درج الأخوة من اهل السنة غالباً على صيام شهر رمضان قبل يوم واحد من صوم أخوتهم الشيعة، من هنا يتأتى السؤال عن سبب هذا الاختلاف، وعن الأدلة التي اعتمدها الفريقان في ذلك.
وبدءاً نقول ان الاختلاف في حقيقته ليس بين الشيعة واهل السنة قاطبة، وإنما حقيقة الخلاف بين الحنابلة وباقي المذاهب الإسلامية ومن ضمنهم الشيعة، فالكل متفقون على صوم الشهر عند رؤية الهلال، وفي حالة عدم رؤيته يعد هذا اليوم متمماً لعدة شعبان؛ لحديث النبي صلى الله عليه وآله "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري عن أبي هريرة، ومعنى الحديث: أن السماء إذا كانت صحوا فأمر الصوم يتعلق برؤية الهلال فلا يجوز الصيام إلا إذا رئي الهلال، أما إذا كان بالسماء غيم فإن المرجع في ذلك يكون إلى شعبان بمعنى أن نكمله ثلاثين يوما. ولم يخالف في ذلك غير الحنابلة لروايتهم حديثاً عن ابن عمر مفاده: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له". فقالوا: إن معنى "فاقدروا له" من الإقدار وهو التضييق، فيكون المعنى فإن غم فضيقوا شعبان اي اجعلوه تسع وعشرين يوماً. يقول عبد الرحمن الجزيري: "وبهذا أخذ ثلاثة من الأئمة (المالكية والأحناف والشافعية) وخالف الحنابلة حال الغيم عملا بلفظ آخر ورد في حديث آخر وهو صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له . فقالوا : إن معنى " فاقدروا له " احتاطوا له بالصوم وقد احتج الحنابلة لذلك بعمل ابن عمر راوي الحديث فقد ثبت أنه كان إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب وقتر أصبح مفطرا وإن حال أصبح صائما". الفقه على المذاهب الأربعة، ص 501.
وعليه فالحالات بحسب مذهب الحنابلة ثلاث: الأولى رؤية الهلال فيجب الصوم ويعتبر من رمضان. والثانية عدم رؤيته بسبب الموانع من غيم ونحوه ايضا فيجب الصوم ايضاً واعتباره من رمضان عملاً بحديث ابن عمر. والثالثة عدم رؤيته لا بسبب الغيم وباقي الموانع فلا يجب الصوم ولا يعد من رمضان.
والخلاصة ان الخلاف في دخول شهر رمضان منحصر بين الحنابلة وباقي المسلمين، وأن سبب ذلك حديث رووه عن ابن عمر "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له"، ففسروا قوله (فاقدروا له) بالتضييق اي بقصر شهر شعبان على تسع وعشرين يوما.
لكن اعترض أكثر العلماء على هذا التفسير للحديث، لاحتمال ان يكون المراد من قوله (فاقدروا له) قدروا عدده، اي اكملوه ثلاثين يوماً، كما وأن الحديث معارض بما رواه والتزم به جمهور أهل السنة وهو حديث "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"، وكذلك ما روى البخاري (1914) مسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ).
قال محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: والذي يترجح والعلم عند الله هو قول الجمهور: وهو أنه إذا حال بين الناس وبين رؤية الهلال غيم أو قتر فأنه لا يجب عليهم صيام يوم الثلاثين، والدليل على ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين"، وهذا يدل على أننا لا نصوم يوم الشك، وهذا نهي تحريم. هذا اولاً.
وهناك سبب آخر لهذا الاختلاف يعود لاختلاف العلماء في مسألة ثبوت رؤية الهلال في بلدٍ دون سائر البلاد، فهل يلزم بقية البلدان العمل به، أم لا؟ فذهب جمهور علماء السنة إلى أنَّ الهلال إذا رُئيَ في بلدٍ لَزِم جميع البلاد الصَّومُ والعَملُ بتلك الرُّؤية في الصِّيام والإفطار؛ فيَلزِم أهلَ المشرق رؤيةُ أهل المغرب. وبظهوره -أي الهلال- يجب الصومُ على جميع أقطار المسلمين، وهو مَذهب الحنفيَّة - على المُعتَمَد الرَّاجح عندهم، وهو ظاهر المذهب- ومذهب المالكيَّة في رواية ابن القاسم والمصريون كما قال ابن عبد البرِّ، ومذهب الحنابلة، وقولٌ عند الشَّافعيَّة، ورجَّحه ابن تيمية والشَّوْكاني والقنوجي. قال الجزيري: إذا ثبت رؤية الهلال بقطر من الأقطار وجب الصوم على سائل الأقطار لا فرق بين القريب من جهة الثبوت والبعيد إذا بلغهم من طريق موجب للصوم. ولا عبرة باختلاف مطلع الهلال مطلقا عند ثلاثة من الأئمة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط (الشافعية قالوا: إذا ثبتت رؤية الهلال في جهة وجب على أهل الجهة القريبة منها من كل ناحية أن يصوموا بناء على هذا للثبوت والقرب يحصل باتحاد المطلع بأن يكون بينهما أقل من أربعة وعشرين فرسخا تحديدا أما أهل الجهة البعيدة فلا يجب عليهم الصوم بهذه الرؤية لاختلاف المطلع). الفقه على المذاهب الأربعة ص503.
فأكثر علماء المذاهب الثلاثة (المالكية والحنفية والحنابلة) يفتون بوجوب الصوم عند رؤية الهلال في أي بقعة من الأرض وإن لم نشترك معها في الأفق، بخلاف الإمامية والشافعية فقد افتوا بتعدد آفاق البلدان، فإذا رؤي الهلال في بلد يثبت فيه والبلدان المشتركة معه في الأفق دون سائر البلاد الأخرى.
ومن الواضح تأثر فتوى فقهاء المذاهب الثلاثة بفكرة تسطيح الأرض، وإنها ليست كروية كما كان هو الاعتقاد السائد قديماً فأفتوا بوحدة الأفق لكل الأرض.
والخلاصة: يرجع سبب اختلاف المذاهب الإسلامية في ثبوت الهلال الى سببين رئيسيين:
الأول: تفسير الحنابلة لكلمة (فاقدروا له) بتضييق شهر شعبان وجعله تسع وعشرين يوماً، وقد خالفهم جمهور المسلمين بما فيهم الإمامية.
الثاني: الاختلاف في وجوب الصوم على سائر بلدان الأرض عند رؤية الهلال في بلد واحد، فذهب جمهور علماء المالكية والحنفية والحنابلة الى وجوب صوم سائر البلدان، وذهب الإمامية والشافعية الى عدم الوجوب واختلاف البلدان في المطالع والآفاق.
ما هي اسباب الاختلاف بين الفقهاء في تحديد اول الشهر القمري؟
الاول: هل يثبت الهلال بالرؤية عن طريق الارصاد الفلكية حيث تقول الآية الكريمة « فَمَن شَهدَ مِنكم الشَّهرَ فليَصُمهُ » فهل الآية الكريمة تختص بمن شهد الشهر بعينه المجرّدة أم تشمل كل من شهده بأي طريق كان؟
الجواب: دخول الشهر منوط شرعاً ـــ بمقتضي الدليل المذكور في محله ـــ بظهور الهلال فوق الافق على نحو قابل للرؤية بالعين المجردة الاعتيادية ، فلا تكفي رؤيته بالأدوات المقرّبة إذا لم يمكن رؤيته بدونها.
المزيد من التفاصيل في الفيديو أدناه:
بعض الأحيان عند الوضوء في نهار شهر رمضان -سواء كان الوضوء- للفريضة او النافلة وخلال المضمضة ينزل الماء سهواً إلى الجوف، فما هو حكم الصيام في مثل هذه الحالة؟
الإجابة في الفيديو أدناه:
السؤال: هل يجب على المرضعة صيام شهر رمضان باكمله واذا لم تستطيع فما هو الحكم الشرعي عليها ؟
الجواب: المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على الطفل الرضيع جاز لها الافطار ويجب عليها القضاء بعد ذلك كما تجب عليها الكفارة أيضاً ، ويكفي في الكفارة اعطاء الفقير (٧٥٠ غرام) من الحنطة اودقيقها بل يجزي مطلق الطعام حتى الخبز اوالمعكرونة ايضاً.
المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع في الفيديو أدناه:
السؤال: اذا أكلتُ سهوا و نسيانا في قضاء شهر رمضان أو غيره حتى المستحب فهل يعدّ مبطلا للصوم؟
الجواب: ليس بمبطل.
تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع في الفيديو أدناه:
السؤال: والدتي امرأة كبيرة بالسن ولها المقدرة على الصيام والحمد لله، لكن مصابة بمرض (الربو) اي اختناق وضيق في التنفس وتحتاج في ساعات متفاوتة في النهار إلى ان تستعمل البخاخ لتوسيع القصبات وإن لم تستعمله فقد تفقد الحياة، علماً ان البخاخ يحتوي على مواد كيماوية وطبية لتوسيع القصبات فهل يجب عليها الصوم في شهر رمضان؟
الجواب: إذا كان البخاخ يحتوي على غاز يدخل الرئة فقط فلا يبطل صيامها وان اشتمل على مواد اخري تدخل المعدة فهو مفطر فان اضطرت الى القسم المفطر افطرت وعليها الفدية اطعام مسكين واحد تدفع له عن كل يوم ٧٥٠ غراما من طحين او تمر او نحوهما كما انها لو كانت كبيرة السن بحيث يشق عليها الصوم جاز لها الافطار مع الفدية حتّى لو لم تكن مريضة.
تفصيل أكثر في الفيديو أدناه:
وقد أشارت جملة من الروايات إلى هذا المعنى نذكر منها معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج قال: "كان أبو عبد الله (عليه السلام) قاعداً في حلقة ربيعة الرأي، فجاء الأعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه فلما سكت قال له أعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يردّ عليه شيئاً، فأعاد المسألة عليه فأجابه بمثل ذلك فقال له الأعرابي أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام)، هو في عنقه قال أو لم يقل، وكل مفت ضامن.
وهناك أخبار مستفيضة يمكنك الرجوع إليها في كتاب (وسائل الشيعة) ([1]). وعلى هذا نرى بأن اللغة والاصطلاح والعرف متطابقة على أن التقليد هو الاستناد إلى قول الغير في مقام العمل. فالتقليد إما أن يكون بمعنى الأخذ والالتزام، أو يكون معناه العمل استناداً إلى رأي الغير وهو العالم الجامع للشرائط.
ما معنى الاستناد الى قول الغير؟
اختلف الفقهاء في معنى الاستناد الوارد في تعريف التقليد فمنهم من عرفه بالعمل اعتماداً على قول الغير، وذهب آخرون الى انه مجرد الالتزام والأخذ بقول الغير وإن لم يستتبع عمل.
والفرق بين القولين هو أن الأول ـ العمل اعتماداً على قول الغير ـ يشترط فيه أمران:
- تحقق فعل في الخارج كأن يصلي صلاة او يصوم يوماً ونحو ذلك.
- يكون المكلف في هذا الفعل معتمداً على قول الفقيه.
فلابد من أن يكون المكلف قد فعل فعلاً مستنداً فيه الى الفقيه حتى يُعد مقلداً له، فإذا كان قد نوى تقليد المرجع الفلاني ولم يكن قد أتى بفعل معتمداً فيه على قوله فلا يعد مقلداً له.
بخلاف القول الثاني ـ وهو مجرد الالتزام بفتوى الفقيه ـ فإنه يعتبر مقلداً له حتى لو لم يكن قد عمل وفق رأيه.
