصانع - الحطب - التنباك -الترياك...إلخ، فعنه بأفراده المختلفة يقع السؤال: هل يلحق الدخان بالغبار فيكون مفطراً (على المشهور) أو لا ؟.
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: فرأى قسمٌ منهم مفطريته - فتوىً او احتياطاً - فيما نفاها آخرون، وأياً كانت الإجابة، فهي فتوى تتطلب دليلاً، من ثمّ بانتظارنا سؤال آخر: وما الدليل ؟ ونحن فيما يلي، نعرض وجهتي الأعلام مع مستندهما.
القول بالمفطريّة ودليلهحكمتْ طائفة من الفقهاء على الدخان ـ ودخان السكائر بالذات ـ بالمفطرية أو احتاطت فيه على الأقل، فرأتْ هذه الطائفة أن الاحتياط يقتضي أن يأخذ الدخان حكم الغبار، وقد كان حكمهم بمفطرية الدخان مرهوناً بالأدلة الثلاثة التالية، ولعلّ أقواها وأكثرها استناداً هو ثالثها؛ لذا سنتناوله بشيء من التفصيل:
1ـ سيرة المتشرعة:إنّ مفطرية التدخين مما ارتكز في نفوس المتدينين، ومغروس في أذهان المؤمنين، فقد استقرت سيرة المتشرعة بالاجتناب عنه أثناء الصيام، قال النراقي: والاحوط: الاجتناب عن شرب التتن؛ لاستمرار طريقة الناس عليه، وإطلاق الشرب عند العرب عليه. (مستند الشيعة: 10/331)
2ـ أنّه ماحٍ لهيئة الصياموهذا الدليل يتكأُ على الارتكاز المتشرعي، وخلاصته: أن التدخين والصيام أمران متنافران حسب عرف المتشرعة؛ فإنّ شرب التتن ماحٍ لصورة الصوم بحسب ارتكاز المتشرعة، بحيث يرون فاعله مفطراً غير صائم، و هذا مما لا ينبغي إنكاره... " (الآملي - مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى: 8/35).
3ـ الاطلاق أو الالحاق بالمفطراتوإذ لا دليل لفظي ينصّ على مفطرية الدخان؛ فعمدتْ هذه الطائفة واعتمدت في الحكم بالمفطرية على الدخان على ادخاله في عنوان مفطر آخر ثابت المفطرية، وألحقتُه به، وقد اختلفت كلماتهم في الملحق به وكيفية الإلحاق: - الشرب - أو القوت -أو الغبار.
أـ فقسم من الفقهاء حكم بالمفطرية استناداً لإطلاق الشرب بوصفه ثابت المفطرية بموازاة الأكل، فرأى أنّ عنوان الشرب شاملٌ لشرب التتن، وقد لاحظنا ذلك صريحاً في ذيل عبارة النراقي آنفاً: (..إطلاق الشرب عند العرب عليه )
ب ـ وقسمٌ آخر من الأعلام استثنى الدخان من الغبار الغليظ، بيد أنّه جعله لمدمن التدخين المتلذذ به قائماً مقام القوت وأشدّ، كما نجده عند الشيخ جعفر كاشف الغطاء، فبعد أن عرض ثالث المفطرات (الغبار الغليظ) قال:
" دون ما يوصله الهواء من دون قصد، ودون الخفيف منه، ودون الدخان، إلا لمن اعتاده وتلذذ به فقام عنده مقام القوت؛ فإنه أشد من الغبار". (كاشف الغطاء- كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء، ج2/ص319).
ج ـ فيما أدخل بعضُهم الدخانَ في دليل الغبار، ووجه هذا الإدخال والالحاق هو إمّا الاطلاق ببيان أنّ المستفاد من دليل الغبار هو مفطرية كل ما يدخل في الجوف ما خلا الهواء، غباراً كان أو دخاناً، أو لأنّ منشأ مفطّرية الغبار هو اشتماله على ذرات صغيرة تدخل إلى الجوف، وحيث أنّ الدخان أيضاً مشتملٌ على ذرات صغيرة تدخل الجوف فحكم عليه بالمفطرية.
جاء في جواهر الكلام: " قد يقال بالافطار به بناء على شمول الاطلاقات للغبار باعتبار كونه أجزاء وصلت إلى الجوف بالحلق، والمفروض عدم اعتبار الاعتياد بالمفطر، ومثله يجري في الدخان الذي هو أشد من الغبار في بعض الاحوال، فالقول بكونه مفطرا خصوصا بالنسبة إلى بعض الاشخاص الذين يستعملون التنباك لايخلو من قوة، بل يجب معه القضاء والكفارة كالغبار" ( الجواهري- جواهر الكلام، 16/236)
القول بعدم مفطرية الدخان ودليلهعلى الرغم من التصور السائد من أنّ القول بعدم مفطرية التدخين هو قول شاذٌ، إلا أنّ الواقع ليس كذلك؛ فقد ذهبت طائفة كبيرة من الأعلام لذلك، بل هو الموافق لفتاوى القدماء، من ثمّ ناقشت هذه الطائفة أدلة القول بالمفطرية، كما واستدلت على منظورها بدليلين، فالكلام هنا في جهتين:
أولاً: مناقشة أدلة مفطرية الدخانبخصوص الاستدلال بالسيرة والارتكاز المتتشرعي، ناقشه القائلون بعدم المفطرية بأنّها غير معلومة الاتصال بزمن المعصومين بل قد يحرز عدم الإتصال سيما في شرب التتن، من حيث أن التدخين ـ بوصفه دخاناً خاصاً لا مطلق الدخان ـ لم يكن موجوداً في زمانهم (عليهم السلام)، وعلاوة على أن فتاوى القدماء مخالفة لتلك السيرة، فإنّ ترك المتشرعة التدخين أثناء الصيام قد يكون تنزهاً عنه لا على أنّه حكمٌ إلزامي، كما ناقش هؤلاء الفقهاء دليل الاطلاق والالحاق، بأنّ إلحاق الدخان بالغبار مجرد دعوى بعيدة و عارية عن الدليل، وقياس من حيث ورود النص في مفطرية الغبار بالخصوص دون الدخان، بل النص فيه أنه غير مفطر وهو يأتي لاحقاً.. واعتباره مصداقاً للشرب بسبب الاستعمال العربي ضعيف لأنه مسامحي مجازي وغير ذلك من المناقشات المذكورة في مدونات الفقه الاستدلالي!
ثانياً: أدلة القول بعدم المفطريةبعد أن رأى المجوّزون عدم تمامية أدلة المفطرية من جهة، وتوفر النصّ على عدم المفطرية من جهة أخرى حكموا بعدم افساد الدخان والتدخين للصوم، وهذا يعني أنّ لهم على عدم المفطرية دليلان:
الأول: الاستناد إلى قاعدة الجواز والاعتماد على أصل البراءة، وهي " عبارة عن: حكم الشارع بعدم التكليف الفعلي، أو بالإباحة والرخصة في فعلٍ أو تركٍ، شك في حكمهما الواقعي، فموضوعها العمل المشكوك حكمه واقعاً، ومحمولها الإباحة والرخصة، فإذا شك في حرمة شرب التتن، أو وجوب الدعاء عند رؤية الهلال، ولم يوجد دليل على حرمة الاول ووجوب الثاني، حكم الشارعُ بالاباحة فيهما". (المشكيني- اصطلاحات الأصول، ص46)
الثاني: ورود النص الشرعي في الجواز، وهما روايتان:
1ـ صريحة: وهو موثقة عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّائِمِ يَتَدَخَّنُ بِعُودٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَتَدْخُلُ الدُّخْنَةُ فِي حَلْقِهِ فَقَالَ: جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّائِمِ يَدْخُلُ الْغُبَارُ فِي حَلْقِهِ قَالَ: لَا بَأْسَ.(الوسائل:ج 10، ص940، ب 32، ح 11)، وهي صريحة في عدم مفطرية الدخان حتى لو كان عن عمد، وأمّا ذيل الرواية الظاهر في عدم مفطرية الغبار فحُمل على عدم التعمد أو غير الغليظ منه، " وظهور صدرها في العمد لمكان قوله: يتدخن. الخ الظاهر في الاختيار، لا يستدعي كون الذيل كذلك للفصل بينهما بقوله قال: وسألته..." (الخوئي- مستند العروة، كتاب الصوم،ص148).
2ـ وهكذا صحيحة محمد بن مسلم، عن الإمام الباقر عليه السلام: لَا يَضُرُّ الصَّائِمَ مَا صَنَعَ إِذَا اجْتَنَبَ ثَلَاثَ خِصَالٍ: الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَالنِّسَاءَ، وَالِارْتِمَاسَ فِي الْمَاءِ " ( الوسائل:ج10ص32، ب1ح1)، فإنّها لم تذكر الدخان ضمن الخصال الثلاثة ـ وفي رواية أخرى أربعة ـ المضرّة بالصيام، واستناداً لذينك الدليلين: (أصالة البراءة – والخبرين)، حكموا بعدم مفطرية الدخان.
نشير ختاماً، إلى أنّ الاختلاف لا يشمل حرمة التجاهر به في شهر رمضان، فذا أمرٌ متفق عليه بين الطرفين، غاية الأمر أن التجاهر عند القائل بالمفطريّة محرّمٌ بالعنوان الأولي، بينما مع القول بعدم المفطرية فحرمة التجاهر بالعنوان الثانوي، وهي هنا: انتهاك حرمة وقدسية الشهر الكريم.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
السؤال:
ماهو حكم الفصل العشائري المتعارف لدينا في العراق بالنسبة الى:
١ ـ الشخص او الاشخاص الذين يحددون قيمة الفصل ؟
٢ ـ الشخص او الاشخاص الذين ياخذون الفصل ؟
٣ ـ مَن يُجمع منهم مبلغ الفصل بالرضا او الاكراه ؟
٤ ـ مَن يُكره الآخرين على دفع قيمة الفصل ؟
الجواب:
١ ـ أمّا اذا كان ذلك من قبيل الحكم والقضاء فلا يجوز الاّ بشروطهما الشرعية فلا يجوز الحكم بغير ما انزل الله او القضاء ممن ليس أهلاً لذلك شرعاً. وإما اذا كان اقتراحاً للمصالحة بين الطرفين مثلاً فلا إشكال فيه ان لم يكن فيه تضييع لحق ذوي الحقوق الشرعية كأن يؤدي الى الزام الكبير بأقل من حقه من دون رضاه أو اعطاء القاصر دون حقه فيكون اعانة على الظلم.
٢ ـ لا يجوز اخذ الفصل في حالتين:
الأولى: اذا اعطاه صاحب المال باكراه ولم يكن مستحقاً عليه شرعاً.
الثانية: اذا كان المستحق لأخذه صبياً أو كبيراً لا يرضى بأخذ غيره له كما لو كان الفصل من قبيل الدية ولم يكن الآخذ من ورثة المقتول او ممن رضي ورثته بأخذه.
٣ ـ ليس عليهم شيء.
٤ ـ لا يجوز اكراه الآخرين فيما لم يثبت عليهم حق شرعي.
المصدر: الموقع الرسمي لمكتب سماحة المرجع الأعلى دام ظله
رأى سماحة الشيخ أحمد سلمان أن الجدل المثار حول أعمال وصلاة ليلة الرغائب يمكن حسمه من خلال الرجوع إلى "مراجع التقليد" لا الآراء الشخصية.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
وقال سماحته في تسجيل فيديوي حصل عليه «موقع الأئمة الاثني عشر»: "في مسألة صلاة الرغائب كل واحد يرجع إلى قول مرجعه وما أفتاه في هذا المجال سواء كان بالاستحباب أو الرجاء".
وأضاف: "نحن نقلد المراجع والآراء الأخرى لا تقدم أي ثمرة عملية لأن الناس يقلدون المراجع".
المزيد في الفيديو أدناه:
من الناحية القانونية قد لا يترتب على الطبيب المخطئ شيئاً من العقوبات ولكن من الناحية الشرعية يتحمل "الدية" لا القصاص.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
وفي استفتاء منشور على الموقع الرسمي لمكتب سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، دام ظله، فإنه "لو تضرر أو مات المريض كان على الطبيب ضمانه وإن لم يكن مقصراً...".
تفاصيل أكثر حول الموضوع مع سماحة السيد رشيد الحسيني دامت بركاته في الفيديو أدناه:
أولت الشريعة المقدسة اهتماماً بالغاً للمستحبات والمكروهات، ويظهر هذا من خلال النصوص التي تضمنت بعض مفرداتها، واللغة التي جاءت بها، سواء في بيان الآثار والفضل الذي يناله فاعلها فضلاً عن الملتزم بها في جانب المستحبات، أم العقبات والتبعات السلبية التي ترفع عنه باجتنابها وتركها في جانب المكروهات.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
وهذا يعني أن ذكرها في الأدلة ليست الغاية منه مجرد التكميل فقط، بل بلحاظ ما لها من أهمية وأثر عملي.
ولهذا نجد إنه قد ورد التأكيد على بعضها والتشديد على أهميتها، بنحو لم يرد في غيرها من المستحبات، حتى ربما أوهم ذلك إلحاقها بالواجبات، كصلاة الجماعة مثلاً، أو الأذان والإقامة.
وبالجملة، لا ينبغي التهاون بالمستحبات والمكروهات فلا يُعتنى بهما، ولا يُلتفت إليهما كما هو الحاصل اليوم، إذ نجد عدم عناية بذلك، مع أن العناية بهما لها أكبر الأثر العملي، فمثلاً صلاة النافلة مضافاً لما يترتب على فعلها من أجر وثواب، فإنه تصلح النقص الموجود في صلاة الفريضة المانع ربما من قبولها، ذلك أن أحد اسباب قبول صلاة الفريضة إقبال المصلي بقلبه على الله تعالى، فلا تقبل منه صلاته لو لم يكن قلبه حاضراً، لكن حضور قلبه حال أدائه بعض النوافل ينفع في أن يؤخذ حضور قلبه فيها ليجعل في الفريضة فيكون ذلك سبباً موجباً لقبولها، وهكذا.
وهذه تسبيحة السيدة الزهراء(ع) وما ورد فيها من فضل وأجر وثواب، حتى جاء في بعض النصوص أن من فعلها قبل أن يقوم بحركة غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
ولا ينحصر الأمر في خصوص المستحبات بل يجري ذلك أيضاً في المكروهات، فإن التشديد على ترك بعض الأطعمة الخاصة غايته بيان ما لذلك من أثر وضعي مترتب على أكله، ومثل ذلك اجتناب ليال خاصة في العلاقة الطبيعية بين الزوجين، أو الحذر من أوقات محددة حتى في السفر فإنها عناوين مشيرة لما يترتب على ذلك من آثار تكوينية وضعية ينبغي الحذر منها واجتنابها.
والحاصل، إن حالة الغفلة الموجودة عند كثيرين عن المستحبات والمكروهات، وعدم العناية بهما، بحيث ما عاد الناس يلتفتون إليهما، ويتم التعامل معهما كلا وجود، فلا يقوم أحد بفعل المستحبات، ولا اجتناب المكروهات، قد أوجبت حالة الجفاف الروحي الموجود في وسطنا الاجتماعي، كما أن هذا قد يكون بوابة للتجري غداً والتهاون في فعل الواجبات واجتناب المحرمات، لأن هذا يجر لذلك.
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
ومن ثم إذا رفضنا ما يقوله المؤمن فما هو البديل الذي يقدمه الملحد وبه ترتفع كل الإشكالات التي يثيرها؟ فمثلاً إذا تم توجه سؤال التفاوت في الرزق بين البشر إلى الملحد فبماذا يمكن أن يجيب؟ هل يدعي المنطق ليقول إن الفقر والغني خاضع لمعادلات وقوانين الاقتصاد؟ أم يرفض منطق العقل ليقول إن الأمر مجرد صدفة لا تعود لاي سبب؟ أم يمثل دور المجنون الذي لا يبالي بشيء ليقول إن الحياة بكلها امر عبثي اعتباطي لا غاية لها من الأساس حتى يسأل الإنسان عن حِكمتها؟
من الواضح أن الإلحاد خيار عدمي قائم على الكفر بضرورات المنطق قبل الكفر بالله تعالى، والأديان في المقابل تكشف عن فلسفة عميقة للوجود والإنسان تنسجم مع الفطرة وتقوم على المنطق والبرهان، فالوجود لم يأتِ من العدم وإنما هناك خالق اوجده لحِكمة واجراء القوانين والسنن فيه لتحقيق غاية معينة، وحتى يحقق الإنسان غايته ويبلغ الدرجة التي أراده الله أن يكون فيها منحه العقل والإرادة ثم اوجده ضمن معادلات حياتية غاية في التعقيد والتداخل، فجعل منظومة من العوال المتغيرة التي تؤثر في قراراته واختياراته، فالإنسانية لا تحكمهم بيئة واحدة ولا زمان واحد ولا ظروف صحية واحدة ولا عوامل اقتصادية واحدة وهكذا وجد تنوع رهيب يوفر لكل إنسان ظروف خاصة لأداء دوره في الدنيا، والذي يحكم هذا التنوع هو العدالة التي توفر شروط متساوية في الامتحان حتى وأن اختلفت في شكلها الظاهري، إلا أن وقعها واحد على القلب والعقل والإرادة والنفس، فالفقير الذي يعاني من الفقر ولا يعاني في صحته، يقابله غني يشعر بنفس المعانة ولكن من جانب الصحة أو أي جانب أخر، مع أن السبب مختلف إلا أن وقعها واحد على كليهما، وإشكالية الإنسان أنه لا يرى الأشياء إلا من منظاره ولذا يرى الصورة مشوهة وغير واضحة، ومع ذلك يرد أن تجري الأمور بتقديره، (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) فإذا افتراضنا أن الله منح إنسان عقل كلي وجعله ينظر من فوق على واقع الحياة لاكتشف مدى العدالة التي تحكمها ولتأكد من مدى الدقة التي تحكم كل معادلات الوجود، وعليه فإن التصور الذي يعتقد أن الغنى المادي هو كل شيء وأن العدل يقتضي أن يساوي الله بين الناس، في الفقر والغنى، تصور قاصر لخص الحياة في تجربته الشخصية ولم يفهم الحياة كوحدة متكاملة، فكم من الأغنياء ينقصهم الذكاء والحكمة، أو الصحة والعافية، أو الذرية الصالحة، أو الأسرة الهنيئة، أو غير ذلك، وكم من غني يشتهي أن يأكل كما يأكل الفقير الذي لا يملك إلا دراهم معدودة، وهو محروم من الاكل مع كل الثروة التي يمتلكها، فمشكلة الإنسان أنه لا ينظر إلى ما بين يديه من النعم، لو عد ما يملك لأعياه ذلك وما استطاع أن يحصيه قال تعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) والسعادة الحقيقية هي أن يُقدّر الإنسان ما عنده من النعم ويطمئن إلى رحمة الله التي حتماً تسع الجميع، وما هذا التباين بين البشر إلا ميدان من أجل اختبار قدرات الإنسان، ليظهر الابتلاء، ويتحقق الامتحان، ليتميز من يشكر ممن يكفر، ومن يجزع ممن يصبر، ومن يعمل صالحا ممن يعمل غير ذلك، وهكذا بوتقة تنصهر فيها النفوس وتتكامل بها الإرادات ويحصل الإنسان عن طريقها الدرجات العليا عند الله، فالحياة ميدان للجهاد والكفاح، وعبر هذا الكفاح يظهر الإنسان أجمل ما عنده من الفضائل والقيم، فمن أجل أن يعرف الصبر لابد أن يكون هناك ما يصبر عليه، ولكي يعرف الإيثار والإحسان لابد أن يكون هناك من يحسن إليه، وهكذا كل الفضائل تتجلى عند الاختبار، وكما يقال عند الاختبار يكرم المر أو يهان.
