تعمل من المنزل.. إليك بعض النصائح

«أكبر خطر يواجه الأشخاص الذين يعملون من المنزل هو مواصلة العمل طوال اليوم بدون أي استراحة...»

متابعة: غرفة الأخبار

جعلت الكثير من المكاتب موظفيها يعملون من المنزل للمساعدة في إبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

ولكن عندما يتغير مكتبك اللطيف ويتحول إلى طاولة المطبخ، فالحفاظ على إنتاجيتك يمكن أن يكون صعبا. وهذه النصائح يمكن أن تساعد في تعزيز وتيرتك.

لا تعمل من السرير

إذا كان من الممكن، تخصيص مساحة عمل في منزلك منفصلة عن بقية مساحة المعيشة، وإلا سوف يكون من الصعب أن تفصل ذهنيا بين المنزل والعمل، بحسب المدرب المهني أوته بولكه.

وإذا لم يكن لديك غرفة منفصلة استخدم فاصلا أو خزانة الكتب ليكون بمثابة خط واضح بين العمل واللعب، التزم بالجدول: لا يجب أن يكون الجدول صارما مثلما كان في مكان العمل.

ولكن بدون أي نوع من الخطط، سوف يكون من الصعب الانتهاء من العمل، فكر متى يكون من الأفضل أن تعمل هل في الصباح الباكر أم ربما بعد فطور شهي.

وإذا كنت تعمل عن كثب مع الزملاء للانتهاء من مهام معينة، تشاور مع مديرك وزملائك لتحديد متى يعمل الأفراد ومتى يمكن الوصول إليك.

قم بتحديد فترات الاستراحة

أكبر خطر يواجه الأشخاص الذين يعملون من المنزل هو مواصلة العمل طوال اليوم بدون أي استراحة، بحسب المدرب المهني بيرند سلاجوس، ومن الأفضل لقوتك العقلية التخطيط للاستراحات والالتزام

بها. يمكن أخذ استراحة لمدة 15 دقيقة كل ساعتين أو ربما يمكن اتباع وتيرة العمل وأخذ استراحة متى أنهيت مجموعة من المهام.

لا تجعل المهام المنزلية تعرقلك

يمكن أن يكون من المغري أن التعامل مع كل مهمة منزلية تظهر، بحسب كوالين، فإفراغ غسالة الأطباق أو تشغيل المكنسة الكهربائية أو حتى ملء غسالة الملابس، سوف يلهيك عن العمل، ومن الأفضل التركيز لمقاومة هذه الإغراءات حتى مواعيد الاستراحات المخططة أو حتى المساء.

استمتع بوقت الفراغ

عندما تكون في العمل أحيانا ما يقضي المرء وقت الاستراحة على المكتب، ولكن هذا مرفوض تماما عند العمل من المنزل، بحسب بولكه، ويقول: "خلال العمل من المنزل يمكنك حقا أن تدلل نفسك بطريقة لم تكن لتنفع في الظروف العادية"، احتس كوب من القهوة في الشرفة أو خلال التحدث في الهاتف مع صديق أو اخرج للتمشية.

أبق على تواصل مع الزملاء

العمل من المنزل لا يجب أن يعني الشعور بالعزلة التامة، وربما يمكن أن تنظم مع فريق العمل لقاءا منتظما عن طريق الفيديو للبقاء على تواصل، بحسب سلاجوس، ولكن في حال لم تكن شبكات التواصل الاجتماعي جزءا من مهامك الوظيفية، ربما يكون من الأفضل أن تضبط الهاتف الجوال على وضعية الطيران خلال يوم العمل.