ومن المراجع الذين ذهبوا الى القول الأول السيد ابو القاسم الخوئي (ره) حيث عرف التقليد بقوله: هو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد ولا يتحقق بمجرد تعلم فتوى المجتهد ولا بالالتزام بها من دون عمل ([2]).
إلاّ إن السيد علي السيستاني دام ظله ذهب الى ان التقليد هو مجرد مطابقة عمل المكلف لفتوى المجتهد الذي يكون قولُه حجة في حقِّه وإن لم يكن معتمداً حال العمل على قول الفقيه ([3]).
منذ متى بدأ التقليد؟إن قضية التقليد لم تكن وليدة صدفة بل هناك الكثير من الأخبار التي سنأتي على ذكرها تؤكد أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يحثون شيعتهم على الأخذ من فقهاء أصحابهم كيونس بن عبد الرحمن وغيره، وفي خصوص نشأة هذه القضية يقول شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (ره):
والذي نذهب إليه: أنه يجوز للعامي الذي لا يقدر على البحث والتفتيش تقليد العالم.
يدل على ذلك: إني وجدت عامة الطائفة من عهد امير المؤمنين (عليه السلام) والى زماننا هذا يرجعون إلى علمائها، ويستفتونهم في الأحكام والعبادات، ويفتونهم العلماء فيها، ويسوغون لهم العمل بما يفتونهم به وما سمعنا احداً منهم قال لمستفتٍ لا يجوز لك الاستفتاء ولا العمل به، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت وتعلم كما علمت، ولا أُنكر عليه العمل بما يفتونهم، وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة(عليهم السلام)، ولم يحك عن واحد من الأئمة النكير على أحد من هؤلاء ولا إيجاب القول بخلافه، بل كانوا يصوبونهم في ذلك، فمن خالفه في ذلك كان مخالفاً لما هو المعلوم خلافه([4]).
بل أكثر من ذلك فأن الشواهد التأريخية تثبت إن التقليد كان موجوداً منذ زمن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، فيقول السيد الخوئي (ره) في هذا الخصوص:
التقليد كان موجودا في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) وزمان الأئمة لأن معنى التقليد هو أخذ الجاهل بفهم العالم، ومن الواضح أن كل أحد في ذلك الزمان لم يتمكن من الوصول إلى الرسول الأكرم أو أحد الأئمة و أخذ معالم دينه منه مباشرة، واللّه العالم([5]). انتهى.
إذن فقد بدأ التقليد الشرعي، بوصفه ظاهرة شرعية اجتماعية، في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبتخطيط منه، ثم بتطبيقه من قبل المسلمين بمرأى ومسمع منه (صلى الله عليه وآله) وتحت إشرافه وبإرشاده.
وتمثل هذا في الأشخاص الذين كان ينتدبهم (صلى الله عليه وآله) للقيام بمهمة تعليم الأحكام الشرعية في البلدان والأماكن التي أسلم أهلها في عصره.
ومن هذا بَعْثِه (صلى الله عليه وآله) مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة، ومعاذ بن جبل إلى اليمن.
فقد كان المسلمون، في هذه الأماكن النائية عن مقر النبي (صلى الله عليه وآله)، يتعلمون الأحكام من هؤلاء الصحابة المنتدبين لهم والمبعوثين إليهم، ويعملون وفق ما يتعلمون منهم.
وكانوا أعني المسلمين عندما يحتاجون إلى معرفة حكم شرعي للعمل به يسألون هؤلاء ويجيبونهم ويعملون وفق ما يفتونهم به.
وهذا هو عين التقليد المقصود هنا.
(([1] وسائل الشيعة ج 27 / 220 أبواب آداب القاضي الباب السابع وكذا أبواب صفات القاضي.
(([2] منهاج الصالحين للسيد ابي القاسم الخوئي (1): ج1 مسألة رقم: 4.
(([3] منهاج الصالحين للسيد علي الحسيني السيستاني (K): ج1 مسألة رقم: 4.
(([4] عدة الاصول: ج2 / ص313.
(([5] صراط النجاة: ج1، ص16، رقم السؤال:18.
السؤال: ما حكم مَن طلع عليه الفجر وهو يأكل؟
الجواب: من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاته بنفسه ولا حُجّة على طلوعه عيه القضاء فقط، وأمّا إذا كان مع قيام الحجّة على طلوعه وجب القضاء والكفّارة، وإذا كان مع المراعاة بنفسه فلا قضاء ولو مع الشكّ في بقاء الليل، ولا فرق في ذلك بين جميع أقسام الصوم.
لمعرفة المزيد تابع الفيديو:
السؤال: هل يجوز زرق الابرة حال الصوم؟
الجواب: لا يبطل الصوم بزرق الدواء أو غيره بالإبرة في العضلة أو الوريد.
تفاصيل أكثر في الفيديو أدناه:
السؤال: هل يجوز للمراة الحامل الصيام في شهر رمضان؟
الجواب: الحامل المقرب (في شهري الثامن او التاسع) إذا خافت الضرر على نفسها ، أوعلى جنينها جاز لها الافطار ـ بل قد يجب كما إذا كان الصوم مستلزماً للاضرار المحرم باحدهما ـ ويجب عليها القضاء بعد ذلك كما تجب عليها الكفارة أيضاً ، ويكفي في الكفارة اعطاء الفقير (٧٥٠ غراما) من الحنطة اودقيقها بل يجزي مطلق الطعام حتى الخبز والمعكرونة ايضاً.
واما الحامل غير المقرب (من الشهر الاول الي نهاية الشهر السابع) فإن كان الصوم يضر بها او بجنينها او كان موجباً لوقوعها في الحرج الذي لا يتحمل عادة فيجوز لها الافطار ويجب القضاء ولا تجب عليها الكفارة.
تفصيل أكثر في الفيديو أدناه:
السؤال: انا اعمل في البناء ولا استطيع أن أجمع بين العمل والصوم بسبب الجو الحار فما هو تكليفي؟
الجواب: يجب عليك الصوم فان بلَغَ بك العطش حدّاً تخاف منه الضرر او وقعت في حرج شديدٍ جاز لك حينئذٍ أن تشرب الماء بمقدار الضرورة وتمسك بقية النهار وعليك قضاء الصوم بعد ذلك.
السؤال: هل يستطيع الخباز شرب الماء في نهار رمضان المبارك؟
الجواب: اذا عطش بحيث خاف على نفسه الضرر او وقع في حرج شديد جاز الشرب ووجب القضاء بعد ذلك والاحوط وجوباً الاقتصار على مقدار الضرورة والامساك بقية النهار.
المزيد من التفاصيل في الفيديو أدناه:
السؤال: ما هو الواجب على كبار السن إذا تعذر عليهم الصوم؟
الجواب: الشيخ والشيخة اِذا تعذّر عليهما الصوم، أو كان يسبّب لهما حرجاً ومشقة فيجوز لهما الإفطار لكن يجب عليهما في صورة المشقة عن كل يوم أفطرا فيه، ومقدارها ثلاثة أرباع الكيلو غرام تقريباً، من الحنطة وهي أفضل من سواها. والأظهر عدم ثبوت الكفارة في صورة التعذّر.
السؤال: هل يكون حكم مَن به داء العطش حكم الشيخ الكبير من جهة عدم المقدرة على الصوم؟
الجواب: نعم إذا تعذر عليه الصوم مثلهم ، وكذلك إذا كان فيه حرج ومشقة عليهم ولكن يلزمه حينئذٍ الفدية عن كل يوم بمدّ من الطعام، والأفضل كونها من الحنطة، بل كونها مدين، بل هو أحوط استحباباً، ولا يجب القضاء لاحقاً مع التمكن منه وإن كان ذلك أحوط استحباباً.
المزيد من التفاصيل في الفيديو أدناه:
الطلبة الذين لديهم امتحانات في شهر رمضان.. هل يحق لهم الإفطار؟
السؤال: تم تحديد موعد امتحانات البكالوريا للدراسة الاعدادية بفرعيها العلمي والأدبي ، وموعدها سيكون في شهر رمضان المبارك مع الأجواء الحارة وعدم توفر التيار الكهربائي مما يؤدي ذلك إلى احتمالية التقصير إما في الصيام أو الامتحان ، بل ربما يؤدّي ببعض الطلبة إلى الافطار المتعمد.
فما هو الموقف الشرعي في نظر سماحة السيد ( دام ظلّه )؟
الجواب: الاستمرار في الدراسة ليس عذراً لترك الصيام، نعم إذا كان يدور أمره بين أن يدرس وبين أن يصوم وكان ترك الدراسة يؤدّي إلى وقوعه في حرج بالغ لا يتحمّل عادة فيجوز له ان ينوي الصيام ، فإذا اضطر إلى شرب الماء أو أكل الطعام في أثناء النهار فيشرب ويأكل بمقدار الضرورة لا بحد الارتواء والامتلاء ، ثم يجب عليه القضاء لاحقاً . هذا وفي مقدور المكلّف أن يأخذ بما وسّعه الله تعالى سبحانه على المسافر فيسافر عن مدينته قبل الزوال بمقدار المسافة التلفيقية (٢٢ كم) فيفطر ثم يرجع إلى بلده فلا يجب عليه صيام ذلك اليوم .
المزيد من التفاصيل في الفيديو أدناه:
اتهموا الإسلام بالعنصرية، وأنه دين ذكوري وفيه غمط لحقوق المرأة، وأدل دليل على ذلك تقديمه في الإرث وجعل حصته ضعف حصة المرأة، قال تعالى: »يُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...« النساء: 11، وقوله ايضاً: »يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ« النساء: 176.
وقبل الإجابة، لابد من الإشارة الى اختلاف الإسلام عن باقي الملل والتوجهات الفكرية في الأصول التي بنى عليه مسألة الإرث، وهما أصلان:
الأول: بنى الإسلام هذه المسألة على الرحم؛ لذا كلما كان الوارث أقرب الى الميت منع غيره من الإرث؛ وقد دلت آية الإرث على الأصل المتقدم في قوله تعالى: »آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً« النساء: 11، فدلت على أن للقرب والبعد من الميت تأثيراً في باب الإرث، و إذا ضُمت الجملة إلى بقية الآية أفادت أن ذلك مؤثر في زيادة السهم وقلته وعظمه وصغره، و إذا ضُمت إلى قوله تعالى: »وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ « الأنفال: 75، أفادت أن الأقرب نسباً في باب الإرث يمنع الأبعد.
فأقرب الأقارب إلى الميت الأب والأم والابن والبنت إذ لا واسطة بينهم وبين الميت، والابن والبنت يمنعان أولادهما لأنهم يتصلون به بواسطتهم فإذا فقد الأبوان فأولادهم يقومون مقامهما.
وتتلوها المرتبة الثانية وهم إخوة الميت وأخواته وجده وجدته فإنهم يتصلون بالميت بواسطة واحدة وهي الأب أو الأم، وأولاد الأخ والأخت يقومون مقام أبيهم وأمهم، وكل بطن يمنع من بعده من البطون كما مر.
وتتلو هذه المرتبة مرتبة أعمام الميت وأخواله وعماته وخالاته فإن بينهم وبين الميت واسطتين وهما الجد أو الجدة والأب أو الأم، والأمر على قياس ما مر.
حصة المرأة ضعف حصة الرجل!