هذه هي الحِكمة العامة إلا أن هذه الحِكمة لا تلغي قانون السببية الحاكم على هذه الحياة، فالفقر والغني يخضع لمعادلات وضعها الله كقوانين، وإرادة الإنسان مسؤولة بشكل مباشر عن كل ما يصيب الإنسان من فقر أو مرض أو أي شيء اخر، وتتحمل البشرية بشكل عام كل ما يعاني منه الإنسان، فظلم الحاكم وفساد الأنظمة والمطامع والانانيات الحاكمة على النفوس وغير ذلك كله مسؤول عما يصيب البشرية، فلماذا نحمل الله المسؤولية وهو سخر للإنسان كل ما في الوجود وأمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم وحذرهم من حسابه وعقابه؟
هل يجوز الصوم المستحب في بعض الايام إذا كان الشخص مطلوب قضاء لشهر رمضان لعدد من الايام وله متسع من الوقت ليقضي ما بذمته قبل حلول رمضان التالي؟
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
بحسب جواب مكتب سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله، فإنه: لا يجوز ولكن اذا قصد القضاء وصامه في تلك الايام لنيل ثوابها ناله ايضاً ان شاء الله تعالى.
تفاصيل أكثر في الفيديو أدناه:
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»
يٌنقل في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: "رَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا (أي الجنة) الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء". فما صحته؟
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
هذا الحديث من مرويّات العامّة، وهو عندهم من الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها التي لا خلاف فيها عندهم، إذْ روى البخاريّ في صحيحه، رقم الحديث (3241)، ومسلم في صحيحه، رقم الحديث (2737)، وغيرهما، عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله قَالَ: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء)، وأمّا الإماميّة فلم يثبت عندهم مثل هذه الأحاديث، بل إنّ الأمر بخلاف ذلك، إذْ روى الصدوق (ره) في كتابه المعتبر (من لا يحضره الفقيه)، رقم الحديث (4627) عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: شيءٌ يقوله الناس: إنّ أكثر أهل النار يوم القيامة النساء؟ قال: وأنّى ذلك وقد يتزوّج الرجل في الآخرة ألفاً من نساء الدنيا في قصر من درّة واحدة؟ وفي رواية أخرى، رقم الحديث (4628) عن عمّار الساباطيّ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أكثر أهل الجنّة من المستضعفين النساء، علم الله عزّ وجلّ ضَعْفَهُنَّ فَرَحِمَهُنَّ.
هذا وقد علّق بعض علمائنا المعاصرين على حديث البخاريّ ومسلم المتقدّم آنفاً بقوله : لو ثبت الحديث وانّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) اطّلع من عالم الغيب على أنّ أكثر أهل النار من النساء، لأخذنا به، لكنّه لم يثبت، والواقع المشهود في تاريخ البشر هو أنّ نسبة وقوع المعاصي من قِبل الرجال أكثر منه عند النساء، فثمّة معاصي موبقة لا يقوم بها غالباً إلّا الرجال كاللواط والسرقة والقتل وغيرها، أمّا النساء فيلازمن المنازل غالباً ويقمنَ بالوظائف البيتيّة أو العمل في المزارع والمعامل. أضف إلى ذلك أنّ المعاناة التي تُلاقيها المرأة أيّام الحمل والوضع بمثابة مطهِّرٍ لها من الذنوب، ولو ماتت في هذا السبيل ماتت شهيدة. روى النسائيّ في سننه (6/37) عن عقبة بن عامر أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: والنفساء في سبيل الله شهيد. ومن لاحظ الروايات الواردة في هذا المجال رأى فيها قسوة ظاهرة في حقّ النساء. ( ينظر: كتاب الحديث النبويّ بين الرواية والدراية للشيخ السبحانيّ، ص250).
المصدر: مركز الرصد العقائدي
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»
لماذا يعيش الإنسان غير المؤمن حياة مرفهة وتتوفر له كل مجالات الخير، بينما يعيش المؤمن في خوف وفقر وقلق؟ ما السر في أن البلاء ينصب على المؤمن دون غيره؟
اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام
يقول سماحة آية الله السيد منير الخباز إن البلاء عام في كل مكان، حيث يقول القرآن الكريم: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا".
فكل انسان معرّض للبلاء حتى هذا الذي تراه في حياة سعيدة مرفّهة تجده يعاني من نوع ما من أنواع البلاء المختلفة التي تشمل كل المجتمعات. فهناك مجتمع مبتلى بالحروب وآخر بالجرائم وآخر بالأمراض النفسية.
ما يميز المؤمن عن الكافر في هذا الأمر هو استثمار البلاء لصالحه، إذ يحوله إلى عنصر إيجابي.. ولكن كيف يكون ذلك؟
الجواب مع سماحة آية الله السيد منير الخباز دامت بركاته في الفيديو أدناه:
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»
إن مُجرّدُ السّؤالِ عَن حِكمةِ خلقِ الإنسانِ من دونِ اختيار منهُ يدلُّ على وجودِ مُسلّمةٍ أوّليّةٍ يمكنُ البناءُ عليها، وهيَ كونُ الإنسانِ كائِناً عاقِلاً يبحثُ عَن أجوبةٍ منطقيّةٍ، كما أنَّ رفضَ الإنسانِ للظّلمِ يدلُّ على مُسلّمةٍ أُخرى وهيَ كونُ الإنسانِ كائِناً أخلاقيّاً يعتمدُ على نظامٍ منَ القيمِ يحاكمُ بهِ الأشياءَ، وإذا تمَّ الاعتراف بهذهِ المُسلّماتِ حينَها يمكنُ الإجابةُ على السّؤالِ. وهذا ما سنشيرُ إليهِ في عدّةِ نقاطٍ.
أوّلاً: هذا السّؤالُ لا يكونُ منطقيّاً إلّا بعدَ الاعتراف بأنَّ الإنسانَ حقيقةٌ موجودةٌ بالفعلِ، والإيمانُ بوجودِ إلهٍ يأتي في المرحلةِ الثّانيةِ بعدَ إيمانِ الإنسانِ بأنّهُ لَم يكُن موجوداً ثمَّ كانَ، والإنسانُ قبلَ أن يكونَ لَم يكُن شيئاً أصلاً فكيفَ يُسألُ عَن رغبتِه أو عدمِها في الحياةِ؟ فلو افترضنا أنَّ الإنسانَ خُلقَ مِن غيرِ إرادةٍ ومِن غيرِ قُدرةٍ على التّمييزِ بينَ الأشياءِ كما هوَ حالُ الحيوانِ، فهَل يمكنُ أن يُطرحَ مثلُ هذا السّؤالِ؟ وعليهِ فإنَّ مُجرّدَ كونِ الإنسانِ مخلوقاً ذا إرادةٍ ولهُ القدرةُ على الاختيار يُعدُّ ميّزةً إضافيّةً خُصَّ بها الإنسانُ، وهذا الأمرُ وحدَهُ يُوجبُ على الإنسانِ أن يكونَ مُمتنّاً لمَن أوجدَه، ومِن هُنا لو خُيّرَ الإنسانُ بينَ أن يكونَ حيواناً أو نباتاً أو جماداً لاختارَ أن يكونَ إنساناً. ومِن هُنا نفهمُ قولَه تعالى: (وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلنَاهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقنَا تَفضِيلا).
ثانياً: مِن بديهيّاتِ العقلِ أنَّ الوجودَ أفضلُ منَ العدمِ، والإنسانُ بوصفِه عاقلاً لا يمكنُه تقديمُ العدمِ على الوجودِ، وهذا ما عليهِ حالُ البشرِ جميعاً يحتفلونَ عندَ استقبالِهم لمولودٍ جديدٍ في هذهِ الحياةِ، ويحزنونَ عندَما يُغادرُها، وبالتّالي خروجُ الإنسانِ منَ العدمِ إلى الوجودِ أمرٌ يستوجبُ الشّكرَ وليسَ الجحودَ، ومِن هُنا نبّهنا اللهُ على ألا نغفلَ عَن هذهِ النّعمةِ بقولِه تعالى: (هَل أَتَىٰ عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهرِ لَم يَكُن شَيئًا مَّذكُورًا.. إِنَّا خَلَقنَا الإِنسَانَ مِن نُّطفَةٍ أَمشَاجٍ نَّبتَلِيهِ فَجَعَلنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
ثالِثاً: بعيداً عنِ الأديانِ وما أمرَت بهِ مِن توصياتٍ، وبعيداً عَن فلسفةِ الابتلاء التي ارتكزت عليها الأديانُ في تلكَ التّوصياتِ، لا بُدَّ أن يكونَ للإنسانِ موقفٌ فيما يتعلّقُ بالحِكمةِ مِن وجودِه، طالما أنَّ وجودَه أصبحَ أمراً مفروغاً منهُ، بمعنى أنَّ الإنسانَ بوصفِه كائناً عاقِلاً يجبُ أن يجدَ إجابةً عَن سببِ وجودِه، وليسَ مِن حقِّه أن يرفُضَ ما قدّمتهُ الرّسالاتُ مِن إجاباتٍ طالما هوَ عاجزٌ عَن إيجادِ البديلِ، وبما أنَّ الابتلاء حقيقةٌ مُتّصلةٌ بالحياةِ لا يمكنُ أن تنفصلَ عنها حينَها يجبُ فهمُها بالشّكلِ الذي يجعلُها نعمةً وليسَت نقمةً، فمُجرّدُ رفضِ الابتلاء لا يجعلُه أمراً معدوماً، وعليهِ كيفَ يجبُ أن يتعاملَ الإنسانُ معَ الابتلاءات؟
ما جاءَت بهِ الرّسالاتُ أنَّ هذهِ الابتلاءات وسيلةٌ ينتقلُ بها الإنسانُ إلى حياةٍ أفضل وهيَ الجنّةُ، وبالتّالي حوّلَت الابتلاء إلى فُرصةٍ حقيقيّةٍ أمامَ الإنسانِ، أمّا الذي لا يُؤمنُ بتلكَ الرّسالاتِ لا يمكنُه الفرارُ منه وفي نفسِ الوقتِ لن يجني ثمارَه، وحينَها يكونُ ظالِماً لنفسِه ولَم يظلِمهُ غيرُه. قالَ تعالى: (وَمَا ظَلَمنَٰهُم وَلَٰكِن كَانُوٓا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ).
رابِعاً: بما أنَّ الإنسانَ كائنٌ أخلاقيٌّ يجبُ أن يفهمَ الحياةَ انطلاقا منَ القيمِ، ومنَ الواضحِ أنَّ نسبةَ الشّرِّ في الحياةِ في قبالِ الخيرِ لا تكادُ تُذكَرُ، فالخيرُ هوَ الأصلُ والشّرُّ هوَ الاستثناء، وعليه فإنَّ الخيرَ الذي يعمُّ الوجودَ كلَّه يجبُ أن يكونَ هوَ محلَّ النّظرِ والتّفكّرِ وليسَت بعض العقباتِ التي تواجهُ الإنسانَ، فالتّقييمُ السّلبيُّ للحياةِ يُعبّرُ عَن نفسيّةٍ غيرِ سليمةٍ وغيرِ أخلاقيّةٍ، ويبدو أنَّ الإنسانَ يرصدُ الشّرورَ في الكونِ لسببٍ واضحٍ وهوَ أنَّ هذا الشّرَّ محصورُ العددِ، فبإمكانِنا أن نقولَ أنَّ ذاكَ المرضَ شرٌّ، وذاكَ الخُلقَ شرٌّ، وتلكَ الظّاهرةَ الطّبيعيّةَ شرٌّ مِن جهةِ كذا، لكنّنا لا نملكُ في المُقابلِ أن نعُدَّ الخيرَ الذي في العالمِ لأنّهُ بالغُ الضّخامةِ والتّنوّعِ والتّركيبِ، إذ هوَ يحيطُ بنا مِن كُلِّ وجهٍ، فلو نظرَ الإنسانُ في أعضاءِ جسمِه فقط؛ لرأى أعدادًا مهولةً منَ الأمورِ الحسنةِ التي تُوفّرُ لهُ أسبابَ الاستمتاع بالحياةِ. وعليهِ فإنَّ الإنسانَ الذي يغفلُ عَن كلِّ ذلكَ ويحرمُ نفسَه منَ الاستمتاع بما في الحياةِ مِن نعمٍ لا يلومنَّ إلّا نفسَه (قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزق) فكيفَ بعدَ ذلكَ ينسبُ للهِ الظّلمَ وهوَ الذي سخّرَ لهُ كلَّ هذهِ النّعمَ، قالَ تعالى: (أَلَم تَرَوا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ).
خامِساً: أتاحَ اللهُ للإنسانِ كلَّ السُّبلِ التي توصلُه إلى الجنّةِ، ونجاحُ الإنسانِ في الحياةِ مضمونٌ لكُلِّ البشرِ، إلّا الذينَ لا يريدونَ، فاللهُ خلقَ الإنسانَ للجنّةِ وليسَ للنّارِ، فأمرَهُ باليسيرِ وغفرَ لهُ الكثيرَ، وجعلَ لهُ السّيّئةَ بواحدةٍ والحسنةَ بعشرةِ أمثالِها، وجعلَ بابَ التّوبةِ أمامَهُ مفتوحاً، فإلى آخرِ لحظةٍ مِن عُمرِ الإنسانِ يُمكنُه التّوبةُ ويتوبُ اللهُ عليهِ ويُدخلُه الجنّةَ. يقولُ الإمامُ الكاظمُ في وصيّتِه لهشام: (وإنَّ أعظمَ النّاسِ قدراً الذي لا يرى الدّنيا لنفسِه خطراً، أما إنَّ أبدانَكُم ليسَ لها ثمنٌ إلّا الجنّةَ فلا تبيعوها بغيرِها). وفي خبرٍ آخرَ يقولُ اللهُ عزَّ وجلّ إنّما خلقتُ الخلقَ ليربحوا عليَّ ولَم أخلقُهم لأربحَ عليهم. وهَل بعدَ ذلكَ يمكنُ أن نتصوّرَ أنَّ خلقَ الإنسانِ فيهِ ظُلمٌ حتّى لو كانَ مِن غيرِ رغبتِه؟
أمّا قولُ السّائلِ، (باعتبارِ أنَّ الحياةَ هيَ دارُ إبتلاءٍ واختبارٍ وربّما الإنسانُ لا ينجحُ بهذا الإختبارِ فيكونُ مصيرُه العذابَ) حينَها يكونُ الإنسانُ ظالِماً لنفسِه ولَم يظلِمهُ الذي أوجدَه وسهّلَ لهُ كُلَّ الطّرقِ التي توصلُه إلى الجنّةِ.
المصدر: مركز الرصد العقائدي
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»
قال السيد رشيد الحسيني، الأستاذ في الحوزة العلمية، إن الموظف اذا ترك عمله ولو لدقيقة واحدة من أجل اجراء مكالمة فهو لا يستحق الراتب بمقدار هذه الدقيقة، وأكد أن هذا الرأي مطابق لفتاوى سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله.
وفي مقطع فيديو اطلع عليه «موقع الأئمة الاثني عشر»، انتقد سماحته بشدة تهاون بعض الموظفين في دوائر الدولة في أداء واجبهم وقال: " في دوائرنا الحكومية نرى أن بعض الموظفين يتركون عملهم في الساعة التاسعة صباحاً –مثلاً- من أجل تناول الفطور وهذا لا يجوز شرعاً ويترتب عليه دفع رد المظالم من الراتب".
المزيد في الفيديو أدناه:
للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام: https://t.me/The12ImamsWeb
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر».
يتداول بعض الخطباء أن السيئة لا تُكتب بمجرد أن يرتكبها "المؤمن"، وإنما تؤجل لسبع ساعات. فإن استغفر الله تعالى لم تكتب عليه تلك السيئة، وإن لم يستغفر كتبت.
فما حقيقة هذا الأمر؟
لقد ورد ذلك في رواياتٍ عديدة متظافرة عن أهل البيت (ع) وفيها ما هو معتبرٌ سنداً، وذلك من فضل الله تعالى على عبادِه المؤمنين، وفيه ترغيبٌ منه تعالى لعباده إلى مبادرة التوبة وعدم التسويف لها، وترغيبٌ منه تعالى إلى مراقبة المؤمنِ لأعماله فإذا وجد نفسَه وقد أذنب بادر إلى التوبة حذراً من أنْ ينسى ذنبَه فيُكتبُ عليه ويُؤخذُ به يوم لا يُغادر الكتابُ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلمُ ربُّك أحدا.
