الإمامة

من كنت مولاه فهذا علي مولاه.. ما معنى كلمة «مولى»؟
السؤال: ما معنى كلمة (مولى) الواردة في حديث الغدير (من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه)، هل هي مشترك لفظيّ أو معنويّ، وما الفرق بينهما أرجو توضيح ذلك؟

 

الجواب: اعلم أخي السائل الكريم أنَّ علماء اللّغة ذكروا أنَّ لفظ (المولى) له معانٍ كثيرة، فهو يأتي بمعنى الربُّ، والمَالكُ، والسيِّد، والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والناصر، والمُحِبّ، والتابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه. [انظر كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ج:5 ص228].

وقد أستعمل القرآن الكريم لفظ (المولى)، في أكثر من معنى:

1- بمعنى (الأولى) كما في قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [سورة الحديد: 15].

2- بمعنى (المتصرّف)، كما في قوله تعالى:- ﴿..فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [سورة الحج : 78].

3- بمعنى (الناصر)، كما في قوله تعالى:- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [سورة محمد: 11].

4- بمعنى (الوارث)، كما في قوله تعالى:- ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ [سورة النساء: 33].

5- بمعنى (الصاحب)، كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [سورة الدخان: 41].

6- بمعنى (المالك)، وقد جاء ذلك في قوله تعالى:- ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [سورة النحل: 76].

ومن خلال ما تقدم تبّين لك أنَّ لفظ (المولى) قد دلّ على معانٍ متعدّدة، واللفظ الذي يدلُّ على معانٍ متعدّة تارة يُعدُّ من المشترك اللفظيّ وتارة يُعدُّ من المشترك المعنويّ، فإذا تبيّن ذلك فاعلم أنّ أهل السنّة عَـدّوا لفظ المولى من المشترك اللّفظيّ، في حين أنّ الشيعة الإماميّة عَدّوه من المشترك المعنويّ.

ولكي نعرف القول الفصل في هذه المسألة، فإنّه لا بُدّ من معرفة المراد من المشترك اللّفظيّ والمشترك المعنويّ، إذْ على أساسهما يتبيّن لك الحقّ في هذه المسألة، فَهَاكَ بيانهما:

أمّا المشترك اللّفظيّ، فإنّه يُراد به اللفظ الموضوع لحقيقتين مختلفتين أو أكثر وضعاً، أوّلاً من حيث هما كذلك، [ينظر: المحصول في علم الأصول للرازيّ ج1ص261].

والمشترك المعنويّ، هو: (اللّفظ الموضوع لحقيقتين أو أكثر من حيث 

 مشتركة في معنى واحد). [انظــر : نهايــة الوصــول في درايــة الأصــول (/١ -٢١٣ ٢١٤)، وشرح الكواكب (/١ ١٣٤) ، الكلّيات لأبي البقاء (ص -١١٨ ١٢٠) ، أصول الفقه لأبى زهرة (ص ١٠٠ )].

وبعبارة أخرى: فإنّ المشترك المعنويّ هو اشتراك المعاني المتعدّدة في معنى واحد جامع.

وأمّا المشترك اللّفظيّ فهو اللفظ الذي تعدّد معناه وقد وضع للجميع كلٌّ على حدة، ولكن من دون أن يسبق وضعه لبعضها على وضعه للآخر مثل (عين) الموضوع لحاسّة النظر وينبوع الماء والذهب ومثل (الجون) الموضوع للأسود والأبيض. 

إذنْ نفهم من المشترك المعنويّ أنّ موضوعه المعاني المتعدّدة وليس الألفاظ المتعدّدة. (المصدر: المنطق للشيخ المظفر).

وبذلك يتّضح الفارق بينهما إذْ ليس للاشتراك المعنويّ إلّا وضعا واحدا، وهو وضع اللفظ لمعنى كلّي، جامع بين أفراده وهو بخلاف الاشتراك اللفظيّ الذي يتعدّد فيه الوضع بعدد المعنى الذي يراد وضع اللفظ له. 

فإذا تبيّن ذلك، فاعلم أنّ الشيعة الإماميّة ذهبوا إلى لفظ (المولى) يُعَـدُّ من المشترك المعنويّ، وَهَاكَ بعضاً من أقوالهم :

1- قال الحافظ يحيى بن البطريق (المتوفّى: 600 ه): ٱعلم أنّ لفظة مولى في اللغة تنقسم على عشرة أوجه: أوّلها – (الأولى) وهو الأصل والعماد، التي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام. [عمدة عيون صحاح الأخبار ج1ص141].

2- قال القاضي نور اللّه التّستريّ (المتوفّى: 1019 ه): هو موضوع لمعنى واحد هو الأولى والمعاني العشرة أقسام له حاصلة حقيقيّة بإضافتها إليه. 

أمّا النّاصر فلأنّه اختصّ بالنّصرة فصار بها أولى من غيره. 

وأمّا ابن العمّ فلأنّه إنّما سمّي مولى لأنّه يعقل عن ابن عمّه ويحوز ميراثه فكان بذلك أولى من غيره. 

وأمّا الجار فلأنّه أولى بالملاصقة من البعيد. 

وأمّا الحليف فلأنّه أولى بنصرة حليفه ممّن لا خلف بينه وبينه. 

وأمّا المعتّق فلأنّه أولى بنصرة معتّقه من غيره. 

وأمّا المعتّق فلأنّه أولى بميراثه ممّا لا يعتقه.

وأمّا مالك الرّقّ فلأنّه أولى بتدبير عبده من غيره. 

وأمّا ضامن الجريرة فلأنّه ألزم نفسه ما يلزم المعتّق. 

وأمّا السيّد المطاع فلأنّه أولى بالطّاعة [الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ص184]. 

وأمّا المشترك اللفظيّ للمولى، فقد اختاره من علماء مخالفينا الحافظ ابن حجر المكّيّ (المتوفّى: 974 ه) إذْ قال: لا نسلّم أن معنى الولي ما ذكروه بل معناه الناصر لأنّه مشترك بين معان. [الصواعق المحرقة ج1ص107]. 

والعلّامة ابن الأمير الصّنعانيّ (المتوفّى: 1182 ه) إذْ قال: (عليّ مولى من كنت مولاه). قد سبق أنّ لفظ مولى مشترك بين معان. [التّنوير شرح الجامع الصّغير ج7ص337].

 ثُمّ إنّ ممّا يؤيّد أنّ لفظ المولى موضوعة لمعنى الأولى بالشيء، وهوَ الأصلُ الذي تنحدرُ عنه المعاني كلّها ما يلي:

1- لَمّا كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أولى بالنصرة، فحينئذٍ يصير عليٌّ (عليه السلام) أولى بها أيضا. 

2- أمّا الجار فعليّ (عليه السلام) أولى بمجاورة النبيّ من البعيد، وقد سُئل خالد بن قثم بن عباس ما لعليّ ورث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دون جدّك وهو عمّه؟ قال: إنّ عليّاً كان أوّلنا به لحوقا وأشدّنا ‌به ‌لصوقا [خصائص عليّ ص125].

3-أمّا المحبّ فالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) أولى بالمحبّة، فعليّ مثله وقد قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) (من ‌أحبّ ‌عليّا ‌فقد ‌أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليّا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله) [المعجم الكبير للطبرانيّ ج23ص380].

4-أمّا المطاع فالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) أولى بالطاعة، فعليّ أولى بها أيضا وقد قال (صلّى الله عليه وآله) (من أطاع عليّا فقد أطاعني، ومن عصى عليّا فقد عصاني) [المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيليّ ج1ص485). وكذا المعاني الأخرى.

بل حتّى على القول بالمشترك اللفظيّ، فإنّه يمكن حمل اللّفظ على أحد المعاني المتقدّمة بقرينتي الحال والمقال، وفيما يلي توضيح ذلك:

فأمّا بدلالة قرينة المقال، فمن المعلوم أنَّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) له الولاية المطلقة على الناس‌ فهو أحقّ بالمؤمنين من أنفسهم، فله أن يحكم فيهم بما يشاء كما في قوله تعالى: {النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [سورة الأحزاب: 6]. 

إذْ قال الطبريّ في تفسيره: يقول تعالى ذكره: (النبيّ) محمّد (أولى بالمؤمنين) يقول: ‌أحقّ ‌بالمؤمنين به (من أنفسهم) ، أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم. [جامع البيان عن تأويل آي القرآن ج20 ص208].

فإذا عرفت ذلك فقد ورد في الحديث موضع البحث قرينة مقالٍ متّصلة تفيد أنّ المولى هي بمعنى الأولى، إذْ ورد أنّ النّبيُّ (صلّى الله عليه وآله) أخذ الإقرار منهم بأولويّته بهم من أنفسهم حين أخذ بيد عليّ (عليه السلام)، فقال: "أتعلّمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال (صلّى الله عليه وآله): "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه" [مسند أحمد بن حنبل ج32ص56 بتحقيق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات..].

فلاحظ أنّ النبيّ (ص) ابتدأ حديثه بقوله: ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟ ، ثُمَّ عقبّها بفاء التفريع: فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، وهذا يقضي بأنّ المولى يراد به الأولى. أيْ من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه.

وأمّا بدلالة قرينة الحال، فإنّ النبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله) حين أمرِ بالصلاةِ جامعةً في السفرِ بالمنزلِ الوعر، في وقتَ الظهيرة، وقيامِه خطيباً بينَ جماهيرِ المسلمين، الذين يبلغُ عددُهم مائةَ ألفٍ أو يزيدون. فلا بدّ معَ هذا كلّه أن يكونَ مرادُ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بيانَ أمرٍ في غاية الأهمّية، وهو إمامةِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، وليس مجرّدَ بيانِ أنّ عليّاً محبٌّ لمَن أحببتُه وناصرٌ لمَن نصرتُه، كما يدّعي المخالفون.             

ونكتفي بهذا القدر. والحمد لله أوّلاً وآخراً.

2024/06/25
هل نحن مكلّفون بمعرفة الإمام (ع)؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).

[اشترك]

والسؤال: هل نحن مكلفون بموجب هذا الحديث بمعرفة الإمام ذاتاً، بحيث لو طلب من أحدنا الإشارة إليه وتعيينه وتحديده من بين مجموعة من الناس لاستطاع، أم إنا مكلفون بمعرفة صفته؟

أم أنه يكفينا مجرد معرفة كونه حياً وموجوداً كحجة حتّى لو كان غائباً؟

الجواب:

يُعد هذا الحديث متواتراً بين جميع الفرق الإسلاميّة، وقد روى الحديث أقطاب المحدّثين، فمن الشيعة: الكليني في الكافي، والصدوق في كمال الدين، والحميري في قرب الاسناد، والصفار في بصائر الدرجات، ومن أهل السنة منهم: البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأحمد بن حنبل في مسنده، وأبو داود الطيالسي والطبراني والحاكم والحسكاني وأبو نعيم والبيهقي والنووي والهيثمي وابن كثير.

ولعل البعض يوجه الحديث إلى كل إمام بر أو فاجر، فيشمل بذلك الحاكم الظالم، والسلطان الجائر، والرئيس السفيه وغير ذلك، ولا يعني هذا مقصود الشارع من المعرفة والاتباع، فالعقل لا يحكم بوجوب معرفة الظالم والجائر والسفيه، إذ المعرفة هداية إيصالية توصل عن طريقها إلى الحق، فضلاً عن كونها هداية إرائية تُري الحق والصلاح بهدايتهم إليه، ومن كان هذا شأنه من الظلم والجور فهو غير حقيق بأن يوصل الناس إلى الصلاح لفساده، وفاقدُ الشيء لا يعطيه.

إذن لا يمكن أن يقنعنا الآخرون باعراضهم عن أهل البيت عليهم السلام ليوصلهم الظالم إلى الحق، كما حدث في دعوى إمامة بني أمية وبني العبّاس، ومعلوم أن الذي أباح المدينة ورمى الكعبة بالمنجنيق وقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يكون هادياً مهدياً، ولا يحق لمن مزق القرآن وجعله غرضاً لرمي السهام كالوليد أن يؤم الناس للصلاح، وهكذا الذي قتل الهاشميين بشكل جماعي كالمنصور العبّاسي والذين أحيوا الطرب واللهو في مجالس المجون من العباسيين لا يصدق أن يوصلوا الناس إلى الحق والصلاح، فدعوى وجوب معرفتهم باطلة، إلاّ إذا اتصف الإمام بالصلاح والهدى، وسدد بالعصمة والتقوى، وأطاع الله في كل أحواله فهو حقيقٌ به أن يوصل أتباعه إلى منهج الرشاد ويهديهم إلى السداد.

وما يؤيد أن يكون الإمام الذي تجب معرفته، إمام هدى، ما رواه ابن بابويه بسنده إلى أبي جعفر عليه السلام: (من مات لا يعرف إمامه مات ميتةً جاهلية كفر ونفاق وضلال). (١).

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام بنفس الألفاظ، إلاّ أن بدل لفظ (نفاق) قال: (كفر وشرك وضلال). (2) 

ولا يختلف اثنان أن ولاة الجور وسلاطين الظلم، هم أهل ضلال، وذوو نفاق باظهارهم الإيمان واستبطانهم الكفر، وإظهارهم التقوى وكتمانهم الفسوق، كما هو في نفاق معاوية بتظاهره بالتقوى. ومثله مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك، وخلاف ذلك في تهتك أكثر ولاة الجور من الأمويين حيث لم يحتشموا أحداً من العالمين فاستباحوا كل محرم وهتكوا ستر كل ما ينبغي ستره، حتّى أعلنوا الفجور كما في أحوال الوليد بن عبد الملك ويزيد بن الوليد وأمثالهم من أهل العبث والمجون. ولا يفوتك ما رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء، وأمثاله عن ملاحم هؤلاء الأمويين ومثلهم بنو العبّاس الذين ارتكبوا كل محظور، وأباحوا كل محذور. وتاريخ آل أبي سفيان وأيام بني مروان ووقائع بني العبّاس شاهدةٌ على ذلك.

من هنا نستخلص أن يكون الإمام إمام هدى متصفاً بالصلاح، مسدداً بالعصمة، منصوصاً عليه من قبل الله تعالى، وهو مذهب الإمامية واتفاقهم بقضّهم وقَضيضهم.

إذن يجب معرفة الإمام لغرض اتباعه، ولا تكفي معرفة صفته دون الاهتداء إلى ذاته، والوقوف عليه بنحو عدم الاشتراك مع غيره، لأن الهداية الايصالية لا تتم بمجهول، ولا تخضع في كمالاتها لمبهم، ما لم يتم تشخيصه ومعرفته ذاتاً، لا صفةً.

وإلى هذا أشار الصادق عليه السلام إلى وجوب التحري عن ذات الإمام والحث على معرفة شخصه دون الاكتفاء بالوقوف على صفته أو بالسماع بأمره فقط.

فقد روى ابن بابويه بسنده عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أصلحك الله، بلغنا شكواك فأشفقنا، فلو أعلمتنا من بعدك؟ فقال: (إن عليّاً عليه السلام كان عالماً، والعلمُ يتوارث، ولا يهلكُ عالمٌ إلاّ بقي من بعده من يعلمُ مثل علمه أو ما شاء الله)، قلتُ: أفيسع الناس _ إذا مات العالم _ أن لا يعرفوا الذي بعده؟

فقال: (أما أهل البلدة فلا _ يعني المدينة _ وأما غيرهم من البلدان فقدر مسيرهم، إن الله يقول: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (3) ).

قال: قلتُ: أرأيت من مات في ذلك؟

قال: (بمنزلة من خرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثمّ أدركه الموتُ فقد وقع أجره على الله).

قال: قلتُ: فإذا قدموا بأي شيء يعرفون صاحبهم؟

قال: يُعطى السكينة والوقار والهيبة. (4) 

فتشخيص الإمام بمعرفته بالسكينة والوقار والهيبة دلالة على وجوب معرفة الإمام ذاتاً.

وعن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: قلتُ: إذا هلك الإمامُ فبلغ قوماً ليس بحضرتهم؟

 

قال: (يخرجون كلهم أو يكفيهم أن يخرج بعضهم؟ إن الله عز وجل يقول: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))، قال: (هؤلاء المقيمون في سعةٍ حتّى يرجع إليهم أصحابهم). (5) 

فقوله عليه السلام: (في سعةٍ) مشعرٌ على عدم قبول أعمال المكلفين دون معرفة الإمام، والذي في سعةٍ هو في عذر حتى يعرف الإمام، إلاّ أنه مغيى بغاية رجوع الرسول المتفحص عن خبر الإمام، فإذا رجع إليهم وعرفوا أمر الإمام فقد ارتفعت عنهم المعذرية وخوطبوا بالتكليف.