الثاني: ملاحظة التشريعات الأخرى، فصحيح أن الشرع المقدس جعل حصة الرجل في بعض الموارد ضعف حصة المرأة، إلا أنه جبر هذا النقص بأن أوجب على الرجال الأنفاق على النساء، فصارت في الحقيقة حصة المرأة ضعف حصة الرجل، فإذا ورث الرجل ثلثي التركة وورثت المرأة ثلثها فقد أوجب الله تعالى على الرجل الإنفاق عليها فتشاركه حينئذ في الثلثين، فيكون لها نصف الثلثين، أي ثلث التركة بالإضافة الى ثلثها الأصلي، فيجتمع معها ثلثا التركة، وللرجل الثلث.
والى هذه النكتة أشار العلامة الطباطبائي في الميزان حيث قال: وحاصل هذا الوضع والتشريع العجيب أن الرجل والمرأة متعاكسان في الملك والمصرف فللرجل ملك ثلثي ثروة الدنيا وله مصرف ثلثها، وللمرأة ملك ثلث الثروة ولها مصرف ثلثيها، وقد لوحظ في ذلك غلبة روح التعقل على روح الإحساس والعواطف في الرجل، والتدبير المالي بالحفظ و التبديل والإنتاج والاسترباح أنسب وأمس بروح التعقل، وغلبة العواطف الرقيقة والإحساسات اللطيفة على روح التعقل في المرأة، وذلك بالمصرف أمس وألصق فهذا هو السر في الفرق الذي اعتبره الإسلام في باب الإرث والنفقات بين الرجال والنساء. الميزان: ج4، ص47.
فيقرر (ره) أن تشريع الإرث مبني على طبيعة كل من الرجل والمرأة، فبما أن طبيعة الرجل تميل الى العقلانية جعل إدارة الثروة بيده والتدبير المالي والانتاج، وبما أن طبيعة المرأة تميل الى العاطفة وهذه الطبيعة الصق وأقرب الى الأنفاق.
ولعل هذا الفرق بين مزايا الرجل ومزايا المرأة هو المقصود من تفضيله عليها في قوله تعالى: »الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ« النساء: 34، وقد صرح به جملة من أهم المفسرين، ولا تعني الآية الكريمة أنه تعالى فضل الرجل على المرأة في الخلقة أو التشريع ونحو ذلك، وإنما فضل الله تعالى الرجال على النساء بأن جعل القيومية في الدار لهم، لأنهم المسؤولون على الانفاق، وفضل النساء على الرجال في مزايا أخرى، كالإحساسات اللطيفة والعواطف الرقيقة التي لا غنى للمجتمع عنها في حياته، و لها آثار هامة في أبواب التربية وتنظيم المجتمع.
وبالجملة هذان تجهيزان متعادلان في الرجل والمرأة يتعادل بهما كفتا الحياة في المجتمع المختلط المركب منهما، وحاشاه سبحانه أن يحيف في كلامه أو يظلم في حكمه »أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ« النور: 50، وقوله تعالى: »وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً« الكهف: 49.
فقد تحصل من جميع ما قدمنا أن الرجال فضلوا على النساء بروح التعقل الذي أوجب تفاوتا في أمر الإرث و ما يشبهه لكنها فضيلة بمعنى الزيادة وأما الفضيلة بمعنى الكرامة التي يعتني بشأنها الإسلام فليس هي إلا التقوى أينما كانت، قال تعالى: »يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ« الحجرات: 13.
مع الالتفات الى ان سهم المرأة قد يتساوى او يزيد في موارد أخرى على سهم الرجل، كما لو كان الأب والأمّ معاً حيّين وكان للميت بنت واحدة ولم يكن له أخوة كان خمس المال للأب وخمس آخر للأمّ وثلاثة أخماس للبنت.
ولعل تغليب جانب الأم على جانب الأب أو تسويتهما لكونها في الإسلام أمس رحماً بولدها و مقاساتها كل شديدة في حمله و وضعه و حضانته و تربيته، قال تعالى: »وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً« الأحقاف: 15، وخروج سهمها عن نصف ما للرجل إلى حد المساواة أو الزيادة تغليب لجانبها قطعاً.
لمحة من تاريخ تشريعات الإرث عند الأمم
تعد تشريعات الإرث من أقدم السنن بين الأمم، إلا أن هذه التشريعات مازالت في تحول وتغير مستمر ولكنها أجمعت على حرمان النساء والضعفاء الإرث، وإنما كان يختص بالأقوياء؛ والسبب أنهم كانوا يتعاملون مع النساء والضعفاء من العبيد والصغار معاملة الحيوان المسخر والسلع والأمتعة التي ليس لها إلا أن ينتفع بها الإنسان دون أن تنتفع هي بالإنسان وما في يده أو تستفيد من الحقوق الاجتماعية.
ومع ذلك كان يختلف مصداق القوي في هذا الباب برهة بعد برهة فتارة مصداقه رئيس الطائفة أو العشيرة، وتارة رئيس البيت، و تارة أخرى أشجع القوم وأشدهم بأسا، فالمنقول عن التشريعات الرومانية القديمة أنه كانت ترى لمجتمع العائلة والأسرة استقلالية، فلا تتدخل في شؤونه، فالكل يخضع لرئيس البيت، بل قد يكون معبودا لأهله من زوجة وأولاد وعبيد، وهو المالك من بينهم ولا يملك دونه أحد ما دام أحد أفراد البيت، فهو الولي عليهم القيم بأمرهم باختياره المطلق النافذ فيهم.
وبالتالي فإذا مات أحد الأولاد أو الأخوة وكان له مال أكتسبه ورثه رب البيت.
وإذا مات رب البيت فيرثه أحد أبنائه أو إخوانه ممن في وسعه ذلك، وكذا كان يرثه الأدعياء لأن الادعاء والتبني كان دائرا عندهم كما بين العرب في الجاهلية، وقام مقامه دون أن يرثه الآخرون.
وأما النساء كالزوجة والبنت والأم فلم يكن يرثن لئلا ينتقل مال البيت بانتقالهن إلى بيوت أخرى بالزواج فإنهم ما كانوا يرون جواز انتقال الثروة من بيت إلى آخر.
وأما اليونان فكان وضعهم القديم في تشكل البيوت قريبا من وضع الروم القديم، وكان الميراث فيهم يرثه أرشد الأولاد الذكور، ويحرم النساء جميعا من زوجة وبنت وأخت، ويحرم صغار الأولاد وغيرهم.
و أما الهند ومصر والصين فكان أمر الميراث في حرمان النساء منه مطلقا وحرمان ضعفاء الأولاد أو بقاؤهم تحت الولاية والقيمومة قريبا مما تقدم من سنة الروم و اليونان.
وأما العرب فقد كانوا يحرمون النساء مطلقا والصغار من البنين ويمتعون أرشد الأولاد ممن يركب الفرس ويدفع عن الحرمة، فإن لم يكن فالعصبة.
هذا حال الدنيا يوم نزلت آيات الإرث، ذكرها وتعرض لها كثير من المؤرخين في مسفوراتهم.
ما زالت مسألة تطبيق الحدود الشرعية في المجتمعات المدنية تشغل حيزاً كبيراً من ابحاث المختصين بالقانون الجنائي الأمر الذي يدعو لتسليط الضوء على الموانع التي تمنع من إقامة هذه الحدود واستبدالها بعقوبات أخرى، فقد يتصور البعض ان المانع من ذلك اختصاص إقامة الحدود بوجود الإمام المعصوم عليه السلام وأما في غيبته فلا يجوز إقامتها، ولكنه توهم واضح فقد ذهب مشهور علمائنا الى جواز إقامة الحدود في عصر الغيبة، ومن ذلك قول السيد الخوئي (ره): "هذا هو المعروف والمشهور بين الأصحاب، بل لم ينقل فيه خلاف إلاّ ما حكي عن ظاهر ابني زهرة وإدريس من اختصاص ذلك بالإمام أو بمن نصّبه لذلك، وهو لم يثبت، ويظهر من المحقق في الشرائع والعلاّمة في بعض كتبـه التوقّف (مباني تكملة المنهاج: ج1، ص272).
ثم يذكر أدلة الجواز فيقول: ويدلّ على ما ذكرناه أمران:
الأوّل: أنّ إقامة الحدود إنّما شرّعت للمصلحة العامّة ودفعاً للفساد وانتشار الفجور والطغيان بين الناس، وهذا ينافي اختصاصه بزمان دون زمان، وليس لحضور الإمام عليه السلام دخل في ذلك قطعاً، فالحكمة المقتضية لتشريع الحدود تقضي بإقامتها في زمان الغيبة كما تقضي بها زمان الحضور.
الثاني: أنّ أدلّة الحدود ـ كتاباً وسنّةً ـ مطلقة وغير مقيّدة بزمان دون زمان، كقوله سبحانه: »الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُما مائَةَ جَلْدَة« (النور: 2)، وقوله تعالى: »السَّارِق وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما« (المائدة: 38). وهذه الأدلّة تدلّ على أ نّه لا بدّ من إقامة الحدود (مباني تكملة المنهاج: ج1، ص273).
وفي نفس السياق يقول صاحب الجواهر (ره): «…وبأنَّ تعطيل الحدود يفضي إلى ارتكاب المحارم، وانتشار المفاسد، وذلك مطلوب الترك في نظر الشارع؛ وبأن المقتضى لإقامة الحد قائم في صورتي حضور الإمام وغيبته، وليست الحكمة عائدة إلى مقيمه قطعاً، فتكون عائدة إلى مستحقّه أو إلى نوع من المكلَّفين، وعلى التقديرين لابدّ من إقامته مطلقاً…» (جواهر الكلام: ج12: ص396).
من يقيم الحدود الشرعية؟
لم يجز الشارع الكريم إقامة الحدود لكل أحد من أفراد المسلمين، فإنّ ذلك يوجب اختلال النظام، فلا يثبت حجر على حجر، بل يستفاد من عدّة روايات أنّه لا يجوز إقامة الحدّ لكلّ أحد: منها: صحيحة داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إنّ أصحاب رسول الله (ص) قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما كنت صانعاً به؟ قال: كنت أضربه بالسيف، قال: فخرج رسول الله (ص) فقال: ماذا يا سعد ؟ فقال سعد: قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما كنت صانعاً به ؟ فقلت: أضربه بالسيف، فقال: يا سعد، فكيف بالأربعة الشهود ؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله أن قد فعل ؟ قال: اي والله بعد رأي عينك وعلم الله أن قد فعل، إنّ الله قد جعل لكلّ شيء حدّاً، وجعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّاً» (الوسائل 28: 14 / أبواب مقدمات الحدود ب 2 ح 1).
فإذن لا بدّ من الأخذ بالمقدار المتيقّن، والمتيقّن هو من إليه الأمر، وهو الحاكم الشرعي.
وتؤيّد ذلك عدّة روايات:
منها: رواية إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام: «أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ـ إلى أن قال: ـ وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» (الوسائل 27: 140 / أبواب صفات القاضي ب 11 ح 9(. فيرى الشيخ الأنصاري أنَّ المقصود من كلمة «الحوادث» في هذه الرواية هو "مطلق الأمور التي لابدّ من الرجوع فيها عُرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس (المكاسب: ص555). ولذلك فإنها تشمل بيان الأحكام الشرعية، والتحقيق في الشكاوى، والتصدي للأمور الاجتماعية.
ومنها: رواية حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام من يقيم الحدود: السلطان أو القاضي؟ «فقال: إقامة الحدود إلى من إليه الحكم» (الوسائل 28: 49 / أبواب مقدمات الحدود ب 28، ح1). والمراد من قوله عليه السلام "من له الحكم" الفقيه الجامع لشرائط الفتوى بدليل الروايات المفسرة كمقبولة عمر بن حنظلة قال: قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا، بينهما مُنازعة في دَيْن أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلُّ ذلك؟ قال: مَنْ تحاكم إليهم في حقٍّ أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سُحتاً، وإن كان حقّاً ثابتاً له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ﴾ (النساء: 60)، قلتُ: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران إلى مَنْ كان منكم، ممَّنْ قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً؛ فإني قد جعلته عليكم حاكماً…» (الكافي: ص54).
