«حاكم جائر».. كيف قبل الإمام الرضا (ع) بولاية عهد المأمون؟!

حديثنا سوف يتركَّز حول مُبرِّرات قبول الإمام الرضا (ع) لولاية العهد، من قِبَل الخليفة العباسي عبد الله المأمون، حيث أُثيرت حول هذه القضية التأريخيَّة مجموعة من الإثارات والإستفهامات، نستعرضُ واحدًا منها -وهو أهمُّها-، ومن خلاله تتّضح الإجابة عن سائر الاستفهامات.

هذه الإثارة، أو هذا الاستفهام، هو أنَّه كيف أقدم الإمامُ الرضا (ع) -وهو في موقعه الديني-، على القبول بولاية العهد لسلطانٍ جائرٍ ظالمٍ مستبدٍّ مُغتصِبٍ لمنصب رسول الله (ص)؟ أليس في ذلك إقرارٌ بصوابيَّة ما عليه بنو العباس؟ أليس في ذلك إضفاءٌ للشرعيَّة على ولايتهم وملكِهم؟ أليس من المُفترَض ومن المناسب للإمام الرضا (ع) أنْ يرفضَ قبولَ الولاية ولو أدَّى ذلك إلى استشهاده، كما استُشهد أبو عبد الله الحسين (ع) بعد أنْ رفض البيعةَ ليزيد بن معاوية؟

هذا استفهامٌ يُثيرُه البعض حول هذه القضيَّة التأريخيَّة المُسلَّمة، وهي ولاية الإمام الرضا (ع) للعهد من قِبَل المأمون.

وحتى يتَّضح الأمر، ونتمكَّن من الإجابة عن هذا الاستفهام، لابدَّ لنا من أنْ نستعرض أمرين أساسيين، وباتِّضاحهما يتّضحُ الجواب عن هذا الإشكال.

أمران أساسيان في تحرير الجواب:

الأمر الأول: هو ما يرتبط بظروف قبول الإمام (ع) لولاية العهد، فما هي الظروف والملابسات التي اكتنفتْ هذه القضية، وأنتجت قبولَ الإمام (ع) لولاية العهد؟ ثم ما هي حقيقةُ قبوله لولاية العهد؟

والأمر الثاني: والذي ينبغي أنْ يتَّضح في المقام، هو أنَّه ما هي النتيجة، أو النتائج التي ترتَّبت عن قبول الإمام (ع) لولايةِ العهد؟

حين اتِّضاح هذين الأمرين يتجلَّى الجوابُ عن هذا الاستفهام الذي أثرناه قبل قليل.

الجواب في محاور:
المحور الأول: الظروف المزامنة لقبول الإمام (ع) بولاية العهد:
أولا: الاضطرابات والثورات وحساسيَّة موقع الإمام الرضا (ع):

نتحدَّث عن الظروف التي اكتنفت قبول الإمام (ع) لولاية العهد. تعلمون أنَّ المأمون وبإيعازٍ من أبيه الرشيد قد تولَّى على أرض خراسان بأكملها، والبلدان التي تليها وتحوطُ بها، وبقي هناك واليًا إلى أنْ تُوفي أبوه الرشيد، وكان الأمينُ هو خليفة هارون، وكان في بغداد. وتعلمون أيضًا أنَّ هناك مشاحناتٍ، وسوء علاقة بين الأخوين، أدَّت في نهاية الأمر إلى نشوب حربٍ بينهما، وانتهت بمقتلِ الأمين، وكان قاتلُه هو أخاه المأمون، هذه مسألة مُسلَّمة تأريخيًّا.

المُسلَّمة التأريخيَّة الأخرى هي أنَّه قد نشبت ثوراتٌ كثيرة من العلويين، بل ومن غيرهم، إبَّان خلافة هارون، وتعقَّبتها ثوراتٌ كثيرة، في نواحٍ مختلفة من البلدان الإسلامية في أيام الأمين، وهكذا في أيام المأمون، فكانت الثورة تلوَ الثورة، تنشبُ وتبقى زمنًا، ثم يقضي عليها العباسيُّون بكلِّ قسوة وشراسة.

العباسيُّون يعرفون أنَّ عدوَّهم الأكبر هم العلويُّون، وعلى الأخص أهل البيت (ع) فقد كان لأهل البيت (ع) -بالخصوص- قاعدة شعبيَّة واسعة في البلاد الإسلامية، وكان المأمون يُدرِك جيِّدًا أنَّ بقاءَ عليِّ بن موسى الرضا (ع) -وهو وجه أهل البيت (ع) آنذاك- ووجودَه في موقع المعارضة للدولة العباسية يُضعفُ ويُوهِن العبَّاسيين، ممَّا أدَّى به إلى أنْ يفكِّر في أحد خيارين:

إمَّا أنْ يقضي على الإمام الرضا (ع) -وهذا لم يكن ميسورًا في تلك المرحلة-، وإمَّا أن لا يقضي بقتله؛ لأجل ما عليه المسلمون من تقديرٍ واحترام، وتأييدٍ وحبّ، وولاء لأهل البيت (ع)، وحينئذٍ تظلُّ الثورات تشتعلُ هنا وهناك. وذلك هو ما دعى المأمون إلى أنْ يفكِّر في وسيلةٍ لامتصاص غضب الجماهير -جماهير المسلمين- التي كانت تُكنُّ الولاء لأهل البيت (ع)، أو على الأقل تُكنُّ العداء لبني العباس، وترى أنَّهم ظلمة، وقساة، وفجرة، ومُبتزُّون للخلافة.