وفي نفس المعنى قال الرواي: إن بلغنا وفاة الإمام، كيف نصنع؟

قال عليه السلام: (عليكم النفير).

قلت: النفير جميعاً؟

قال: (إن الله يقول: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)) قلت: نفرنا، فمات بعضهم في الطريق؟

قال: فقال: (إن الله يقول: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً)) (6) فوجوب التفحص عن الإمام تعذيريٌ حتّى يقفوا على خبر الإمام عليه السلام، وإدراك أحدهم الموت وهو في حال التفحص معذور، لأن التفحص بذاته تكليف، وهو مقدمة واجب _ على القول بها _ يوصل إلى وجوب معرفة الإمام بذاته.

والاقتصار على معرفة الوصف دون معرفة الذات قد يوجب الوقوع في الاشتباه المؤدي إلى الخطأ في تشخيص الإمام، وهو في الشرك سواء.

فعن الإمام جعفر الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: (من أشرك مع إمام _ إمامتُه من عند الله _ من ليس إمامتُه من عند الله، كان مشركاً بالله). (7) 

ومعنى ذلك أن اتباع غير إمام الحق يوجب عبادة من يعبده من دون الله، وبذلك فسيكون التابع لغير إمام _ جزافاً _ عابداً لغير الله تعالى أو مشركاً بعبادته سبحانه _ كما يستظهر من الرواية _.

هذا في شأن الإمام الحاضر، أما الإمام في زمن الغيبة فيجب معرفته بذاته وخصوصياته، من حيث كونه موجوداً حياً منتسباً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي اسمه (محمّد) بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ السجاد بن الحسين الشهيد بن عليّ بن أبي طالب، بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها وعليهم من الله التحيات الزاكيات.

هذا ما يقتضي معرفة الإمام المهدي ذاتاً في غيبته.

أما ما يخص الإمام المهدي عليه السلام فمعرفته بعد ظهوره تتم من خلال معرفة علامات ظهوره ليتسنى لنا تشخيصه ذاتاً، وقد ذكرت علامات الظهور في محلها وتكفلت بها مطولات خاصة في هذا الموضوع، إلاّ أن هناك ملاحظات لا بدّ من مراعاتها في هذا الشأن.

الملاحظة الأولى: 

إن محاولة إيجاد مصاديق لشخصيات علامات الظهور غير دقيقة وكذلك التشبث ببعض الحوادث وكونها من علامات الظهور بشكل قطعي غير صحيح، نعم إمكانية إيجاد احتمالات مؤيدة بقرائن وشواهد تؤيد انطباق هذه العلامة على ذلك المصداق ومع هذا عدم القطع بذلك، وخلاصة الملاحظة: هو عدم التسرع في الحكم لئلا يؤثر ذلك على صدقية تعاطينا مع علامات الظهور.

الملاحظة الثانية: 

الحث على معرفة علامات الظهور وذلك يساعد على بناء الشخصية التكاملية، ولتنمية الشعور بالأمل والابتعاد عن حالة الاحباط واليأس جراء ما يعانيه الفرد الشيعي من الظلم والتنكيل.

الملاحظة الثالثة: 

إن التعامل مع أسانيد الروايات إحدى آليات الاستنباط الفقهي أي للوقوف على مدى صحة الرواية من عدمها، أما فيما يخص روايات الظهور فهي أشبه بالحالة الإنسانية التي ترافق الشخص في معرفة المستقبل، واستشراف ما يصبو إليه الإنسان وما تداهمه من أحداثٍ، لذا فهو يحاول أن يبحث عن الحقيقة ويتابع رواية هذه العلامات حرصاً منه على معرفة ما ينتظره من مصير، وهذا شأن أي إنسان بغض النظر عن كونه ثقة أو لا، إذن نحن لا نتحفظ على أسانيد هذه العلامات إذا لم تتعارض مع الكتاب والسنة والعقل.

الملاحظة الرابعة: 

يجب أن نراعي في علامات الظهور بما يخص المدن دواعي الرواة ودوافعهم، فلربما يحاول بعض الرواة التنكيل بمنطقة ما، لدافع سياسي أو عقائدي ليجعل من بعض علامات الظهور مثلبة يطعنُ فيها على أهلها، أو منقصة يستفيد من خلالها بالتنكيل على أتباعها، كما في رواية عبيد الله بن عمرو في مجلس معاوية مخاطباً بها بعض أهل العراق المعروفين بولائهم لعليّ عليه السلام، بأن الدجال يخرج من بلدكم ومن منطقة بابل بالضبط، في حين أن روايات الدجال تشير إلى أن قوة يهودية متواجدة في اصفهان يستفيد منها الدجال في تنفيذ خططه وتحركاته، فحاول عبد الله بن عمرو أن يطعن بأهل العراق وفي محضر معاوية باحدى علامات الظهور ليسخرها لخطه ويوجه فائدتها لمدرسته.

===============

الهوامش:

(١) الإمامة والتبصرة من الحيرة لابن بابويه القمي: ٢١٩ و٢٢٠/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام.

(2) السابق.

(3) التوبة: ١٢٢.

(4) الإمامة والتبصرة من الحيرة لابن بابويه القمي: ٢١٩ و٢٢٠.

(5) السابق.

(6) الإمامة والتبصرة من الحيرة لابن بابويه القمي: ٢٢٦.

(7) الإمامة والتبصرة من الحيرة لابن بابويه القمي: ٢٣١.

2024/06/05
هل يمكن إثبات العصمة بـ «العقل»؟!
يمكن اثبات ذلك من طريقين:

الأول: ما أفاده متكلم الإمامية هشام بن الحكم عندما سأله محمد بن أبي عمير عن الامام أهو معصوم؟ بأي شئ يعرف؟
فقال: إن جميع الذنوب [لها] أربعة أوجه: الحرص والحسد والغضب والشهوة فهذه منفية عنه، لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا. 
ولا يجوز أن يكون حسودا لان الانسان إنما يحسد من فوقه وليس فوقه أحد. 
ولا يجوز أن يغضب لشئ من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل. 
ولا يجوز له أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة لان الله عز وجل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا.. 

والثاني: ما أستدل به من أصحابنا العلامة الحلي من وجوه أربعة نذكرها:

     الأول: يجب أن يكون الامام معصوماً ليؤمن منه الزّيادة والنّقصان في صيانة وحفظ الشريعة لإنه حافظ للشرع.

     الثاني: يجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الظّلم والتّعدّي في الحدود.

     الثالث: لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدده وهذا تسلسل.  

     الرابع: لو جاز عليه الخطأ لسقط محله من القلوب فلا يتبع وهذا نقضا للغرض من نصبه ولزوم اتباعه.
والحمد لله أولا وآخرا

2024/05/08
ماهو دليل الإمامة في القرآن الكريم؟
المُؤكّدُ عندَ أهلِ النظرِ والمعرفةِ أنَّ الأدلّةَ على وجوبِ الإمامةِ مُحكمةٌ لا شُبهةَ فيها، فعلى مُستوى المفهومِ فإنَّ دلالةَ الأدلّةِ جازمةٌ على كونِ الإمامةِ رُكناً أصيلاً لا يستقيمُ الإسلامُ إلّا بها، وعلى ذلكَ لا تكونُ الإمامةُ ركناً عندَ الشيعةِ فحَسب وإنّما عندَ كلِّ عاقلٍ تدبّرَ القرآنَ وتفطّنَ لمقاصدِ الإسلام.

أمّا على مُستوى المِصداق فإنَّ الأدلّةَ مُنحصِرةٌ في إمامةِ أهلِ البيتِ خاصّةً دونَ غيرِهم، وهذا ما شهدَت به آياتُ القرآن وأجمعَت عليه مصادرُ المُسلمينَ الحديثيّةُ والتاريخيّة، ولا يكابرُ في ذلكَ إلّا صاحبُ هوىً أو جاهلٌ بمعنى الدليلِ وقيمتِه، وهناكَ عشراتُ الكُتبِ التي اهتمَّت بذلكَ وعملَت على بيانِه بما لا يدعُ مجالاً للشكِّ، ويبدو أنَّ السائلَ تجاهلَ كلَّ تلكَ الأدلّةِ ليقترحَ علينا نمطاً خاصّاً للأدلّة، وهوَ بذلكَ يجهلُ بأنَّ قيمةَ الدليلِ ليسَت في شكلِه أو أسلوبِ عرضِه وإنّما في إفادتِه للعِلمِ والقَطع، وهذا ما توافقَ عليهِ العُقلاء وسارَ عليهِ عُلماءُ الإسلام، فالقرآنُ ليسَ حُجّةً لكونِه نصّاً مُقدّساً وإنّما حُجّةٌ لكونِه يفيدُ عِلماً، ولذلكَ لا يجوزُ العملُ بالآياتِ المُتشابهة لعدمِ إفادتِها للعِلم، وعليهِ فإنَّ الحُجّةَ تدورُ مدارَ العِلم والقطع متى حصلَ ذلك وجبَ العملُ على طِبقه، وبالتالي إذا كانَ الدليلُ بطبعِه مُفيداً للعِلمِ عندَ العُقلاء لا يجوزُ رفضُه والمُطالبةُ باستبدالِه، ولا يفعلُ ذلكَ إلّا مُنكرٌ للحقِّ أو جاهلٌ بطُرقِ المعرفةِ والبُرهان. فقولُ السائل: (هل استدلَّ الإمامُ عليّ رضيَ اللهُ عنه على إمامتِه بآيةٍ منَ القُرآنِ الكريم؟) يقصدُ مِن ذلكَ الإيهامَ بأنَّ الأدلّةَ على إمامةِ الإمامِ عليٍّ (عليهِ السلام) محصورةٌ أوّلاً في القرآنِ الكريم، وثانياً في أن يكونَ عليهِ السلام هوَ الذي يستدلُّ على إمامتِه، وفي ذلكَ مُغالطةٌ واضحةٌ لأنَّ ثبوتَ الحقِّ لصاحبِه غيرُ موقوفٍ على تصريحِ صاحبِ الحقِّ بحقِّه، فإذا قامَ الدليلُ على أنّهُ صاحبُ حقٍّ ثبتَ له ذلكَ حتّى لو لم يُطالِب هوَ بذلك، وقد ثبتَ حقُّ الإمامِ (عليهِ السلام) في الإمامةِ والخلافةِ بأكثرَ مِن دليل، وليسَ بالضرورةِ أن تجري تلكَ الأدلّةُ على لسانِه وإنّما يكفي أن تكونَ مُلزِمةً للمُخالِف، وقد كانَت أخلاقُ أميرِ المؤمنينَ وحُسنُ تواضعِه تمنعانِه مِن إظهارِ قدرهِ وبيانِ شريفِ منزلتِه، ولذلكَ قالَ في جوابِه لمعاوية: (وَلَولاَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ مِن تَزكِيَـةِ الـمَرءِ نَفسَـهُ، لَذَكَـرَ ذَاكِرٌ فَضَائِـلَ جَمَّةً، تَعرِفُهَا قُلُوبُ الـمُؤمِنِينَ، وَلا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ)، وعندَما طالبَ سلامُ اللهِ عليه بحقِّه اعتبرَه البعضُ طامعاً في السّلطة، فقد جاءَ في خطابٍ له قولهُ: (وقد قالَ قائلٌ: إنّكَ على هذا الأمرِ يا بنَ أبي طالبٍ لحريص، فقلتُ: بل أنتُم واللهِ لأحرصُ وأبعَد، وأنا أخصُّ وأقرب، وإنّما طلبتُ حقّاً لي، وأنتُم تحولونَ بيني وبينَه، وتضربونَ وجهي دونَه، فلمّا قرعتُه بالحُجّةِ في الملأ الحاضرينَ هبَّ كأنّه بُهتَ لا يدري ما يُجيبُني به؟ اللهمَّ إنّي أستعديكَ على قُريش ومَن أعانهم! فإنّهم قطعوا رحمِي، وصغّروا عظيمَ مَنزلتي، وأجمعوا على مُنازعتِي أمراً هوَ لي، ثمّ قالوا: ألا إنَّ في الحقِّ أن تأخذَه وفي الحقِّ أن تتركَه ... إلخ الخُطبة) فليسَ منَ الواجبِ أن يُخبرَهم هوَ بفضلِه ومكانتِه وإنّما الواجبُ عليهم أن يعرفوا هُم ما جاءَ فيه مِن آياتٍ وأحاديث، ومعَ ذلكَ فقد احتجَّ عليهم بالحُججِ الدامغةِ والبراهينِ الواضحة إلّا أنَّ القومَ أبوا واستكبروا ورفضوا أن يذُعنوا للحقّ.  مُضافاً إلى ذلكَ أنَّ حصرَ الاستدلالِ بالقرآنِ دونَ الاستعانةِ بالسنّةِ لا يُؤدّي للتشكيكِ في الإمامةِ وحدِها وإنّما يؤدّي إلى التشكيكِ في مُعظَمِ المُسلّماتِ الإسلاميّة، فمثلاً قولهُ تعالى (أقيموا الصّلاة) لا تُصبِحُ دليلاً مُحكَماً على الصلاةِ التي يؤدّيها المُسلمونَ إذا أبعَدنا السنّةَ النبويّة؛ إذ كيفَ نُثبِتُ أنَّ الصّلاةَ التي أمرَت بها الآيةُ هيَ ذاتُها الصلاةُ التي نعرفَها كمُسلمين؟ وكذلكَ الصيامُ والحجُّ وجميعُ العباداتِ الإسلاميّة، وعليهِ فإنَّ الإحكامَ في الآياتِ لا يعني استبعادَ السنّةِ النبويّةِ والقرائنَ التي يستعانُ بها في فهمِ النصوص، وإنّما الإحكامُ في إفادةِ الدليلِ للمدلولِ مِن خلالِ النظرِ إليه محفوفاً بقرائنِه وشواهدِه، وهذا مُتحقّقٌ في كثيرٍ منَ الآياتِ التي تدلُّ بشكلٍ واضحٍ ومُحكَم على إمامةِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) كما أكّدَته السنّةُ النبويّة.وبعدَ ثبوتِ ذلكَ يتّضحُ دلالةُ الآياتِ التي استدلَّ بها عُلماءُ الشيعةِ على إمامةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) وهيَ كثيرةٌ ومُفصّلةٌ في محلِّها، وليسَ أمامَ السائلِ إن كانَ صادِقاً في بحثِه إلّا الرجوعُ إلى تلكَ الكُتبِ والوقوفُ على ما جاءَ فيها مِن أدلّةٍ بقلبٍ صافٍ وذهنٍ مُنفتِح. وقد رأيتُ منَ المُناسِبِ ذكرَ جوابِ الإمامِ عليٍّ (عليهِ السلام) على رسالةٍ أتَته مِن مُعاويةَ بنِ أبي سُفيان تدلُّ على جانبٍ مِن احتجاجاتِ أميرِ المؤمنينَ على مَن خالفَه ونازعَه حقَّه في الخلافةِ والإمامة، وقد قالَ فيها الشريفُ الرّضيُّ (مِن محاسنِ الكُتب)(أَمَّا بَعدُ، فَقَد أَتَانِي كِتَابُكَ تَذكُرُ [فِيهِ] اصطِفَاءَ اللهِ تَعَالى مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) لِدِينِهِ، وَتَأيِيدَهُ إِيَّاهُ بِمَن أَيَّدَهُ مِن أَصحَابِهِ، فَلَقَد خَبَّأَ لَنَا الدَّهرُ مِنكَ عَجَباً، إِذ طَفِقتَ تُخبِرُنَا بِبَلَاءِ اللهِ عِندَنَا، وَنِعمَتِهِ عَلَينَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنتَ فِي ذلكِ كَنَاقِلِ التَّمرِ إِلَى هَجَرَ، أَو دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَال. وَزَعَمتَ أَنَّ أَفضَلَ النَّاسِ فِي الإِسلاَمِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَذَكَرتَ أَمراً إِن تَمَّ اعتَزَلَكَ كُلُّهُ، وَإِن نَقَصَ لَم يَلحَقكَ ثَلمُهُ، وَمَا أَنتَ وَالفَاضِلَ وَالـمَفضُولَ، وَالسَّائِسَ وَالـمَسُوسَ! وَمَا لِلطُّلَقَاءِ وَأَبنَاءِ الطُّلَقَاءِ، وَالـتَّمييزَ بَينَ الـمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، وَتَرتِيبَ دَرَجَاتِهِم، وَتَعرِيفَ طَبَقَاتِهِم! هَيهَاتَ لَقَد حَنَّ قِدحٌ لَيسَ مِنهَا، وَطَفِقَ يَحكُمُ فِيهَا مَن عَلَيهِ الـحُكمُ لَهَا! أَلاَ تَربَعُ أَيُّهَا الإِنسَانُ عَلَى ظَلعِكَ، وَتَعرِفُ قُصُورَ ذَرعِكَ، وَتَتَأَخَّرُ حَيثُ أَخَّرَكَ القَدَرُ! فَمَا عَلَيكَ غَلَبَةُ الـمَغلُوبِ، وَلا لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ! وَإِنَّكَ لَذَهَابٌ فِي التِّيهِ، رَوَّاغٌ عَنِ القَصدِ. أَلاَ تَرَى ـ غَيرَ مُخبِرٍ لَكَ، لكِن بِنِعمَةِ اللهِ أُحَدِّثُ ـ أَنَّ قَوماً استُشهِدُوا في سَبِيلِ اللهِ مِنَ الـمُهاجِرينَ وَلِكُلٍّ فَضلٌ، حَتَّى إِذَا استُشهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ: سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَخَصَّهُ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) بِسَبعِينَ تَكبِيرَةً عِندَ صَلاتِهِ عَلَيهِ! أَوَلاَ تَرَى أَنَّ قَوماً قُطِّعَت أَيديِهِم فِي سَبِيلِ اللهِ ـ وَلِكُلٍّ فَضلٌ ـ حَتَّى إذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا كَمَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِم، قِيلَ: الطَّيَّارُ فِي الـجَنَّةِ وَذُو الـجَنَاحَينِ! وَلَولاَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ مِن تَزكِيَـةِ الـمَرءِ نَفسَـهُ، لَذَكَـرَ ذَاكِرٌ فَضَائِـلَ جَمَّةً، تَعرِفُهَا قُلُوبُ الـمُؤمِنِينَ، وَلا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ. فَدَع عَنكَ مَـن مَالَت بِه الرَّمِيَّةُ، فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا، وَالنَّاسُ بَعدُ صَنَائِعُ لَنَا.  لَم يَمنَعنَا قَدِيمُ عِزِّنَا، وَلا عَادِيُّ طَولِنَا عَلَى قَومِكَ أَن خَلَطنَاكُم بِأَنفُسِنَا، فَنَكَحنَا وَأَنكَحنا، فِعلَ الأَكفَاءِ، وَلَستُم هُنَاكَ! وَأَنَّى يَكُونُ ذلِكَ كَذَلِكَ وَمِنَّا النَّبِيُّ وَمِنكُمُ الـمُكَذِّبُ، وَمِنَّا أَسَدُ اللهِ وَمِنكُم أَسَدُ الأَحلاَفِ، وَمِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهلِ الـجَنَّةِ وَمِنكُم صِبيَةُ النَّارِ، وَمِنَّا خَيرُ نِسَاءِ العَالَـمِينَ وَمِنكُم حَمَّالَةُ الـحَطَبِ، فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَنَا وَعَلَيكُم! فَإِسلاَمُنَا مَا قَد سُمِعَ، وَجَاهِلِيَّتُنَا لا تُدفَعُ، وَكِتَابُ اللهِ يَجمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا، وَهُوَ قَولُهُ سُبحَانَهُ: (وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللهِ)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ أَولَى النَّاسِ بِإِبرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الـمُؤمِنِينَ)، فَنَحنُ مَرَّةً أولَى بِالقَرَابَةِ، وَتَارَةً أَولَى بِالطَّاعَةِ. وَلَـمَّا احتَجَّ الـمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنصَارِ يَومَ السَّقِيفَةِ بِرَسُولِ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فَلَجُوا عَلَيهِم، (أي فازوا عليهم) فَإِن يَكُنِ الفَلَجُ بِهِ فَالـحَقُّ لَنَا دُونَكُم، وَإِن يَكُن بِغَيرِهِ فَالأنصَارُ عَلَى دَعوَاهُم.  وقد أشارَ أميرُ المؤمنينَ إلى ذلكَ في احتجاجِه على أهلِ السقيفةِ بقوله: (أنا أحقُّ بهذا الأمرِ مِنكم، لا أبايعُكم، وأنتُم أولى بالبيعة ِلي، أخذتُم هذا الأمرَ منَ الأنصار، واحتججتُم عليهم بالقرابةِ منَ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) وتأخذونَه مِنّا أهلَ البيتِ غصباً؟ ألستُم زعمتُم للأنصارِ أنّكم أولى بهذا الأمرِ مِنهم لمّا كانَ مُحمّدٌ مِنكم، فأعطوكُم المقادةَ، وسلّموا إليكم الأمارة، وأنا أحتجُّ عليكم بمثلِ ما احتججتُم به على الأنصارِ، نحنُ أولى برسولِ اللهِ حيّاً وميّتاً، فأنصفونا إن كُنتم تؤمنون، وإلّا فبوؤوا بالظّلمِ وأنتُم تعلمون) وفي المُحصّلةِ كثيرةٌ هيَ الاحتجاجاتُ التي احتجَّ بها أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام) على مَن نازعَه الخلافةَ، وليسَ بالضرورةِ أن تكونَ الأدلّةُ بالشكلِ الذي تنسجمُ معَ السائلِ وإنّما المهمُّ أن تكونَ مُتوافقةً معَ منهجِ الإسلامِ وطريقةِ العُقلاء.

