أسهل طريقة لعلاج الأطفال من ’الأنانية’

من الأفكار الذكية في علاج سلوك الأنانية عند الطفل الصغير أن نلعب معه لعبة الفرق بين (الدقيقة والخمس دقائق).

[اشترك]

وفكرة هذه اللعبة أني أطلب من الطفل أن يرتب العابه بغرفته وأحسب له الوقت الذي يستغرقه في الترتيب، فإذا رتب الألعاب خلال خمس دقائق أطلب منه أن يرد الألعاب مثلما كانت في حالة الفوضى ثم نرتبها مرة أخرى وأساعده بالترتيب أو أخبر أخوه أن يساعده بالترتيب، وأحسب الوقت في الحالة الثانية فإنه سيكتشف بأن في حالة التعاون تم ترتيب الألعاب في وقت أقل قد يستغرق دقيقة واحدة بدل الخمس دقائق، وأوضح له أن من فوائد التعاون استغلال الوقت أو أن أعرض عليه صور أو أفلام لرياضات مثل كرة السلة أو القدم وأوضح له كيف أن التعاون كان سببا للفوز، كل هذه الأفكار العملية تساعدنا في التغلب على سلوك الأنانية.

فغرس التعاون ونبذ الأنانية يكون بالأسلوب العملي والإيجابي وليس بالغضب والعصبية فلو رفض الطفل أن يعطى أخوته أو أصدقائه ألعابه أو حبة حلوى من الحبات التي بيده، فيكون علاج هذه المشكلة من خلال غرس قيمة التعاون وعدم الأنانية بإعطائه كيس من الحلوى ليقوم بتوزيعها على أصدقائه ثم نمدحه على فعله هذا، وحتى نعزز عنده قيمة التعاون وعدم الأنانية في حياته فنشركه بألعاب جماعية وليست فردية حتى تعزز عنده روح الفريق الواحد، ومن جانب آخر فإن رؤية الطفل للمربي بأنه متعاون وليس أناني أثره يكون أقوى من مائة تدريب وتمرين لغرس التعاون، فالتأثير بالمشاهدة والقدوة أثرها كبير بالإضافة إلي تجنب التدليل الزائد أو الإهمال الزائد فكلاهما يعزز قيمة الأنانية عند الأطفال، وتوجد الكثير من المواقع الالكترونية تحتوي على مجموعة من القصص تساعد الأمهات والآباء على غرس قيمة التعاون وعدم الأنانية مثل قصة (ذو القرنين) ففي هذه القصة تتجلى قيمة التعاون بوضوح فقد أعطى الله -سبحانه- ذو القرنين مُلكًا عظيمًا، فكان يطوف الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وقد مكَّن الله له في الأرض، وأعطاه القوة والسلطان، فكان يحكم بالعدل، ويطبق أوامر الله، وذو القرنين الذي قال الله عنه {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} فوجد هنالك قوماً متخلفين { قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} وعندما وجدوا فاتحاً قوياً، وتوسموا فيه القدرة والصلاح عرضوا عليه أن يقيم لهم سداً في وجه (يأجوج ومأجوج) الذين يهاجمونهم، ويعيثون في أرضهم فساداً، ولا يقدرون هم على دفعهم وصدهم وذلك في مقابل مبلغ من المال يجمعونه له من بينهم، وتبعاً للمنهج الصالح الذي أعلنه ذلك الحاكم الصالح من مقاومة الفساد في الأرض فقد رد عليهم عرضهم الذي عرضوه من المال، وتطوع بإقامة السد، ورأى أنّ أيسر طريقة لإقامته هي ردم الممر بين الحاجزين الطبيعيين، فطلب إلى أولئك القوم الذين لا يفهمون أن يعينوه بقوتهم المادية والعضلية {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}.

فالأطفال في العادة يحبون القصص ويعيشون أحداثها ويتخيلون أنهم بداخل القصة، فتوظيف مثل قصة (ذي القرنين) وغيرها من القصص التي تزرع قيمة التعاون وعدم التفرد والأنانية حتى مع الأشخاص الذين لا يفهمون تربى الطفل على التعاون ونبذ الأنانية، فاستغلال وقت الطعام أو الذهاب بالسيارة أو أثناء المشي مع الأبناء بذكر مثل هذه القصص تساهم في تربيتهم، ولكن أحيانا بعض الأطفال يكونوا مبالغين في قيمة التعاون لدرجة أنه لا يبقي لنفسه شيء وكل شيء يوزعه ويقدمه للآخرين وفي هذه الحالة لا بد أن نعلم الطفل التوازن أثناء التعاون ونضرب له الأمثال والقصص ليتعلم، ومن الأفكار العملية مشاركة الطفل في الأعمال الخيرية والتطوعية والإغاثية فإن مثل هذه المشاركة تربي عنده حب العطاء والتعاون وتعالج سلوك الأنانية.

*جاسم المطوّع

 

 

 

2022/04/18

هل تساعد زوجتك في المطبخ خلال شهر رمضان؟

يرى بعض الرجال في مساعدة الزوجة بأعمال المنزل وأعبائه انتقاص من رجولتهم، ويعتبرون هذا هو عملها الذي يتوجب عليها تأديته دون شكوى. 

[اشترك]

فهم يعملون طوال الوقت خارج المنزل ولذلك فليس أحد مهماتهم لدى عودتهم من العمل المشاركة بأعمال المنزل، لكن عزيزي الرجل إن التعاون هو نواة السعادة والاستقرار في الحياة الزوجية وسر نجاحها وتماسكها.

ومع قدوم شهر رمضان المبارك تزداد أعباء ومسؤوليات الزوجة وتصبح مطالبة بالكثير والكثير من المهام، من تنظيف المنزل وترتيبه، لجلي الأطباق، وطهي وتحضير موائد الإفطار والسحور، والعزائم والسهرات الرمضانية، ورعاية الأطفال، ولذلك فهي تحتاج لمساعدتك وعطفك في هذا الشهر أكثر من أي وقتٍ مضى.

وبما أن الشهر الكريم هو شهر المحبة والإحساس بالغير والمساعدة والعطاء، نوضح لكم أهمية تعاون الزوجين في رمضان لتزداد العلاقة الزوجية سعادةً ومتانة وتسودها الرحمة والمحبة.

يعد شهر رمضان فرصة لا تعوض للزوجين لتقوية أواصر المحبة وتعزيز التواصل بينهما، والتعبير كل منهما للآخر عن مدى تعاونه وامتنانه للشريك.

حيث يمتنع بعض الرجال عن دخول المطبخ الذي تقضي الزوجة معظم وقتها فيه، أو يخشون المساعدة في أعمال المنزل وذلك خوفاً منهم على كبريائهم ومظهرهم أمام أهل البيت والآخرين، لكن بالطبع فإن الرجل الذي يساعد زوجته يحظى بالكثير من التقدير والمحبة ويتمتع بحياة زوجية هانئة خاصةً وأن مساعدته لها ستكون في مكانها خلال هذا الشهر نظراً لكثرة الأعمال والصيام والتعب.

لذلك فمن واجب الزوج مساعدة زوجته والعطف عليها ومد يد العون لها خاصةً إذا كانت تعمل خارج المنزل أو كان لديها أطفال صغار بحاجة لرعاية طيلة الوقت، أن أفضل طريقة للتعاون هي تقسيم الأعمال المنزلية والمهام بين الشريكين، وتقدير كل منهما لعمل الآخر وجهوده.

وبما أن روحانيات شهر رمضان تغلب على طباع كل من الزوجين عليكم إذاً أن تغتنموا فرصة مرور الشهر الكريم ومد جسور التواصل والمحبة بينكم والتعاون على كل شيء بروح طيبة وبرضى.

على الزوجة أيضاً تقدير جهود الزوج وعمله طيلة الوقت خارج المنزل لتأمين حياة كريمة لها ولأطفالها، وأن تضع بعين الاعتبار أنه صائم ويحتاج للراحة والأجواء الهادئة لدى عودته من العمل لذا عليها أن تسعى جاهدة لتوفر له الراحة والاستقرار في المنزل لينعم بالهدوء.

تكثر الولائم والعزائم في شهر رمضان، لذلك وإذا كنت ترغب بدعوة أحدهم لتناول طعام الإفطار في منزلك عليك أن تخبر زوجتك قبل يومين أو ثلاثة من الموعد لتستطيع تحضير نفسها وإعداد الأطباق المطلوبة، وعليك أيضاً أن تساعدها في تحضير الأطعمة وترتيب المنزل كي لا يكون الأمر ثقيلاً ومتعباً لها خاصةً وأنها صائمة.

وتجنب الإصرار يومياً على طلب أصناف كثيرة وعديدة من الطعام على وجبتي الإفطار والسحور كي تخفف من الجهد الذي ستبذله زوجتك في إعداد هذه الأطباق.

وتأكد عزيزي الزوج أنك ولدى مساعدتك لزوجتك فإنك ستكسب ودها وهذا من شأنه أن يخلق المحبة ويولد الاحترام المتبادل بينكما.

بالطبع أنت لست مجبراً على تقديم المساعدة إلا أن تصرفك هذا سيكون بمثابة رصيد كبير لديها وستقدر لك اهتمامك بمشاعرها ومحبتك لها.

كما أن الاهتمام بالأطفال ورعايتهم سيكون أمراً شاقاً إلى جانب كل تلك المهمات الملقاة على عاتق الزوجة لذا يمكنك تقديم المساعدة لها عن طريق رعايتهم والاهتمام بهم لبعض الوقت ريثما تنجز هي عملاً آخر أو تحصل على قسط من الراحة.

فالحياة الزوجية مبنية على التكافل والتعاون وهي مشاركة كاملة في كل شيء وسيزيد التعاون من أواصر الألفة والمحبة بين الزوجين.

* ليالينا

 

 

 

2022/04/16

كيف نستثمر شهر رمضان في تقوية العلاقات الزوجية؟

كلنا نصوم في شهر رمضان، لكن كم منا يدرك أهمية التركيز على مراعاة مشاعر صيام نصفنا الآخر؟

[اشترك]

متاعب الوظيفة ومسؤوليات الأسرة وتلبية احتياجات الشهر قد تنسي، ولو للحظات، تلك التفاصيل المهمة التي تحد عمق العلاقة الزوجية بين شريكين تعاهدا على تقاسم حلو الحياة ومرها، وبما أن الشهر الفضيل هو شهر تقرب للبارئ فلمَ لا نعتبرها فرصة لتجديد عهد الشراكة والمودة، فنستبدل الأخذ بالعطاء، العناد بتقديم التنازلات، الأسى بالتسامح، الغضب بالهدوء، الغلظة بالكلام الرقيق.

طبعاً كلامنا هذا لا يعني أن نكون متحابين في شهر رمضان ونسى الأشهر الأخرى، بل الذي نقصده هو أن نزيد الجرعة في شهر الصيام ونجعله مثالاً لأيام السنة التالية، ليس من أجل شيء، بل اعتراف وتقدير لجميل كل من الشريكين تجاه الآخر.

ليس بالطلب العجيب:

المرأة ناعمة ورقيقة بطبيعتها، تحب اللطف في المعاملة واستخدام الكلمات الجميلة في المحادثة، وهي كما زوجها، تصوم عن وجباتها المفضلة وفنجان القهوة أو الشاي الذي لا تستطيع تكملة يومها من دونه، ومع ذلك لا تتلكأ في القيام بواجباتها داخل المنزل وخارجه، خصوصاً في المطبخ، حيث تصرف وقتاً طويلاً في إعداد ما يروق للزوج من إفطار وما يرغب فيه، إذن ليس بالأمر الغريب والطلب العجيب أن يتفهم الزوج طبيعة زوجته ويغدق عليها مشاعر الود والرحمة التي توفرهما له أصلاً وبشكل دائم، سواء في رمضان أو الأشهر الأخرى.

لا تتعذر بالصوم:

قد يعترض بعض الأزواج على أنهم في صيامهم لا مزاج لديهم على مسايرة نسائهم إذ تكفيهم لائحة متطلباتهن اليومية، للأسف هؤلاء هم الأزواج الأنانيون الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم وطعامهم وموعد الإفطار، فلا تكن كذلك، ولا تعتبر أن مهمة زوجتك الوحيدة أن ترعى مصالحك الشخصية، مانحاً لنفسك عذر الصوم، فهي أيضاً تصوم مثلك ولها نفس احتياجاتك واهتمامك بها من أولويات واجباتك كزوج صائم.

كن متعاوناً:

عدا عن معاملتك اللطيفة عليك أيضاً أن تتطلع إلى تعاونك معها في توزيع المسؤوليات، من كتابة لائحة بأصناف الطعام المطلوبة والذهاب لشرائها، إلى التنسيق معها لدعوة الأهل والأصدقاء وإلى تحضير المائدة ومذاكرة الأولاد... هذا التعاون سيحول الحياة بينكما إلى عشرة هنية ورضية بعيداً عن أي انتكاسات.

وصايا للزوجة:

على الزوجة أن تكون السباقة في معاملة زوجها بالحسنى والرقة لكي تكسبه من جهة ومن جهة أخرى تفرض عليه المعاملة بالمثل بصورة غير مباشرة.

فكما للزوج واجباته كذلك للزوجة واجباتها، ومن أهم ذلك كيفية تصرفها معه أثناء صيامه الذي قد يشعره أحياناً بالجوع الذي يعتبر المولد الأساسي لعصبيته التي لا داعي لها، فهناك من تكون لديه قدرة على تحمل الجوع وهناك من لا يقدر، خصوصاً إن كان زوجك من المدخنين، هذا لا يعني التشكيك في صيامه، لكن لكل نفس قدرة على التحمل.

وهذه الإرشادات هي:

- لا ترهقيه بطلباتك وما تهفو له نفسك في صيامك.

- لا تثيري عصبيته، بل توخي الحذر في تعاملك معه.

- تحضري جيداً لكل يوم من أيام الصيام، قدمي له الوجبات التي يحبها وليكن الطعام جاهزاً على المائدة مع حلول موعد الإفطار.

- لا تتخميه بالطعام فيتكاسل وتهبط عزيمته، ولا بالمصروف فيتوتر ويقلق، بل ركزي كل يوم على نوع مغذ من الحساء وطبق آخر قليل الدسم لينام على معدة خفيفة، وتذكري أن التمور والألبان والعسل تخف العصبية وتساعد على النوم.

- لا تفرضي عليه مائدة أهلك الأشهى من مائدة أهله، بل اتركي له حرية الاختيار.

- حدثيه في أمور الصيام، وأنه يصوم لنفسه والصبر على الجوع له حسنة وهو نوع من التطهير والصحة للنفس والجسد والفكر.

محاذير للزوج:

كما للزوجة وصايا فللزوج أيضاً، فلا تعتبر أن ما يطلب منك كثير ويحتاج إلى بطولة، فقط تعامل مع زوجتك كما تريدها أن تعاملك. - لا تكثر من طلباتك أثناء صيامها ولو كان ذلك في حدود واجباتها المنزلية، فرفقك بها يوقظ فيها محبتها وتقديرها لك، وقد لأن تنفذ لك ما لم تطلبه منها.

- إن كان في بالك طعام ما أو طبق حلوى معين، لا تستخدم في ذلك أسلوب الأمر بل صارحها بما في بالك واترك لها حرية التنفيذ أو الرفض.

- لا تنتقد طريقة طهوها للطعام أو قلة ملوحته أو حموضته بعد أن قضت وقتاً طويلاً في إعداده، فالأفضل أن تطلب منها قارورة الملح والبهار فتفهم مغزى طلبك وتصح الخطأ في اليوم التالي.

- لا تتكاسل في توزيع مهام العمل والمسؤوليات الزائدة في الشهر الفضيل.

- شاركها في كل الأدوار لكي تخف عنها وعنك الكثير من الأعباء النفسية خلال يوم الصيام.

- لا تفاجئها بدعوة قريب أو صديق للإفطار، بل حد معها الموعد واستعدا له بنفسية سليمة.

- لا تتخل عن فكرة خروجك معها للمشي أو لتناول مرطبات أو حلويات عند الأهل أو في مكان يليق بالشهر.

- لا تنس أن زوجتك مخلوق حساس، دواؤه المعاملة الحسنة والاحترام والتقدير.

- لا تنس هذه المحاذير بعد انتهاء شهر الصيام، بل استمر في تطبيقها لأن زواجكما عبارة عن شراكة تعاونية أساسها الود والاحترام المتبادل والتعاون وتحمل المسؤولية في كل الأزمان والأمكنة.

* كوني أنثى

 

 

 

2022/04/13

لـ ’ربات البيوت’.. نصائح للمحافظة على ميزانية الأسرة مع عزومات رمضان؟

من أهم العادات الجيدة في شهر رمضان، هي تجمع العائلات على مائدة الإفطار وخصوصًا فروع العائلات والأصدقاء، الذين يأخذهم زحام الحياة، ثم يأتي رمضان ليجتمعوا على مائدة الإفطار، وتظل العلاقات الإنسانية مربوطة بهذا الشهر الكريم.

[اشترك]

لذا سأحدثكم في هذا المقال، عن بعض النصائح التي تتبعها مجموعة من السيدات في تنظيم عزومات رمضان في حدود الميزانية دون إسراف أو تبذير، الذي هو في الأصل ضد الغاية التي شرع الله الصيام في رمضان من أجلها، التي للأسف ننساها ونتخم أنفسنا بكم هائل من الأطعمة التي تضر بأجسامنا وأرواحنا في هذا الشهر.

 وهذه مجموعة من النصائح لكي تسيطري على ميزانية العزومات في شهر رمضان:

1- جهزي قائمة بالعزومات التي ستصنعينها خلال الشهر بالكامل، ثم ضعي لكل عزومه قائمة الطعام الخاصة بها، والمكونة من: المشروبات، والمقبلات، والطبق الرئيسي، والحلويات.

2- اكتبي القائمة بشكل مفصل، واحسبي التكلفة الإجمالية لكل عزومه على حدة.

3- احرصي ألا تحملي نفسك فوق طاقتك، سواء في تكلفة العزومه أو مشقة الطبخ، ففي النهاية لا يستطيع أي شخص أن يأكل أكثر من طاقته، فليس هناك داعٍ لعمل أكثر من الأصناف المطلوبة فقط.

يجب أيضًا ألا تتعدي تكلفة العزومة المبلغ المحدد من قبل، حتى لا تكوني في مأزق باقي الشهر.

4- ليس هناك داعٍ أبدًا لعمل أكثر من صنفين للحلويات، واحرصي أن تكون الكميات معتدلة، كما يمكنك الاستفادة بالفواكه الموجودة في ثلاجتك لعمل سلطة فواكه مثلجة ومنعشة ومناسبة لفصل الصيف، سيحبونها ولن يشعروا بثقل في معدتهم بعد تناولها.

5- اجعلي هناك نوعين فقط من المقبلات بعدد متناسب مع عدد الأفراد في العزومة، فأكثر ما يركز عليه الصائم هو الشوربة في البداية ثم البروتين الحيواني أو النباتي.

6- جمعي الأصناف التي ستحتاجينها في كل العزومات مكتملة وتسوقي مرة واحدة قبل بداية الشهر، حيث يكون التسوق صعبًا خلال شهر رمضان، واتركي فقط الخضروات والفاكهة قبل العزومة بيوم واحد حتى تكون طازجة.

7- إذا كانت تكلفة العزومة ضخمة، فيمكنك تقليلها باستبدال بعض منتجات البروتين الحيواني من لحوم ودجاج بالمحاشي، فيمكن مثلًا عمل طبق من محشي البطاطس أو الكرنب، مثل هذه الأطباق تعطي إحساسًا بالشبع كما أنها ستضيف لمائدتك الكثير وتقلل من عبء تكلفة اللحوم.

وأخيرًا، يجب أن تضعي مبلغًا للطوارئ في حال حدث أي تغيير في خطة الطعام أو حدث طارئ ما، وحضر عدد أكبر من المتوقع قبل العزومة.

* سوبر ماما

 

 

 

2022/04/11

مسلسلات ومسابقات.. وسائل الإعلام تشوّه وجه ’رمضان’!

هلَ هلال رمضان، وهبّت القنوات الفضائية تتنافس في سباق محموم بتقديم وجباتها الدسمة والمغرية من المسلسلات والبرامج والمسابقات الرمضانية.

[اشترك]

باقة رمضانية متنوّعة تتسابق المؤسسات الاعلاميّة في عرض رصيدها السنوي من خلالها، فبات شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار شهر اللهو والسهرات التي لاتسمن ولا تغني من جوع، هذا إن لم تكن محرّمة في بعض الاحوال.

ليس بجديد معرفة دور الاعلام المناوئ وآثاره السلبيّة الواضحة على الفرد والمجتمع في كل زمان ومكان، لكن يحزّ في النفس أن يجد له موضع قدم - بل أقدام- في شهر هو من أفضل الشهور وأيامه من أفضل الايام.

فمعظم وسائل الاعلام شوّهت وجه رمضان الحقيقي وفرّغته من محتواه الروحاني الملائكي، وذلك عن طريق الاعلام الفاسد وبرامجه التي يُصرّف عليها الملايين بميزانيات هائلة لعرضها في هذا الشهر بالذات!

فلماذا هذا الحشد الدرامي الهائل؟! ومن الذي يقدّمه ويدعمه؟!

ناموا ولا تستيقظوا!

يقول الشاعر ساخرا: ناموا ولا تستيقظوا.... ما فاز إلّا النُوّم!!

وبالتأكيد لانقصد هنا النوم في هذا الشهر الفضيل، فالنوم فيه عبادة والأنفاس فيه تسبيح كما يقول الرسول الأكرم (ص)، و" يا حبذّا نوم الأكياس".

وإنما الشاعر يستهزئ بنوم الغفلة وعلى سبيل المثال فرص الخير التي نعيش ظلالها في هذه الأيام والليالي ونحن نتركها تمر مرور الكرام.

وعودة الى بدء والى سؤالنا الاستنكاري والذي نعرف جوابه مسبقا، وهو هدف الآلة الاعلاميّة التي لاتكل ولا تمل وخصوصا في رمضان ومحاولاتها الكثيفة في تنويم البلاد عن طريق الهاء الناس ولاسيما الشباب والنساء، فتعرض كما كل عام أدواتها الذكيّة في ذلك.

وفي هذا السياق يوجد رسمة كاريكاتوريّة ظريفة تعبّر عن هذا الواقع الأليم وهي صورة للتلفزيون في رمضان وذبذبات تخرج منه تشدّ الجالس بمحاذاته لا إراديّا، أي كطريقة التنويم المغناطيسي وتلك حقيقة مؤلمة.

وأمّا عن موضوع التوقيت الدقيق وهو هذا الشهر حيث تُقدم أجمل وأفضل البرامج والمسلسلات، فهناك عدّة مبررات، نذكر منها سببين ظاهري وباطني..

أولا: وهو ما يتبادر الى ذهن أي انسان ويراه منطقي وواقعي، فإنّه حرق للوقت الطويل والشاق ولاسيما وأنه يزامن فصل الصيف، فالإنسان يحتاج الى الترويح عن النفس والانشغال بشيء عن الجوع والعطش والتعب حتى موعد الافطار.

ثانيا: وهو الهدف الجلي على الفطِن والخفي على الجاهل.

فلأعدائنا وعي أعمق من وعينا بأهميّة رمضان ورسالته، فهو فرصة للتغيير والتوازن واختبار للصبر وعكازة للارتقاء، فالصوم يصقل شخصيّة الانسان ويشذّب عاداته السيئة، وهم بالتأكيد أعداء التغيير والتطوّر، لذلك لابد من إلهاء الفرد عن كل هذه القيم الروحيّة والنفسيّة والاجتماعية، والاعلام كما في كل معضلة هو الحل والدواء الناجع!!

فكان مبدأهم في ذلك "من اشتغل بغير المهم.. ضيّع الأهم"، فكيف بالاشتغال بالسموم المدسوسة بالعسل!!

و"العيون مصائد الشيطان" كما يقول الامام علي(ع)، وقد تمّ تجهيز هذه المصائد بحرفيّة وبفن عالي، ونظرة خاطفة الى ما يُعرض يؤيد ما ذكرنا، فهم يسرقون الكحل من العيون كما يُقال، فلم تحترم تلك البرامج والمسلسلات قدسيّة وحرمة هذا الشهر، وتاجروا برمضان على حساب المصلحة والمال ولا يخفى على أحد هويّة مديري وأصحاب هذه القنوات وهم أمراء معروفين وعلى علاقة وثيقة باليهود.

رفقاً بضيف الرحمن..

لا بد من تحذير الجميع من مغبّة ما نحن عليه، فالهوّة لا تفتأ تزداد كل عام بيننا وبين هذا الشهر العظيم، والبلاد تغرق في مستنقع الارهاب والفساد والفقر، ونحن بأمسّ الحاجة الى خطوات الخير التي تتشعب في هذا الشهر، فالدين والوطن والانسان بحاجة الى الدعاء والمؤازرة والتكافل ضد هذه الهجمة، فتلك الأجندات حاولوا ولايزالون بتشويه صورة الاسلام والجهاد والحجاب.... وكذلك رمضان بإشغال الناس بأجواء لا تليق بقدسيّته.

والحل ليس "بإدارة وجه التلفاز ليواجه الحائط طول شهر رمضان" كما يقول أحد الكتّاب وهو ما تفعله والدته في كل عام، فنحن في زمن تتكاثر فيه الأجهزة التقنيّة بالانشطار وهناك بدائل بلا شك.

 إنما العلاج يكمن في غربلة للنظام والبرنامج اليومي لكل أفراد العائلة عن طريق إلغاء هدر الوقت والعمر في القنوات الغير هادفة وابدالها بأخرى كحضور الأمسيات القرآنية وإقامة موائد الافطار وصلة الرحم ومساعدة الفقراء والمساكين بالصدقة، ولا بأس بمشاهدة بعض البرامج المفيدة والمحترمة والمسليّة من التي تعرضها بعض الشاشات.

ومن المؤسف أن يعرف قيمة رمضان بعض البعيدين عن الدين كالشاعر ابو نؤاس ونحن المغبونون في هذا الشهر الفضيل، فيقول: منع الصوم عقارا.. وذوي اللهو فغارا

وبقينا في سجون الصوم للهم أسارى.. غير أنا سنداري فيه ما ليس يدارى!!

فهلّا استيقظنا من سباتنا، ودارينا شهر الله؟!

*رقية تاج

 

 

2022/04/11

مقال من السيد محمد باقر السيستاني لـ ’طلبة الإعدادية’: كيف تجتهد في دراستك؟

ينشر موقع "الأئمة الاثني عشر" مقالاً جديداً لسماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني حول الاجتهاد في الدراسة مواجهة مغريات الترفيه والراحة التي تعرقل عادة عملية استحصال المعدلات الجيدة للطلبة.

[اشترك]                                              

 

أدناه نص المقال كما وردنا:

سؤال:

إنني طالب في أحد الصفوف الإعدادية: أتطلع إلى استحصال معدّل جيد وأنا ذو مستوى جيد لو اجتهدت في الدراسة إلّا أنني أحب الخروج من البيت وقضاء الوقت مع الأصدقاء وفي المقاهي، فما هو سبب هذه الحالة وعلاجها؟

 

بسمه تعالى

إن هناك عنصرين إيجابيين ـــ من عناصر الوعي الثلاثة ـــ في حالة السائل يساعدان على الحل:

أحدهما: ممارسة النقد الداخلي، وعدم تبرير السلوك، وهذا عنصر مهم من عناصر الوعي، فإنّ العائق الأهم الذي يبتلى به كثير من الشباب هو تبرير السلوك الذي يمارسونه بشكل مطلق بمختلف التبريرات والمعاذير، وهذا يغلق الباب أمام أيّ مسعى للتغيير نحو الأمثل، والحال في ذلك يشبه الحال في أي عارض سلبي يبتلى به الإنسان، فإنه إذا لم يذعن به الإنسان لا يستطيع من علاجه، فمن ابتلي بمرض لا يستطيع أن يسعى إلى العلاج إذا رأى نفسه صحيحاً، وكذلك من ابتلي بالكسل أو سوء الخلق أو ظلم الآخرين أو الإدمان المضر لن يستطيع أن يؤثر على نفسه إلا بعد أن يكتشف هذا الجانب السلبي في داخله، بل يصح القول على وجه عام إن نقد الذات ـــ لا في مستوى تحطيمها ـــ أساس كل ارتقاء للإنسان.