فالسياسة التي سلكها المأمون لغرض المعالجة لهذه المعضلة اقتضت أن يُقصِي الإمام إلى خراسان، وأن يعزلَه من جهةٍ عن قواعده الشعبية، ثم يسعى من أجل إضفاء الشرعية على ولايته، وذلك بأنْ يجعل الإمام وليَّا لعهده، والإمام (ع) بموقعه الديني وموقعه الاجتماعي في النفوس سيمتصُّ بحسب تصوُّر المأمون النقمة على الخلافة العباسيَّة، وسوف يُضفي بذلك شرعيَّةً على خلافته وولايته، ويدرأ عن نفسه ودولته ما تُخلِّفه الثورات من خللٍ ووهن.

ثانيًا: اعتقال الإمام الرضا (ع)، والقرائن التأريخية على ذلك

بعد أنْ اتَّضحت هذه المقدَّمة نقول: إنَّ المأمون بعث مجموعةً من جنوده إلى المدينة، وأمر الإمام (ع) وعددًا من بني عبد المطلّب أن يرحلوا معهم إلى خراسان، وبتعبير أدقَّ -كما ينقل المؤرخون- جاء هؤلاء الجنود لإشخاص الإمام (ع)، وعددٍ من بني عبد المطلّب على غير اختيار منهم فكان ذلك أشبه شيء بالاعتقال والإشخاص القسري إلى خراسان(1).

القرينة الأولى: اقتياد الإمام قسرًا، ومن دون مفاوضات:

نعم، أخذوهم على أنَّهم مطلوبون للسلطة، أخذوهم على أنَّهم معتقلون، فلم تقع أيُّ مشاوراتٍ أو مفاوضات، ولم يكن للإمام خيارٌ في أن يرفض الرحيل إلى خراسان رغم أنَّه أبدى عدم الرغبة في المصير إلى خراسان بل إنَّه رفض القبول في أول الأمر لكنَّ قرار السلطة كان ناجزًا ولم يكن قابلًا للتفاوض، هذه مسألة.

القرينة الثانية: الطريق الذي اقتادوا فيه الإمام (ع):

الظرف الآخر الذي يُعبِّر -في النتيجة- عمَّا نريد أنْ نستنتجه، هو أنَّ الطريق الذي أمر المأمون جنوده أن يسلكوه بالامام كان على غير طريق الحواضر الإسلامية التي لأهل البيت فيها شيعةٌ ومؤيِّدون، فقد أمر المأمونُ جنوده أن يأخذوا الإمام ومَن معه من بني عبد المطلب على غير الطريق الذي يمرُّ بهم على المدن التي لهم فيها ولاء، لذلك أمرهم أنْ يذهبوا به من جهة البصرة، ثم من البصرة إلى خوزستان، ومن خوزستان إلى فارس -المُعبَّر عنها بشيراز، ومن شيراز إلى نيشابور، ومن هناك إلى مرو. وهذا الطريق يقلُّ فيه أنصار أهل البيت (ع)، فكانت خشيته من أن تحدث ردَّة فعل على اعتقال الإمام الرضا (ع)، لذلك أمر بأن يُؤخذ الإمام إلى غير الطريق الذي يمرُّ بالحواضر المشتملة على شيعة لأهل البيت (ع) هذا هو الأمر الثاني(2).

القرينة الثالثة: الرجال الذين بُعثوا لاقتياد الإمام:

من هم الرجال الذين بُعثوا لاقتياد الإمام الرضا (ع) إلى مرو؟ إنَّهم لم يكونوا رجالًا مدنيّين، ذوي وظائف سياسيَّة كما لم يكونوا ممَّن يسلكون الحياد، بل كانوا عسكريين ومِن ألدَّ أعداء أهل البيت (ع)، كانوا جفاةً قُساة، عاملوا الإمام (ع) وبني عبد المطلب أقسى معاملة، حيث قلنا إنَّ طريقة أخذهم كانت على هيئة الإعتقال، ولم تكن على هيئة وفادة مثلًا واستضافة، فالأشخاص الذين اختارهم المأمون لهذه المهمة كانوا من أمثال الجلوديّ، وهو شخصية تأريخية معروفة بالقسوة، وكان من قوّاد جيش هارون الرشيد، هذا الرجل كان معروفًا بالعداء لأهل البيت (ع)، وهذا الرجل كان في أيام هارون الرشيد زعيمًا للجيش، وعندما قضى هارون الرشيد على ثورة من الثورات العلويّة أمر الجلوديّ أن يذهب إلى بيوتات بني عبد المطلب، وبني هاشم، ويقتحمها كلَّها، ويسلبُ كلَّ ما فيها من ذهبٍ وحُليٍّ ومتاع، بل ويسلب عن العلويات مقانعهن! وأمره بأن لا يُبقي في بيت طالبيٍّ عينًا ولا أثرا، فأخذ يقتحم بيوت بني عبد المطلب، وبيوت بني هاشم في المدينة، بيتًا بيتًا، حتى بلغ بيت الإمام الرضا (ع)، فأمر الإمام الرضا (ع) جميع النساء والبنات أن يدخلن إلى حجرة، وأغلق عليهنّ الباب، ووقف الإمام الرضا (ع) على الباب، وقال للجلوديّ: لا آذن لك بالدخول على أيِّ حال. قال: أنا مأمور من قبل الخليفة بذلك. قال (ع): وإنْ، ماذا تريد؟ قال: أُريد أن أسلب الهاشميّات والعلويّات ما عليهنّ من مقانع، وما عندهنّ من حليّ. فقال (ع): أنا أفعل ذلك. فلم يأذن له بالدخول، ودارت بينهما مشادَّة كلاميَّة عنيفة، ثم هدأ الجلوديّ وقبل بأن يتولَّى الإمام (ع) أخذ ما عند العلويّات من متاع، فدخل الإمام الرضا (ع) وأخذ جميع حُليهِّن، ومتاعهن، وما عندهنَّ من ثياب، ولم يبقِ على كلِّ علوية إلَّا ثوبًا واحدًا -حتى مقانعهن، وخلاخيلهن، وأقراطهن-، أخذها الإمام (ع) وسلَّمها للجلوديّ(3). حتى يذكر المؤرخون أنَّ العلويات -كلَّهن- إذا أردن الصلاة، كانت تُصلِّي واحدةً بعد الأخرى، فإذا انتهت واحدةٌ أعطت قناعها إلى الأخرى؛ لتصلِّي به، هذا هو الرَّجل الذي بعثه المأمون؛ ليأخذ الإمام (ع) إلى مدينة مرو، هذا هو الأمر الثالث الذي نُريد بيانه في مقام بيان الظروف التي اكتنفت قبول الإمام لولاية العهد.

ثالثًا: إجبار الإمام على القبول بولاية العهد:

حينما وصل الإمام (ع) إلى مرو، ما الذي فعله المأمون؟ أمر بأن يُفرَّق بين الإمام (ع) وبين بني عبد المطلب. فأمرهم أن يحبسوا الإمام (ع) في بيتٍ، بعيدًا عن بني عبد المطلب؛ وذلك إمعانًا في إرهابه، وإرعابه، والضغط عليه، من أجل قبول ما كان يريده المأمون. ثمَّ بعد ذلك بعث المأمون برجلين -هما من أعمدة رجاله-: وهما، الفضل بن سهل، والحسن بن سهل، بعثهما إلى الإمام (ع)، فدخلا عليه وعرضا عليه ولاية العهد. فامتنع الإمام (ع) ورفض، وأبى أشدَّ الإباء، فقالا له: الأمرُ ليس اختياريًّا، ما عرضنا عليك الأمر لنُخيِّرك، وإنَّما هو فرضٌ مُلزِمٌ لك. فأصرَّ الإمام (ع) على امتناعه عن القبول، فقالوا: قد أُمِرنا من قِبَل المأمون، إنْ لم تقبل أنْ نضرب عُنُقك.

ثم خرجا من عنده، وبعده بعث المأمونُ إلى الإمام أنْ يحضر، فأُحضِر الإمام (ع) إلى مجلس المأمون، فقال له: لِمَ لا تقبل بولاية العهد؟ قال (ع): ولِمَ أقبل بولاية عهدك؟ إن كُنتَ -مضمون الحديث- إنْ كنت ومَن وَلَدك من وُلد العبَّاس أحقُّ بهذا الأمر دون غيركم، فلا يسوغ لكم أنْ تخلعوا رداءً ألبسه الله إيَّاكم، وإن لم تكونوا أهل حقٍّ فلا شأن لك في الأمر، وليس لك أن تضع من تشاء، وتعزل من تشاء. قال: ليس الأمر بيدك يا أبا الحسن، عليك أنْ تقبل وإلَّا تُضرب عنقك. فأصرَّ على الإمام، وألحَّ عليه بالقبول، وهدَّده إنْ لم يقبل فإنَّ مصيره السَّيف(4).

هذه هي ظروف القبول بولاية العهد.

