ركن الهدوء سيحكم غضب طفلك!

يدرك الآباء جيدا أن الأطفال يعانون من نوبات الغضب المتكررة، فهم كالبالغين لديهم مشاعر يعجزون عن التعبير عنها بكلمات هادئة في كثير من الأحيان، ولعل أحد أكبر الأسباب التي تجعل الأطفال يعانون من الانهيار هو أنهم لا يفهمون ما يجب فعله بكل تلك المشاعر، وكيف يمكن ترجمتها إلى حلول، وهم -بلا شك- لا يجيدون تطبيق تمارين التنفس العميق التي تسهم -إلى حد كبير- في تهدئة أعصابهم.

لذلك قد تصبح فكرة ركن الهدوء -أو التهدئة- طريقة فعالة لمساعدة الأطفال على معالجة مشاعرهم.

إليكِ كل ما تحتاجين معرفته حول إنشاء ركن التهدئة الخاص بطفلكِ، بما في ذلك سبب نجاحه وأفضل الطرق لجعله مريحا قدر الإمكان.

ما هو ركن التهدئة؟

إنه مكان يمكن أن يذهب إليه الطفل ليهدأ عندما يلاحظ أن عواطفه بدأت تخرج عن نطاق السيطرة.

تقول مختصة علم نفس الطفل دونا هاوسمان –لموقع بارنتس Parents– إن "ركن التهدئة هو المكان الذي قد يذهب إليه الطفل الذي يعاني من مشاعر غاضبة متصاعدة في محاولة لتهدئة عقله وجسمه وإطلاق العواطف القوية بطريقة آمنة ومنضبطة".

قد تكون الزاوية الهادئة بسيطة مثل مساحة صغيرة بها سجادة ناعمة ومجموعة كتب تلوين أو قصص، أو صندوق مليء بالأنشطة الحسية، وبالطبع يجب أن تكون مساحة بعيدة عن الفوضى والضوضاء في بقية المنزل.

متى يجب استخدامه؟

تتبع بعض الأمهات منهج الوقت المستقطع مع الأطفال، والذي يعني التوقف عن أي نشاط للطفل بمدة محددة، لكن طريقة الركن الهادئ تختلف عن "الوقت المستقطع"، وربما ترغب الأمهات في دمج كلتا الطريقتين في مجموعة أساليب التربية الخاصة.

قبل أن تتصاعد الأمور

وفقا للخبراء، فإن أفضل الأوقات للاستعانة بركن التهدئة هي قبل تصاعد نوبات الغضب الشديدة، ويجب أن تكون زاوية التهدئة مكانا مريحا وجذابا يُترك مفتوحا للطفل للدخول إليه كلما شعر بخلل في مشاعره، وللتبسيط على الطفل يمكن تدريبه على استخدام ركن التهدئة عند الشعور بالغضب أو عدم الرضا.

كما تقول هاوسمان "من المهم للوالدين مساعدة الأطفال على تحديد الإشارات التي تعطيها لهم أجسادهم لإعلامهم بأنهم أصبحوا خارج نطاق السيطرة، مثل الفك المشدود، والقبضات الضيقة، والصراخ، وعقد الحواجب، والرغبة في رمي الأشياء، وكلها علامات يمكن لطفلك إدراكها والتعرف عليها.

تقول إيلي فينكل -وهي مختصة اجتماعية ومالكة لبرنامج "كايند مايندس ثيرابي" (Kind Minds Therapy) في مدينة نيويورك- إن إحدى أكبر فوائد استخدام ركن التهدئة هو أنه يُعلّم الصغار تحسين الثقة بالنفس والاستقلالية والبصيرة الذاتية.

وأضافت، سيبدأ طفلك الصغير سريعا في التعرف على الوقت الذي يحتاج فيه لقضاء بعض الدقائق في ركن الهدوء. عندما يصبح طفلك مدركا لاحتياجاته احتضنيه واعلمي أنه يستطيع الآن تنظيم عواطفه بالصورة الصحيحة.

كيفية إعداد ركن التهدئة

إذا اخترت إعداد ركن هادئ في منزلك فهناك بعض الأشياء التي ينبغي وضعها في الاعتبار:

اطلبي من طفلك المساعدة في التخطيط، واستمعي إلى أفكاره حتى تتناسب تلك المساحة مع الاحتياجات الفردية له.

علّمي طفلك واشرحي له بأبسط الطرق كيف ومتى يستخدم ركن التهدئة، وقومي بتدريبه على أن الأشياء المتضمنة بداخل تلك المساحة ليست للاستخدام اليومي، إذ لو أنك وضعت مجموعة كتب للتلوين فهي فقط للاستخدام عند الشعور بالغضب وعدم الرضا وليست للعب اليومي.

سوف يستغرق الأمر بعض الوقت للتعود على استخدام تلك المساحة، ولكن مع كثير من اللطف والتوجيه الحازم سوف يتعلم في النهاية طفلك الصغير ويبدأ في استخدام ذلك الركن بشكل صحيح، لا سيما أنه سيدرك أن تلك المساحة لمساعدته وليست لتوقيع عقوبة عليه.

اعملوا معًا كأسرة لإنشاء مجموعة من القواعد الخاصة لتلك المساحة، إن السماح لطفلك بالمشاركة في وضع القواعد سيمنحه إحساسا بالسيطرة، ومن ثم سيشعر أن تلك المساحة الخاصة هي لتلبية احتياجاته.

ما الذي يجب تضمينه في ركن التهدئة؟

يجب أن يتكون ركن التهدئة من مكان مريح للجلوس أو الاستلقاء، والعديد من الأنشطة المهدئة لطفلك، والتي لا يجب أن تتضمن ألعابا ذات أصوات مزعجة أو تتطلب مجهودا عنيفا أو حركة مستمرة كالسيارات أو كرة القدم.

ربما سيكون ممتعا لو أضفت بعض القصص المصورة أو كتب التلوين أو فقاعات الصابون.

تجنبي بلا شك وضع الألعاب الإلكترونية والشاشات والألوان المزعجة وقطع الأثاث المعقدة، كما لا ينبغي أن تكون تلك المساحة مليئة بالألعاب، يمكن إضافة نشاط أو نشاطين على الأكثر للتهدئة، حتى لا تصبح مساحة للعب، فلا يفرق الطفل بين ركن التهدئة وغرفته وأماكن اللعب المعتادة.