إطلالة على صاحب الذكرى.. هذا هو الإمام الكاظم (ع)

تمر علينا هذه الايام ذكرى شهادة الامام السابع من أئمة اهل البيت (عليهم السلام) الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) وهنا نتحدث عن بعض خصائصه (عليه السلام) وما هو التراث الذي تركه لنا عليه السلام مع ما عاناه من ظلم الطغاة وقد قضى في سجونهم ما يزيد عن خمسة عشر عام متنقل بين سجونهم من البصرة الى بغداد وهو مقيد الايادي ممنوع من ملاقاة الاتباع والأحبة.

قبل ذلك نذكر ملخص عن سيرته العطرة:

هو الامام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

أمه السيدة الجليلة وهي أم ولد تسمى حميدة المغربية ولها اسماء تعرف فيها أخرى (حميدة خاتون) (حميدة المصفاة)

ولد الامام (عليه السلام) يوم الاحد في سنة 128 للهجرة في مدينة الأبواء تقع بين المدينة المنورة ومكة المكرمة

تاريخ وفاته: الخامس والعشرين من رجب سنة 183 ھ، الموافق للأول من شهر أيلول سنة 799م

سبب وفاته: استشهد بالسم في سجن هارون الرشيد

مدفنه: مقابر قريش (حالياً: مدينة الكاظمية) بغداد، العراق.

تراث الامام الكاظم (عليه السلام) العلمي

ترك لنا الامام الكاظم (عليه السلام) تراث أثرى فيه المدرسة الشيعية وقد تنوع هذا التراث بين الروايات التي وصلت لنا عنه (عليه السلام) وبين الاحتجاجات التي خاضها الامام (عليه السلام) مع مختلف الشرائح المعاندة سواء للدين أو لخط مدرسة أهل البيت التي كان هو (عليه السلام) رائده في حياته وقد ورث أكبر جامعة علمية من والده صاحب المذهب ومؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام).

وقد اسس الامام الكاظم (عليه السلام) مدرسة علمية عمل من خلالها على ادامة ما اسسه الامام الصادق (عليه السلام) واخذ الامام (عليه السلام) على عاتقه إلقاء الدروس والمحاضرات العلمية في مختلف المجالات والعلوم الفقهية والعقائدية والحديث والتفسير والاخلاق وغيرها جملة من العلوم والمعارف وقد تخرج على يده عدد كبير من الفقهاء ورواة الحديث.

من طلابه (عليه السلام) يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى بياع السابري ومحمد بن أبي عمير وعبد الله بن المغيرة والحسن بن محبوب السرّاد وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي.

وله (عليه السلام) من تراثه في ميادين المعارف الأخرى في الكلام والقرآن وفنون اللغة كما عرف عن منهجه الفقه حيث أرسي قواعد الاستدلال والاستنباط.

كما اعتمد (عليه السلام) نهج التصدي للتيارات المنحرفة التي واجها العالم الاسلامي في حينها سيما الدعوة الى الافكار الإلحادية والغلو التي تبناها أعداء الإسلام في عدائهم للإسلام والمسلمين وقد زرع (عليه السلام) في الملحدين و الغلاة الفشل والاحباط لما أرسى من قواعد لرد غلوهم والحادهم واوقف بذلك الصمود والتصدي لمعتقداتهم الباطلة المنحرفة من الزحف والتوغل في الجسد الاسلامي الذي كان قد ازدهر (عليها السلام) عهد ابيه واستمر ازدهاره في عهده (عليه السلام) وقد استخدم الامام (عليه السلام) الادلة العلمية والمنطق الحازم بالرد على ما أشاعه الملحدون من شبهات باطلة ككون الله سبحانه عما يصفون له جسم يشابه جسم الموجودات وبلك التصدي الحازم الذي انتهجه (عليه السلام) بين فساد الآراء المتبناة عندهم في المسائل العقائدية وبين تفاصيل المراد من الاحاديث التي أسيئ فهمها من قبل بعض المتصديين والتي كان يعتقد بفهمه لظواهرها إرادة التجسيم والتشبيه أو الحركة والانتقال وبين (عليه السلام) أنه تعالى لا يشبهه شيء فهو ليس له جسم ولا صورة ولا يحدد بحد وأنه تعالى خالق كل شيء وكل شيء مخلوق له.

وكان تصدي الامام لكل تلك الانحرافات التي كانت تسود في وقته مع ما كان يعانيه (عليه السلام) من ضغط ومراقبة سياسي جائر من قبل حكام بني العباس ولكن لم يترك مسؤوليته للتصدي لتلك الانحرافات فتصدى (عليه السلام) وقد ربى ثلة من طلابه على أن يكونوا هم النواة التي تكون قادرة على رد تلك الشبهات وقد اشرنا الى ذلك في أول المقال، ومن المعلوم ان التراث الذي تركه الامام موسى بن جعفر (عليهما السلام) كثير وقد ملئت منه الكتب ونحن لسنا بصدد ذكر جزئياته في مقال قصير لكن يمكن ان نذكر بعض ذلك التراث وهو ما اجاب عنه (عليه السلام) من مسائل طلابه.

روى الشيخ المفيد في أماليه ص112 بالإسناد عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لأبي: ما لي رأيتُك عند عبد الرحمان بن يعقوب ؟! قال: إنّه خالي.

فقال له أبو الحسن عليه السّلام: إنَّه يقول في الله قولاً عظيماً، يصف اللهَ تعالى ويحدُّه، واللهُ لا يُوصَف، فإمّا جلستَ معه وتركتَنا، وإمّا جلستَ معنا وتركتَه.

فقال: إنْ هو يقول ما شاء، أيّ شيء علَيَّ منه إذا لم أقل ما يقول ؟ فقال له أبو الحسن عليه السّلام: أما تخافنّ أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً ؟ أما علمتَ بالذي كان من أصحاب موسى عليه السّلام، وكان أبوه من أصحاب فرعون، فلمّا لحقت خيل فرعون موسى (عليه السلام) تخلّف عنه ليعظه، وأدركه موسى، وأبوه يراغمه.. حتّى بلغا طرف البحر فغرقا جميعاً، فأتى موسى (عليه السلام) الخبر، فسأل جبرائيل (عليه السلام) عن حاله، فقال له: غَرق رحمه الله، ولم يكن على رأي أبيه، لكنّ النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنبَ دفاع.

*الآراء الواردة في المقال لا تعبّر عن رأي "موقع الأئمة الإثني عشر"