والعنصر الآخر: هو الاستشارة، وهي أول خطوة مبشّرة للسعي نحو التغيير، إذ يتجاوز فيه الإنسان مرحلة النقد إلى مرحلة البحث عن الحل، وهو عنصر آخر مهم من عناصر الوعي، لأنّ من الشباب المنتبهين في داخلهم إلى عدم كون سلوكهم ملائماً لمستقبلهم وتطلعاتهم الحقيقية يدفنون هذا الانتباه في داخلهم ولا يبذلون أيّ مسعى أو خطوة في هذا الاتجاه.

لكن بالرغم من هذين العنصرين الإيجابيين في مورد السؤال يبقى العنصر الأهم ــ من عناصر الوعي ــ هو الوعي في المستوى الباعث على العزيمة الجادة نحو التغيير.

ونعود للجواب عن السؤال:

فالسبب في السلوك الموصوف يعود إلى تمسك النفس بالأنس الحاضر الذي اعتادت عليه تدريجاً بالنظر إلى ما يوفره له من الشعور في حينه بالراحة والسعادة بدلاً عن العناء الذي يقتضيه الجهد الدراسي، رغم إقرار الشخص بأنّ بذل الجهد الذي تستوجبه الدراسة هو الخيار الأصلح بالنظر إلى المستقبل، إلا أنه تم تغييب النظر إلى المستقبل في المعادلة والموازنة بين الاهتمامات التي قدرها المرء لحياته.

والعلاج لمثل هذه الحالة يكون بخطوات:

١ ـــ تعميق الوعي.

وذلك بأن يبدأ الإنسان بلحظة تأمل في فراغ له مع نفسه ويجرد في ورقة نظام حياته ومستقبله خلال سنين بناء الإنسان لنفسه ولمستقبله الذي يتم عادةً خلال العشر إلى العشرين سنة المقبلة ثم ما بعدها وفق كلٍ من سيرته الحاضرة والمنهج البديل ويثبت إيجابيات وسلبيات كلٍ من السيرتين في نقاط.

ولتتضمن المحاسبة استحضاراً تفصيلياً دقيقاً وواقعياً وحياً لآفاق المستقبل ويستوضح ذلك بمقارنة نفسه مع الزملاء الجادين في حاضرهم ومستقبلهم.

وسوف يسجل بطبيعة الحال في هذه المقارنة انقضاء لحظات السعادة في المقهى ومع الأصدقاء دون مردود باقٍ لها بخلاف التفوق في الدراسة الذي يتوقع معه المستقبل الأمثل، وبذلك يتشجع الإنسان على نحو الخيار الأمثل.

وبهذه الخطوة يكون الإنسان قد أتم الحجة على نفسه.

2 ـــ المخاطبة الداخلية للنفس ـــ فيما يعرف بحديث النفس ـــ.

وتكون ذات شقين: العتاب، والبناء.

أ ـــ وليبدأ المرء بعتاب النفس عتاباً مريراً وقاسياً بعض الشيء في نقد داخلي من المرء لنفسه على الضعف والاستسلام للرغبات العابرة في مقابل صوت العقل وواعية المستقبل، وليستشعر الهوان والذلة وفقدان الرجولة في هذا الموقف الذي تغيب فيه العناصر الراقية من الحزم والعزم والإرادة والعقل ويغلب الانزلاق مع المشاعر العابرة كما يقع للمرء في مرحلة الصبا والمراهقة!!!

ب ـــ ثم ليكن الثناء على النفس لإعادة الثقة إليها وذلك بتذكير نفسه بأنه قادر على التغيير، فهو يملك التعقل والوعي والعزم والإرادة على إنجاز التغيير والتخلص من هيمنة العادة والرغبات العابرة على حساب المستقبل.

وليؤكد على نفسه القول في داخله (أنني قادر على أن أتجاوز مشاعري وأصغي إلى عقلي، ولا يليق بمثلي أن يصاب بمثل هذا الوهن والضعف في نفسه فضلاً عن أنه في مشهد الجميع).

٣ ـــ القرار الحازم.

ثم لينتفض ويتحزم ويشعر نفسه بأنه يعيش حالة التحدي في المغالبة بين الخلود إلى الراحة الحاضرة والاستماع إلى صوت العقل والمستقبل، وليستنهض العزيمة على التغيير.

وليقل: (كلا، من المستحيل أن أسمح لمشاعري أن تستدرجني وتضيع عمري).

وما رقى امرئ مراقي عالية إلا بالثبات والصبر، كما قال الشاعر:

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى *** فما انقادت الآمال إلا لصابر.

وقال الآخر:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم

وإن شاء ترنّم بمثل هذه الأقوال في نفسه دائماً تقويةً لعزيمته واستحضاراً لنقاط قوته.

وليثق فعلاً أنه قادر على تغيير نفسه، فهو قد يجد مقاومة داخلية في البداية لمدة شهر إلى ثلاثة أشهر، كما يجده الطفل عند فطامه عن صدر أمه، لكنه سوف ينجز ذلك في النهاية، لكن الطفل ضعيف في إدراكه وإرادته لا يدرك صلاحه ولا يصبر لو ترك حراً عما اعتاد عليه، فلابد من تدخل الأم لأجل فطامه، وأما الإنسان الراشد فالمفروض أن يكون كامل الإدراك والإرادة.

٤ ـــ خطوات التغيير.

وبعد ذلك ليبدأ في اتخاذ خطوات جادة لتغيير سيرته وسدّ جميع الطرق الملهية مثل الاستغراق في متابعة مواقع التواصل والإدمان على الخروج مع الأصدقاء وصرف الوقت بالجلوس في المقاهي.

وليقيّم نفسه ـــ ولو بالمشورة ـــ في هذه المرحلة:

فإن وجد المرء عنفواناً من نفسه قادراً على التغيير الدفعي التام لسيرته فليتخذ قراره بذلك، وإلا فليعمل على التغيير التدريجي المنضبط بجداول وتوقيتات يضعها بالمشورة بتقليل مدة النشاطات اللاهية وزيادة الالتزام بالدراسة حتى يبلغ المستوى المطلوب.

وإن وجد أنه لا علاج لعدم الانزلاق إلى بعض العناصر المتلفة للوقت إلا بالإقلاع التام عنه من جهة حالة الإدمان عليها فليسعَ إلى ذلك.

٥ ـــ عناصر معينة على التغيير.

إن الوعي بالمستقبل يمكن أن يفي في العديد من الحالات بانبثاق الإرادة الكافية للتغيير، لكن يحتاج الإنسان في العديد من الحالات إلى تخفيف الضغوط النفسية الناشئة عن ترك السيرة المعتادة له من خلال الاستعانة بعدة عناصر، منها:

أولاً: توفير الأنس البديل عن الوجوه المعتادة بنشاطات ينفّس عن نفسه من خلالها لا تضرّ بمسيرته العلمية مثل الرياضات البدنية والاطلاع على القصص النافعة والمسلّية ومشاهدة روائع الخلق ونحو ذلك، وذلك ليسهل له ذلك ترك تلك الوجوه المعتادة، فإنّ الأنس يحل محل الأنس ولكن الأنس الجديد لا تتمسك به النفس تمسكها بالقديم الذي اعتادت عليه وتجذّر فيها.

ثانياً: أن يجعل مكافأةً دوريةً لنفسه على تغيير المسيرة بتوفير رغبات لها لم يكن يوفرها من سفرة ممتعة أو وجبة لذيذة، أو نحو ذلك، فلهذه المكافأة دور في تخفيف ضغوط النفس في التراجع عن القرار لصالح العادة السابقة حتى يخفّ زخمها.

ثالثاً: معايشة بيئة مختلفة ترفع من طموحه وتشد من عزيمته مثل مزيد الارتباط بأصدقائه الجادين الذين يقعون في موضع متقدم، والاهتمام فيما بينهم على المتابعة والتواصل.

وكذلك الاطلاع على أحوال وسيرة كبار العلماء والأطباء وما عانوه في مسيرتهم العلمية من قبيل التغرب عن البلاد والأهل لسنين عديدة، ومعايشة ظروف اجتماعية وأسرية، وليلاحظ إنجازاتهم العلمية والطبية، ويشتمل كتاب (هؤلاء في مرايا هؤلاء) سيرة بعض هؤلاء العلماء في العصر الأخير.

٦ ـــ المشاركة في القرار.

والمراد بها أن يشارك في قراره هذا شخصاً آخر إذا وجد حاجة إلى ذلك، وذلك بأحد نحوين:

أ ـــ أن يشارك في قراره زميلاً مقرباً منه وهو يعيش مثله حالته على أن يخوضا غمار التغيير معاً ويتواصلا فيما بينهما بالخطوات النافعة والمفيدة.

ب ـــ أن يجعل قراره في إطار تعهد لشخص آخر معنيٍّ به من أبٍ أو أخٍ أكبر أو صديقٍ حميم فيتعهد له ليساعده على تغيير مسيرته ويشرف عليه ويكون هو مسؤولاً أمامه.

٧ ـــ وقبل كل ذلك وبعده فإن للإنسان المؤمن أن يستعين بإيمانه بالله تعالى في إنجاز ما يصبو إليه من خير وصلاح، فهو سبحانه الذي أنعم عليه بالاستعداد المميز الذي يمكن أن يستثمره على وجه أمثل، والظروف الأسرية والإمكانات المالية التي يجدها، وليبدأ بشكر هذه النعم في نفسه كثيراً ودائماً، ويقارن نفسه بآخرين يفقدونها، ومع ذلك فإنّ فيهم من يكافح لبلوغ مراتب طموحة وعالية، فإنّ شكر النعمة ينميها.

وليسأله سبحانه أن يتولى أمره هذا وكل أموره في دينه ودنياه وآخرته، فهو أقدر منه على صلاحه، يملك من الأسباب ما لا يملكه غيره، ويعلم بمداخل للأمور والغايات لا يعلم بها أحد سواه، والأمور كلها طوع إرادته من حيث نعلم ونحتسب ومن حيث لا نعلم ولا نحتسب.

وله أن ينذر إن وفّقه الله سبحانه في تغيير مسيرته والتوفيق نحو ما يصبو إليه فسيكون وفياً لله سبحانه بالتعهد بالفرائض وتجنب المآثم بشكل عام وخصوص ما يكون مظنةً للوقوع فيه في مهنته، وإعانة الفقراء والضعفاء والإرفاق بهم بشكلٍ خاص.

هذا، وكان النظر في هذا الجواب إلى الحالة المعروضة في السؤال والحديث عنها كنموذج للحالات المماثلة والمشابهة، ولذلك ليصلح للانتفاع منه في عموم الحالات التي تتفق من هذا القبيل، والله سبحانه هو ولي التوفيق.

 

2022/04/10

شهر التحرر من ’الكسل’: أغلقوا التلفاز ونظموا أوقاتكم في رمضان

هناك سؤال مهم يجب على كل أم وأب أن تطرحه على نفسها إلا وهو كيف ننظم أوقات أبنائنا في شهر رمضان؟

[اشترك]

من المهم جدًّا أن يشعر أبناؤنا أن شهر رمضان قد جاء ليقوِّي إرادتنا، ويشد عزيمتنا، ويحررنا من الضعف والوهن، وينفض عنا الخمول والكسل، ومن الخطأ أن يظن البعض أن الانشغال بالدراسة ومتابعة الشرح والمذاكرة يعطِّل عن القيام بحق الشهر الكريم، من تلاوة للقرآن أو تسبيح أو تحميد أو نحوه من الطاعات، فيصبح شهر رمضان شهر كسل في الأداء، وضعف في العطاء، وعزوف عن متابعة الدروس والمذاكرة وكتابة الواجبات بحجة الصيام!

ولتنظيم حياة أبنائنا في رمضان ما بين العبادة والاستذكار، ننصح الأم بعمل التالي:

أن تكون للام جلسة مع أولادها في بداية شهر رمضان ويفضَّل أن يحضرها الوالد حَدِّثيهم عن فضل الشهر الكريم، وأبواب الجنة المفتوحة، وأنه فرصة لكل منهم أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله.

وضعي معهم نظاماً لليوم وقواعد للاستفادة من الوقت كله، مثلاً صممي معهم جدولاً للأعمال اليومية المطلوب أداؤها من مذاكرة وأداء واجبات، ونظميها حسب المواعيد الجديدة في شهر رمضان.

وكذلك حددي للعبادات التي تريدين تعويدهم عليها أوقاتاً محددة في الجدول، مثل الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن الكريم، والأذكار، والصلاة في المسجد، وعدم التشاجر أو التلفظ بألفاظ سيئة.. وهكذا، وفي نهاية كل يوم نُرِي كلاًّ منهم كم أخذ من الثواب اليوم.

وقولي لهم بأنك أنتِ أيضًا تريدين الاستفادة من هذا الشهر العظيم، لذلك مطلوب منهم مساعدتك في أعمال المنزل حتى تأخذي ثواب شهر رمضان أنت أيضًا، وحددي لكل منهم أعمالاً واضحة يستطيع أداءها وأهمها تنظيف غرفهم وملابسهم وكتبهم وكل ما يخصهم.

وإذا كانوا صغاراً لا تنسي أن تشركيهم معك في العبادات ليعتادوا عليها، مثل الصلاة معك والجلوس بجانبك عند قراءة القرآن، واما إذا كانوا كبارًا حاولي تعويدهم في الذهاب مع والدهم الى المسجد للصلاة والعبادة وحضور مجالس الذكر والدعاء.

وأشركي والدهم معك في ذلك، واجعلي له مسئوليات محدَّدة مثل متابعتهم دراسياً، ومساعداتهم في استذكار دروسهم.

 إن التلفاز في شهر رمضان من أكثر الأشياء التي تضيع وقت الأولاد والأسرة كلها، لذلك مهم جدًاً تحديد واختيار برامج مناسبة لهم يتابعها الأطفال، وفيما عدا ذلك يغلق التلفزيون، وارفعي في بيتك شعار "شهر رمضان شهر العبادة"، ونظمي لأولادك مواعيد نومهم حسب مواعيد مدارسهم وطاقتهم، ويفضَّل أن يكون النوم قبل الإفطار، وحددي لهم أوقات استذكارهم بعد صلاة الفجر وبعد صلوات الاخرى، ولا تتركي الأمر عشوائياً.

أخبري أولادك أن الصيام لا يعطِّل مسيرة الحياة، وإنما يدفعها نحو الإتقان والتحسين ومراقبة الله! وليس هناك فصل بين العبادة وطلب العلم، وأخبريهم أن طلب العلم فريضة كما قال النبي (ص): "اطلب العلم من المهد الى اللحد"، وعرفيهم أيضًا أننا أُمَّة العلم، وأن أول كلمة نزلت في كتاب الله تعالى "اقرأ"، وأن الإسلام يعدّ طلب العلم عبادة من أعظم العبادات، وقُربة من أعظم القربات.

وهناك بعض العادات الغذائية الصحيحة التي يمكن أن تتبعها مع أبنائك خلال شهر رمضان؛ ليزداد تركيزهم ودرجة استيعابهم للمقررات الدراسية، ومنها:

- تناول الفول والفلافل مع إضافة عصير الليمون الذي يساعد على امتصاص الحديد الموجود في البقول، ويكون ذلك مع الخبز والخضراوات.

- وتناول البازلاء الخضراء مع كوب من عصير البرتقال أو الليمون؛ ليساعد على امتصاص كمية الحديد الموجودة في البازلاء.

وإضافة البصل وقطع من الثوم وعصير الليمون والخل على طبق السلطة.

- والامتناع عن شرب الشاي بعد الأكل مباشرة أو معه، لأن ذلك يؤدي إلى عدم امتصاص الحديد الموجود بالطعام، فيصاب الأبناء بالأنيميا وفقر الدم.

- وتجنُّب إضافة الشطة أو تناول المخللات بكثرة، لأنها تلهب الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز الهضمي، فتزيد من إفراز الأحماض به، وتؤدي إلى حدوث قرح المعدة بعد الأكل.

- والابتعاد عن شرب المياه الغازية أثناء تناول الطعام، لأنها تؤدي إلى عسر الهضم لتفاعل كربونات الصوديوم الموجودة في المياه الغازية مع حمض الهيدروكلوريك الموجود في المعدة.

* مركز الكفيل الأسري

 

 

2022/04/07

طفلي صائم لأول مرة.. نصائح للأمهات

ينمو أطفالنا يوما بعد يوم، ويكبرون أمام أعيننا، ان ونحن أقل وعياً بنموهم لوجود الظروف الصعبة التي نواجهها اليوم غالباً ما نهمل أطفالنا.
[اشترك]
 مما يسبب لهم الانزعاج والاستياء فيجب على الوالدين أن يقضيا ساعة في اليوم وإن كانت قليلة مع أطفالهم، لكي لا يبتعدوا عنهم في الفكر والأخلاق وسائر الأمور المهمة بحيث إذا جلس الوالد بجنب ولده لا يعرف كل منهما طريقة تفكير الطرف المقابل ومعتقداته.
فعندما يكبر أطفالنا، ويبلغون سن البلوغ تجب عليهم أمور وطاعات في أوقات معينة، كالصلاة والصوم، وبناءً عليه، يجب علينا أن نقضي المزيد من الوقت معهم، ونساعدهم في أداء واجباتهم الدينية، وعلى سبيل المثال ونحن اقبلنا على شهر رمضان المبارك وأداء فرض الصيام الواجب قد يكون مرهقاً ومتعباً للأولاد الذين يصومون لأول مرة وعلى الخصوص البنات، فتستطيع الأمهات الحنونات أن يخففنّ الكثير من التوتر الحاصل والقلق الذي قد يصيب بعض الأفراد لكونهم أول مرة يقيمون فرض الصيام باهتمامهنّ في قضية التغذية وتقوية الأمور النفسية.
التغذية:
الأشخاص الذين يصومون لأول مرة أكثر إرهاقاً من سائر أفراد الأسرة، وبما أن هؤلاء في سن النمو لذلك يجب على الأمهات تحضير الإفطار والسحور في الوقت المحدد، فعلى الأم أن تعرف أي الطعام يجب أن تقدمه في وجبة الإفطار، وأي طعام تقدمه في وجبة السحور.
فلتحاول الأم أن تجهز الأطعمة المفضلة لطفلها في وجبتي الإفطار والسحر، واقترحنا للإفطار لليوم الأول كوب من الماء الدافئ أو الحليب، وبعض الحلويات الطبيعية مثل التمر، فإذا كان طفلك لا يهتم للحليب والتمر، فيمكنك أن تجلب له غير شيء يساعده كالمشروبات الفاترة المفضلة لديه، مثل الحليب مع الكاكاو الساخن، او الماء الفاتر مع العسل، او الشاي أو أعشاب التي تريحه ويحبها.
تحقيق التوازن بين المجموعات الغذائيّة الخمس: 
إذ يُنصح بتناول وجبة إفطارٍ تحتوي على أحد الأطعمة من مجموعة النشويات كالخبز، أو الحبوب، ويُفضل أن تكون الحبوب كاملةً لتزويد الجسم بالطاقة والألياف أيضاً، بالإضافة إلى مجموعة الخضار والفواكه، التي تحتوي على الفيتامينات والمُغذيات، ومجموعة اللحوم بما فيها من الأسماك، والدواجن، والتي يُفضل أن تكون مشويّةً ومنزوعةَ الجلد للحصول على مصدر بروتين صحيّ، ومجموعة الحليب ومنتجاته كالجُبن، واللبن، ومجموعة الدهون، وتجدر الإشارة إلى أهميَّة تجنُّب تناول الأطعمة المُصنَّعة، والمقليَّة بالإضافة إلى الأغذية العالية بالسكر.
أهمية وجبة الفطور في رمضان 
يتناول المُسلمون عادةً في شهر رمضان المبارك وجبتين يوميَّاً، الأولى تكون عند انتهاء فترة الصيام عند غروب الشمس، وتُعرَف بوجبة الإفطار، والثانية قبل أذان الفجر، وتُعرَف بوجبة السحور، ويقوم الجسم خلال فترة الصيام باستخدام مصادر الطعام التي تمّ تناولها خلال السحور، وعند نفادها يتّجه الجسم إلى الكربوهيدرات المُخزنة في الكبد والعضلات، بالإضافة إلى الدهون لتوفير الطاقة، كما يفقد الجسم السوائل خلال اليوم، إلّا أنّه يُمكن تعويضها عن طريق شرب الماء، واستهلاك الطعام عند انتهاء فترة الصيام، وتجدر الإشارة إلى أنّ تناول الإفطار ببطء، والبدء بشرب كمية وافرة من السوائل المُنخفضة بالدهون، بالإضافةِ إلى الأطعمةِ الغنيَّة بالسوائل، يُعدُّ طريقة جيدة لتناول الطعام بعد فترة طويلة من الصيام.
الأمور الروحية
لا شك أن تدريب الصغار على العبادات منذ الصغر أمر مهم للغاية، لأن من شبّ على شيء شاب عليه، وإن كانت غير مطلوبة شرعاً منهم، والصلاة والصيام يربيان الصغار على الأخلاق الفاضلة، ويكفي قول الباري عزّ وجل في شأن الصلاة: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تنهى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾، وقوله عزّ وجل في شأن الصيام: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، فالتقوى هي غاية الصوم كما أخبرنا القرآن، والنبي الأكرم صلى الله عليه وآلة يؤكد لنا أن الصائم تكون أخلاقه حسنة وسلوكه راقية.
وهذه الأخلاق الراقية التي تعكسها العبادات على شخصية من يؤديها بإخلاص هي من أهم ما ينبغي لنا أن نهتم بها، بل من الواجب أن يستفيد منها أطفالنا، حتى نحميهم من وسائل الانحراف الكثيرة التي تحيط بهم من كل جانب.
ومن المهم أن نستدرج بتعليم العبادة على الأطفال وخصوصا البنات حتى إذا وجب عليهن الصيام بإتمام السنة التاسعة من عمرهن يكون من السهل تحمل ساعات الصيام عليهنّ.
*مهدي المجاهد

2022/04/06

ما الذي يجعل المراهق عرضة لإدمان ’المخدرات’؟!

الحديث عن الإدمان بين المراهقين حديث ذو شجون، فهو أمر معقد ومتعدد الأوجه، وغير واضح المعالم، فأغلب حالات إدمان المراهقين تكون على النيكوتين، والمنبّهات، والكحول، والحشيش.

[اشترك]

ورغم سهولة الحصول على هذه المواد ورخصها إلا أن آثارها السلبية شديدة، حيث تؤدي إلى مشاكل في التنفس، وتدمير الخلايا العصبية، والتخلف العقلي، ثم تدهور عام في الصحة، وخرف مبكر، ثم الوفاة.

الدوافع والآثار

هناك عدة عوامل تجعل المراهقين أكثر استعدادا للإدمان، منها عوامل مظهرة للإدمان دافعة إليه، وهناك عوامل مبقية للإدمان.

كما أن هناك مسببات للإدمان مثل التدخين، حيث يعد البوابة الأولى للإدمان، ولا ننسى وسائل الإعلام، والفراغ، والسفر إلى الخارج، والتربية.

أما الأسباب التي تدفع بالمراهق نحو الإدمان فكثيرة، فهناك عوامل تجعل المراهقين أكثر استعداداً للإدمان من غيره، مثلاً:

1 - الاستعداد الوراثي خاصة في حالة وجود عدوانية.

2 - إدمان الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، والحرمان العاطفي الأسري.

3 - سوء التربية وضعف مستوى تدين الأسرة.

كما أن هناك أيضا عوامل مبقية للإدمان منها: الظروف الاجتماعية، نوعية الأصدقاء، وسوء التعامل مع الحالة، والتأخر في طلب المساعدة.

التدخين بوابة التعاطي

يعتبر التدخين للسجائر أكثر انتشاراً بين المراهقين، ويمثل السبب في خمس حالات الوفيات في الكبار، ويميل كثير من المراهقين للتدخين ترويحاً عن أنفسهم، أو ليشعروا برجولتهم، أو ليكونوا أكثر تقبلاً من قبل أقرانهم، أو بالطبع هو اقتداء بوالدهم، وأساتذتهم، وأخوتهم الكبار.

العلاج والوقاية من الإدمان:

الطرق كثيرة، ويستحسن استغلالها جميعاً بعد التقييم للفرد المدمن وأسرته، والظروف الاجتماعية المحيطة، والعوامل الإيجابية والسلبية المتعلقة بالإدمان.

وهي كالتالي:

1 - العلاج الفرد:

ويركز فيه على العلاج المعرفي السلوكي، حيث تصحح مفاهيم الفرد الخاطئة عن الإدمان والتعرف على العوامل والظروف المؤدية للانتكاسة وطرق التعامل معها، وتحسين المهارات الاجتماعية والمهارات العامة.

2 - العلاج الأُسَري:

يعالج المراهق ضمن أفراد أسرته، وتقيم العوامل الإيجابية والسلبية في الأسرة، والتي يمكن أن تؤدي للانتكاسات، أو تحمى منها كذلك تحسين المهارات العامة للوالدين وتحسين علاقات الأسرة ببعضها كما أن معالجة الأمراض البدنية والنفسية المصاحبة شيء ضروري في مرحلة العلاج.

وأما عن الدور الوقائي من الإدمان فهو تحسين مهارات الوالدين في التعامل مع أبنائهم المراهقين، كالتدخل المبكر لمعالجة الأمراض النفسية الخاصة بالأطفال، كالعدوانية، وفرط الحركة، وتشتت التركيز، وصعوبات التعلم.

وأما الدور الوقائي للمدرسة فيجب تحسين مهارات المرشدين الطلابيين للالتقاط المبكر للحالة وسرعة علاجها أيضاً، فيجب إعطاء المعلومات بشكل صحيح وبسيط ومحَبَّب من خلال النشاط الإذاعي والمدرسي والمسرح، ومجالس الآباء والأمهات.

ومن خلال برامج الأطفال، ومنتديات الشباب، يجب التضييق على القنوات التي تشجع بث تلك الممارسات بطريقة غير مباشرة عن طريق المسلسلات والأفلام.

فيجب أن نكثِّف من إقامة المحاضرات، والندوات العامة، كإقامة الصلاة مثلاً، وكل هذه الأمور بالمراكز الترفيهية، والرياضية، ذات المستوى الراقي، ويجب الوقوف بحزمٍ مع المروجين وعدم التهاون مع المتعاطين.

* تبيان

2022/03/31

عنف وجفاف عاطفي: صفات البيوت ’العنكبوتية’!

تُعتبر ظاهرة البيوت العنكبوتية من الظواهر الواسعة الانتشار خاصة في الوقت الحاضر، وتتجسد في الكثير من البيوت العظيمة المزخرفة والواسعة، والتي تُبهر الناظر إليها إعجاباً في مظهرها.