فمن تلك الروايات الورادة في هذا المعنى ما أورده الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عن فَضْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيه لَمْ يَهْلِكْ عَلَى اللَّه بَعْدَهُنَّ إِلَّا هَالِكٌيَهُمُّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَيَعْمَلُهَا فَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَ اللَّه لَه حَسَنَةً بِحُسْنِ نِيَّتِه وإِنْ هُوَ عَمِلَهَا كَتَبَ اللَّه لَه عَشْراً، ويَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ أَنْ يَعْمَلَهَا فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْه شَيْءٌ وإِنْ هُوَ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ، وقَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ وهُوَ صَاحِبُ الشِّمَالِ: لَا تَعْجَلْ عَسَى أَنْ يُتْبِعَهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُوهَا فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أَوِ الِاسْتِغْفَارِ فَإِنْ هُوَ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالِمَ الْغَيْبِ والشَّهَادَةِ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ الْغَفُورَ الرَّحِيمَ ذَا الْجَلَالِ والإِكْرَامِ وأَتُوبُ إِلَيْه لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْه شَيْءٌ، وإِنْ مَضَتْ سَبْعُ سَاعَاتٍ ولَمْ يُتْبِعْهَا بِحَسَنَةٍ واسْتِغْفَارٍ قَالَ صَاحِبُ الْحَسَنَاتِ لِصَاحِبِ السَّيِّئَاتِ اكْتُبْ عَلَى الشَّقِيِّ الْمَحْرُومِ".
فالرواية صحيحة السند وفضل بن عثمان هو أبو محمد الفضل بن عثمان أو الفضيل بن عثمان الأعور المرادي الأنباري من مشايخ صفوان بن يحيى وابن أبي عمير، قال عنه النجاشي: ثقة ثقة، وعده الشيخ في رسالته العددية من الفقهاء الاعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق لذم واحد منهم.
ومنها: ما أورده الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ فِيهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْه".
ومنها: ما أورده الكليني أيضاً في الكافي بسندٍ صحيح عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أَجَّلَه اللَّه سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّه لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْه شَيْءٌ وإِنْ مَضَتِ السَّاعَاتُ ولَمْ يَسْتَغْفِرْ كُتِبَتْ عَلَيْه سَيِّئَةٌ وإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذَكَّرُ ذَنْبَه بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْتَغْفِرَ رَبَّه فَيَغْفِرَ لَه وإِنَّ الْكَافِرَ لَيَنْسَاه مِنْ سَاعَتِه".
وثمة رواياتٌ أخرى اشتملت على ذاتِ المضمون، وأفاد بعضُها أنَّ هذه المنحةَ الإلهيَّة يختصُّ بها المؤمن، وأما غيرُه فتُكتبُ عليه السيئة بمجرَّد مقارفتِها، فقد أورده الكليني بسندٍ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ هُوَ تَابَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْه شَيْءٌ وإِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْه سَيِّئَةً فَأَتَاه عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ لَه: بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَه اللَّه عَزَّ وجَلَّ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ لَيْسَ هَكَذَا قُلْتُ ولَكِنِّي قُلْتُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وكَذَلِكَ كَانَ قَوْلِي".
فإنَّ ظاهر الرواية هو أنَّ تأجيل كتابة الذنب إلى سبع ساعات يختصُّ بالمؤمن، ثم إن الظاهر من مجموع الروايات أن المراد من الإستغفار الماحي للذنب والموجب لعدم تدوينه في صحيفة المكلَّف هو الإستغفار عن توبة صادقة، فالإستغفار اللفظي غير الناشيء عن قصد التوبة الصادقة لا يُثمر محوَ الذنب وعدمَ تدوينِه في صحيفة الأعمال.
للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام: https://t.me/The12ImamsWeb
هل الاتصال بالارواح علم صحيح؟ ولو كان صحيحاً كيف تحضر الأرواح مع أن الارواح تذهب إلى ربها؟
الظاهر أنه يمكن الاتصال بالأرواح، وأن تحضير الأرواح غير ممتنع على من هو متخصص فيه، وقد دلت بعض الأخبار على أنه يمكن الاتصال بأرواح الموتى.
منها: ما رواه الكليني قدس سره في كتاب الكافي 3/ 243 بإسناده إلى حبة العرني، قال: خرجت مع أمير المؤمنين عليه السلام إلى الظهر، فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام، فقمت بقيامه حتى أعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولاً، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت وجمعت ردائي، فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته، قال: قلت: يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك؟ قال: نعم، ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون، فقلت : أجسام أم أرواح؟ فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض ألا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام، وإنها لبقعة من جنة عدن.
وهذا الحديث وإن كان وارداً في حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا أنه يدل على إمكان الاتصال بالأرواح لمن هيأ الله له أسباب ذلك، بل يدل على وقوعه.
ولا منافاة بين إمكان الاتصال بالأرواح وبين كون الأرواح عند ربها؛ لأن الله تعالى ليس في مكان خاص، وليست الأرواح محبوسة عنده، وقد ورد في بعض الأخبار أن أرواح المؤمنين تجتمع في وادي السلام، وهو ظهر الكوفة، فقد روى الكليني في الكافي 3/243 بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن أخي ببغداد، وأخاف أن يموت بها، فقال: ما تبالي حيثما مات، أما إنه لا يبقى مؤمن شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام. قلت له: وأين وادي السلام؟ قال: ظهر الكوفة، أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون.
وورد أن أرواح الكفار في وادي برهوت في حضرموت، فقد روى الكليني قدس سره في الكافي 3/246 بسنده عن القداح، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت، وهو الذي بحضرموت ترده هام الكفار.
والمهم في هذه المسألة هو معرفة أن تحضير الأرواح عمل غير جائز، وقد أفتى جمع من مراجع الطائفة بحرمته.
منهم: مرجع الطائفة السيد أبو القاسم الخوئي قد سره، فإنه سئل سؤالاً نصه: هل يحرم تحضير الأرواح بالفنجان وبغير الفنجان؟
فأجاب قدس سره بما يلي: نعم يحرم إذا كان يعد من فن السحر. (صراط النجاة 1/442).
وسئل سؤالاً آخر، نصه: هل يجوز شرعاً تحضير الأرواح للاستخبار منهم عن أحوالهم وأحوال البرزخ وغير ذلك؟
فأجاب قدس سره، بقوله: الأظهر تحريم إحضار من يضره الإحضار من النفوس المحترمة دون غيرها. (صراط النجاة 1/442).
وسئل مرة أخرى: هل يمكن للحي أن يستحضر روح أحد الأموات؟ أم أن ما يعرف بتحضير الأرواح هو نوع من تسخير الجن؟
فأجاب قدس سره بقوله: تحضير الأرواح غير تسخير الجن، وغير جائز أيضاً، والله العالم.
وعلق المرجع الكبير الميرزا جواد التبريزي قدس سره بقوله: الأحوط الترك في أرواح المؤمنين إذا احتمل تأذيهم بذلك.
كما سئل مرجع الشيعة السيد الگلپايگاني قدس سره بقوله: هل يجوز تحضير الأرواح والتنويم المغناطيسي؟
فأجاب بقوله: كلاهما غير جائز، والله العالم . (إرشاد السائل: 185).
وسئل مرجع الطائفة السيد السيستاني دام ظله سؤالاً نصه: [هل يجوز] تحضير الأرواح لسؤالها عن حال صاحبها وعن البرزخ وغير ذلك من الأمور الأخرى؟
فأجاب دام ظله بقوله: يحرم تحضير روح من يضره تحضير روحه من النفوس المحترمة دون غيرهم . (الفتاوى الميسرة: 418، فقه المغتربين: 332).
وأجاب المرجع الكبير السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله على هذا السؤال بقوله: يحرم تحضير روح من يضره تحضير روحه من النفوس المحترمة دون غيرهم، ويحرم الاعتماد على خبره، وليكن في علمك أن ذلك قد يكون من عمل الجان والشياطين. (حواريات فقهية: 323).
ولا يخفى أن الغرض من تحضير الأرواح هو الاستعلام عن أمور مغيبة، إلا أن تحضير الأرواح لا يفيد في ذلك، لأن الأرواح لا تعلم بالمغيبات التي يريد السائل أن يسأل عنها، إلا ما يخص الروح المحضرة، دون ما عدا ذلك.
هذا مع أن الممارس لتحضير الأرواح قد يظن الروح الحاضرة هي الروح المطلوبة، إلا أنها ربما تكون جنياً أو شيطاناً، ولذلك أفتى مراجع الطائفة بأنه لا يجوز الاعتماد على إخبارات تلك الروح، لجهالتها من جهة، ولعدم العلم بأنها صادقة في إخباراتها من جهة أخرى، والله العالم بحقائق الأمور.
للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام: https://t.me/The12ImamsWeb
نشرت المنصة الرسمية على تليجرام لسماحة السيد رشيد الحسيني، الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، الأربعاء، جواباً عن ظاهرة "كسر البيض" الشائعة جداً عند شراء الأشياء الجديدة.
وبحسب الجواب الذي تابعه "موقع الأئمة الاثني عشر"، فإن هذا العمل غير "شرعي ومن تهريج المشعوذين".
وفيما يلي نص السؤال مع الجواب كما ورد:
السؤال: ماحكم كسر البيض على الحاجة المشترات دفعا للحسد؟
الجواب: هذا العمل لا أساس له في الشريعة وهو إتلاف للمال بغير وجه شرعي أو عقلائي فهو من التبذير والإسراف المنهي عنه في الشريعة.
على انه عمل سفهي نشأ عن تهريج المشعوذين وذوي العقد النفسية وقد قررت الشريعة الإسلامية أن الإنسان إذا أراد أن يصرف عنه البلاء المحتمل فعليه بالدعاء والصدقة فإنهما يرفعان البلاء المبرم.
للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام: https://t.me/The12ImamsWeb
المصدر: قناة السيد رشيد الحسيني (تليجرام)
قالَ تعالى: (وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ)، هذهِ الآيةُ إجابةٌ صريحةٌ على السّؤالِ: لماذا خلقَ اللهُ الإنسانَ؟ فالعبوديّةُ تُمثّلُ هدفاً سامياً وقيمةً عُليا للإنسانِ، فما هيَ العبوديّةُ؟
نحنُ هُنا نحاولُ وبشكلٍ مُباشرٍ التّعرّفَ على حِكمةِ العبادةِ وحقيقتِها، والفلسفةِ الكامنةِ فيها.
في البدءِ، لا يمكنُ أن تتضمّنَ العبادةُ مفهوماً سلبيّاً، لا مِن جهةِ العبدِ ولا المعبودِ، لأنَّ اللهَ غنيٌّ بذاتِه لذاتِه، غيرُ مُحتاجٍ لخلقِه: (وَمَن يَبخَل فَإِنَّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَراءُ). فمنَ الواضحِ إذاً، أنَّ اللهَ لا ينتفعُ بعبادةِ العبدِ، بلِ العبادُ هُم الذينَ ينتفعونَ، وكذلكَ لا يمكنُ أن تكونَ العبادةُ حالةً سلبيّةً بالنّسبةِ للإنسانِ أيضاً، ومِن هُنا يجبُ علينا البحثُ عَن معنىً للعبادةِ يستقيمُ معهُ التّوحيدُ، وتنسجمُ بهِ فطرةُ الإنسانِ.
العبوديّةُ في الدّلالةِ العُرفيّةِ تتناقضُ معَ الحُرّيّةِ، فكيفَ يكونُ الإنسانُ عبداً وفي والوقتِ نفسه حُرّاً؟، وهل قيمةُ الإنسانِ في عبوديّتِه أم في حُرّيّتِه؟، هذهِ الأسئلةُ يمكنُ أن تقودَنا إلى إيجادِ فلسفةٍ للعبادةِ يرتفعُ بها التّناقضُ وتتحقّقُ بها قيمةٌ للإنسانِ.
ولكي نقتربَ من العبادةِ بالمعنى التّشريعيّ، لا بُدَّ أن نقتربَ أوّلاً منَ العبادةِ بالمعنى التّكوينيّ، بوصفِها الأساسَ الذي تُبتنى عليهِ العبادةُ في التّكليفِ؛ فكونُ الإنسانِ عبداً باختيارِه، يعني بالضّرورةِ كونَهُ عبداً في كيانِه، فلا يكونُ هذا التّكليفُ حالةً عرضيّةً لم ترتكِز على الطّبيعةِ الإنسانيّةِ، وإنّما القولُ بأنَّ الإنسانَ بذاتِه عبدٌ، هوَ تعبيرٌ آخرُ عنِ القولِ أنَّ الإنسانَ كائنٌ مخلوقٌ.
وبعبارةٍ أُخرى، هلِ الإنسانُ بذاتِه عبدٌ؟ أم بذاتِه حُرّاً؟
فإن كانَ الإنسانُ بذاتِه حُرّاً، فتكونُ العبادةُ بالمعنى التّشريعيّ نوعاً من أنواعِ مُصادرةِ الحُرّيّةِ أو تحديدِها وتحجيمِها، لعدمِ وجودِ مُبرّرٍ ذاتيّ يدعو الإنسانَ للخروجِ منَ الحُرّيّةِ للعبوديّةِ، إلّا أن تكونَ هُناكَ سُلطةٌ فوقيّةٌ، فرضَت الهيمنةَ والقهرَ على الإنسانِ، إظهاراً للسّلطنةِ والقدرةِ، فتكونُ العبادةُ حينئذٍ حالةً سلبيّةً بامتيازٍ، على مستوى العبدِ والمعبودِ.
فعلى مستوى العبدِ لا تعدو كونَها تحجيماً لمقدراتِه وتحديداً لإمكاناتِه، والأمرُ واضحٌ على مُستوى المُفارقةِ العُرفيّةِ، التي تُميّزُ بينَ العبدِ المملوكِ لسيّدِه وبينَ السّيّدِ الحُر.ِّ
أمّا على مُستوى المعبودِ، فإنّها تكشفُ وبشكلٍ ما، عَن حاجتِه ونقصِه؛ لوجودِ حاجةٍ دعتهُ إلى فرضِ الهيمنةِ والسّلطنةِ، ومُصادرةِ حُرّيّةِ الإنسانِ.
أمّا القولُ الآخرُ بأنَّ الإنسانَ بذاتِه عبدٌ للهِ تعالى، فإنّهُ يرتكزُ على حقيقةِ الإنسانِ المخلوقِ، وهذا الوصفُ هو ذاتُه الذي يُحقّقُ معنى العبوديّةِ؛ فإذا تحقّقَ الخلقُ، فلا يحتاجُ الأمرُ إلى مرحلةٍ ثانيةٍ تتحقّقُ فيها العبوديّةُ التّكوينيّةُ، فالمخلوقُ مُعلّقٌ دوماً بخالقِه، والموجودُ مُحتاجٌ إلى موجدِه، بحيثُ يكونُ مُضطرّاً في بقائِه إليهِ، وتلكَ العُلقةُ الاضطراريّةُ هيَ نفسُها العبوديّةُ، فإذا كانَ الإنسانُ قَد خلقَهُ اللهُ، فهوَ إذَن لم يُوجِد نفسَه، ولا هوَ يمدُّها بطاقةِ البقاءِ، ولذلكَ فإنّهُ موسومٌ بطابعِ (العبوديّةِ الذّاتيّةِ)، النّابعةِ مِن كيانِه الطّارئ الذي يملكُه اللهُ بقُدرتِه وسُلطانِه، وقد وهبَهُ للإنسانِ بكاملِ مشيئتِه، وسوفَ يأخذُه منهُ متى أرادَ بكُلِّ قوّةٍ وسُلطانٍ، وأيُّ عبدٍ أشدُّ عبوديّةً، وأوسعُ رِقّاً مِن هذا الذي لا يملكُ خلقَه، ولا يضمنُ لنفسِه البقاءَ؟!
ومِن خلالِ حقيقةِ مخلوقيّةِ الإنسانِ ومملوكيّتِه للهِ تعالى تتحقّقُ طبيعةُ (المحكوميّةِ) الشّاملةِ للإنسان، بحيثُ يفرضُ عليهِ العقلُ والضّميرُ أن يخضعَ للهِ في كلِّ شؤونِه، وألا يعملَ إلّا بما يوحيهِ إليهِ سُبحانَه؛ لأنَّ مُجرّدَ تصوّرَ (المالكيّةِ الإلهيّةِ)، و(العبوديّةِ البشريّة)، كافٍ لإيحاءِ فكرةِ العبادةِ والخضوعِ أمامَ اللهِ تعالى، إذِ الفكرةُ هذهِ ليسَت إلّا تعبيراً عَن تلكَ الحقيقةِ.
ومِن هُنا نفهمُ العبوديّةَ التّشريعيّةَ على أنّها تعبيرٌ إراديّ عنِ العبوديّةِ التّكوينيّةِ، وهذا الانسجام بينَ العبادةِ في التّشريعِ والعبادةِ في التّكوينِ، هوَ السّببُ الذي يجعلُ الإنسانَ في تكامُلِه مُنسجِماً معَ كلِّ الوجودِ، فإذا كانَ الإنسانُ في واقعِ كيانِه عبداً للهِ، تكونُ الحُرّيّةُ حينئذٍ موهبةً ومنّةً إلهيّةً، تطوَّل اللهُ بها على العبادِ.
والحُرّيّةُ بهذا الفهمِ لا يمكنُ أن تكونَ تأسيساً لخياراتِ تبتعدُ عَن حقيقةِ العبوديّةِ؛ فالحدُّ المُشتركُ، الذي يجمعُ بينَ كيانِ الإنسانِ المُضطرّ في عبادتِه للهِ وبينَ الحُرّيّةِ، هيَ المسؤوليّةُ، والمسؤوليّةُ تعني أن تتحرّكَ الحُرّيّةُ فيما ينسجمُ معَ الطّبيعةِ التّكوينيّةِ للإنسانِ؛ لأنَّ الحُرّيّةَ ليسَت مُطلقَ التّرجيحِ بينَ الخياراتِ، وإنّما الحُرّيّةُ هيَ ترجيحُ الأصلح الذي ينسجمُ معَ طبيعةِ الإنسانِ العابدِ بكيانِه للهِ، وإلّا تكونُ الحُرّيّةُ عقبةً حقيقيّةً في مسيرةِ الإنسانِ التّكامليّةِ؛ لأنَّ بإمكانِ الإنسانِ أن يختارَ بحُرّيّتِه السّيرَ عكسَ إتّجاهِ السّننِ الكونيّةِ.
صحيحٌ أنَّ الإنسانَ حُرٌّ في أن يكونَ عبداً أو لا يكونَ، ولكنّهُ مسؤولٌ، فالعبادةُ على مستوى التّشريعِ، هيَ نوعٌ منَ الإقرارِ بكونِه مخلوقاً، وهذهِ الحقيقةُ هيَ بدايةُ الطّريقِ، لسعي الإنسانِ نحوَ اللهِ الخالق.