المحور الثاني: ماهيّة وحقيقة قبول الإمام بولاية العهد:

إذن، فالإمام (ع) قَبِل بولاية العهد تحت حدِّ السيف، إلا أنَّه لم يقبل ابتداءً، وهكذا دون شرط، بل قال له: أَقبلُ منك ولاية العهد على أنْ تقبل شرطي. قال: وما هو؟ قال (ع): كما في إعلام الورى للطبرسي: "فإني أُجيبك إلى ما تريده من ولاية العهد، على أنَّي لا آمر ولا أنهى، ولا أُفتي ولا أقضي، ولا أُولِّي ولا أعزل، ولا أُغيِّر شيئًا ممَّا هو قائم" ومعنى ذلك أنَّه اشترط عليه أنْ لا يتدخَّل في شيءٍ شؤون الحكم والإدارة، وأنْ لا تُناط به أيُّ مسؤولية مهما حقُرت، وبذلك تكون ولايته صوريَّة ليس أكثر، ولأنَّ المأمونَ يطمح في قبول الإمام الرضا (ع) بأيِّ نحو، لذلك قَبِل بهذا الشرط(5).

طبعًا هذا الشرط في الواقع يسلُب من المأمون كثيرًا ممَّا كان يطمحُ في تحصيله، فكان يقصدُ من الإلحاح والإصرار على الإمام (ع) بقبول الولاية أنْ يُوهِم الناس بأنَّ الإمام الذي أنتم تبعًا له، والذي تعتقدون أنَّه لا يقبل بسلطاننا، ولا يرضى بخلافتنا، ويراها غير شرعيَّة، قد قَبِل بولاية عهدنا، ثم إنَّكم تقولون إنَّ الإمام إذا مَلَك وأصبح مبسوط اليد، سوف يسُود العدل والرَّخاء بين الناس، في حين أنَّه قد وُلِّي الأمر ولم يسُدُ العدل والخير والرَّخاء بين الناس، وبذلك يضعُف اعتقاد الناس بأهل البيت (ع).

الإمام (ع) في أول الأمر فوَّت الفرصة على المأمون، وذلك لأنَّه لم يقبل بولاية العهد إلا قسرًا وتحت حدِّ السيف وحينئذٍ لا يسعُ المأمون أنْ يدَّعي الشرعيَّة لخلافته لأنَّ قبول الإمام (ع) بها كان بالإكراه والقسْر، ثم إنَّ الإمام (ع) باشتراطه عدم التصدِّي لشؤون الإدارة والحكم، يُصبح من غير الإنصاف تحميل الإمام (ع) ما يحدث من ظلمٍ واستبداد واستكبار؛ لأنَّ الإمام الرضا (ع) أعلن -وبصريح الكلام- أنَّه ليس له من الأمر شيء، ثم إنَّه كان يُؤكِّد -دائما- أنَّه إنَّما قَبِلَ قسرًا، وبالتالي فالشرعيَّة التي كان يطمحُ المأمونُ في تحصيلها من قبول الإمام بالولاية لم تحصل فالشرط الذي وضعه الإمام أمام القبول والمواقف التي سجَّلها الإمام (ع) في السنوات، أو في الفترة التي كان قد تولَّى فيها العهد فوَّتت على المأمون ما كان قد ابتغاه من تولية الإمام للعهد.

ثم إنَّ المأمون أراد أنْ يظهر للناس بأنَّه على وئامٍ تامٍّ مع الإمام الرضا (ع)، وأنَّ الإمام الرضا (ع) قَبِلَ الولاية بمحض اختياره، وأنَّه يدعم ويُؤيِّد خلافة بني العباس، ويُعظِّمها ويُشيِّدها، ويقبَل بها، ويرى شرعيَّتها، أراد أن يُظهر ذلك من خلال إعلان مهرجانٍ كبير، يدعو فيه كبار القُواد والوجهاء، ثم بعدهم الناس؛ لبيعة الرضا (ع) على أنَّه وليٌّ للعهد، وبالفعل يأتي الوجهاء والقُواد والجيوش، والإمام (ع) جالس بجنب المأمون، فيأمر المأمون ولده العبّاس أنْ يكون أوَّل من يُبايع الرضا (ع) بولاية العهد، ثمَّ يأمر بعد ذلك العلويين أن يبايعوا، فيُبايع عباسيّ وبعده علويّ، وهكذا ثم يأتي زعماء القبائل وقوَّاد الجند، ثم وجهاء الناس فيُبايعون الإمام.

ماذا كان موقف الإمام (ع) في هذا الظرف الصَّعب جدًّا؟ في الواقع، كان الإمام (ع) -كما يؤكِّد المؤرِّخون، حتى بعض مؤرخي السنة- قد أبى أن يبسط يده للبيعة، وإنما رفع يده تلقاء وجهه وكان باطنها تلقاء الناس، فقال له المأمون: يابن رسول الله، لو بسطت يدك ليبايعك الناس. قال (ع): هكذا كان يفعل جدِّي رسول الله (ص). وهذه أوّل إشارة للناس، بأنَّ الأمر لم يكن اختياريًا للإمام حتى تُضفى الشرعيَّة لولاية المأمون بواسطة ولاية الإمام الرضا للعهد.