[اشترك]

 لكن مع الأسف الكثير منها خاوية في محتواها الأسري والاجتماعي، وأشبه ما تكون ببيت العنكبوت في تناسقه وهندسة بنائه، مع خوائه من الداخل، فهي خاوية من أرواح تجتمع على الحب والقيم السامية والترابط الأسري! فلكل منهم منهج حياة، يقوم على مبدأ الانتفاع والمصلحة ممن يشاركه السكن، دون اعتبار لكيان الأسرة، فغياب الأب وتشتت الأسرة، وانشغال الأم، وازدياد الفجوة بين الآباء والأبناء، مع انعدام التواصل والاحترام: كلها أمور تؤكد عنكبوتية الكثير من البيوت التي لا يجمع من فيها غير مكان السكن. فلكل فرد من أفراد الأسرة مشاغله وهمومه واهتماماته المستقلة والمنعزلة عن باقي أفراد الأسرة؛ لتُخرج هذه الأسرة للمجتمع بيوتاً عنكبوتية بأشكال مختلفة، لكن تجمعها ملامح مشتركة، ويمكن حصر أهم ملامح البيوت العنكبوتية في الآتي:

العنف الأسري: سواء العنف الجسدي المتمثل في الضرب، وسوء المعاملة بين الوالدين، أو بين الوالدين والأبناء، أو بين الأبناء فيما بينهم، أسوة بتعامل والديهم. وقد يعتقد الوالدان أن أهم عناصر التربية الفعالة هو: العقاب الرادع لأي سلوك خاطئ، أو هفوة عابرة، فيتخذان من الضرب منهجاً تربوياً، وكذلك يدفعهم الاعتقاد بأن الذكر بوجه خاص لكي يكون رجلاً قوياً في شخصيته، فإن التعامل معه لابد أن يكون بقسوة وعنف، أو نتيجة التعرض لضغوط مختلفة ومشاكل أسرية تعمل على شحن الجو العائلي بالسلبية، وبالتالي يتم تفريغ الضغوط مع الأسف في الأبناء،  وقد يكون العنف النفسي هو الأشد ألماً والذي يحدث في الكثير من البيوت، وتتنوع أساليب العنف النفسي الأسري بين الإساءة اللفظية أو التفضيل بين الإخوة بالتفرقة في التعامل، أو حتى الإهمال والرفض الأسري لبعض الأولاد، وحرمانهم من بعض حقوقهم والقسوة عليهم، أو إخافتهم وتهديدهم تهديداً يهز الأمن النفسي لهم، وهو نذير خطر لا على الأسرة فحسب، بل على المجتمع بأكمله، فأسرة لم تجمع شتات أبنائها بالرحمة والمودة، واتبعت منهج العنف والتجريح فيما بينهم رغم روابط الدم بينهم، فكيف ستكون مخرجاتهم السلوكية نحو مجتمعهم الكبير الذي لا رابط بينهم وبين أفراده؟

الجفاف العاطفي: قد يكون نتيجة للتعامل الصارم والتفكك الأسري، وقد يكون أيضاً سبب لهما. فهي حلقة مفرغة كل منها يؤدي للآخر، والنتيجة تظهر في بناء العلاقة الأسرية بين أفرادها على المصالح والماديات، لا على التراحم والمحبة، مما يحيل الجو الأسري العام للتفكك، بدل الدفء العاطفي، وهو ينتقل بشكل تلقائي من خلال العلاقة بين الوالدين إلى العلاقة الأسرية بشكل عام، وينتج أبناء في حالة من الجوع العاطفي، والذي يدفعهم بشكل غير مباشر للبحث عن إشباع هذا الجوع بالعلاقات خارج الأسرة، وقد يكون هذا الابن موفقاً في إيجاد أصدقاء يشبعون حاجته العاطفية، وحاجته للانتماء والمكانة الاجتماعية بينهم، مما يعوضه عن أجواء الحرمان العاطفي، والتفكك الأسري التي يعاني منها، أما من لا يحالفه الحظ في أصدقاء على جانب من الخلق، فإنه قد ينجذب لرفقاء سوء ليكون فرداً أساسياً بينهم، إن لم يكن قائدهم. وقد تساهم التكنولوجيا في إيجاد علاقات إلكترونية تجرهم لأبواب من الشر دون ناصح من الأهل.

تفكك الروابط الاجتماعية: وهي سلسلة طبيعية وممتدة من أثر التفكك الأسري، فمن الطبيعي أن تكون النتيجة تقطع الروابط الاجتماعية، فالأسرة نواة المجتمع وتفككها: هو تفكك في نطاق العائلة الممتدة لنشاهد بشكل جلي قطيعة الرحم والإساءة للأهل والأرحام من قبل الوالدين والأبناء على أثره يهرعون ويتعلمون، وامتدت كذلك لأبعد من الأهل والأقارب ليصبح التهاون باحترام المعلم مثلاً والأكبر سناً بشكل عام، سمة واضحة المعالم لهذا الجيل، وهذه السمة وغيرها هي نتاج البيئة الأسرية التي ما تلبث أن تحصد ما زرعت، فهي أيضاً حلقة مفرغة تبدأ من البيت والأسرة الصغيرة، لتمتد بأثرها على المجتمع وتعود مرة أخرى بآثارها السلبية على الأبناء نحو آبائهم خاصة، فكما تعلموا منهم فإنهم يبدؤون بالتطبيق عليهم بعقوقهم.

القدوة السلبية: إن محور مشكلة البيوت العنكبوتية غياب القدوة الصالحة، التي تجمع وتؤلف قلوب ساكنيها لا بالكلمات فحسب، بل تجعل السلوك الإيجابي جوهر حركاتها وسكناتها، فما يصدر عن القدوة وهما في الغالب من الوالدين من كلمات سب أو شتم، وكذلك معاملة قاسية وألفاظ غير لائقة، يطلقها أحدهم على الأبناء هي بمثابة ضوء أخضر يجيز للأبناء استخدام مثل هذه الكلمات والسلوكيات. وقد يستنكر الوالدان بعد فترة سماعها منهم، ويعاقبان عليها، ولا يدركان أنهما كانا مصدراً لها، حتى وإن اعتقدا خطئاً أن لهما سلطةً تؤهلهما لأن يتعاملا كما يشاءان، فهما لم يدركا أنهما قدوةً لا بأمرهما، بل بلفظهما وسلوكهما، فيضرب الأب الأم ويستنكر عنف الأبناء، ويعلمهم القسوة والجفاء بسلوكه معهم، ويريد أن يحصد الرحمة والعطاء منهم، ولا يعلم أن الأرض تنبت ما يُلقى فيها من البذور، فكيف لزارع الحنظل أن يحصد أطيب الثمر!

لن نعالج عنكبوتية بيوتنا، إلا بزيادة وعي الأسرة بدورها، نحو أفرادها وطبيعة المشكلات المتجددة التي تتعرض لها المنظومة الأسرية في كل زمان ومع كل تطور؛ لتواكب هذا التطور مع اهتمامها بعلاج المشكلات داخل إطار الأسرة، بأساليب تتناسب مع الأسرة ككل، ولا تتماشى مع مصلحة أحدهم على حساب الباقين، وأن يكون منهجها ربانياً في أهدافه ومحتواه، بالإضافة إلى الانشغال بالأبناء لا عنهم؛ ليكون محور اهتمام الوالدين خاصة بمن في البيت لا بالبيت نفسه ومظهره، وبذلك نزيل رواسب التفكك الأسري من بيوتنا، حتى لا تكون بيوتنا كبيت العنكبوت في تفككها وشتات قلوب أفرادها، فخيوط بيت العنكبوت رغم رقتها، إلا أنها قوية وماكنة وتنسج بدقة عالية، لتُشكل بيتا في غاية الهندسة، ومع ذلك تحوي بين جنباته أرواحاً متشتتة، لم يجمعها البيت ذو الشكل الهندسي بديع الدقة والإتقان، لذا فهو أوهن البيوت كما وُصف في القرآن الكريم، وضُرب المثل بوهنه الناتج من تفككه الأسري والاجتماعي، لا من ضعف بنائه الخارجي، فالبيوت المترابطة تُنسج بخيوط الإيمان، وتُبنى بتماسك أفرادها، وتستمر بإحسانهم لبعضهم ومودتهم، فالعبرة لا بكيفية البناء، بل نوعية ساكنيه، لتكون بيوتنا صامدة وقوية في وجه جميع التحديات.

*رانيا طه الودية

2022/03/29

غيبة ونميمة وتهتك: كيف نحصّن عوائلنا من منافذ الشيطان؟

الابتعاد عن مصادر التوتر

الزوجان الكُفُوان هما الزوجان اللذان يدرسان الساحة الاجتماعية المحيطة بهما، ومن مصادر التوتر المعروفة: أهالي الزوجين، الرجل عندما يتزوج فهو لا ينسلخ عن بيئته، وكذلك المرأة لا تنسلخ عن بيئتها، فمن الطبيعي أن يكون هناك حنين للبيت الذي نشأ فيه كل واحد منهما، ولهذا أبوان، ولهذه أبوان، ومن هنا نلاحظ أنه من منافذ الشيطان هي هذه الحالة.

[اشترك]

لابد من وجود تنسيق تام بين الزوجين في التعامل مع العائلتين، وخاصة مع تحكيم هذه الآية في القرآن الكريم: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، إذا الرجل أحس بأن أهل الزوجة أقرب للتقوى، فمن المفروض أن يكون الميل القلبي إلى أهل الزوجة؛ نظرياً، واعتقادياً، ومذهبياً، أكثر من ميله إلى أهله؛ لأن هذا هو المقياس الشرعي في هذا المجال، ولا يعني ذلك أن يترك جانب المداراة والمجاملة وإظهار الود، فلو اكتشف الأبوان أن الزوج يميل إلى أهل زوجته أكثر، لتفوقهم في الإيمان، فقد يوجب ذلك شيئاً من العقوق.

هناك أحاسيس باطنية، وهناك تحركات في الخارج، فالأحاسيس الباطنية ينبغي أن تكون مطابقة لما أراده الله عز وجل، ومن هنا فإن الإنسان المؤمن يحب الآخرين بمقدار ما لهم من نصيب عند الله عز وجل، كما يقول دعبل الخزاعي (رحمه الله) في تائيته الخالدة:

أحب قصي الرحم من أجل حبكم *** وأهجر فيكم زوجتي وبناتي

إن البعض يشتكي من الساحة الاجتماعية، وأنه لا يمكنه تحمل المجتمع؛ لأن الناس بعيدون عن الله عز وجل، ولا يراقبون الله تعالى في قولهم.

والجواب: أنه ينبغي أن نعيش الواقعية، نحن نعيش مع أناس تغلب عليهم الغفلة، ويغلب عليهم الجهل، أنت لا تعيش في وسط متميز، بل تعيش في وسط فيه كل أنواع الثقافات، فمن الخطأ الفادح أن يتوقع الإنسان وسطاً مثالياً، حتى يكون هو أيضاً متجاوباً مع هذا الوسط!

فهذه الأوساط التي نعيشها في العمل أو في المدرسة أو في البيوت أو مع الأرحام…؛ أوساط غير مثالية، وخاصة في جانب النساء، حيث نلاحظ الكلام الكثير، والغيبة الكثيرة، والنميمة الكثيرة، فلا تتوقع مجتمعاً مثالياً، لتكون أنت مثالياً، وعليه، فإن المؤمن يدرس مع زوجته منافذ دخول الشيطان في العائلة، لئلا يقع في فخ الشيطان، ويقع في التناحر والعصبية.

2022/03/28

نتيجة الاختلاط: متزوّجة تحب مديرها في العمل!

دخلت عليّ بالمكتب وهي تتحدث بصوت حزين وتقول بأن زوجي رجل طيب ورائع وخلوق وقائم بكل واجباته تجاهي وتجاه أولادي، ولكني لا أعرف ماذا أقول لك.

[اشترك]

 ثم صمتت لتمسح دموعها من البكاء واخذت نفسا عميقا وتابعت كلامها بقولها ولكني أحببت رجلا آخر يعمل معي وهو مديري بالشركة وقلبي يحترق حزنا على نفسي ولا أعرف كيف أتصرف، قلت لها: حدثيني عن زواجك، قالت: أنا متزوجة منذ عشر سنين وعندي ثلاثة أطفال ونسكن في بيت مستقل وحياتنا جميلة، ولكن لا تسألني لماذا أحببت هذا الرجل فأنا لا أعرف الجواب على هذا السؤال.

قلت: كيف بدأت علاقتك بالرجل، قالت: نحن نجتمع بالشركة أحيانا لوحدنا من أجل العمل فكان يتحدث معي عن عدم سعادته واستقراره مع زوجته، فكنت أقدم له النصيحة وأعطيه أفكار لعلاج مشكلته فكان يمدحني ويمدح طريقة تفكيري حتى صرت أشتاق لثنائه عليّ، فصرت أتواصل معه حتى أساعده وأنا مستمتعة بسماع مديحه وحسسني بأنوثتي وجمال تفكيري وشكلي حتى صارحني بحبه فكانت صدمة لي في البداية، ولكني شعرت بميل تجاهه فاستغربت من نفسي لأن حياتي الزوجية مستقرة ولكني لا أعرف كيف اتجه قلبي نحو مديري بالعمل، قلت: منذ متى بدأت العلاقة العاطفية مع مديرك؟ قالت: بدأت العلاقة منذ سنتين ولكنه بدأ يصارحني بحبه وشعرت أني أحبه منذ ستة أشهر، قلت: وهل علم زوجك بمشاعر الحب تجاه هذا الرجل ؟ قالت: لا، ولكن زوجي يشاهدني حزينة على وضعي ويحاول أن يسعدني دائما حتى أخرج من النفسية التي أعيشها وهذا يزيدني ألما، فأنا حزينة لأني أشعر بخيانته العاطفية وهو يجتهد بإسعادي وتغيير نفسيتي، قلت: وكيف تريدين أن أساعدك ؟

قالت: لا أعرف ماذا أفعل فأنا محتارة هل أطلب الطلاق من زوج لم يضرني ولم يقصر معي وحريص على اسعادي وأشتت أولادي أم استمر معه وقلبي مع مديري بالعمل وأخاف أن أرتكب الخطأ معه؟ قلت: هذا سؤال مهم سأجيبك عليه بعدما تجيبيني على أسئلتي، قالت: تفضل، قلت: فأخرجت ورقة وقلم ووضعتها أمامها وقلت لها سأرسم لك جدول فيه ايجابيات وسلبيات القرارين ثم نناقش الموضوع، قالت: أرجوك ساعدني فأنا متعبة جدا ولا أعرف كيف أتصرف؟ فكتبت ايجابيات وسلبيات الطلاق من زوجها والزواج من مديرها ثم كتبت ايجابيات وسلبيات الاستمرار مع زوجها والابتعاد عن مديرها، فرأت أن ايجابيات الاستمرار مع زوجها أكثر وسلبيات الارتباط مع مديرها أكثر، فقالت: أنا مقتنعة بالنتيجة ولكن ماذا أفعل بمشاعري وقلبي؟

قلت : طالما أنت اتخذت قرار بالاستمرار مع زوجك وأولادك فلا بد أن تتخذي عدة خطوات، الأولى اخبار مديرك بأنك قررت الابتعاد عنه واقطعي العلاقة معه، الخطوة الثانية إذا شعرت بالضعف لابد من اتخاذ قرار تغير مكان عملك وتغير رقم هاتفك لو تطلب الأمر، الخطوة الثالثة عند تنفيذك للخطوتين السابقتين فإنك ستعيشين في فترة حزن وألم طبيعية بسبب الابتعاد والفراق فتحملي وتصبري من أجل سعادة أسرتك، الخطوة الرابعة توقفي عن تذكر العلاقة والكلام الذي بينكما ولو كان عندك صور أو رسائل احذفيها حتى لا تشجعك بالعودة، والخطوة الخامسة أقترح عليك مصارحة زوجك بنقطة ضعفك وهي أن يحسسك بأنوثتك ويمدح شكلك وشخصيتك، لأن هذا الباب الذي دخل منه مديرك، قالت : وماذا لو رفض مديري الابتعاد عني؟ قلت: في هذه الحالة لابد من استخدام سلاح القوة وهي الخطوة السادسة بإخال رجل سواء كان أخوك أو زوجك يتحدث معه ويأمره بالابتعاد عنك، وقد يكون هذا القرار صعبا عليك ولكنه هو العلاج الجذري لمشكلتك في حالة لو لم يستجيب لقرارك، قالت: لقد ريحتني واتضحت عندي الرؤية الآن فشكرا لك.

*د. جاسم المطوّع

 

2022/03/28

20 ملاحظة مهمة تحتاجها في تربية ولدك المراهق

فترة المراهقة من أخطر مراحل الحياة، لأنها تعج بالكثير من المتغيرات النفسية والعقلية والجسمية والعاطفية، وهي تحتاج إلى عناية خاصة، وتوجيه خاص.

[اشترك]

 ذلك أن مسيرة حياة المراهق أو المراهقة قد تتحدد خلال هذه المرحلة، فإن كانت هذه المرحلة معالجة تربويا بصورة صحيحة، فإن أثرها هذا سينعكس على بقية مراحل العمر.

المراهق/ المراهقة يشعر في هذه المرحلة أنه قد أصبح إنساناً كامل الشخصية، ولم يعد طفلاً يُقَاد كما يحلو لوالديه وأسرته، بل يسعى من أجل التحرر من قيود الأسرة، وأعراف المجتمع، ليثبت للجميع أنه تجاوز مرحلة الطفولة.

 لهذا من المهم جدا أن يعامل المراهق/ المراهقة باحترام من قبل والديه والمحيطين به.

 ومن وسائل احترام المراهق/ المراهقة ما يلي:

1 –  الاحترام مفتاح التفاهم مع المراهق/ المراهقة، لأن الاحترام يعطيه الثقة بالنفس، والثقة بالنفس تدفعه دائما نحو الأفضل، أما التحقير والتوبيخ وفرض الأوامر فهذا يصيبه بالتردد وضعف الشخصية.

2 – كل إنسان معرض للخطأ، والمراهق/ المراهقة لا خبرة له في الحياة، فاحتمال وقوعه في الخطأ أكبر، لهذا على الوالدين تقبل فكرة الوقوع في الخطأ، ويعلما أن الخطأ وسيلة لمعرفة الصواب، فعلى الأب والأم معاملة المراهق/ المراهقة حين الوقوع في الخطأ، بضبط النفس وإعطاءه فرصة الرجوع والتوبة، وعدم استخدام أسلوب الفضح والتشهير أمام الآخرين، حتى يستعيد المراهق/ المراهقة توازنه النفسي.

فالدراسات تشير إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء.

ومن الأمور التي تزعج المراهق/ المراهقة تذكيره دوما بسلوكه الخاطئ، والتحدث عنه أمام الآخرين، بل يجب أن نفرق بين ذاته وأفعاله، أي نفرق بين الابن الحبيب والسلوك الخاطئ.

3 - أكثر ما يؤلم المراهق/ المراهقة شعوره أنه مراقب من قبل والديه، لذا وجب إشعاره بصورة دائمة بالحب والقبول والثقة والدعم، ومنحه قدرا من الاستقلالية، وبناء جسور التواصل معه.

4 – إشعاره المراهق/ المراهقة بالعدل والمساواة مع كل إخوانه وأخواته، وعدم تمييز أو تفضيل أحد على الآخر، وعدم مقارنته بالآخرين، لأن المقارنة تولد في نفسه الإحباط والانهزامية، ولا يقتصر تشجيع الآباء على الممتازين أو الموهوبين من الأبناء، ولكن تشجيع الضعاف منهم يدفعهم للتقدم، لأن الضجر والتهكم عليهم يطفئ همتهم ويشعرهم بخيبة الأمل ويزيد من خمولهم.

5 – احترام أفكار المراهق/ المراهقة، والإصغاء إليه باهتمام، وإشعاره أن أفكاره ذات قيمة، فاحترام مشاعره ورغباته يمنحه الإحساس بأهميته، واحترام المتغيرات التي تحدث في مظهره أو شكله، لأن المتغيرات التي تحدث له في مظهره أو صوته، تجعله يفقد احترامه الذاتي، لذا فهو يحتاج لتأكيد احترام الذات لديه، وتعزيز الثقة بالنفس.

6 – الثناء على المراهق/ المراهقة عند نجاحه في أي جانب من جوانب الحياة، سواء دراسية أو رياضية أو في أي مجال آخر، ولا نجعل ثناءنا فقط على الجانب الدراسي، فربما كان عند المراهق/ المراهقة انخفاض في المستوي الدراسي، وقتها نتذكر مزاياه الأخرى، ونمدحه على أرائه الصائبة، ونتغاضى عن أوجه القصور، ونشجعه إذا أخفق ليبدأ من جديد مرة أخري.

7 – إعطاء المراهق/ المراهقة مساحة أكبر من الحرية المنضبطة في اختيار أصدقاءه، والتصرف في مصروفه، واختيار ملابسه، واحترام ذوقه حتى لو كان ذلك مخالفا لهوانا إن كان هذا الذوق لا يتعارض مع الشرع أو ليس شاذا، وتخفيف القيود الأسرية عليه، حتى يشعر بالاستقلال الذاتي.

8 – التعامل مع المراهق/ المراهقة كصديق بالغ، واستشارته في الأمور التي تخص الأسرة، والتحاور معه، وإفساح المجال له في التعبير عن وجهة نظره واحترامها، والأخذ بها إن كانت لا تسبب ضررا.

9 -  عدم إفشاء أسرار المراهق/ المراهقة ولو لأقرب المقربين منه، تحت أي ظرف.   

10 - تجنب انتقاد المراهق/ المراهقة في الموضوعات التي تقبل الرأي والرأي الأخر، طالما رأيه لا يتعارض ولا يصطدم مع الشرع.

11 – تقبل واحتواء المراهق/ المراهقة في كل أحواله، وإظهار التفهم وبخاصة وقت السخط وعدم الاستقرار، ووقت الحزن، والتغافل عن الانفعالات التي تحدث منه، مثل كثرة الصياح وبعض الأعمال العنيفة مثل غلق الباب بعنف، أو التلفظ بألفاظ غير مألوفة منه، وتحمله والتسامح معه، والتغاضي عن مشاعر عدم الراحة التي يبديها في بعض الأحيان، واحترام رغبته في الجلوس بمفرده أحيانا، وعدم مطاردته بالأسئلة.

 ومن المهم ألا يدخل معه أحد الوالدان في مصادمات، لأن الدخول في حرب مع المراهق/ المراهقة ستولد لديه العناد، وستكون نتيجتها مزيد من التباعد والشقاق، بل المطلوب تقديم الدعم النفسي، فالأب السند النفسي لابنه، والأم السند النفسي لابنتها، وذلك بالاستماع لمشاكله بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون إقامة أي حكم على الموقف سواء بالثناء أو بالنقد.

فالابن المراهق والابنة المراهقة إذا لم يشعر بالعاطفة والود والحب والتفهم، فقد يبحث عنه في أي مكان آخر، وهذا ما نخافه ونرفضه. كما يجب إعطاؤه فرصة في الاحتكاك بمن هم في مثل عمره حيث إن التقاء الأقران يثري خبرات المراهقين.

12 - عدم وضع تصرفات المراهق/ المراهقة تحت المجهر، بل ينبغي التغافل عن الكثير من التصرفات، وعدم التعليق على كل صغيرة وكبيرة من الأمور البسيطة التي تحدث كل يوم، وعلى الوالدين ألا يتوقعا من المراهق الكمال، ولا يتعقبا أخطاءه ليصوبوها، ولكن التغافل ثم التغافل.

13 – استقبال المراهق/ المراهقة بالبشاشة، وتفقد أحواله وسؤاله باهتمام عن جديد أخباره.

14 – عدم السخرية من المراهق/ المراهقة، أو النقد الدائم أو توجيه أي كلمة أو تعليق يخلق جوا من الكراهية والإحساس بالقهر في نفسه، فلا يقول الأب لابنه مثلا: أنا لا أفتخر بأنك ابني، أو يطلق عليه ألقابا قبيحة وهو غاضب مثل: أنت غبي، أو يا كلب، أو وصفه بصفات معينه وخاصة في وجود الآخرين، وتذكر قول الله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} الحجرات:11، لأن ذكر نقائصه أو عيوبه يشعره بالإهانة، وإهانة الوالدين للمراهق/ المراهقة عميقة الأثر وبعيدة المدى، وقد ينتج عنها متاعب نفسية مدى العمر.

 كما يجب التوقف عن النقد الدائم للمراهق/ المراهقة، لأن المراهق/ المراهقة يعتبر النقد أذى بالغ لشخصيته، وفي الحقيقة معظم نقد الوالدان لا يكون ضروريا، ولا يتناول أشياء جوهرية، بل هو في الغالب يكون في أمور من الممكن أن تصوب في وقت لاحق أو بمرور الزمن، مثل نقد أسلوب الكلام أو المشي أو الأكل.

ومن الخطأ أيضا التوقعات السيئة، كأن يتوقع للمراهق/ المراهقة الفشل، أو الغباء، أو عدم الفلاح، أو أي صفة سلبية أخري، فترديد مثل هذه العبارات ستكّون لدي الابن/ الابنة صورة ذاتية بهذه الصفات تكبر معه، ونكون بذلك قد ساهمنا في تكوين شخصية الابن/ الابنة بشكل سلبي.

15 – احترام خصوصيات المراهق/ المراهقة، والاستئذان عند استعمال حاجاته، ما دامت هذه الخصوصيات لا تشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأ المراقبة غير المباشرة.

16 – احترام أصدقاء المراهق/ المراهقة، والتودد إليهم بالكلمات الطيبة والهدايا والسؤال عن أحوالهم.

17 – مساعدة الوالدين للمراهق/ المراهقة على اكتساب الاستقلال، واتخاذ القرار إذا كان مقتنعا بهذا القرار، حتى لو لم يكن الوالدان على اقتناع بهذا القرار.

18 – إشعار المراهق أنه قد بلغ سناً يُعتمد عليه، فيقوم الأب بتكليفه ببعض المهام التي يقوم بها كي يساعده في بناء شخصيته، وإكسابه الخبرات والمواقف البناءة، فهذا يكسبه مهارة وثقة بنفسه، ويتيح له اكتساب مهارة التعامل مع الكبار، كما يعطيه الأب الحق في التعبير عن رأيه، وأخذ رأيه في بعض القضايا الأسرية.

 وكذلك تتيح الأم لابنتها المراهقة فرصة الأعمال المنزلية؛ مثل دخول المطبخ والعمل فيه، وطريقة الإنفاق وحسن التصرف في الادخار والإنفاق.

 وعلى الأب والأم الثناء عليهما وتقبل خطأهما بنفس راضية، وتشجيعهما إن أحسنا، ونصحهما إن أخطئا، فإن حسن التوجيه واللباقة لها تأثير السحر، وبالتالي يتقبل الابن والابنة توجيهات الكبار بنفس راضية، ويشعرا بالاحترام، فتتفجر طاقتهما ومواهبهما الكامنة فيما يخدم الأسرة والمجتمع.

ومن الأمور الهامة تجنب مثل هذه العبارات: "عندما كنت في مثل سنك كنت أفعل كذا وكذا، أو أنجح في المدرسة بتفوق أو..." هذه العبارات تسيء أكثر مما تنفع، لأن المقارنة دائمًا تحمل معنى الدونية، فأنت لست ابنك وابنك ليس أنت، فكل منكما شخص مستقل ومختلف تمامًا عن الآخر.

19 -  تكوين صداقة مع المراهق/ المراهقة، فهذه الصداقة من شأنها أنها تجعل المراهق/ المراهقة يشكو همومه إلى والديه - وهما الأعرف بما يصلحه - بدلا من الالتجاء إلى الغرباء، وتخصيص وقت كافي للجلوس معه يوميا حتى يشعر بالدفء العاطفي والتواصل والاهتمام به، ومساعدته في اختيار الصحبة الصالحة من الأصدقاء كشباب المساجد مثلا، قبل أن يختار هو بنفسه بطانة السوء.

20- الابتعاد عن سوء الظن بالمراهق/ المراهقة، حيث يلاحظ أن المراهق/ المراهقة عندما يرى نفسه متهماً في المنزل، فإنه سيفقد الثقة بنفسه، ولا يبالي بعد ذلك إن كان ما يفعله حسن أم سيء، فهو متهم على كل حال، لهذا على الوالدين التركيز على ثقتهم والثناء على أي تصرف ممدوح، ومقابلته بالمدح والتشجيع بالفرح والجائزة، ومن المعلوم أن عامل الأجر والثواب من الأمور المشجعة حتى للبالغين.