المصدر: وكالات

موقع الأئمة الاثني عشر

2020/04/15

العصمة.. أمر اكتسابي أم ذاتي؟

هل هي متاحة للجميع؟

قد وقفت في البحث السابق على حقيقة "العصمة" والعوامل التي توجب صيانة الاِنسان عن الوقوع في حبال المعصية، ومهالك التمرد والطغيان، غير انّ هاهنا سؤالاً هاماً يجب الإجابة عنه وهو: انّ العصمة سواء أفسّرت بكونها هي الدرجة العليا من التقوى، أو بكونها العلم القطعي بعواقب المآثم والمعاصي، أم فسّرت بالاستشعار بعظمة الرب وجماله وجلاله، وعلى أي تقدير فهو كمال نفساني له أثره الخاص، وعندئذ يسأل عن أنّ هذا الكمال هل هو موهوب من الله لعباده المخلصين، أو أمر حاصل للشخص بالاكتساب؟ فالظاهر من كلمات المتكلمين أنّها موهبة من مواهب الله سبحانه يتفضّل بها على من يشاء من عباده بعد وجود أرضيات صالحة وقابليات مصحّحة لإفاضتها عليهم.

قال الشيخ المفيد: العصمة تفضل من الله على من علم انّه يتمسك بعصمته.[1]

وهذه العبارة تشعر بأنّ إفاضة العصمة من الله سبحانه أمر خارج عن إطار الاختيار، غير أنّ اعمالها والاستفادة منها يرجع إلى العبد وداخل في إطار إرادته، فله أن يتمسك بها فيبقى معصوماً من المعصية، كما له ألا يتمسك بتلك العصمة.

وقال أيضاً: والعصمة من الله تعالى هي التوفيق الذي يسلم به الإنسان مما يكره إذا أتى بالطاعة.[2] وقال المرتضى في أماليه: العصمة: لطف الله الذي يفعله تعالى فيختار العبد عنده الامتناع عن فعل قبيح.

ونقل العلاّمة الحلّي عن بعض المتكلمين بأنّه فسر العصمة بالأمر الذي يفعله الله بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنّه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك إلى الإلجاء.

ونقل عن بعضهم: العصمة لطف يفعله الله تعالى بصاحبها لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية.

ثم فسر أسباب هذا اللطف بأُمور أربعة.[3] وقال جمال الدين مقداد بن عبد الله الشهير بالفاضل السيوري الحلي (المتوفّى عام 826 هـ) في كتابه القيم "اللوامع الاِلهية في المباحث الكلامية":

قال أصحابنا ومن وافقهم من العدلية: هي (العصمة) لطف يفعله الله بالمكلّف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية لانتفاء داعيه، ووجود صارفه مع قدرته عليها" ثم نقل عن الأشاعرة بأنّها هي القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية.[4] كما نقل عن بعض الحكماء أنّ المعصوم خلقه الله جبلة صافية، وطينة نقية، ومزاجاً قابلاً، وخصّه بعقل قوي وفكر سوي، وجعل له ألطافاً زائدة، فهو قوي بما خصّه على فعل الواجبات واجتناب المقبحات، والالتفات إلى ملكوت السماوات، والاِعراض عن عالم الجهات، فتصير النفس الاَمارة مأسورة مقهورة في حيز النفس العاقلة.[5]

وقال العلاّمة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (إِنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً)[6] إنّ الله تستمر إرادته أن يخصّكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل وأثر العمل السيء عنكم أهل البيت وإيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة.[7] إلى غير ذلك من الكلمات التي تصرح بكون العصمة من مواهبه سبحانه إلى عباده المخلصين، وفي الآيات القرآنية تلويحات وإشارات إلى ذلك مثل قوله سبحانه: (وَ اذْكُرْ عَبْدَنا إِبْراهيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الاَيْدِي وَالاَبْصارِ* إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدّارِ* وَإِنَّهُمْ عَنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الاَخْيارِ* وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الكِفْلِ وَكُلّ مِنَ الاَخْيارِ)[8] وقوله سبحانه في حق بنى إسرائيل والمراد أنبياَؤهم ورسلهم: (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ* وَآتَيْناهُمْ مِنَ الآياتِ ما فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ).[9] فإنّ قوله: (إنّهم عندنا لمن المصطفين الاَخيار) وقوله: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) يدل على أنّ النبوة والعصمة، وإعطاء الآيات لأصحابها من مواهب الله سبحانه إلى الاَنبياء، ومن يقوم مقامهم من الأوصياء.