فمن البديهي إنَّ كلمة (الحاكم) استُعملت هنا بمعنى (القاضي)، وأنّ أحد شؤون القاضي هو إجراء الأحكام الصادرة.
موانع تطبيق الحدود في الدولة المدنية
وبعد ان بينّا عدم المانع من تطبيق الحدود في زمن الغيبة، وأن مشهور العلماء قائلون بالجواز، فما هو المانع إذن من ذلك؟
والجواب ان الكثير من الأصول والأساسات التي بنيت عليها أنظمة الدولة المدنية تتقاطع تماماً والأصول التي بنيت عليها الحدود، منها:
أولاً: اعتقاد المشرع للقوانين المدنية (الوضعية) بأن الدين هو علاقة خاصة بين العبد وربه وليس فيه ما ينظم شؤون الحياة السياسية والاجتماعية ويضبط ايقاع علاقات الإنسان بالمجتمع؛ وهو توهم واضح، فالإسلام كسائر الشرائع قانون أنزل من السماء لرفع غائلة الاختلاف بين أفراد البشر قال تعالى: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.. » (البقرة: 113)، فتقرر الآية أن الناس كانوا يعيشون على الفطرة من دون شريعة، وأنها كانت كافية في بيان الحقوق، حتى دب الخلاف بينهم فاحتاجوا الى قانون ينظم الحقوق بينهم، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، فالأصل إذن في إنزال الشرائع هو تنظيم شؤون الحياة ورفع الاختلاف، وهذا ما التفت إليه وأقره أشهر فقهاء القانون الوضعي الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري والذي وضع أصول القوانين في أهم الدول العربية آنذاك (العراق وسوريا ومصر) فيرفض تصور الإسلام كالمسيحية وبأنه دين يهتم بعلاقة العبد بربه ويهمل ما عدا ذلك، وإنما هو دين دولة وقانون، فيقول: "أليس من الخير.. . ألا نتكلم عن الإسلام إلا كما نتكلم عن المسيحية: دين سماوي كريم، أنزل من عند الله ليطهر الوجدان، فعرشه في القلوب، وحكمه على الضمير، ولا يعني بشؤون الدنيا، ولا ينظر إلا الى علاقة العبد بمولاه؟
..أم أن الإسلام دولة الى جانب الدين، وملك الى جانب العقيدة وقانون الى جانب الشعائر" (الإسلام والشرق، ملحق جريدة السياسة، في 14 ـ 10 ـ 1932م).
ثانياً: السيادة والولاية لله ام للأمة؟
فقد ذهب واضعو القوانين المدنية الى أن الأمة هي صاحبة الحق في وضع القوانين المنظمة لشؤونها؛ لذا اعتبروا العرف هو المصدر الأول للتشريع وقدموه على الدين، وقد تبعوا بذلك فلاسفة الغرب فقد بنى (جان جاك روسو) نظرية سيادة الأمة على مبدأ العقد الاجتماعي، بينما ذهب فلاسفة آخرون الى أن هذه السيادة ناشئة من أن الغاية من إنشاء الدولة وسلطاتها هي تدارك مصالح الأمة، وعليه فيجب ان تكون الأمة هي مصدر جميع السلطات بما في ذلك التشريع (مبادئ القانون الدستوري: باريس سنة 1869، ص159).
بينما نجد ان التشريع الإسلامي يفترض ان الولاية والسيادة في التشريع هي لله وحده، لا يشركه بها أحد، نعم قد أوكل الأمر للأمة في العديد من الموضوعات التي تسمى فقهياً بمناطق الفراغ، وقد حدها بعض العلماء وهو العلامة محمد مهدي شمس الدين في أمرين:
الأول: المباحات بالمعنى الأعم (المستحبات، المكروهات، المباحات)، بمعنى إمكانية تشريع السلطة التشريعية أحكاماً إلزامية وجوبية أو تحريمية داخل هذا النطاق (المباحات)؛ لاقتضاء المصلحة.
الثاني: وضع قوانين لتنظيم الموضوعات الخارجية الناشئة من حركة المجتمع وتطور العلم واستجابة الإنسان لضرورات الحياة والطبيعة تأثيراً وتأثراً، من قبيل: الأوامر والنواهي التنظيمية في البناء والسير (قانون المرور) والزراعة والتجارة والمياه والطاقة (مجال الاجتهاد ومناطق الفراغ التشريعي، مجلة المنهاج، العدد 3: 14 ـ 15، تصدر عن مركز الغدير للدراسات الإسلامية، 1996م).
وتُملأ منطقة الفراغ عند الشهيد محمد باقر الصدر عن طريق الأمّة بالرجوع إلى الفقيه، حيث ينبثق عن الأمة مجلس تشريعي منتخَب يعبِّر عن إرادتها، ويقوم بتعيين سلطة تنفيذية يُشرف على أدائها، إضافة إلى سنّه القوانين المناسبة لملء منطقة الفراغ التشريعي، وتحديد أحد البدائل من الاجتهادات المشروعة، ليقوم الفقيه ـ المعبِّر الشرعي عن الإسلام ـ آخر الأمر بالبتّ أو التصديق على هذه القوانين المُشرَّعة والأحكام المنتخبة من قبل الأمّة بما هي ممثلة بمجلسها التشريعي (الاسلام يقود الحياة).
ولولا خوف الإطالة لبينّا باقي الفروق المنهجية والأصول الفكرية التي منعت من إقامة الحدود ضمن النظام الجنائي للدول الإسلامية.
والنتيجة فليس المانع من إقامة الحدود هو المنع الشرعي وتقييدها بعصور الحضور، او لعدم صلاحيتها لهذه الأزمنة، وإنما تباني الحكومات على أصول غربية في تقنين العقوبات الجنائية.
يتعرض الإنسان طوال حياته لكثير من المصائب والمحن تدفعه إلى طرح هذا السؤال: "هل هذه المصائب نتائج لأفعالنا، أم هي عقوبات منه تعالى جزاءً لذنوبنا؟".
إن من رحمة الله تعالى وعدله أن وضع قوانين عبر عنها بسنن غير قابلة للتبدل والتغير، جزاء لأعمال الخلق فقال: «مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ» فصلت: 46، فأثبت تلازماً بين افعال العبد والحوادث الكونية من خير وشر، ويجمع جملة الأمر آيتان من كتاب الله تعالى وهما قوله تعالى: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» الأعراف: 96، وقوله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» الروم: 41.
فالحوادث الكونية تتبع الأعمال، فإذا جرت الناس على طاعة الله سبحانه وسلكوا الطريق الذي يرتضيه استتبع ذلك نزول الخيرات، وانفتاح أبواب البركات، وأما إذا انحرفوا عن صراط العبودية، وتمادوا في الغي والضلالة ظهر الفساد في البر والبحر، قال تعالى: »وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ« الشورى: 30، وقال: «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» النساء: 79.
ومن ذلك ما روى الكليني عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله: «إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، وإذا طفّف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع و الثمار والمعادن كلّها، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي، سلّط الله عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم فلا يستجاب لهم » ([1]). قال المجلسي الثاني في المرآة: صحيح ([2]).
نعم قد يُعرض الله تبارك وتعالى عبده لجملة من البلاءات ليمتحن قلبه فيها، وإظهار مكنون نفسه، فقد يظهر العبد إيماناً ويبطن كفراً، لكن في المواقف الصعبة والشديدة ليس له إلاّ الظهور على حقيقته؛ أهي طيّبة أم خبيثة، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «في تقلب الاحوال، علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة»([3]).
وقد أشار إلى هذا النوع من البلاء، قوله تعالى: «إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ »([4]).
وأوضح منه قوله تعالى: «وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(([5])، وقوله تعالى: )أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » ([6]).
فإذا نزلت النوازل و كرت المصائب والبلايا على قوم أو على فرد فإن كان المصاب صالحا كان ذلك فتنة ومحنة يمتحن الله به عباده ليميز الخبيث من الطيب، وكان مَثَلَهُ مع البلاء مَثَل الذهب مع النار والمحك، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت: 2 ـ 3.
وإن كان المصاب طالحا كان ذلك أخذا بالنقمة وعقابا بالأعمال نتيجة لفعله، كما تقدم.
([1]) الكافي (ت: علي غفاري) 2: 373. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([2]) مرآة العقول 11: 72. دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
([3]) بحار الأنوار: ج71 ص163.
([4]) آل عمران: 140-142.
([5]) آل عمران: 154.
([6]) التوبة: 16.
الاحتياط هو اختيار الأسلوب الذي لا يؤدي الى مخالفة التكليف الشرعي الواقعي في كل الأحوال.
والاحتياط قد يقتضي العمل، وقد يقتضي الترك، وقد يقتضي الجمع بين أمرين مع التكرار أو بدونه:
أمّا (الأوّل) ففي ما إذا تردّد حكم فعل بين الوجوب وغير الحرمة، والاحتياط ــ حينئذٍ ــ يقتضي الإتيان به.
وأمّا (الثاني) ففي ما إذا تردّد حكم فعل بين الحرمة وغير الوجوب، والاحتياط فيه يقتضي الترك.
وأمّا (الثالث) ففي ما إذا تردّد الواجب بين فعلين كما إذا لم يعلم المكلّف في مكان خاص أنّ وظيفته الإتمام في الصلاة أو القصر فيها، فإنّ الاحتياط يقتضي ــ حينئذٍ ــ أن يأتي بها مرّة قصراً ومرّة تماماً.
وأمّا (الرابع) ففي ما إذا علم ــ إجمالاً ــ بحرمة شيء أو وجوب شيء آخر، فإنّ الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأوّل ويأتي بالثاني.
المزيد من التفاصيل في الفيديو أدناه:
الأعمال التي يأتي بها المكلف ينبغي ان يؤمن على صحتها، والتقليد هو أحد طرق هذا التأمين، المزيد من الإجابة حول هذا السؤال في الفيديو أدناه:
[اشترك]
حينما تريد أن تتطرق إلى هذا الموضوع إما في مقالة أو في محاضرة أو على المنبر أو في غيره، تأتيك بعض الانتقادات والاشكالات والمنتقدون على عدة أضرب.
١- الضرب الأول هو الذي يجهل الموضوع أصلاً وأساساً.
٢- الضرب الثاني هو القليل الاطلاع.
٣- الضرب الثالث هو المغالط إما عمداً أو سهواً.
قد يقول الأول(مثلاً): هل هذا الموضوع مهمٌ أصلاً وهل هو محل ابتلاء في المجتمع كي تتطرق إليه؟
الجواب: نعم الموضوع مهم جداً أكثر مما يتصوّر، ولو اطلعت على بعض الاحصائيات لعرفت محل ابتلائه.
هل تعلم أن أكثر من 78% من الذكور يمارسون هذا العمل؟
هل تعلم أن 13% منهم بين 26 إلى 30 من عمرهم؟
هل تعلم أن أكثر من 40% منهم متزوجون؟
هل تعلم أن جزءاً كبيراً منهم يمارسها في اليوم 3 مرات، أي في الاسبوع الواحد 21 مرة؟
و..