* د. سميحة محمود غريب

 

 

2022/03/27

أطفالنا وإفشاء أسرار العائلة.. كيف نعالجه؟

تسبّب عفوية الأطفال غالباً مشاكل لذويهم، فكم مرّة أفشى ابنك مشاعرك تجاه من تزورينه أو ذكر تفاصيل حادثة حصلت في المنزل بدون أن يدرك أنها أمر خاصّ لا يجب إطلاع الآخرين عليه؟

[اشترك]

كذلك، إن بعض العلاقات مرشحة للانهيار بسبب تفوّه الصغير بكل ما يسمع من حديث، يلجأ الطفل إلى إفشاء أسرار المنزل من غير قصد لأسباب مختلفة: لعلّ أبرزها شعوره بالنقص أو رغبته في أن يكون محط الانتباه والإعجاب أو ليحصل على أكبر قدر من العطف والرعاية وعادةً، يتخلّص الطفل من هذه العادة عندما يصل عقله إلى مستوى يميّز فيه بين الحقيقة والخيال.

بالمقابل، يأبى بعض الأطفال التفوّه بأي كلمة عن تفاصيل حياتهم في المنزل أمام الغرباء حتى عندما يسألونهم عنها، وهذه إشارة إلى ضرورة عدم الاستهانة بذكاء الطفل، إذ ان ما ينقصه في هذه الحالة هو حسن التوجيه.

وينصح باتباع الخطوات التالية لتخلّص الطفل من هذه العادة:

1- تعليم الطفل أن إفشاء أسرار المنزل من الأمور غير المستحبة والتي ينزعج منها الناس، وأن هناك أحاديث أخرى يمكن أن يجذب من خلالها الآخرين.

2- اشرحي لطفلك بهدوء مدى خصوصية ما يدور في المنزل، وأن هذه الأخيرة أمور خاصّة لا يجب أن يطلع عليها حتى الأقرباء والأصدقاء. ومع مرور الوقت، سيدرك معنى ومفهوم خصوصية المنزل.

3- ابحثي عن أسباب إفشاء طفلك للأسرار، وإذا كان يفعل ذلك للحصول على الثناء والانتباه، أعطيه المزيد من الثناء والتقدير لذاته ولما يقوم به، وإذا كان السبب هو حماية للنفس، كوني أقل قسوة معه، وكافئيه إن التزم بعدم إفشاء الأسرار الخاصة بالمنزل.

4- على الوالدين الالتزام بعدم إفشاء أسرار الغير أمامه لأنه قد يعمد إلى ذلك من باب التقليد.

5- تجنّبي العنف في معالجة هذه المشكلة لأنه يفاقمها، مع ضرورة وقف اللوم المستمر والنقد والأوامر.

6- غيّري طريقة الاحتجاج على تصرفه، وقومي على سبيل المثال، بعدم الكلام معه لمدّة ساعة، مع إعلامه بذلك.

7- لا تبالغي في العقاب حتى لا يفقد العقاب قيمته، ويعتاد عليه الطفل.

8- اشعري طفلك بأهميته في الأسرة وبأنه عنصر له قيمته واحترامه وأنه فرد مطلع على تفاصيل العائلة وما يدور بداخلها، فهذه التصرفات ستشعره بأهميته وتعزّز لديه ثقته بنفسه وتعلّمه تحمّل المسؤولية.

9- يمكن للوالدين الاستعانة بالحكايات وقصص ما قبل النوم والتطرق لحوادث وقصص مشابهة لغرس هذا المفهوم لدى الطفل.

10- ازرعي الآداب الدينية والأخلاق الحميدة لدى طفلك كالأمانة وحب الآخرين وعدم الكذب وعدم إفشاء الأسرار.

*تبيان

 

 

 

2022/03/26

لا تقارني زوجك بأيّ رجل آخر.. هذه هي العواقب!
في زمن فيسبوك وانستغرام، لا بدّ من أن ترين صور الكثير من صديقاتك اللواتي يحصلن على مفاجآت من أزواجهن ويتلقين الهدايا ويسافرن في رحلات رومانسية مفاجئة.

[اشترك]

 فيما أنتِ لا تتذكرين المرة الأخيرة التي فاجأك فيها زوجك بأمر رومانسي يروقك، ما جعلك تعيدين النظر في علاقتك الزوجية عموماً.

كيف يمكن للمقارنة أن تؤثر في زوجك؟

الإهانة

كثيرات هنّ النساء اللواتي لا يعين كم يمكن بمقارنة أزواجهن برجل آخر أن يؤثّرن عليهم سلباً. أسوأ الضربات التي يمكن أن توجّهها امرأة لزوجها هي أن تعلمه بأنها تتمنّى لو كان كرجل آخر. في ظلّ ضعف ثقة المرأة فيما يتعلق بجسمها بعد الإنجاب مثلاً، والألم والإهانة اللذين قد تشعر بهما إذا ما قارنها زوجها بامرأة أخرى، فكري كم يمكن لزوجك أن يشعر بهما إذا قارنته برجل آخر على أنه زوج أو أب أفضل منه.

فقدان الثقة بنفسه

لا شيء يمكن أن يقوّي الرجل ويمنحه الدفع للقيام بأي أمر أكثر من ثقة زوجته وإيمانها به بالإضافة إلى احترامها له ووضعها آمالاً كبيرة عليه، إذا سمع زوجك أنك تتمنين لو أنه كان مثل "فلان"، فسيشعر بالإحراج والخجل إلى حدّ أنه قد يتراجع لينزوي ويمتنع عن الإقدام على أيّ خطوة، قد يتخلى عن كل شيء وحتى عن المحاولة وسيكون صعباً جداً عليه أن يتجاوز ما حصل.

كيف يمكن للمقارنة أن تؤثر على زواجكما

سيغذي النفور بينك وبينه

إذا واظبت على مقارنة زوجك بشخص آخر، كزوج إحدى صديقاتك، وأعلمته بالأمر ولم يقلد الرجل الآخر بناءً على تمنياتك بأن يكون مثله، فستشعرين بمزيد من الكراهية والنفور تجاهه وستستمرّين في مقارنته بالرجل الآخر نفسه، ما يزيد أحاسيسك السلبية تجاه زوجك.

يسهم في تعزيز مبدأ المقارنة

حين تبدئين بمقارنة زوجك لأمور سلبية فيه، ستكتشفين المزيد من الامور السيئة في شخصية زوجك وستستمرين في مقارنته برجال آخرين، كما ستبدئين بالتخيّل أن فلاناً الذي تقارنين زوجك به لم يكن ليكلم زوجته ابداً بهذه الطريقة أو أن يعاملها بهذه الطريقة، كما يجب أن تحذري من المبالغة في تخيّل أمور إيجابية عن هذا الآخر فقط لتعوّضي ما يزعجك في زوجك.

ستشعرين بأنك تستحقين رجلاً أفضل

عندما تقارنين زوجك بالآخرين، ستبدئين باكتشاف المزيد من السلبيات في زوجك وستبدئين تشعرين كأنك تستحقين شخصاً أفضل منه، شخصاً يشبه الآخر الذي تقارنين زوجك به.

وأخيراً...

عندما تتمنين لو أن زوجك يقوم بالأمور بطريقة مختلفة، قومي بالأمور التالية:

- تذكري أنك أنت أيضاً لديك عيوب ويجب أن تكوني أفضل لأن الأمر كله لا يقع على عاتق زوجك وحده.

- اسألي نفسك هل المقارنة ستنفع أم ستزيد الامور سوءاً فحسب.

- تحدثي معه بصدق وانفتاح وقولي له كيف تشعرين حيال الأمور السيئة التي يقوم بها.

*هنادي ناصر

2022/03/24

الإنترنت و ’حبل الغسيل’.. لماذا تشكو النساء وتتذمر أكثر من الرجال؟!

لعلّ المتابع للمقالات والمدونات يلحظ أنّ الأقلام التي تكتب عن حظها العاثر في الزواج، أو أحلامها المتوقدة التي أطفأ الزواجُ جذوتَها وقوالبها إلى أعمال داخل نطاق الأسرة بعيدا عن أضواء المكاتب وصالات المؤتمرات والجامعات، هي أقلام نسائية.

[اشترك]

رغم أنّ الزواج لا يقلّ عبئا في مسؤولياته على الرجل، خاصة وأنه يترتب عليه في الشكل التقليدي للزواج والأسرة العملُ المستمر لضمان العيش الكريم للعائلة، كبرت أم صغرت، كما يُلزمه بارتباطاتٍ جديدة، وهو الذي اعتاد على الحرية سابقا في الخروج والدخول من وإلى المنزل، وغيرها الكثير من التفاصيل.

إنّ كثيرا من الشباب يحلمون بالسفر وإكمال الدراسة، وفتح مشاريع خاصة كنماذج عامة لأحلام الشباب، إلا أنها باتت مؤجلة من باب ترتيب الأولويات، وفي ذلك استمعت مباشرة لكثيرٍ من الشباب، لكننا لا نجدهم يكتبون في ذلك نادبين حظهم، وأتساءل ليس من باب المفاضلة والمقارنة، وإنما من باب التأمل في الجنس البشري وحاجاته، لماذا تغدو النساء أكثر تذمرا وشكوى من الرجال؟ الأمر الذي قد يصل إلى إنتاج خطاب أو صورة مجتمعية لصيقة بهن في هذا السياق، بل وقد يصبح القول: هذه هي طبيعة المرأة بكاءة شكاءه!

فهل هذه طبيعتها حقّا أم أنّها من صنعتها؟ وإن كانت من صنعتها فهل تتبعها لفرض ضغط الواقع أم كوسيلة لنيل المكاسب كونها "مفعول به" لا "فاعل" في دورها الاجتماعي والمهني كما يرى البعض؟ بمعنى أنها لا تملك قرارها قياسا إلى الرجل وفاعليته، في حين أن الرجل هو من يملك الدفّة ويحركها كيفما شاء، بل وقد يكون للرجل مساحات أكثر وأوسع للتنفيس قياسا بالمرأة، يفرضها عليهما الدور الوظيفي الذي يرسمه المجتمع لهما في باب العلاقات خاصة.

وهنا قمت بمناقشة مجموعة من الذكور والإناث، انطلاقا من الشكوى ذاتها كسلوك إنساني إلى دوافعه ومبرراته، وتاليا خلاصة آرائهم وتجاربهم:

الشكوى بين الجنسين

تلجأ المرأة إلى الشكوى والفضفضة بحكم الحاجة الفطرية، الأمر ذاته الذي يمتنع عنه الرجل، فالفضفضة لدى المرأة هدف لذاته تسعى عبر جسره إلى التخفيف من ثقل ما تحمله.

الشكوى سمة إنسانية يشترك فيها الرجال والنساء على حدّ سواء، ولكن كل وطريقته، فالرجل لا يشكو أمام الآخرين لأنه يعتبر الشكوى إخلالا بأهم عنصر من عناصر القوامة والرجولة ألا وهو المسؤولية، الأمر الذي يدفع المرأة أحيانا إلى عدم الشكوى كي لا يكون ذلك إثباتا لعجزها عن تحمل مسؤولية البيت والعمل في آن واحد، في حال أنها أرادت العمل المهني.

ويختلف الحكم على هذا السلوك، إذ ثمة فرق بين الشكوى من أمر ما لمقربين، ونشره على الملأ، فالأول يبدو مقبولا، أما الثاني فهو بحاجة إلى وقفة وإعادة نظر، هو أمر يخضع لعمل العقل والحكمة التي لدى الفرد ذكرا كان أم أنثى، ومن هنا يرى أحدهم أن الشكوى من التجارب الفاشلة ولو دون ذكر عيوب الآخر هي نقض للأمانة والعهد، فالذي يحترم نفسه وشريكه من المحال أن ينشر فشل تجربته معه أمام الآخرين، في حين يرى آخرون أنّ الشكوى عبر المنصات العامة ما هي إلا مرحلة متقدمة تصل إليها المرأة بعدما لم تجد زوجا منصتا ومتفهما لطبيعتها الفسيولوجية في الفضفضة والتعبير.

الشكوى والفطرة البشرية

تلجأ المرأة للشكوى والفضفضة بحكم الحاجة الفطرية، الأمر ذاته الذي يمتنع عنه الرجل، فالفضفضة لدى المرأة هدف لذاته تسعى عبر جسره إلى التخفيف من ثقل ما تحمله، أما الرجل فلا يحتاج إليه إلا بقدر ما قد يترتب عليه من إنجاز أو عمل ما، هو الأمر ذاته الذي عبّرت عنه إحداهن بقولها إنّ ما يحجب الرجال عن الشكوى هو واقعيتهم وتكيفهم السريع مع الظروف التي يواجهونها وإن خالفت أحد أهدافهم، أما نحن "النساء" فلا نعرف التأقلم بسرعة ونبقى غارقين في الوقوفِ على الأطلال.

المقود بقبضة من؟

الرجل في "مجتمعنا الشرقي" يمكنه أن يغير مسار العائلة بأكمله ليتوافق مع مساره. كأن يسافر والعائلة لبلد آخر كي يكمل تعليمه أو يحصل على وظيفة جديدة، في حين أن الأمر لا يتحقق مع المرأة إلا في أضيق الحالات، إذ مهما تكالبت المسؤوليات على الرجل فإنه يبقى حرّا إذا ما أراد الخروج أو السفر أو الغياب عن البيت لساعات كثيرة، الأمر الذي لا يتحقق مع المرأة بحكم مسؤوليتها والتزامها بالمنزل ورعاية الأبناء.

وهذا ينقلنا إلى مساحة الواقع وما يفرضه العرف المجتمعي على كل من الرجل والمرأة، فالمجتمع يرى المرأة مسؤولة عن رعاية نفسها وزوجها وأبنائها، في الوقت الذي لا يفرض على الرجل غير الإنفاق المادي، والذي قليلا ما يحاسب على تقصيره فيه كما لو قصّرت المرأة في أعبائها المنوطة بها، إذ يبقى الزوج والأبناء مركزها ودائرة اهتمامها وأولوية الإنجاز الذاتي لها، إلا في حالات قليلة هنا وهناك قد تتمرد فيها المرأة على هذا الواقع.

حتى إذا ما تم تبادل الأدوار بين كل من الزوج والزوجة فلن يكون الأمر متقبّلا، نظريا قد يجيبنا الرجل بالقبول إذا ما سألناه هل تسمح لزوجتك بالخروج يوميّا لدراستها المسائية، على أن تُبقي الأبناء برفقتك في المنزل إلى حين عودتها، قائلا "نعم، نؤمّن لها كل الدعم"، ولكن حقيقة ما الذي يمكن أن يحدث إن فعلت؟!

تذكُر إحداهن أنها كانت تطمح وبشدة لإكمال دراستها والعمل، ومن شدة رغبتها في ذلك جعلته شرطا في عقد زواجها، لكنها عندما تزوجت قدّمت طموحَ زوجها على طموحها كونه طبيبا، ولم تتوان عن دعمه في كل خطوات طريقه وامتحاناته، متحملة مسؤولية البيت والأطفال كاملة، واستغرقت في ذلك لدرجة أنها لم تجد متسعا من الوقت لقراءة الكتب التي تهمها، ومع ذلك كما تقول ما حصدَتْ إلا اللوم من زوجها بأنها لم تطور نفسها، قائلة:" هذا ما تربينا عليه في مجتمعنا، وتبقى أضعاف الإنجازات التي أنجزناها مع البيت والأبناء غير معترف بها"، فالرجل لا يشكو لأنه يكون قد حمل زوجته ضعف حمله، وخفف عن نفسه.

ليست النساء دوما الحلقة الأضعف!

 يقول أحدهم إن الزوجة تفرض على الزوج من أول لحظة تربطهما، وهي لحظة الخِطبة، مصاريفَ عديدة، من الهدايا والفُسحة، إلى تكاليف العرس والمهر بشقيه المقدم والمؤخر، يضاف إليهم تكاليف "شهر العسل" وتجهيز الشقة، لتأتي بعد ذلك متطلبات الأبناء من الملابس والمدارس والأنشطة، الأمر الذي تتحفظ عليه النساء من منطلق أن كثيرا من الزوجات يعملن ويساعدن أزواجهن، بل قد يصل الأمر بأن تبيع إحداهن "ذهبها" راضية، ليحلّ زوجها كُربته المادية، دون أن تتلقى منه "كلمة حلوة" ترجوها.

الشكوى في زمن وسائل التواصل

عبّر بعضهم أن الإعلام يلعب دورا في تشكيل هذه البكائيات لدى المرأة، وذلك بما يطرحه من صورة المرأة الطموحة التي تجد الزواج همّا فتنأى عنه لتحقيق ذاتها وطموحها، الأمر الذي وسّعت دائرته أكثر وسائل التواصل الاجتماعي حتى غدا الأمر "موضة" مبالغا بها، ليس إلا.

تقول إحداهن إن الغالبية مما يُطرح تحت بند الشكوى والتذمر ما هو إلا موضة، بغض النظر عن تلك الاستثناءات من النساء اللاتي فعلا يشتكين لحاجتهن للتوجيه والإرشاد، ولكن الحاصل هذه الأيام أن معظم "الجروبات" والصفحات على "الفيس بوك" أصبحت "حبل غسيل" لكل امرأة تجد فيها متنفسا من أجل التفريغ فقط، إن أغلب المشاكل التي تشكو منها النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ماهي إلا مشاكل "تافهة" تريد بها دفع العين، أو أنها تريد هدم بيتها بنفسها، وخاصة تلك المرأة التي يقض مضجعها راحة مسكنها فتشكو لزميلاتها في "الجروب" اهتمام زوجها الزائد وحرصه عليها.

الجواب من لدنك

علّنا نرى من هذه الآراء ذاك الصراع الخفي بين دفّة المسؤولية والحقوق والواجبات الذي لا ينتهي مادام هناك تواصل وتزاوج وتناسل، والذي يطفو على السطح مع كل جزئية قد تثار في عالم التقابل، وتشعر المرأة في كثير من محطات هذا الصراع بأنها الحلقة الأضعف بحكم ما تفرزه سطوة المجتمع، إلا أنّه هل يمكننا القول هنا بأنّ المرأة ذاتها هي من تملك مسؤولية تشكيل الصورة الخاصة بها والناتجة عن قرارها بتحمل تلك المسؤولية التي دخلت بها مرحلة تكوين الأسرة بكل متعلقاتها؟

أترك لكم الجواب فلكل تجربته، وهنا لا تغادرني صورة منزلنا وحالة الطوارئ التي كانت تسود فيه أيام ما كنت أنا وأخواتي نقدم الثانوية العامة، في الوقت الذي لم نكن نشعر أن ثمة طالب ثانوية عامة في البيت عندما التحق أخي بها.

*عبير الكالوتي

 

 

2022/03/23

اصطياد الرجال: نساء يتجملّن خارج المنزل ويهملّن أنفسهن داخله!

انتقد الكثير من الأزواج سلوكيات زوجاتهم بسبب إهتمامهن بأنفسهن ومظهرهن خارج المنزل وعدم إيلائهن أي اهتمام بشكلهن داخل بيوتهن.

[اشترك]

هذا الأمر كان سببا رئيسيا لنشوب العديد من الخلافات والمشاحنات بين الأزواج الذين يطالبون زوجاتهم بعدم المبالغة في اهتمامهن بشكلهن وأناقتهن وقت خروجهن من المنزل وفي نفس الوقت لا يبدين أي اهتمام لأنفسهن داخل البيت.

عادة

وتبرر "سارة "موظفة سبب اهتمامها بشكلها والحرص على أن تظهر بكامل أناقتها خارج المنزل على أن هذا الأمر أصبح بالنسبة لها عادة خاصة وأن طبيعة عملها كموظفة استقبال في إحدى الشركات الخاصة يحتم عليها أن تظهر بشكل أنيق، وأضافت، أن زوجها عادة ما ينتقد هذا الأمر وتحديدا عندما يراقبها وهي تختار ملابسها واكسسواراتها في فترة الصباح قبل أن تخرج إلى عملها. ودائما يطالبها بان تهتم بشكلها ومظهرها داخل المنزل كما تحرص على الاهتمام به خارج المنزل.

وبحسب وجهة نظرها، تعلل سارة هذا الأمر بأن أي إنسان يعتبر بيته محطة للراحة وبداخل منزله يجب ألا يتكلف. ولهذا تجد بأن المنزل هو مكان لراحتها إلى جانب أنها لا تستطيع أن تبقى طول الوقت أنيقة في منزلها. والسبب أنها تقوم بأعمال المنزل والتي عادة ما تحتاج إلى جهد مثل وقوفها لساعات في المطبخ وما يترتب عليه من طبيخ وغسيل وغيرها من أمور العمل المنزلي والتي لا تتناسب معها الأناقة، كما أن المرء حين يكون في بيته عادة ما يرتدي ملابس معينة تختلف عن تلك التي يرتديها أثناء خروجه.

وفي نفس الوقت ذكرت "سارة" أنها لا تهمل شكلها العام داخل المنزل حيث تحرص على ارتداء ملابس نظيفة وجميلة خاصة بالمنزل بعد انتهائها من تنظيف وترتيب المنزل.

وينتقد "محمد نعيم" سلوك زوجته والكثير من الزوجات اللاتي لا يعتنين بمظهرهن داخل بيوتهن بحجة إنهن لا يجدن الوقت أو المجال للاهتمام بمظهرهن إلا أنهن يخصصن ساعات من وقتهن قد يزيد على الخمس ساعات أو أكثر من أجل اختيار ملابس أنيقة ويقفن أمام المرآة لساعات لوضع الماكياج ولبس الاكسسوارات وفي النهاية رش أجمل انواع العطور، وهذا الامر تسبب بحدوث العديد من المشاكل بينه وبين زوجته لدرجة وصلت الى حد الانفصال والطلاق، وقد تعهدت زوجته ان تهتم بشكلها وتولي زوجها وبيتها اهتماما أكبر ولهذا بادرت بسؤال زوجها عن الالوان التي يحبها ويفضلها سواء في الملابس او في الماكياج وحتى رائحة العطور التي يحبذها.

لماذا؟

عبد الحليم، يكاد يقسم بالله انه لم ير زوجته تعتني بمظهرها منذ تزوجها، بينما كانت قبل الزواج مثل الفراشة تسير وتتنقل بألوان ملابسها وهو ما جعله يختارها لتكون قرينته وشريكة حياته.

ويتساءل بحسرة: أن الرجل يحب أن يرى الجمال في بيته بحيث يكتفي بما لديه، وبالتالي لا ينظر الى الأخريات خارج منزله. وهو ما أكده لزوجته تارة بالتلميح وتارات بشكل مباشر. لكنها لم تستجب ومن ثم قرر عدم مفاتحتها في الموضوع والاكتفاء بالتفكير بالأمر بشكل صامت كي لا يحدث مشكلة مع زوجته.

نصيحة

وتؤيد ام مروان ما طرحناه عليها، وتقول: أنا سيدة تجاوزت سن الصبا، ولي (كناين) هن زوجات أبنائي. وكذلك دائما ما أوصيهن بالاهتمام بمظهرهن في البيت لأن الرجل ـ أي رجل ـ يحب أن يرى زوجته أجمل امرأة، وتضيف أم مروان أن هذا يجعله يهتم ببيته وأسرته وهي (شطارة) الزوجة أن تدع وقتا لزوجها بعد أن تنهي متطلبات الأسرة اليومية.

وتشير إلى أن بعض الزوجات ينسين أنهن نساء بعد الزواج، وينشغلن بأولادهن وبأعداد الطعام وكنس البيت وغسل الملابس وغيرها من احتياجات البيت، دون انتباه لقضية تتعلق بالزوج الذي يعود من الخارج ويحتاج الى الراحة تماما مثل احتياجه للطعام والشراب.

فقر

وتبرر أنيسة عدم اهتمامها بمظهرها في البيت بالوضع المادي الذي لا يتيح المجال للأنفاق على الماكياج والزينة، والأولوية للطعام والشراب ومتطلبات البيت وليس للتبرج والتجمّل.

لكن زوجها يعارضها في ذلك ويقول أنا لا اطلب منها أن تضع مكياجا من الماركات العالمية الباهظة الثمن بل أن تهتم بمظهرها بما تسمح به الأحوال والظروف، فلا تبقى طول اليوم بنفس الملابس التي تطهو فيها الطعام والتي تشتم منها رائحة الطبخ، بل ان تنظر الى وجهها في المرآة وتسأل نفسها، كيف يمكنني ان اكون جميلة هذا اليوم وكل يوم.

تبريرات

وترفض زينات اسماعيل تبريرات بعض الزوجات وتقول انا مثلهن اهتم ببيتي واطبخ واغسل ولدي حديقة اعتني بها ومع ذلك، اخصص وقتا لزوجي وأسعى لمعرفة ما يعجبه في المرأة لكي أحظى بإعجابه دائما.

وترى ان حجج بعض الزوجات واهية في هذا الشأن وتعلل ما يفعلنها بأنه كسل منهن وتعود على الحياة الزوجية الرتيبة التي تجعل الزوج ينظر الى ما هو خارج بيته.

وتؤكد زينات ان المرأة عامة تستطيع ان تكون دائما جميلة، وبقليل من مواد التجميل وبكثير من الذكاء، وتتساءل انظر اليهن كيف يظهرن حين يغادرن بيوتهن، اعتقد ان المسألة متعلقة بفهم طبيعة العلاقات الزوجية وسبل تحسينها وتطويرها والتمتع بها والحفاظ على كيان الاسرة عبر سلوكيات بسيطة ربما لا تحتاج الى كثير من الجهد، فقط تحتاج الى الفطنة والذكاء من قبل الزوجة.

تفسير اجتماعي

ويرى الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية ان مشكلة المرأة العربية عامة انها تعتبر الزواج نهاية وليس بداية، وتظن وبحسب ما سمعته من امها ان المظهر مهم لاصطياد الرجل ومن ثم تصبح الامور عادية، وبالتالي تصبح هي زوجة تقليدية وتلوم الرجل ان هو نظر الى ما هو خارج منزله، وعلى الزوجة ان تتعامل مع زوجها بالكثير من الحنان والفهم لذوقه كي تزيد محبته لها وليس فقط وسيلة للخدمة للزوج وللأبناء.

*جمانة سليم

 

2022/03/21

منها ’العصبية’ و ’التفرقة’.. 5 حالات تخسر فيها ابنك!