فإذا كانت العصمة أمراً إلهياً وموهبة من مواهبه سبحانه، فعندئذ ينطرح هاهنا سؤالان تجب الاِجابة عنهما، والسؤالان عبارة عن:

1. لو كانت العصمة موهبة من الله مفاضة منه سبحانه إلى رسله وأوصيائهم لم تعد كمالاً ومفخرة للمعصوم حتى يستحق بها التحسين والتحميد والتمجيد، فإنّ الكمال الخارج عن الاختيار كصفاء اللؤلؤ، لا يستحق التحسين والتمجيد، فإنّ الحمد والثناء إنّما يصحان في مقابل الفعل الاختياري، وما هو خارج عن إطار الاختيار لا يصح أن يحمد صاحبه عليه، إذ هو وغيره في هذا المجال سواء، ولو أفيض ذاك الكمال على فرد آخر لكان مثله؟

2.  إذا كانت العصمة تعصم الإنسان عن الوقوع في المعصية، فالإنسان المعصوم عاجز عن ارتكاب المعاصي واقتراف المآثم، وعندئذ لا يستحق لترك العصيان مدحاً ولا ثواباً إذ لا اختيار له؟

والفرق بين السؤالين واضح، إذ السؤال الاَوّل يرجع إلى عد نفس إفاضة العصمة مفخرة من مفاخر المعصوم، لأنه إذا كانت موهبة إلهية لما صح عدها كمالاً للمعصوم، بخلاف السؤال الثاني فإنّه يتوجه إلى أنّ العصمة تسلب القدرة عن المعصوم على ارتكاب المعاصي، فلا يعد الترك كمالاً ولا عاملاً لاستحقاق الثواب.

وهنا سؤال من أهم الأسئلة في باب العصمة، وإليك الاِجابة.

إنّ العصمة الاِلهية لا تفاض للأفراد إلاّ بعد وجود أرضيات صالحة في نفس المعصوم تقتضي إفاضة تلك الموهبة إلى صاحبها، وأمّا ما هي تلك الأرضيات والقابليات التي تقتضي إفاضتها فخارج عن موضوع البحث، غير إنّا نقول على وجه الاجمال: إنّ تلك القابليات على قسمين: قسم خارج عن اختيار الإنسان، وقسم واقع في إطار إرادته واختياره.

أمّا القسم الاَوّل، فهي القابليات التي تنتقل إلى النبي من آبائه وأجداده عن طريق الوراثة، فإنّ الاَولاد كما يرثون أموال الآباء وثرواتهم، يرثون أوصافهم الظاهرية والباطنية، فترى أنّ الولد يشبه الاَب أو العم، أو الاَم أو الخال، وقد جاء في المثل: الولد الحلال يشبه العم أو الخال.

وعلى ذلك فالروحيات الصالحة أو الطالحة تنتقل من طريق الوراثة إلى الاَولاد، فنرى ولد الشجاع شجاعاً، وولد الجبان جباناً إلى غير ذلك من الاَوصاف الجسمانية والروحانية.

إنّ الاَنبياء كما يحدّثنا التاريخ كانوا يتولّدون في البيوتات الصالحة العريقة بالفضائل والكمالات، وما زالت تنتقل تلك الكمالات والفضائل الروحية من نسل إلى نسل وتتكامل إلى أن تتجسد في نفس النبي ويتولد هو بروح طيبة وقابلية كبيرة لإفاضة المواهب الاِلهية عليه.

نعم ليست الوراثة العامل الوحيد لتكوّن تلك القابليات بل هناك عامل آخر لتكوّنها في نفوس الاَنبياء وهو عامل التربية، فإنّ الكمالات والفضائل الموجودة في بيئتهم تنتقل من طريق التربية إلى الاَولاد.