ثم أنَّه بعد أنْ بايعه الناس على ولاية العهد، قال المأمون للإمام: قُم، واخطب في الناس. فالمأمون ينتظر من الإمام (ع) أنْ يقوم فيُثني عليه ويمتدحه، وبذلك يحصل المأمون على شيءٍ من غرضه، إلا أنَّ الإمام (ع) حين قام خطب خطبةً قصيرة لا تتعدَّى السَّطرين، ثم مالذي قاله الإمام الرضا (ع) في خطبته؟ قال -بعد أنْ أثنى على الله عزَّ وجل، وصلَّى على رسوله (ص)-، قال: "لنا عليكم حقٌّ برسول الله (ص)، ولكم علينا حقٌّ به، فاذا أنتم أديَّتم إلينا ذلك، وجب علينا الحقُّ لكم"(6)، وختم خطبته.

لاحظوا، هذه الخطبة القصيرة ليس فيها أيُّ اتصال بما أراده المأمون، فليس فيها ثناءٌ ومدح، وليس فيها شكرٌ وحمد -كما يفعل القادة، والمتزلِّفون عندما يُعطون بعض المناصب-، ثم أنَّه عندما تحدَّث عن نفسه قال بأنَّ الحقّ الذي لنا عليكم نشأ عن حقِّ رسول الله (ص) عليكم، ومن الواضح أنَّ بني العباس ليس لهم حقٌّ من جهة رسول الله (ص)، وإنَّما هو لأولاد رسول (ص)، وبهذا الحديث، وبهذا الموقف، اتَّضح لكثيرٍ من الناس العقلاء -بالخصوص- أنَّ الأمر لم يكن اختياريًا للإمام الرضا (ع) وإنَّما كان قسريًا، ويظهر منه بوضوح أنَّه لا يعطي الشرعية للمأمون بعد أن لم يكن الرضا (ع) فعل ذلك باختياره.

ثم إنَّ المأمون حاول -وبكلِّ وسيلة- كي يصرف الإمام (ع) عن شرطه، وذلك بدعوته مرارًا وتكرارًا لتولِّي أمورٍ في الدولة، والإمام (ع) يأبى عليه، فلم يكن يرضى بالتدخُّل في شؤون الحكم، حتى في محقِّرات الأمور، وهذا التمنُّع قد يخفى على الناس في أول الأمر لكنَّه يتَّضح بمرور الأيام والشهور، فعندما لا يرون للإمام الرضا (ع) أيَّ صلةٍ بشؤون الحكم، وعندما يتمنَّع عن التصدِّي للقضاء والحكم حتى في القضايا الشخصيّة، فإنَّ الناس ومع الوقت يفهمون غايته من ذلك، فالناس عقلاء، فحين يجدون الإمام (ع) لا يتدخل بل ويمتنع من التدخُّل حتى في محقِّرات الأمور المتَّصلة بشؤون الحكم يُدركون أنَّ الأمر والواقع لم يكن كما يُروِّج له المأمونُ ورجالُه، فولايةُ العهد هي أعلى منصب بعد الخلافة، في حين أنَّهم لا يرون لذلك أثرا! كان الإمام (ع) في بيته، وقد يأتي إلى دار الحكم، إلَّا أنَّه يلتزم الصمت -إذا كانت المسألة ترتبط بالحكم، أو الإدارة-، وكان إذا دار الحديث في أمرٍ يرتبط بالعلم، والتفسير، والفقه، والكلام، كان هو المتحدِّث دون غيره.

يذكر المؤرِّخون أنَّ المأمون كان جالسًا للناس فدخل عليه بعض الجند برجلٍ يقتادونه، وكان الإمام (ع) حاضرًا، فوقف الرَّجل أمام المأمون والرضا (ع)، فسأل المأمون عن شأن الرَّجل فقيل له سارق، فاستفتى المأمونُ الإمامَ الرضا (ع) في شأنه إلا أن الإمام أبى أنْ يبتَّ حتى هذه القضية الحقيرة والصغيرة. فاضطر المأمون لاستجواب الرجل فسأله لِمَ سرقت؟ فأجابه بأنَّه سرق مضطرًا لأنَّه -أي المأمون- قد حجبَ عنه حقَّه فاضطرَّ للسرقة ودار بينهما حوار احتجَّ فيها السارق على المأمون بحججٍ فاستشاط منها المأمون غضبًا، فالتفتَ للرضا (ع)، فقال: ما يقول هذا الرجل! إلا أنَّ الإمام أبى أنْ يبتَّ في القضية، فالإمام (ع) كان يلتزم عدم البتّ في أيِّ قضية، مهما حقُرت -كما أوضحنا ذلك-(7).