قال بنبرة حزينة: لقد خسرت ولدي، قلت له: كيف؟ قال: كان ابني يحترمني ويقدرني إلى أن وصل لسن البلوغ فتغير عليّ واكتشفت أن ولدي ليس بولدي، وكأنه جاء من بيت آخر غير بيتنا، وأخلاقه تختلف عن أخلاقنا، وسلوكه يختلف عن سلوكنا، ولا أعرف سبب هذا التغيير.
[اشترك]
 قلت: هل أنت شاركت بتربية ابنك؟ قال: أنا طلقت أمه لما كان عمره خمس سنوات، وبعدها صار يتنقل بيني وبين أمه، فتزوجت بعدها بامرأة أخرى وأمه كذلك تزوجت من رجل آخر، فهل ما فعلناه سببا في خسارتنا لابننا؟ قلت: يكون ما فعلته خطأ لو أنت وأمه أهملتم تربيته ويكون قراركما صحيحا لو أحسنتم تربيته، فكيف تعاملتم معه؟
قال: الصراحة نحن لم نحسن تربيته ولم نهتم به، وكل واحد منا كان مشغول بدنياه وبزواجه الجديد، وصار الطفل بيننا كأنه غريب، قلت: إذن هذا هو السبب في خسارتك لابنك، فالأطفال وهم صغار يتعلقون بوالديهم ويشعرون بأن الوالدين هما مصدر الأمان والراحة والطمأنينة، فإذا لم يشعر الطفل أثناء صغره بهذه المشاعر فإذا كبر إما أنه يهمل والديه أو أنه ينتقم منهما أو أنه يتمرد عليهما لأنهما لم يحسنا تربيته، وربما هذا ما تعيشه أنت مع ولدك اليوم، قال: وهل ممكن اصلاح الوضع بخسارة ابني وتدارك ما فات؟ قلت: نعم، ولكن لا تتوقع أن النتائج تكون إيجابية بشكل سريع، فالمسألة تحتاج إلى وقت لإصلاح الإهمال التربوي لولدك، وحتى تعالج المشكلة لابد أولا أن تكسب ثقته من جديدة ثم تصادقه وتتعامل معه بطريقة محترمة ولطيفة حتى يحبك وبعد ذلك تستطيع أن تؤثر عليه وتغير سلوكه، قال: إذا عليّ أن أبذل الجهد الآن بثلاث خطوات، الأولى كسب الثقة والثانية حسن المعاملة والثالثة السعي لتغيير السلوك الخاطئ، قلت : نعم صحيح، ولو تستطيع أن تقنع أمه كذلك بأن تعامله بالخطوات الثلاث هذه يكون أفضل حتى تعجل علاج المشكلة، قال: سأحاول إن شاء الله ولكنها غير متعاونة معي.
قلت: هل تعلم متى يخسر الوالدين أولادهما؟ قال: أكيد إحدى هذه الحالات الحالة التي أعيشها أنا بالإهمال التربوي بعد الطلاق، قلت: نعم صحيح، وهناك أربع حالات أخرى، قال: ما هي؟ قلت: الحالة الثانية عندما يعتمد الوالدين الأسلوب العصبي والغاضب في التربية، فالعصبية لا تربي الأطفال بل تجعلهم عصبيين وتغرس فيهم الكراهية للوالدين، ولكن الذي يربى الأبناء أسلوب الحوار والتفاهم، وكم من حالة عشتها لأولاد هربوا من بيوت آبائهم بسبب كثرة عصبية الوالدين وصراخهم وضربهم لهم، والحالة الثالثة التي تخسر فيها ابنك عندما تفرق بين الأبناء في المعاملة سواء بسبب العمر أو الجنس أو من أبنائك من زواج آخر، فتفرق بينهم لأن هذا صبي وهذه بنت أو تفرق بينهم بسبب العمر من غير ما تبين سبب التفرقة، ولعل قصة يوسف عليه السلام مع أخوته خير دليل على هذا الموضوع، والحالة الرابعة التي تخسر فيها ابنك عندما لا تحترم رأيه ولا تسمع له وتكثر من انتقاد شكله أو طريقة كلامه أو لباسه أو تصرفاته فيتجنب الطفل والديه في مثل هذه الحالات لأنه يشعر بأنه غير محترم في بيته، وغالبا مثل هؤلاء الأبناء يتعرفون علي أصحاب سوء ويتمسكون بهم لأنهم يجدون الاحترام والتقدير لشكلهم وكلامهم أكثر من والديهم،
أما الحالة الخامسة والأخيرة التي تخسر فيها ابنك عندما لا تكون قدوة أمامه فيجدك تأمره بأمر وتخالفه أو يكتشف أن أحد الوالدين يرتكب شيء مخالف للأخلاق والآداب أو يرتكب المحرمات فتسقط الهيبة التربوية من الوالدين تجاه الأبناء، ويتمرد الأبناء في مثل هذه الحالات لأنهم لا يرون آباؤهم قدوة لهم، فابدأ من اليوم صادق ابنك وجدد الثقة مع حتى لا تخسره.
*الدكتور جاسم المطوّع

 

2022/03/20

العزوبية قلق وعدم استقرار: هل الطلاق هو الحل للمشاكل الزوجية؟!

لقد أصبح الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة

 الإنسان كائن اجتماعي بالطبع، وهو يشعر بالحاجة إلى فرد من نفس نوعه يبثه همه ويرافقه في رحلته عبر الحياة أو يقف إلى جانبه وقت الشدائد فيحس فيها بالراحة والطمأنينة، وهو بعد كل هذا حاجة طبيعية للتكامل الإنساني، وبدون ذلك يراوح الإنسان في مكانه أو يتراجع إلى الوراء.

[اشترك]

وعلى هذا، فإن حياة المرأة أو الرجل ستكون في غاية الصعوبة بدون الزواج، فحالة العزوبية هي حالة القلق وعدم الاستقرار، ولذا فإن نداء الزواج نداء ينبعث من أعماق الإنسان وان الإقدام عليه هو تلبية لحاجة فطرية وطبيعية موجودة في التكوين البشري، وبالرغم من كل ذلك فإن التعايش في الحياة المشتركة للزوجين قد تخلق بعض التصادم وعدم الانسجام، ولذا فينبغي إرساء العلاقة على أساس من معادلة الحقوق والواجبات المتبادلة، كما أن عقد الزواج يختلف عن غيره من العقود فهو يمتاز بقدسية خاصة تجعله في منزلة سامية حتى أن العرش الإلهي ليهتز لدى إلغاء هذا العقد بالطلاق لما في ذلك من الآثار والأضرار والخسائر المدمّرة التي تنجم عنه أو تترتب عليه

مسألة الطلاق

يؤدي النزاع بين الزوجين في بعض الأحيان إلى التفكير بالانفصال والطلاق، وقد يحدث أحياناً أن يكون التفكير في ذلك من جانب الرجل أو المرأة أو باتفاق الاثنين معاً.

لو كانت الحياة المشتركة عقداً غير قابل للفسخ إلى الأبد فإن حالة النزاع المستمرة وغياب الانسجام سوف يحوّل الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق، وعندها سوف يجد أحد الطرفين نفسه محطماً تعصب بآماله وأحلامه رياح الزمن فتبددها هنا وهناك وستحيله إلى إنسان خاو خال من العاطفة والإحساس، وقد تتصاعد حدّة الاختلاف والتوتر إلى موت أحد الطرفين عمداً أو خطأ أو بطيئاً، مما يوسع من دائرة الألم لتتعدى محيط الأسرة إلى المعارف والأقرباء، حيث تبقى آثار ذلك مدّة من الزمن.

 

 

هواجس الطلاق

قد يكون الطلاق في بدايته حلاً جذرياً للعديد من المشاكل الزوجية، ولكن الطلاق ينطوي على شرور ومآس لا يمكن إسقاطها من الحساب.

إن اعتبار الطلاق حلاً مثالياً هو خطأ كبير يرتكبه العديد من الأزواج حتى بعد إقدامهم على الزواج مرّة أخرى، وقد أشار مسح ميداني أجري على مئة حالة طلاق اعتبر الغالبية فيها الطلاق أكبر خطأ ارتكبوه في حياتهم وأكد أكثرهم أيضاً على أنهم شعروا بالارتياح قد خامرهم في الأيام الأولى من الطلاق ولكن سرعان ما تبدد ذلك ليحل محله شعور عميق بالندم، ذلك أن الطلاق لم يحل المشكلة أبداً حتى مع تجدد زواجهم.

وساوس الانفصال

وبعد أن يتم الطلاق ويفترق الزوجان تبدأ مراجعة النفس، ويبدأ تأنيب الضمير والتفكير في العوامل التي أدّت إلى انهيار ذلك البناء، وفي أولئك الذين حوّلوا الأسرة إلى مجرد أنقاض، وعندها تصبّ اللعنات تلو اللعنات على الذين وسوسوا لهما بذلك وحببوه إليهما. حتى أولئك الذين اندفعوا لحماية الزوجة أو الزوج ومن نوايا حسنة، لن يسلموا من تحمل المسؤولية وتحسين الطلاق في ذهن المرأة أو الرجل، خاصة إذا كانت الحالة في زيجة عمرها شهور فقط، فالشباب مهما بلغوا من النضج ليست لديهم التجربة الكافية، فلا ينبغي لأيّ كان أن يتدخل في شؤونهم الخاصّة ويشجعهم على اتخاذ قرار خطير كالطلاق.

ومسكينة تلك الفتاة وذلك الشاب عندما تصور الوساوس لهما بأن الطلاق فكاك من القيود وتتحول كلمات الآخرين المسمومة في خيالهم إلى طريق للحل ونافذة للخلاف، تنطوي الاستهانة بالزواج كرباط مقدس إلى استسهال الطلاق ومن ثم ضرب كل الاعتبارات الإنسانية عرض الجدار، ولذا فإن مثل هؤلاء الأفراد لا يرون سوى أنفسهم ومصالحهم دون أدنى اهتمام بالآخرين، ناهيك عن أن جنوحهم نحو الطلاق سيلحق الضرر بأنفسهم هم أيضاً بالرغم من عدم إدراكهم ذلك إلاّ بعد فوات الأوان.

إن الإقدام على الطلاق انطلاقا من الأهواء النفسية فقط، لا يتناقض مع الدين والعقل فحسب بل مع النمو والتكامل الإنساني، ذلك أن الأهواء النفسية لا يمكن أن تكون طريقاً لبناء شخصية الإنسان.

مبغوضيه الطلاق

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما أحلّ الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق "، وبالرغم من حلّية الطلاق إلا أن الأحاديث والروايات تحذر من الطلاق وتعتبره عملاً شائناً لا ينبغي القيام به حتى لو تم الأمر برضا الزوجين.

وإذن فإن الحسابات الإلهية لا دخل لها برضا الطرفين أو عدمه، فالطلاق يبقى إجراء لا يحظى برضا الله سبحانه أبداً، ذلك أن الزواج يعني اتحاداً كاملاً بين الرجل والمرأة، اتحاداً يصل حد الاندماج والانصهار في بوتقة واحدة، ولذا فإن إجراء أو عملا يفكك من هذا الاتحاد المقدس ويقضي عليه سوف يكون مبغوضاً ومؤلماً.

آثار الطلاق

قد يبدو الطلاق في نظر الزوجين باباً للخلاص من الجحيم الذي صنعاه بأيديهم، ولذا نراهما يتنفسان الصعداء عند افتراقهما، ولكن هل يمكن أن تمضي الأمور بهذه السهولة؟ هل يمكن للزوجين أن ينسيا كل تلك الذكريات واللحظات الجميلة التي عاشاها معاً والأماكن التي زاراها معاً؟!

إن الحياة الزوجية ليست تجربة عادية، إنها تجربة شاملة يعيشها الإنسان بكل جوارحه ومشاعره، وإضافة إلى كل ذلك فإن الطلاق لا يمكن اعتباره شأنا شخصياً كما هو الزواج الذي تم بمباركة وسعي العديد من الأصدقاء والأقرباء، وإذن فإن الطلاق سوف يمسهم جميعاً ولا يمكن ضرب عواطف ومشاعر من يهمهم الأمر عرض الجدار.

إن الطلاق يضع المرء أمام المسؤولية وجهاً لوجه، وعليه أن يقدم جواباً مقنعاً لأبنائه، وهو الضحية الأولى لقرار كهذا، ولا ننسى أيضاً أن الطلاق لا يضع خاتمة للمشاكل بل إنه في أغلب الأحيان بداية سيئة لمشاكل ومتاعب أكثر تعقيداً من ذي قبل.

وصايا في ترك الطلاق

تزخر الروايات والأحاديث الشريفة بالنهي عن الطلاق، ويصب أغلبها في نصح الرجل بعدم الإقدام على الطلاق ودعوته إلى مداراة المرأة والإحسان إليها وعدم الإساءة في معاملتها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله يبغض ـ أو يلعن ـ كل ذوّاق من الرجال وكل ذوّاقة من النساء ".

ولا يقتصر هذا الحديث، كما هو واضح، على الرجال فحسب بل ويشمل النساء أيضاً، إن هذا التشديد الذي نلمسه في الإسلام بعدم الطلاق يعود إلى الاعتقاد بقدرة الزوجين على تجاوز خلافاتهما وقلب صفحة الماضي والبدء بحياة جديدة.. حياة مفعمة بالحب والتفاهم والإيمان، إن الإسلام يؤمن بقابلية الإنسان وانطوائه على قدرات لا محدودة في حل ما يواجهه من المشاكل والمتاعب، فكيف إذا كانت المسألة تخص الأسرة وقد أودع الله في هذا الرباط المقدس نبعاً من المودة والحب؟! 

حلّية الطلاق

بالرغم من التشديد الذي نلمسه في الشريعة الإسلامية بعدم الطلاق، إلا أنها لم تحرّمه أبداً وأبقت الباب مفتوحاً إذا تعذرت الحلول وعجزت العلاجات، ذلك أن الإسلام يمنح الأصالة لكرامة الإنسان امرأة كانت أو رجلاً ، وإذن فإن جميع تلك النواهي والتحذيرات تتوقف إذا تعلقت المسألة بالدين لأنه القيمة العليا في حياة الإنسان، فإذا كان استمرار الزواج يعني انهياراً أخلاقياً وسقوطاً دينيّاً فإن الباب مفتوح للخلاص والنجاة، وإذن فإن الطلاق يعني هنا نوعاً من العمليات الجراحية التي لا بد من إجرائها وبتر العضو الفاسد من أجل حماية الجسد من سراية المرض.

ومهما بلغ الزواج من قدسية فإنه لا يعني قدراً محتوماً لا يمكن لإنسان الخلاص منه، فعندما يشعر المرء باستحالة الحياة الزوجية وانه لسبب أو لآخر لا يمكنه الاستمرار في ذلك فإن الله سبحانه قد فتح الباب لمن يعيش مثل هكذا حالة وأعلن أن ذلك لا يبرر للرجل أو المرأة انتهاج الأساليب الملتوية لحمل الطرف الآخر على طلب الطلاق، فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

وإذن فلا يسوغ للرجل أو المرأة أن يؤذي أحدهما الآخر أو محاربته أو التشهير به من أجل حمله على الطلاق، وفي مثل هكذا حالة على المرء أن يتحلى بالشجاعة والشهامة والإنسانية.

المرأة والطلاق

إذا كانت حلاوة الزواج قابلة للوصف فإن مرارة الطلاق أمر لا يمكن إدراكه إلاّ من قبل أولئك الذين خاضوا تلك التجربة المرّة، لقد أصبح الطلاق ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد أمن وسعادة المجتمعات اليوم، ولذا نرى اهتماماً بمعالجة هذه المشكلة من كافّة المستويات، فالدول والحكومات تسعى من أجل وضع حدّ لتنامي هذه الظاهرة لما لها من الآثار السيئة في البناء الاجتماعي، ذلك أن الأسرة هي حجر الأساس في هذا البناء وعليها تتوقف متانته واستقامته، فالطلاق هو بداية الانحراف والسقوط في الهاوية المخيفة،

حيث الفساد الأخلاقي والأمراض النفسية والضياع الشامل للإنسان، وما أكثر أولئك الذين سقطوا وتاهوا في دروب الحياة فعاشوا الضياع وبقوا على هامش الحياة إلى أن لفظتهم كما يلفظ البحر الجثث الهامدة، وإذا كان الجميع خاسرين في الطلاق فإن المرأة تعتبر الخاسر الأكبر ذلك أنها أكثر عاطفة، فهي مرهفة الإحساس، عميقة المشاعر، تحتاج إلى من يمنحها الشعور بالأمن والسلام، ولذا فإن على المرأة أن تكون أكثر وعياً لهذه المسألة وأن تكون أكثر صبراً ومقاومة وسعياً من أجل استمرار الحياة الزوجية بأي ثمن، وعليها يتوقف أمن أطفالها وضمان تربيتهم تربية صالحة.

*الدكتور علي القائمي

2022/03/17

’حديث مخيف’.. كيف تتعامل الأسر مع الأزمة الاقتصادية العالمية؟

نسمع ونقرأ عن الأزمة المالية التي تجتاح العالم، ويتحدث الخبراء عن خسائر فادحة بأرقام خيالية تصيب الدول والشركات، كما تذكر وسائل الإعلام أن العالم يتغير وهو لم يخرج حتى الآن من تلك الأزمة بل يقال انها لم تبلغ ذروتها بعد، وهذا الحديث المخيف يجعل قلقاً طبيعياً يجتاحنا، خاصة أن الاقتصاديين يتحدثون حديثا متخصصا يجعل الأسرة العادية بعيدة عنه.

[اشترك]

فكثير من أرباب الأسر من الرجال والنساء لا يعرفون ما الذي ينبغي عليهم فعله لمواجهة تلك الأزمة، وربما لا يدرك بعض الناس أن عليهم تغيير الكثير من عاداتهم الشرائية وتقنين ميزانياتهم بطريقة مختلفة تجعلهم بمنأى عن المشاكل الاقتصادية والمطبات المالية المفاجئة.

يقدم بعض المختصين في هذا التحقيق النصح للأسرة في كيفية التعامل مع الازمات المالية عموما وكيفية تنظيم ميزانيتها لتكون في مأمن من المواقف المفاجئة، إضافة إلى طرق تأمين مستقبل الاسرة المادي.

البطالة 

يرى الدكتور أحمد البنا أن تداعيات الأزمة المالية في أميركا انعكست على دول العالم، وتختلف درجات التأثر من دولة إلى أخرى لأسباب كثيرة، وهناك جانب في علوم الاقتصاد هو الاقتصاد الاجتماعي الذي يهتم بتداعيات الأزمة على المجتمع، فالأزمة المالية تؤدي إلى استغناء الشركات عن موظفيها وبالتالي تنتشر البطالة، الأمر الذي يؤثر على اقتصاد الحكومات التي تلتزم بدفع الضمان الاجتماعي وتوفير الخدمات لتلك الفئة من المجتمع، ولا يخفى على أحد ما يمكن أن يتسبب به انتشار البطالة من مشاكل فهي واحدة من أسباب العنف والجريمة، لذا يجب على كل أسرة أن تتدارك هذه الأمور وتراجع سلوكها المالي وطرق انفاقها، فتبدأ بالاهتمام بتوفير المدخرات.

فنحن إلى اليوم لا نعرف مدى الضرر في النظام المالي العالمي، ومدى الضرر في القطاعات الاقتصادية لذا يجب مراجعة الانفاق على السلع الأساسية مثل التعليم والصحة والمواد الاستهلاكية، وتقليل المصروفات في السلع الكمالية عن طريق إعادة جدولة الانفاق، والابتعاد عن السلوك النمطي الاستهلاكي، فيجب وضع الخطط الاستهلاكية على مستوى الفرد وعلى كل شخص أن يسأل نفسه هل احتياجاته بهذه الكمية التي يمارسها من الانفاق؟ وهل تستحق السلع المعروضة هذه القيمة المادية؟ لأن تلك التساؤلات تساعد الانسان على تقنين ميزانيته وتوفير المال بدلاً من انفاقه دون حساب.

التحكم بالتداعيات محدود

الخبير المالي وضاح الطه أكد أن التحكم بتداعيات الأزمة المالية محدود جدا، خاصة في حال انهاء خدمات الأفراد لأن مثل تلك القرارات في الغالب تكون غير قابلة للتفاوض، لكن الأسر التي لم تتعرض بشكل مباشر للأزمة عليها التصدي لأي طارئ بتقليص المصاريف في النواحي الترفيهية، لأن مصاريف الأسرة تنقسم إلى قسمين إجبارية لا مفر منها مثل مصاريف السكن والكهرباء والمدارس.

والمصاريف الاختيارية أو التي يمكن التحكم بها كالمشتريات المختلفة، فهناك عادات شرائية لدى كثير من الاشخاص يجب أن تتغير ويجب البحث عن البدائل للسلع مرتفعة الثمن، إضافة إلى اعتماد طرق مختلفة للتسوق إذ يمكن للعائلات الكبيرة أن تتسوق الأطعمة من سوق الجملة لتوفر في الأسعار.

كذلك يمكن المشاركة مع الزملاء في النقل لتوفير مصاريف البترول واستهلاك السيارة فيكون النقل متبادلا بين الزملاء الذي يسكنون متقاربين ويعملون في مكان واحد، ومسألة التدبير مسألة مهمة يجب أن تنتبه إليها المرأة فتكون حريصة على أن تغطي جميع احتياجات الأسرة بأقل تكلفة ممكنة، وترشيد المصروفات والاستغناء عن المواد التي لا توجد إليها حاجة فعلية، وعلى الناس أن يفكروا جديا بالتوفير فلم تعد البنوك توفر القروض في حال الحاجة إليها، لذا تكون مبالغ التوفير النقدية هي الحماية للأسرة من الطوارئ، فلا يمكن الانكار أن الأزمة شديدة وقد تأتي بموجة جديدة من انهاء الخدمات.

توعية الزوجة

وترى أمل عبد العزيز مديرة مصرف أن من الأمور الطبيعية أن تؤثر الأزمة على الأسرة، لذا يكون الوعي مهما لمعرفة كيفية مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، فالتوفير هو أول سبل الحماية المادية للأسرة ولتحقيق القدرة على التوفير يجب تقنين المصروفات ووضع ميزانيات محددة لكل شيء، وتخفيض الانفاق سواء في التسوق أو حتى التقليل من نفقات الكهرباء عن طريق اطفاء الاجهزة والانارة في حال عدم الحاجة إليها.

وعلى الزوج كذلك أن يهتم بتوعية زوجته خاصة إذا لم تكن على اطلاع بواقع العمل والأزمة المالية العالمية، والابتعاد عن الماركات العالمية فهناك سلع بديلة لا تقل جودة عنها، خاصة أن تلك الأزمة لم تسفر حتى الآن عن انخفاض بأسعار السلع فما زال ارتفاع الاسعار موجودا ولا يمكن التوفير ما لم تتغير السياسة الشرائية للفرد والأسرة، إضافة إلى تعويد الأطفال على التوفير والحرص على إيجاد حساب توفير لهم لضمان مستقبلهم الدراسي فالمبالغ الصغيرة التي تستقطع شهرياً من أجل التوفير قد تمثل الضمانة لمواجهة الأزمات والظروف الصعبة التي قد تمر بها الأسرة.

ويمكن كذلك البحث عن البدائل حتى في الانفاق الاجباري كالبحث عن سكن أقل كلفة في حالة الايجار واقتناء سيارة أصغر لتقليل كلفة البترول وفي حالة الاضطرار البحث عن مدارس أقل تكلفة ومضاعفة جهود الاسرة في مساعدة الأطفال في تحصيلهم الدراسي لتعويض ما تعجز عنه المدرسة الجديدة، وكل تلك الامور هي من باب الحرص وينبغي أن يلتفت إليها الناس سواء في حال وجود الأزمات أو عدمه لأن الأمان المادي وسيلة مهمة للاستقرار الاسري والمحافظة على مستقبل الأبناء.

الصورة غير واضحة

ويرى عماد الدين صادق، نائب مدير مصرف ان الأسرة يجب أن تكون أكثر تحفظا في تلك المرحلة، لأن المبالغ النقدية التي تحتفظ بها تمثل سلاحا مهما في وجه الأزمات، والمطلوب الآن ترشيد الانفاق وتأجيل قرارات شراء السلع الكبيرة كشراء السيارات أو المنازل أو حتى قطع الأثاث والسلع مرتفعة الثمن.

كما يجب زيادة وعي ربات البيوت للمساهمة في تقنين الاستهلاك وتغيير طرق الشراء ومحاولة تلبية احتياجات الأسرة من المشتريات بأفضل الطرق، وهو أمر يعتمد بالدرجة الأولى على ذكاء ربة البيت ووعيها، وبنود الانفاق تتفاوت بين أسرة وأخرى لذا فالأمر يعتمد على المسؤولين عن ميزانية الاسرة وكيفية تحديد الأولويات فيها، وكل ما يقال الآن هو اجتهادات لأن الصورة لا تزال غير واضحة ولا توجد مدة محددة لانتهاء الأزمة المالية لذا ليس لنا إلا توجيه الاسر الى الالتزام بميزانيات محددة يكون للتوفير مساحة مناسبة فيها وتأجيل أية خطوات شرائية كبيرة يمكن أن تنقص من قيمة النقد المتوفر لديهم.

نفاق اقتصادي

وقال الدكتور جمعة بلال فيروز، رئيس جمعية حماية المستهلك ألاحظ أن بعض الاقتصاديين منافقون للأسف، فمنهم من يرى القارب غارقاً ولا يعترف بالأمر، بينما الاعتراف بوجود مشكلة يساعد في التفكير بها وايجاد الحلول لها، ألا فالاقتصاديون تعودوا تجميل الأمور، بينما يعود الضرر على المجتمع والأسرة.

*البيان

2022/03/17

لا لـ ’الأقساط’ و ’الأجهزة التجارية’.. طرق لتدبير مصروف البيت

يبحث العديد من الأزواج المبتدئين في الحياة الزوجية عن طرق تنظيم وتدبير مصروف البيت لتجنب الأزمات المالية التي من الممكن أن تصادفهم قبل نهاية كل شهر، وفي هذا الصدد سنتعرف على العديد من الطرق لتدبير المصروف دون إفراط ولا تفريط.

[اشترك]

طرق تدبير مصروف البيت

حساب إجمالي الدخل الشهري الخاص بك

تعتبر هذه الخطوة أول خطوة وأهمها وعليها تبنى باقي الخطوات، وتتمثل في محاولة تنظيم جل مصروفات الشهر الخاصة بالأسرة، منها حساب جميع الأموال التي يتوقع كسبها خلال الشهر كله، وذلك بعد تخليصها من الضرائب والاقتطاعات، وهذا بالنسبة لمصادر الدخل المضمونة والتي يمكن الاعتماد عليها.

تقييم النفقات الشهرية

في هذه الخطوة يجب عليك معرفة جميع الأمور التي تنفق عليها شهريا، مثال ذلك دفع الديون أو الإيجار أو الأقساط ومدفوعات السيارة، إضافة إلى التأمين والطعام، ولا تنسى ما تدفع عليه خارج البيت مثل الهوايات والرحلات وكذا الطعام خارج المنزل وغيرها من أمور الترفيه.

وضع ميزانية

تعمل خطوة إنشاء الميزانية على المساعدة في التماشي مع سيرورة التدفق المالي من شهر إلى آخر وذلك بشكل دقيق، للأفراد والعائلات على حد سواء، إنشاء الميزانية يخص كل من الأشخاص سواء ذوي الدخل المنخفض أو المرتفع، فإنها تساعدهم أيضا على تخصيص ميزانية لأنفسهم، وهذه الأخيرة تساعدهم على إدارة المال بشكل أفضل.

التوفير

هذه الخطوة جامعة مانعة، فمن خلالها يمكنك توفير نفقات الأسرة شهريا، وسيأتي لك ذلك باتباع الخطوات التالية، ونذكر فيها أمورا هامة ينصح بتتبعها من أجل توفير المصروف:

تجنب الخروج مع الأصدقاء بكثرة

حيث أنه كثرة الخروج يمكن أن تساهم بشكل كبير في ضياع الكثير من المال، وبدلا من الخروج دائما يمكن دعوتهم إلى المنزل وتقديم الوجبات الاقتصادية المحضرة في المنزل، أو يمكن تقديم الشاي أو العصائر المحضرة في المنزل، فالأهم في هذا كله لمة الأصدقاء واجتماعهم وليس الأكل بذاته.

ضياع المال في التسلية

لا يتعلق أمر التسلية بكثرة المال والتكاليف، فبإمكانك تسلية أطفالك بأقل تكلفة، وبأمور غير مكلفة كشراء بعض الكتب المتضمنة للألغاز ورسوم تلوينية، إضافة إلى كون الأطفال لا يهتمون بالألعاب لكونها باهضه الثمن بل غرضهم بالوقت الذي تقضيه معهم.

تجنب الوجبات السريعة

من بين الأمور التي تكلف المرء وتدعوه إلى الإنفاق الكثير، اعتماده على الوجبات السريعة والجاهزة وكذا المجمدة المعدة سابقا، إضافة إلى كونها وجبات غير صحية، فعلى الشخص البحث عن طرق جديدة من أجل إعداد وجبات جاهزة والقيام بتجميدها دون الإنفاق المفرط على شراء الوجبات السريعة الجاهزة.

شراء الأجهزة الجيدة

الاعتماد على الأجهزة الجيدة مما يساعد على تقليل تكلفة المصاريف، وذلك من أجل تجنب تكليفات إصلاحها بعد التلف، لذلك ينصح باقتناء أجهزة مناسبة صالحة ولو كان ثمنها في الأول مرتفع شيئا ما لكونها تبقى صالحة مدة أطول.