وبهذا بدأنا نقتربُ مِن معرفةِ حكمةِ العبادةِ، فإذا بدأنا بالآيةِ القُرآنيّة: (وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ) وجدنا أنّها تشيرُ للعبادةِ على مُستوى التّشريعِ وليسَ التّكوينِ، وهيَ ترسمُ بذلكَ فلسفةَ خلقِ الإنسانِ وحِكمةَ وجودِه.
وإذا تمعّنا فيها، نجدُ أنَّ هُناكَ مُقابلةً بينَ كلمةِ الخلقِ وكلمةِ العبادةِ، فإذا عرفنا عُمقَ معنى كلمةِ الخلقِ نعرفُ عُمقَ معنى كلمةِ العبادةِ، وذلكَ لأنَّ العبادةَ جاءَت كنتيجةٍ طبيعيّةِ لخلقِ الإنسانِ، فمتى ما كانَ هُناكَ خلقٌ، كانَت هُناكَ عبادةٌ، فكأنّها لازمٌ ذاتيّ لا تنفكُّ عنِ الخلقِ، ومنَ المعلومِ أنَّ كلمةَ الخلقِ لها معانٍ، فأيُّ معنىً مِن معاني الخلقِ يمكنُ أن يقابلَ مفهومَ العبادةِ، أو يحقّقَ مفهومَ العبادةِ؟
هنالكَ ثلاثٌ معانٍ للخلقِ، وهيَ:
المعنى الأوّلُ: أنَّ الإنسانَ مخلوقٌ يعني أنَّ لهُ حقيقةً واقعيّةً وليسَ وهماً أو خيالاً، بخلافِ المدارسِ السّفسطائيّةِ والمثاليّةِ التي شكّكَت في حقيقتِه، فالموجودُ حقيقةٌ متمثّلةٌ في الخارجِ، وأقربُ طريقٍ إلى معرفتِه هوَ التّنبّهُ إلى واقعِ وجودِه، والإعترافُ بأنَّ للإنسانِ كياناً وحقيقةً، وهوَ بدايةُ تأسيسِ قيمِ حياتيّةٍ تؤكّدُ حقَّ الإنسانِ في الوجودِ.
المعنى الثّاني: أنَّ قولَنا إنَّ الإنسانَ مخلوقٌ يعني أنَّ وجودَهُ قائمٌ بالغيرِ وليسَ بالذّاتِ، ممّا يعني أنَّ وجودَه حقيقةٌ طارئةٌ، تحتاجُ دوماً في وجودِها إلى المُوجدِ.
المعنى الثّالث: أنَّ الإنسانَ مخلوقٌ يعني أنّهُ كائنٌ ناقصٌ يعيشُ حالةً منَ الضّعفِ والعجزِ، قالَ تعالى: (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ)، وشعورُ الإنسانِ بالضّعفِ والفقرِ والحاجةِ، هوَ الذي يدفعُه للسّعي لإكمالِ ذلكَ النّقصِ واِستدراكِ ذلكَ العجزِ، ولا سبيلَ إلى ذلكَ إلّا باللجوءِ إلى مَن أوجدَه وخلقَه مِن عدمٍ؛ لأنَّ الذي خلقَه مِن لا شيء، قادرٌ على أن يزيدَه كمالاً، ويباركَ له في قُدراتِه: (وَاسئَلُوا اللهَ مِن فَضلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيماً)، والطّريقُ إلى إكمالِ النّقصِ هوَ الرّجوعُ إلى اللهِ تعالى، والطّلبُ منهُ والتّقرّبُ إليه سبحانَه: (وَقالَ رَبُّكُمُ ادعُونِي أَسْتَجِب لَكُمْ)، وهُنا ربطٌ واضحٌ بينَ الدّعاءِ والعبادةِ، وبينَ طلبِ الحاجةِ والإستجابةِ، والحاجةُ دليلُ النّقصِ، والإستجابةُ إكمالٌ للنّقصِ.
وكلُّ هذهِ المعاني تُحقّقُ مفهومَ الخلقِ (وما خلقتُ)، فيمكنُ أن يُقالَ: الخلقُ هوَ هذا الذي تراهُ ماثِلاً أمامَك، أو: الخلقُ هوَ الحقيقةُ التي تحتاجُ إلى خالقٍ، أو: الخلقُ هوَ النّاقصُ الذي بإمكانِه أن يتكاملَ.
بعدَ أن نُحقّقَ هذهِ المعاني، نجدُ أنَّ المعنى المُقابلَ للعبادةِ هوَ المعنى الثّالث، وهوَ أنَّ الموجودَ قابلٌ للنّموّ والتّكاملِ، فتصبحُ حقيقةُ العبادةِ: تكاملَ الإنسانِ والعروجِ بهِ في مدارجِ الكمالِ، فإذا كانَ الإنسانُ يُمثّلُ محورَ الخلقِ، وكانَ تكاملُ الخلقِ مِن أجلِ الإنسانِ، فلا بُدَّ أن يكونَ للإنسانِ تكاملٌ خاصّ، وهذا سرُّ دُعاءِ الأنبياءِ والرّسلِ للعبادةِ، لأنّها الطّريقُ الذي يُحقّقُ للإنسانِ تكامُلَه، بعدَ ربطِه باللهِ مصدرِ كلِّ كمالٍ.
فمعرفةُ اللهِ سُبحانه تعني معرفةَ الأسماءِ التي هيَ عناوينُ الكمالِ، فمِن إسمِ العليمِ تتحقّقُ قيمةُ العلمِ، ومِن إسمِ القديرِ تتحقّقُ قيمةُ القُدرةِ، ومِن إسمِ الرّحيمِ تتحقّقُ قيمةُ الرّحمةِ، ومِن إسمِ الكريمِ تتحقّقُ قيمةُ الكرمِ ... وهكذا، كما أنَّ هذهِ الأسماءَ هيَ ذاتُها الطّريقُ الذي يُحقّقُ العبادةَ: (وَللهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعُوهُ بِها).
وبذلكَ، تُصبحُ غايةُ العبادةِ هيَ التّكاملُ، الذي يسعى إليهِ الإنسانُ، فإذا كانَت فلسفةُ الإسلامِ هيَ العبادةُ، وفلسفةُ العبادةِ هيَ التّكاملُ، فتكونُ فلسفةُ الإسلامِ هيَ التّكاملُ، وهُنا تنسجمُ فلسفةُ الرّسالةِ الدّاعيةِ للعبادةِ معَ فلسفةِ الخلقِ الدّاعيةِ للتّكاملِ؛ لأنَّ العبادةَ هيَ التّعبيرُ الآخرُ عنِ التّكاملِ.
للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام:
المصدر: مركز الرصد العقائدي
بالنسبة للأحكام الشرعية فإنها تشرع وفق قانون المصلحة والمفسدة، من غير ضرورة أن يكون الإنسان عالماً بتلك المصلحة أو لا، فكثير من الأحكام الظاهرية قد لا ندرك مصلحتها الواقعية، أو مفسدتها الواقعية، فتكون المصلحة في نفس الامتثال.
ومن هنا يتضح الغرض من تحريم آلات القمار، فقد تبدو للوهلة الأولى مسلية أو ذات دافع تحفيزي للعقل ـ كما يقول البعض ـ إلا إننا لما لم نكن مطلعين على أسرار التشريعات السماوية ومعرفة عللها التامة فإنه يكفينا الالتزام والامتثال لأوامر الشارع المقدس، لأننا نقطع بكونه حكيماً، والحكيم لا يتعاطى العبث في أوامره ونواهيه، فتأكد لنا وجود حكمة من التحريم تخفى علينا كبشر.
أما وجود النصوص المحرمة:
1 ـ قوله تعالى: (اجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)
2 ـ عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور فقال الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء.
3 ـ وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة وكل ما قومر عليه فهو ميسر.
4 ـ وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين عليه السلام الشطرنج والنرد هما الميسر.
5 ـ وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الشطرنج من الباطل.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر أو مشاحن أو صاحب شاهين قال قلت وأي شيء صاحب شاهين قال الشطرنج.
الكافي 6 / 435 ـ 436 .
المصدر: مركز الرصد العقائدي
يجب في كلِّ ركعة سجدتان، وهما معاً من الأركان، فتبطل الصلاة بنقيصتهما عمداً أو سهواً، كما تبطل الفريضة بزيادتهما عمداً، بل وسهواً أيضاً على الأحوط وجوباً. وسيأتي حكم زيادة السجدة الواحدة ونقصانها.
كما يجب وضع المساجد السبعة على الأرض، وهي: الجبهة، والكفّان، والركبتان، والإبهامان من الرجلين.
تفصيل أكثر مع سماحة السيد صباح شبر دامت بركاته في الفيديو أدناه:
تنويه: يعبّر هذا المحتوى عن وجهة نظر الكاتب لا عن رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»
هل يجوز لعموم الناس أن يبدوا وجهة نظرهم حيال موقف المرجع السياسي، والاجتماعي والثقافي وهل تجوز لهم مخالفته في ذلك؟
بداية لابد من توضيح مختصر لمعنى المرجعية ودورها:
المرجعية مصطلح يطلق على قيادة الفقهاء للشؤون الدينية عند الشيعة، والمرجع هو عالم مجتهد يتولى أمور المؤمنين ويتصدى لرعاية مصالحهم الدينية والدنيوية كالقضاء وإقامة الحدود مضافاً إلى بيان الاحكام الشرعية لعامة الناس، ويستمد المرجع شرعيته في القيادة من الإمام المعصوم الذي اوجب على شيعته الرجوع إلى الفقهاء في زمن الغيبة، ويشترط للوصول إلى مقام المرجعية شروط مفصلة في كتب الفقه، يقول العلامة محمد رضا المظفر: عقيدتنا في المجتهد وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس (كما سيتضح تفصيلاً في المقال أدناه)، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليه السلام.[1]
والمرجعية الشيعية هي مؤسسة مستقلة غير مرتهنة لأي نظام سياسي، مما يجعلها متحررة من أي ضغوط سلطوية، وبالتالي هي ليست مدينة لدولة ولا لجهاز إعلام؛ بل تعمل فقط على خدمة الإنسان الشيعي وترعى مصالحه، ومن هنا فإن توجيهات المرجع ملزمة لمن يعتقد بأن الفقهاء يمثلون الامتداد الطبعي لولاية أهل البيت (ع) في زمن الغيبة، والمتابع للدور المرجعي في طول مساره التاريخي سيرى بوضوح أن المرجعية ليست لها سلطة تنفيذية تعمل على اخضاع الناس وإلزامهم لإتباع أمرها، وإنما تعتمد على إيمان الناس ومدى اخلاصهم وحبهم للدين.
ولكي تتضح الإجابة على السؤال يمكننا الاستعانة بتقسيم دور المرجعية إلى قسمين:
الأول: هو بيان الاحكام الشرعية، وفي هذا الشأن تقوم المرجعية بتفصيل الأحكام في شكل مسائل بحسب أبواب الفقه حتى يسهل على عامة الناس تطبيقها.
والثاني: وهو القسم المتعلق بالتوجيهات العامة في ما يخص الشأن السياسي والاجتماعي والثقافي، ودور المرجعية هنا إعطاء إرشادات عامة ولا تدخل في الجوانب التفصيلية، فمثلاً لو كان هناك مظالم سياسية فإن المرجعية تتحدث عن ضرورة العدل ولا تتبنى خياراً سياسياً معيناً للوصول لذلك العدل، وكذلك لو كانت الدولة بدون دستور يحمي جميع افراد المجتمع فإن المرجعية تتحدث عن أهمية الدستور ولا تتبنى دستوراً بعينه، أو إذا كان هناك عدو خارجي يتهدد الدولة فإن المرجعية تأمر بمواجهته بدون أن تدخل في تفاصيل المواجهة، والامثلة على ذلك كثيرة، وهكذا الحال في الأمور الاجتماعية فلو كان هناك ما يهدد قيم المجتمع وترابطه فإن المرجعية تتصدى لمواجهة هذه الاخطار، والحال نفسه في الشأن الثقافي فإن المرجعية تمثل الدرع الحصين في قبال الهجمات الثقافية المستهدفة للإسلام، وغير ذلك من الامثلة، والتاريخ المرجعي عند الشيعة يشهد على ما قامت به من أدوار كبيرة حافظت على الشيعة في أصعب الظروف، ومع ذلك لم تتبنى المرجعية التصدي التفصيلي لما يتعلق بالشؤون السياسية، بل حتى في الأنظمة السياسية التي حكم فيها الشيعة كان دور المرجع التوجيه العام ولم يتورط بتفصيلات الشأن السياسي، وبهذا الشكل تفتح المرجعية الطريق أمام عامة الناس من اجل القيام بأدوارهم السياسية والاجتماعية والثقافية بكل توجهاتهم واحزابهم، وهكذا لا يمكن أن نتصور حدوث أي تصادم بين المرجعية وبين من يتولون الشأن السياسي طالما أنها لا تتبنا طرحاً تفصيلياً واجرائياً يشكل منافس للسياسيين، وفي المقابل طالما لم ينحرف السياسيون عن القيم الكبرى مثل الحريات والعدالة والحقوق وغير ذلك، ومن هنا فإن افتراض إمكانية مخالفة المرجعية في هذه الشؤون يقوم على توهم بأن المرجعية تتولى الشأن السياسي بسلطاته التشريعية والتنفيذية وهذا خالف الواقع، وإذا اتضح ذلك فإن مخالفة المرجعية في توجيهاتها العامة غير مبرر طالما أنها تستهدف من ذلك الحفاظ على الخطوط العامة والقيم الكبرى،وهذا ما لا يجوز الاعتراض عليه.
[1] - المظفر، عقائد الإمامية، ص 46.
المصدر: مركز الرصد العقائدي
عندما نقوم بعرض بعض الأحكام الشرعية نواجه أسئلة من الشباب، فهم لا يسألون فقط عن الحكم الشرعي في مسألة ما، وإنما نجد أنفسنا اليوم أمام سؤال آخر وهو ما يعرف بـ "سؤال العقلنة".
فالشاب يريد اليوم أيضا معرفة وجه هذا الحكم وفلسفته والحكمة من تشريعه، بل بعضهم يطلب حتى علة هذا الحكم.
ولم يعد شباب اليوم يكتفون بمعرفة الحكم فقط، وتجد السؤال أمامك حاضراً (لماذا هذا الحكم؟).
وقد تكبر المشكلة إذا رأينا الشباب يرتبون الأثر على هذا السؤال (لماذا) خلال معرفة العلة ويرتب عليه عمله، فهو إن اقتنع امتثل للحكم وإلا فلا علاقة له به ولا يتعبد به وهنا تكمن الخطورة.
يطرح سماحة الشيخ أحمد سلمان (دامت بركاته) معالجة هذا الموضوع في وقفتين تفاصيلهما في الفيديو أدناه:
كتب آية الله السيد محمد باقر السيستاني:
هل يمكن الاستغناء عن التقليد باقتناع الناس بأنفسهم بعدم جواز التقليد ورجوعهم بأنفسهم إلى القرآن الكريم والروايات الماثورة عن النبي (ص) وأئمة الهدى؟
الجواب: كلا لا يمكن ذلك بوضوح لسببين:
الأوّل: أنّ اقتناع الناس بعدم جواز التقليد لن يكون اقتناعاً بأمر بديهي واضح لديهم ابتداءً، وإنما يحصل هذا الاقتناع بالوقوف على طرح مَن هو مقتنع بهذا القول وإيضاحاته.
ومن المعلوم أنّ مَن يذكر هذا الطرح فهو عادة يدعي ممارسة وخبرة طويلة في هذا الشأن، ولا يزعم أنه قد انتبه إليه منذ بداية بلوغه، ومعنى ذلك أنّ اقتناعه بعدم جواز التقليد كان وليد الخبرة لا البداهة.
وعليه فإنّ مَن يقتنع بهذا الطرح سوف يقلّد صاحب هذا الطرح.
هذا، ولا ينفي كون ذلك تقليداً أنّه حصل بتوضيحٍ مِـمَّن يفترض خبرته للآخر الذي لم يكتسب الخبرة مباشرة؛ لأنّ قناعة مَن لم يكتسب الخبرة بتوضيحِ مَن يدعيها لا يعني أنّ الأوّل قد اطّلع على المعلومة بشكل عميق يغنيه عن الاعتماد على صاحب الخبرة، مهما اعتنى صاحب الخبرة المفترضة بتوضيح الفكرة وتبسيطها، كما لو أوضح الطبيب بسبب تشخيصه للمريض فاستوضحه المريض، فإن ذلك لا يخرج المريض عن تقليده للطبيب. وذلك واضح.
الثاني: هَبْ أنّ أحداً اقتنع الآن بعدم جواز التقليد فلنلاحظه أنّه إذا اعترته مسألة مختلف فيها في أحكام العبادات والمعاملات، هل يرجع بنفسه إلى كتب الأخبار ويفهمها أو يجد ضرورة في أن يرجع إلى من يفترضه خبيراً -ولو كان ممن يقول بلسانه أنه لا يرى التقليد-؟
لا شك في أنّه يرجع إلى من يذعن بخبرته لأنّ التقليد ليس معنى يعتبر اعتباطاً، بل روحه التعويل على خبرة الآخرين فمَن عوّل على خبرة الآخرين فإنّه قد قلدهم لا محالة، ومعنى ذلك أنّه يقلّد بالضرورة.
إذن فمن يطرح عدم التقليد في الحقيقة إنما يطرح تقليد نفسه في هذا القول وفي المسائل الشرعية النظرية وإن تجنب عن تسميته باسم التقليد .
على أنّ هناك نقطة ينبغي الانتباه إليها، وهو أنّ التقليد للآخر ليس تعويلاً على رأي المجتهد لذاته، بل باعتباره محيطاً وممارساً للقرآن الكريم والسنة الشريفة، بل هو في الحقيقة نحو تعويل على الآيات والروايات، ولكن بدلالة الفقية الممارس الذي بذل الجهد في هذا السبيل، ومِن ثَمَّ فإنّ مِن الخطأ الفاحش افتراض أنّ التعويل على الفقيه بديل عن التعويل على الآيات والروايات في معرفة الحكم الشرعي، فالفقيه أشبه بمَن يدلّ التائه عن الطريق إلى هذا الطريق لاطّلاعه على علائم الطريق ودلالاته.