المحور الثالث: المسوِّغ الفقهي للقبول بولاية الجائر:

بعد أنْ اتَّضحت ظروف قبول الإمام (ع) لولاية العهد نتحدَّث عن المسألة التي صدَّرنا بها حديثنا، وهي لماذا قَبِلَ الإمام بولاية العهد، رغم أنَّ من المُسلَّم به فقهيًّا هو حرمة قبول ولاية الجائر، والمأمونُ من حُكَّام الجور بلا إشكال، فلماذا قَبِل الإمام (ع) بولاية العهد؟

نحن نقول وإنْ كان من المُسلَّم فقهيًّا أنَّ قبول ولاية العهد للجائر مُحرَّمةٌ شرعًا، ولكنَّ ذلك ليس على إطلاقه فقبول الولاية من الجائر إنَّما تحرم عندما لا يترتَّب على قبول الولاية مصالح تفوق في أهميتها عدم القبول، وقد أفتى الفقهاء -كلُّ الفقهاء- أنَّ قبول الولاية من السلطان الجائر قد تكون جائزة في بعض الموارد، وقد تكون مستحبَّة في موارد أخرى، بل قد تكون واجبة في بعض الموارد.

فعندما يُفضي القبول بالولاية إلى شيوع إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ورفع شيءٍ معتدٍّ به من الظلم عن المؤمنين، وعندما يترتب على القبول نفع المؤمنين، وعندما يترتَّب على قبول الولاية مصالح كبرى كما نتجت عن قبول الإمام (ع) للولاية، عندئذٍ تكون الولاية جائزة، بل هي واجبة في بعض الحالات -خصوصًا إذا كانت قد نشأت عن قسرٍ وجبر-، وعندئذٍ ينبغي للمؤمن عندما يقبلها أن يُسيِّرها إلى ما ينفع المؤمنين، وهذا ما فعله الإمام الرضا (ع)، وهو قد قبل الولاية قسرًا، كما أوضحنا ذلك من خلال استعراضنا لظروف قبول الولاية.

ومن جهةٍ أخرى حاول الإمام (ع) أنْ يجعل من قبوله للولاية طريقًا لفضح النظام، والكشف عن أنَّ المأمون لم يكن جادًّا، وإنَّما كان مراوغًا، وكان مكايدًا ومخادعًا للمسلمين، ولم يكن ذلك منه عن إخلاص للمؤمنين، ولم يكن ذلك احترامًا للمسلمين. الإمام (ع) أراد أنْ يفضح سياسة المأمون من خلال قبوله للولاية بعد أن أُلزم بذلك، وأنْ يُصيِّر من قبوله للولاية مَعبرًا لصالح الإسلام والمسلمين. هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ أهل البيت (ع) -وطوال تاريخهم وقبل ولاية الإمام (ع)- قد ضُيِّق عليهم، بحيث لم يتمكَّنوا من نشر علومهم للناس، فكان قبول الولاية فرصةً سانحة لنشر الإمام علوم أهل البيت (ع)، وتعريف الناس مقدار علمهم وجلالهم، حتى أنَّ الأمر قد بلغ مبلغًا كان متميِّزا في تلك الحقبة.

أولًا: نشر علوم أهل البيت (ع):

إنَّ أكثر علوم أهل البيت (ع) التي وصلتنا، كانت عن أئمةٍ ثلاثة: الأول هو الإمام علي (ع)، والثاني هو الإمام الصادق (ع)، والثالث هو الإمام الرضا (ع) ؛ وذلك لأنَّ هؤلاء الأئمة قد سنحت لهم الفرصة في سنين محدودة أنْ يُوضحوا للناس الدين، ومعالمه، وعلوم أهل البيت، وما هم عليه من مقامٍ وفضيلة، واتِّصالٍ بالله عز وجل. فالإمام استثمر السنوات الخمس التي كان فيها واليًا، فجاء عنه -أكثر ما جاء عنه- في غضون السَّنوات الخمس التي حكم فيها. والإمام الصادق استثمر سقوط الدَّولة الأمويَّة وانشغال الدَّولة العباسيّة بتشييد أركان الدولة، استثمر ذلك الظرف، فأسَّس جامعة كبرى تخرَّج منها كثير من العلماء.

ثانيًا: مقام أهل البيت (ع):

الإمام الرضا (ع) استثمر هذه الفرصة أيضا فتصدَّى لنشر علوم أهل البيت (ع)، حيث كانت المناظرات، والمُحاجَّات والمكاتبات، والخطب التي كان يلقيها الإمام، والإجابات عن التساؤلات والإشكالات التي كان يتلقاها عن رواد العلم وسائر الناس تمثِّل كمًّا هائلًا من العلوم، حتى أنَّ محمَّد بن عيسى اليقطيني، وهو أحد الرجال الروَّاد المعروفين في الأوساط العلمية، هذا الرجل هو وحده- جمع من مناظرات، ومسائل الإمام عليِّ بن موسى ثمانية عشر ألف مسألة وقيل خمس عشرة ألف مسألة، أكثرها يتَّصل بعلوم العقيدة. فلم يتهيأ للإمام (ع) التصدِّي لذلك لولا هذه الفرصة التي استثمرها(8).

