ضعيف الإرادة: كيف أترك الأغاني والنظر إلى النساء؟

الإرادة هي طريق التزكية المؤدي إلى الكمال والتهذيب، وكثير منّا وللأسف الشديد يعاني من مشكلة فقدان الإرادة، وكثيراً ما يقول: "أنا لا أمتلك إرادة، ولن يغيرني سوى الله وإلا فلن أتغيير لأنني لست قابلا للتغيير، فأنا أنساق وراء المعصية.. وراء صوت المرأة الجميل العذب.. وراء الإغراءات والإثارات التي تصلني يومياً بعد الجوال والشاشات وسائر الوسائل الأخرى.

ومع هذا الانسياق وراء الشهوة والغريزة، كيف يمكن لي أن أتغير وأنا إنسان مسترسل، فلا بد أن أدعو الله أن يغيّر حالي وهو وحده القادر على فعل ذلك لو شاء هو.

وهذا المنطق منطق مرفوض قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ تغيير المسار منوط بإرادتك وليس منوطا بالسماء، فالسماء تساعدك على التغيير إذا أردت التغيير إذا اخترت أنت قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ كيف أغير مساري من المعاصي من استماع الأغاني من العلاقات غير المشروعة إلى المسار الصالح الصحيح السوي؟

تغيير المسار يعتمد على قوة الإرادة، وقوة الإرادة تعتمد على ركيزتين:

الركيزة الأولى: التلقين النفسي

الركيزة الثانية: نقد الذات

الركيزة الأولى هي التلقين النفسي

مثلاً.. إنسان يريد أن يحصل على معدل ممتاز في الدراسة في الثانوية أو في الجامعة ألا يمتلك إرادة طبعا يمتلك إرادة، تراه يقطع علاقاته مع الناس أيام الامتحانات ويظل دؤوبا مثابرا على المذاكرة وحفظ المعلومات وإتقانها وتنقيطها وتبويبها حتى يستوعبها ويأتي بمعدل ممتاز، وهذا الشخص قوي الإرادة ولولا أنه يمتلك قوة إرادة لما حصل على هذا المعدل.

إنسان آخر يقول أنا موظف لكن راتب وظيفتي لا يكفيني، وأحتاج أن أعمل عملاً آخراً يساعدني على توفير ثروة لنفسي ولعائلتي، فترى هذا الإنسان يرجع من الوظيفة متعبا مرهقا ومع ذلك يخرج إلى التجارة ويسهر إلى أوقات متأخرة من الليل يجهد بدنه يجهد عقله يجهد وقته في سبيل أن يحصل على الثروة، إذا هو إنسان قوي الإرادة، لو لم يكن قوي الإرادة لما استطاع أن يجمع الثروة، فإذا كنت قوي الإرادة في مجال الدراسة وقوي الإرادة في مجال جمع الثروة لكن أمام المعاصي ضعيف الإرادة هل هذا مقبول؟

الإرادة لا تتبعض ولا تتجزأ، من كان قوي الإرادة في طلب المعارف فهو قوي الإرادة أمام شهواته، من كان قوي الإرادة في جمع الثروة فهو قوي الإرادة أمام غريزته، الإرادة طاقة واحدة لا يمكن أن تكون ضعيفة من جهة وقوية من جهة من كانت له إرادة قوية فهو قوي الإرادة في تمام أموره.

إذا من أين يكتسب قوة الإرادة من التلقين، التلقين خطوة ضرورية سابقة على خطوة الإرادة، لماذا أنا أحضر المأتم وهذا الخطيب يأخذ ساعة أو أكثر؟ إنما حضرت المأتم لأن عندي إرادة الإرادة من أين اكتسبتها؟ اكتسبتها من خطوة سابقة وهي خطوة التلقين لقنت نفسي أولا أن المحاضرة نافعة وأن كانت طويلة، أن الذهاب إلى هذا المكان يعطيني منافع متعددة ثقافية اجتماعية أخروية، بعد أن لقنت نفسي بهدفية العمل وبضرورة العمل امتلكت الإرادة وعندما امتلكت الإرادة صرت قادرا على التغيير، إذا الإرادة مسبوقة بالتلقين فكما ألقن نفسي أهمية الدراسة وأهمية جمع الثروة فعلي أن ألقن نفسي أهمية الفرصة التي أعيشها وأهمية الزمن الذي أمر به، فهذه الدقائق التي تمر علينا لن تعود مرة أخرى وإن العمر إذا مضى لن يعود مرة أخرى.

ورد عن النبي محمد (ص): لا تخطوا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أي اكتسبه وفي ما أنفقه.

نحن مسؤولون عن شبابنا نحن مسؤولون عن أوقاتنا نحن مسؤولون عن عمرنا، فلنلقن أنفسنا أننا مسؤولون عن الوقت فلنلقن أنفسنا أننا مسؤولون عن العمر فلنلقن أنفسنا أننا مسؤولون عن هذه الدقائق والثواني التي نعيشها فلنلقن أنفسنا أننا قادرون على التغيير وقادرون على التصحيح فإذا لقنا أنفسنا امتلكنا إرادة التغيير.

الركيزة الثانية هي نقد الذات

نحن بحاجة إلى نقد ذواتنا إننا نعيش - كما في الرواية - إننا نعيش صرعة الاسترسال ما معنى صرعة الاسترسال؟ الرواية تقول ”إنما أهلك المؤمن صرعة الاسترسال“ ما معنى صرعة الاسترسال؟

يعني أن الإنسان يعيش في دوامة من الروتين، فيخرج صباحاً إلى العمل ثم يعود متعباً إلى منزله فيتناول طعامه ثم ينام،  بعد ذلك يذهب في نزهة مع أصدقائه أو مع عائلته ثم يعود إلى الروتين نفسه دون أدنى تفكير في النفس والمصير الأخروي والقبر ولا وجود لوقت أفكر فيه في محاسبة نفسي وفي نقد ذاتي «إنما هلك المؤمن من صرعة الاسترسال».

 كيف أتخلص من صرعة الاسترسال؟

بنقد الذات، ورد عن النبي محمد (ص): ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا“ عملية نقد الذات طريق الإرادة والإرادة طريق الكمال، إذا أردنا أن نكتسب قوة الإرادة فلننظر إلى عظماء التاريخ الذين غيروا التاريخ بقوة إرادتهم «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه» هذا رسول الإنسانية، وآخر يقول «و الله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت» هذا علي بن أبي طالب، وثالث يقول «و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».