ففي ظل ذينك العاملين: "الوراثة والتربية" نرى كثيراً من أهل تلك البيوتات ذوي إيمان وأمانة، وذكاء ودراية، وما ذلك إلاّ لاَنّ العائشين في تلك البيئات والمتولدين فيها يكتسبون جل هذه الكمالات من ذينك الطريقين، وعلى ذلك فهذه الكمالات الروحية أرضيات صالحة لإفاضة المواهب الاِلهية إلى أصحابها ومنها العصمة والنبوة.

نعم هناك عوامل أُخر لاكتساب الأرضيات الصالحة داخلة في إطار الاختيار وحرية الإنسان وإليك بعضها:

1. انّ حياة الاَنبياء من لدن ولادتهم إلى زمان بعثتهم مشحونة بالمجاهدات الفردية والاجتماعية، فقد كانوا يجاهدون النفس الاَمّارة أشد الجهاد، ويمارسون تهذيب أنفسهم بل ومجتمعهم، فهذا هو يوسف الصدّيق (عليه السلام) جاهد نفسه الاَمّارة وألجمها بأشد الوجوه عندما راودته من هو في بيتها (وَغَلَّقَتِ الاَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَك) فأجاب بالرد والنفي بقوله: (مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبّي أَحْسَنَ مَثْواىَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ) .[10] وهذا موسى كليم الله وجد في مدين امرأتين تذودان واقفتين على بعد من البئر، فقدم اليهما قائلاً: ما خطبكما فقالتا: انا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، وعند ذلك لم يتفكر في شيء إلاّ في رفع حاجتهما، ولأجل ذلك سقى لهما ثم تولّى إلى الظل قائلاً: (رَبّ إِنّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[11]. [12] وكم هناك من شواهد تاريخية على جهاد الأنبياء وقيامهم بواجبهم أبّان شبابهم إلى زمان بعثتهم التي تصدت لذكرها الكتب السماوية وقصص الأنبياء وتواريخ البشر.

فهذه العوامل، الداخل بعضها في إطار الاختيار والخارج بعضها عن إطاره أوجدت قابليات وأرضيات صالحة لإفاضة وصف العصمة عليهم وانتخابهم لذلك الفيض العظيم، فعندئذ تكون العصمة مفخرة للنبي صالحة للتحسين والتبجيل والتكريم.

وإن شئت قلت: إنّ الله سبحانه وقف على ضمائرهم ونيّاتهم ومستقبل أمرهم، ومصير حالهم وعلم أنّهم ذوات مقدسة، لو أُفيضت إليهم تلك الموهبة لاستعانوا بها في طريق الطاعة وترك المعصية بحرية واختيار، وهذا العلم كاف لتصحيح إفاضة تلك الموهبة عليهم بخلاف من يعلم من حاله خلاف ذلك.

يقول العلاّمة الطباطبائي: إنّ الله سبحانه خلق بعض عباده على استقامة الفطرة، واعتدال الخلقة، فنشأوا من بادىَ الاَمر بأذهان وقّادة، وإدراكات صحيحة ونفوس طاهرة، وقلوب سليمة، فنالوا بمجرد صفاء الفطرة وسلامة النفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم بالاجتهاد والكسب بل أعلى وأرقى لطهارة داخلهم من التلوث بألواث الموانع والمزاحمات، والظاهر أنّ هؤلاء هم المخلصون (بالفتح) لله في مصطلح القرآن، وهم الأنبياء والأئمّة، وقد نص القرآن بأنّ الله اجتباهم، أي جمعهم لنفسه وأخلصهم لحضرته، قال تعالى: (وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)[13] وقال: (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَجٍ)[14] .[15] وهذه العبارة من العلاّمة الطباطبائي تشير إلى القسم الثاني وهو القابليات الخارجة عن اختيار الأنبياء غير انّ هناك أُموراً واقعة في اختيارهم كما عرفت، فالكل يعطي الصلاحية لإفاضة الموهبة الاِلهية على تلك النفوس المقدّسة.