وقد يقول الثاني: هل ورد هذا في أحاديث أهل البيت عليهم السلام؟
الجواب: نعم و إليك بعض ما ورد:
- قال: سئل الصادق عليه السلام عن الخضخضة فقال: إثم عظيم قد نهى الله تعالى عنه في كتابه، وفاعله كناكح نفسه، ولو علمت من يفعل ما أكلت معه، فقال السائل: فبين لي يابن رسول الله، من كتاب الله نهيه، فقال: قول الله: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وهو ما وراء ذلك.
- قال النبي صلى الله عليه وآله: ناكح الكف ملعون.
- عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره.
وقد يشكل الثالث بقوله: أليس هذا استخفافا بالمنبر الحسيني أو المقالات العلمية أو.. حین طرحه؟
الجواب: لا ليس كما تظن، لأنه محل ابتلاء الكثير من الناس، وكذلك هو جار على لسان المعصومين كالنبي(ص) والامام الصادق والباقر(ع).
تعريف الاستمناء
الاستمناء: هو العبث في الأعضاء التناسلية لاستدعاء الشهوة أو خروج المني أو كلاهما.
ولا يخفى على القارئ الكريم أن الاستمناء له أسماء أخرى أمثال: الخضخضة والعادة السرية وجلد عُميرة ونكاح اليد.
يقسم علماء التحليل النفسي الاستمناء إلى عدة أقسام، منهم الدكتور عبد المنعم الحفني في كتاب «الموسوعة النفسية الجنسية» في الصفحة٦٥٤ (الطبعة الرابعة).
ما هي أسبابه؟
هناك أسباب عدة لهذا المرض، نصطفي أهمها:
إضاعة الصلاة
قال تعالى في كتابه الكريم:(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا). (فسر إضاعة الصلاة بتأخيرها عن مواقيتها).
إذا أضاع الانسان الصلاة فسوف تسيطر عليه نفسه الأمارة بالسوء ويتبع الشهوات ومن تلك الشهوات هي هذا المرض القبيح، لذلك ترى أن أكثر من يأتي هذا العمل هو ممن لا يهتم بصلاته.
مصاحبة رفاق السوء
فقد يجهل المراهق هذا الفعل كلاً أو بعضاً، لكن يطلعه بعض أصحابه فيبتلي به ويدمن عليه.
الصدفة والفضول
لما يبلغ الولد سن المراهقة يجهل موضوع الجنس وعالمه، لذلك يحصل لديه الفضول ويحب أن يستطلع، ولذا يجرّه هذا إلى مراقبة والديه وهما عاريان أو لمس أعضاء نفسه وأيضاً قد تكون صدفة، حين يحتك الولد بشخص أو حينما ينام على وجهه فيحس بلذة لم يذقها من قبل، فمن هنا تبدأ مغامراته.
عدم إشباع الشهوة في الجماع
إذا كان ذا شهوة غزيرة أو لم يتم له الجماع الصحيح، فأيضاً قد يتخذ الاستمناء وسيلة.
حب البديل والتنوع
ويحدث هذا غالباً في المجتمعات المتحضرة والمرفهة التي همهم البطون وما تحتها.
آثار العادة السریة
لكل فعل أثره، فكذلك هذا الفعل لا يخلو من الآثار وآثاره إما باطنية أو ظاهرية.
آثاره الظاهرية هي التي قد تظهر في تصرفاته أو في جسمه وبدنه كـالعجز الجنسي والإنهاك والرّعشة والشتات الذهني وضعف الذاكرة والعقم ودوالي الخصيتين وانكباب الكتفين واعوجاج الظهر.
ويناسب هنا أن ننقل أقوال بعض المتخصصين والأطباء في هذا المجال.
يقول الدكتور باداديك: تظهر بثور صغيرة ذات لون أبيض قريب إلى الصفرة في الجراح الملتحمة، فإذا ترك الفعل زالت البثور.
الدكتور ريبو: الذي يمارس الاستمناء يكون مضطرباً في مشيته، منحني الظهر ويعتريه الصداع والخور ويبدو عليه حالة المرض.
الدكتور موديس: اصفرار الوجه، بقعة سوداء حول العين، الخمول والكسل، الحياء المفرط، الميل إلى العزلة وضمور الكتفين آثار تظهر على ممارسي الاستمناء.
أما الآثار الباطنية فهي التي قد لا تظهر في جسمه وبدنه، بل قد تكون في روحه وذهنه كـسقوط المبادئ والقيم عنده فيعتبر مثلاً المرأة وسيلة لإخلاء الشهوة فقط.
وكذلك من آثاره الباطنية الكسل والاكتئاب والجُبن والشعور بالحقارة وسوء الظن بالآخرين.
يقول بعض الأطباء قد تكون بعض الآثار غير ملحوظة في سن 15 إلى 20 لكن بعد ذلك تظهر عليه تدريجا.
هنا من باب الإفادة وكذلك من باب «أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس» ننقل آراء بعض المذاهب باختصار شديد.
في مذهب أهل البيت (ع) وعند علماء الشيعة ثابت بالإجماع على أن هذا الفعل حرامٌ شرعاً، و لكن في غير مذهب أهل البيت (ع) هناك من على كراهته و من على إباحته و حتى وجوبه أحياناً.
فالشافعية تقول بحرمته وإليك ما قاله ابن كثير في تفسيره: (وقد استدل الإمام الشافعي، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ" قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين).
وكذلك هو حال المالكية وأكثر الحنبلية.
إما علاجه، فأيضاً هناك علاجات مختلفة الأنواع لكن قبل طرحها لابد أن أذكر شيئاً مهماً.
لما نريد أن نطرح علاجاً لأي شخص ولأي مرض، فعلينا أن ندرك حالته وظروفه التي يمرّ بها، أتعجب من البعض حينما يقول للشاب (مثلاً): عليك حينما تأتيك الشهوة أن تطرد تلك الأفكار، وأن تفعل كذا وأن تنتهي عن كذا.
ألم يعلم أنه «إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله» فهل تأمر شخصاً بثلث عقل أن يسيطر على نفسه، (لا أقصد تأييد من يفعل هذا الفعل لكن أريد التبيين فقط).
أما عن العلاج فإن العلاج الأفضل والأكمل والأحسن هو:
الزواج
فإن رسول الله (ص) قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج..).
ومن هنا على الوالدين التعجيل بزواج أبنائهم، وعدم التعلّل بأشياء بسيطة غير مهمة، لذلك ورد في الأحاديث من حقّ الولد على الوالد تزويجه اذا بلغ.
الصوم
في مضمون بعض الأحاديث الشريفة أن الصوم يقطع الشهوة وهذا ثابت عقلاً ونقلاً وكذلك في تكملة الحديث المذكور أعلاه: (.. ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء). أي یحفظه من الوقوع في الحرام.
عدم إضاعة الصلاة
إن الشاب حتى لو كان كثير الشهوة والباه، فمراقبته للصلاة هي التي تصونه وتحفظه، وكما ذكرنا فُسّر عدم إضاعة الصلاة بأدائها في وقتها.
عدم التخم في الأكل والشرب
أي عدم الإكثار من الأكل والشرب فإن التخم إضافة إلى أنه يفسد البدن ويكسل الروح عن العبادة، فإنه يهيج الشهوة وهذا ما على الشاب أن يحذر منه.
عدم الإكثار من بعض ما يهيج الشهوة كالبصل و التمر و الجزر و الثوم و البيض المسلوق بالبصل و البطيخ و السمك و اللوز و البندق و الكحل و الخضاب و..
وهناك علاجات أخرى ذكرنا أهمها وأنفعها لكم.
وأخيراً لتقوية إرادة الشباب وبعض من يأس من نفسه أنقل لكم أقوال بعض المبتلين بهذا المرض بعد أن تركوا هذا الفعل القبيح:
- أنا شاب في21 من عمري وقد وفقني الله أن أبني حياتي من جديد، بعد أن كنت من المدمنين على هذا العمل وكنت أفعله في كل يوم وليلة وأدمنت على هذا الفعل لمدة 6 سنوات وسُلبت مني إرادتي وضعف إيماني إلى أن تعبت من نفسي وصممت أن أتركه ومتى ما راودتني الأفكار في إتيان هذا العمل تذكرت حديث رسول الله (ص) الذي يقول: ناكح الكف ملعون، واستطعت بحمد الله أن أتركه.
- أنا شاب مدمن لهذا الفعل منذ4 سنوات وقد أصبحت كالشيوخ ولا أستطيع أن أمشي كثيراً فبعد أن أمشي مسافة أتعب ولا أقدر أن أكمل، بدأت عيناي تغور وظهري بدأ يؤلمني، إلى أن في ليلة بعد انتهائي من هذا الفعل نظرت إلى السماء وبدأت أبكي وندمت على ما فعلته طول عمري وقد تركته من تلك اللحظة بمنّ الله وفضله.
- كنت من المدمنين وتركته والحمد لله، وأقترح على الشباب الذين يريدون تركه أن يشغلوا أنفسهم إما بالرياضة أو العمل أو الدراسة فإن الإحصائيات تؤكد أن أكثر مدمني الاستمناء يفعلونه لعدم انشغالهم بشيء.
- انا مراهق في مقتبل عمري، وأعتقد أن أرادة الانسان تفوق كل شيء فإنه إذا أراد شيئاً من قلبه وذاته قدر عليه، فمثلاً بعد أن كنت أفعله في اليوم الواحد مرتين أو ثلاث، تركته الآن وأسأل الله أن يوفق الجميع لتركه.
[اشترك]
وهذا الأمر طبيعي بالنظر للوضع الذي كان يعيشه الشيعة، وإبعادهم الإجباري عن ميدان الحكومة والإدارة الاجتماعية طوال قرون متمادية، لكن بمجرد تحقق موضوع السلطة عند الشيعة كما في الدولة الصفوية ظهرت نظريات الحكم والدولة تترى، وفيما يلي جملة من هذه النظريات رتبناها بحسب التسلسل الزمني لظهورها، ليتضح حجم التطور والتنوع في الفقه الجعفري:
النظرية الأولى: نظرية السلطنة المشروعةيمكن القول إن ظهور أول الآراء السياسية وتبلور نظريات الحكم قد تحقق بمجرد قيام دول شيعية بعد القرن العاشر الهجري، فأول فقيه يمكن أن نحتمل في كلماته علامات اولية لنظرية الدولة هو المحقق الكركي (868 ـ 940هـ). ورغم قوله بالولاية العامة للفقهاء إلا ان الصورة النمطية لهذه الفترة كانت التفكيك بين الأمور الشرعية والأمور العرفية، فالأمور الشرعية من قبيل الإفتاء والقضاء وإقامة الحدود والأمور الحسبية الأخرى كجمع الحقوق الشرعية وإدارة الأوقاف العامة أصبحت تُعد من وظائف الفقهاء، بينما السياسة والعلاقات الدولية وحفظ الأمن والنظام من جملة الأمور العرفية ومن وظائف المسلمين من ذوي الشوكة اي السلطان.
وتعدّ نظريته هذه ـ من بين النظريات التسع في الفقه الشيعي ـ من النظريات القلائل التي دخلت ميدان التجربة العملية، بل إن تجربتها تعد الأطول مقارنة مع باقي النظريات، إلا أن اهم ما يلاحظ عليها أنها وإن اشترطت جملة شروط في الحاكم كالكفاءة واحترام الشريعة والاعتراف بولاية الفقهاء الحسبية، لكنها لم تهتم في طريقة تعيين الحاكم وكيفية وصوله لسدة الحكم، وإنما صبت اهتمامها على ان يكون الحاكم ممن يسعى في ترويج مذهب الحق وتحقيق سعادة وراحة الرعية، ولعل هذه الطريقة كانت تمثل الطريقة الأمثل للحكم نظراً لقلة وعي الشعوب الإسلامية يومذاك، الأمر الذي يشكل عائقاً في تطبيق الأنظمة الديمقراطية القائمة على تولي المجتمع اختيار قياداته؛ لذا نجد مفكر بوزن جمال الدين الأفغاني يدعو لتعميمها في الأقطار الإسلامية وأطلق عليها نظرية (المستبد المستنير).