2024/02/08
كيف نثبت الإمامة من القرآن الكريم؟
ذكرَ اللهُ تعالى في القرآنِ «الإمامة» على نحوين: النحو الأوّل: ذُكرَت الإمامةُ بوصفٍ عامٍّ مثلَ قولِه تعالى: {وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة:24].

[اشترك]

وقولِه تباركَ اسمُه: {وجعلناهُم أئمّةً يهدونَ بأمرِنا ... وأوحينا إليهم فِعلَ الخيراتِ وإقامةَ الصلاةِ وإيتاءَ الزكاةِ وكانوا لنا عابدين} [الأنبياء 73].

النحو الثاني: ذُكرَت الإمامةُ بوصفٍ خاصٍّ مثلَ قولِه تعالى: {يا داوودُ إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرضِ فاحكُم بينَ الناسِ بالحق} [ص 26].

وقَوله تَعَالَى لإبراهيمَ عليهِ السلام: {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ فأتمهنَّ قالَ إنّي جاعلُكَ للنّاسِ إماماً قالَ ومِن ذُرّيّتي قالَ لا ينالُ عهدي الظالمين} [البقرة: 124].

وقولِه تعالى: { وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ . } [البقرة: 30]

نرى أنَّ الآياتِ تؤكّدُ أنّ الإمامةَ بالجعلِ والتنصيبِ والتنصيصِ والتعيينِ منَ الله تعالى: [وجعلناهُم أئمّة] وقوله: [وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً] وقوله: [يا داوودُ إنّا جعلناكَ خليفة] وقوله: [قالَ إنّي جاعلُك للنّاسِ إماماً] وقوله: [إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً]

فأصلُ الإمامةِ أسِّسَ لها في الكتابِ الكريم، لكن قد أوكلَ بيانُ مصاديقِ الائمّةِ في الإسلامِ لرسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله، وقد بيّنَ النبيُّ (ص) إمامةَ عليٍّ والأئمّةِ مِن ذُرّيّتِه عندَ نزولِ الكثيرِ منَ الآياتِ وأبرزها آيةُ التبليغ: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهدِي الْقَومَ الكَافِرِينَ . } [المائدة: 67] فبلّغَ النبيُّ (ص) إمامةَ خليفتِه عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) والأئمّةِ مِن ذُرّيّتِه، في واقعةِ غديرِ خُم، فنزلَت آية: { اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلَامَ دِينًا فَمَنِ اضطُرَّ فِي مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة: 3] حيثُ نصَّت الآيةُ أنَّ الدينَ كانَ ناقصاً، ولكنّهُ اكتملَ بعدَ تنصيبِ الإمامِ عليّ (ع)، وأنّ النعمةَ لم تكُن تامّةً، ولكنّها تمَّت بعدَ ولايةِ عليٍّ (ع)، وأنّ اللهَ لم يرضَ الإسلامُ للمُسلمينَ ديناً إلّا بعدَ ولايةِ عليٍّ بنِ أبي طالب (ع). كما هوَ نصُّ الآيةِ الكريمة.

وأيضاً بيّنَ اللهُ إمامةَ الأئمّةِ بعد النبيّ (ص) في قولِه تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرِ مِنكُم} [النساء: 59] حيثُ بيّنَ اللهُ أنُّ طاعةَ أولي الأمرِ على وزنِ طاعةِ اللهِ ورسولِه، غيرُ مُحدّدةٍ ولا مُقيّدةٍ بقيد ولا شرطٍ ولا زمانٍ ولا مكان، وهذا يقتضي عصمةَ أولي الأمر، كما اعترفَ به الفخرُ الرّازي أيضاً، وهذا لا ينطبقُ إلّا على أئمّةِ أهلِ البيت (ع)، وقد بيّنَ النبيُّ (ص) أنّ الأئمّةَ الإثني عشر هُم أولوا الأمرِ الذين يجبُ على الأمّةِ طاعتُهم.

وأيضاً بيّنَ اللهُ تعالى إمامةَ الأئمّةِ بعدَ رسولِ الله (ص) في قولِه تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ } [المائدة 55]

وهذهِ الآيةُ استفاضَت النصوصُ مِن طُرقِ المُخالفين أنّها نزلَت في عليٍّ بنِ أبي طالب (ع) في واقعةِ التصدّقِ بالخاتم، فيكونُ وليُّ المؤمنينَ بعدَ اللهِ ورسولِه هوَ عليٌّ بنُ أبي طالب (ع).

روى الكُلينيّ بسندٍ صحيحٍ عن أبي بصيرٍ قالَ: سألتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام عن قولِ اللهِ عزَّ وجل: { أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ مِنكم } فقالَ : نزلَت في عليّ بنِ أبي طالبٍ والحسنِ والحُسين عليهم السلام : فقلتُ له : إنَّ الناسَ يقولون : فما لهُ لم يُسمِّ عليّاً وأهلَ بيتِه عليهم السلام في كتابِ اللهِ عزَّ وجل ؟

فقالَ- عليهِ السلام -: قولوا لهم: إنَّ رسولً الله صلّى اللهُ عليهِ وآله نزلت عليهِ الصّلاة ولم يسمِّ اللهُ لهُم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله هوَ الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَت عليهِ الزكاةُ ولم يُسمِّ لهُم مِن كلِّ أربعينَ درهماً درهم، حتّى كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله هو الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَ الحجُّ فلم يقُل لهُم: طوفوا أسبوعاً حتّى كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله هوَ الذي فسّرَ ذلكَ لهم، ونزلَت "" أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ منكم "" - ونزلَت في عليٍّ والحسنِ والحُسين - فقالَ رسولُ الله صلًى اللهُ عليهِ وآله: في عليٍّ: مَن كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه، وقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله أوصيكم بكتابِ اللهِ وأهلِ بيتي، فإنّي سألتُ اللهَ عزَّ وجل أن لا يفرّقَ بينَهما حتّى يوردَهما عليَّ الحوض، فأعطاني ذلكَ وقال: لا تعلّموهم فهُم أعلمُ منكم، وقالَ: إنّهم لن يُخرجوكم مِن بابِ هُدىً، ولن يدخلوكُم في بابِ ضلالة، فلو سكتَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فلم يُبيّن مَن أهلُ بيتِه، لادّعاها آلُ فلان وآلُ فلان، لكنَّ اللهَ عزَّ وجل أنزلَه في كتابِه تصديقاً لنبيّه صلّى اللهُ عليهِ وآله: "إنّما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيت ويطهّرَكم تطهيراً" فكانَ عليٌّ والحسنُ والحُسين وفاطمةُ عليهم السلام، فأدخلَهم رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله تحتَ الكساءِ في بيتِ أمِّ سلمة، ثمَّ قال: اللهمَّ إنَّ لكلِّ نبيٍّ أهلاً وثقلاً وهؤلاءِ أهلُ بيتي وثقلي، فقالَت أمُّ سلمة: ألستُ مِن أهلِك؟ فقالَ: إنّكِ إلى خيرٍ ولكنَّ هؤلاءِ أهلي وثقلي، فلمّا قُبضَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ عليٌّ أولى الناسِ بالناسِ لكثرةِ ما بلغَ فيه رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وإقامتِه للنّاسِ وأخذهِ بيدِه، فلمّا مضى عليٌّ لم يكُن يستطيعُ عليٌّ ولم يكُن ليفعلَ أن يدخلَ محمّدَ بن عليّ ولا العبّاسَ بن عليّ ولا واحداً مِن ولدِه إذاً لقالَ الحسنُ والحُسين: إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أنزلَ فينا كما أنزلَ فيكَ فأمرَ بطاعتِنا كما أمر بطاعتِك وبلّغَ فينا رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وآله كما بلّغَ فيكَ وأذهبَ عنّا الرّجسَ كما أذهبَه عنك، فلمّا مضى عليٌّ عليهِ السلام كانَ الحسنُ عليهِ السلام أولى بها لكبرِه، فلمّا توفّيَ لم يستطِع أن يدخلَ ولدَه ولم يكُن ليفعلَ ذلكَ واللهُ عزَّ وجل يقول: "" وأولو الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله "" فيجعلها في ولدِه إذاً لقالَ الحُسين أمرَ اللهُ بطاعتي كما أمرَ بطاعتِك و طاعةِ أبيك وبلّغَ في رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله كما بلّغَ فيكَ وفي أبيكَ وأذهبَ اللهُ عنّي الرجسَ كما أذهِبَ عنكَ وعن أبيك، فلمّا صارَت إلى الحُسين عليهِ السلام لم يكُن أحدٌ مِن أهلِ بيتِه يستطيعُ أن يدّعي عليه كما كانَ هو يدّعي على أخيهِ وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمرَ عنه ولم يكونا ليفعلا ثمَّ صارَت حينَ أفضَت إلى الحُسين عليهِ السلام فجرى تأويلُ هذه الآية "" وأولو الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله "" ثمَّ صارَت مِن بعدِ الحُسينِ لعليٍّ بنِ الحُسين، ثمَّ صارَت مِن بعدِ عليٍّ بنِ الحُسين إلى محمّد بنِ علي عليهِ السلام (1).

وهناكَ آياتٌ كثيرةٌ استدلَّ بها الإماميّةُ على إمامةِ أئمّةِ أهلِ البيت عليهم السلام فذكرَ العلّامةُ الحلّي في كتابِه: «نهجُ الحق» ثمانينَ آيةً تدلُّ على إمامتِهم عليهم السلام. 

الهوامش: 1- أصولُ الكافي ج 1 ص 286 ، بابُ ما نصَّ اللهُ عزَّ وجل ورسولُه على الائمّةِ عليهم السلام واحداً فواحداً رقمُ الحديث: (1).
2024/02/08
هل ذكر القرآن الكريم الإمامة؟
النقطة الأولى : نحن نؤكد بأن الإمامة ركن من أركان الإسلام لا يقوم الإسلام إلا به وفقاً لما يحكم به العقل و الفطرة الإنسانية أولاً ، و لما بين أيدينا من النصوص المعتبرة ثانياً .


لكن ليس لازم كون الإمامة ركناً من أركان الإسلام أن تكون كل تفاصيله موجودة في القرآن الكريم بصورة صريحة حتى يتم قبوله ، و إلا فيكون لنا الحق في رده !
ألا ترى أن الصلاة التي هي عمود الدين و ركن من أركان الإسلام ،‌ و كذلك الحج و الزكاة و هما أيضاً من أركان الإسلام ـ بنص الأحاديث النبوية الشريفة ـ لا تجد في القرآن الكريم بياناً لتفاصيلها ، فمثلاً أين تجد في القرآن الكريم ذكراً لعدد ركعات الصلوات ، أو الركوع و السجود و أذكارهما و ما إليها من الأحكام المهمة التي لا تقوم الصلاة و لا تصح إلا بها .

و لو تتبعت لوجدت أن القرآن يُشير إلى الأصول و الكليات ـ في الغالب ـ و أما التفاصيل فيتركها لشخص رسول الله محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) إذ هو الكفيل ببيانها و تطبيقها ، كما صرَّح بذلك القرآن الكريم في أكثر من آية .

قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ 1 .
النقطة الثانية : ثم أنه أي فرقٍ بين بيان القرآن الكريم و بيان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و قد قال الله عَزَّ و جَلَّ فيه : ﴿ ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ 2 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ 3 ـ إلى غيرها من الآيات الكريمة الأخرى ـ . فما ثبت صدوره من الرسول ( صلى الله عليه و آله ) هو ككلام الله عَزَّ و جَلَّ في الحجية و لزوم الأخذ به .
النقطة الثالثة : و بناءً على ما تقدم فالتبرير بعدم وجود آية في القرآن الكريم تنادي بإسم الإمام علي ( عليه السَّلام ) صراحة بعد وجود الآيات القرآنية العديدة المدعومة بالأحاديث الصحيحة الصريحة المُثبتة لولايته و إمامته ـ التي سنذكر نماذج منها ـ تبرير غير علمي و غير صحيح .
النقطة الرابعة : مضافاً إلى أنه ليس لنا أن نطالب الله عَزَّ و جَلَّ بالآيات حسب تقديرنا ، و كأننا نحن الذين نحدد ضرورتها أو عدم ضرورتها ، فالله سبحانه و تعالى هو العالم الحكيم اللطيف الخبير الذي يُنزل الآيات في ما يريد و يشاء حسب المصالح الكبرى و الحكمة البالغة .
النقطة الخامسة : إنني أتساءل و أقول لمن يُطالب بآية صريحة تُعلن إمامة أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) : بالله عليك هل أنك وجدت في القرآن الكريم نصاً صريحاً ـ أو حتى نصاً غير صريح ـ يذكر أسماء الخلفاء الثلاثة الذين خلفوا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) قبل الإمام علي ( عليه السَّلام ) فواليتهم و قبِلت بخلافتهم حتى جئت تطالب بآية صريحة تذكر إسم علي ( عليه السَّلام ) ؟!
النقطة السادسة : كل هذا و النصوص متواترة متضافرة على إمامة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و ولاية ، و أفضليته من جميع الجهات ، و خلافته الحصرية للرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و هي أكثر من أن تُعدَّ أو أن تُحصى ، و فيما يلي نذكر نماذج منها :

الآيات الدالة على إمامة علي ( عليه السَّلام ) و خلافته بعد النبي ( صلى الله عليه و آله ) دون غيره أبداً

1 ـ آية الولاية

و هي قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ 4 5 .

قصة نزول آية الولاية

يؤكد المفسرون في عشرات الكتب على نزول هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) بعد تصدّقه بخاتمه الذي كان يتختَّم به في خِنْصَره 6 الأيمن و هو راكع في صلاته .
ثم إن المصادر الإسلامية التي ذكرت أن الآية قد نزلت في الإمام علي ( عليه السَّلام ) هي أكثر من أربعين كتابا ، أما العلماء و المفسرون الذين ذكروا الآية فهم أكثر من أن يتسع المجال لذكرهم ، إلا إننا نشير إلى نماذج منهم كالتالي :
النموذج الأول ـ الزمخشري : جار الله محمود بن عمر المتوفى سنة : 528 هجرية ، قال في تفسير هذه الآية : و إنها نزلت في علي ( كرّم الله وجهه ) حين سأله سائل و هو راكع في صلاته ، فطرح له خاتمه كأنه كان مَرِجا 7 في خنصره فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته .
قال الزمخشري : فان قلت : كيف يصح أن يكون لعلي ( رضي الله عنه ) و اللفظ لفظ جماعة ؟ قلت : جيء به على لفظ الجمع و إن كان السبب به رجلاً واحداً ، ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، و لينبّه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر و الإحسان و تفقّد الفقراء ، حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير و هم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها 8 .
النموذج الثاني ـ الرازي : فخر الدين الرازي المتوفى سنة : 604 هجرية ، قال : روي عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) قال : صليت مع رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) يوما صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السماء و قال : اللهم اشهد أني سألت في مسجد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) فما أعطاني أحد شيئا ، و علي ( عليه السَّلام ) كان راكعا ، فأومأ إليه بخِنْصَره اليمنى و كان فيها خاتم ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) فقال ـ أي النبي ـ :
" اللهم إن أخي موسى سألك فقال : ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴾ 9 إلى قوله : ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ 10 فأنزلت قرآنا ناطقا ﴿ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ... ﴾ 11 اللهم و أنا محمد نبيك و صفيك فأشرح صدري و يسّر لي أمري و أجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري " .
قال أبو ذر : فو الله ما أتم رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) هذه الكلمة حتى نزل جبريل فقال : يا محمد اقرأ : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 12 .
النموذج الثالث ـ الكنجي : أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الشافعي ، المتوفى سنة : 658 ، رَوى عن أنس بن مالك أن سائلا أتى المسجد و هو يقول : من يقرض الملي الوفي ، و علي ( عليه السَّلام ) راكع ، يقول بيده خلفه للسائل 13 ، أي إخلع الخاتم من يدي ، قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : " يا عمر وجبت " .
قال : بابي أنت و أمي يا رسول الله ما وجبت ؟
قال : " وجبت له الجنة ، والله ما خلعه من يده حتى خلعه الله من كل ذنب و من كل خطيئة " .
قال : فما خرج أحد من المسجد حتى نزل جبرائيل ( عليه السَّلام ) بقوله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 12 ، فأنشأ حسان بن ثابت يقول :
أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي * و كل بطيء في الهدى و مسارع
أيذهب مديحك المُحير ضايعا * و ما المدح في ذات الإله بضايع
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع * فدتك نفوس القوم يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير سيّد * و يا خير شار ثم يا خير بايع
فأنزل فيك الله ولاية * فأثبتها في محكمات الشرايع 14
ثم إن أكثر من أربعين كتابا من كتب التفسير و الحديث جاء فيها أن الآية إنما نزلت في الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) لا مجال لذكرها ، لكن لا بُدَّ هنا من الإشارة إلى نقاط توضيحية هي :

نقاط ذات أهمية

1. لا خلاف بين الفريقين سنة و شيعة أن الآية قد نزلت في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
2. أن الآية كما أثبتت الولاية لله تعالى و للرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أثبتتها للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) أيضاً ، أما ولاية الله تعالى و الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) فلا خلاف و لا نقاش فيها ، و أما ولاية الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) فثابتة كذلك بدلالة نزول الآية فيه ( عليه السَّلام ) .
3. رغم أن لفظة " الولي " تحمل عدة معاني و هي : المالك للأمر و الأولى بالتصرف ، الناصر ، الحليف ، المحبّ ، الصديق ، الوارث ، و ما إلى ذلك من المعاني ، إلا أن المعنى المناسب بالنسبة لهذه الآية هو : المالك للأمر و الأولى بالتصرف ، أي من له الولاية على أمور الناس ، إذ إعطاء الولي معنى آخر لا ينسجم مع أداة الحصر " إنما " الدالة على حصر الولاية بالمعنى المذكور في الله و الرسول و علي ، و كل المعاني الأخرى لا تتلاءم مع هذه الصيغة الحصرية كما هو واضح ، هذا و إن القرائن التي تزامنت مع نزول الآية تؤكد على أن المراد من معنى الولاية هو ما ذكرناه .

2 ـ آية الصادقين

و هي قول الله عز وجل : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ 15 و الصادقون هم علي ( عليه السَّلام ) و أصحابه ، فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور بعد ذكر الآية : و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ﴿ ... اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ 16 ، قال : مع علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) 17 .

3 ـ الآية الثالثة

و هي قول الله تعالى : ﴿ ... إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ 18 و المقصود بالمنذر في هذه الآية هو النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) و بالهادي علي ( عليه السَّلام ) كما صرح بذلك جمع من العلماء 19 ، فقد روى في مستدرك الصحيحين بسنده عن عباد بن عبد الله عن علي ( عليه السَّلام ) ﴿ ... إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ 18 ، قال علي ( عليه السَّلام ) : " رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) المُنذر ، و أنا الهادي " 20 .

4 ـ آية اولي الامر

و هي قول الله جل جلاله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... ﴾ 21 و المقصود بأولي الأمر هو علي ( عليه السَّلام ) و الأئمة ( عليهم السلام ) من وُلده كما صرَّح بذلك غير واحد من علماء و مفسري السُنة 22 .

5 ـ آية التبليغ

و هي قول الله عز و جل : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ 23 .
و لقد صرّح الكثير من المفسرين بأن نزول آية التبليغ كان في يوم الغدير لدى رجوع النبي ( صلى الله عليه و آله ) من حجة الوداع في مكان يسمى بـ " غدير خم " 24 ، و في ما يلي نذكر بعض من صرّح بذلك 25 ، الأربعين لجمال الدين الشيرازي مفتاح النجا للبدخشي : 41 مخطوط ، روح المعاني للالوسي : 2 / 348 ، تفسير المنار لمحمد عبده : 6 / 463 ، كتاب النشر و الطي و في إحقاق الحق : 6 / 347 عن المناقب لعبد الله الشافعي : 105 و 106 مخطوط ، أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي الآمر تسري : 66 و 67 و 68 و 566 و 567 و 570 وأما الشيعة فإنها مجمعة على أن هذه الآية نزلت في يوم 18 من ذي الحجة في غدير خم و فيها أمر الله نبيه أن يجعل عليا خليفة و إماما . :
1. أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة 1270 هجرية ، عن ابن عباس ، قال : نزلت الآية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ 26 في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته ، فتخوّف رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله تعالى إليه ، فقام بولايته يوم غدير خم ، و أخذ بيده ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " 27 .
2. أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، المتوفى سنة : 468 هجرية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : " نزلت هذه الآية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ 26 يوم غدير خم ، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه " 28 .
3. عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، المعروف بالحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري : روى بإسناده عن ابن عباس في قوله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ 26 الآية ، قال : نزلت في علي ، أمر رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) أن يبلّغ فيه ، فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) بيد علي فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " 29 .
4. فخر الدين الرازي ، المتوفى سنة : 604 هجرية : ذكر من جملة الوجوه الواردة في سبب نزول آية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ 26 أنها نزلت في الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ، و عَدَّه الوجه العاشر من الوجوه المذكورة ، قال : نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، و لمّا نزلت هذه الآية أخذ بيده و قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " ، فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة .
و هو قول ابن عباس و البراء بن عازب و محمد بن علي 30 .
5. جلال الدين السيوطي ، المتوفى سنة : 911 هجرية : روى بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : " نزلت هذه الآية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ 26 على رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب " 31 .

6 ـ آية الإكمال

و هي قول الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... ﴾ 32 ، و قد نزلت هذه الآية المباركة بعد أن نصب رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) خليفة له و إماماً على أمته في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة في مكان يقال له غدير خم .
قال السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... ﴾ 32 ذكر عن ابن مردويه و الخطيب و ابن عساكر عن أبي هريرة قال : لمَّا كان يوم غدير خم ، و هو يوم ثماني عشرة من ذي الحجة قال النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... ﴾ 32 33 .

الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على إمامة علي ( عليه السَّلام ) و خلافته بعد النبي ( صلى الله عليه و آله ) دون غيره

و أما الأدلة الواضحة و الصريحة من الأحاديث النبوية الشريفة على أن خلافة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) الحَقَّة هي لعلي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) حصراً ، و أن علياً هو الإمام و الولي بعد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) بأمر و تعيينٍ إلهي و نصب و تصريح نبوي في مواضع عديدة فهي كثيرة جداً لا مجال لذكرها تفصيلاً هنا ، فلذلك فإنا نُشير إلى نماذج منها .

الحديث الاول

في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور الإسلام بمكة ، حين أنزل الله تعالى على النبي ( صلى الله عليه و آله ) ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 34 فدعاهم إلى دار عمه ـ أبي طالب ـ و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، و فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب ، و الحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة ، و في آخر ما قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : " يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا و الآخرة ، و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم ؟
فأحجم القوم عنها غير علي ـ و كان أصغرهم ـ إذ قام فقال : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله برقبته و قال : إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم ، فاسمعوا له و أطيعوا ، فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع 35 .

الحديث الثاني

قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) لعلي ( عليه السَّلام ) : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ، و هذا الحديث من الأحاديث المتواترة فقد رواه جماعة كثيرة من الصحابة 36 منهم : سعد بن أبي وقاص ، معاوية ، حبشي بن جنادة ، جابر ، أبوسعيد الخدري ، سعد بن مالك ، أسماء بنت عميس ، هبد الله بن عمر ، ابن أبي ليلى ، مالك بن الحويرث ، علي بن أبي طالب ، عمر بن الخطاب ، عبد الله بن عباس ، أم سلمة ، عبد الله بن مسعود ، أنس بن مالك ، زيد بن أرقم ، أبو أيوب ، أبو بردة ، جابر بن سمرة ، البراء ، أبو هريرة ، زيد بن أبي أوفى ، نبيط بن شريط ، فاطمة بنت حمزة .

الحديث الثالث

أخرج أبو داود الطيالسي ـ كما في أحوال علي من الاستيعاب ـ بالإسناد إلى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي بن أبي طالب : " أنت ولي كل مؤمن بعدي " 37 .

الحديث الرابع

قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، و هو آخذ بضبع علي : " هذا إمام البررة ، قاتل الفجرة ، منصور من نصره مخذول من خذله ، ثم مدَّ بها صوته " ، أخرجه الحاكم من حديث جابر في ص 129 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك ، ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه 38 .

الحديث الخامس

قوله صلى الله عليه و آله و سلم : " أوحي إليّ في علي ثلاث : أنه سيد المسلمين ، و إمام المتقين ، و قائد الغر المحجلين " ، أخرجه الحاكم ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه 39 .

الحديث السادس

قوله صلى الله عليه و آله و سلم : " أول من يدخل من هذا الباب إمام المتقين ، و سيد المسلمين ، و يعسوب الدين ، و خاتم الوصيين ، و قائد الغر المحجلين ، فدخل علي ، فقام إليه مستبشرا ، فاعتنقه و جعل يمسح عرق جبينه ، و هو يقول له : أنت تؤدي عني ، و تسمعهم صوتي ، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي " 40 .

الحديث السابع

قوله صلى الله عليه و آله و سلم : " إن الله عهد إلي في علي أنه راية الهدى ، و إمام أوليائي ، و نور من أطاعني ، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين ... ـ الحديث ـ " 41 .

الحديث الثامن

قوله صلى الله عليه و آله و سلم : " يا معشر الأنصار ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدا ، هذا علي فأحبوه بحبي ، و أكرموه بكرامتي ، فإن جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عَزَّ و جَلَّ " 42 .

الحديث التاسع

قوله صلى الله عليه و آله و سلم : " أنا مدينة العلم و علي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب " 43 .

الحديث العاشر

قوله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي : " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي " 44 ، أخرجه الحاكم في صفحة 122 من الجزء الثالث من المستدرك من حديث أنس ، ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه .
قال العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) بعد ذكره هذا الحديث : إن من تدبر هذا الحديث و أمثاله علم أن عليا من رسول الله بمنزلة الرسول من الله تعالى ، فإن الله سبحانه يقول لنبيه : ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ 45 ، و رسول الله يقول لعلي : " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي " 46 .