كلام السيد المرتضى

إنّ للسيد المرتضى كلاماً في الاِجابة عن هذا السؤال نأتي بنصه:

فإن قيل: إذا كان تفسير العصمة ما ذكرتم فألاَّ عَصَمَ اللهُ تعالى جميع المكلّفين وفعل بهم ما يختارون عنده الامتناع من القبائح؟

قلنا: كل من علم الله تعالى أنّ له لطفاً يختار عنده الامتناع من القبائح فإنّه لا بد أن يفعل به وإن لم يكن نبياً ولا إماماً، لاَنّ التكليف يقتضي فعل اللطف على ما دل عليه في مواضع كثيرة غير انّه لا يمتنع أن يكون في المكلفين من ليس في المعلوم أنّ شيئاً متى فعل، اختار عنده الامتناع من القبيح، فيكون هذا المكلف لا عصمة له في المعلوم ولا لطف، وتكليف من لا لطف له يحسن ولا يقبح وانّما القبيح منع اللطف في من له لطف مع ثبوت التكليف.[16] وحاصل ما أفاده هو: انّ الملاك في إفاضة هذا الفيض هو علمه سبحانه بحال الاَفراد في المستقبل فكل من علم سبحانه أنّه لو أُفيض عليه وصف العصمة لاختار عنده الامتناع من القبائح، فعندئذ تفاض عليه العصمة، وان لم يكن نبياً ولا إماماً، وأمّا من علم انّه متى أُفيضت إليه تلك الموهبة لما اختار عندها الامتناع من القبيح لما أُفيضت عليه العصمة لأنه لا يستحق الاِفاضة.

وعلى ذلك فوصف العصمة موهبة إلهية تفاض لمن يعلم من حاله انّه ينتفع منها في ترك القبائح عن حرية واختيار.

ولأجل ذلك يعد مفخرة قابلة للتحسين والتكريم ولا يلزم أن يكون المعصوم نبياً أو إماماً، بل كل من ينتفع منها في طريق كسب رضاه سبحانه تفاض عليه.

*مقتطف من كتاب عصمة الأنبياء في القرآن الكريم
موقع الأئمة الاثني عشر

الهوامش:


[1] شرح عقائد الصدوق: 61.

[2]  أوائل المقالات: 11.

[3]  كشف المراد: 228، طبعة صيدا.

[4] العصمة لا تنافي القدرة، والهدف من نقل قول الاَشاعرة هو إثبات اتفاق القائلين بالعصمة، على أنّها موهبة إلهية.

[5]  اللوامع الالهية: 169.

[6]  الاَحزاب: 33.

[7] الميزان: 16/313.

[8] ص: 45 ـ 48.

[9] الدخان: 32 ـ 33.

[10] يوسف: 23.

[11] القصص: 23 ـ 24.

[12] لاحظ قصة موسى في دفعه القبطي المعتدي على إسرائيلى في سورة القصص الآيات: 15 ـ 20 وفي ذلك يقول: (رب بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين)(القصص: 17).

[13] الاَنعام: 87.

[14] الحج: 78.

[15] الميزان: 11/177.

[16] أمالى المرتضى: 2/347 ـ 348، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

2020/04/14

المهدي والمرجعية والمسلمين: هل نحن في مدينة الضباب؟!

بين الفينة والأخرى تطلّ علينا شخصيّات من ورق، تستخدم الدين لضربه، وتعمل بتمويل إعلامّي كبير تحوم حوله الشكوك والشبهات، في حين أنّ أبعد شيء عن التصديق وجود تبرّعات من "المحسنين" لرفد هذه المنصّات الإعلاميّة، وتدّعي تلك الشخصيّات أنّها تحاول إرجاع الشيعة الى السكّة التي انحرفوا عنها كما يزعمون وتختلف بالآليّات والطرق ولكنّها تتحد في هدفها ذي الثلاث شعب (المرجعيّة وبالأخصّ النجف والإمام المهدي - عليه السلام - وائتلاف المسلمين).

