لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الصادق (ع).. 9 نقاط مهمة من السيد محمد باقر السيستاني

الإمامُ جعفرُ الصادق (عليه السلام) في مُعطَياتِ الاستذكارِ التاريخي وضرورة الاعتبار:

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 

1 - ينبغي أن نهتمّ بشَكلٍ شخصي في توثيق العقيدة ، وكذلك ينبغي لمن يكون خطيباً يخاطب النّاسَ اجتماعيّا، وأن نستحضرَ تاريخَ النبيّ الأكرم (صلّى اللهُ عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) وسيرتهم، حتّى نكون على بيّنَةِ مِن أمرِ عقيدتنا، ولكي لا يكون إيمانُنا بهذه العقيدة مجرّد تقليدٍ لآبائنا. 

2 - الدّينُ ظاهرةٌ تاريخيّة انبثقت مِن بعثة النبي الأكرم ورسالته (القرآن الكريم) وسيرته الشريفة، فإذا أردنا أن نثقَ بالإسلام كدينٍ ، فعلينا أن نستحضرَ ذلك التاريخ ، لنعرف حقّانيّة ديننا العزيز، فاستحضار الأجواء التاريخية مسألةٌ مهمّةٌ في العقيدة ورفع الإبهام عنها.

3 - الاستيضاح التاريخي الموثوق للدِّين يجعل العقيدةَ صافيةً مِن الغلوِ والتقصير ، وذلك من خلال معرفة حال النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِن قبل، وما كان عليه مِن الانطباعات وفق آيات القرآن الكريم ، فأدلّة حقّانيّة الدّين مرتبطةٌ بتاريخها.   

4 - إنَّ هويّةَ أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) هي هويّةُ الأنبياءِ (صلوات الله عليهم)، والتي عُرّفَت في القرآن الكريم ، بهويّة التزكية والتربية والتعليم ، قال اللهُ تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2))) سورة الجمعة.

فينبغي بنا دائماً عندما نزور أو نستذكر أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) – أن نتذكّرَ أننّا مُهتدون بهديهم ومُستعدّون لأن نتزكّى بتزكيتهم، والبُعد الذي تمثّله التزكية هو أنّهم أُسوَةٌ حسنةٌ لنا في سلوكهم، وفي أخلاقهم ، وفي سجاياهم ، وفي تعاملهم مع مختلف القضايا ، وفي أدبهم ، الأدب اللساني والأدب الاجتماعي، وتعاملهم مع الآخرين .

5 - لِنَنظر كيف أنَّ الإمام جعفر بن مُحمّد الصادق (عليه السلام) كان محلَّ احترام الجميع ، حتّى مِن غير مذهبنا، أمثال أبي حنيفة النعمان ، ومالك بن أنس ، حيث كانا يُقدّسانه ، فبأيّ أدبٍ وأيّ مُدارةٍ وبأيّ أسلوبٍ استطاع (عليه السلام) التعامل معهم ، والتعايش مع المخالفين، فقد تعاطى مع المذاهب الأخرى بالحكمة والآداب والأخلاق والسلوك الحسن.

6 -  شخصيّة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) تمثّل شخصيّة الهُدَاة، وشخصيّة الأُسوَة المضروبة للأمّة، وشخصيّة المُعَلِّمين والمُزكّين، وعندما نريد أن نكون في محضرهم واستذكارهم ، ينبغي أن نزداد بهم تزكيةً واقتداءً بفعالهم وأخلاقهم وسلوكهم.

7 -  إنَّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كان مَعنيّاً بأن يجعلَ مِن الشيعةِ قوماً ورعين ومُلتزمين وواضحين ، حتى يُقال عنهم هؤلاءِ (أصحاب جعفر)، وهو القائل:(عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّه والْوَرَعِ والِاجْتِهَادِ ، وصِدْقِ الْحَدِيثِ وأَدَاءِ الأَمَانَةِ ،وحُسْنِ الْخُلُقِ وحُسْنِ الْجِوَارِ، وكُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ ، وكُونُوا زَيْناً ولَا تَكُونُوا شَيْناً.....) الكافي:الكليني،ج2، ص77. (كونوا دُعاة للنّاس بغير ألسنتكم ، ليروا منكم الورعَ والاجتهادَ والصلاةَ والخيرَ ، فإنَّ ذلك داعية) وسائل الشيعة: الحرّ العاملي ،ج1 ، ص76.

دُعاةٌ لنا في سلوككم العملي ، وفي معاشرتكم مع النّاس ، وفي بيئتكم ، حتّى يُشمَّ منكم عطرَ الإمام الصادق (عليه السلام) وهُداه ووضوحه، وتعامله الاجتماعي السليم مع سائر المسلمين – لا أنّنا نصرّح ليلَ نهار ،أنّنا (أتباع جعفر)- دون التقوى والعمل الصالح. 

8 - لقد أراد الأئمة المعصومون (عليهم السلام) ومنهم الإمام الصادق (عليه السلام) من أتباعهم أن يكونوا هُداة لسائر المسلمين، ويُقدّموا أنفسهم للإسلام بالنحو الصحيح الأمثل ، حتّى يقتدي بهم بقيّة المسلمين ، وهذا هو المُمَهِدُ الحقيقي لظهور الإمام المَهدي(عجّل اللهُ تعالى فرجَه الشريف) .  ولكي تتمّ الحُجّة على سائر الأقوام لابُدّ أن تبلغ حُجّةُ التشيّع منطقيّاً لسائر الأمم بحيث تتهيّأ الأمم للقبول، مع غير ذلك من العوامل المساعدة ، وببركة الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) تلوح بالأفق حقّانيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) في أوساط عامّة المسلمين. 

9 -  إنَّ الشعائر والمشاعر والعواطف ، وما يثيرها ومظاهرها ، فرديّاً واجتماعيّاً  ينبغي أن تكون داعمةً للمبادئ الحقّة التي نُقِِّحَت حقّانيّتها في مرحلةٍ سابقةٍ، ولا ينبغي أن تتصدّر المشاعرُ المشهدَ بشَكلٍ مُنفَلِت من المبادئ الحقّة، لأنّها ستُضاد هذه المبادئ.     

 سماحة السيّد الأُستاذ مُحَمَّد باقر السيستاني (دامت بركاته) الاثنين  - 24 – شوّال المكرَّم - 1444هجرية - مرتضى علي الحلّي  - النجف الأشرف .