إنّ التقليد -بمعنى رجوع غير المتخصص إلى المتخصص في المجال الذي لا تخصص له فيه- حقاً هي فكرة بديهية للغاية، وهي من القضايا التي يكفي تأمّلها في الإذعان بها، فمن تصوّر رجوع غير المتخصص -في المجال الذي لا تخصص له- إلى المتخصص في ذلك المجال أذعن بالبداهة أنّ هذا الرجوع أمرٌ ضروريّ لا محيص عنه ولا بديل له، وإنما الباعث على التشكيك في مثله التباسات فنية متسرّعة أو عوامل غير علمية مثل التسقيط والمنافسة بما لمثل ذلك من أسباب شخصية واجتماعية وسياسية وبعض ذلك أمر معروف.
ما هو التقليد؟ ولماذا نُقلّد؟
التقليد: هو رجوع غير المتخصص في المسائل النظرية التي يحتاج إليها في خياراته في الحياة إلى المتخصص في تلك المسائل.
وذلك حالة عقلائية يجري عليها الإنسان في جميع حوائجه في الحياة على اختلاف أنواعها، فهو إذا مرض يرجع إلى الطبيب، وإذا أراد أن يخطط للبناء رجع إلى المهندس، وإذا أراد أن يشخّص مدى خطورة البناء القائم رجع إلى البنّاء، وهكذا.
بل الحياة العامة للإنسان لا تخلو عن رجوعه فيما لا خبرة له إلى من يملك الخبرة فيه فالزوج قد يسأل زوجته عما هي أخبر به، والزوجة تسأل زوجها كذلك. وكل من الوالدين والأولاد والأصدقاء والزملاء يسألون بعضهم بعضاً فيما هم أخبر به ويعوّلون عليهم.
وتلك هي ضرورة الحياة في تكامل الناس بعضهم مع بعض في الخبرة والإيفاء بالحاجة، ولو أراد الناس تحصيل الخبرة بشكل مباشر في كل ما يحتاجون إليه بحيث يستغنون عن التعويل على قول الآخرين لم تكف حياتهم لذلك، ولو كفت فهم قبل بلوغ ذلك يحتاجون إلى الاعتماد على قول الآخرين حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة مع أنّ سعي الإنسان إلى اكتساب الخبرة في كل شيء يبدو عملاً غير عقلائي لأنّه يعطل جوانب ضرورية في حياته، فالجاري عند العقلاء كافة أنهم يكتسبون الخبرة في مجال ليستثمروه في العمل ويتكسبوا به للإيفاء بحوائجهم في الحياة، ويعولون في سائر المجالات على خبرة الاخرين.
وليس المجال الشرعي والفقهي بدعاً في هذا المجال فالمسائل الشرعية تنقسم إلى قسمين:
الأوّل: أمورٌ واضحة لا تحتاج إلى تقليد مثل أصول كثير من الأحكام كوجوب الصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس وجملة من حدودها وتفاصيلها.
الثاني: أمور أخرى نظرية تحتاج إلى خبرة واطلاع من جهات، منها:
١- التوثق من صدور النص الذي لا يكون ثبوته واضحاً على حدّ ثبوت القرآن الكريم.
٢- دلالته عندما لا تكون صريحة وثابتة عبر الأزمان.
٣- كيفية التعامل مع النصوص التي قد تبدو متعارضة.
فإنّ من الواضح أنّ النصوص ليست كلها ثابتة ثبوتاً قطعياً وبديهياً، ولا كلّ دلالات النصوص الثابتة كذلك، ولو فرض أن جميع النصوص قطعية فلا أقل من إحراز هذا الأمر وهو قطعية هذه النصوص كلها ووضوح دلالتها يحتاج إلى ممارسة وخبرة واطلاع.
وأمّا وجوب التقليد على المكلف في شأن المسائل النظرية الفقهية فهو لعدة أمور:
١- إن رجوع غير المتخصص إلى المتخصص في مجال تخصصه مبدأ عقلائي معروف، ولم يأتِ عن الشارع ردع لأهل الدين عن هذا المبدأ واعتماد مبدأ آخر.
٢- إنّ اكتساب الخبرة الفقهية من قبل الناس جميعاً ومنذ بداية بلوغهم سن التكليف والرشد بحيث يبلغوا متخصصين لكيلا يحتاجون إلى الاستعانة بغيرهم أمر متعذّر بوضوح.
٣- إنّ سيرة شيعة أهل البيت (ع) كانت مستقرة على الرجوع إلى الفقهاء الذين يعيشون في بلدانهم في عصر الائمة (ع) مثل: زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم وأضرابهما بالنظر إلى بعد مواطن الأئمة (ع) عن أماكن سكنى الشيعة، وتعذّر وصول الشيعة إليهم من جهة إعاقة السلطة لذلك، فقد عاش جل أئمة أهل البيت (ع) بالمدينة المنورة، ثم مروا بخراسان، ثم بغداد، ثم سامراء، بينما كان أكثر الشيعة يسكنون بالكوفة، وفيهم من كانوا يسكنون في أماكن بعيدة أخرى.
٤- إن الأئمة (ع) أرجعوا في روايات كثيرة إلى فقهاءِ أصحابهم، وذكروا إرشادات للاستنباط الفقهي بشكل عام وفي حال تعارض الأخبار خاصة.
هذا، ولابد لكل مسلم أن يتحرى عن الأساس الصحيح الذي يصح الاعتماد عليه في موارد الشك ليكون حجة معذرة له غداً أمام الله سبحانه.
ولا مانع من أن يتبين المرء من الأمر عند طروّ الشبهة وإثارة الفتنة، لكن لا ينبغي أن يتّبع الشبهة من دون تحقق منها أو يتوقف عندها ولا يعالجها فيستقر على الشك والترديد، بل عليه الرجوع إلى أهل العلم والفضيلة حتى يوقفوه على الحجة الموثوقة ليكون مصداقاً للمتعلمين في الدين على سبيل نجاة.
القطة ليس من الأعيان النجسة فهي وإن كانت مما يحرم أكله إلا إنها طاهرة، نعم مشهور فقهائنا قالوا إن شعر القطة يضر بصحة الصلاة، لكن السيد السيستاني دام ظله يرى أن الشعرة والشعرتان لا تضر بصحة الصلاة.
المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع مع سماحة السيد حسين شبر [حفظه الله] في الفيديو أدناه:
يقول تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) (الشورى - 30)
هل نحن من يصنع المصائب؟ فمفاد الآية يؤدي إلى أن كل مصيبة هي مما كسبت أيدينا بسبب أمور نقترفها!
وهل الله تبارك وتعالى يبتلينا بالمصائب مع كل ذنب نقترفه؟ أم أنه يعفو عن "كثير" كما جاء أيضاً في الآية المباركة؟
في آية أخرى، يقول تعالى: ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك. ونلاحظ أن الشق الأخير من الآية يتطابق مع الآية الأولى، إلى جانب العديد من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام المتوافقة مع هذا المعنى من أن الذنوب هي أسباب المصائب.
منها: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " قال: ثم قال: وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به.[1]
ولكن السؤال المطروح الآن: هو لماذا نجازى بالمصائب عندما نذنب ذنباً معيناً؟
الجواب مع سماحة الشيخ علي آل محسن في الفيديو أدناه:
[1] الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
لا تخلو مجتمعاتنا من أطفال يولدون معاقين أو مصابين بمختلف الأمراض، وقد تكون هذه الإعاقة سبباً للاعتراض على حكم الله تبارك وتعالى، وهنا تطرح جملة من التساؤلات:
هل من العدل أن يولد هكذا أطفال لآباء مذنبين؟
وهل يعتبر هذا الأمر عقاباً للأهل؟
وما هو ذنب الطفل ليعيش هكذا حياة دون أن يرتكب ذنباً؟!
تفسيرات واجابات ينشرها «موقع الأئمة الاثني عشر» عن عدل الله في البلاء والمصيبة، نقلاً عن كتاب "موسوعة الاسئلة الاعتقادية" الصادر عن مركز الأبحاث العقائدية، إلى جانب مقالات أخرى نشرت في وقت سابق عن الشرور في الكون والعدل الإلهي:
الجواب:
ينبغي أن يعلم أنّ الأُمور التكوينية التي تجري في العالم، هي على قسمين:
أحدهما: يكون السبب عمل الناس، وإليه يشير قوله سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[1]
والعذاب النازل على الأُمم السابقة يندرج في هذا الإطار، وخروج الأولاد معاقين كثيراً ما يكون لأجل فعل آبائه، ومعلوم أنّه لا يمكن أن يتحمّل الطفل وزر أبويه، قال الله سبحانه: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)[2]، ولكن بعض الأفعال القبيحة تصبح كالنار في إحراقها، فلو ألقى أحد طفلاً في النار فهو يحترق جزماً، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه عليه، بل الظالم من ألقاه في النار، فلو قطع أحد رقبة أحد، فمقطوع الرقبة سوف يموت جزماً، أو دسّ أحد سمّاً قاتلاً في طعام، فالذي دسّ إليه السمّ سوف يموت حتماً، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه، بل الظالم هو قاطع الرقبة، والذي دسّ إليه السمّ.
وخروج الأطفال معاقين في معظم الأحيان لأجل سوء عمل الأبوين عند المواقعة، أو لشرب بعض الأدوية، أو غيرها من الأسباب التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وآله في النصيحة التي قدّمها إليها بواسطة الإمام علي عليه السلام، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه ـ والعياذ بالله ـ على أحد، وهذا كلّه في القسم الأوّل.
ثانيهما: الحوادث التي تحدث في العالم قد قدّرت ونظّمت، ورتّبت طبق اقتضاء الحكمة البالغة، وتلك الحكمة هي التي تتحكّم، بأنّ يولد لأحد ولد وللآخر تولد البنت، والأعمار تقدّر تحت هذه الحكمة الإلهية، التي تكون ضمن الآجال الحتمية، ويدخل تحت هذا أن يكون شخص من ذرّية رسول الله صلى الله عليه وآله، والآخر من ذرّية شخص آخر، ويدخل في هذا الإطار، وفي هذا القسم وجود معاقين من صلب أبوين شريفين ملتزمين بجميع نصائح النبيّ صلى الله عليه وآله، وأوامر الشريعة الغرّاء، ويكون في هذا البلاء وامتحان للمعاق ولغيره.
إنّ المقادير تجري كما قدّرها الله سبحانه، ولا راد لقضائه، ولا مبدّل لحكمه، ولا تدرك عقولنا مغزى الحكمة، وليس يدخل ذلك في الظلم، لأنّ الظلم هو وضع الشيء في غير محلّه، والله لا يفعل ذلك، والصابر على قضاء الله مأجور، والجازع مأزور، كما ورد في بعض الروايات، وإلى هذا المعنى يشير الإمام الحسين عليه السلام في بعض كلماته: «لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفّينا أُجور الصابرين...»[3].
وقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن جابر بن يزيد الجعفي قال: (قلت: لأبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهم االسلام: يا ابن رسول الله، أنا نرى من الأطفال من يولد ميّتاً، ومنهم من يسقط غير تامّ، ومنهم من يولد أعمى، أو أخرس، أو أصم، ومنهم من يموت في ساعته إذا سقط على الأرض، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام، ومنهم من يعمّر حتّى يصير شيخاً، فكيف ذلك وما وجهه؟
فقال عليه السلام: «إنّ الله تبارك وتعالى أولى بما يدبّره من أمر خلقه منهم، وهو الخالق والمالك لهم، فمن منعه التعمير فإنّما منعه ما ليس له، ومن عَمّرَهُ فإنّما أعطاه ما ليس له، وهو المتفضّل ما أعطاه، وعادل فيما منع، ولا يُسأل عمّا يفعل، وهم يسألون».
قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله، وكيف ولا يسأل عمّا يفعل؟
قال عليه السلام: «لأنّه لا يفعل إلّا ما كان حكمة وصواباً، وهو المتكبّر الجبّار، والواحد القهّار، فمن وجد في نفسه حرجاً في شيء ممّا قضى الله فقد كفر، ومن أنكر شيئاً من أفعاله جحد»).[4]
الهوامش:
[1] (1) الروم: 41.
[2] (2) الأنعام: 164.
[3] (1) مثير الأحزان: 29.
[4] (1) التوحيد: 397.
كشف الأستاذ في الحوزة العلمية الشيخ علي العبود تفاصيل مهمة توضح فتوى المرجع الأعلى للسيد علي الحسيني السيستاني دام ظله التي رد فيها على من ادّعى أن فقهاء الشيعة يكفرون أتباع المذاهب الأخرى، فيما أكد بطلان قول المدّعي بالأدلة والشواهد.
وقال الشيخ العبود في كلمة له تابعها "موقع الأئمة الاثني عشر" إن "كفرالنعمة وكفر الولاية لا يخرج الإنسان عن الإسلام وإنما يخرجه كفر الجحود وكفر الوحدانية".
وأضاف: أن " عبارة الكفر الباطني للسيد الخوئي (قدس) تعني الانسان الذي لا يعتقد بولاية اهل البيت عليهم السلام ولا يعتقد ان النبي صلى الله عليه وآله نص على ولاية امير المؤمنين عليه السلام وليس المراد منها انه ليس بمسلم".
وأكمل الشيخ العبود قائلا: "موقف السيد الخوئي ينص على أن: المناط في الإسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح انما هو شهادة ألا اله إلا الله وان محمد رسوله وهي التي عليها اكثر الناس وعليه فلا يعتبر في الإسلام غير الشهادتين فلا مناص له مع الحكم بإسلام اهل الخلاف".
ولفت إلى أن "الإسلام الواقعي يبتني على ولاية اهل البيت، ومعناه أنه الإسلام الحق بمعنى أن النبي نص على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام في المقابل هناك من يقول أن الإسلام الحق هو في نظرية الشورى".
وأشار الشيخ العبود إلى أن "البعض حاول ان يدلس في فتوى السيد السيستاني من أنه يجوّز التعبد بباقي المذاهب وهذا دليل على ضعف الجانب العلمي لدى صاحب الاشكال".
وقال إن "موضوع التعبد هو حقانية المذهب عند ثبوته لدى المكلف، ويثبت الحق عند إقامة الدليل والحجة والبرهان والبينة وعليه اذا لم يتم الدليل الحق ولم تقم الحجة الواضحة على حقانية المذهب لا يكون حقاً".
تفصيل أكثر في الفيديو أدناه:
كشف آية الله السيد منير الخباز عن "الدور الخطير" الذي تؤديه المرجعية الدينية في زمن غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام) فيما حذر من الدعوات التي تهدف إلى إضعاف الدين عبر النيل من المرجعية.
وقال سماحته في محاضرة حصل عليها "موقع الأئمة الاثني عشر": إن "دور الفقيه هو حفظ الشريعة وهو ليس بالدور البسيط، بل هو دور خطير جداً مكلف بحفظ الشريعة و لها ثلاث مراتب: حفظ تشريعي، وحفظ تعليمي، وحفظ تطبيقي".
وأضاف أن "رأس الهرم هذا الموقع -يقصد المرجعية العامة- شخص قدسي عادل تقي فقيه يحرك الملاين بكلمة واحدة، هذا الموقع عزة للدين والمذهب وهدف من الأهداف القرآنية وهدف من الأهداف التي يرضاها الإمام المنتظر «عج»".
وفيما يلي نص المحاضرة مع الفيديو:
دور المرجعية في عصر الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
(فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
الآية المباركة تحث على التفقه في الدين، والمراد من التفقه في الدين تعلم المعارف الإسلامية سواء كانت على مستوى الأصول وعلم العقائد، أم على مستوى الفروع وعلم الفقه.
ففي صحيحة يعقوب بن شعيب: سأل الإمام الصادق إذا حدث بالإمام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال أينك عن قوله تعالى (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ) هم في عذر ما داموا في الطلب» وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم قومهم، فهذه الصحيحة تدل على أن التفقه في الدين عنوان يشمل معرفة الإمام .
من هنا وانطلاقاً من الآية المباركة، نتحدث في عدة محاور:
المحور الأول: في تقسيم العقائد
فيما يجب معرفته عقلاً وما يعرف بالدليل
ذكر علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم، أن المعتقدات على قسمين، قسم يجب معرفته عقلاً، وقسم لا يجب معرفته، ولكن إذا قام الدليل عليه فعلى الإنسان أن يدين به «أن يعقد قلبه على طبقه» مثلاً: أصول الدين الخمسة ولوازمها من القسم الأول «مما يجب معرفته عقلاً»، فالإنسان إذا أدرك أن وجوده نعمة، أدرك أن هناك منعم يجب عليه معرفته مقدمة لشكره، فإذا تعرف على المنعم عرف أن ذلك المنعم ذات جامعة لصفات الكمال ومنها العدل والحكمة واللطف، إذا أدرك ذلك أدرك عقله أن مقتضى العدل واللطف والحكمة بعث الأنبياء ونصب الأئمة ووجود يوماً للجزاء وهو يوم المعاد.
إذاَ هذه الأصول الخمسة مما يجب معرفتها عقلاً ولوازمها، مثلاً: من لوازم النبوة والإمامة أن يكون النبي عالماً بالتشريع وأن يكون معصوماً إذ لا يمكن أن يكون إماماً أو نبياً وحجة على الغير ما لم يكن عالماً بالتشريع ومعصوماً، إذاً هذه أمور عقلية يجب معرفتها عقلاً لأن العقل حاكمٌ بها.
القسم الثاني: أمور لا يصل إليها العقل، مثلاً: تفاصيل البرزخ، عذاب القبر، سؤال منكر ونكير، تفاصيل يوم القيامة، الصراط، الميزان، الحساب، هذه أمور لا يصل إليها العقل بما أنه لا يصل إليها العقل لا يجب معرفتها عقلاً، إنما إذا قام الدليل النقلي الصحيح عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وآله بثبوت هذه الأمور فعلى المسلم أن يتدين بها تصديقاً لقول النبي وإلا فلا يجب معرفتها عقلاً، إذاً العقائد على قسمين ما يجب معرفته عقلاً وما لا يجب معرفته، لكن إذا قام الدليل فعلى المسلم أن يتدين به، تصديقا للنبي.
المحور الثاني: ما هو الميزان في التشيع؟
ما هو الميزان في الإسلام، وما هو الميزان في التشيع؟؟ الميزان في الإسلام، متى يعد الإنسان مسلماً، إذا تشهد الشهادتين عن تصديقاً للنبي محمدٍ صلى الله عليه وآله، من هنا ذا أنكر الإنسان ضرورة من ضروريات الدين، مثلاً: وجوب الصلاة من الضروريات، وجوب الصوم، وجوب الحج، حرمة شرب الخمر، حرمة الربا هذه أمور ضرورية في الدين لو أن الإنسان أنكر ضرورة من ضروريات الدين، وقال أنا لا أعترف بحرمة الربا مثلاً ولا أعترف بشرب الخمر مثلاً.