النظرية الثانية: الولاية العامة للفقهاءإن الطريق الذي ابتدأه الكركي يمتلك قابلية تأسيس تلك النظرية والتي تسمى اليوم بـ(الولاية التعيينية للفقهاء) ففي الآثار الفقهية للمحقق الكركي (ره) يعد الفقيه نائباً للإمام صاحب العصر (عج) راجع جامع المقاصد ج11، ص266.
أما في آثار الفقيه الثاني لذلك العصر وهو المقدس الأردبيلي (تـ933هـ)، فإننا نشاهد رأياً مشابهاً لرأي المحقق الكركي . راجع رياض العلماء: ج3، ص453.
ومنذ ذلك الوقت وبسبب بسط يد الفقهاء وزيادة نفوذهم في المجتمع، فقد أصبح البعض منهم يتدخل في الأمور السياسية بحيث إن بعض السلاطين كان يأخذ منهم الأذن للحكم، او الجهاد، الا ان اغلب امور السياسة الداخلية والخارجية بقيت تحت حكم السلاطين.
في منتصف القرن الثالث عشر الهجري نرى خروج نظرية ولاية الفقيه العامة الى الوجود على يد الملا أحمد النراقي (تـ 1248هـ) حيث يعد (ره) أول فقيه بحث ولاية الفقيه تفصيلاً، وتعامل معها كمسألة فقهية مستقلة بعد أن كانت تبحث في ضمن مسائل أخرى كصلاة الجمعة او مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها. ويمكن أن تعد كلماته (ره) أول طلائع الفكر السياسي عند الشيعة، فهو يرى أن تنظيم أمور الدنيا من وظائف الفقهاء. المحقق النراقي، ولاية الفقيه من كتاب عوائد الايام ، ص69.
النظرية الثالثة: نظرية الدولة المشروطة بإذن ونظارة الفقهاءيعد كلام المحقق النراقي (ره) المتقدم أول تصريح بالوظيفة السياسية للفقهاء والذي تبلور بصورة صريحة وناضجة على يد الميرزا النائيني (تـ1355هـ)في كتابه تنبيه الأمة وتنزيه الملة على أثر النزاع الذي حصل في الأوساط العلمية والمعروف بـ(المشروطة والمستبدة) في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، والذي التزم فيه بولاية الفقيه العامة، وفي حال عدم بسط يد المجتهد العادل يمكن إعطاء المشروعية للحكومة من خلال وجود مجتهدين بين وكلاء السلطة التشريعية ورعاية آرائهم في القوانين وهو ما يعرف بنظام (النظارة)، وتعتبر مساعي الميرزا النائيني (ره) هي أول جهد يبذل في الفقه الشيعي للتوفيق بين الوظيفة الإلهية وحق الشعب، فتكون الحكومة بيد جماعة من الناس بينما يقتصر عمل الفقهاء على المراقبة وأبداء الرأي في القوانين. وقد طرحت هذه النظرية للحد من الحاكمية المطلقة للسلاطين، وتبتني على مجموعة قواعد وأصول بحيث يصبح من الممكن بموجبها تغيير السلطة السياسية بشكل سلمي، وتؤكد كثيراً على مأسسة الدولة، وتقوم في الوقت ذاته باستحداث مناصب لها حقوق وتكاليف في إطار قواعد مشخصة، وقد حددت ايضاً في هذه النظرية آلية تغيير القواعد، والميزة الأساسية لهذه النظرية هي تحديد السلطة السياسية وتوزيعها، وأما المؤسسات التي تقوم بعملية تحديد السلطة السياسية فهي الدستور وفصل السلطات ونظارة السلطات على بعضها، وتشتمل هذه النظرية على جملة من القيود الاخلاقية والفلسفية من قبيل الحق الطبيعي والحق الإنساني ونظريات الالتزام والطاعة المبنية على العقد الاجتماعي والديمقراطية والمجتمع المدني. أنظر آندرو ونسينت، نظرية الدولة، الفصل الثالث، ص133 ـ 181.
النظرية الرابعة: الولاية المطلقة للفقهاءولكن تبقى نظرية الدولة المشروطة هي الاستثناء ويلتجأ إليها في حال عدم تمكن الفقيه من زمام الأمور، وقد تأيدت نظرية ولاية الفقيه العامة على يد آية الله العظمى السيد محمد حسين البروجردي (تـ1340هـ) الذي لم يعتبر الأدلة النقلية المتوفرة كافية لإثبات الولاية التعيينية للفقهاء، لكنه رأى أن المسألة تثبت من خلال الدليل العقلي. لكن بقيت هذه النظرية طي الكتب وأروقة البحث العلمي دون ان يكون لها نصيب من التحقق في الخارج، الى أن استطاع السيد روح الله الموسوي الخميني بثورته في ايران أن ينشأ نظاماً قائماً على الولاية المطلقة للفقيه، فشكلت كلمات الملا احمد النراقي والأردبيلي والنائيني والبروجردي السابقة مادة لما قام بها السيد الخميني (ره).
ورغم اشتراك نظرية الولاية المطلقة مع نظرية الولاية العامة للفقهاء في ثبوت اصل الولاية للفقيه وتعينها له، إلا أنها تفترق عنها في أمرين هما: حدود الولاية ومفهوم الفقاهة؛ فمن جهة الحدود فإن الحكومة وفق نظرية الولاية العامة تتقيد بالنظام الأساسي للدولة وهو الدستور والأنظمة المتفرعة عليه، بينما ووفق نظرية الولاية المطلقة لا تقيد السلطة بأي قانون الا المصالح الإسلامية والأهداف الدينية.
وأما من جهة مفهوم الفقيه فإن نظرية الولاية المطلقة تقدم مفهوماً جديداً للفقاهة مغايراً للمفهوم السائد القائم على العدالة والاجتهاد، فمفهوم الفقاهة وفق هذه النظرية يشترط إلمام الفقيه بجملة من العلوم تستوعب جميع ما يحتاجه المجتمع الإسلامي بل وغير الإسلامي لحل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية، فالفقه هو النظرية الواقعية والكاملة لإدارة الإنسان من المهد الى اللحد. الإمام الخميني (ره) صحيفة النور، ج21، 98.
ومع هذا التضخم في دور الفقيه في هذه النظرية، إلا أنها وبحسب رأي صاحب النظرية (السيد الخميني) لا تؤدي للدكتاتورية، لتقييد منصبه بالعدالة، فمتى ما جار في استخدام سلطته فإنه يسقط تلقائياً وبلا فاصلة. م. ن. ص183.
النظرية الخامسة: شورى مراجع التقليدإي ولاية الشورى في مقابل الولاية الفردية، ففي أكثر نظريات الدولة في الفقه الشيعي يقع في رأس هرم السلطة السياسية فرد واحد ـ وغالباً ما يكون فقيهاً ـ أما في هذه النظرية فإن شرط الفقاهة وإن تم لحاظه لكن رأس الهرم السياسي مكون من مجموعة فقهاء لا فقيه واحد.
ولهذه النظرية عدة تقريرات وفيها بعض نقاط الإبهام تحتاج الى توضيح وانسجام إلا اننا يمكن أن نشير الى بعض خصائصها:
اولاً: ان المراد من الولاية الشرعية للفقهاء في هذه النظرية هي التصدي والقيام بشؤون الأفراد في تدبير الشؤون السياسية والاجتماعية العامة والمهمة، وإن دائرة وحدود هذه الولاية أكبر من الولاية الحسبية وأصغر من ولاية المعصوم المطلقة، فهي تشمل فقط المسائل الاجتماعية العامة والأمور المرتبطة بالحكومة دون الأمور الفردية والشخصية، وهي مقيدة بمصلحة المجتمع الاسلامي والتي تعد شورى المراجع المرجع الوحيد في تشخيصها. وعليه ليس للحكومة الاسلامية من صلاحية في حال الاضطرار أوسع من الاحكام الأولية والثانوية، ولا يقبل اي قانون خلاف ذلك. الفقه، السيد محمد الشيرازي، كتاب الاجتهاد والتقليد، ص226.
ثانياً: من الضروري وقوع الخلاف بين الفقهاء اعضاء مجلس الشورى القيادي، وحينئذٍ ماهي الآلية لحسم الأمر، وترجيح قول على آخر؟ ذكروا أكثر من صيغة لحل هذا المشكل، منها إن شورى مراجع التقليد تعمل ولايتها في كل مسألة بأكثرية الآراء، وذهب أكثر القائلين بهذه النظرية لهذا الخيار. ومنها إن شورى مراجع التقليد تأخذ قراراتها من خلال توزيع الأدوار بين الأعضاء، فتكون الشؤون الاقتصادية بعهدة أحد المراجع وتكون الشؤون العسكرية بعهدة مرجع آخر وهكذا.
ثالثاً: مع الالتفات الى ان الحكومة الاسلامية هي الحكومة على جميع المسلمين سنة وشيعة، فحينئذ يمكن تأسيس مجلس شورى لمراجع التقليد الشيعة، تكون مهمته تدبير أمور الشيعة، ومجلس شورى آخر لعلماء السنة يقوم بتدبير شؤون أهل السنة، وأما الأمور المشتركة بين الطائفتين فتحل وتدبر من خلال مجلس مشترك لفقهاء الشيعة والسنة من خلال مراعاة مبدأ الأكثرية. الفقه، كتاب الدولة الاسلامية، السيد محمد الشيرازي، ج101، ص69.
النظرية السادسة: نظرية خلافة الأمة وإشراف المرجعيةلا يخفى على القارئ الحصيف ابتناء جميع النظريات السابقة على المشروعية الإلهية للفقهاء، أي أن الفقيه يكتسب صلاحية قيادة المجتمع من الدين، ولا دور للشعب في اختيار هذه القيادة، نعم يمكن تصور هذا الاختيار في درجات أدنى، أما الرئاسة العليا فلا، ولعل أول نظرية بنيت على إعطاء صلاحية الاختيار مع حفظ دور التشريع والإشراف للفقهاء هي نظرية (خلافة الأمة وإشراف المرجعية)، وقد طرحت من قبل الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (ره) في المجموعة المختصرة (الاسلام يقود الحياة).
وأهم أركان هذه النظرية:
خلافة الأمةانطلق السيد الشهيد (ره) في التأصيل لهذه النظرية من مقولة خلافة الإنسان لله في الأرض، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة: 29، وقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ) فاطر: 39، فإن الإنسان أضحى حاكماً على مصيره بعنوان كونه خليفة لله تعالى، وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الخلافة بالأمانة الإلهية كما في سورة الأحزاب، والإنسان مكلف أن يستخدم هذه الأمانة كما يريد الله تعالى، وليس لديه الحق أن يستعملها على أساس الأهواء والمنافع الشخصية، وتقتضي طبيعة الاستخلاف الإلهي أن يحكم الإنسان في الأرض بالحق والعدل وأن يحفظ مصالح النوع الإنساني من خلال تطبيق الأحكام الإلهية على عباده وفي ارضه، فالإنسان مسؤول أمام الله تعالى، وقد خُلق حراً من أجل أن يتحمل هذه المسؤولية، فالخلافة هي قضية تكامل الإنسان الى الله تعالى. الصدر، خلافة الإنسان، ص13.