فيحقّ لنا أن نسأل: مَن أنتم؟ وما هو تحصيلكم العلمّي؟، فإنّ مجرّد نظم الكلام واسترساله والتعويد لذاك المصدر او ذا أو نقل هذه الرواية او تلك أو استعراض كلام هذا العالم أو ذاك لا يلزم منه بحال من الأحوال صحّة المضمون والمعنى وفق المنهج العلمّي، ومنه تعلم عدم وجود ملازمة بين ما ذكرنا وبين كونها شهادة بالاختصاص له.

ويحقّ لنا أن نسأل: مَن يقف خلفكم؟ ولماذا تصرّون على تشويه هذه الثلاث؟، ولماذا في هذا الوقت وفي هذا البلد وفي هذه الظروف؟، والأمرّ بالأمر كله هو استمالة بعض المنخدعين بهذه التهم والأباطيل بدون مراجعة وسؤال واستعلام، فإنّه يدلّ على أنّ الدين عند البعض اشتهاء ومزاج فأينما دار مزاجه دار إليه، وعلى ذمّة أيّ منتفع تحوّل عليه! حتى أن بعضهم يسأل عن مدى صدق ذاك المدّعي حول ولادة الإمام -عليه السلام- فهو قرأ الشبهة وترك عشرات الكتب التي كتبت للردّ عليه ونشرت مئات المقالات في استعراض أدلّة ولادته وعدم وفاته وأنّه هو الموعود لكلّ الأديان آخر الزمان ليحيّ به الله الأرض بعد موتها بل تطوّر البحث المهدوي وكتبت الدراسات وألّفت المصنفات إلى أبعد من ذلك... فإنّ الإصرار على هذا المنحى لهو مؤشر خطر للمدّعي ومَن يلقف ما يقول.

وليس ذاك بجديد على هذه الطائفة المظلومة فإنّ التاريخ طافح بمثل هؤلاء المضلّلين، ولكنّ الملفت للنظر أنّهم يجتمعون لغايات غيرهم، فإن قضى الغير انتهوا وزالوا، والله يبدد بنيانهم ويضيّق أركانهم.

وينبغي إلفات النظر لأمور:

1. هناك فرق بيّن بين التهديم والتقويم فإنّ الأوّل قائم على التخبّط والتسفيط والنظر بعين واحدة حولاء بنظّارة سوداء قاتمة، والثاني على الأسس العلميّة والمناهج فيها وعلى أدوات علميّة محصَّلة ملكاتُها.

والأوّل كمَن يطرح مشكلة لأجل المشكلة بلا جواب، والثاني يطرحها لأجل الجواب ويجيب عنها بين أهل العلم ليستفيدوا من الجواب ويقيّم جوابه بنظرهم..

2. هناك فرق بين الشبهة والاتهام، فإنك يمكنك أن تردّ الشبهة بالدليل ولكن يعوقك ردّ الاتهام فمثلاً، قد يشتبه أحد بأنّ الإمام المهدي -عليه السلام - غير مولود فيؤتى له بالأدلّة النقليّة والتاريخيّة واستنطاق ظروف المدّة التي غاب فيها، فإنّه مع تراكم الأدلّة ينتج قطعا على حساب الاحتمال فتدفع الشبهة ولا يعاند إلّا مكابر سقيم الفكر، ولكن عندما يدّعي أحد على أحد بأنّه ليس سيّد وهو معروف وأبوه وأجداده بالسيادة وعنده شجرة تتصل بهاشم فهذا اتهام وبهتان، ولا يسع هنا إلّا أن تقول "حسبنا الله ونعم الوكيل ".

نعم، فإنّ ردّ الاتهام مع وضوح بطلانه مماراة يصعب الخروج منها ووقوع في فخّ التعادل الشخصّي كما سنبيّنه.