ثالثًا: بيان فضائل أهل البيت (ع) ونشرها بين الناس:

ثم إنَّ الإمام بيَّن للناس فضائل أهل البيت (ع)، وتعرَّف الناس على أنَّ هناك فرقًا بين الإمام (ع) وبين حاكم الجور، المأمون أراد أنْ يقول للناس إنَّ الأئمة لا يختلفون عن الحُكَّام، حيث إنَّهم لو ملكوا ولو أمسكوا بزمام الأمور لكانوا مثلهم، فالإمام الرضا (ع) ومن خلال مواقفه بيَّن للناس أنَّ أهل البيت (ع) ليس كما أراد المامون إيهام الناس به، فكان كثير الصلاة، كثير الصيام، كثير العبادة، كان كلامه حكمة وعلمًا وكان فعلُه مثال الخلق الرفيع وكانت سيرته كسيرة رسول الله (ص) في العفاف والنزاهد والزهد والتواضع فسيرته قبل توليه لولايه العهد هي ذاتها سيرته بعد توليه لولاية العهد.

حدثٌ بسيط يذكره المؤرِّخون يؤشِّر إلى ما ذكرناه، هو أنَّ جارية كان تخدم في بيت المأمون فكلَّفها المأمون بأنْ تذهب إلى بيت الإمام الرضا (ع) لتخدمه، تقول هذا الجارية: بقيت في بيت الإمام الرضا، وأنا أتمنَّى أن أخرج من بيته لأنِّي حين كنتُ في بيت المأمون كنت في رغدٍ من العيش فكنتُ في جنةٍ من الأكل والشرب والطيب، وأما حين ذهبت إلى بيت الرضا (ع) لأخدمه، لم يكن في بيته شيء من ذلك رغم أنَّه كان وليَّا للعهد وأضافت هذه الجارية: وفوق ذلك فإن الإمام قد نصِّب علينا قيِّمًا يوقظنا لصلاة الليل في كلِّ ليلة وتأخذنا بالصلاة في أوقاتها وكان ذلك من أشد شيءٍ علينا فكنت أتمنى الخروج من داره(9).

إذن لم تختلفْ سيرةُ الإمام (ع)، فكانت سيرتُه قبل ولايته للعهد هي ذاتها سيرته بعد ولايته للعهد، وبذلك ومثله عرف الناس أنَّ ما عليه أهل البيت (ع) من سموِّ في الأخلاق وتقيُّدٍ بالدين والسُنن كان ينبعُ من طهارة معدنهم وأنَّ الله تعالى هو من طهَّرهم واجتباهم لذلك لا تختلفُ لهم سجيَّةٌ من حالٍ إلى حال، فرغم ما صار في أيديهم -في بعض الظروف- من أموالٍ وقوَّة إلا أنَّهم ظلُّوا كما كانوا يفيضون رحمةً، وحنانا، ورأفة وتواضعًا وزهدًا في مباهج هذه الدنيا، كذلك كان أبو الحسن الرضا (ع) بعد ولايته للعهد، كان يجمعُ غلمانه وفتيانه وشيعته في بيته ويُطعمهم، ويأكلُ معهم، ويُؤنُسهم بحديثه -كما يذكر ذلك المؤرخون-، فإذا ما جاء رسولُ المأمون قال لهم تفرَّقوا حتى لا يَشي بكم الواشون.

تلك هي احدى ثمرات قبوله بولاية العهد، فلولا قبولُه لم يُدرك الناس هذه الخصوصية لأهل البيت (ع) أعني الثبات على قِيم الدين ومعالى الأخلاق في مختلف الأحوال والظروف، وكذلك فإنَّ من ثمراتِ القبول بالولاية هي تعرُّف الناس في مختلف الأصقاع على المقام السامي لأهل البيت عند الله تعالى، فحيث كان الإمام (ع) وليًّا للعهد لذلك كانت الأنظار تلحظُه وكانت أخباره تسترعي اهتمام الناس من مختلف المذاعب فكان ذلك منشًا لانتشار ما كان يظهر على يديه من كرامات وما يتحلى به من فضائل ومحامد الأخلاق.