الهوامش: 1. القران الكريم : سورة الجمعة ( 62 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 553 .
2. القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 546 .
3. القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 3 و 4 ، الصفحة : 526 .
4. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 و 56 ، الصفحة : 117 .
5. و تُسمَّى هذه الآية بآية الولاية لبيانها موضوع الولاية و هي من الآيات المحكمات التي تُثبت الولاية لله تعالى و لرسوله ( صلَّى الله عليه و آله ) و للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
6. الخِنْصَر : الإصبع الصغرى من الأصابع .
7. المَرِج : الواسع .
8. الكشاف : 1 / 347 ، طبعة : دار الكتاب العربي / بيروت .
9. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 25 ، الصفحة : 313 .
10. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 313 .
11. القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 389 .
12. a. b. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 ، الصفحة : 117 .
13. أي يشير بيده إلى السائل من خلفه .
14. التفسير الكبير : 2 / 26 .
15. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 119 ، الصفحة : 206 .
16. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 119 ، الصفحة : 206 .
17. لمزيد من التفصيل يمكن مراجعة المصادر التالية : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي : 1 / 259 الحديث 350 و 351 و 352 و 353 و 355 و 356 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 236 طبعة الحيدرية و 111 طبعة الغري ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 421 حديث 923 ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : 16 ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 198 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 91 ، فتح القدير للشوكاني : 2 / 414 ، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي : 150 طبعة المحمدية و 90 طبعة الميمنية بمصر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 136 و 140 طبعة الحيدرية و 116 و 119 طبعة اسلامبول ، الدر المنثور للسيوطي الشافعي : 3 / 390 ، الغدير للأميني : 2 / 305 ، روح المعاني للالوسي : 11 / 41 ، غاية المرام باب ( 42 ) : 248 طبعة إيران ، فرائد السمطين للحمويني : 1 / 314 حديث 250 و 370 حديث 299 و 300 .
18. a. b. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 250 .
19. للإطلاع على المزيد من الأحاديث في هذه الآية و دلالتها يمكن مرجعة المصادر التالية : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي : 1 / 293 ـ 303 حديث : 398 إلى 416 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 233 طبعة الحيدرية و 109 طبعة الغري ، تفسير الطبري : 13 / 108 ، تفسير ابن كثير : 2 / 502 ، تفسير الشوكاني : 3 / 70 ، تفسير الفخر الرازي : 5 / 271 طبعة دار الطباعة العامرة بمصر و 21 / 14 طبعة آخر ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 415 حديث 913 و 914 و 915 و 916 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 107 ، المستدرك للحاكم : 3 / 129 ـ 130 ، نور الأبصار للشبلنجي : 71 طبعة العثمانية و 71 طبعة السعيدية بمصر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 115 و 121 طبعة الحيدرية و 99 و 104 طبعة اسلامبول ، الدر المنثور للسيوطي : 4 / 45 ، زاد المسير لابن الجوزي الحنبلي : 4 / 307 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 90 ، فتح البيان لصديق حسن خان : 5 / 75 ، روح المعاني للالوسي : 13 / 97 ، إحقاق الحق للتستري : 3 / 88 ـ 93 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 1 / 313 ، فرائد السمطين : 1 / 148 ، راجع بقية المصادر فيما يأتي تحت رقم ( 583 ) عند قوله ( / ) " أنا المنذر و علي الهادي " .
20. مستدرك الصحيحين : 3 / 129 .
21. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 59 ، الصفحة : 87 .
22. لمزيد من التفصيل يمكن مراجعة المصادر التالية : ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 134 و 137 طبعة الحيدرية و 114 و 117 طبعة اسلامبول ، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي : 1 / 148 حديث : 202 و 203 و 204 ، تفسير الرازي : 3 / 357 ، إحقاق الحق للتستري : 3 / 434 طبعة 1 بطهران ، فرائد السمطين : 1 / 314 الحديث 250 .
23. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 119 .
24. غدير خم : موضع بين مكة المكرمة و المدينة المنورة على مقربة من الجحفة التي هي من المواقيت التي يُحرِم منها الحجاج للحج أو العمرة .
25. لمزيد من التفصيل يمكن مراجعة المصادر التالية : ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 86 حديث 586 طبعة بيروت ، فتح البيان في مقاصد القرآن للعلامة السيد صديق حسن خان ملك بهوبال : 3 / 63 مطبعة العاصمة بالقاهرة و : 3 / 89 طبعة بولاق بمصر ، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت للحاكم الحسكاني : 1 / 187 حديث 243 و 244 و 245 و 246 و 247 و 248 و 249 و 250 و 240 طبعة 1 بيروت ، أسباب النزول للواحدي النيسابوري : 115 طبعة الحلبي بمصر و 150 طبعة الهندية بمصر ، الدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي : 2 / 298 أفست بيروت على طبعة مصر ، فتح القدير للشوكاني : 2 / 60 طبعة 2 الحلبي و 57 طبعة 1 ، تفسير الفخر الرازي الشافعي : 12 / 50 طبعة مصر 1375 ه‍ـ و 3 / 636 الدار العامرة بمصر ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 1 / 44 طبعة دار الكتب في النجف و 16 طبعة طهران ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي المكي : 25 طبعة الحيدرية و 27 طبعة آخر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 120 و 249 طبعة اسلامبول و 140 و 297 طبعة الحيدرية ، الملل و النحل للشهرستاني الشافعي : 1 / 163 أفست بيروت على طبعة مصر و بهامش الفصل لابن حزم : 1 / 220 افست على طبعة مصر ، فرائد السمطين للحمويني : 1 / 158 الحديث 120 طبعة 1 بيروت .
و في الغدير للعلامة الأميني : 1 / 214 طبعة بيروت عن : كتاب الولاية في طرق حديث الغدير لابن جرير الطبري صاحب التاريخ المشهور ، الأمالي للمحاملي ، ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين لأبي بكر الشيرازي ، الكشف و البيان للثعلبي مخطوط ، ما نزل من القرآن في علي لأبي نعيم الاصبهاني ، كتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني ، تفسير الرسعني الموصلي الحنبلي ، الخصائص العلوية للنطنزي ، عمدة القاري في شرح صحيح البخاري لبدر الدين الحنفي : 8 / 584 ، مودة القربى للهمداني ، شرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي : 415 مخطوط ، تفسير النيسابوري : 6 / 170 ، تفسير القران لعبد الوهاب البخاري عند تفسير قوله تعالى : ﴿ ... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ... ﴾ القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
26. a. b. c. d. e. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 119 .
27. روح المعاني : 4 / 282 ، طبعة : دار الفكر / بيروت .
28. أسباب النزول : 115 ، طبعة : المكتبة الثقافية / بيروت .
29. شواهد التنزيل : 1 / 190 ، طبعة : منشورات الأعلمي / بيروت .
30. التفسير الكبير : 12 / 42 ، طبعة : دار الكتب العلمية / بيروت .
31. الدر المنثور : 3 / 117 ، طبعة محمد أمين / بيروت .
32. a. b. c. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .
33. لمزيد من التفصيل يمكن مراجعة المصادر التالية : ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 75 الحديث 575 و 576 و 577 و 578 و 585 طبعة 1 بيروت . شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : 1 / 157 الحديث 211 و 212 و 213 و 214 و 215 و 250 طبعة 1 بيروت ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 19 الحديث 24 طبعة 1 طهران ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : 8 / 290 طبعة السعادة بمصر ، الدر المنثور في تفسير القران لجلال الدين السيوطي الشافعي : 2 / 259 طبعة 1 بمصر ، الإتقان للسيوطي الشافعي : 1 / 31 طبعة سنة 1360 هـ‍ و 1 / 52 طبعة المشهد الحسيني بمصر ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 80 طبعة الحيدرية ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : 30 طبعة الحيدرية و 18 طبعة آخر ، تفسير ابن كثير الشافعي : 2 / 14 طبعة 1 بمصر و 3 / 281 طبعة بولاق ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي : 1 / 47 طبعة مطبعة الزهراء ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 115 طبعة اسلامبول و 135 طبعة الحيدرية ، فرائد السمطين للحمويني : 1 / 72 و 74 و 315 طبعة 1 بيروت ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 35 و صححه طبعة الحيدرية في النجف ، و في الغدير للعلامة الأميني : 1 / 230 عن كتاب الولاية لابن جرير الطبري صاحب التاريخ ، مفتاح النجا للبدخشي مخطوط ، ما نزل من القران في علي لابي نعيم الاصبهاني ، كتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني ، الخصائص العلوية لأبي الفتح النطنزي ، توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل لشهاب الدين احمد ، تاريخ ابن كثير الدمشقي الشافعي : 5 / 210 ، كتاب النشر و الطي .
و نقله في إحقاق الحق : 6 عن : المناقب لعبد الله الشافعي : 106 مخطوط ، أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي الأمر تسرى : 568 و 67 طبع لاهور ، الكشف و البيان للثعلبي مخطوط ، روح المعاني للالوسي : 6 / 55 ط المنيرية ، البداية و النهاية لابن كثير الدمشقي الشافعي : 5 / 213 و : 7 / 349 طبعة القاهرة .
34. القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 214 ، الصفحة : 376 .
35. هذا الحديث من صحاح السنن المأثورة أخرجه بهذه الألفاظ و قريب منها كثير من الحفاظ و العلماء .
راجع : تاريخ الطبري : 2 / 319 ـ 321 طبعة دار المعارف بمصر ، الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي : 2 / 62 و 63 طبعة دار صادر في بيروت ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 13 / 210 و 244 و صححه طبعة مصر بتحقيق محمد أبو الفضل ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي : 1 / 311 طبعة البهية بمصر ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد : 5 / 41 و 42 طبعة الميمنية بمصر ، شواهد التنزيل للحسكاني : 1 / 371 الحديث 514 و 580 طبعة بيروت ، كنز العمال : 15 / 115 الحديث 334 طبعة 2 بحيدر آباد ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 1 / 85 الحديث 139 و 140 و 141 طبعة 1 بيروت و 99 الحديث 137 و 138 و 139 طبعة 2 ببيروت ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي : 2 / 118 طبعة 3 مصطفى الحلبي ، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي : 3 / 371 و 390 طبعة مصر .
36. و هذا الحديث يوجد في : صحيح البخاري كتاب المغزي باب غزوة تبوك : 5 / 129 طبعة دار الفكر و 3 / 63 طبعة الخيرية و 6 / 3 طبعة مطابع الشعب و 3 / 86 طبعة دار إحياء الكتب و 3 / 58 طبعة المعاهد و 3 / 61 طبعة الشرفية و 6 / 3 طبعة محمد علي صبيح و 6 / 3 طبعة الفجالة و 3 / 54 طبعة الميمنية و 5 / 37 طبعة بمبي ، صحيح مسلم كتاب الفضائل باب من فضائل علي بن أبي طالب : 2 / 360 طبعة عيسى الحلبي و : 7 / 120 طبعة محمد علي صبيح ، صحيح الترمذي : 5 / 301 حديث 3808 و صححه و حديث 3813 و صححه و حديث 3814 و حسنه طبعة دار الفكر ، مسند أحمد بن حنبل : 3 / 50 حديث 1490 بسند صحيح و 56 حديث 1505 بسند صحيح و 57 حديث 1509 بسند صحيح و 66 حديث 1532 بسند صحيح و 74 حديث 1547 بسند صحيح و 88 حديث 1583 بسند صحيح و 94 حديث 1600 بسند حسن و 97 حديث 1608 بسند صحيح و 5 / 25 حديث 3062 بسند صحيح طبعة دار المعارف بمصر ، سنن ابن ماجة : 1 / 42 حديث 115 و 121 طبعة دار إحياء الكتب ، صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب مناقب علي بن أبي طالب : 4 / 208 طبعة دار الفكر و : 5 / 19 طبعة الأميرية و 4 / 71 طبعة بمبي ، المستدرك للحاكم : 3 / 109 و 2 / 337 و صححه ، تاريخ الطبري : 3 / 104 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 1 / حديث : 30 و 125 و 148 و 149 و 150 و 251 و 271 و 272 و 273 و 274 و 276 و 277 و 278 و 279 و 280 و 281 و 329 و 330 و 336 و 337 و 338 و 339 و 340 و 341 و 342 و 343 و 344 و 345 و 346 و 347 و 348 و 349 و 350 و 351 و 352 و 353 و 354 و 355 و 356 و 357 و 358 و 359 و 360 و 361 و 362 و 363 و 364 و 365 و 366 و 367 و 368 و 369 و 370 و 371 و 372 و 373 و 374 و 375 و 376 و 377 و 378 و 379 و 380 و 381 و 382 و 383 و 384 و 385 و 386 و 387 و 388 و 389 و 390 و 391 و 392 و 393 و 394 و 396 و 397 و 398 و 399 و 400 و 401 و 402 و 403 و 404 و 405 و 406 و 407 و 408 و 409 و 410 و 411 و 412 و 413 و 414 و 415 و 416 و 417 و 418 و 419 و 420 و 421 و 422 و 423 و 424 و 425 و 426 و 427 و 428 و 429 و 430 و 431 و 432 433 و 434 و 435 و 436 و 437 و 438 و 439 و 440 و 441 و 442 و 443 و 444 و 445 و 446 و 447 و 448 و 449 و 450 و 451 و 452 و 453 و 454 و 455 و 456 طبعة بيروت ، أنساب الأشراف للبلاذري : 2 / 106 حديث 43 و 92 حديث 8 و 15 و 16 و 17 و 18 ، الإصابة لابن حجر : 2 / 507 و 509 ، الاستيعاب بهامش الإصابة : 3 / 34 و 35 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي : 76 و 77 و 78 و 79 و 80 و 81 و 82 و 83 و 84 و 85 طبعة الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 27 حديث 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 56 و 303 طبعة 1 طهران ، حلية الأولياء : 7 / 194 وصححه و 195 و 196 و 197 وصححه ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 60 و 74 و 83 و 84 و 86 و 130 و 76 و 19 و 24 و 214 ، ذخائر العقبى : 63 و 64 و 69 و 87 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 168 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 35 و 44 و 49 و 50 و 51 و 56 و 57 و 63 و 80 و 86 و 88 و 114 و 130 و 176 و 182 و 185 و 204 و 220 و 234 و 254 و 408 و 496 طبعة اسلامبول ، أُسد الغابة : 2 / 8 و 4 / 26 و 27 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 95 و 107 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 281 و 282 و 283 و 284 و 285 و 287 طبعة الحيدرية و 148 و 149 و 150 و 151 و 153 طبعة الغري ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 2 / 495 و 575 و 3 / 255 و 4 / 220 طبعة 1 بمصر و 9 / 305 و 10 / 222 و 13 / 211 و 18 / 24 طبعة مصر بتحقيق محمد أبو الفضل ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : 18 و 19 و 20 و 23 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 21 و 22 و 110 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : 1 / 150 حديث 204 و 205 ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي : 1 / 48 و 49 ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار : 148 و 149 طبعة السعيدية و 134 و 136 طبعة العثمانية ، المعجم الصغير للطبراني : 2 / 22 و 54 ، مجمع الزوائد : 9 / 109 و 110 و 111 و 119 ، الرياض النضرة : 2 / 214 و 215 و 216 و 248 طبعة 2 ، كنز العمال : 15 / 139 حديث 403 و 404 و 410 و 411 و 432 و 487 طبعة 2 ، مرآة الجنان لليافعي : 1 / 109 وصححه طبعة بيروت ، العقد الفريد لابن عبد ربه : 4 / 311 و 5 / 100 طبعة لجنة التأليف بمصر و 2 / 279 و 3 / 48 طبعة العثمانية ، مصابيح السنة للبغوي : 2 / 275 و صححه طبعة محمد علي صبيح ، الفتح الكبير للنبهاني : 1 / 277 و 3 / 398 ، جامع الأصول لابن الأثير : 9 / 468 و 469 ، مشكاة المصابيح : 3 / 242 ، الجامع الصغير للسيوطي : 2 / 56 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد : 5 / 31 و 53 و 55 ، إحقاق الحق : 5 / 133 ـ 234 طبعة 1 بطهران ، فرائد السمطين : 1 / 122 و 123 و 124 و 126 و 127 و 317 و 329 و غيرها من عشرات الكتب .
37. تجد الحديث في كل من : مسند أحمد بن حنبل : 5 / 25 حديث 3062 بسند صحيح طبعة دار المعارف بمصر ، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة : 3 / 28 ، الإصابة لابن حجر : 2 / 509 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 55 و 182 طبعة اسلامبول و 215 طبعة الحيدرية ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي : 64 طبعة الحيدرية ، المستدرك للحاكم : 3 / 134 طبعة أفست ، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 1 / 384 حديث 490 .
38. يوجد الحديث في كل من : مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 84 حديث 120 و 125 ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 111 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 476 حديث 996 و 997 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 221 طبعة الحيدرية و 99 طبعة الغري ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 72 و 185 و 234 و 250 و 284 طبعة اسلامبول و 82 و 219 و 278 و 341 طبعة الحيدرية ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 108 ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي : 57 طبعة الحيدرية و 25 طبعة المطبعة الإسلامية بالأزهر ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار : 158 طبعة السعيدية ، و 143 طبعة العثمانية ، الصواعق المحرقة : 123 طبعة الحيدرية و 75 طبعة الميمنية بمصر ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 31 طبعة طهران و : 1 / 86 طبعة النجف ، ميزان الاعتدال : 1 / 110 ، الجامع الصغير للسيوطي الشافعي : 2 / 140 طبعة مصطفى محمد و : 2 / 56 طبعة الميمنية بمصر ، منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد : 5 / 29 و 30 ، إحقاق الحق : 4 / 234 طبعة طهران ، فرائد السمطين : 1 / 157 حديث 119 و 151 .
39. يوجد الحديث في كل من : المعجم الصغير للطبراني : 2 / 88 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي / 65 حديث 93 و 104 حديث 146 و 147 ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 235 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 114 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي / 107 ، مجمع الزوائد : 9 / 121 ، اُسد الغابة : 1 / 69 و 3 / 116 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 257 حديث 773 و 774 ، فضائل الخمسة : 2 / 100 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي / 81 طبعة اسلامبول ، إحقاق الحق : 4 / 11 طبعة طهران ، فرائد السمطين : 1 / 143 .
40. يوجد الحديث في كل من : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 169 طبعة مصر بتحقيق أبو الفضل ، حلية الأولياء : 1 / 63 ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 42 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 487 حديث 1005 ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 1 / 60 طبعة النجف و 21 طبعة طهران ، الميزان للذهبي : 1 / 64 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 212 طبعة الحيدرية و 93 طبعة الغري ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 313 طبعة اسلامبول ، فضائل الخمسة : 2 / 253 ، فرائد السمطين : 1 / 145 .
41. يوجد الحديث في كل من : حلية الأولياء : 1 / 67 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 167 طبعة مصر بتحقيق محمد أبو الفضل ، المناقب للخوارزمي الحنفي / 215 و 220 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي / 114 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 189 حديث 672 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 46 حديث 69 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي / 73 طبعة الحيدرية و 22 طبعة الغري ، ينابيع المودة القندوزي الحنفي : 312 طبعة اسلامبول ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 1 / 46 طبعة النجف ، إحقاق الحق : 4 / 168 ، فرائد السمطين : 1 / 144 و 151 .
42. يوجد الحديث في كل من : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 170 طبعة مصر بتحقيق أبو الفضل ، حلية الأولياء لأبي نعيم : 1 / 63 طبعة السعادة ، مجمع الزوائد : 9 / 132 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 210 طبعة الحيدرية و 91 طبعة الغري ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 313 طبعة اسلامبول ، كنز العمال : 15 / 126 حديث 363 طبعة 2 ، الرياض النضرة : 2 / 233 طبعة 2 ، فضائل الخمسة : 2 / 98 ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 1 / 60 طبعة النجف ، فرائد السمطين : 1 / 197 حديث 154 .
43. يوجد هذا الحديث في مصادر كثيرة منها : ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 464 حديث 984 و 985 و 986 و 987 و 988 و 989 و 990 و 991 و 992 و 993 و 994 و 998 و 996 ، 997 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : 1 / 334 حديث 459 ، المستدرك للحاكم : 3 / 126 و 127 و صححه ، أُسد الغابة : 4 / 22 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 80 حديث 120 و 121 و 122 و 123 و 124 و 125 و 126 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 220 و 221 طبعة الحيدرية و 99 طبعة الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي : 40 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 113 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 65 و 72 و 179 و 183 و 210 و 234 و 254 و 282 و 407 و 400 طبعة اسلامبول و 211 و 217 و 248 و 278 و 303 و 338 طبعة الحيدرية ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 170 ، إسعاف الراغبين بهامش نور الابصار : 140 طبعة العثمانية و 154 طبعة السعيدية و 174 طبعة أخرى ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : 47 و 48 ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي : 1 / 43 ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي : 22 و 23 و 24 و 28 و 29 و 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 54 و 55 و 57 طبعة الحيدرية و 3 و 4 و 5 و 14 و 15 و 16 طبعة الاسلامية بالازهر ، فيض القدير للشوكاني : 3 / 46 ، الاستيعاب بهامش الاصابة : 3 / 38 ، الميزان للذهبي : 1 / 415 و 2 / 251 و 3 / 182 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 7 / 219 طبعة مصر بتحقيق أبو الفضل و 2 / 236 طبعة أفست بيروت ، ذخائر العقبى : 77 ، جامع الاصول : 9 / 473 حديث 6489 ، فضائل الخمسة : 2 / 250 ، الغدير : 6 / 61 ـ 81 ، مسند الكلابي مطبوع بآخر المناقب لابن المغازلي : 427 طبعة طهران ، كنز العمال : 15 / 129 حديث 378 طبعة 2 ، الفتح الكبير للنبهاني : 1 / 276 ، الجامع الصغير للسيوطي : 1 / 93 طبعة الميمنية و 1 / 364 حديث 2705 طبعة مصطفى محمد ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد : 5 / 30 ، الرياض النضرة : 2 / 255 طبعة 2 ، فرائد السمطين : 1 / 98 و غيرها من عشرات الكتب . بل ألف في هذا الحديث عدة كتب منها : الجزء الخامس من عبقات الأنوار طبعة في الهند فانه خاص في هذا الحديث ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي طبعة في مصر وفي النجف و غيرهما من الكتب .
44. يوجد الحديث في كل من : ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 488 حديث 1008 و 1009 ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي : 1 / 86 ، المناقب للخوارزمي أيضا : 236 ، كنوز الحقائق للمناوي : 203 طبعة بولاق و 170 طبعة اخر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 182 طبعة اسلامبول ، منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد : 5 / 33 .
45. القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 273 .
46. المراجعات : 394 ، تحقيق الشيخ حسين الراضي .
2024/02/08
هل الولاية والإمامة من أصول الدين؟
سيبقى الإلتباس والمهاترات والمزايدات والجدل (الداخلي) مستمرّاً بشأن هذا السؤال طالما لم نقف على تحرير الفرق بين سياقين مختلفين في تناول العلماء لمسألة الولاية والإمامة، وسأحاول تلخيص المطلب وتيسيره لمن اشتبكتْ عليه الأمور،  فأقول:

[اشترك]

(الدين) في قولنا(أصول الدين) تارة يراد منه الإسلام، وأخرى يراد منه الإيمان، لذا تناول الأعلام (أصول الدين) من جهتين: فقهية عملية، (الإسلام) وجهة أخرى كلاميّة عقدية(الإيمان)، بشكل عام يُعنى الفقه بالأحكام الشرعيّة ذات الصلة بأفعال الجوارح وما يقوّمها في دار التكليف (الدنيا)، بينما تهتم العقيدة والكلام بالإيمان الذي يحقق النجاة يوم القيامة والخلاص الأخروي، وقد بدا ذلك واضحاً حتى في عناوين مصنّفاتهم، لاحظ مثلاً: عنوان كتاب ابن ميثم البحراني(ت636هـ): (النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة).

لقد ألقى هذا التعدد في جهات البحث في(أصول الدين) وجعلها ذات مدلولين:

فالمدلول الشرعي/الفقهي لأصول الدين هو كلّ ما يحقق الإسلام الظاهري الدنيوي، والذي به تحقن الدماء وتحفظ به الاعراض وتجري المواريث، ويدفن صاحبه في قبور المسلمين، كذا الزواج...، وبإيجاز أصول الدين في فقه الشريعة هي الشهادتان لا غير، وفي الأحاديث المستفيضة أنّ "الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق برسول الله، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث"، وفي آخر: الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام (الكافي،ج2،ص25)،  فانتبه جيّداً لقوله عليه السلام: فهذا هو الإسلام! نعم، هذا هو الإسلام الظاهري وهذه هي أصوله، وليس منها: الولاية والإمامة .

وأمّا الإسلام الواقعي(الإيمان)، ولك أن تقول: أصول الدين من زواية البحث العقدي الذي يهتم بدراسة الإسلام الواقعي(الإيمان) وأثره الأخروي فإنّ الشهادتين ـ وبلا شك ـ لا تمثلان كلّ أصول الدين مما به يقع النجاة يوم القيامة ، فإنّ مسألة الإمامة والولاية تقع في إطار البحث الكلامي و من مفردات أصول الدين؛ وسبب ذلك أنّ ضابط المسالة الكلامية تقع في سياق البحث عن الله وصفاته وافعاله ، وحيث أنّ علماء الشيعة ـ وطبقاً للأدلة الآتية ـ حصروا طريق تعيين الإمام بالنص عليه من الله وأعتبروا تنصيب الإمام لا يختلف عن بعث النبي فقالوا : إنّ مسألة الإمامة _كما النبوة_ فعل إلهي ، وكل مسألة يبحث فيها عن الله وصفاته وأفعاله فهي كلامية عقدية لا فقهية فرعية فالإمامة مسألة كلامية، فضلا عن الجانب المنهجي: النصوص القرآنية والأحاديث النبويّة كحديث: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية.

وصفوة القول: إنّ الولاية والإمامة من أصول الدين: أي من أصول الإسلام الحقيقي( الإيمان)، وليست من أصول الدين، أي ليست مما يتوقف عليها الإسلام الظاهري.. وأدلّ دليل صحّة التفريق بين ظاهر الإسلام وبين واقعه هي ظاهرة النفاق، فالمنافقون وإن كانوا في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة بيد أنّهم مسلمون في الدنيا: بمعنى أنّهم محكومون بأحكام الإسلام، فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم كما هو معلوم من الدين ضرورة.

2023/04/18
شهادة من مخالف: وثيقة تعود لعام ٢٠٠ هـ تثبت قدم نظرية (النص على الإمامة)

قول قدماء الشيعة بالنص على أسماء الأئمة.. شهادة من مخالف!

كثيرا ما نسب إلينا المخالفون والشاكون القول باختلاق نظرية الإمامة والنص على أسماء الائمة ع في الغيبة الصغرى (26هـ ـــ 329هـ) وبعدها، هذا بالرغم من تواتر النصوص لدى الإمامية.

واليوم بينما كنت أقرأ كتابا لأحد مخالفي الإمامية، وجدته يشهد لقدماء الامامية بعقيدة النص على الأسماء الطاهرة.

هذا المصنف هو أبو العباس عبدالله بن محمد المعروف بالناشيء الكبير، عاش في القرن الثاني والثالث الهجريين، وهو في كتابه مسائل الامامة ومقتطفات من الكتاب الاوسط فى المقالات، ص 23 يترضى على الخلفاء ومعاوية أيضا، وهذا يدل على عقيدته المخالفة للشيعة.

قال الناشيء الكبير وهو يعدد فرق الشيعة: (فرقة قطعوا على موته ــ أي عليا عليه السلام ــ وزعموا أن الإمام بعده الحسن بن علي، وزعموا أن النبي صلعم قد نص على إمامته كما نص على إمامة أبيه، وهؤلاء هم الذين يدينون بنسق الإمامة وتواتر الوصية، يقولون: لا بد بعد كل إمام من إمام، وبعد كل وصي من وصي إلى أن تفنى الدنيا.

وزعموا أن النبي صلعم قد نص لعلي على كل إمام يكون بعده من ولده إلى يوم القيامة باسمائهم وصفاتهم، فالإمامة تجري اليوم عندهم على ما نص عليه النبي صلعم. وقد حكى هذا القول جماعة من أصحاب علي عليه السلام منهم: الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير)

راجع قوله في: مسائل الامامة ومقتطفات من الكتاب الاوسط فى المقالات، ص 22

وهنا مسائل يحسن توضيحها:

أولا: ألف الناشي الكبير كتابه المذكور قبل استشهاد الإمام الرضا ع (ت 203هـ)، وقبل انتقال الإمامة لابنه الجواد عليه السلام، وهذا يعني أن المصنف ولد على الأقل قبل سنة 180هـ، فإن صح أن وفاته كانت سنة 293هـ، فهو من المعمرين.

إننا نتعامل مع نص تمت كتابته حدود سنة 200 للهجرة، قبل القول بإمامة الإمام الجواد ع (203هـ ــــ 220هـ) كما في الإقرار التالي للمؤلف نفسه.

قال في كتابه المذكور ص 48 مبينا افتراق الشيعة منتهيا بذكر الواقفة ــ الذين قالوا بإمامة موسى بن جعفر ع (183هـ) دون سائر أبنائه ــ: (وإلى هذا الموضع انتهى اختلاف أصحاب الإمامة القائلين بالنسق في الوقت الذي كتبنا فيه كتابنا هذا)

ثانيا: اعتقاد الإمامية في القرن الثاني الهجري وما قبله بتواتر الوصية على الأئمة كما يفيد قوله :(وهؤلاء هم الذين يدينون بنسق الإمامة وتواتر الوصية).

ثالثا: اعتقاد الإمامية في القرنين الاول والثاني الهجريين بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأئمة عليهم السلام بأسمائهم واخبار النبي عليا عليه السلام بذلك، كما في قوله: (وزعموا أن النبي صلعم قد نص لعلي على كل إمام يكون بعده من ولده إلى يوم القيامة باسمائهم وصفاتهم)

رابعا: ذكر المصنف أن اعتقاد تعيين الأئمة بأسمائهم هو المحكي عن بعض أصحاب الأمير عليه السلام، منهم: (الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير).

وقوله هذا يدل على اعتقاد بعض أصحاب الإمام علي عليه السلام بالنص على الأئمة بأسمائهم، لكن قد يقال إن قوله: (وقد حكى هذا القول جماعة من اصحاب علي عليه السلام منهم: الحارث الأعور والأصبغ بن نباته وعبد خير)

هو حكاية لقول الإمامية، وهذا مردود ويرده صياغة الكلام، فهو قرر ذاك الاعتقاد أولا، ثم أكده بأنه: حكي عن جماعة من أصحاب علي ع، ثم ذكر ثلاثة منهم.

خامسا: إن عبد خير الذي ذكره هو: عبد خير بن يزيد الهمداني من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا صحابي يؤمن بالنص على الأئمة بأسمائهم، قد أفرده بترجمة مستقبلا، وحاله مشابه إلى حد ما للصحابي أبي الطفيل عامر بن وائلة الذي جعله ابن قتيبة في معارفه من غلاة الرافضة القائلين بالرجعة، وهو ممن حمل راية المختار.

سادسا: هذا النص المتقدم من علم مخالف للشيعة يترضى على الداعية إلى النار، هو وثيقة مهمة صريحة تدل على اعتقاد الإمامية في القرنين الاول و الثاني الهجريين بوجود نص نبوي على أسماء الأئمة عليهم السلام، وتدل على اعتقاد الأصبغ والحارث والصحابي عبد خير تلك العقيدة، وبهذا يبطل ما يقوله الأفاكون الشكاكون ضعاف النفوس من تأخر النص على الأئمة واختلاق الإمامية له .

سابعا: في الوثيقة المتقدمة رد أيضا على من زعم أن مهندس نظرية الإمامة ومخترعها هما هشام بن الحكم أو ابن الراوندي (التائب) لأن هذين متأخرين عن الأصبغ والحارث وعبد خير.

ثامنا: من التابعين الإمامية الذين قالوا بالنص وإمامة السجاد والباقر عليهما السلام الفقيه إبراهيم النخعي (ت 96هـ) كما في نقل القاسم الرسي (ت 246هـ) عنه في كتاب (الكامل المنير في اثبات ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) تحقيق: عبد الولي يحيى الهادي، ص49 ـــ 50 وهذا الكتاب وإن شككوا فيه، لكن أسنده إليه الإمام القاسم بن محمد في كتاب (الاعتصام بحبل الله المتين) وكتبه الأخرى، وقد كان لي كلام حول إمامية النخعي.

2020/10/13
أنبياء غائبون.. هل تُفسد الغيبة منصب الإمامة؟!

الغيبة من السنن الإلهية التي امتحن الله بها خلقه على مر العصور، والكتب السماوية تحدثنا بذلك كغيبة موسى عليه السلام عن قومه وغيبة يونس وعيسى ويوسف عليهم السلام ، وبما اننا موحدون نؤمن بوجود خالق حكيم مدبر لهذا الكون وكل افعاله حكيمة، فلابد ان تكون للغيبة آثار تكوينية، ورغم انه ليس من الضروري الاطلاع على هذه الآثار، ايماناً بحكمة وعدالة الخالق، ولكن من خلال استقراء قصص الماضين يمكننا الوقوف على جملة من الحكم التي أرادها الله سبحانه وتعالى " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ"[1]. فمن اطلع على اخبار الماضين يجد ان النبي حينما يرسله الله الى قومه يواجه عدة فئات، فهو يواجه تحديا شرسا من المفسدين الذين لا يؤمنون به، كما يواجه المنافقين والمتقلبين وغير الواعين الذين لا يعرفون قيمة ما امنوا به وقيمة من اتبعوه، وهناك مجموعة ثالثة مؤمنة مسلّمة، وفئة أخرى تحتاج الى نضج فكري وعملي من خلال الاختبار والتمحيص؛ لكي تتضح لهم الصورة ويقوموا بالدور الذي رسم لهم لنشر العدل والمفاهيم الإلهية، "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ"[2]. ومن اهم الفتن التي مرت بهم هي غيبة قادتهم عنهم كما في قوم موسى عليه السلام "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ"[3].