3. توجد ظاهرة ملحوظة تنطوي تحت الإضعاف والتعادل الشخصّي وتتصوّر فيما إذا كان لك خصم يفوقك قوّة من جوانب متعدّدة فإنّ السبيل للقضاء عليه هو إضعافه بإنزاله دونك أو معك حتى يتسنّى لك الإجهاز عليه وأفضل طريقة لذلك تراشق الاتهامات فإنّها لوضوح بطلانها تبهت الخصم وتربكه، فتجعله صريعا يحسب كلّ صيحة عليه، يقوم من واحدة ليدفع أخرى، ويظلّ هكذا مادام سيل التّهم ينحدر عليه، ويكفي لينجرّ لمستنقع الوحل هذا أن يردّ على إتهام واحد فيلزمه أن يردّ الآخر، وإن سكت كان ذلك إيحاءً بصحّة الاتهام، ولذا كان من الحكمة ترك المتّهم يعجز بحكمة السكوت.

٤. مع انتشار الأباطيل كان اللازم أن يحتمي المرء منها بالاحتماء بأهل العلم الثقاة فما دمت استمعت للباطل فأستمع للحقّ، فإنّ هذه الأباطيل من شأنها لو اجتمعت في زوايا الشعور أن تنتفض مع قلّة الورع وعدم الجواب عنها.

٥. يكفي لسقوط اعتبار القائلين بالأباطيل كونهم يقولون بها مع وجود أجوبتها ومازالوا على غيّهم وعنادهم، ولسقوط المتهمين نفس اتهاماتهم وتشهيرهم وبهتانهم وغيرها.

2020/04/13

هل لـ «الحظ» دور في نجاحنا أو فشلنا؟

الكثير من المجتمعات تعتقد بوجود الحظ أو البخت معتبرين أنه جزء من النجاح والتوفيق أو من الإخفاق والفشل.

على سبيل المثال لو ان فرداً أدى عملاً معيناً سيربطه البعض بالحظ بقولهم: "ياله من رجل محظوظ"، او يكون العكس لو كان هنالك من المشاكل بحياته يقال عنه: "ياله من حظ التعس". وهذا النمط السائد في التفكير عند الناس، لكن دينياً لو راجعنا النصوص من جهة القرآن المجيد والمرويات المعتبرة لا يوجد شيء باسم الحظ أو الصدفة، فالحياة تسير وفق علل وأسباب، فما من نكبة الا بذنب وما من خير الا بحسنة. وهنالك حقيقة اسمها «حسن التوفيق او سوء التوفيق».

فالأصل في ذلك الله تعالى تحدث عنه في الأمور الحياتية للإنسان بقوله: (وَما بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجأَرونَ)، وقوله تعالى: (وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ).

لم يخلق الله تعالى أحداً محظوظاً والأخر سيء الحظ، فالعلم والنباهة والجد والعمل والامكانيات والقابليات هي السبيل لوصول الإنسان الى مرامه ومراده، فلا وجود للصدفة في العالم والأشياء التي نتصورها صدفة ليست بصدفه إنما عدم الإلمام بأسبابها وجهلنا بالحقائق فنراها حظ أو أتفاق الصدفة، فالاتفاق بعض الاحيان يجهل أسبابه.

بمعنى الذي نراه صدفة هو يتعلق بالجهل بالأسباب المحيطة بالتفاصيل التي لا نعرفها، لذلك عندما نرى أناس يتوفقون بمجرد قيامهم بأعمالهم، في المقابل تجد أناس يعانون من المصاعب بقيام أعمالهم، هذه الحقيقة اغلبنا يجهلها وعلمها عند الله تعالى فلها ارتباط أما بعدم تهيأ الأسباب والمسببات او تحقق المصلحة، وإلا كل السبل والطرق مهيأة إمام الانسان، ولكن بعض المرات هو من يصنع تلك الحواجز والموانع المؤصدة أمام نفسه، أو الآخرون من يوجدها إمامه.

