شخص يسرق الصلاة!

الخشوع والخضوع في الصلاة يعني اللذة بقرب الله عز وجل، الإنسان عندما يخشع في صلاته، وعندما تقف جوارحه وجوانحه برهبة وبإعظام وقت الصلاة وحين أذكار الصلاة، يعني أن هذا الإنسان يلتذ بقرب ربه، بمناجاة ربه، بدعاء ربه، ولولا لذته بذلك لما أطال الصلاة، ولما خشع وخضع في الصلاة، فالخضوع والخشوع دليلان على أن هذا المصلي يملك لذة في قربه من ربه عز وجل.

قد ترى إنسانًا عندما يصلي يدمج الركوع في السجود والسجود في القيام وانتهت الصلاة في دقيقة أو دقيقتين! ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ هذا الوصف لا ينطبق على هذه العملية ولا ينطبق على هذه الكيفية.

سارق الصلاة!

ورد عن أمير المؤمنين : ”أسرق الناس من سرق صلاته“، ليس الذي يسرق أموال الناس، هذا الذي يسرق أموال الناس ليس بسارق حقيقي، السارق الحقيقي هو الذي يختلس العبادة اختلاسًا، هذه أعمالك، أفعالك، يوم القيامة لا ينفعك غير صلاتك إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها، وتأتي يوم القيامة مجسمة مجسدة، فتقف أمامك وتقول: ضيعتني ضيعك الله! ونظر الرسول  إلى رجل يخبط الركوع في السجود، قال: ”أما يخاف هذا أن يلقى الله وهو معرض عنه! قيل: لماذا يا رسول الله؟ قال: لأنه أعرض عن ربه“.

أنت متى تلتقي بربك؟ متى تناجي ربك؟ هذه هي الأوقات التي تلتقي فيها بربك، أوقات خمسة في اليوم تلتقي فيها بربك وتناجيه بكل ما عندك، فإذا أنت وقت لقائك بربك تكره هذا اللقاء، وتتكاسل أمام اللقاء، إذا أردت ملاقاة فلان المعين، الشخصية، كيف تتزين وتتطيب وتذهب بإجلال وإعظام إلى هذا الإنسان، وتكن له الاحترام والإجلال، وأما إذا أريد منك أن تلاقي ربك قمت كسلان متعبًا منهكًا، وتلاقيه بذلك اللقاء الجاف السريع، وأنت تريد أن تنهي صلاتك وتستريح منها.

انظر إلى أولئك الذين تجسد فيهم معنى الخشوع والخضوع.. أمير المؤمنين  يقول: ”ركعة لي في دنياكم أحب إلي من الجنة وما فيها“، ليس نعيم الجنة الذي ألتذ به، ليس الحور والولدان والقصور والأنهار وغيره، بل لذتي جوار ربي، مناجاة ربي ولقاء ربي، ولذلك هذه اللذة الروحية خلقت من أمير المؤمنين ذلك العابد المنقطع النظير الذي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، اللذة التي تجسدت في أمير المؤمنين ، لذته بجوار الله، بلقاء الله، جعلت منه يصلي يوم صفين والحرب قائمة على قدم وساق، كيف تصلي يا أبا الحسن والآن وقت قتال وحرب؟! قال: ”علام نقاتلهم؟! إنما نقاتلهم لأجل الصلاة“، وكان يصلي والسهام تنفذ إلى ثيابه وهو ماض في صلاته، وقال الإمام الحسن : ”ما رأيت أعبد من فاطمة ، كانت إذا قامت إلى الصلاة ما انفتلت عنها حتى تتورم قدماها“.

كيف نحقق الخشوع؟

أشعر نفسك وقلبك بروحية الخشوع والخضوع، أشعر قلبك بالخوف والرهبة، وأنك واقف أمام عظيم العظماء وجبار الجبابرة وملك الملوك، أنت واقف أمام القدرة والقوة والرحمة والعلم اللامتناهي، أشعر نفسك بالصغر والحقارة أمام ربك عز وجل، أشعر نفسك بالخضوع والخشوع، كان الإمام الحسن  إذا وقف على باب المسجد ارتعشت أعضاؤه وقال: ”مسكينك ببابك، أسيرك بفنائك، يا محسن قد أتاك المسيء، أنت المحسن وأنا المسيء، يا محسن تجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم“.