ما فائدة غيبة موسى (ع)

لاحظ مدة الغيبة أربعين ليلة وانظر الخطاب الملفت للنظر انه قال لا تتبع سبيل المفسدين اؤلئك الذين لا يملكون رؤية صحيحة متكاملة تجاه القضية التي جاء بها نبيهم موسى عليه السلام فلو تساءلنا لماذا غاب موسى عن قومه، وما هي فائدة تلك الغيبة، اوليس قومه قد كفروا من بعده وعبدوا العجل واتبعوا السامري فما هي فائدة تلك الغيبة بالنسبة لقوم موسى عليه السلام، هل نفعتهم الغيبة مع انتشار الظلم بينهم، وكفرهم بالله الذي هو اسوء نوع من الظلم كما صرح به كتاب الله " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ"[4]. فلقائل ان يقول ان غيبة موسى عن قومه لا توجد فيها مصلحة بل ترتبت عليها المفسدة وهي ان موسى بغيبته ضيع كل ما صدح به وعمل لأجله وهو التوحيد بحيث أوقع قومه في الضلالة والشرك، ولكن هذا القول لا يصدر من موحد لان الموحد يعلم ان الاختبار سنة الهية لابد منها،  وكذلك الاختبار سنة عقلائية، كل شخص لديه مشروع مهم يريد القيام به ويحتاج الى انصار واعوان لابد من اختبارهم لكي ينضجوا ويكونوا اهلاً لتحمل هذا الامر، فنبي الله موسى عليه السلام غاب عن قومه لمصلحة أراد من خلالها ان يعطي درسا للأمم اللاحقة، فأعباء الرسالة الإلهية تحتاج الى اعداد خاص لابد ان ينجح الانسان بالاختبار لكي يفوز بحمل هذه الرسالة .

وكلما كان الامر أعظم كان الاختبار اكبر والنضوج يحتاج الى فترة طويلة لكي لا تذهب التضحيات ادراج الرياح.

عيسى.. الغائب الذي سوف يعود!

اما غيبة عيسى عليه السلام فكل المسلمين متفقون على انه حي يرزق وانه ينزل في اخر الزمان وان الله رفعه اليه "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا"[5]. فقد جاء في تفسير ابن ابي حاتم: حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُود:"إِنَّ عِيسَى لَمْ يَمُتْ، وَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ".[6] ، فالمسلمون يعتقدون بحياة عيسى بن مريم عليه السلام[7]. بل هناك امر اخر انه سيرجع في اخر الزمان بعد هذه الغيبة الطويلة التي هي الى الان مر عليها الفا سنة حيث قال سبحانه وتعالى" وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا"[8]. فقد ورد في تفسيرها انه نزوله في اخر الزمان فقد جاء في تفسير ابن ابي حاتم "حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَيُعْطَى الْمَالُ حَتَّى لا يُقْبَلَ، وَيُجْمَعُ لَهُ الصَّلاةُ، وَيَأْتِي الرَّوْحَاءَ، فَيَحُجَّ مِنْهَا أَوْ يَعْتَمِرَ أَوْ يَجْمَعَهَا اللَّهُ لَهُ"، ثُمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ:  " وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ " ، قال: قبل مَوْتِ عِيسَى"[9]. بل يذكر اهل السنة اكثر من ذلك انه يصلي خلف رجل من المسلمين: "ولهذا عيسى عليه السلام رفع حيا؟  وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ؟[النساء:157]، وينزل في آخر الزمان في دمشق في المسجد الذي بناه بنو أمية عند المنارة البيضاء -كما جاء في الأحاديث الصحيحة-، فينزل حكما عدلا مقسطا، ويكون مأموما في تلك الصلاة، فيأتي فيعرفه الناس فيأتي الإمام يتأخر ليتقدم رسول الله عيسى عليه السلام، فيدفع عيسى عليه السلام بالإمام ويقول: إمامكم منكم تكرمة الله لهذه الأمة. فينزل يحكم بالقرآن ويدع الإنجيل ويأمر باتباع محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فهو عليه السلام بعد نزوله يكون من أتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وامامكم منكم"[10].

وقال ابن حجر: " قال ابن حجر: وما ذكره من ان المهدي يصلّي بعيسى هو الذي دلت عليه الأحاديث كما علمت"[11]، وقال: قال السيوطي في الرد على من أنكر أن عيسى يصلي خلف المهدي: «هذا من أعجب العجب فان صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدة أحاديث صحيحة بأخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره ومن ذلك ما رواه أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك وصححه عن عثمان بن أبي العاص...

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم.."[12].

اذاً، النبي عيسى بعد هذه الغيبة الطويلة يرجع ويؤمن به قبل موته النصارى في اخر الزمان فهو في حياته بشر برسول اسمه احمد " وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ"[13]. الهدف من نزوله تصديق النبي صلى الله عليه واله وان النصارى صاروا مؤهلين لقبول قول عيسى والايمان بالنبي الخاتم وبالإسلام الذي هو دين الله الذي ارتضاه للبشرية وبهذا يتحقق المخطط الإلهي الذي من اجله بعث الرسل.

فمن كان لديه اعتراض علينا نحن الامامية القائلين بغيبة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه واثاروا جملة من الإشكالات:

منها ان الغيبة تنافي منصب الامامة وان الامام لابد ان يكون ظاهرا بين الناس لتأدية وظيفته الشرعية!

ونجيبهم: اما قولهم ان الغيبة تنافي وظيفة الإمام، فهي منتقضة بما ذكرنا من غيبة الانبياء عليهم السلام، فهل ان غيبتهم عن اممهم تنافي منصب النبوة!

وأما قولهم يجب حضور الإمام لتأدية وظيفته، فنقول: ان الامام عليه السلام هو حجة الله على خلقه حتى الملائكة تأتمر بأمره، وقد نص الكتاب العزيز بحسب بيان اهل بيت العصمة والطهارة على تنزل الملائكة على المعصوم في ليلة القدر في كل سنة، فقد روى الصفار في بصائره: "حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميره عن داود بن فرقد قال سألته عن قول الله عز وجل "انا أنزلناه في ليلة القدر وما ادريك ما ليلة القدر"  قال نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موت أو مولود قلت له إلى من فقال إلى من عسى أن يكون ان الناس في تك الليلة في صلاة ودعاء ومسألة وصاحب هذا الامر في شغل تنزل الملائكة إليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها من كل امر سلام هي له إلى أن يطلع الفجر.[14].

فحتى لو غاب الامام سلام الله وحجب عن اعين البشر الا ان اثر الامام عليه السلام الكوني موجود وان لم نر ذلك، فارتباط الخلق بالامام عليه السلام هو ارتباط ضرورة فهم واسطة الفيض الإلهي.

وخلاصة القول: اذا جازت الغيبة على نبي الله ايضا تجوز على وصي خاتم النبيين صلى الله عليه واله واذا كانت غيبة نبي كموسى وعيسى عليهم السلام لا تقدح بنبوتهم ولا تضر فكذلك غيبة الامام عليه السلام.


[1] يوسف: 111.

[2] العنكبوت:2.

[3] الأعراف:142.

[4] يونس:17.

[5] النساء:157.

[6] تفسير ابن ابي حانم: 4/430.

[7] انظر: تفسيرابن كثير: 2/448، تفسير الالوسي 3/66، تفسير ابي السعود 2/178، تفسير البيضاوي 2/29 

[8] النساء:159.

[9] تفسير ابن ابي حاتم:4/436.

[10] صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ـ باب نزول عيسى بن مريم ج4 ص205، صحيح مسلم كتاب الايمان ـ باب نزول عيسى ج1 ص136

[11] الصواعق المحرقة ص99، الحاوي للفتاوي للسيوطي ج2 ص165.

[12] الحاوي للفتاوي للسيوطي ج2 ص167.                                         

[13] الصف:6.

[14] بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار ص240 الباب  3باب ما يلقى إلى الأئمة في ليلة القدر مما يكون في تلك السنة ونزول الملائكة عليهم.

2020/06/01
سحر أم معجزة؟… مدّعو الإمامة كيف نكشفهم؟!

اذا عرفنا الطريق الأجلى لمعرفة شخص الامام سيكون من السهل جدا كشف زيف المدعين.

فنقول: بما أننا في عصر الغيبة وبعيدين عن عصر النص فمن أجلى الطرق لمعرفة شخص الامام هو المعجزة، هذا ما قطع به العقل والنقل.

وتعريف المعجزة:

هي (أمر خارق للعادة، مقرونٌ بالدعوى لمنصب الهي، مع المطابقة، وعجز الغير عن الاتيان بمثله)([1]).

توضيح لمفردات التعريف:

١. خارقة للعادة: لا نعني بذلك المستحيل عقلا وانما نعني به المستحيل عادة مثل طلوع الشمس من مغربها.

٢. مقرون بالدعوى: أي مقرون بدعوى النبوة أو الامامة، وبهذا القيد نخرج أصحاب الكرامات وبعض المرتاضين الذين قد تخرق بعض أفعالهم نواميس الطبيعة ولكنهم لم يدعوا أي منصب الهي.

٣. المعجزة يشترط ان تكون مطابقة للدعوى: فإذا قال سأفعل كذا مثلا فلابد أن يقع الحدث الذي أخبر به، لا خلافه كما حدث مع مسيلمة الكذاب.

٤. أن يعجز الناس عن الإتيان بمثله: فلو جاء غيرُه بمثل ما جاء به مدعي النبوة أو الامامة لبطلت حجته.

وهنا نشير الى نكتة: قد يأتينا بعض السحرة أو من تعود على خرق بعض العادات بواسطة الرياضات التي يمارسها ويدعي النبوة او الامامة..

والسؤال: كيف نميز بين السحر وبين المعجزة؟

الجواب:  قد يستطيع الساحر او المرتاض ان يخرق عادة طبيعية او عادتين مثلا ولكنه لا يستطيع خرق جميع نواميس الطبيعة، بخلاف حجج الله - كالنبي او الامام - المنصبين من قبل الله (تعالى)، فالحجة له ان يخرق جميع نواميس الطبيعة بإذن الله تعالى ما تطلبت الحكمة ذلك في القاء الحجة على العباد..

وبما تقدم نستطيع التمييز بين صاحب المعجزة وبين الساحر والمشعوذ وما شابه ذلك، بل وجميع من ادعى منصبا الهيا زورا .

اشكال وجوبه:

قد يقول قائل: إن الكثير من الماضين جاءتهم المعاجز تلو الأخرى ولم يذعنوا بمن جاء بها رغم قوتها كإحياء الموتى للنبي عيسى (ع) وعصى موسى (ع) ومعاجز عديدة.. إذن انتفت الفائدة منها...

الجواب نقضا وحلا:

أما نقضا: فلو لم تكن للمعجزة حجية وفائدة لكان بعث حجج الله بها من الماضين لغوا وعبثا وهو منفي بالقطع.

أما حلا: فدليله عقلي ونقلي:

أ . الدليل العقلي: لانحصار الطريق الى معرفة الامام بالمعجزة في زماننا هذا، وذلك لبعدنا الزمني عن عصر النص التعييني - أي لم نر شخص الامام السابق يعين شخص الامام المهدي ع بأعيننا كما فعل النبي ص مع الامام علي يوم الغدير وكذا بقية الأئمة - وانما قطعنا بذلك عن طريق النصوص، فلا يبقى مجال لغير المعجزة طريق لمعرفة شخص الامام المهدي (ع) لامكان انطباق بعض الصفات في غيره...

ب . الدليل النقلي: مع أن الدليل العقلي يكفي لانحصار الريق لمعرفة شخص الامام بالمعجز ولكن لا بأس أن نعضده بما روي عن الأئمة الهداة في ذلك، ومنه:

أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: قال : حدثنا أحمد ابن منصور الرمادي (الرشادي) قال: حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا مهلب بن قيس قال : قلت للصادق - عليه السلام -: بأي شيء يعرف العبد إمامه؟

قال : إن فعل كذا. ووضع يده على حائط فإذا الحائط ذهب، ثم وضع يده على أسطوانة فأورقت من ساعتها، فقال: بهذا يعرف الامام. (دلائل الامامة للطبري: ص250)

لا يخفى أن في هذه الرواية يؤكد الامام الصادق ع طريق معرفة شخص الامام بصورة عملية تجلي الضبابية عن السائل والسامع بالخبر..

حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن - يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن - بهلول قال : حدثنا أبو معاوية ، عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: (عشر خصال من صفات الامام: العصمة، والنصوص، وأن يكون أعلم الناس وأتقاهم لله وأعلمهم بكتاب الله ، وأن يكون صاحب الوصية الظاهرة، ويكون له المعجز والدليل، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يكون له فيء، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه). (الخصال للصدوق: ص428)

يستعرض الامام الصادق ع عدة خصال تميز شخص الامام، ومنها المعجز، فقد يتعذر على بعض الناس أغلبها دون المعجزة، فطريقها سهل عليهم ما ان يراعوا الضوابط في التعريف المار الذكر..

وقد أكدت بعض الروايات أن جميع معاجز الانبياء ستجري على يد القائم من آل محمد عجل الله فرجه الشريف، قال ميرزا محمد تقي الأصفهاني في مكيال المكارم، ج1 ص151 : (ما رواه الشيخ الأجل ، محمد بن الحر العاملي ( ره ) في كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، عن كتاب إثبات الرجعة، للفضل بن شاذان (ره) أنه روى بإسناد صحيح ، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: (ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلا ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا لإتمام الحجة على الأعداء).


[1] بداية المعرفة لحسن مكي العاملي.

2019/10/15
شواهد: نصوص تنصيب الأئمة (ع)

ذكرنا في مقال سابق أن من أسباب معرفة الإمام هو جريان قانون الإعجاز على يديه، فإذا تحقق هذا الأمر فإن صاحبه محق ويجب إتباعه، وهناك قانون آخر يكون طريقة للتعرف على الإمام المفترض لطاعة من دون إمكانية لخرقه، وهذا القانون هو النص، ففي الأصول أن النص ما لا يقبل الخلاف، أي له معنى واحد ومحدد، ويقابله المجمل، الذي يحتمل كلا الوجهين، ومعرفة الإمام هو بنص الإمام الذي قبله عليه، والنص هنا ليس بذكر صفة معينة أو لقب معين بل هو نص على الذات، بعبارة أخرى إستخدام إشارة حسية في تعيين المراد كمسكه من يده أو الضرب على فخذه أو وضع اليد على رقبته وهكذا ...

ومن يطالع روايات المعصومين (عليهم السلام) يجد أنها متطابقة تماماً مع هذا المضمون، وإليك الشواهد:

1- نص النبي الاكرم على أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) 

نص النبي الاكرم على إمامة امير المؤمنين في أكثر من موضع أبرزها وأهمها ما جاء في حادثة غدير خم حيث أخذ بيده ثم وقال من كنت مولاه فعلي مولاه[1]، فلو قال علي وليي ولم يره للناس لأمكن للمتربصين أن يقولوا ليس المقصود به علي بن أبي طالب بل هو علي غيره لذلك كان من حكمته أن يشخصه بمرأى ومسمع من جميع الحاضرين.

2- نص الامام علي على ولديه الامامين الحسن والحسين (عليهم السلام )[2]

عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن عليه السلام: يا بني أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع إلى كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام.

3- نص الامام الحسين على ولده الامام السجاد [3]

عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب.

4- نص الامام السجاد على ولده الامام الباقر[4]

عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة، فلما توفي جاء إخوته يدعون [ما] في الصندوق فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق فقال: والله ما لكم فيه شيء ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إلي وكان في الصندوق سلاح رسول الله صلى الله عليه آله

5- نص الامام الباقر على ولده الصادق [5]

عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن أبي عليه السلام استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبدالله بن عمر فقال: اكتب، هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له: يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة.

-------------- [1] ) الغدير - الشيخ عبد الحسين الأميني ج1 ص19 [2] ) الكافي للكليني ج1 ص 298 [3] ) نفس المصدر ج1 ص304 [4] ) نفس المصدر ج1 ص306 [5] ) نفس المصدر ج1 ص310

 

2018/01/04
خلو القرآن من أسماء الأئمة.. هل ذكر القرآن كل أسماء الأنبياء؟

 

في سياق سرد الإجابات عن خلو القرآن الكريم من أسماء الأئمة عليهم السلام، يمكن لنا وعلى غرار جواب الصحابي ابن مسعود لأم يعقوب الأسدية القول: إن خلافة علي باسمه جاءت في القرآن.

والمقصود بإجابة ابن مسعود لأم يعقوب هو ما نقله البخاري عن ابن مسعود إنه قال يوما: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}([1])؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا([2]).

فعلى طريقة ابن مسعود هذه وبعد أنْ ثبت لدى المسلمين جميعاً أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) نص على أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما سيأتيك شطراً منها، يمكننا أن نجيب وبضرس قاطع عن الإيراد: نعم لقد نص القرآن الكريم على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) باسمه وصفته.

الإمامة العامة والخاصة في القرآن

كما أن عقيدتنا بالإمامة على وزان عقيدتنا بالنبوة من جهة الوساطة بين الخلق وبين الخالق وعليه، فكما إن الحديث عن النبوة كأصل ديني ومقام إلهي ورد في القرآن دون ذكر أسماء الانبياء ولو بنسبة واحد بالمائة منهم ذلك إن عددهم (عليهم السلام) مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، فكذا الحال لنظيرتها (أعني الإمامة)، فقد وردت كأصل ومنصب ألهي ومقام رباني، كما مرت علينا دون ذكر أسماء جميع الأئمة.