يقول العلماء إذا أنكر الضروري فإذا كان ملتفتاً إلى أن إنكار الضروري يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وآله لأنه أخبر بهذا الضروري يعد خارج عن الإسلام لأنه يعد مكذباً للنبي، إما إذا لم يكن ملتفتاً للملازمة وأنكر الضروري وهو غافل عن لوازم ذلك، أو عقله قاصر، أو في ذهنه شبهة لا يعد منكر للإسلام وإن أنكر ضرورياً والميزان في التشيع، كما يستفاد من الروايات هو الدينونة بدلالة الإمام المعصوم!! كيف؟؟
روايات معتبرة من صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق : قال ذروة الأمر وسنامه ومفتاح باب الله ورضا الرحمن طاعة الإمام بعد معرفته، ثم قال: فلو أن رجل قام ليلة وصام نهاره وحج دهره ولم يكن يعرف ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته ما كان له حق على الله في ثوابه وما كان من أل الإيمان، إذاً ميزان التشيع أن تعترف بأن هناك إماماً معصوماً وأن عليك أن تكون جميع أعمالك بدلالة هذا الإمام، هذا هو التشيع وهو أن تعترف بأن جميع أعمالك لابد أن تكون بدلالة هذا الإمام المعصوم، هذا هو الميزان في التشيع، كيف نتوصل إلى نظر الإمام، نحن يجب أعمالنا أن تكون بنظر الإمام فكيف نتوصل إلى نظر الإمام؟؟
الطريق لنظر الإمام على قسمين: ظني، وقطعي.
الطريق الظني واختلاف العلماء
هو الذي يرد علينا بخبر الآحاد «رواية» هذا الطريق سيقع موقع الخلاف بين العلماء لأنه رواية، منهم من يقبلها ومنهم من لا يقبلها، لنفترض مثلاً: من المؤكد لدينا «من باب المثال» أن النبي محمد الله عليه وآله كانت له ولاية على التشريع «كان من حقه التشريع»، كيف؟؟!
الروايات تقول «أن الله فرض الصلاة ركعتين وزادها رسول الله ركعتين» أصبحت أربع، فما فرضه الله لا يسقط في سفر أو حضر، وما فرضه رسول الله فهو يسقط في السفر، «وإن الله حرم الخمر وحرم رسول الله كل مسكر، وإن الله فرض الزكاة وسنها رسول الله في تسعة أشياء»، إذاً الرسول كانت له ولاية على التشريع بمقتضى نفسه القدسية التي لا تخطأ الواقع، هل هذه الولاية التي كانت للنبي ثابتة للأئمة من بعده أما لا؟؟ محل خلاف بين العلماء، لماذا؟؟
لأن الطريق هنا طريق ظني «هناك روايات تقول: فما فوض إلى النبي فقد فوض إلينا» وهذه الروايات محل نقد وقبول لدى علمائنا، إذاً هذه مسألة نظرية جاءت عن طريق ظني تقع محل للبحث بين علمائنا، أي ولاية الأئمة على التشريع.
الطريق القطعي.. ثلاثة أقسام
أحياناً يصل إلينا نظر الإمام بطريق قطعي لا بطريق ظني، كيف؟؟
الطرق القطعية لنظر الإمام، ثلاثة: إجماع، وارتكاز علمائي، وتواتر إجمالي.
الطريق الأول: الإجماع
أن يجمع فقهاء تلك الحقبة «غير فقهاء زماننا» فقهاء الحقبة الصغرى، المعاصرة لغيبة الإمام، لماذا؟؟ لأن تلك الحقبة متصلة بالطبقة الذين عايشوا الأئمة وعاشروهم، وسمعوا منهم، فالمعول على تلك الطبقة، أجمع علماء تلك الحقبة «حقبة الغيبة الصغرى مثلا» على أن الإمام والنبي معصوم عصمة مطلقة «معصوم عن الخطأ والسهو والنسيان»، هذا الإجماع يعد كاشف قطعي عن نظر الإمام، لماذا؟؟ لئلا يتصور أن يجمع كل العلماء في تلك الفترة على أمر وهم متصلون بعصر النص، ولم يكن الإمام راضياً بهذا الإجماع، فهذا غير معقول، وإلا لنقض الإمام إجماعهم لأنه قريب من عصرهم، يأتيك مخالف مثلاً الشيخ الصدوق خالف في ذلك، هل مخالفة شخص يقدح في الإجماع؟؟ لا، لا يقدح في الإجماع.
ولكن لماذا؟؟
أولاً: لم يحرز أن الصدوق خالف، لأن الصدوق قال بالإسهاء ولم يقل بالسهو فرق بين الإسهاء والسهو، الصدوق يقول الله أسهى نبيه لمصلحة للأمة، أسهاها، وليس سهو، إسهاء من الله.
ثانياً: نفترض أن الصدوق يقول بالسهو!! لا يضر بالإجماع، لماذا؟؟ متى ما عرف الشخص المخالف وعرف دليله وأنه ضعيف، فلا يقدح في إجماع الطائفة، الطائفة أجمعت على أن النبي أو الإمام معصوم عصمة مطلقة، إذاً مخالفة شخص واحد لدليل ضعيف لا يقدح في الإجماع. ولا يوجد أحد عاقل يقرأ الدليل الذي ذكره الشيخ الصدوق ويقبله، الشيخ الصدوق يتعرض لنفس الروايات الموجودة عن إخواننا أهل السنة أن الرسول صلى صلاة الظهر ركعتين، وسهى واستدبر القبلة.
القرآن يقول (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ويقول (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) هل يعقل أن نبي الرحمة يكون في طرف (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ) ويخرج عن طرف (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) هذا غير معقول، مخالفة شخص من العلماء لا تقدح في الإجماع، وفي الطريق طريقاً قطعياً.
الطريق الثاني: الارتكاز العلمائي
الارتكاز العلمائي، كيف؟؟ إذا راجعنا عبارات العلماء في تلك الفترات تجدهم يرسلون الأمر إرسال المسلمات ولا يذكرون مخالفاً، وإن لم يصرحوا بالإجماع، مثلاً: علمائنا أرسلوا إرسال المسلمات، أن للإمام علم لدني، وليست اكتسابية، قسم من علومه اكتسابية وهي علم التشريع اكتسبه مثلاً: عن علي بن الحسين عن الحسين عن الحسن عن عليٍ عن رسول الله «هذا علم مكتسب جاء عن طريق الرواية»، وهناك قسم من علوم الإمام علم لدني عن طريق الإلهام وليس عن طريق الوراثة وليس عن طريق النقل «علم لدني».
والخضر ليس أفضل من الأئمة والقرآن يقول في حق الخضر (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) أعطينها علم لدني. إذاً عندنا ارتكاز علمائي على أن للأئمة علم لدني، وهذا طريقٌ قطعي.
الطريق الثالث: تواتر الروايات
تواتر الروايات، كيف؟؟ روايات كثيرة تقتطع بأن واحد منها على الأقل صادر من الإمام المعصوم، هذا يسمى تواتر إجمالي، مثلاً: عندما نراجع الروايات نرى كتاب كفاية الأثر، أما للصدوق، عيون أخبار الرضا، غيبة الطوسي، غيبة النعماني، الخصال، كتب متعددة، وروايات متعددة في هذه الكتب عن الإمام الحسن الزكي «ما من إلا مقتول أو مسموم».
هذا الحشد من الروايات كله تضرب به عرض الحائط!!؟ لا يمكن، روايات متواترة إجمالاً، لكثرتها، «ما من إلا مقتول أو مسموم» كل واحد سيحصل على الشهادة!!
ربما يقول إنسان هذه مسألة تاريخية، الإمام الهادي مات مسموم أم لا!! فهي مسألة تاريخية، لا ربط لها بالعقائد!! لا هذه الفكرة خاطئة، لماذا؟؟ لأن مقام الشهادة من مقامات الإمام، مات مسموم «يعني مات شهيداً» والشهادة مقام من المقامات، إذاً المسألة رجعت للعقيدة!! هل نعتقد أن الإمام من مقامته أن يموت شهيداً أم لا؟؟
فإذا عندنا روايات متواترة إجمالاً أن كلهم شهداء، لا نستطيع أن نطرح هذه الروايات، إذاً بالنتيجة: هناك طرق قطعية لكشف نظر الإمام ذكرنا هذه الطرق القطعية، إذا الإنسان أنكر شيء من هذه القطعيات قال لا اسلم به، إذا لم يلتفت إلى اللوازم لشبهة في دهنه أو لقصور في عقلة أو لعدم خبرة، بعضهم لا توجد عندهم خبرة علمية، لا توجد عنده معرفة بتنقيح الروايات وموازين النقد والقبول فيها، فيأتي ويتصرف وينكر رواية ويطرح رواية هو لا توجد عنده خبرة علمية، ليس صاحب اختصاص في هذا الميدان، إذا أنكر القطعي لشبهة عنده أو لقصور عقلة أو لعدم معرفته هذا لا يقال خرج عن التشيع «لا»، أما إذا كان ملتفت إلى أن هذا الأمر قطعي وأن تكذيبه تكذيب لنظر الإمام الذي توصلنا إليه بأحد هذه الطرق القطعية، يقال هذا خرج عن التشيع لأنه أنكر قطعيا وهو ملتفت إلى أن لازم إنكاره رد نظر الإمام . إذاً هذا هو الميزان في التشيع وحدوده.
المحور الثالث: ما هو الميزان في الثابت والمتغير؟!
الفكر الإسلامي والفكر الإمامي فيه ثابت وفيه متغير، الثابت: هو الضروري الذي وصلنا إلينا بطريق قطعي كما مثلنا، والمتغير: هو النظري الذي وصلنا إلينا بخبر ظني فبعض العلماء يقبل بعض العلماء يرفض مثلاً: أفترض الرجعة أصل الرجعة من الضروريات ليس من ضروريات المذهب فقط من ضروريات الدين أصل الرجعة لأنه القرآن الكريم نص على الرجعة قال تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) حشر جزئي لو كان يريد يوم القيامة لقال:» ويوم نحشر كل أمة» لكن قال في الآية(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ) يعني نأخذ جماعة من كل أمة ونرجعهم أحياء وتقوم عليهم قوانين العدالة (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) هذا حشر جزئي هذا هو الرجعة لا كلام فيها.
رجعة الحسين عليه السلام إلى الدنيا أيضاً وردت في روايات متواترة أما رجعة جميع الأئمة هذا محل خلاف، هذه نسميها مسألة متغيرة مسألة نظرية، تتبع كل عالم وموازين النقض والقبول عنده للروايات المتعرضة، لذلك فعدنا ثابت وعندنا متغير، هنا سؤال يطرح: هل يمكن أن يتحول المتغير إلى ثابت؟، الثابت لا يمكن أن يتحول إلى متغير، لكن هل يمكن أن يتحول المتغير إلى ثابت بحيث يصبح النظري ضروري «يعني شيء كان نظري في زمان الصدوق، الآن في زماننا يصبح ضروري أما لا»؟! ممكن، لماذا؟!
ذكرنا في بعض ليالي عاشوراء مسألة التراكمية الثقافية التراكمية الثقافية مؤثرة، مثل ما علم الطب نتيجة التراكمية الثقافية، توسع وأصبح علم الطب، اختصاصات متعددة، مثل ما الهندسة نتيجة التراكمية الثقافية أصبح علم الهندسة حقول مختلفة، أيضاً الفكر ألإمامي نتيجة التراكمية الثقافية تتسع معلوماته، تتطور أدواته، تتنوع حقوله، فمن الممكن أن يكون ما هو نظري قبل ألف سنة ضروري الآن، ممكن مثال: القرآن الكريم قبل ألف سنة إذا تسأل أي عالم من علماء المسلمين قبل آلف سنة تقول له القرآن الكريم كتاب علمي أم لا؟!
يقول لك القرآن كتاب هداية القرآن قال: (الم «1» ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) أما كتاب علمي لا يوجد عندنا دليل على أنه كتاب علمي هذا كلام قبل ألف سنة بعد ألف سنة التراكمية الثقافية اكتشفت أن في القرآن أسرار علمية الآن نحن بعد ألف سنة أصبح عندنا مفهوم ضروري، أصبح من ضروريات الإسلام أن القرآن كتاب علمي، وليس مجرد كتاب هداية، هذا أصبح شيء ضروري من ضروريات الإسلام لماذا؟! مع أن علمائنا الأوائل لم يقول به، لأن التراكمية الثقافية فرضت نفسها اكتشفت أسرار علمية في القرآن لم يكتشفها من كان قبلنا، أنت من أتي الآن إلى قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ «76» وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ).
أنظر علمائنا هنا الآن في عصرنا الحاضر يقول لك فرق بين مواقع النجوم لم يقل فلا اقسم بالنجوم، قال: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) معناه أن النجم له موقع ثم يغادره إلى مجموعة شمسية أخرى، وأنت لا تزال ترى النجم في نفس الموقع لماذا؟! لأنه هذا النجم الذي تراه الآن هو انتقل من هذا الموقع إلى مجموعة شمسية أخرى قال تعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لكن هذا الموقع الذي كان فيه النجم قبل خمسمائة سنة ضوئية وصل لك الضوء فأنت ترى موقعه الذي كان فيه قبل خمسمائة سنة ضوئية، وأما الآن فهو يسبح في مدار أخر وفي طرف أخر، هذه الأسرار العلمية في القرآن لم يكتشفها علمائنا السابقون واكتشفها علمائنا اللاحقون، بمقتضى التراكمية الثقافية إذا ما كان نظريا عندهم أصبح ضروري عندنا، ما كان ظني عندهم أصبح قطعي عندنا نتيجة التراكمية الثقافية نفس الشيء على مستوى العقائد تأتي الآن قبل ألف سنة يجوز ما كان العلماء يقولون أن الأئمة أفضل من الأنبياء لم يكونوا يقولون لماذا؟!
يقولون لك روايات ربما تصح وربما لا تصح، نحن بعد ألف سنة تطورت عندنا الأدوات العلمية، أصبحنا أكثر سيطرة على الروايات ممن سبقنا، أصبح أكثر قدرة على استنطاق الروايات واستخراج المفاهيم ممن قبلنا، لأنه الأدوات تطورت أدوات البحث وأدوات التحقيق تطورت، وصلنا إلى ما لم نصل إليه من سبقنا، لأجل ذلك نحن نستطيع أن نقول لا من ضروريات المذهب ومن الأمور القطعية أن الأئمة أفضل من الأنبياء لماذا؟! للروايات المتواترة على عالم الأنوار «خلقكم الله أنوار فجعلكم بعرشه محدقين».
المحور الأخير: بعد أن عرفنا المعارف وكيف نصول إلى المعارف والطرق الظنية والقطعية
نأتي الآن إلى دور الفقيه في عصر الغيبة الفقيه له ثلاثة مناصب:
منصب حجية الفتوى أن فتواه حجة على مقلديه.
منصب القضاء قضائه نافذ على الناس.
منصب الولاية بعض الفقهاء يرى الولاية خاصة بالأمور النظامية وبعض الفقهاء يرى الولاية عامة مطلقة، السيد الخوئي مثلاً: كان يرى الولاية خاصة بالأمور النظامية، الإمام الخميني مثلاً يرى الولاية مطلقة عامة هذا اختلاف في سعة الولاية وضيقها الجميع يقول بمنصب الولاية، ما هو دور الفقيه؟!
دور الفقيه هو حفظ الشريعة دور الفقيه ليس دور بسيط دور خطير جداً مكلف بحفظ الشريعة وقد تحدثنا في بعض الليالي السابقة أن حفظ الشريعة له ثلاث مراتب: حفظ تشريعي، وحفظ تعليمي، وحفظ تطبيقي.
المرتبة الأولى: الحفظ التشريعي
فالفقيه مسؤول عن رقابة الفكر طول الوقت، والفقيه يراقب ما يقال، ما يطرح، ما يتكلم به لماذا؟! حتى يكون حذر على حفظ الشريعة ألا يدخل فيها ليس منها، الفقيه في حال رقابة على الفكر، أي فكر يطرح في هذا القنوات وما يدور فيها، والمواقع وما يدور فيها، كلها تصل إلى الفقهاء أولاً بأول، الفقيه رقيب على ما يطرح وما يقال وما يذكر حتى يقوم بمسؤوليته في حفظ الشريعة من الناحية التشريعية أن يحافظ على أصولها وثواباتها وقطعياتها، وأن يترك المجال في النظريات لمائدة البحث لذلك ورد عن النبي محمد : ورد عنه في رواية معتبرة ”في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الضالين وبدع المبطلين“ يعني دوره دور الرقابة.
المرتبة الثانية: الحفظ التعليمي
الحوزات العلمية ما هو الهدف من تأسيسها؟؟ حفظ الشريعة، لأنه الحوزات العلمية تروج العلوم الشرعية تدرسها وادرسها، وتدقق فيها، هذا كله حفظ للعلوم الشرعية، لو لم تكن هناك حوزات لدرست هذه العلوم كلها ولتحول الفكر الإمامي إلى فكر متحجر جامد، قبل ألف سنة لم يتغير الفكر الإمامي، لماذا يتطور ويتألق؟ لأن الحوزات العلمية تديره بين فترة وأخرى، فهذا حفظ للفكر الإمامي حفظ تعليمي قال تعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).
المرتبة الثالثة: الحفظ التطبيقي «الحفظ العملي»
أن الفقيه يفتي العامة، يفتي الناس بما يحفظ لهم دينهم، بما يحفظهم عن الوقوع في الحرام، ومخالفة الواجب، إذاً الفقيه دوره الحفظ بمراتبه الثلاث مؤيد ومسدد من الإمام المنتظر «عج».
الآن نحن تأتينا دعوات وتأتينا أطروحات، مثلاً: دعوة إلى إلغاء المرجعية يقول لك كافي الشيعة إلى متى يؤمنون بالمرجعية نترك إدارة أمور الشيعة بيد المثقفين والأكاديميين وبيد الأحزاب والتيارات ونلغي شي أسمه المرجعية، هذه دعوة أخرى مؤسسة المرجعية يقولون لك أترك المرجعية تتحول إلى مؤسسة، لماذا شخص واقف على رأس الهرم لا مؤسسة عالم اليوم عالم مؤسسات ليس عالم أشخاص، الفكر الفردي راح، الآن الفكر الحاكم والمسيطر، هو الفكر المؤسسي، أترك المرجعية تتحول إلى مؤسسة تضم مجموعة من الفقهاء.