لا للأقساط

يعتمد الكثير من الأشخاص على شراء واجبات البيت بالتقسيط لكونه يسهل عليهم الكثير من الأمور ويجعلهم يحصلون على الكثير من الضروريات في وقت قصير، لكن هذا الأمر وعلى المدى الطويل لا ينصح باتباعه، وذلك لكونها تكون مرتفعة السعر مقارنة مع الشراء بالجملة، كما أنها تحرم الشخص من الادخار.

الادخار

بعد تخطيطك لطريقة استغلال ميزانيتك بالوجه الصحيح، لا تنسى أن توفر بعض الحاجيات الأساسية التي ستحتاجها أسرتك، وذلك من أجل ضمان خطوة مهمة في المستقبل، ابدأ في ذلك ولو بمبلغ قليل لكن داوم عليه واعمل على زيادته تدريجيا، وهذا الادخار سينفعك عندما تحتاج المال في ظروف قاسية.

اتباع بعض النصائح قبل التسوق

·      عليك أن تتيقن من أسعار الأغراض التي تود شراءها قبل الشروع في عملية الشراء.

·       قبل الاتجاه نحو السوق أو المحلات التجارية، قم بكتابة قائمة تدرج فيها جل احتياجاتك، وذلك لضبط تكلفة الشراء.

·       العمل على إضافة دخل آخر غير دخلك المقرر، مثل البيع والشراء على الأنترنت.

·       يجب الانتباه إلى بعض العروض التجارية التي تقوم بها بعض الأسواق التجارية الكبرى، وذلك من أجل استغلال التخفيضات المتوفرة حينها.

نصائح أخرى لإدارة مصروف البيت

·       يجب عليك تسجيل دخلك على ورقة وبجانبه جل ما تحتاجه أسرتك طوال الشهر.

·       الاعتماد على الأكل داخل البيت بدلا من شراء الأطعمة الجاهزة الباهظة الثمن والغير النافعة.

·       لا تحتاج للانخراط في أية صالات للرياضة ولا أي نادي بالمقابل، قم بتبديل ذلك كله بممارسة العديد من الرياضات البدنية، مثال ذلك رياضة الجري والسباحة والدراجة الهوائية.

·      يجب عليك كتابة قائمة وتعليقها على المطبخ، تتضمن جل حاجياتك الضرورية للشهر القائم، ذلك لتجنب شراء الحاجيات غير الضرورية والذي يتسبب لك في إنفاق الكثير من المال دون أية فائدة.

·       لا تعتمد على القهوة الجاهزة والتي تباع في محل عملك، قم بإعدادها ووضعها في زجاجة، وأخذها معك للعمل.

* مفاهيم

2022/03/16

لماذا لا يجلس زوجي في البيت؟ .. أمام الزوجة مهمة ’صعبة’!

زوجي لا يجلس في البيت شكوى متكررة.. دائماً إما في العمل أو مع أصحابه.. أغيثوني أطلب منه قضاء حاجة من حوائج البيت ولا يقضيها إلا بعد إلحاح دائم وطلبات متكررة.

[اشترك]

 ألبى لزوجي كل احتياجاته إلا أنه لا يجلس في البيت، هذا ما تقوله كثير من الزوجات، وهنا لابد أن نذكر عدة نقاط من خلالها نعالج هذا الأمر: -

النقطة الأولى: - قاعدة هامة: - بل هامة جداً تنساها الكثير من الزوجات وينساها الكثير من الأزواج، والقاعدة هي قول الله تعالى: - (وليس الذكر كالأنثى)، فالرجل عموماً يختلف في تفكيره تماماً عن المرأة التي خلقها الله - سبحانه وتعالى - عاطفية أكثر، أما هو فغير ذلك، هل تذكرين عندما انتقلت من بيت أهلك إلى بيت زوجك، بماذا شعرت عندما زرت أهلك للمرة الأولى؟ كأنك لم تعيشي في ذلك البيت سنوات طوال، لقد أصبح كل اهتمامك وعالمك ودنياك وتفكيرك هو العش الذي تنتقلين إليه.. العاطفة عزيزتي أخذتك إلى عشك الجميل.. وهذه حكمة الله فينا، وأما زوجك فلا أقول لك أن الله لم يهبه العاطفة، لكنه خُلق فيه توازناً عجيبا ًوأيضاً لم يجعل الرجال على درجة واحدة وكذلك النساء، فالبيت للرجل سكناً يأوي إليه ويجد فيه الراحة، ولكن في المقابل ينتظره في الخارج الكثير. لديه من أمور الحياة ما يشغله، والرجل بطبعه اجتماعي يحب مخالطة غيره والاستفادة منهم، فلابد ونحن نتكلم في مسألة خروج الرجل أن نفهم هذه القاعدة جيداً فبها نخطو خطوة كبيرة في حل هذه المشكلة. 

النقطة الثانية: - أسباب كثيرة تدعو الرجل للخروج من بيته حتى نشخص المرض قبل ذكر العلاج: -

كثرة المشاكل بين الزوجين وبالتالي فهو يخرج إلى حيث ما يراه صفاء وراحة، فيكون خروجه فترة للنقاهة من هذه المشاكل، وليس من حل للقضاء على هذا السبب إلا محاولة الصفح والتجاوز عن كثير من الأخطاء، والبحث عن مصدر هذه المشاكل، ومن ثم محاولة القضاء عليها أو تخفيفها إلى درجة لا بأس بها.

ارتباطات الزوج الخارجية: فبعض الأزواج ملتزم بعمل يتطلب منه المتابعة والدقة والخروج الكثير، وبالتالي فهو يبقى خارج البيت أكثر من داخله لأجل هذا السبب من كثرة ساعات العمل أو ارتباطه بعملين يواصل فيهما ليله نهاره ليقضى دينه أو يكفي بيته، وأذكر هنا صديق لي كان يقضى في عمله ثمان ساعات يومياً كحد أدنى ثم يقود سيارته ساعة ونصف بين بيته إلى مكان عمله ومثلها في طريق عودته غير ما يقدمه لدينه، حقيقة لا أعلم ما أقوله لهذا الزوج إلا أن اربت على كتفه وأدعو لزوجته أن يرزقها الوهاب صبراً على صبرها.

علاقات الزوج الاجتماعية: فهو كثير الأصحاب، أو ليس بالضرورة أن يكونوا كثيرين، وإنما ربما مجموعة صغيرة متماسكة لهم استراحة خارج منزلك يسمرون ويسهرون حتى هزيع من الليل، وهذه الحالة هي السائدة لدى كثير من الأزواج، وليس لازماً أن يكون هناك مشكلة بين الزوجين حتى يخرج الزوج إلى خارج البيت.

عدم وجود الراحة التي ينشدها في المنزل: فالبيت مصدر إزعاج له ولم يملك قوة التغيير فاختار الانسحاب على غيره وترك بيته وهرب، وهنا اذكر شكوى لزوجة قالتها لي في زوجها: أنه يأتي من عمله فينام وما أن يستيقظ من نومته مع أذان المغرب حتى يتناول طعامه ويخرج إلى أصحابه ولا يعود إلا مع أذان الفجر وهنا السؤال الطارح لنفسه، تُرى لو كان البيت راحة له فلم يهجره كل هذا الهجران؟!

تأثر الزوج بمرحلة العزوبية وتعلقه بأصدقائه: من أنه يقضى الساعات الطوال مع أصحابه ولم يتغير بعدما تزوج.

النقطة الثالثة: - اجعليه يشعر بالسعادة، وهنا أقول لك إذا كان خروج زوجك يجعله سعيداً، فلماذا تقفين أنت أمام سعادته؟! دعيه يخرج طالما هو يشعر بالسعادة، والطريقة الوحيدة والصعبة أمامك لتبقيه في البيت هي أن توفري له سعادة تنافس سعادة خروجه من المنزل، لا تحاولي أبداً إجباره على الجلوس في المنزل، لأن ذلك سيدفعه للهروب أكثر وأكثر. 

النقطة الرابعة: - فقط اعملي في صمت على جذبه للبيت من خلال النصائح التالية: -

- وفري له المكان المناسب للجلوس، فحافظي على البيت مرتباً نظيفاً كواجهة بهية.

- احرصي على الروائح الطيبة في البيت.

- زوجك ضيف فاكرميه بكل ما تملكين حتى يطول جلوسه معك.

- لا تستقبلي زوجك بالحديث عن المشاكل وما حصل من أحداث سيئة خاصة إذا كان ذلك سيزعجه.

- أظهري حبك واحترامك لزوجك من خلال حديثك معه، فهذا يشعره بالمتعة ويسعده حتى لو لم يعبر عن شعوره.

- جهزي لزوجك الأحاديث التي يحبها، والحديث في الأشياء التي يحبها.

- اهتمي بمظهرك أمامه بطريقة بسيطة، فالملابس الرثة تعطي إشارة للزوج بأنك غير مهتمة به.

- وقبل كل هذا احتسبي الأجر في كل ما تفعلينه وتذكري أنك مأجورة بإذن الله على ذلك، وأكثري من الدعاء له وتحري أوقات الاستجابة.

*محمود القلعاوي

2022/03/15

السيد محمد باقر السيستاني يشخّص ’قيود’ زواج الشباب ويقدّم حلولاً

قد يعتذر بعض الناس بأنه لا يجد الزوج المناسب أو الزوجة المناسبة، والواقع أن هذا الأمر يمكن أن يتفق في بعض الأحوال، ولكن كثيراً ما ينشأ هذا القول عن عدم البحث الكافي والجد في الطلب، أو التمسك بما لا يتاح، أو حصر النفس بخيار غير ملائم. ومن أمثلة ذلك:

[اشترك]

١- أن الفتى قد يرغب في أن يتزوج بفتاة اختارها في الجامعة، لكنه يستحيل أن يصل إليها إلا بما يضر بها ويحطمها ويفسد حياتها وهو يؤثر على حياته أيضاً، ومن الغلط أن يصر الشخص على أن يديم المسيرة في طريق مسدود.

٢- أن يصر على التمسك بفتاة لا تقتنع بإمكاناته وراتبه مع أنه لا يستطيع في ظروفه أن يستزيد منها، والمفروض أن يرفع الشاب اليد عن هذه الفتاة في هذه الحالة لأن موقفها هذا لا يخلو أن يكون من جهة عدم تقديرها لظروفه، فذلك من سقم المودة، أو يكون من جهة عدم استطاعتها حسب ما اعتادت عليه أن تقتنع بمثله، فلا يكون هذا الشاب أولوية لها بالمقارنة مع العناصر التي تفتقدها فيه، وفي كلا الحالين فلا جدوى في هذا التمسك.

وكثير من العلقات من هذا القبيل لا تتجاوز رغبات غريزية نابعة عن ضرب من الذوق الجمالي والتفاعل الأكثر، وليست حدوداً حكيمة ينبغي تقيّد المرء بها وتقييد مستقبله بنطاقها، ومن يتحرر منها ويبحث يجد مراغماً كثيراً وسعةً وتنوعاً في الخلق، ورُبّ جمال واستجابة لم يستتبع السعادة والمودة المرجوة للمرء كما هو الحال فيما إذا لم يقترن بالأصالة والتحمل والصبر وروح المودة بل كان وبالاً وأوجب شقاءً، فلا ضير في الاعتبار بالجمال والترجيح به ولكن لا يصح اعتباره العنصر الأهم عند تزاحم الجهات، فالجمال الروحي والخصال النفسية المناسبة وروح المسؤولية وتقديس الحياة الزوجية أهمّ وأحرى.

هذا، وليس من مقتضيات إلفات نظر الشباب إلى أهمية الزواج في حياة الإنسان القبول بتهييج الرغبات الخاصة والتعلقات العاطفية والارتباطات الخاطئة والإغراءات المتكلفة مبكراً، فإن ذلك كله خطأ فاحش قبل النضج والزواج، بل يوجب الوقوع في الأزمات النفسية والتجارب المبكرة الضارة والسلوكيات التافهة والشواغل اللاهية عن الاهتمامات الأسرية والاجتماعية والدراسية، وإنما المقصود بما ذكرنا الالتفات إلى تحرك الإنسان بحسب سنن الحياة المشهودة إلى الاستقلال عن الأهل وتكوين الأسرة ومسؤولياتها كما يشهده الأطفال بملاحظة من حولهم.

*مقتطف من مقال سماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني: الشباب وأولويات الحياة

2022/03/12

علامات النكد بين الزوجين: الهروب إلى ’العمل’ و ’انخفاض الوزن’!

النكد.. مرض وكَمَد

اتصَلَتْ بي تستشيرني في زوجها الذي هجرها وما عاد يكلمها، وذكَرَتْ أنه مضى على ذلك أكثر من سنة، حتى إنه لا يرد على مكالماتها الهاتفية، وحين تتصل به من هاتف آخر فإنه يُغلق هاتفه فور سماعه صوتها.

[اشترك]

وانطلقت تشرح معاناتها منه، من إهماله لها، وضيقه بها، وانصرافه عنها.

مضت عشر دقائق وهي تتكلم فقلتُ لها أوصيكِ بما يلي، فقاطعتني على الفور: دعني أُكمل لك. قلت: تفضلي.

واصَلَتْ حديثها وهي تعيد كلامها بانطلاق عجيب دون سأم من تكرار كلماتها وأمثلتها، حتى مضتْ عشر دقائق أخرى.

قلت لها: معاناتك واضحة، لكني أريد أن أكلم زوجك حتى أعرف منه لماذا يفعل هذا بك؟

قالت: إنه لا يرد عليّ فكيف سأنقل له رغبتك في أنك تريد محادثته؟

قلت: أعطيني رقم هاتفه وسأتولى الأمر بنفسي.

قالت: لماذا تريد أن تسمع منه ألا تصدق ما أقوله لك؟!

قلت: أصدقكِ، لكني لم أعرف منكِ سبب هجرانه لكِ.

قالت: دعكَ منه، أنا أخبرك..

وراحت تكرر كلامها نفسه، وتصف زوجها بصفات شتى، وتتهمه باتهامات عدة دون أن تذكر لي ما أردتُ معرفته.

قلت: هل تريدين أن أُشير عليكِ دون أن أكلمه؟

قالت: نعم، ولكن بعد أن أشرح لك معاناتي منه ومن هجرانه لي.

قلت: أترين أنكِ لم تشرحي بعد معاناتك؟!!

لم تجبني عن سؤالي، بل رجعت إلى اسطوانتها تديرها من جديد.

قلت لها: الآن عرفتُ لماذا هجرك زوجك، وما عدتُ أحتاج مكالمته لأعرف منه ذلك.

هذا مَثَل للزوجة (النكدية) التي تجعل زوجها يفرّ منها، هرباً من نكدها، وطول لسانها، وتَواصُل شكواها، ولينجو من كثرة تسخطها، وقلة رضاها.

لقد ذَكَرت دراسة بريطانية أن المرأة تُمضي نحو 8 آلاف دقيقة سنوياً في إزعاج زوجها، وهو ما يُعادل ساعتين ونصف الساعة أسبوعياً، و11ساعة شهريّاً.

والنكد الزواجي يُحدِث آثاراً سلبية كثيرة ليس فقط على الزوجين، بل وعلى أبنائهما، وأهليهما، وعلى عَمَل كل منهما، وهذا يجعلنا ندرك خطورته وعظيم ضرره، وأهمية علاجه.

لابد من أن يتعاون الزوجان على الحدّ مِنْه، وأن يتذاكرا أضراره عليهما وعلى حياتهما وأسرتهما، وإذا لم ينجحا في ذلك، فإن عليهما مراجعة استشاري أسري يرشدهما إلى كيفية تجنّبه والتغلب عليه.

وهذه نصائح عاجلة في تجنب النكد بين الزوجين، ومنعه من تحطيم الحياة الزوجية:

- إذا بدأ أحد الزوجين في ممارسة النكد لأي سبب فعلى الآخر المبادرة إلى تغيير الموضوع بلطف وبراعة.

- إذا لم ينجح في تغيير مجرى الحديث فيحسُن مغادرة المكان بهدوء.

- يحتاج الزوج الآخر إلى سعة صدر وحِلْم مضاعف وحكمة في التعامل مع الزوج النكدي.

- يجب أن يُدرك الزوجان أن النكد قد يصير مدخلاً إلى الجدال الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبشَّر من يتركه ببيت في الجنة وإن كان على حق فيما يجادله حوله الآخرون.

- الابتسامة، والتغافل، واللِّين، من الصفات التي حضّ عليها الإسلام وتُسهم بشكل كبير في محاربة النكد إذا استحضرها كل زوج في حياته ومعاملاته مع الزوج الآخر.

- وليُدرك الزوجان أيضاً أنهما بإثارة النكد بينهما إنما يُحقِّقان للشيطان غاية من أعظم غاياته، وهي التفريق بين الزوجين.

ومن باب الطرافة والمزاح ذَكَر أحدهم فوائد للنكد منها أنه يُسهم في صلة الرحم حين يفرّ الزوج من بيته إلى بيت أهله هرباً من نكد زوجته فيُداوم على زيارتهم ويطيل الجلوس عندهم ولا ينقطع عنهم، ومن هذه الفوائد أيضا أنه يجعل الموظف يصل مبكراً إلى عمله هرباً من تنكيد زوجته عليه كل صباح، بينما يتأخر في الخروج من عمله ويُقبل على إنجاز معاملات المراجعين حتى يغيب عن زوجته النكدية أطول وقت ممكن، ومنها أن النكد يُساعد في خفض وزن الزوج حين يَدفعه نكد زوجته إلى القيام عن مائدة الطعام قبل أن يُنهي أكلَه.

إخوتي الأزواج، أخواتي الزوجات، النكد مرض وكَمَد.. فاهجروه للأبد.

د. محمد رشيد العويد

 

2022/03/12

لا تقيّدكم ’الوظائف الحكومية’.. نصائح من السيد محمد باقر السيستاني في ’تحصيل الرزق’

من الأركان الأساسية للسعادة تحصيل الرزق وما يتوقف عليه من وجوه التعلم وكسب المهارات.

[اشترك]

وهو ركن أساس مهم للسعادة، لأن الإنسان بحاجة إلى توفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج وغيرها لنفسه ولأسرته، والمفروض به منذ اكتمال قوامه وبلوغ المراهقة أن يتهيأ لذلك بالتعلم والتخصص أو كسب المهارات الأخرى حتى يستطيع أن يفي بذلك.

والحاجة إلى الرزق حاجة أساسية في سعادة الإنسان، تنبثق منذ بلوغه حد القدرة على العمل والتكسب حتى آخر عمره، فهو لا يستغني عن مكسب يدرّ عليه المال ولو بما يبلغ الكفاف لنفسه ولأسرته، ولا يصح تعويل المرء فيه على آخر حتى لو كان أباه، لأن ذلك إن حصل لبعض الوقت كان مؤقتاً، وربما عوّل المرء على أبيه لفترة تعوّد عليه فتكاسل عن العمل، على أنه لا يحسن بالمرء أن يكون كَلاًّ على غيره في جميع الأحوال، بل الأصل أن يكفي نفسه بنفسه ويعتمد عليها.

كما أن الحاجة إلى الرزق أساس للفضيلة، لأن العوز أساس كثير من الخطايا مثل الخيانة والسرقة والكذب والخديعة والتلبيس وسائر وجوه أكل المال بالباطل، كما أنه قد يؤدي إلى تزلزل العقيدة أو ضعفها، وتعذر الزواج فيوجب خطايا أخرى.

إذاً يجب على كل شاب منذ المراهقة أن يفكر بتحصيلِ سبيلٍ للكسب ويتهيأ له، ويصرف الوقت في التعلم أو كسب المهارات حسب الاستعدادات الذهنية والنفسية والإمكانات المتاحة، كما أن عليه أن يتعلم الاقتصاد في الحياة والقناعة بالكفاف حتى يستطيع أن يعيش ما يتاح له في الحياة من السعادة.

ولا ينبغي للمرء أن يتقيد بسبيل خاص إلى الارتزاق مثل الدراسة الجامعية وما يتفرع عنها، وكالتوظيف في الدوائر الحكومية، فإن ذلك أمر غير ميسر لجميع الناس بطبيعة محدودية إمكانات الدولة واختلاف المطامح والاستعدادات والنفوس والإمكانات، بل المهم أن يكون الشخص ملائماً مع عمله حريصاً عليه متقناً له مقتنعاً به في إدارة ما يحتاج إليه.

*مقتطف من مقال سماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني: الشباب وأولويات الحياة

 

2022/03/10

أخطاء صغيرة تقتل السعادة الزوجية.. تجنّبيها!

تحتاج السعادة الزوجية إلى جهد دؤوب من الزوجين، وقد يفعل الزوجان ذلك، ويبذلان قصارى جهدهما لتحقيق سعادتهما.

[اشترك]

لكن أخطاء صغيرة أو هفوات غير مقصودة تذهب بهذا الجهد أدراج الرياح، وحتى تتجنبي هذه الأخطاء وتحرصي على البعد عنها، عليكِ أوَّلاً بالتعرف عليها.

- تجنبي كثرة السخط وقلة الحمد:

فكثير من النساء إذا سُئلت عن حالها مع زوجها، أبدت السخط، وأظهرت الأسى واللوعة.

وتبدأ عملية المقارنة بينها وبين أختها أو جارتها أو صديقتها، وهي لا تدري مدى تأثير ذلك على مشاعر الزوج، فعلى المرأة أن تدرك بأن شكر زوجها والثناء عليه في حضوره وفي غيابه يزيده إعزازًا لها، وفي كتمان الشكر جحود ودخول في كفر النِّعم.

وليعلم الأزواج أن كلمات الشكر والتقدير بينهما تؤثر على أبنائهما، فيعتادونها في البيت وخارجه عند تقديم أي كلمة طيبة أو مساعدة لهم من أحد، فاعتياد التقدير وشكر الصنيع عادة تتكون داخل البيت، وتمتد إلى كل مسائل الحياة.

- تجنبي كثرة المن:

أيضًا من النساء من تقوم على خدمة زوجها وأهله، وتقدِّم كل ما تستطيع تقديمه ماديًّا ومعنويًّا، ثمّ بعد ذلك تمنُّ على زوجها وتذكِّره بأياديها السالفة وأفضالها، فتؤذيه بذلك.

- إياك وإفشاء الأسرار:

كلا الزوجين مُطالب بكتمان أسرار زوجه وبيته، وهذا أدب عام حث عليه الإسلام ورغّب فيه، سواء كانت تلك الأسرار بالعلاقة الزوجية أو بمشكلات البيت.

فخروج المشكلة خارج البيت يعني استمرارها واشتعال نارها، خصوصًا إذا نُقلت إلى أهل أحد الزوجين حيث لا يكون الحكم عادلاً، لأنهم يسمعون من طرف واحد، وقد تأخذهم الحميّة تجاه ابنهم أو ابنتهم.

- الصمت عدو قاتل للحياة الزوجية:

ليس هناك أجمل من التواصل وشعور المرء أنّ هناك آخر يسمعه ويتأثر بكلامه، ويشاركه لحظات السعادة البريئة، ويخفف عنه هموم الحياة وأحزانها.. ساعتها تنطلق المشاعر التي كانت حبيسة وتغرد في عش الزوجية مع شريك الحياة، ونصفها الحلو هكذا يعيد حوار بسيط المعنى للحياة، ويهوِّن مصاعب كثيرة.

أمّا افتقاده فإنّه يجعل الحياة بين الزوجين كالموت، ويحيلها إلى صحراء جافة، لا ينمو فيها سوى الملل والفتور والكراهية الصامتة بين الطرفين.

ومع مرور الأيام يصبح عش الزوجية كئيبًا ومعتمًا، أو صامتًا صمت القبور.

لا شك أنّ الحياة الزوجية السوية تساعد الطرفين على الشعور بالتحقق والتوافق النفسي، وتتيح الفرصة لكل منهما كي يتبنى أنماطًا سلوكية إيجابية ومقبولة اجتماعيًّا.

والأهم أنّها تُسهم بشكل فعال في إعادة اكتشاف الذات واستخراج الطاقات الكامنة وتنظيمها في سياق أُسري مترابط، يعطي للحياة أجمل معانيها.

ويعدّ الصمت بين الزوجين أحد الأسلحة الهدامة التي تقضي على التوقعات الإيجابية المأمولة من الحياة الزوجية، والتي تجعل كل شاب أو شابة يضحي بأشياء كثيرة -منها قدر من حرِّيته الشخصية- في سبيل تأسيس حياة زوجية سعيدة.

عادة يترتب على الصمت الذي تغرق فيه العلاقة الزوجية حدوث أزمة حقيقية، فالزوج يشعر أنّه يشقى في العمل، وأن زوجته لا تقدِّر تضحياته أو ما يبذله من جهد، والزوجة من جهتها تشعر أن زوجها يُهمِلها، وأنّه يعاملها كما لو كانت شيئًا من أشياء البيت، ليس أكثر.. إنّه لا يحترمها، ولا يستشيرها في أمر، ولا يهتم بمشاعرها، وإن فعل، فلكي يتجنب الإحراج أمام الآخرين فقط.

من هنا يسود جو من عدم التفاهم، وعدم الثقة، نتيجة لانقطاع التواصل بين الزوجين.

كما أن معدل الحديث بينهما قد لا يتجاوز الدقائق يوميًّا، وقد يكون عن أمور تافهة لا أهمية لها، مثل شراء ملابس الطفل، أو ماذا تأكل غدًا، وماذا قالت فلانة! هذا الانقطاع وعدم التواصل هو السبب الأكبر في سوء التفاهم، وفي الانفصال الرسمي أحيانًا.

فالطلاق العاطفي والنفسي قد يسبق الطلاق الفعلي، وحين يسود الصمت بين الزوجين لا يعود هناك مجال للتفاهم، إلا إذا قرّر الاثنان العودة.

*كتاب استمتع بحياتك وعش سعيدًا - اريج الحسني

 

2022/03/10

التربية العشوائية.. أبناء حسب الظروف!

التربية العشوائية هي أن تربي أبناءك "على مزاجك"، أو وفقا لما تربيت أنت عليه، وفي الغالب هي مزيج بين الاثنين، فالأزواج الجدد غالبا ما يتسامرون حول الأسماء التي يودون منحها لأطفالهم.

[اشترك]

 تحكي الزوجة لزوجها عن مدى حبها للأولاد وأنها تود أن ترزق بولد يشبه أباه لأنها تحبه كثيرا، أما الزوج فيحدث زوجته عن أمنيته في أن يرزقه الله بابنة، لأن البنات أحن على الآباء من الصبيان.. ثم إن البنت قد تدخل أباها الجنة إذا أحسن تربيتها.. لكن هل يتحدث الوالدان عن طريقة تربية الأبناء؟ وهل يأتي الزوج بكتاب عن تربية الأبناء كي تقرأه الأم قبل وضعها.

آباء وأبناء

تقول سميرة 25 سنة: أنا أحب الأطفال بشدة، وأتمنى من الله أن يرزقني بطفلة جميلة لأنني سأقوم بتربيتها كما تربيت، فقد رباني أبواي والحمد لله أحسن تربية، على القيم والأخلاق الحميدة.. ولكني فقط خائفة ألا أنجح في تربية ابنتي كما رباني أبواي.

أما محمد فيقول: بالطبع التربية مهمة المرأة.. فالأب غالبا خارج المنزل، والأم هي المكلفة بتربية الأبناء، وإذا طلبت زوجتي كتابا يتحدث عن كيفية تربية الأبناء سأعطيها المال لتشتريه.. فلا مانع لدي في أن تقرأ زوجتي عن تربية الأبناء.