مسك الختام

ونختم الحديث بنقل كرامةٍ ظهرتْ على يد الإمام الرضا (ع) أوردها الشيخُ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) بسندٍ إلى الحسن بن عليٍّ العسكري عن أبيه عليِّ بن محمد، عن أبيه محمد بن عليٍّ عليهما السلام: إنَّ الرضاعليَّ بن موسى (ع) لمَّا جعله المأمونُ وليَّ عهده احتبس المطر، فجعل بعضُ حاشية المأمون والمتعصِّبين على الرضا يقولون: انظروا لمَّا جاءنا عليُّ بن موسى (عليه السلام) وصار وليَّ عهدنا فحبس الله عنَّا المطر واتَّصل بالمأمون فاشتدَّ عليه فقال للرضا (عليه السلام): قد احتبس المطر، فلو دعوتَ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يُمطر الناس فقال الرضا (عليه السلام): نعم، قال: فمتى تفعلُ ذلك؟وكان ذلك يوم الجمعة، قال: يوم الاثنين فإنَّ رسول الله (ص) أتاني البارحة في منامي ومعه أميرُ المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) وقال: يا بني انتظر يوم الاثنين فأبرزْ إلى الصحراء واستَسقِ، فإنَّ الله تعالى سيُسقيهم، وأخبرْهم بما يُريك اللهُ ممَّا لا يعلمون من حالهم ليزداد علمُهم بفضلِك ومكانِك من ربِّك عزَّ وجلَّ، فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائقُ ينظرون فصعدَ المنبر فحمدَ الله وأثنى عليه ثم قال: "اللهمَّ يا ربِّ أنتَ عظَّمتَ حقَّنا أهلَ البيت فتوسَّلوا بنا كما أمرتَ وأمَّلوا فضلَك ورحمتَك وتوقَّعوا إحسانَك ونعمتَك، فاسقِهم سقيًا نافعًا عامًّا غير رايثٍ ولا ضائرٍ، وليكن ابتداءَ مطرِهم بعد انصرافِهم من مشهدِهم هذا إلى منازلِهم ومقارِّهم قال: فوالذي بعثَ محمدًا بالحقِّ نبيًّا لقد نسجَت الرياحُ في الهواء الغيومَ، وأرعدتْ وأبرقتْ وتحرَّك الناسُ كأنَّهم يريدون التنحِّي عن المطر فقال الرضا (عليه السلام): على رسْلِكم أيها الناسُ فليس هذا الغيمُ لكم، إنَّما هو لأهلِ بلد كذا، فمضت السحابةُ وعبَرتْ ثم جاءتْ سحابةٌ أُخرى تشتملُ على رعدٍ وبرقٍ فتحرَّكوا فقال: على رسْلِكم فما هذه لكم، إنَّما هي لأهل بلدِ كذا، فما زالتْ حتى جاءتْ عشرُ سحابات وعبرتْ ويقول عليُّ بن موسى الرضا (عليه السلام): في كلِّ واحدة: على رسْلِكم ليستْ هذه لكم إنَّما هي لأهل بلدِ كذا، ثم أقبلتْ سحابةٌ حادية عشر فقال: أيُّها الناس هذه سحابةٌ بعثها اللهُ عزَّ وجلَّ لكم فاشكروا الله على تفضُّلِه عليكم، وقوموا إلى مقارِّكم ومنازلِكم فإنَّها مسامتةٌ لكم ولرؤوسكم مُمسكةٌ عنكم إلى أنْ تدخلوا إلى مقارِّكم ثم يأتيكم من الخير ما يليقُ بكرم اللهِ تعالى وجلاله، ونزل من على المنبر، وانصرفَ الناسُ فما زالت السحابةُ ممسكةٌ إلى أن قربوا من منازلِهم ثم جاءت بوابل المطر فملئت الأوديةَ والحياضَ والغدران والفلوات، فجعل الناسُ يقولون: هنيئا لولد رسولِ الله (ص) كراماتِ الله عزَّ وجلَّ ثم برزَ إليهم الرضا (عليه السلام) وحضرت الجماعةُ الكثيرة منهم فقال: يا أيُّها الناس اتَّقوا الله في نعم الله عليكم، فلا تُنفِّروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكرِه على نعمِه وأياديه، واعلموا أنَّكم لا تشكرون اللهَ بشيءٍ بعد الايمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق أولياءِ الله من آل محمَّدِ رسولِ الله (ص) أحبَّ إليه من معاونتكم لاخوانِكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبَرٌ لهم إلى جنان ربِّهم، فانَّ مَن فعل ذلك كان من خاصَّة اللهِ تبارك وتعالى .."(10).

فقبول الإمام (ع) لولاية العهد كان من ثمراته أنَّ فضل أهل البيت (ع) قد ذاع وشاع في الحواضر الإسلامية. ونكتفي بهذا المقدار.

الهوامش:

1- عيون أخبار الرضا (ع) ج2 ص 152، إعلام الورى للطبرسي ج2 ص 72، مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص440، عيون أخبار الرضا ج 2 ص334. تاريخ الطبري ج7 ص 132.

2- إعلام الورى للطبرسي ج2 ص 72، عيون أخبار الرضا (ع) ج2 ص 194.

3- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج2 ص172.

4- عيون أخبار الرضا (ع) ج2 ص 150، 153، علل الشرائع للصدوق ج1 ص 338. مقاتل الطالبيين ص375.

5- عيون أخبار الرضا (ع) للصدوق ج2 ص 161. إعلام الورى للطبرسي ج2 ص 72. علل الشرائع ج 2 ص 161.

6- إعلام الورى للطبرسي ج2 ص 74، بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج49 ص146. الدر النظيم لابن حاتم المشغري ص 679. مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ص 376. كشف الغمة للأربلي ج 2 ص 71.

7- عيون أخبار الرضا ج2 ص 264.

8- الغيبة للشيخ الطوسي ص 73، مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج3 ص 461.

9- عيون أخبار الرضا (ع) للصدوق 2 ص 193.

10- راجع عيون أخبار الرضا (ع) ج2/ 179. الخرائج والجرائح للراوندي ج2 ص 658، الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ص 468.