تأتي فكرة ثالثة أنه لا، لا يوجد داعي لتوحيد المرجعية مرجع في النجف أو مرجع في إيران لا أترك المرجعية محلية كل محل له مرجع وكل بقعة له فقيه هذا النوع من الأفكار أنا لا أريد أدخل في مناقشتها يحتاج لها وقت أطول أريد أن أقول كلمة واحدة نحن إذا قرءنا قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ماذا نستفيد من هذه الآية؟! نستفيد منها أن عزة الدين مطلوبة من جملة الأهداف القرآنية عزة الدين، أن يبقى الدين عزيز هذا من جملة الأهداف القرآنية عزة الدين والمذهب لا تحصل إلا بالمرجعية العامة، هذه الصورة للمرجعية أن عندنا مرجع عام، المرجع العام يصير واحد يصير ثلاثة ليس مهم، أنا لا أريد أن أوحد، أريد أن أقول المرجعية العامة بصورتها الموجودة الآن، المرجعية العامة للإمامية مظهر عزة للدين ومظهر عزة للمذهب ولذلك أنت ترى السياسات العالمية كلها تخطط لماذا؟!
لتحطيمه لماذا؟! لأنهم يرونه منصب خطر يرون أن منصب المرجعية خطر واحد يتحكم في الملايين كيف؟! شخص بكلمته يحرك الملايين من الناس، هذا شيء خطر على السياسات العالمية، بما أنه خطر لذلك تعقد المكائد والخطط المختلفة لتحطيم هذا المنصب بعبارة وبصور وبأطروحات مختلفة لماذا؟! لو لم يدركوا أن المرجعية العامة عز للدين وعز للمذهب تصون المذهب عن الدمار حصن للمذهب عن تعطي هيبة قدسية لهذا المذهب لو لم يدركوا ذلك لما خططوا لإزالة هذا الأمر.
إذاً المرجعية العامة مصدر عزة أنتم رأيتم التاريخ لا يحتاج أن أذكر المعاصرين الماضين، مثلاً رأيتم التاريخ كيف مثلاً السيد المجدد الشيرازي الذي أفتى بحرمة التنباك، الزعامة السياسية التي حدثت له في سامراء في ذلك الزمان هو الذي أرهب السياسات العالمية آن ذاك، من بعد الشيخ حسن تقي الشيرازي الذي قاد ثورة العشرين، هذا أيضا الزعامة العامة هي التي جعلت للدين عزة، الإمام الحكيم في عصره السيد محسن الحكيم كيف أطاح بالشيوعية في العراق، وكيف أطاح بحكومات متعاقبة في العراق نتيجة قوة المرجعية قوة منصب المرجعية وهكذا الإمام الخميني، الإمام الخوئي من بعده كلاً في بابه وكلاً في مجاله.
إذاً عزة المذهب وعزة الدين بالمرجعية العامة بهذا الموقع، فعلينا أن لا نفرق في هذا الموقع الذي هو عز للمذهب وعز للدين بأطروحات مختلفة تحتاج إلى التنقيب وتحتاج إلى الدراسة.
إذاً بالنتيجة: هذا الدور الذي يقوم به مراجعنا الأعلام نحن لا نمنع المؤسسات، مؤسسات إدارة الحقوق، لو تصبح مؤسسات لإدارة الحقوق شرعية لإدارة الشؤون المرجعية، ولكن نتكلم عن رأس الهرم هذا الموقع الذي يحتله رأس الهرم شخص قدسي عادل تقي فقيه يحرك الملاين بكلمة واحدة، هذا الموقع عزة للدين والمذهب وهدف من الأهداف القرآنية وهدف من الأهداف التي يرضاها الإمام المنتظر «عج» لذلك نحن لا يمكن لنا أن نفرض في ذلك، ومسألة العزة الأئمة كلهم كان هدفهم العزة، الحسين لماذا ثار؟! لأجل العزة «ألا أن الدعي أبن الدعي ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك والمؤمنون».
فأبى أن يعيش إلا عزيزا
كيف يلوي على الدنية جيداً
أو تجلى الكفاح وهو صريع
لِسوى الله ما لواه الخضوع
والحمد لله رب العالمين
لِمَاذَا تُطْلَقُ هَذِهِ الأَلْقَابُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ دُوْنَ غَيْرِهِمْ؟ وَمَا مَعْنَاهَا؟ وَمَنْ لَدَيْهِ الرَّأْيُ بِإِطْلَاقِ لَقَبٍ مَا لِشَخْصِيَّةٍ مَا ؟!
1-العَلَّامَةُ.
2- المُحَقِّقُ.
3- المُّحَقِّقُ الحُجَّةُ.
4- آيَةُ اللهِ العُظْمَى.
5- الحُجَّةُ.
6- حُجَّةُ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِيْنَ.
7- زَعِيْمُ الحَوْزَةِ العِلْمِيَّةِ.
9- المُحَقِّقُ الكَبِيْرُ.
10- ثِقَةُ الإِسْلَامِ.
12- عَلَمُ الهُدَى.
13- شَيْخُ الطَّائِفَةِ.
14- المَرْجِعُ الأَعْلَى
إن هَذِهِ الأَلْقَابُ تُطْلَقُ عَلَى العُلَمَاءِ وَالفُضَلَاءِ فِي الحَوْزَةِ الشَّرِيْفَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَرَاتِبَ عِلْمِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَصَلَ إِلَيْهَا أَصْحَابُهَا ، وَإِلَيْكَ بَيَانُهَا :
1-العَلَّامَةُ: لَهُ إِطْلَاقَانِ :
الأوّلُ: عَلَى مَنْ كَانَتْ لَهُ مَوْسُوْعِيَّةٌ فِي العُلُومِ، وَقَدْ بَرَعَ فِي بَعْضِهَا فِعْلاً.
الثَّانِي: عَلَى مَنْ وَصَلَ إلَى مَرْتَبَةٍ عَالِيَةٍ فِي تَحْصِيْلِ العِلْمِ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَرْحَلَةَ الإجْتِهَادِ بَعْد.
2-المُحَقِّقُ: يُطْلَقُ عَلَى صَاحِبِ البُحُوْثِ وَالتَّحْقِيْقَاتِ وَالدِّرَاسَاتِ الكَثِيْرَةِ.
3-المُحَقِّقُ الحُجَّةُ: يُطْلَقُ عَلَى مَنْ بَلَغَ فِي التَّحْقِيْقِ دَرَجَةً يَكُوْنُ قَوْلُهُ حُجَّةً فِي اخْتِصَاصِهِ.
4-آَيَةُ اللهِ العُظْمَى: يُطْلَقُ عَلَى المُجْتَهِدِ الَّذِي لَهُ مُقَلِّدُوْنَ، وَيُسَمَّى مَرْجِعَاً أَيْضَاً.
5-الحُجَّةُ: يُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الإجْتِهَادَ لَكِنَّهُ قَرِيْبٌ مِنْهُ، وَيُطْلَقُ عَلَى المُجْتَهِدِ تَارَةً أُخْرَى.
6- حُجَّةُ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِيْنَ: نَفْسُ الإِطْلَاقِ السَّابِقِ.
7- زَعِيْمُ الحَوْزَةِ العِلْمِيَّةِ: يُطْلَقُ عَلَى المَرْجِعِ الَّذِي إِنْقَادَتْ لَهُ كُلُّ الحَوْزَاتِ فِي العَالَمِ حَتَّى صَارَ زَعِيْمَاً لَهَا .
9-المُحَقِّقُ الكَبِيْرُ: يُطْلَقُ عَلَى العَالِمِ البَارِعِ فِي تَحْقِيْقَاتِهِ.
10- ثِقَةُ الإسْلَامِ: يُطْلَقُ عَلَى الفَاضِلِ المُهَذَّبِ، وَأَحْيَاناً عَلَى الرَّاوِي أَو المُحَدِّثِ الجَلِيْلِ.
12-عَلَمُ الهُدَى: لَقَبٌ إخْتَصَّ بِهِ السَّيِّدُ المُرْتَضَى (رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ).
13-شَيْخُ الطَّائِفَةِ: لَقَبٌ إخْتَصَّ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّد بن الحَسَنِ الطُّوسِي (رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ).
14-المَرْجِعُ الأَعْلَى: يُطْلَقُ عَلَى المَرْجِعِ الَّذِيْ لَهُ أَكْبَرُ عَدَدٍ مِنَ المُقَلِّدِيْنَ فِي العَالَمِ ، وَبِيَدِهِ إِدَارَةُ الحَوْزَةِ العِلْمِيَّةِ.
أمَّا مَنْ لَهُ الرَّأْيُ فِي هَذِهِ الإِطْلَاقَاتِ، فَهِيَ كَأيِّ إِطْلَاقٍ يُتَدَاوَلُ بَيْنَ أَيِّ جَمَاعَةْ مِنَ النَّاسِ لَهُمْ اخْتِصَاصٌ مُعَيَّنٌ فِي عَمَلِهِمْ ، فَيَتَعَارَفُوْنَ عَلَى إِطْلَاقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ يُمَيِّزُونَ بَعْضَهَمْ بَعْضَاً، فَالمَدَارُ هُوَ عَلَى العُرْفِ الخَاصِّ فِي هَذِهِ الإطْلَاقَاتِ، وَهِيَ فِي الغَالِبِ تَعْيِنِيَّةٌ ، أَيْ قَدْ يُطْلِقُ أَحَدُهُمْ لَقَبَاً بِمُنَاسَبَةٍ مَا عَلَى أَحَدِ الأَشْخَاصِ الَّذِي وَصَلَ إلَى مَرْتَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ العِلْمِ ، فَيَصِيْرُ هَذَا اللَّفْظُ مُتَدَاوَلاً فِي الأَوْسَاطِ العِلْمِيَّةِ حَتَى يَسْتَقِرَ كَلَقَبٍ مَخْصُوْصٍ لِمَنْ وَصَلَ لِلْمَرْتَبَةِ الفُلَانِيَّةِ مِنَ العِلْمِ ، وَأَغْلَبُ هَذِهِ الأَلْفَاظِ تَنْتَشِرُ مِنْ خِلَالِ إِجْازَاتِ الإجْتِهَادِ وَكَلِمَاتِ التَّقْدِيْرِ وَالتَّقْرِيْضِ لِلْكُتُبِ.
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾
صدق الله العلي العظيم
انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث حول محورية الدعاء، عندما نرجع إلى ما يذكره بعض أقطاب المدرسة المادية، نجد أن هناك تقليل من محورية الدعاء ومن أهمية الدعاء. مثلاً، دوكينز في كتابه «وهم الاله» صفحة 63 يقول: إن من التجارب المسلية بل المثيرة للشفقة: تجربة الدعاء. قمنا بتجربة لثلاث فئات من المرضى، فئة دعي لهم من دون علمهم، وفئة دعي لهم مع علمهم بالدعاء، وفئة لم يدعى لهم، وما وجدنا أي تغير بين هذه الفئات الثلاث. من دعي لها ومن لم يدعى لها. من دعي لها بعلمها ومن دعي لها من دون علمها. لم نجد تفاوتاً بين الفئات الثلاث. بل الفئة التي دعي لها بعلمها تدهورت صحتها أكثر. إذن أين دور الدعاء؟ أين أثر الدعاء؟ إذن الدعاء عملية عبثية. عملية إيحائية نفسية لا أكثر من ذلك. ليس للدعاء أثرٌ جوهري أو دورُ جوهري واقعي على شخصية الإنسان، أو صحة الإنسان، أو سلوك الإنسان. نحن أمام هذا المنطق باعتبارنا في المدرسة الدينية نرى أن للدعاء مركزية ومحورية أساسية. لذلك، نتحدث عن الدعاء من خلال محورين:
المحور الأول: فلسفة الدعاء.
المحور الثاني: سببية الدعاء.
المحور الأول: فلسفة الدعاء.
ما هي حقيقة الدعاء؟ إذا تعرفنا على حقيقة الدعاء وفلسفته، صح لنا أن نسأل: هل الدعاء يشفي المرضى أو لا؟ حتى نتعرف أولا على فلسفة الدعاء، هنا جوانب ثلاثة:
الجانب الأول:
هناك فكرة يطرحها علماء الفلسفة، علماء السلوك، علماء المنطق، هذه الفكرة تسمى بالفناء. فناء شيءِ في شيءِ آخر. ما معنى فكرة الفناء؟ نحن عندما نتصور شيئاً نحبه، نخافه، نكرهه، مثلا نحن الآن نتصور أبانا، عندما نتصور أبانا، هل نجد أن هناك شيئين: صورة وذو صورة وهو أبانا أم لا؟ لا نرى إلا أبانا. لا نشعر بأننا نتعامل مع صورة، لا. نشعر أننا نتعامل مع أبينا. عندما نتذكر أبانا، نتذكر حنانه، نتذكر عطفه، نتذكر رأفته. عندما تمر بنا الذكريات، لا نشعر أننا نتعامل مع فلم، مع شريط صور. لا، نشعر أننا نتعامل مع واقع، مع أبينا، مع حنانه، مع رأفته، مع عطاءه. هذا ماذا يعني؟ يعني الفناء. الصورة الذهنية فنيت في ذي الصورة. فنحن لا نرى شيئين صورة وذي صورة. لا، نحن لا نرى إلا أبانا. هذا ما يعبر عنه بعملية الفناء.
فناء الصورة في ذي الصورة. عملية الفناء هي عبارة عن ذوبان شيء في شيء آخر. الشيء الأول لا تبقى له شيئية، لا تبقى له أنية، يذوب في الشيء الآخر. في علاقة الخوف، علاقة الحب، نحن عندما نخاف من شيء، نفترض نحن نخاف من شخص معين، نحن هذا الخوف يشغلنا عن كل شيء، لا نتصور شيء آخر، ننشغل عن أكلنا، عن نومنا، عن عيالنا، عن أطفالنا، نعيش طول الوقت صورة الشخص المخيف.
إذن، أصبحت حالة فناء: فنيت أنفسنا في صورة ذلك الإنسان. أصبحنا لا نفكر إلا فيه. انشغلنا عن كل شيءٍ إلا هو. هذه تسمى بعملية فناء، عملية ذوبان. ذابت أرواحنا، وذابت عقولنا في تصور هذا الإنسان المخيف. أو علاقة الحب، عندما نحب إنسان، زوج يحب زوجة، رجل يحب امرأة، زوجة تحب زوجها، عادة الزوجات يحبون الأزواج أكثر من الأزواج يحبون الزوجات ; عادة المرأة أكثر عاطفةً، أكثر حباً، أكثر حناناً على الزوج من العكس. المرأة عندما تذوب في حب زوجها، يشغلها حب زوجها عن كل شيء. يشغلها عن صحتها، يشغلها عن شخصيتها، يشغلها عن كل شؤونها، لا تنشغل إلا بصورة زوجها وراحة زوجها. هذي تشكل عملية فناء، ذوبان المحب في المحبوب. ذوبان المحب في المحبوب: فناء. إذن، الفناء بحسب المصطلح الفلسفي: ذوبان شيءٍ في شيءٍ آخر.
الجانب الثاني:
الدعاء هو مصداق من مصاديق الفناء. يعني نحن عندما نسأل: ما هي حقيقة الدعاء؟ الدعاء فناء أرواحنا في الله عز وجل. ذوبان أرواحنا في الله عز وجل. الدعاء عملية فناء. مصداق من مصاديق الفناء. كيف مصداق من مصاديق الفناء؟ الدعاء تحويل الفقر الوجودي إلى فقرٍ روحي. كيف تحويل الفقر الوجودي إلى فقرٍ روحي؟ جميع المخلوقات ومنها الإنسان هي عين الفقر لله، عين التعلق بالله، عين الربط بالله. كل المخلوقات، ومنها الإنسان. الإنسان ما هو؟ هو عين الفقر لله. الإنسان ليس شيئاً مستقلاً عن الله. ليس شيئاً متحيزاً عن الله تبارك وتعالى. الإنسان عين الفقر، عين التعلق بالله عز وجل. نحن من باب المثال وتقريب الفكرة وإلا علاقة الإنسان بالله أدق وأعمق من أي مثال نطرحه. مثلاً عندما نأتي، علاقة ضوء المصباح بالطاقة الكهربائية. ضوء المصباح هو تعلقٌ وربطٌ بالطاقة الكهربائية. لا وجود لضوء المصباح مستقل. لا نستطيع أن نقول الطاقة وجود مستقل. والضوء وجود مستقل. لا. ضوء المصباح ربط بالطاقة الكهربائية. متى ما توقفت الطاقة لحظة، انتهى ضوء المصباح. ضوء المصباح عين فقر، عين الربط بالطاقة الكهربائية.
بهذا التقريب، وجودنا بالنسبة إلى وجود الله: عين الربط. نحن فقر مدقع. نحن ربط مدقع. لو رفع الله يده عن المدد ما كان لنا وجود في لحظة واحدة. فنحن عين الربط به. عين الفقر له. وهذا ما أكده القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ نحن عين الفقر لله. هذا الفقر الوجودي نحن نريد أن نحوله إلى إحساس. أنت أيها الإنسان عين الفقر، لكن هذا الفقر نريد أن نحوله من فقر وجودي إلى فقر روحي. هذا الفقر الوجودي نريد أن نجسده، نريد أن نمثله. هنا تأتي حقيقة الدعاء. هنا تأتي فلسفة الدعاء. الدعاء يحول الفقر الوجودي إلى إحساس بالفقر، إلى إحساس بالذلة، إلى إحساس بالمسكنة. الداعي، العبد عندما يقف للدعاء، العبد عندما يقف موقف الدعاء بين يدي الله، الدعاء يحوله من فقر وجودي إلى فقر روحي. الدعاء يشعره، يحسسهُ بأنه ذلة، مسكنة، فقر، احتياج، ربط، تعلق بالله تبارك وتعالى. لذلك، في دعاء الإمام الحسين يوم عرفة: ”الهي أنت الغني وأنا الفقير، أنت العالم وأنا الجاهل، أنت العزيز وأنا الذليل، أنت القوي وأنا الضعيف“ هذي كلمة أنا وأنت هي حقيقة الدعاء. حقيقة الدعاء: أنني أنا فقر، ضعف، جهل، موت، ذلة. أنت عزة، غنى، قوة، حياة. إذن، الدعاء يحسسنا بواقعنا. يحسسنا بقيمتنا. يحسسنا بأننا عين الفقر والذلة لله. هذه حقيقة الدعاء.