ومن جانبه يقول هاني: بالطبع لا أريد أن أربي أبنائي تربية عشوائية، ولكني في نفس الوقت لن أربي أبنائي وفقا للنظريات الحديثة الخاصة بعدم ضرب الأبناء نهائيا وعدم تعريضهم لأي مواقف صعبة، فأنا أعمل مدرسا وأعلم جيدا أن الأولاد إن لم يتربوا جيدا فإنهم سيخرجون للمجتمع لا يهمهم شيء، وهنا سينطبق المثل القائل: "على نفسها جنت براقش"، على آباء هذه الأيام.

وأخيرا كان لـ "هناء" هذا الرأي: أربي أبنائي بشكل جيد، وأحاول أن أتبع كل ما أقرأه عن التربية الجيدة والمناسبة لأطفال هذا الزمان، ولكني في حالات الغضب أو الضغط لا أستطيع أن أتبع هذه الأساليب التي "تفقع المرارة"، فأبنائي أشقياء وأحيانا لا يصلح معهم إلا الحزم والتهديد والصراخ، أما في حالتي الهادئة فإنني أعاقبهم كما يقول الكتاب.

حكاية مجتمع

وفي تعليقها على هذه الآراء تروي فاطمة المهدي، المستشارة التربوية، قصة مجتمعنا العربي من خلال قصة صديقتها فتقول: سألتني صديقة: هل للزواج الناجح شروط؟ أجبت: بالطبع، وكيف لا؟ ثم أعددت لها شروط الزواج الناجح.. ومرت الأيام.. وتزوجت صديقتي.. فرحت لخبر حملها الأول، ووضعت صديقتي مولودها.. ومرت الأيام.. والسنون، وانتظرت أن تسألني صديقتي عن شروط التربية الناجحة، لكنها لم تفعل.. التزمت الصمت أو آثرته أو هكذا هي فهمت أنها بمجرد الزواج والإنجاب فكأنما وصلت إلى غايتها الكبرى في الحياة، وجاءت اللحظة التي كنت أتوقعها منذ فترة.. "صديقتي تعاني في تربية ابنها".. (لا تعلم كيف تواجه عناده- احتياجاته العمرية- لا تعلم كيف تتواصل معه فهو على حد تعبيرها أفقدها صوابها).

تستطرد المستشارة فتقول: سألت نفسي نفس السؤال الذي يراودني عند حل كل مشكلة: فنحن في بلادنا نقوم بالتحضير ليوم الزفاف، الضيوف، فستان ليلة العمر، مكان الفرح، حتى أننا نرتب للطعام الذي نأكله في هذا اليوم قبلها بفترة ليست بقصيرة.. ولكننا في المقابل للأسف لا نطلع على كتالوج الزواج الناجح، ومن ثم التربية الناجحة.. ننسى أو نتناسى أو تلك هي ثقافة مجتمعاتنا التي نصر كتربويين على محاولة تغييرها، وكأننا نسبح ضد التيار.

لماذا لا نطلع على كتالوج التربية قبل الزواج وقبل الحمل أو حتى قبل الوضع؟ فنحن نذهب للطبيب عندما نعاني ألما، وإلى الطبيب النفسي عندما تنتابنا مشكلات نفسية، لكننا وللأسف لا نتبع تلك القاعدة التي نرددها ليل نهار: "الوقاية خير من العلاج".

فتلك المقولة لا تتعدى طرف اللسان، ولا نحاول أبدا أن نطبقها إلا بعد أن تقع الكارثة.

أما بالنسبة للمصطلحات الخاصة بالتربية العشوائية والتربية المنظمة والتربية العلمية، فهي في حقيقة الأمر قد تكون مصطلحات متعارف عليها في مجتمعاتنا بالاسم، ولكننا نراها رأي العين عمليا في بعض الأسر، وأكثرها على الأغلب "التربية العشوائية"، وبالرغم من اختلافي مع التربية العشوائية - رغم أنها الأكثر انتشارا- إلا أنني لست مع التربية العلمية أيضا، لأن أنجح طريقة في التربية هي "التربية الناجحة أو الفعالة"، ولأن هذا المصطلح كبير ومطاط فهناك آباء يرون أن النجاح هو إلحاق أبنائهم بمدارس أجنبية تلبي لهم كل احتياجاتهم التربوية والتعليمية، وهناك آباء يرون أن النجاح هو نجاح الدراسة.. وهناك من يرون أن النجاح هو أن يحصل أبناؤهم على ميداليات وشهادات تقدير في الرياضة التي يلعبونها.

وتكمل كلامها فتقول: إن التربية الناجحة لا تأتي بالاطلاع على الكتب العلمية أو الدورات التربوية فقط، ولا تأتي بالتعنيف والضرب، إنما تأتي بالتواصل الحميم مع الأبناء، هذا التواصل الذي يحوي بين طياته الرفق في بعض الأمور والحسم في أمور أخرى.. تأتي تلك التربية بالتوجيه السليم في الوقت المناسب، لن تأتي تلك التربية إلا من أب وأم واعيين لدورهما جيدا.. يمسكان العصا من المنتصف، مشاعر حب ومودة وتوجيه وحزم في آن واحد.. وأخيرا فلابد أن يعلم جميع الآباء أن التربية الناجحة تحتاج إلى جهد ووقت وصبر.

تعريفات هامة

ومن جانبها تقول أميرة بدران، الأخصائية النفسية: إن التربية العشوائية هي تربية تلقائية لا تركيز فيها إلا على سد الاحتياجات الأساسية بشكل كبير من طعام، وشراب، وملابس، وتعليم قدر الإمكان، وغيره من الأساسيات، يكون فيها الأب والأم في حالة دأب على تلبية كل المطالب بحب كبير للأبناء ناتج عن طبيعة فهمهم للمسئولية تجاه الأبناء، والمتمثلة من وجهة نظرهم في تلك الأساسيات، ومنها أن الوالديّة عطاء وتضحية؛ لذلك فإن هذا النوع من التربية ينتج لنا أبناءً حسب ما تجود به الظروف المحيطة.. فقد يكون مساندا لتلك التربية العشوائية مناخ صحي وصحبة جيدة، فتكون شخصيات الأبناء في حالة من التكيف الجيد مع العلاقات الخاصة بالمجتمع، والذات، والمستقبل.

أما إذا كان المناخ المصاحب لهذه التربية غير صحي، بالإضافة إلى صحبة السوء وضعف السلطة الوالديّة - حيث إن هذا النوع من التربية يعتمد على عطاء الأبوين وحبهما - فإنه قد ينحرف الأبناء ولكن بمستويات متفاوتة حسب الخبرات والظروف.

وتضيف أميرة قائلة: إن التربية العشوائية توفر عنصر مهم جدا من عناصر الحاجات الأولية للتربية، ألا وهو الحب والرعاية التي توصل للابن رسالة مهمة جدا له في الحياة، وهي أنه شخص محبوب ويستحق الاهتمام، فيثق الابن في نفسه رغم غياب الرعاية النفسية المتخصصة في التعامل مع مراحل العمر المختلفة للأبناء، وتتوقف بشكل كبير على الوالدين وفهمهم للتربية ونظرتهم لها، فنجد مثلا نماذج مثل طه حسين، وزويل، والشعراوي، أبناء لتلك التربية.. وفي المقابل نجد "التوربيني"، وأطفال الشوارع هم نتاج لنفس التربية التي تتوقف في كل الأحوال على طبيعة فهم وإدراك الوالدين للتربية من وجهة نظرهم.. ويمكن القول إن التربية العشوائية كالبطيخة "اما تصيب او تخيب" (أي: أصابت أو خابت).

أما بالنسبة لنوع التربية الآخر المعروف بالتربية "النفسية"، والتي يتعامل فيها الآباء بحرص شديد وفقا للتعامل السليم من الناحية النفسية ومواجهة مشكلات الأبناء، فإن هذا النوع من التربية قد وجد في المستويات الاجتماعية العليا، وغالبًا ما يكون الوالدان على درجة ثقافية جيدة جدا ويتبعون كل ما يشير له علماء النفس في التربية، وهي تنتج لنا أبناء ناجحين على المستويات العلمية والاجتماعية، ولكنها تفتقر لدرجة كبيرة نسبيًا للوجدان والعاطفة، فنجد الأبناء يتعاملون مع كل شيء، سواء أنفسهم أو علاقاتهم الاجتماعية أو الدراسية أو غيره، وفقا لكتالوج "ما يجب أن تكون عليه الأمور"، والذي يعرفونه جيدا وكأنهم آلات تفتقر للمرونة، وهؤلاء الأبناء يكونون على درجة كبيرة من الحذر والحفاظ على ارستقراطية العلاقات.

أما التربية "المتوازنة" فهي فعلا تلك التربية التي تأخذ من مميزات كل نوع من أنواع التربية وتتفادى عيوبها قدر الإمكان، فتوازن بين العطاء والتدليل، وبين القسوة والحزم، وبين السيكولوجية والوجدان، في إطار شامل للدين ودرجة مقبولة من المرونة التي تسمح ببناء شخصية الابن بشكل سوي قدر الإمكان، والتي توفر عنصر الاحترام والمصداقية والمرجعية الناضجة.

ولم تتوفر أي إحصائيات يمكن الاستناد عليها حتى الآن بخصوص التربية الشائعة في الوطن العربي، ولكنها تتراوح بين التربية العشوائية والتربية القاسية والنفسية بقدر تقدم البلد العربي وثقافته المتغلغلة فيه.

*ليلى حلاوة

2022/03/10

من أين يبدأ الشباب: السيد محمد باقر السيستاني يضع 4 أسس للحصول على ’السعادة’ و ’الفضيلة’

ينشر «موقع الأئمة الاثني عشر» مقالاً جديداً لسماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني عن أولويات الشباب في الحياة ومنها السعادة والفضيلة، أدناه نص المقال كما ورد:

[اشترك] 

الشباب وأولويات الحياة:

السؤال:

ما هو التوجيه الملائم للشباب على وجه ميسّر حتى لا يضيعوا وحتى يسيروا في مسيرة صحيحة وصائبة، وكيف يهتدي الشاب إلى تنظيم حياته وأولوياته فيها ويرجح الأهم منها؟

بسمه تعالى:

إنّ من الضروري أن يكون خطاب الشباب خطاباً راشداً مبنياً على العقلانية والنصح، لأن الإنسان كائن عاقل، فإذا أثيرت له كوامن عقله ودفائنه وعى واستجاب، وإذا كان الخطاب بلغة النصح بمعنى النظر إلى مصلحته لا مصلحة من يخاطبه مثل الأب والمعلم، ولا من منطلق الفرض والقهر نفذ الخطاب في قلبه واهتزت مشاعره وانساقت نفسه.

وملاحظة أولويات الحياة وترجيح الأهم منها مدخل مناسب لانتباه الإنسان إلى الاهتمام والسلوك اللائق به منذ بدايات الرشد في عمر المراهقة وحتى آخر عمره، لأنها قضية فطر الإنسان عليها ولا تحميل عليه فيها، فهو يذعن بها إذا خوطب بها، لأنه يكون تذكرة فحسب، وليس قضية نظرية تحتاج إلى استدلال.

لكن من الضروري بيان ارتباط هذه القضية بمفردات الحياة وانطباقها عليها لتكون منهجاً وسلوكاً للإنسان.

وفي هذا السياق ننبه على أن أولويات الحياة للإنسان تدور مدار مفردتين([1]) فطر الإنسان على طلبهما: السعادة، والفضيلة.

فالسعادة هي مفهوم واضح، وهو أن يعيش الإنسان الراحة والرفاه والمتعة، ولا يعيش الشقاء والعناء والأذى والمكروه والألم والقلق والخوف والضيق.

ولكن من البديهي أن الحياة لا تخلو عن مكروه وأذى كالأمراض والحوادث المؤذية وعدوان الآخرين.

وعليه: فإنه لا يسع الإنسان أن يتوقى كل أذى ويعيش الراحة المطلقة، ولكنه ينبغي أن يختار الأهم والأدوم والأوثق، ولا يقدم متعة عاجلة على ضرر باقٍ وعناءٍ يدوم.

وأما الفضيلة فهي القيم الراقية التي فطر عليها الإنسان التي يجد الإنسان اندفاعاً إليها لذاتها، وليس تحرياً لسعادة أو مصلحة أو دفعاً للضرر، مثل العدل والصدق والوفاء بالعهد والعفاف والإحسان والرحمة والأدب وأخواتها، وهي أيضاً أمور بديهية فطر الإنسان عليها كما قال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}([2]).

وأهم العناصر الدخيلة في السعادة الأبقى والأدوم للإنسان والفضيلة اللازمة له هي عدة عناصر تمثل حاجات عميقة ومستمرة للإنسان وتضمن له السير على المبادئ الفاضلة في الحال نفسه، وهي بذلك أركان حياة الإنسان وبُناه ودعائمه وأسسه، ومثلها بالنسبة إلى كيان الإنسان مثل أسس البناء بالنسبة إليه، وهي أربعة أسس:

 

الأساس الأوّل: العقيدة الراشدة بالإيمان بالله سبحانه والدار الآخرة والرسل والأوصياء، وما يستتبعها من ممارسات مثل الإتيان بالفرائض وزيارة المراقد وحضور المآتم وتجنب المآثم.

فهذا الأمر هو الأساس الأوّل للسعادة المستدامة وهو أعمق أركانها وأبعدها تأثيراً في سعادة الإنسان من حيث العمق والامتداد لعدة أسباب، منها:

أوّلاً: ـــ وهو الأهم ـــ إنه يتصل بالخلود، إذ بها يستبين السبيل المستقيم في هذه الحياة، ويجد الإنسان ربه، كما يجد به الرسالة المبعوثة من قبله التي تشتمل على الإنباء باليوم الآخر، والمثل العليا في الحياة، ولا سعادة للإنسان إذا كان خالداً إذا أهمل الآخرة فلم يستعد لها مهما عاش من المتع واللذائذ في هذه الدنيا، كما قال سبحانه: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}([3])، {وَمَا هَـذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}([4]).

ثانياً: أن التعاليم الدينية تستجيب لحاجات الإنسان على الوجه الأمثل، فهي توفر الحاجات الروحية والمعنوية وترسم للإنسان المثل الأعلى، كما إنها تقي الإنسان من كثير من المفاسد من الفواحش والموبقات، كما نلاحظ ذلك في العديد من الشباب الملتزمين بالمقارنة مع آخرين وقعوا في مفاسد نتيجة ضعف الالتزام بالدين([5]).

ثالثاً: إن من عرف الله سبحانه اطمأن به واستكنّ إليه وأمل فيه وتوكل عليه واستعان به، وهو سبحانه مستجيب لعبده، ذاكر له، معنيّ برجائه ودعائه وفق ما تسعه مقاديره لهذه الحياة، كما قال سبحانه: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}([6])، وذلك مما يزيد سعادة الإنسان في هذه الحياة كما نجده لدى المؤمنين بالدين.

ثمّ العقيدة الصحيحة والعمل الصالح عماد للفضيلة أيضاً، لأن معرفة الله سبحانه والإذعان به وبرسالته ورسله وأوصيائهم شكر لله سبحانه الذي يدين له المرء بالإنعام في أصل وجوده ثمّ في كل ما يتمتع به من وجوه النعم والإحسان إذ هي بين ما كانت جاهزة له لا دخل له في صنعه كوجود الأبوين وعطفهما، وما كان له دخل فيها ولكن كانت مباديها وأدواتها كلها من الله سبحانه، كما قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}([7])، وقال سبحانه: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}([8]).

الأساس الثاني: ـــ لحياة الإنسان ـــ تكوين الأسرة السليمة من خلال زوج أو زوجة وأولاد.

فذلك ركن آخر أساس للسعادة، إذ الإنسان قد فُطر في جسده وتكوينه النفسي على الحياة الأسرية، فلا تنقضي طفولته ويصل إلى سن البلوغ إلا ويتهيأ نفسياً وجسدياً لتشكيل الأسرة وتبرز فيه مبادئه ونوازعه حتى إذا نضج بعد مرور فترة المراهقة تزوج وعاش حياته كلها مع أسرته يسعد ويشقى معهم ويجده قَدَرَهُ مرتبطاً بهم، ولو تأمل المرء أحوال والديه وأقاربه وسائر من حوله لوجد ذلك عياناً.

ولذلك على الإنسان منذ أوّل مراتب الرشد عند المراهقة أن ينتبه إلى أنه يتحرك إلى تكوين الأسرة، وتكوين الأسرة يقتضي أن يكون للإنسان شخصية لائقة ومحترمة في داخل أسرته وفي المجتمع العام، ليصلح أن يكون رجلاً يرعى الأسرة وينفق عليها ويربي الأولاد ويوصلهم إلى الحياة المستقلة على وجه لائق، أو تكون امرأة تصلح أن تكون عماداً للأسرة وحاضنة للأولاد ومربية لهم حتى استقلالهم لحياتهم الخاصة.

وهذه اللياقات إنما تحصل بالتربية الحسنة المبكرة من قبل الأبوين منذ الطفولة ثم اهتمام المرء نفسه منذ الرشد على مزيد من التعقل والاستيعاب لمقتضيات الحياة ومعرفة الطريقة السالكة والحذر عن التجارب المريرة التي تورث الندامة حين لا مندم.

ومن الخطأ ما يفعله بعض الآباء والأمهات من ترك الطفل حراً حتى يكبر، ويقولون في مثله: (دعه ليتنفس) و(هناك وقت حتى يكبر)، وذلك لأن الطفل لا بدّ أن يكون له مساحة من الحرية لكنه لا بدّ أن يتلقى مع ذلك التربية السليمة بالطرق الملائمة منذ بدايات صلوحه لمعرفة الأشياء واكتساب العادات، إذ يستحيل تغييره عما رسخ فيه من ذهنيات وعادات وسلوكيات لاحقاً، وكم من فتى أو فتاة شقي بعدم التربية السليمة والوقوع في التجارب الضارة التي لا تنمحي آثارها السلبية على نفس الإنسان، ولم ينجح في توفير أركان السعادة في الحياة الأسرية والعامة في أثر ذلك، وكم من فتى أو فتاة تعهد والداه بتربيته ورعايته على وجه ملائم فنبت نباتاً حسناً وكان رائعاً في شخصيته وسمته وسلوكه وفهمه، ولكلٍ نماذج مشهودة للجميع.

إذاً تكوين الأسرة ركن أساس للسعادة، لأن الإنسان إنما يحيى ويعيش ويسعد مع أسرته التي يكوّنها، فهو طيلة عمره يكون قرين هذه الأسرة، ولا مناص له عن ذلك، فإن عاش المرء سعادة في أسرته فتلك الجزء الأهم من السعادة في الحياة وإن كان هناك مشاكل خارج الأسرة.

كما أن تكوين الأسرة ركن أساس لرعاية الفضيلة، لأن للإنسان حوائج جسدية ونفسية فُطر عليها، فإن استجاب لها وفق ما خطط له في فطرته استطاع الحفاظ على المبادئ التي زُوّد بها وفُطر عليها، وإلا ابتلي بوجوه من الانحراف والخطيئة والعقد النفسية الناشئة من الحرمان، وذلك مما يوجب ممارسة الإنسان لأنواع من الظلم والعدوان والازدواجية والشذوذ والانحراف وكثير من الخطايا، ولذلك جاء في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن من تزوّج أحرز نصف دينه.

فالزواج الملائم نعم العون على رعاية الفضائل وتجنب الرذائل ومراعاة الحدود والاستقامة في السلوك، ومن تجنبه كان عرضة لوجوه من الخطايا أو الأخطاء.

وقد يعتذر بعض الناس بأنه لا يجد الزوج المناسب أو الزوجة المناسبة، والواقع أن هذا الأمر يمكن أن يتفق في بعض الأحوال، ولكن كثيراً ما ينشأ هذا القول عن عدم البحث الكافي والجد في الطلب، أو التمسك بما لا يتاح، أو حصر النفس بخيار غير ملائم. ومن أمثلة ذلك:

١- أن الفتى قد يرغب في أن يتزوج بفتاة اختارها في الجامعة، لكنه يستحيل أن يصل إليها إلا بما يضر بها ويحطمها ويفسد حياتها وهو يؤثر على حياته أيضاً، ومن الغلط أن يصر الشخص على أن يديم المسيرة في طريق مسدود.

٢- أن يصر على التمسك بفتاة لا تقتنع بإمكاناته وراتبه مع أنه لا يستطيع في ظروفه أن يستزيد منها، والمفروض أن يرفع الشاب اليد عن هذه الفتاة في هذه الحالة لأن موقفها هذا لا يخلو أن يكون من جهة عدم تقديرها لظروفه، فذلك من سقم المودة، أو يكون من جهة عدم استطاعتها حسب ما اعتادت عليه أن تقتنع بمثله، فلا يكون هذا الشاب أولوية لها بالمقارنة مع العناصر التي تفتقدها فيه، وفي كلا الحالين فلا جدوى في هذا التمسك.

وكثير من العلقات من هذا القبيل لا تتجاوز رغبات غريزية نابعة عن ضرب من الذوق الجمالي والتفاعل الأكثر، وليست حدوداً حكيمة ينبغي تقيّد المرء بها وتقييد مستقبله بنطاقها، ومن يتحرر منها ويبحث يجد مراغماً كثيراً وسعةً وتنوعاً في الخلق، ورُبّ جمال واستجابة لم يستتبع السعادة والمودة المرجوة للمرء كما هو الحال فيما إذا لم يقترن بالأصالة والتحمل والصبر وروح المودة بل كان وبالاً وأوجب شقاءً، فلا ضير في الاعتبار بالجمال والترجيح به ولكن لا يصح اعتباره العنصر الأهم عند تزاحم الجهات، فالجمال الروحي والخصال النفسية المناسبة وروح المسؤولية وتقديس الحياة الزوجية أهمّ وأحرى.

هذا، وليس من مقتضيات إلفات نظر الشباب إلى أهمية الزواج في حياة الإنسان القبول بتهييج الرغبات الخاصة والتعلقات العاطفية والارتباطات الخاطئة والإغراءات المتكلفة مبكراً، فإن ذلك كله خطأ فاحش قبل النضج والزواج، بل يوجب الوقوع في الأزمات النفسية والتجارب المبكرة الضارة والسلوكيات التافهة والشواغل اللاهية عن الاهتمامات الأسرية والاجتماعية والدراسية، وإنما المقصود بما ذكرنا الالتفات إلى تحرك الإنسان بحسب سنن الحياة المشهودة إلى الاستقلال عن الأهل وتكوين الأسرة ومسؤولياتها كما يشهده الأطفال بملاحظة من حولهم.

الأساس الثالث: ـــ لحياة الإنسان ـــ تحصيل الرزق وما يتوقف عليه من وجوه التعلم وكسب المهارات.

فهذا أيضاً ركن أساس مهم للسعادة، لأن الإنسان بحاجة إلى توفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج وغيرها لنفسه ولأسرته، والمفروض به منذ اكتمال قوامه وبلوغ المراهقة أن يتهيأ لذلك بالتعلم والتخصص أو كسب المهارات الأخرى حتى يستطيع أن يفي بذلك.

والحاجة إلى الرزق حاجة أساسية في سعادة الإنسان، تنبثق منذ بلوغه حد القدرة على العمل والتكسب حتى آخر عمره، فهو لا يستغني عن مكسب يدرّ عليه المال ولو بما يبلغ الكفاف لنفسه ولأسرته، ولا يصح تعويل المرء فيه على آخر حتى لو كان أباه، لأن ذلك إن حصل لبعض الوقت كان مؤقتاً، وربما عوّل المرء على أبيه لفترة تعوّد عليه فتكاسل عن العمل، على أنه لا يحسن بالمرء أن يكون كَلاًّ على غيره في جميع الأحوال، بل الأصل أن يكفي نفسه بنفسه ويعتمد عليها.

كما أن الحاجة إلى الرزق أساس للفضيلة، لأن العوز أساس كثير من الخطايا مثل الخيانة والسرقة والكذب والخديعة والتلبيس وسائر وجوه أكل المال بالباطل، كما أنه قد يؤدي إلى تزلزل العقيدة أو ضعفها، وتعذر الزواج فيوجب خطايا أخرى.

إذاً يجب على كل شاب منذ المراهقة أن يفكر بتحصيلِ سبيلٍ للكسب ويتهيأ له، ويصرف الوقت في التعلم أو كسب المهارات حسب الاستعدادات الذهنية والنفسية والإمكانات المتاحة، كما أن عليه أن يتعلم الاقتصاد في الحياة والقناعة بالكفاف حتى يستطيع أن يعيش ما يتاح له في الحياة من السعادة.

ولا ينبغي للمرء أن يتقيد بسبيل خاص إلى الارتزاق مثل الدراسة الجامعية وما يتفرع عنها، وكالتوظيف في الدوائر الحكومية، فإن ذلك أمر غير ميسر لجميع الناس بطبيعة محدودية إمكانات الدولة واختلاف المطامح والاستعدادات والنفوس والإمكانات، بل المهم أن يكون الشخص ملائماً مع عمله حريصاً عليه متقناً له مقتنعاً به في إدارة ما يحتاج إليه.

الأساس الرابع: ـــ لحياة الإنسان ـــ التعامل اللائق مع الناس في الاجتماعات الخاصة والعامة من الأسرة والقرابة والمدرسة والدائرة والشركاء وأصحاب المحلات والمجتمع العام.

فهذا عنصر آخر من العناصر الأساسية في حياة الإنسان ودخيل في سعادته، فإن الإنسان إنما يعيش في ضمن المجتمع لا محالة ولا يستغني عن حسن العلاقة مع أفراد المجتمع ليعيش سعيداً، فالانعزال عن الآخرين غير ممكن، ولو تيسر أوجب الكآبة والقلق وسوء الظن وعوارض أخرى، والارتباط السيء يعود على الإنسان بمثله ويحطمه داخلياً ويوجب له القلق والاضطراب ويفقده الراحة والطمأنينة.

كما أنه عنصر أساس في الفضيلة والرقي، لأن التعامل اللائق مع الآخرين اختبار حقيقي للإنسان في ما ينطوي عليه من الخصال الحسنة والكريمة، فالحياة الاجتماعية هي التي تبين جوهر الإنسان وتكشف عن مكنونه وتبين مكونات شخصيته.

إذاً على الإنسان أن يعرف مبادئ التعامل اللائق ويكتسب المهارات الاجتماعية المناسبة حتى يعيش سعيداً وراقياً.

وينبغي أن يعلم الإنسان أن ثلاثة أرباع السعادة نفسية وربعها مادية، فالمرء يفتقر في الراحة بحسب فطرته إلى أمور مادية محدودة وهي الأشياء التي فطر على الحاجة إليها كالكفاف من الزواج والطعام والمسكن والملبس، ولكن قد يحتاج إلى كثير من الغنى النفسي حتى يعيش السعادة والهدوء والطمأنينة بما يجده من الكفاف، فكم من شخص يعيش بإمكانات متواضعة حياة هانئة وسعيدة وهو مليء بالرضا والسعادة والتفاؤل والقناعة، على أنه قد يسعى لمزيد من الإمكانات من دون جشع وحرص وقلق ولا ارتكاب للمآثم ولا التجاء إلى الخطيئة، ينظر في الحياة إلى من هو دونه ويشكر الله تعالى على ما زيد له على ذلك، وآخر يعيش بإمكانات مضاعفة لكنه لا يشعر بالراحة والسعادة لأنه يشعر بنقصان ما لديه شعوراً حاداً ومؤذياً لإصابته بنوع من النهم في الرغبات المادية، فهو كالذي يشعر بالجوع والعطش مهما أكل وشرب، أو لمقارنته نفسه دوماً بمن هو أعلى منه في إمكاناته وتنافسه معه ووضعه إياه مثلاً أعلى لنفسه، أو للاهتمام المبالغ فيه بحديث الناس عنه وعن غيره وملاحظة تقديرهم أكثر لمن ملك إمكانات أعلى، فهو مهما يسعى أو يرتقي يعيش ساخطاً محتقراً لما لديه، تصيبه الكآبة والقلق والاضطراب وتراوده دائماً مشاعر الغبطة والحسد والعداء، وقد يستحل في الوصول إلى مزيد من الإمكانات المآثم والمحرمات ويرتكب المحظورات وقد لا يرضى من شؤون حياته إلا بعقله وأخلاقه وإيمانه وقدراته، فهو عند نفسه إنما تعوزه المادة والمال وينقصه الحظ ولا تساعده المقادير، ولا يعلم أن شقاءه إنما هو من جهة نفسه ونفسيته وليس لعوز مادّي حقيقي بتاتاً.

