المرجعية والانتخابات: خذوا العِبر والدروس قبل النّدم!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

المرجعية وانتخابات 10 تشرين اول 2021: المحطة الثانية في جواب الاستفتاء

 كتب السيد عبد الستار الجابري:

 "وعلى الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر اخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم".

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

في المحطة الثانية من جواب الاستفتاء للمرجعية العليا هناك عدة امور:

الاول: استلهام العبر من التجارب السابقة، اذ خاض الشعب العراقي بعد تغيير 2003 عدة تجارب انتخابية، وهذه الفترة الطويلة نسبيا التي عاشها الناخب العراقي لا تزال حية في ذاكرته، وهو يعي الطرق والسبل التي اتبعت من قبل الكيانات والاحزاب والمرشحين لكسب اصوات الناخبين، ولكن النتائج كانت تعود سلبية في كل دورة انتخابية، ولم تتمكن الكتل السياسية من قيادة البلد نحو شاطئ الامان بل تشرذم الوضع العراقي كثيرا، ومن هنا تدعو المرجعية الدينية من واقع ان الماضي القريب يجب ان يكون حاضرا في الاذهان لئلا تقع الاخطاء السابقة، فان الماضي الذي يعيشه الانسان يجب ان يكون حجر الاساس لمواقفه المستقبلية، واما نسيان الماضي والتغاضي عنه وعدم استلهام العبرة منه فانه سيؤدي الى الوقوع في الاخطاء نفسها، وتكرر الامور السلبية بعينها، ولا يحقق الخروج من النفق المظلم الذي وصل اليه الواقع العراقي الا بتحديد اخطاء الماضي وعدم ارتكابها مرة ثانية، فان من جرب ولو لمرة واحدة وثبتت عدم اهليته سواء من حيث الكفاءة او من جهة النزاهة فعلى الناخب ان لا يمنحه صوته، والا كان شريكا له في ما سيقع من اخطاء يرتكبها اما لعدم اهليته للموقع او لعدم نزاهته واستغلال الموقع لمنافعه الشخصية حتى وان ادت الى الاضرار بالعراق وشعبه.

الثاني: على الناخب العراقي ان يعي قيمه صوته الذي يمنحه لمرشح الانتخابات، فان هذا الصوت ليس حقا شخصيا محضا، بل هو عامل اساس من عوامل التغيير نحو المستقبل الافضل والخلاص من حقبة الفساد والظلم والتدمير ونقص الخدمات وتضييع الموارد التي عاشها العراق وشعبه في العقدين الاخيرين، ان صوت الناخب امانة يجب ان يضعها في محلها الصحيح، والا كان شريكا في استمرار المأساة التي يعيشها ابناء هذا الشعب المظلوم، فالعراقي الذي سيدلي بصوته في العاشر من تشرين الاول لن يكون مجرد شخص حاضر عند صندوق الانتخابات بل سيكون مؤتمنا يؤد امانته تجاه ابناء شعبه، لان هذا الصوت شريك في رسم مستقبل البلد لأربع سنوات قادمة، كما ان هذا الصوت شريك في تضييق دائرة الفساد والفاسدين، وهذا الصوت يمثل خطوة من خطوات تحقيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عمليا على الارض اذ بترشيح النائب النزيه الكفوء يفوت الفرصة على الفاسدين والمفسدين ومن يلوذ بهم ويتعكز عليهم.

الثالث: ان فرصة الانتخابات فرصة ثمينة على الشعب ان يستغلها استغلالا امثلاً للوصول الى امثل النتائج فان وصول الشخصيات النزيهة الكفوءة تحت قبة البرلمان سيمنع من وصول الشخصيات الفاسدة الى مفاصل الدولة الرئيسية، ويمكن من يتمتع بالنزاهة والكفاءة من اداء دوره في بناء العراق، فان وصول شخصيات نزيهة الى البرلمان سيمنع من وصول الفاسدين والانتهازيين الى المفاصل الرئيسية في المراكز الحساسة والمفصلية في السلطة التنفيذية، ذلك لان الرئاسات الثلاث لا يمكن ان تتسنم مواقعها مالم يصوت عليها البرلمان وكذلك الحال في الحقائب الوزراية والمدراء العامين، فلذا ان عملية التغيير ووصول المؤهلين الى مقاعد البرلمان من شانه ان سهم اسهاما فاعلا في بناء العراق والنهوض به والخروج عن عقود الفساد والظلم والقهر والضياع.

الرابع: ان وصول الكفوء النزيه، والعمل على ابعاد الفاسدين عن المواقع الحساسة في الدولة، امر ممكن بشروط ثلاث:

الشرط الاول: تكاتف اصحاب الوعي من ابناء الامة العراقية على الحضور الفاعل في الانتخابات ودعم الاصلح والافضل من مرشحي مناطقهم للوصول الى قبة البرلمان، ذلك لان التشرذم قد يؤدي الى تشتت الاصوات ومن ثم تمكين من يعملون على شراء الذمم بالاموال او بالخدمات البسيطة من استغلال البسطاء والنفعيين من التصويت لصالح الفاسدين وبالتالي تضييع الفرصة في وصول الاكفاء من ذوي النزاهة الى المواقع المطلوبة.

الشرط الثاني: المشاركة الواعية المسؤولة الفاعلة في الانتخابات، فان غياب الوعي او عدم تحمل المسؤولية او المشاركة غير الفاعلة سيتؤدي في نهاية المطاف الى تضييع الاصوات وتمكين الفاسدين من الوصول الى مقاعد البرلمان مرة اخرى، وهو امر في مستوى عال من الخطورة فيما يتعلق بمستقبل ابناء العراق خلال الفترة المقبلة.

الشرط الثالث: حسن الاختيار، مما لا شك فيه ان اصحاب الوعي لهم تاثيرهم في اوساط ابناء المجتمع وانهم لهم كلمة مؤثرة ومسموعة ويقع على عاتقهم تحديد من هو الاصلح من المرشحين لتمثيلهم تحت قبة البرلمان، واما اذا لم يحسن الواعون الاختيار فان ذلك سيؤدي الى ما وصلت اليه البلاد بسبب سوء الاختيار او التشتت وعدم التعاطي بمسؤولية تجاه الواقع السياسي.

الخامس: ان عدم الالتزام باي نقطة من النقاط الاربع المتقدمة سيكون النتيجة تكرار الاخفاقات لان وصول الاشخاص الفاسدين او غير الكفوئين الى مقاعد البرلمان سينتهي الى انتخاب حكومة ورئاسات ووزراء ومدراء عامين فاسدين او فاشلين وتتكر المآسي التي مررنا بها طيلة الفترة السابقة والتي خسر العراق فيها الخيرة من شبابه وهاجرت بسببها الطاقات الكثيرة والمهمة وشاع نيتجتها الشعور بالضياع وفقدان الامن السياسي والاقتصادي والشعور بالخيبة وضياع المستقبل، فالفرصة بين يدي الناخبين للاسهام بدرجة معقولة في تغيير مستقبل العراق، انطلاقاً من ايصال الناخب النزيه الكفوء الى البرلمان.