إذن، فلو خلينا نحن والقرآن وسبرنا آياته لوجدناه يذكر النبوة والإمامة كمقامين ومنصبين وشأنين إلهيين دون ذكر أسماء اشخاص المنصبين، وهذا العرض القرآني للإمامة اتخذ شكلين في حقيقته:

أ- فتارة نجد القرآن يعرض للإمامة أو الخلافة العامة أو لائمة وخلفاء لله في ارضه قد سبقوا النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) وامثلة ذلك كثيرة، وشواهده القرآنية وفيرة هاك سطراً منها:

1- {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}([3]). وقد سبقت الإشارة اليها.

2- {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}([4]).

3- {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}([5]).

4- {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}([6]).

5- {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}([7]).

ب - والشكل الاخر لعرض القرآن للإمامة يتمثل بالإمامة الخاصة لأهل البيت، وبسط القول فيها يحتاج منا عقد بحوث موسعة لا يسعها هذا الموجز، لذا سنقتصر هنا على موضع الحاجة للتذكير ليس غير، ولعلنا نوفق لبحثها لاحقا إن شاء الله تعالى.

1- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([8]).

وفيما يرتبط بوجه الاستدلال بهذه الآية على إمامة أهل البيت (صلوات الله عليه) سئل أبو محمد الفضل بن شاذان النيشابوري (رحمه الله) فقيل له: ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال: الدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل، ومن سنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، ومن إجماع المسلمين. فأما كتاب الله تبارك وتعالى فقوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر مِنكُمْ) فدعانا سبحانه إلى طاعة أولي الأمر كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله، فاحتجنا إلى معرفة أولي الأمر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى، ومعرفة الرسول (عليه وآله السلام)، فنظرنا في أقاويل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا في أولي الامر، وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال بعضهم: اولي الأمر هم أمراء السرايا، وقال بعضهم: هم العلماء. وقال بعضهم: هم القوام على الناس، والآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، وقال بعضهم: هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته (عليهم السلام)، فسألنا الفرقة الأولى فقلنا لهم: أليس علي بن أبي طالب (عليه السلام) من امراء السرايا؟ فقالوا: بلى، فقلنا للثانية: ألم يكن (عليه السلام) من العلماء؟ قالوا: بلى، فقلنا للثالثة: أليس علي (عليه السلام) قد كان من القوام على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقالوا: بلى، فصار أمير المؤمنين (عليه السلام) معيّناً بالآية باتفاق الأمة واجتماعها، وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة والموافق عليها، فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها، ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه من البرهان..."([9]).

2ـ {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([10])، والآية صريحة في حصر الولاية في ثلاثة: الله تعالى، ورسوله، والذين آمنوا، بأقوى ادوات الحصر (إنما) وبالرغم من تواتر النقل بنزولها في أمير المؤمنين، وأنه المعني بـقوله تعالى " الذين آمنوا " لكنا ننقل شهادتين لعالمين كبيرين من المخالفين:

الأول: قال الألوسي عنها "..وغالب الإخباريين على أنها نزلت في علي (كرم الله تعالى وجهه) .."([11]).

الثاني: وقال الاسيوطي بعد سرد سبب نزول آية الولاية في أمير المؤمنين: فهذه خمس طرق لنزول هذه الآية الكريمة في التصدق على السائل في المسجد يشد بعضها بعضا "([12]).

3ـ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([13]).

 وهذه هي الأخرى نزلت في ولاية أمير المؤمنين كما نُقل في أخبار العامة والخاصة، وحسبك ما رواه البغدادي في تاريخه:

".. عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمَ ثَمَانِ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سِتِّينَ شَهْرًا، وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبٍ، فَقَالَ: " أَلَسْتُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ "، قَالُوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ"، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَابْنَ أبي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}"([14]).

ويتلخص هذا الجواب فيما يلي:

الإمامة كالنبوة فكما ان الله لم ينص على أسماء الأنبياء لا جميعا ولا نصفهم ولا ربعهم ولا حتى واحد بالألف منهم كذلك الحال بالنسبة للإمامة نعم ذكر النبوة كأصل لكنه في المقابل ذكر الإمامة كأصل أيضاً، العامة منها والخاصة، فهما من هذه الجهة متكافئتان فما يقوله المعترض عن النبوة وأسماء الانبياء نقوله في الامامة وأسماء الأئمة.

يتبع...

من كتاب: "خلو القرآن الكريم من أسماء الأئمة.. معالجة جذرية لمشكلة متجددة" – صادر عن شعبة البحوث والدراسات في قسم الشؤون الدينية – العتبة الحسينية المقدسة

 


([1]) سورة الحشر: 7.

([2]) البخاري: ح: 4507.

([3]) سورة البقرة: 124.

([4]) سورة الأنبياء: 73.

([5]) سورة السجدة: 24.

([6]) سورة البقرة: 30.

([7]) سورة ص: 26.

([8]) سورة النساء: 59.

([9]) بحار الأنوار: ج4، ص 336.

([10]) سورة المائدة: 55.

([11]) روح المعاني: 3 / 334.

([12]) الحاوي للفتاوي: 1 / 104.

([13]) سورة المائدة: 3.

([14]) تاريخ بغداد: 9 / 221.

 

 

2018/01/03
خلو القرآن من أسماء الأئمة: كيف أجابوا (عليهم السلام)؟

 بعد الانتهاء من المقدمة الموجزة التي قدمنا من خلالها العلاقة بين القرآن والسنة القطعية، في المقالة السابقة، هل يصح التفريق بين القرآن والسُنة؟ نصرف عنان الكلام إلى أجوبة ذاك الاعتراض الموجه لشيعة أهل البيت، عليه السلام، المعتقدين بولايتهم وامامتهم، وقد تنوّعت الإجابات التي قدمها علماء الإمامية قديماً وحديثاً على الاعتراض السالف في خلو القرآن الكريم من أسماء الأئمة عليهم السلام، ويمكننا حصرها في نوعين رئيسين:

الأول: يعتبر الاعتراض غير وارد من أصله لورود اسم بعض الأئمة في القرآن وبالتحديد اسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ويقدّم المتبنون لهذه الإجابة شواهد عديدة تثبت صحة إجابتهم كما يرون، نكتفي بعرض اثنين من تلكم الشواهد:

أ- {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}([1])، جاء هذا استجابة لدعاء إبراهيم (عليه السلام) الذي حكاه القرآن بقوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}([2]).

 ورد في مقدمة [كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر] بعد أن قرر الاستدلال بهذه الآية ما نصه:

... فيكون حاصل معنى الآية: أي ووهبنا لهم أي أعطينا لأجلهم وكرامتهم من فضلنا علياً لساناً صادقاً، وجعلنا أي صيرنا لأجلهم علياً صادقاً، وإذا ثبت أنّ الآية نص على علي بن أبي طالب بهذا التأويل فنقول: علي بن أبي طالب يدعي الإمامة بعد رسول الله بلا فصل، وهو صادق في كل ما يقول...([3]).

ب- الحروف المقطعة الواقعة في مفتتح سور القرآن الكريم، فإنّها لو جمعت وحذف منها المكرر صارت (صراط علي حق نمسكه).

قال الفيض الكاشاني: من الأسرار الغريبة في هذه المقطعات أنها تصير بعد التركيب وحذف المكررات (علي صراط حق نمسكه أو صراط علي حق نمسكه) ([4]).

النوع الثاني من الإجابات: مبني على الإقرار بعدم ورود أسماء الأئمة (عليهم السلام) في القرآن إلا إنها تسجل تحفظاتها على منطلقات الاعتراض وتعتبره متضمناً لفهم مغلوط لموقع السنة النبوية وتفكيك غير مبرر بين القرآن الكريم والسنة القطعية، وقد مر علينا أنهما صنوان، هذا هو النوع الثاني الذي تشترك فيه جميع الإجابات التالية:

الإجابة الأولى: جواب الأئمة (عليهم السلام) وهو إمام الأجوبة.

ليس مستغرباً على أهل البيت أن يكونوا أولَ من يتصدى للإجابة على هذا الإيراد وهم َمَوْضِعَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفَ المَلائِكَةِ، وَمَهْبِطَ الوَحْيِ، وَخُزَّانَ العِلْمِ.

فقد تعرّض أصحاب الأئمة لهذا التساؤل من قبِل المخالفين لهم في العقيدة وقاموا بنقله لأهل البيت (عليهم السلام)، والأئمة بدورهم أجابوهم بإجابة كافية ووافية وصحيحة أبي بصير في الكافي أنموذج لذلك: فعن أبي بصير قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام): فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسمِّ علياً وأهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عز وجل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسمِّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمِّ لهم من كل أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال (صلى الله عليه وآله) أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يبين من أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عز وجل أنزله في كتابة تصديقاً لنبيه (صلى الله عليه وآله) إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده إذاً لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها لكبره...([5]).

يتبع...

من كتاب: خلو القرآن الكريم من أسماء الأئمة.. معالجة جذرية لمشكلة متجددة – صادر عن شعبة البحوث والدراسات في قسم الشؤون الدينية – العتبة الحسينية المقدسة --------------------------- ([1]) سورة مريم: 50. ([2]) سورة الشعراء: 84. ([3]) مقدمة كفاية الأثر: ص 37. تنبيه: لم يرجح محقق الكتاب نسبة المقدمة التي ورد فيها هذا النص إلى الخزّاز القمي. ([4]) تفسير الصافي: ج1، ص 69. ([5]) الكافي: 1 / 424 / باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الائمة (عليهم السلام) واحداً فواحداً/ الحديث رقم 1 من الباب.
2017/12/26
خلو القرآن من أسماء الأئمة.. هل كل ما يعتقد به المسلمون من القرآن فقط؟

إنّ الاعتراض على عقيدة الشيعة في إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وعدم ورود أسمائهم الصريحة في القرآن الكريم، لو تمّ فإنه يطّرد ويجرى في سائر العقائد فيقال: لماذا لم تُذكر سائر العقائد في القرآن الكريم، كقدم كلام الله وأسماء الأنبياء وعددهم وخلافة أبي بكر وصحبته للنبي (صلى الله عليه وآله) في الغار وخلافة عمر عند المخالفين للشيعة في العقيدة، سيما مع ذهاب طائفة كبيرة عمن علماء العامة إلى تكفير منكر خلافة الشيخين.

وقد نص الألباني على إن جملة كبيرة من عقائد المسلمين لم يصرح بها في القرآن الكريم حيث يقول:

"فأن قيل: فلماذا لم يجعل الله عز وجل جميع حجج الحق مكشوفة قاهرة لا تشتبه على أحد، فلا يبقى إلا مطيع يعلم هو وغيره أنه مطيع، وإلا عاص يعلم هو وغيره أنه عاص، ولا يتأتى له إنكار ولا اعتذار؟

قلت: لو كان كذلك لكان الناس مجبورين على اعتقاد الحق، فلا يستحقون عليه حمداً ولا كمالاً ولا ثواباً، و لكانوا مكرهين على الاعتراف كمن كان في مكان مظلم فزعم إن ذاك ليل وراهن على ذلك ففتحت الأبواب، فاذا الشمس في كبد السماء، و لكانوا قريباً من المكرهين على الطاعة من عمل وكف، لفوات كثير من الشبهات التي يتعلل بها من يضعف حبه للحق فيغالط بها الناس ونفسه أيضاً".

وقد علق الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة على هذا الموضوع بما لفظه:

"يريد الشيخ بالسؤال والجواب أن بين حكمة الله تعالى في ابتلاء الناس بالهوى والشبهات والشهوات ليحصل الجهاد والابتلاء ويحمد المجاهد ويؤجر، وإلا فوضوح الحق والباطل أمر لا خفاء به، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة".

وعلّق أيضاً على كلام آخر ما لفظه: "الحق ان حجج الله تعالى التي سماها بينات هي مكشوفة واضحة لا خفاء بها وإنما تخفى على من في قلبه كن وفي أذنيه وقر وعلى بصره غشاوة من هواه وأخلاقه وما اعتاد".

وقال الألباني: لا أراه يخفى أن مرادي بالقضية المكشوفة القاهرة هو أن تكون بحيث لا تخفى هي ولا إفادتها اليقين على عاقل، حتى لو زعم زاعم إنه يجهلها، أو إنه يعتقد عدم دلالتها أو يرتاب فيها لقطع العقلاء بأنه إما مجنون الجنون المنافي للتكليف أو كاذب. ولا يخفى أنه ليس جميع الحجج الحق هكذا، ولكنها بينات البيان الذي تحصل به الهداية وتقوم به الحجة، ثم هي على ضربين، الضرب الأول الحجج التي توصل الإنسان إلى أن يتبين له أنه يجب عليه أن يكون مسلماً، الثاني ما بعد ذلك، فالأول حجج واضحة لكن من اتبع هوى قد يصد عن الحق، أو قصر في القيام بما قد بان أن عليه أن يقوم فقد يرتاب أو يجهل، والضرب الثاني على درجات، منه ما في معنى الأول فيكفر المخطئ فيه، ومنه ما لا يكفر ولكنه يؤاخذ، ومنه ما يعذر، ومنه ما يؤجر أيضاً على اجتهاده([1]).

وهنا نقول: كلام الشيخين (الألباني ومحمد عبد الرزاق) واضح في مجيء جملة من العقائد بأدلة تحتاج إلى بحث ونظر وحياد وأن يجعل الإنسان هدفه من البحث فيها تحصيل الحق وإن خالف قومه وهواه.

وإليك شواهد ما أوجزناه في صدر الإجابة الثانية:

أـ (شواهد من كلام الألباني على عقائد لم تذكر في القرآن).

فقد ذكر الألباني في كتاب منتهى الأماني وهو يرد على القرآنيين طائفة كبيرة من العقائد المأخوذة من السنة ودون القرآن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 1ـ نبوة آدم وغيره من الأنبياء.

 2ـ أفضلية النبي (صلى الله عليه وآله) على غيره.

 3ـ شفاعته (صلى الله عليه وآله) العظمى في المحشر.

 4ـ شفاعته (صلى الله عليه وآله) لأهل الكبائر من أمته.

5ـ معجزاته (صلى الله عليه وآله) كلها ما عدا القرآن.

 5ـ صفاته (صلى الله عليه وآله)... الخ "، وهكذا راح الألباني يعدد العقائد الإسلامية المستسقاة من الأحاديث فحسب([2]).

ب ـ أما عن كفر منكر خلافة الشيخين:

1- ابن حجر الهيتمي المكي حيث قال: (فمذهب أبي حنيفة إن من أنكر خلافة الصديق أو عمر فهو كافر..)([3]).

2ـ الطحاوي في حاشيته على مراقي الفلاح قال: (وإن أنكر خلافة الصديق كفر كمن أنكر الإسراء لا المعراج والحق في الفتح عمر بالصديق في هذا الحكم والحق في البرهان عثمان بهما أيضاً..)([4]).

3- وفي الفتاوى الهندية: (من أنكر امامة أبي بكر الصديق فهو كافر)([5]).

بعد هذا النزر اليسير مما تناثر في صحفهم لنا سؤال نضعه برسم كل منصف:

اين امامة أبي بكر باسمه في القرآن ليكفر المسلمون غير المعتقدين بها؟!

فإن قيل: انها ليست من أصول الدين لتذكر في القرآن.

قلنا: فلِمَ التكفير على إنكارها اذن؟

في الوقت الذي يحكم الشيعة بإسلام مخالفيهم مع قيام ما لا يحصى من الأدلة على إمامة أهل البيت (عليهم السلام)، وعدم امتلاك خصومهم إثارة من علم على خلافة الثلاثة! {تِلْكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى}([6]).

يتلخص من جميع ما مر في هذا الجواب عن الاعتراض بما يلي:

 ثمة عقائد - أصولاً وفروعاً - معلومة من الدين بالضرورة دليلها من خارج القرآن، وقد مر عليك أمثلة منها.

يتبع...

من كتاب: "خلو القرآن الكريم من أسماء الأئمة.. معالجة جذرية لمشكلة متجددة" – صادر عن شعبة البحوث والدراسات في قسم الشؤون الدينية – العتبة الحسينية المقدسة ----------------------------- [1] القائد في تصحيح العقائد: ص 14 – 16. ([2]) منتهى الأماني بفوائد مصطلح الحديث، للمحدث الألباني: ص 106. ([3]) الصواعق المحرقة: 138. ([4]) الحاشية على مراقي الفلاح: 204. ([5]) الفتاوى الهندية: 2 / 264. ([6]) سورة النجم : 22.
2017/12/21