والأمة تُعمل خلافتها على أساس قاعدتين فقهيتين: الأولى قاعدة الشورى. والثانية ولاية المؤمنين على بعضهم. وعليه فإن الأمة تبلور خلافتها على أساس الشورى العامة ورأي الأكثرية. الصدر، لمحة تمهيدية، ص19.
وتمارس الأمة حقها من خلال الطرق التالية:أولاً: انتخاب رئيس السلطة التنفيذية، ويقوم هو بدوره اختيار وزرائه.
ثانياً: انتخاب مجلس نيابي يقوم بدور مراقبة عمل السلطة التنفيذية وسن القوانين في منطقة الفراغ.
الركن الثاني: اشراف المرجعية
وذلك من خلال بيان الوظائف التالية لمرجع الأمة:
أولاً: الرئاسة العليا للدولة وقيادة القوات المسلحة.
ثانياً: أمضاء وتزكية المرشحين لمنصب رئيس السلطة التنفيذية.
ثالثاً: تعيين المواقف الشرعية إزاء مختلف قضايا المجتمع.
رابعاً: إمضاء القوانين الموضوعة من قبل المجلس النيابي المنتخب.
خامساً: الأشراف على القضاء.
سادساً: مراقبة عمل الحكومة.
ويمكن ملاحظة عدة خصائص لهذه النظرية منها:في هذه النظرية تقوم المرجعية بدور أساس في الحياة السياسية، لكنه لا يقصد بالمرجعية كل فقيه عادل، أو اي مرجع للتقليد، بل المراد اخص منها، وقد عبر عن هذه المرجعية بالمرجعية الصالحة، والمرجعية الرشيدة، وهي مؤسسة وليست فرداً، ويقف على رأس هذه المؤسسة الفقيه العادل الجامع للشرائط، الذي وصل الى المرجعية الدينية بشكل طبيعي ومتعارف، وبعد ذلك قد تم ترشيحه للمرجعية الصالحة من قبل مجلس المرجعية، ولاقى التأييد من قبل علماء البلاد، وهو بعد ان يتصدى لا يقود بعمله بشكل شخصي بل من خلال مجلس المرجعية.
ولهذه المرجعية دور إشرافي أكثر منه إجرائي، ولكنه أشراف قانوني، أي إن ابعاد هذا الأشراف يجب ان تحدد في القانون بشكل دقيق، كما أن اشراف المرجعية على السلطة التشريعية هو في ثلاث مواضع: في تشخيص الموضوعات، وفي اختيار فتوى احد المجتهدين عند الاختلاف، والأهم من ذلك وضع الأحكام في منطقة الفراغ. وفي كل مورد يرى فيه المرجع أنه قد وقعت مخالفة للشرع يحق للمرجع أن يذكر السلطة التشريعية بموقف الشرع، ويجب عليها حينئذ المبادرة للتصحيح.
ومما يميز هذه النظرية ايضاً ان دور الناس في باقي النظريات يتوقف على إذن الفقيه صاحب الولاية في الأمور الحسبية، لكن في نظرية الشهيد الصدر فإن الحقوق السياسية للناس مستقلة عن ولاية الفقهاء. فبناء على هذه النظرية الناس خلفاء الله في الأرض وقد جعل على عاتقهم تدبير الأمور الاجتماعية والسياسية، والمراد من الناس جنس البشر بمعزل عن اللون والعرق والوطن.
لقد اعطت هذه النظرية دوراً أكبر للناس في السلطة التشريعية ومجال التقنين، فقد جعل في عهدتها تشخيص الموضوعات الخارجية التي ترتبط بالأحكام المتعلقة بالجانب السياسي والعام للمجتمع، وأما ما في عهدة الفقهاء فهو تشخيص الحكم لا الموضوع. وبناء عليه فإن تشخيص مصلحة المجتمع هل هي في الصلح أو في الحرب، أو معرفة موضوع الحدود الشرعية من قبيل شرب الخمر والزنى، تدخل في عهدة أهل الخبرة، وخبراء مجلس أهل الحل والعقد. ولاية الأمر في عصر الغيبة، السيد كاظم الحائري، ص129.
النظرية السابعة: الولاية الانتخابية المقيدة للفقيهبعد أن عرضنا نظرية الدولة المشروطة وخلافة الناس مع أشراف المرجعية على مبنى المشروعية الإلهية الشعبية من قبل فقهاء الحوزة العلمية للنجف الأشرف؛ يمكن القول إن الولاية الانتخابية المقيدة للفقيه تعد أول مسعى لفقهاء حوزة قم المقدسة على أساس ذاك المبنى في موضوع الدولة، فقد قدم الفقهاء الايرانيون وعلى أساس تجارب النظريتين السابقتين تركيباً من نظرية ولاية الفقيه التقليدية ـ في مجال الشروط التي يحددها الشارع في رئيس الدولة ـ من جهة، وحق الحاكمية الشعبية والمشاركة الجماهيرية من جهة أخرى. ويمكن ملاحظة بدايات هذه النظرية في كتابات الشهيد مطهري، حيث كان يعتقد بالجمع بين التكاليف الإلهية والحقوق الشعبية، وقد شرح آية الله الشيخ جعفر السبحاني هذه النظرية في كتاب معالم الحكومة الاسلامية: إن الحكومة في زمان حضور الإمام المنصوص عليه من الله تعالى هي حكومة إلهية خالصة، لكن في زمان عدم إمكان الوصول إليه مركبة من الحاكمية الإلهية والسيادة الشعبية. فهي إلهية من جهة أن التشريع بالأصالة هو حق الله تعالى، وعلى الأمة الإسلامية أن تراعي جميع الشروط والضوابط الإسلامية في عملية الانتخاب، وعلى الحاكم الإسلامي أن يطبق الشريعة الإسلامية حرف بحرف؛ ولما تقدم تعد الحكومة إلهية او هي حكومة قانون الله تعالى على الناس. ومن جهة أخرى هي شعبية من جهة إن انتخاب الحاكم الأعلى وسائر مسؤولي الحكومة ذوي المناصب العالية موكول الى الناس ومشروط برضاهم. مفاهيم القرآن، ج2، ص224.
النظرية الثامنة: الدولة الانتخابية الاسلاميةبحسب هذه النظرية تكون مهمة تدبير الأمور السياسية للأمة الاسلامية في زمن غيبة الإمام عليه السلام في عهدة الشعب، فيستطيع الشعب ان ينظم اموره الاجتماعية على أساس المصالح التي يشخصها وفق الشروط الزمانية والمكانية. ويجب على الناس:
اولاً: ان يراعوا بشكل كامل الاحكام الشرعية الثابتة.
ثانياً: لا يمكن أن تكون الأحكام المتغيرة ـ التي يجب أن تراعي مصالح المسلمين ـ غير منسجمة من الأحكام الشرعية الثابتة، أما شكل إدارة المجتمع والسياسة فهو امر عقلائي، ويجب ان يستفاد من التجارب البشرية شرط عدم التعارض مع الشريعة.
وبحسب هذه النظرية لا يشترط ان يكون رأس السلطة فقيه او مجموعة فقهاء، وإنما المهم ان تكون قوانين الدولة إسلامية، فملاك إسلامية الدولة هو القوانين، أي ابتنائها على الكتاب والسنة كما يستنبطه المجتهدون العدول. يقول الشيخ محمد جواد مغنية في بيان هذه النظرية: وليس المراد من الدولة الإسلامية سيطرة المشايخ والفقهاء على الحكومة وانحصار السلطة السياسية فيهم، بل المراد من إسلامية الدولة أن تكون الشرعية الإسلامية منشأ ومعيار قوانين الدولة وتصرفاتها، وكل ما يعارض الشريعة محكوم بالبطلان، والشرط الأساسي لإسلامية الدولة هو الإخلاص والكفاءة والعدالة والأمانة، وهدفها وغرضها النهائي هو إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وأن يأمن في ظلها كل محق وبريء، وليخافها كل مجرم ومعتدي. تجارب محمد جواد مغنية، ص165.
وبحسب هذه النظرية ايضاً ينحصر دور الفقهاء في أمور ثلاثة:
الأول: استنباط الاحكام الشرعية ، وبيانها بشكل قوانين واضحة.
الثاني: القضاء على اساس الشريعة.
الثالث: الإصلاح والدعوة الى الخير والى مراحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي غير هذه الموارد يتساوى كل من الفقهاء والناس. تجارب محمد جواد مغنية، ص68.
النظرية التاسعة: وكالة مالكي المشاع الشخصيينإن آخر نظرية قد طرحت الى الآن في الفقه الشيعي على مبنى المشروعية الإلهية الشعبية هي نظرية وكالة مالكي المشاع الشخصيين، والتي طرحت من قبل الدكتور الشيخ مهدي الحائري اليزدي في كتاب الحكمة والحكومة.
هذه النظرية وإن كانت تشترك مع النظرية السابقة في جملة من الأمور، إلا إن بعض الملاحظات النظرية تدفع لبحثها بشكل مستقل، وهي ابتناء هذه النظرية على قاعدة المالكية الفقهية، وبناء الانتخاب على قاعدة الوكالة الفقهية، والأهم من ذلك تشخيص موقع الدين في السياسة وتدبير المجتمع.
أما اركان هذه النظرية فهي:
اولاً: ملكية المواطنين الشخصية للمشاع، والمراد منه المكان الذي تختاره جماعة من الناس سكناً لها، فبسبب سبق الاختيار يكون لكل فرد منهم حق الاختصاص والملكية الطبيعية لذلك المكان، والأفراد الذين اشتركوا في اختيار المكان هم مواطنون فيه ومالكون له على نحو الاشتراك المشاع.
ثانياً: وكالة الدولة من قبل المواطنين: وبما أن جميع أولئك الأفراد يدركون ضرورة أن يكون هناك نظام أمني لديمومة حياتهم الطبيعية، فوجب أن يختاروا فرداً منهم كنائب عنهم، لديه اطلاع كامل على الموضوعات والمجريات المتغيرة، ولديه الحكمة الكافية لتدبير أمور المواطنين، فيوكلونه أمورهم.
إن نظام الحكومة على أساس ملكية المواطنين الشخصية للمشاع هي نوع وكالة من قبل المواطنين، ويقوم الوكيل مكان الموكل، وبناء على العقد السابق بين الوكيل والموكل فإن الموكل يجعل جميع صلاحياته ورغباته وإرادته في جميع مسائل الدولة للوكيل في تشخيصه وإدراكه المناسب. وبقبول الوكيل العقد يكون لزاماً عليه تنفيذ رغبات الموكل. فماهية الحكومة ليست إلا الوكالة، والوكالة هي عقد لا يلزم الموكل، أي أنه في أي زمان او مكان أو وضع يستطيع الموكل (الشعب) أن يعزل وكيله وأن يعلنوا سحب الوكالة منه.
الثالث: موقع الدين والفقاهة في السياسة وإدارة البلد: بناء على أن ماهية الحكومة هي وكالة بين الشعب والرئيس، فإنها تكون حينئذ من الموضوعات الصرفة الخارجة عن صلاحيات الفقيه، فإن مدار صلاحياته الحكم الشرعي، وأما تشخيص الموضوعات وتطبيق الأحكام عليها فهي من اختصاص المكلفين، وحينئذ وبحسب هذه النظرية يتقلص دور رجال الدين في الموارد الثلاثة المذكورة في النظرية السابقة فقط.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وأولئك هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة النور آية(4/5).
