السؤال الصعب: نجمع المال ونسعى للمناصب.. أم نزكّي أنفسنا؟!

كلما ازداد عدد أقسام -جمع قسم- القرآن ازدادت أهمية الموضوع، وفي سورة الشمس المباركة أكبر عدد من الأقسام ، خاصّة وأنّ القسم بالذات الإلهية المقدسة تكرر ثلاث مرات.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 

ثمّ جاء التركيز على أن النجاح والفلاح في تزكية النفس ، وأن الخيبة والخسران في ترك التزكية.

وهذه في الواقع أهم مسألة في حياة الإنسان ، والقرآن الكريم إذ يطرح هذه الحقيقة إنّما يؤكّد على أنّ فلاح الإنسان لا يتوقف على الأوهام ولا على جمع المال والمتاع ونيل المنصب والمقام ، ولا على أعمال أشخاص آخرين (كما هو معروف في المسيحية بشأن ارتباط فلاح الإنسان بتضحية السيد المسيح) ... بل الفلاح يرتبط بتزكية النفس وتطهيرها وسمّوها في ظل الإيمان والعمل الصالح.

وشقاء الإنسان ليس أيضا وليد قضاء وقدر وبالإجبار ، ولا نتيجة مصير مرسوم ، ولا بسبب فعل هذا وذاك ، بل هو فقط بسبب التلوث بالذنوب والانحراف عن مسير التقوى.

وفي الأثر أن زوج العزيز (زليخا) قالت ليوسف لما أصبح حاكم مصر: «إنّ الحرص والشهوة تصير الملوك عبيدا ، وأن الصبر والتقوى يصير العبيد ملوكا ، فقال يوسف : قال الله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)» (١).

وعنها أيضا قالت لما رأت موكب يوسف مارا من أمامها: «الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا» (٢)

نعم، عبادة النفس تؤدي إلى وقوع الإنسان في أغلال الرقية بينما تزكية النفس توفّر أسباب التحكم في الكون.

ما أكثر الذين وصلوا بعبوديتهم لله تعالى درجة جعلتهم أصحاب ولاية تكوينية ، ومكنتهم بإذن الله أن يؤثروا في حوادث هذا العالم وأن تصدر منهم الكرامات وخوارق العادات!!

إلهي! أعنّا على أنفسنا وعلى كبح جماح أهوائنا.

إلهي! لقد ألهمتنا «الفجور» و «التقوى» فوفقنا للاستفادة من هذا الإلهام.

إلهي! دسائس الشيطان خفية غامضة في نفس الإنسان ، فوفقنا لمعرفتها.

آمين يا ربّ العالمين

الهوامش:

(١) المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١١٦.

(٢) المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١١٧.