حقيقة الدعاء تحول الفقر الوجودي إلى فقر روحي. نحن نعيش حالة تضخم، حالة تورم. كيف نعيش حالة تضخم؟ يعني عندما نقرأ هذه الآية المباركة: ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ ما معنى تكاثر في الأموال والأولاد؟ يعني ننجب أولاد كثيرين ونربح أموال كثيرة؟ ليس هذا المعنى الظاهري فقط. ﴿وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ يعني: نحن نرى أن ذواتنا تضخمت من خلال الأموال والأولاد. نشعر بأن لنا وجوداً ضخماً. يقول: أنا إنسان لدي شركات، لدي عقارات، لقبي معروف، اسمي معروف، أنا أرى نفسي بصورة مضخمة. أرى نفسي بصورة متورمة من خلال أموالي، من خلال شركاتي، من خلال اسمي. أو عندما يكون لي لقب معين: دكتور، بروفيسور، آية الله، علامة. أشعر أن لنفسي ضخامة. أشعر أن لنفسي هالة. انظر إلى نفسي بصورة مضخمة، بصورة متورمة. هذا معنى التكاثر. أنني أرى نفسي كثيراً وأنا لست في الواقع كذلك.
﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ الهاكم هذا النظر لأنفسكم بالضخامة والتورم حتى جاءكم الموت وأنتم على هذه الحالة. نحن نرى أنفسنا بضخامة، كيف نتخلص من هذه الرؤية؟ كيف نقرأ أنفسنا بواقعية؟ كيف نتعرف على حجم أنفسنا؟ أننا في الواقع لسنا بهذه الضخامة. هذه الضخامة ضخامة وهمية. بروفسور ودكتور وآية الله وعلامة وإنسان ثري وتاجر. هذه كلها ضخامة مادية، ضخامة وهمية. إذا أردنا أن نقرأ أنفسنا قراءة واقعية، نكتشف أنفسنا على حجمها، على واقعها، فالدعاء هو الوسيلة. الدعاء يعرفك بحجمك. يعرفك بواقعك. يعرفك بمقدار شخصيتك. عندما تقف بين يدي الله وتتذكر أنك لا تملك شيئاً، كل شيء. هذه ثروتك وأموالك وأولادك، كلها تذهب في لحظة واحدة. إذا جاءك الموت لا تستطيع أن تمد عمرك ثانية واحدة. إذا تصورت الفقر والذلة والمسكنة من خلال الدعاء، اكتشفت حقيقتك. اكتشفت واقعك. إذن الدعاء يحولك من فقرٍ وجودي إلى فقرٍ روحي. يجعلك تفنى في الله تبارك وتعالى. هذا هو الدعاء، حقيقة الدعاء هي الفناء.
الجانب الثالث:
فناء الأنانية في الغيرية. كيف فناء الأنانية في الغيرية؟ يوجد كتاب لدوكينز غير كتابه «وهم الإله» كتاب «الجين الأناني» ”جيناتنا صيغت بأنانية“ هذا يلتقي مع ما يذكره علماء النفس في المدرسة التحليلية: أقوى غريزة لدى الإنسان غريزة حب الذات. هذي أقوى غريزة عند الإنسان: يحب نفسه. لذلك نراه يحب يتملك، يحب يستأثر، يحب يستحوذ على الأشياء. غريزة حب الذات تجعل الإنسان يهرول نحو التملك، نحو الاستئثار. غريزة حب الذات تجعلنا أنانيين لا نفكر إلا في أنفسنا. كيف نتخلص من هذه الأنانية؟ كيف نتخلص من الأنانية ونتحول إلى ضمير حي يشعر بآلام الناس، يشعر بآهاتهم، يشعر بأزماتهم، يشارك الناس في همومهم، كيف نتخلص من الأنانية وننطلق إلى الغيرية؟ نتخلص بالدعاء. الدعاء وسيلة فناء يفني الأنانية في الغيرية. يحولنا من جين أناني إلى جين يشعر بآلام الآخرين، هذا هو الدعاء. الإمام الحسن الزكي يقول: ”ما رأيت أعبد من أمي فاطمة، كانت إذا قامت إلى صلاتها لا تنفتل حتى تتورم قدماها من طول الوقوف بين يدي ربها، وما رأيتها دعت لنفسها قط وإنما تدعو للمؤمنين والمؤمنات، فأقول لها أماه فاطمة لما لا تدعين لنفسك؟ فتقول بني حسن الجار ثم الدار“ الدعاء يحول الإنسان من أنا إلى أنت. من الأنانية إلى الغيرية. ”بني حسن الجار ثم الدار“ لذلك الإنسان دائماً يطلب منه أن يدعوا للمؤمنين. إذا أردت أن يستجاب دعاءك فادعوا لأربعين مؤمن بأسمائهم فإنها وسيلة لاستجابة الدعاء. حاول أن تتحرر من الأنانية إلى الغيرية.
المحور الثاني: سببية الدعاء
كلام دوكينز، دوكينز يقول أقمنا تجربة على ثلاث فئات من المرضى: فئة دعي لهم من دون علمهم، فئة دعي لهم بعلمهم، فئة لم يدعى لهم. لم نرى تفاوت، الجميع لم يتغير وضعه الصحي. إذن، أين دور الدعاء؟ نحن هنا نتحدث في جهتين:
الجهة الأولى:
هذا التهويل الإعلامي لدوكينز في كتابه «وهم الإله» أو غيره، نحن نحاول أن نرجع إلى المنطق العلمي: يعني إلى ما يذكره العلماء المتخصصون في مجال الأعصاب، هل للدعاء أثر على الدماغ أم لا؟ دوكينز غير متخصص في هذا المجال، هو يتحدث عن كلام خارج عن تخصصه. نرجع إلى العلماء المتخصصين في هذا المجال: مجال علم الأعصاب. ما هو أثر الدعاء على الدماغ؟ هل أن الدعاء يفرز أثراً إيجابياً على الدماغ حتى ينعكس هذا الأثر الإيجابي على الصحة النفسية للإنسان، والصحة البدنية للإنسان أم لا؟ لنرجع إلى كلمات علماء متخصصين في هذا المجال. آندرو نيوبيرج، أستاذ علم الأعصاب، بروفيسور في جامعة: بنسلفانيا في الولايات المتحدة له كتابان مترجمان إلى العربية: كتاب «كيف يغير الله عقلك»، وكتاب «الله والدماغ» كتابان مترجمان إلى العربية. هو عالم أعصاب ويتحدث أنه قام بتجارب على مجموعة من أدمغة المتدينين وأدمغة غير المتدينين. قام بتجارب، هذه التجارب أوصلته إلى نتائج وهو يصرح بكلام دوكينز، يتعرض بنفسه إلى كلام دوكينز ويناقشه. هذه التجارب أوصلته إلى نتائج بحثية علمية في تأثير الدعاء والعبادة على الدماغ، دماغ الإنسان.
يقول، نلاحظ صفحة 15، ”إن بعض الطقوس الدينية لا تعمل شيئاً سوى الاسترخاء، وبعضها يساعد على كونك منتبهاً، مركزاً. وعدد قليل يأخذ الممارسين إلى عالم متعالي من التجربة الروحية يتم فيه تغيير حياته.“ يعني هناك بعض الطقوس العبادية تغير حياتنا، تسهم في تغيير حياتنا، كيف؟ هو يذكر في صفحة 19، يقول، يتحدث بالذات عن الدعاء والصلاة، يقول: ”إنه يعزز الأداء العصبي للدماغ بطريقة تسهم في تحسن الصحة البدنية والعاطفية لدى الإنسان. وتولد الشعور بالسلام، والوعي الاجتماعي والتعاطف مع الآخرين.“ ويقول أيضاً: ”إن الله جزء من وعينا“ يعني الطبيعة الفسلجية للدماغ بنيت وصيغت بحيث تكون فكرة ”الله“ جزء مريح لهذه الطبيعة الفسجلية للدماغ. الله جزء من وعينا. مع أنه غير متدين طبعاً، هو يقول عن نفسه أنه غير متدين. لكن يقول هذي نتائج علمية، نتائج أبحاث علمية.
”كلما تفكرنا في الله تغيرت الدوائر العصبية في أجزاء معينة من الدماغ، وهذا هو السبب في أنني أقول وبكل ثقة، يقول كلامي كلام علمي. أقول وبكل ثقة: أن الله يمكن أن يغير دماغك.“ يتغير دماغك بفكرة الله تبارك وتعالى. أيضاً يذكر في كتابه «الله والدماغ» أنه قاموا بتجارب على مجموعة من أدمغة المتدينين وغيرهم اكتشفوا أن هذه الطقوس العبادية تعيد للدماغ وظيفته الأساسية، ماهي الوظيفة الأساسية للدماغ؟ وهي الحصانة الذاتية. حيث يقوم الدماغ بحصانة ذاتية تؤثر على الصحة النفسية والبدنية للإنسان. يعني الطقس العبادي يساعد الدماغ على أن يستعيد نشاطه، وظيفته الأساسية، وهي القيام بالحصانة الذاتية لهذا الجسم ولهذه الصحة النفسية. نلاحظ هو يتعرض إلى كلام دوكينز بنفسه، يقول في صفحة 18، ”في الآونة الأخيرة، هناك مجموعة من الكتب المعادية للدين من بينها «وهم الإله» لدويكنز، «نهاية الإيمان» سام هاريس، «الله ليس عظيماً» هيتشنز. هذه الكتب تقول: إن المعتقدات الدينية خطيرة شخصياً واجتماعياً، لكن البحث يعني نتائج البحث العلمي، تقترح بشدة خلاف ذلك“ يعني نتائج البحث العلمي وصلت إلى خلاف ما تقرره هذه الكتب المعادية للدين.
الدين، الطقس العبادي، الدعاء، يسهم في صحتك النفسية والبدنية. ألكسيس كاريل صاحب كتاب «الإنسان ذلك المجهول» له كتاب آخر اسمه «الدعاء»، يقول: ”الدعاء ارتفاع بالنفس نحو الله عز وجل“، ”الدعاء يقارن بشكلٍ من الأشكال بتأثير الغدد الصماء ذات الفرز الداخلي كالغدة الدرقية. كما أن تأثير الغدد الصماء تأثير تدريجي خفي، كذلك تأثير الدعاء تأثير تدريجي خفي يقوم على نوع من التحول الذهني والعصبي، فيرى الإنسان في ضوئهِ نفسه على حقيقتها. إذ يكتشف أنانيته، وجشعه وخطأ سلوكه الصادر عن تغطرسه، فيحاول كسب الخشوع النفسي، وشيئاً فشيئاً يكتسب الطمأنينة الباطنية والانسجام بين النشاطات العصبية، ويكتسب طاقة روحية“ يقول لنا: الدعاء يعطيك طاقة روحية لا تضعف أمام الفقر، والمرض، والموت. ينقل ألكسيس كاريل، يقول: "إن المكتب الطبي لمنتجع لورد أدى خدمة كبيرة للعلم ; لأنه برهن على أن الدعاء سبب شفاء كثير من الأمراض الباثولوجية. هذا كلام علماء، هذا منطق علمي مبني على تخصص وليس كلاما إعلامياً وتهويلياً. إذن، من خلال هذه الجهة نثبت أن هناك منطقا علمياَ في سببية الدعاء للصحة النفسية أو الجسمية.
الجهة الثانية:
الدعاء والإجابة. هذا سؤال موجود عند كل الناس: نحن ندعو والله لا يستجب لنا. غيرنا يدعو لنا ولا يستجاب لنا. لماذا لا يستجاب لنا؟ ما هو السبب؟ ما هو المانع من إجابة الدعاء؟ الدعاء كسائر الأسباب، هناك أسباب مادية، هناك أسباب نفسية. سببية النار للاحتراق: النار تحرق، هذا سبب مادي. سببية الكلمة الطيبة: لنشر المحبة، هذا سبب روحي ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. إذن، هناك أسباب مادية كالنار، هناك أسباب نفسية كالكلمة الطيبة. الدعاء من أي قسم؟ من القسم الثاني. الدعاء سبب روحي. لكن هذا السبب مثل غيره من الأسباب يحتاج إلى شروط. الدواء سبب للشفاء لكن لا مطلقاً. متى يكون الدواء سبباً للشفاء؟ إذا كان بكيفية خاصة، بوقت معين، بمدة معينة، بطريقة معينة. إذا كان الدواء ضمن شروط معينة يصبح سبباً للشفاء. إذا خالفت شروط الدواء، لا يصبح الدواء سبب للشفاء، يصبح سبب لزيادة المرض. كذلك الدعاء، الدعاء سبب للاستجابة لكن في شروط معينة. ما هي الشروط؟ أهمها شرطان:
الشرط الأول: الإخلاص
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، نحن مملوئين بالذنوب. الذنوب من القرن إلى القدم. نأتي بأوساخنا وذنوبنا ورذائلنا، وندخل في الصلاة ونحن في هالة من الوسخ، ونرفع أيدينا: يا رب اغفر لنا، يا رب اعطنا الصحة، يا رب اهلك فلان، يا رب انقذني من كذا. نحن نصر على الله أن يستجيب لنا، ونحن لا نستجيب لله في أمر من الأوامر. ليس لدينا اخلاص. نصر على الله أن يستجيب دعاءنا ونحن لا نستجيب لله في ترك الذنوب وفي الاقلاع عن المعاصي، وفي الاقلاع عن الرذائل. الدعاء يحتاج إلى إخلاص. يحتاج إلى روح طاهرة. يحتاج إلى نفس نقية من الذنوب. ولذلك في رواية جميل ابن دراج، يسأل الامام الصادق ، يقول: سيدي إن الله يقول في القرآن ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ونحن ندعو ولا يستجاب لنا. ماذا أجابه الامام الصادق؟ قال: ياجميل، من وفى لله بعهده وفى الله له. أنتم لا تفون بعهد الله والله يقول: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ بيني وبينكم معاهدة: أن تتركوا الذنوب، أن تتركوا المعاصي، إذا وفيتم بعهدي أوفي بعهدكم. ولذلك ورد في الرواية المعتبرة عن معاوية ابن عمار: ”من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا، من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية“ وذلك قوله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
الشرط الثاني: الحكمة
الشرط في استجابة الدعاء أن يكون ضمن الحكمة. كيف يكون ضمن الحكمة؟ الله تبارك وتعالى له اسماء حسنى: مجيب وحكيم. نحن دائماً نركز على كلمة ”مجيب“، لا تهمنا كلمة ”حكيم“ ﴿ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ من اسمائه مجيب، ومن اسمائه حكيم. نحن نقول: يا رب استجب لنا حتى لو كانت الاجابة في غير صالحنا. حتى لو كانت الاجابة فيها ضرر على غيرنا. يقول لنا الله: لا. أنا مجيب وأنا حكيم. الاسماء الحسنى متوازية. الاسماء الحسنى متساوية. الله لا يكون مجيباً على حساب كونه حكيماً. ولا يكون مجيباُ على حساب كونه رحيماً. أنا أقول: يا رب ارزقني الزوجة الفلانية وإذا لم ترزقني إذن أنت ما أجبت دعائي. يا رب اعطني الوظيفة الفلانية، إذا ما اعطيتني الوظيفة الفلانية ما اجبت دعائي. الله يجيبك: أنا مجيب، لكن أنا أيضاً حكيم ; اجيب دعاءك إذا كانت الاجابة مناسبة للحكمة. أما إذا كانت إجابة دعاءك ضرر عليك، أو ضرر على غيرك من الناس فإجابة دعاءك لا تنسجم مع الحكمة. إذن، أنا مجيب وأنا حكيم ولا أكون مجيباً على حساب كوني حكيماً. الاسماء الحسنى متوازية.
نحن نتعامل مع الدعاء بدوافع شخصية، يعني دوافع أنانية. دعاءنا كله لأشخاصنا ; يا رب وظيفتي، وزوجتي، وأولادي، وسيارتي، بعضهم يدعو حتى لسيارته، بعضهم يدعو حتى لجبته، يعني هكذا. نعيش مع الدعاء في أجواء شخصية. نتعامل مع الدعاء معاملة أنانية، شخصية. نجعل الدعاء كأنه مسألة شخصية بيننا وبين الله. بينما طريق أهل البيت يختلف عن ذلك. لم يتعامل أهل البيت مع الدعاء بهذا التعامل الشخصي. تعامل أهل البيت مع الدعاء كغذاء روحي. تعامل أهل البيت مع الدعاء كعلاقة قلبية مع الله. الدعاء حالة حب. الدعاء حالة مناجاة. الدعاء حالة عشق. الدعاء حالة شوق. الدعاء حالة ربط بالله. ليس الدعاء مسألة شخصية. نحن نتعامل مع الدعاء بشكل شخصي: اقضِ حوائجي. كأن الله موظف أمامي أطالب منه أن يقضي حوائجي.
الائمة لا يتعاملون مع الدعاء هكذا، الائمة يغضون النظر عن قضاياهم الشخصية: أمراضهم، آلامهم، مشاكلهم الشخصية، يغضون النظر عنها، يعتبرونها ويحتسبونها في الله عز وجل ويمارسون الدعاء كتجربة روحية مفعمة بالشوق، مفعمة بالحب، مفعمة بالارتباط بالله عز وجل. نلاحظ الحسين ابن علي يوم عاشوراء. نحن عشنا ذكرى عاشوراء، سمعنا كلمات الحسين. سمعنا أقوال الحسين. كيف الحسين تعامل مع الدعاء يوم عاشوراء. الحسين تعامل مع الدعاء تجربة روحية، علاقة قلبية، غذاء روحي مع الله. الدعاء أعطى الحسين طاقة روحية تحدى بها الموت، تحدى بها الذل، تحدى بها الظلم، ولم يتعامل مع الدعاء بشكل شخصي. الحسين يوم عاشوراء قال: ”هوّن ما نزل بي أنه بعين الله“ كل ما نزل بي من مصائب هو بعين الله، أنا لا أفكر في هذه المصائب، المهم أن أكون قريباً من ربي. ”الهي.. رضاً بقضائك، صبراً على بلائك، تسليماً لأمرك.. يا غياث المستغيثين“