فسر الفقهاء كلمة (القذف) بالرمي بالفاحشة، اي: الزنا أو اللواط، مثل أن يقول لغيره: زنيت أو أنت زان، أو ليط بك، أو أنت منكوح في دبرك، أو أنت لائط، أو ما يؤدّي هذا المعنى، من دون بينة (وسيأتي بيان البينة) وذلك لان الرمي هو نفس القذف لغة وهو استعمال القرآن الكريم له لكن الروايات الشريفة استعملت كلمة (القذف) بكثرة كما سيأتي ذكر بعضها.
المراد من كلمة "رمى"
"الرمي" في الأصل هو اطلاق السهم أو قذف الحجر وأمثالهما، وطبيعي أنه يؤذي في معظم الأوقات، وقد استخدمت الكلمة هنا كناية عن اتهام الأشخاص وسبابهم ووصفهم بما لا يليق، لأن هذه الكلمات كالسهم يصيب الشخص ويجرحه.
ولعل ذلك هو السبب في استخدام هذه الآيات - والآيات المقبلة - لهذه الكلمة بشكل مطلق، فلم ترد الآية على هذا النحو (والذين يرمون المحصنات بالزنا) وإنما جاءت والذين يرمون المحصنات لأن مفهوم "يرمون" وخاصة مع ملاحظة القرائن الكلامية يستبطن معنى (الزنا)، وعدم التصريح به ولا سيما عند الحديث عن النساء العفيفات نوع من الاحترام لهن. وهذا التعبير مثال بارز لإكرام المتطهرين، ونموذج لاحترام الآدب والعفة في الكلام.
تفسير الامثل - ج ١١ - الصفحة ٢٣.
ما هو المراد من الاحصان؟
الإحصان هو المنع، ومنه الحصن الحصين أي المنيع يقال: أحصنت المرأة إذا عفت فحفظت نفسها وامتنعت عن الفجور، قال تعالى: التي أحصنت فرجها: «التحريم: 12» أي عفت.
فالمراد من المحصن والمحصنة هو العفيف والعفيفة وان لم يكونا متزوجين.
قذف المحصن والمحصنات في الروايات
عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: ومن رمى محصنا أو محصنة أحبط الله عمله، وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه (وفي بعض الروايات: وتنهش لحمه حيات وعقارب.)، ثم يؤمر به إلى النار. وسائل الشيعة ج 28 ص175.
وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه نهى قذف من ليس على الإسلام إلا أن يطلع على ذلك منهم، وقال: أيسر ما يكون أن يكون قد كذب. وسائل الشيعة ج 28 ص 173.
الإمام الرضا (عليه السلام): حرم الله قذف المحصنات، لما فيه من إفساد الأنساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف، وما فيه من المساوئ والعلل التي تؤدي إلى فساد الخلق. البحار: ٧٩ / ١١١.
لماذا أربعة شهود؟
من المعلوم أن شاهدين عادلين يكفيان - في الشريعة الإسلامية - لإثبات حق، أو ذنب اقترفه شخص ما، حتى وإن كان قتل النفس. أما في إثبات الزنا فقد اشترط الله تعالى أربعة شهود. وقد يكون ذلك لأن الناس يتعجلون الحكم في هذه المسألة، ويتطاولون بإلصاق تهمة الزنا بمجرد الشك، ولهذا شدد الإسلام في هذا المجال ليحفظ حرمات الناس وشرفهم. أما في القضايا الأخرى - حتى قتل النفس - فإن موقف الناس يختلف.
إضافة إلى أن قتل النفس ذو طرف واحد في الدعوى، أي إن المجرم واحد، أما الزنا فذو طرفين، حيث يثبت الذنب على شخصين أو ينفى عنهما، فإذ كان المخصص لكل طرف شاهدين، فيكون المجموع أربعة شهود.
وهذا الكلام تضمنه الحديث التالي: عن أبي حنيفة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أيهما أشد الزنا أم القتل؟ قال: فقال (عليه السلام): القتل: قال: فقلت: فما بال القتل جاز فيه شاهدان، ولا يجوز في الزنا إلا أربعة؟ فقال لي: ما عندكم فيه يا أبا حنيفة، قال: قلت: ما عندنا فيه إلا حديث عمر، إن الله أجرى في الشهادة كلمتين على العباد، قال: ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنا فيه حدان، ولا يجوز أن يشهد كل اثنين على واحد، لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد، والقتل إنما يقام الحد على القاتل ويدفع عن المقتول. تفسير الأمثل - ج ١١ - الصفحة ٢٤.
فقهيات
1ـ حد القاذف
قال تعالى:(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).
وعن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: إذا قذف الرجلُ الرجلَ فقال: إنك تعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال، قال: يجلد حد القاذف ثمانين جلدة.
عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في امرأة قذفت رجلا، قال: تجلد ثمانين جلدة. وسائل الشيعة ج 28 2 ـ باب ثبوت الحد على القاذف ثمانين جلدة.
علة ضرب القاذف
وعن الرضا (عليه السلام) فيما كتب إليه: وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة، لان في القذف نفي الولد، وقطع النسل، وذهاب النسب، وكذلك شارب الخمر، لأنه إذا شرب هذى، وإذا هذى، افترى، فوجب عليه حد المفتري. وسائل الشيعة ج 28 ص171.
2ـ يعتبر في القاذف والمقذوف البلوغ والعقل، فلو قذف الصبي أو المجنون لم يحدّ.
جاء في صحيحة فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «لا حدّ لمن لا حدّ عليه، يعني: لو أنّ مجنوناً قذف رجلاً لم أرَ عليه شيئاً، ولو قذفه رجل فقال: يا زان، لم يكن عليه حدّ» الوسائل 28: ب19 من أبواب مقدمات الحدود ح 1.
وصحيحة أبي مريم الأنصاري، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل، هل يجلد ؟ «قال: لا، وذلك لو أنّ رجلاً قذف الغلام لم يجلد» الوسائل 28: 185 / أبواب حد القذف ب 5 ح 1.
3ـ إذا عفا المقذوف حدّ القذف عن القاذف فليس له المطالبة به بعد ذلك.
جاء في معتبرة سماعة بن مهران عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يفتري على الرجل فيعفو عنه، ثمّ يريد أن يجلده بعد العفو «قال: ليس له أن يجلده بعد العفو» الوسائل 28: 207 / أبواب حد القذف ب 21 ح 1.
4ـ يثبت القذف بشهادة عدلين وذلك لإطلاق ادلة البينة في الشريعة.
5ـ لو تقاذف محصنان درئ عنهما الحد، ولكنهما يعزران.
جاء في صحيحة أبي ولاد الحناط، قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: أتي أمير المؤمنين (ع) برجلين قذف كل واحد منهما صاحبه بالزنا في بدنه، قال: فدرأ عنهما الحد وعزرهما) الوسائل الجزء: 18 الباب: 18 من أبواب حد القذف، الحديث: 1، 2.
6ـ إذا مات المقذوف قبل أن يطالب بحقه أو يعفو، فلأوليائه من أقاربه المطالبة به، كما أن لهم العفو، فإن تعدد الولي كما إذا مات عن ولدين أو أخوين، فعفا أحدهما، كان للآخر المطالبة بالحق، ولا يسقط بعفو الأول.
يدل على ذلك معتبرة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سمعته يقول: إن الحد لا يورث كما تورث الدية والمال، ولكن من قام به من الورثة فهو وليه، ومن تركه فلم يطلبه فلا حق له، وذلك مثل رجل قذف وللمقذوف أخ (أخوان)، فإن عفا عنه أحدهما كان للآخر أن يطلبه بحقه، لأنها أمهما جميعا، والعفو إليهما جميعا). الوسائل الجزء: 18 الباب: 22 من أبواب حد القذف، الحديث: 2، 3.
السؤال: شخص لديه وسواس في كل شيء الحلال والحرام والمال اذا كان هذا المال حلال أو حرام والصيام والاغتسال والوضوء وقراءة القرآن والتسبيحات وكل شيء ما أحكامه؟
الجواب: في التشريع الإسلامي قواعد مهمة ينبغي أن يلتزم بها المسلم، سواء كان لديه حالة الوسواس أم لا، وهي قواعد تساعد الإنسان على تحقيق النجاح والشعور بالسعادة، فالله سبحانه خلق الإنسان في هذه الحياة ليرحمه، وجعل التشريعات طريقاً لسعادته.
يقول تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)
(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
وعن رسول الله (بعثت بالحنيفية السمحة السهلة) وعنه (لا ضرر ولا ضرار)
من هذه القواعد:
1- أصل الطهارة، فكل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس.
2- أصل الحلية، فكل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام.
3- اليقين لا يبطله الشك، فكل شك بعد الفراغ من العمل لا يؤخذ به.
وهكذا يمكن للإنسان أن يقي نفسه من حالات الشك والوسواس بالالتزام بالقواعد الشرعية التي تجعله قوياً في مواجهة المواقف المختلفة.
السؤال: ما رأيكم بزيارة النساء للاماكن المقدسة بمفردهن بدون ازواجهن او أحد من محارمهن؟
الجواب: العبرة في ذلك بان تأمن على نفسها من الوقوع في الحرام، نعم اذا كانت متزوجة فلابد ان تستأذن زوجها، واذا كان احد ابويها او كلاهما حياً وكان يتأذى خوفاً عليها من مخاطر السفر لم يجز لها مخالفته في ذلك.
السؤال: ارى بعض الأشخاص عندما يصلون إلى ضريح الامام المعصوم (عليه السلام) يسجدون عند بوابة الضريح ما حكم ذلك الفعل؟
الجواب: لا يجوز السجود لغير الله تعالى فإما أن يسجد لله تعالى عند بوابة الحرم الشريف شكراً لله حيث وفقّه لزيارة الامام عليه السلام ويقصد بذلك الخضوع واظهار التذلل والعبودية لله تعالى حيث مهّد له المقدمات وسهّل له الزيارة وإما ان ينحني ويقبّل عتبة الامام (عليه السلام) لا بقصد العبودية بل لمجرد الاحترام واظهار الحب والولاء والاحوط ان لا يضع جبهته على الارض ولا يكون كهيئة الانسان الساجد حين تقبيل العتبة الشريفة.
السؤال: ما هي الوسائل الكفيلة بان يخشع الانسان في صلاته وزياراته لمراقد الائمة الاطهار (عليهم السلام)؟
الجواب: يحصل الخشوع ـ ببعض مراتبه ـ اذا توجه حين القيام الى الصلاة الى عظمة الرب وانه عبد حقه مفتقر اليه في جميع شؤونه الدنيوية والاخروية وان يريد الوفود عليه والمثول بين يديه والتكلم معه مع الالتفات الى معاني ما يتلوه من الذكر الحكيم وغيره من الاذكار والادعية وهكذا في زيارته لمراقد النبي والائمة الاطهار (عليهم السلام) اذا استذكر ما تحملوه من المصائب والالام في سبيل الله وترويج دينه ومواقفهم في التضرع الى الله والتخشع له ربما رق قلبه وخشع ولا يخشع القلب ـ كما ينبغي ـ الا اذا صفا ـ كما اشار اليه امير المؤمنين (عليه السلام) في بعض كلماته.
السؤال: هل يجوز قراءة زيارة عاشوراء واداء السجدة فيها للمرآة في الدورة الشهرية؟
الجواب: يجوز.
السؤال: ينقل البعض بان زيارة الاربعين للامام الحسين عليه السلام غير ثابتة فما هو راي سماحتكم؟
الجواب: لا يصغى الى ما ينقل بهذا الشأن.
*مطابقة لفتاوى سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)