هذه عناصر أربعة أساسية في الحياة.

فعلى المرء أن يسعى إلى تحصيل هذه العناصر بمستوى ملائم منذ بداية رشده ويستعد لذلك من خلال مؤهلاته الذهنية والنفسية والسلوكية ليعيش السعادة المتاحة له والفضيلة اللائقة به في هذه الحياة، ولا يستسلم للهواجس الضارة والمؤذية والموجبة للكسل والإهمال واليأس، ولينظر إلى الحياة من علٍ ليلاحظ أصناف الناس وأحوالهم، وليعتبر بالتجارب السابقة ونصائح الأولياء ممن اتصف بالحكمة وعاش التجربة واكتسب الخبرة، وليتجنب المطامح غير الواقعية والمقارنات غير الموضوعية، ويعلم أن هناك حدوداً تفرضها مقادير الحياة ولا يسع لأحد أن يتجاوزها أو يقع فيما هو أضر منها، وأن على كل نعمة ضريبة وعن كل ابتلاء تخفيف، وسوف يقدّر الله سبحانه لمن ضاقت به الحياة ما اتفق له فيها، وقد قال سبحانه: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}([9]).

كما أن على الوالدين والأساتذة والمعلمين وسائر المؤثرين في الآخرين أن يقوّوا في الأولاد والتلاميذ وعامة الناس الوعي بهذه العناصر ويعرّفوهم بمقتضياتها وتطبيقاتها في حياتهم، ويضخّوا فيهم روح الرشد والعزيمة والاستعداد للمستقبل، ويساعدوهم على تكوين شخصية ملائمة.

وعلى الدولة والجهات والأفراد التي تملك إمكانات مناسبة لمعونة الآخرين أن تهتم بمساعدة الجيل الناشئ على تكوين نفسه ثقافياً ومعنوياً ومادياً حتى يوفق في تكوين حياة تتوفر على أساسيات السعادة

وإن الإنسان المؤمن ليجد في تعاليم الدين حافزاً على كل المعاني الحكيمة والراشدة المتقدمة ويجد في الإله الخالق سبحانه راعياً له في هذه الحياة فيتوكل عليه ويثق به وبما أودعه فيه من قدرات كامنة، ويجد في أئمة الدين مُثُلاً عليا يقتدى بها، ويعلم أن هذه الحياة على كل حال ليست النهاية ولا الغاية، ورُب خير انبثق من معاناة، ورُب راحة استتبعت عناءً، فلا ينبغي أن ييأس المرء من بعض النواقص والحرمان، ولا أن يشعر بالمرارة لتميز غيره في شيءٍ، وليتعامل مع بيئته وامكاناته وفق ما يتاح له بالحكمة، وقد قال سبحانه: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}([10])، وقال تعالى بعد الوصية بالصلاة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([11])، وقال عز من قائل: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّـهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّـهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}([12]).

 


([1]) لاحظ في تفصيل ذلك كتاب (ضرورة المعرفة الدينية) ـــ من سلسلة منهج التثبت في الدين ـــ.

([2]) الشمس: 7 ـــ 8.

([3]) الرعد: 26.

([4]) العنكبوت: 64.

([5]) لاحظ في هذا السبب وما يليه: كتاب (اتجاه الدين في مناحي الحياة)، محور الدين والسعادة.

([6]) النمل:62.

([7]) الإنسان: 3.

([8]) إبراهيم: 34.

([9]) الشورى: 43.

([10]) البقرة: 269.

([11]) الجمعة: 10.

([12]) النساء: 32.

2022/03/09

كيف أبتعد عن المشاكل؟!

الحياة صعبة جداً، وفي خضمِّها العديد من الأحداث التي تؤثّر علينا بشكل عام، فالحياة أصبحت عبارة عن مجموعة مركبة من التراكمات التي تسببها العديد من العلاقات غير المجدية، والتي لا تؤثر إلّا بالشكل السلبي على حياتنا.

[اشترك]

 فلو أردت مثلاً أن تتعرف على صديقٍ جديدٍ فعليك أن تدرس أخلاقه، وتتعامل معه مرّة ومرتين وثلاثة قبل أن ينال لقب الصديق، لأنّ النفوس لم تعد نقية كالسابق، وكل أمر يخرج منك، حتى لو لم يكن عن قصد قد يعرّضك للمساءلة بشكل كبير، وربما لانزعاج من حولك، فكل ما في القلوب أصبح حقداً يميل بها الشخص على من يحيط به، والسعادة الحقيقية هي تلك التي تبنيها علاقة لنا بصديق أو رفيق اعتدناه منذ الطفولة، حتى أصبح عنواناً لحياتنا بشكل عام، وأصبح الأمر بالنسبة إلينا مريح أكثر من أي شيء آخر، ولو نظرت إلى أعمق العلاقات لوجدتها تلك التي نشأت في فترة المدرسة، في تلك الأوقات التي كانت النفوس صافية، والأطفال يحبون بعضهم، وهم لا يريدون من هذا الحب مصلحة أو سلطة أو جاه أو ما شابه، فهذه كانت أجمل الأيام، وأكثرها متعة لروحنا وحياتنا، ولو نظرنا الآن لحالنا لوجدنا الفرق الكبير الذي نواجهه في أيامنا بصفةٍ عامة.

كيف أبتعد عن المشاكل

مشاكلنا كثيرة ومتنوعة، قد تنشأ مشكلة بين زميلين أو صديقين عاشا طوال عمرهم قريبين من بعضهما، ولكن قد تتأثر العلاقة بشكل كبير من أي منعطف قد تمر به، لذلك فإن نصيحة الأمهات بأن تبقى العلاقة بيننا وبين الأشخاص إلى حد ما بعيدة حتى نتفادى الوقوع في المشكلات، والتعامل مع العلاقات بسلبية، والمشكلات أنواع، فهناك مشكلات قد يسببها حديثٌ انتقل بين شخصين ونقله آخر بصورة سلبية، أو تصرفٌ بدر منك بدون أن تشعر بأنه مضرٌ بعلاقتك بمن تحب، وفي هذه الآونة قد تخسره للأبد، فالأمر ليس هيناً كما كان في السابق، وما عادت الأمور تجري كما يعتقد البعض، فكل تصرف يصدر منا يجب أن نأخذ الحذر منه بشكل كبير، وأن نسعى لأن نفسره للموجودين أمامنا حتى لا نقع ضحية سوء الفهم الذي يكدر العلاقات ويقضي علينا، وحديثنا اليوم سيدور عن أبرز الطرق التي تساعدنا في الابتعاد عن المشاكل، وهي ما سنتطرق لذكرها بالتفصيل.

الابتعاد عن الأشخاص الذين يفتعلون المشاكل

وهناك أشخاص يحبون أن يحولوا الكلام العادي إلى مشكلات كبيرة، ويجعلوا من الأزمة مشكلة حقيقية لا حل لها، وعليه كان لا بد من تفادي هذه الفئة من الناس والتطرق إلى العلاقة على أنها علاقة سطحية، فهؤلاء الأشخاص لا يجب الخوض معهم في المواضيع الشخصية التي تتشعب بشكل كبير، أو نتحدث معهم في المواضيع المصيرية التي قد تؤثر على حياتنا بشكل عام، فهم يحاولون قدر المستطاع أن يقلبوا الطاولة فوق رأسك، ويجعلوك تبدو مذنباً مهما كانت نيتك صافية أثناء الحديث، وعندما تتحدث معهم كن لبقاً في التعامل، لأن اللباقة هي مفتاح القلوب التي تساعدك في تخفيف التوتّر بينك وبين من حولك، كما ويجب عليك أن تكون واضحاً فيما يتعلق بتفسيراتك، حتى لا يفسرها الآخرون على هواهم، ومن هذا المنطلق فلا بأس من الجلوس معهم على سبيل الزمالة فقط لا غير، ولا تجعل العلاقة تتطور بشكل عام، وأبقها في مكانها حتى تنال راحة البال التي لن تحصل عليها إن أدخلت هؤلاء الأشخاص إلى حياتك، ومن المفترض أن تتجنبهم في حال أدركتك المشاكل بسبب هذه العلاقات، فهذا أسهل عليك بكثير.

الحذر من الكلام الذي يؤدي للمشكلات

ابتعد عن التدخل فيما لا يعنيك، ولا تبدي رأيك في المواضيع التي تخصّ أشخاصاً بعينهم، ولا تحاول أن تحشر نفسك في أي موضوع لمجرد إبداء الرأي فيه، لأنّ المشكلات تبدأ من هذا المنطلق، ومن الضروري جداً أن تكون واضحاً في الحديث، وأن تتكلم بصفة عامة إن طلب رأيك في مسألة قد تجعلك تخسر أحد الأطراف، وحاول أن تكون حيادياً بشكل عام، ولا تقم بتسخين طرفٍ على آخر، لأنهم إن طال الوقت أو قصر سيعودون لبعضهم وسيكون مظهرك غير جيدٍ على الإطلاق، وبغض النظر عن حجم المشكلة بين الأشخاص فلا تحاول أن تفسد الأمر أكثر، وإن كانت لديك كلمات جيدة تقرب الود بينهم فقلها، عدا ذلك تجنب الحديث بشكل عام، واحفظ لسانك لأنه سيعود عليك بالضرر إن تلفظت بكلام لا يجدي نفعا.

التقرب من الأصدقاء

والأصدقاء هم أكثر الفئات التي تتقبل منك أي تصرف قد يبدر منك، حتى وإن كنت تنوي النية السيئة قد يظهر ذلك للصديق أنك لا تقصد السوء، فإن أردت أن تبتعد عن المشاكل فحاول أن تكون على طبيعتك بين أصدقائك، وقرب منك الأصدقاء الذين تثق بهم، وابتعد عن الأصدقاء الذين تعرف أنهم يميلون إلى المشكلات أو افتعال المواقف السيئة لتوريطك في المشاكل بصفة عامة، وحاول أن تتقبل النقد من الصديق، فهو ينصحك حتى لا تقع في مشكلة أخرى، وكن عادلاً، وأحبب من يحبك، ولا تنفر من أي شخص مهما بلغ وضعه المادي صعوبة، والأجدر أن تكون متفاعلاً مع المحيطين بك، وأن تكون شخصية محبوبة بين الأشخاص الذين يحبوك، وإن أردت أبقِ مسافة بينك وبين من تعتقد أنّه يذكرك بالسوء في المجالس بدون علمك، فهناك أشخاص قد يظهرون الحب، ولكنهم يبطنون البغض والكره في قلوبهم، ويحاولون تدميرك ليكونوا أفضل منك بكثير، فهؤلاء لا يستحقون لقب الصديق على الإطلاق.

 لسانك حصانك إن صنته صانك

 وهو مثل قديم جدا، ومعروف عند القدماء، وقد أثبت صحته منذ زمن بعيد، ومعناه أن اللسان هو من يصونك من الأذى، ويجعلك تكون في نظر الأخرين واعٍ ومتفهم، ومن الممكن أيضاً أن يجعلك شخصاً غير موثوق به، فلا يجب أن يتحدث الناس أمامك بأي أمر قد يؤثر في حياتهم، وقد عرفنا في حياتنا الكثير من الأشخاص مهمتهم في الحياة تدمير العلاقات؛ من خلال النميمة والغيبة ونقل الكلام بين الناس، حتّى عاثوا في الأرض فساداً، وتدمرت العلاقات بسببهم، ولكن عندما عُرِفوا لم ينالوا احترام الأخرين، وأصبح الجميع ينفر منهم، فلسانك هو من أوصلك لهذه المواصل وجعلك غير ناضج بالنسبة للأخرين لا عقلياً ولا نفسياً، ومعروفٌ بأن الشخص الذي يفتعل المشكلات هو شخص مريض نفسياً ويجب أن يعالج بشكل فوري حتى لا يدمر المزيد من النفوس والعلاقات، وإن أردت أن تعيش براحة فحاول أن تبعدهم عن حياتك، فهو أفضل لك، وأفضل لك من الاختلاط بهم بشكل أو بآخر.

 لا بد أن نذكر أن هناك العديد من العلاقات التي ما زالت مستمرة منذ عشرات السنين، لأنها بنيت على الاحترام والمودة المتبادلة، وكان الأصل فيها خير، وهناك العلاقات التي انتهت منذ بدايتها لأن أصحابها أصرّوا أن تكون النهاية أليمة من خلال افتعال المشكلات، وافتعال أزمات لم نحسب لها حساباً، والمعروف أنّ هناك مثل قديم يقول ابتعد عن الشر وغني له، أي أنّ الإنسان الذي يسبب المشكلات عليه أن يكون بعيداً عن الأفراد حتى يتعلم كيف يحافظ على العلاقات التي يرحب به فيها.

*فادية كراجي

 

 

2022/03/09

كيف تؤثر الأخبار السياسية على تربية الأبناء؟
خبر عاجل، آخر خبر، مصادر رسمية مقربة، تسريبات، تحليل، مواجهة، مؤتمر صحفي، فضائيات، انترنت، تويتر، فيسبوك، انستغرام، مدونة، يوتيوب، رسالة قصيرة، وتس أب، شاهد عيان وعبارات كثيرة من مستجدات الأحداث كلها تركز على الجانب السلبي للأحداث السياسية فتؤثر في طريقة تفكير الناس وأخلاقهم.

[اشترك]

والتربية هي نتاج ما يعيشه الوالدان من ظروف سياسية واقتصادية واعلامية فعندما يعيش الوالدان في مجتمع فيه ظلم في توزيع الثروات ويقدم فيه القوي على صاحب الكفاءة والغني يحقق ما يريد بينما الفقير كل الأبواب مغلقة في وجهه والإعلام يبث فنونه ليل نهار والنشرات السياسية عبارة عن (خبر عاجل) على مدار الساعة ورسائل خفية تشجع التخلي عن القيم والأخلاق حتى يكون الإنسان ناجحا في الحياة.

إن مثل هذا الواقع الذي يعيشه الوالدان يعكس على نفسيتهما التوتر والغضب والسخط على واقعهما فيتحول هذا السخط الداخلي إلى قيم وأمثال تربوية تنعكس على الأبناء مثل (إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب) واستخدام سياسة العنف للمطالبة بالحقوق، وعدم احترام من أمامنا لأن الناس ما تحترمنا، والدنيا كلها فرص فاحرص على اقتناص الفرصة مهما كان الثمن ولو استخدمت الرشوة أو الغش أو الخداع فهذه كلها قيم تربوية سلبية ومدمرة للجيل.

تربويا ينبغي ألا نتأثر بكثرة الأخبار عن الفساد والظلم فنربي أبناءنا ليكونوا مفسدين وكاذبين حتى يتعايشون مع واقعهم وكما قيل (حشر مع الناس عيد) بل نغرس فيهم أن يكونوا كالشامة بين الناس بأخلاقهم وقيمهم ونعزز فيهم الشخصية المبادرة بالخير وحب التغيير والإصلاح مهما كثر الفساد في المجتمع وأن يكونوا صادقين مع الكاذبين وعادلين مع الظالمين وأن يشتروا رضا الله لا رضا الناس.

فكثير من البيوت تربي أبناءها على هذه القيم فإذا ما أضفنا عليها ما تتبناه نشرات الاخبار السياسية ووكالات الأنباء من منهجية في بث الرسائل السلبية فإن هذا يعطينا خلطة تربوية معقدة ينتج عنها جيل مهلهل ضعيف لا يعطي للقيم الأخلاقية مكانة ولا أولوية بل يعتمد في حياته على أسلوب (اضرب واهرب) أو (كن ذئبا حتى لا تأكلك الذئاب).

ولو تأملنا في منهجية الأخبار السياسية ووكالات الأنباء فانهم يعتمدون سياسة اظهار الجانب السلبي للخبر ويقدمون لنا الوجه المظلم للدنيا فيبثون كل ما هو دموي ومأساوي ويثير الرعب مثل التفجيرات وصور القتلى والأشلاء والكوارث الطبيعية وتحطم الطائرات والصراعات السياسية والاقتصادية والضرب والشتم في المجالس البرلمانية والحروب الخفية بين الأحزاب السياسية كما أنهم يركزون على عرض الخلافات التي لا يمكن تسويتها ولا يركزون على الجوانب الايجابية الكثيرة في الدنيا.

هذا في الجانب السياسي أما في المجال الاجتماعي فإنهم يروجون للحياة الحميمية للمشاهير والفضائح الجنسية للرموز والسقوط في حبائل التحرشات الجنسية والمخدرات ونشر فضائح لكبار السياسيين ورجال الأعمال والقياديين وترويج مفهوم التلصص لمعرفة الأخبار الخاصة بهم ويكون الخبر صيده في عرف الإعلاميين كلما كان مثيرا وغير متوقع ولو كان غير أخلاقي.

مثل هذه المفاهيم تساهم بنشر قيم سلبية كثيرة في المجتمع منها أن الطريق السريع للنجاح السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي هو الخداع والغش والكذب والتلاعب كما يتم ترويج معاني كثيرة بغير مسمياتها مثل الكذب يسمي دبلوماسية والخداع والغش يسمى شطارة والتلاعب والغبن يسمى ذكاء وأخذ حقوق الناس يسمى استغلالا للفرص والرشاوى تسمى هدية أو أتعاب تخليص المعاملات والعلاقة العاطفية في غير إطار الزواج تسمى صداقة والشذوذ يسمى علاقة مثلية وغيرها من الأمثلة الكثيرة.

ولهذا لابد أن تكون لدينا جهود للتوعية في كيفية التعامل مع الأخبار السياسية والقيم المجتمعية وفلترتها صحيا وشرعيا وتحديد وقت باليوم لمتابعة الأخبار حتى لا تؤثر على حياتنا فنصبح مدمني أخبار فنحن لا ندعو إلى ترك المتابعة الاخبارية ولكن نريد ترشيد المتابعة وأن تكون بوعي ونظام واختيار القيم الصحيحة والمفاهيم السليمة والتمييز بين الغث والسمين.

أما تربويا فينبغي أن لا نتأثر بكثرة الأخبار عن الفساد والظلم فنربي أبناءنا ليكونوا مفسدين وكاذبين حتى يتعايشون مع واقعهم وكما قيل (حشر مع الناس عيد) بل نغرس فيهم أن يكونوا كالشامة بين الناس بأخلاقهم وقيمهم ونعزز فيهم الشخصية المبادرة بالخير وحب التغيير والإصلاح مهما كثر الفساد في المجتمع وأن يكونوا صادقين مع الكاذبين وعادلين مع الظالمين وأن يشتروا رضا الله لا رضا الناس فرضا الناس غاية لا تدرك ورضا الله غاية تدرك ونذكر لهم نماذج نجحت في تغيير المجتمع الفاسد كيوسف عليه السلام حقق العدالة والاصلاح والسيرة النبوية فيها قصص كثيرة في تغيير المنكر (...) إنها تربية صعبة ولكنها ليست مستحيلة.

جاسم المطوّع
2022/03/07

ميزانية الأسرة: أوقفوا عشوائية الصرف في الظروف الطارئة

تظل ميزانية الأسرة أحد أهم أسباب عدم الاستقرار، متى ما كانت الأسرة -مع المسؤولية الملقاة على عاتق أفرادها- عرضة للارتباك في التصرف وفق ظروفها الخاصة.

[اشترك]

الترشيد، مطلب ضروريّ لكل الأسر، ويجب أن يُربّى الأبناء على ذلك، لأن متطلبات الحياة كثيرة ولا تنتهي.

فبعض الأسر يغلب عليها البذخ والتبذير، ويغيب الترشيد عنها، وكأن المال لم يأت إلا لتصرفه كاملاً دون النظر لما قد يحمله المستقبل.

والحقيقة أن كثيرًا من الأسر يغيب الترشيد عن حياتهم، وتنقصهم الإدارة في الصرف، ولا يضعون سقفًا لمصروفاتهم، وبناء على ذلك فإن عشوائية الصرف تخلي ما في أيديهم من مال، ليلجؤوا بعد ذلك إلى الديون والأقساط التي غرق فيها الناس، حتى أصبح كل شيء في حياتهم بالتقسيط!!

إدارة ميزانية المنزل لا يُشترط أن تكون بيد الرجل أو المرأة، لأنهما مكملان لبعضهما بقدر ما يحتاج كلاهما لتفهم هذه الميزانية، ولا بد أن يكون هناك إدارة للصرف والترشيد، لأن الترشيد أمر ضروري وخصوصًا في وقتنا هذا، وذلك للارتفاع الملحوظ في بعض الأشياء المهمة من ناحية القيمة.

ويحاول رب الأسرة تنويع الدخل، وعدم الاقتصار على المرتب الشهري، ومحاولة العيش بالدخل الإضافي، ويحاول أن يضع دخلاً ثابتًا، بحيث يكون هذا الدخل خاصًا بالأزمات.

وأمّا دور الأم فهو بالتأكيد ضروريّ في توعية وترشيد الأبناء داخل المنزل، وعليها تحديد الأولويّات، فهناك ما يجب شراؤه، وهناك ما يمكن الاستغناء عنه، وهناك أيضًا ما لا حاجة إليه البتة.

وكذلك فإن السلوك الاستهلاكي للأسرة له دور بارز في تحديد هذه الميزانية، إذ إن بعض الأسر يكون سلوكها قائمًا على التبذير وإلزامية الحصول على أيّ مطلب من أي فرد من أفرادها، وإذا تناسب هذا السلوك عكسيًا مع مستوى الدخل فإن الأسرة في هذه الحالة سوف تواجه عددًا من الأزمات المادية والمعنوية.

ومشاركة الطفل للعائلة في كيفية الصرف على بعض الأشياء، ولو كانت بسيطة تدربّه على تحقيق واكتساب حسن إدارة صرف ميزانيته.

ومن هنا يتضح أن للأسرة وتعاونها دورًا قويًا في الترشيد والادّخار.

مواقع إلكترونية

 

2022/03/07

تدهور الصحة بـ ’كثرة الشكوى’: إليك 6 خطوات للتخلص من السلبية

كثرة الشكوى...

 قال الله تعالى: "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ".

[اشترك]

في وقفة تمعن للآية 86 من سورة يوسف، تتضح معالم النص الشريف ومعانيه الدقيقة في قول نبي الله يعقوب(ع) انه لا يظهر همِّه وحزنه إلا لله وحده، فهو كاشف الضرِّ والبلاء، وأنه يعلم من رحمة الله وفرجه ما لا يعلمون.

هنا ومن هذه المقدمة القرآنية المباركة نسبر أغوار موضوع الشكوى التي يمارسها مجموعة كبيرة من الناس حتى تصبح لديهم عادة وسلوك يظهر في فلتات أحاديثهم وتقطيب جبينهم وافتقار أفكارهم وأذهانهم لكل شيء إيجابي وتركيزهم حول نصف الكوب الفارغ فقط.

مما ينسحب هذا التفكير وإعلان الشكوى والتذمر المستمر إلى تدهور صحة هؤلاء وتبدأ الإمراض تهاجمهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون، حيث يفرز الجسم هرمون "كورتيزول" الذي يسبب الخمول والضعف، وقد يتسبب مع مرور الوقت إلى إصابة الشخص بالأمراض المزمنة مثل الجلطات والسكر والقلب، ناهيك عن استنزاف طاقاتهم الإيجابية ونفاذ معنوياتهم في تقبل تحديات الحياة بمختلف صراعاتها.

إضافة إلى انهم وبعد العيش في ربوع منطقة الشكوى المستمرة فإنهم سوف يستقطبون ما يركزون عليه من خوف وشكوى حتى يجذبوه إليهم ليصبح فيما بعد واقع معاش للأسف، قال الإمام علي (ع): "كل متوقع آت".

وهكذا دواليك تصبح منظومة حياة أولئك النفر تدور وتسبح في عتمات الفكر المتشائم والنفس السلبية المنسحبة عن كل جمال وإيجابية.

وتعد عادة الشكوى آفة سيئة لمن يقع في أسرها لأنها تسلب الاستمتاع بالحياة وتجعل المرء في حالة نفور دائم منها متذمرا قلقا كئيبا ذو نظرة تشاؤمية بالمطلق، غير راضيا على ما لديه، جاحدا وناكرا لنعم الله عليه التي لا يبصرها ولا يلتفت إليها تحت ظل تلك النظرة السوداوية.

  وهنالك بعض التوصيات أو النصائح المهمة التي تفيد من وقع في أسر التشاؤم المقيت في التخلص من جذورها ومنها:

1-عدم التحدث بكثرة عن الأشياء التي لا مجال لتغييرها

وهي أهم خطوة تساعد في التخلص من الشكوى، حيث هناك بعض الأمور التي لن يكون في مقدور الشخص تغييرها أو السيطرة عليها مهما حاول، فمثلا لا يمكن تغيير الطقس أو تغيير المدير الخاص في العمل وغيره مما يشابهه والنصيحة تقول: لا تدع نفسك تشعر بالاكتئاب بسبب شيء لا يمكن تغييره أو السيطرة عليه.

2- تفكر في نعم الله

ينصح أيضا العمل بهذه الخطوة والتمعن في نعم الله تعالى فنحن دائما ننظر إلى ما ينقصنا ولا ننظر إلى ما نملكه بأيدينا مما يجعلنا نشعر بعدم الرضا عن حياتنا وعما نملك، لذا فان استشعار أنعم الله علينا والنظر لمن هم أقل منا حظا سيؤدي إلى الرضا والقناعة والشكر وترك الشكوى.

3- كن إيجابيا

خطوة أخرى من خطوات ترك الشكوى ولو إنها من الصعوبة إتقانها من قبل الشخص المتشائم عبر التحول إلى إنسان إيجابي، ولكن محاولة القيام بعمل إيجابي سوف يدفعه نحو الإحساس بالرضا واستحصال الاستقرار النفسي وترك الشكوى.

4- تعلم أن تتكيف مع المتغيرات

ثم على الإنسان بعد كل ذلك تعلم التكيف مع المتغيرات الحياتية المستمرة، ومحاولة أن يكون مرنا ومتكيفا مع المتغيرات الحياتية التي تطرأ على حياته.

5- المباشرة في فك الاختلاف مع أصحابها

عندما نتعرض للاختلاف مع الآخرين فيرجى ترك عادة الشكوى إلى الآخرين، فاذا كانت المشكلة مع زميل في العمل، فالأجدر الذهاب إليه شخصيا والتحدث مباشرة والتفاهم بأريحية واحترام، دون اللجوء إلى طرف ثالث إلا حين الاضطرار.

6- ابدأ بنفسك

محاولة الكف عن الشكوى للآخرين، كما أنك لا ترغب في سماع شكوى الآخرين المستمرة، وينصح أيضا بتحجيم العلاقة مع الناس السلبيين قدر الإمكان لأنهم مصاصي طاقة، فالحذر من الإفراط بصحبتهم، مع محاولة نصحهم وحثهم على ترك الشكوى والنظر بسلبية مجردة لكل ما يدور في حياتهم.

إن ترك الشكوى حالة سليمة صحية تؤدي إلى إنعاش الإنسان بالأفكار البناءة ووضعه على الخط الصحيح ليكون أنسانا نافعا ينتفع منه في كل مجالات الحياة، وان التمرد على هذه الحقيقة والإصرار على العيش في منطقة الشكوى المستمرة كفيلة بتهديم كيان الإنسان وتحطيم كل أهدافه وضياع سلامه الداخلي.

ختاماً: نحث على ترك هذه السجية أو العادة الذميمة والاندماج مع المجتمع بالشكل الذي يحقق كل نجاح ونماء ومن الله الاستعانة والتوفيق.

* منتهى محسن

2022/03/06