عندها يلعب الإيمان بالاعتقاد بالحظ والبخت ويلقى تبعات كل شيء على عاتق الحظ والبخت والطالع.

2020/04/13

لم يراعِ الأمور الصحية: هل مرض المعصوم يدل على وقوعه في الخطأ؟

طرح أحدهم الإشكال التالي: الإصابة بالمرض تأتي من عدم مراعاة الأمور الصحية، بيني وبين الله يعلمها أو لا (يقصد الأمور الصحية التي خالفها) أنت فسرت العصمة بما يشمل أمور الإنسانية والبشرية؟

وفي الجواب نقول: توجد عدة ملاحظات على السؤال ومنها:

الأولى: ادعى السائل أن المرض يأتي بسبب عدم مراعاة الأمور الصحية، وهذا الكلام، إن قصد به الموجبة الكلية، فهذا لم يقدم عليه دليلاً، فما هو الدليل على أن كل مرض سببه عدم المراعاة، ولا يكون أمراً يحدثه الله تعالى لمصالح خاصة لا يعلمها إلا هو؟

وإذا كان يقصد على نحو الموجبة الجزئية أي بعض الأمراض سببها عدم المراعاة، فهذا لا يخدمه في نفي العصمة في الأمور الإنسانية والبشرية، إذا قد يكون المرض في المعصومين من فعل الله المباشر.

وإذا قلت: كيف يُمرض الله عباده مباشرة؟

قلت: هو مالك له التصرف في ملكه لحكمة هو بالغها، ولا يزيد هذا على قبضه للنفوس وأمره بقتل من لم يفعل موجبه، كالطفل الذي قتله الخضر.

الثانية: لو سلمنا أن كل مرض سببه عدم المراعاة، ويحصل بأسباب مادية في عالمنا، وليس من الله تعالى مباشرة، ولكن ما الدليل على أن عدم المراعاة دائماً تكون عن خطأ، ولا تكون عن قصد وبأمر من الله تعالى؟

فإن الشيعة بل كل المسلمين يقبلون أن يلقي المسلم بنفسه في الموت لحفظ ما هو أهم، ويرون لله تعالى أن يأمر عبده بإضرار نفسه، فما هو المحذور في أن يأمر الله أو يجيز المعصوم ترك أسباب السلامة وتعريض النفس للمرض؟

الثالثة: سلمنا أن كل مرض بسبب عدم المراعاة، وسلمنا أن الله لا يجيز أبداً إلقاء النفس في الضرر، مع ذلك نقول: ما الدليل على أن المعصوم بإمكانه أن يمرض وبإمكانه ألا يمرض، وهو من باب الخطأ أوقع نفسه في المرض؟

فإنه يجوز عقلاً أن يكون المرض الذي يصاب به المعصوم قهرياً ومما لا ينفك عن هذه النشأة، ويلازم كل من عاش ظرف المعصوم ويصيبه، نظير الموت الذي لا يتوهم أنه دائماً بسبب عدم العصمة والخطأ وإنما هو تقدير من الله تعالى ولازم لهذه النشأة حتى لو عدمت أسباب الموت المتعارفة.

والخلاصة: إذا ثبت دليل العصمة المطلقة، فمن الواضح البين الذي لا يغفل عنه من أعطي موهبة التأمل أن المرض لا ينافيها، والبشرية لا تنافيها عند العقل السوي.

2020/04/12

التعصب للرأي: تجنّب «التشنج» وتفهّم مواقف الآخرين!

يبالغ بعض الناس في التعصب لآرائهم، ويفرطون في الثقة بها، بحيث لا يفسحون أي مجال ولا يعطون أي فرصة للرأي الآخر، فهم على الحق المطلق دائماً، وغيرهم على الباطل في كل شيء.

احتمال الخطأ

وينتج عن هذه الحالة – غالباً- موقف التطرف والحديّة تجاه المخالفين، وحتى في الاختلاف عند بعض القضايا الجزئية، والأمور البسيطة الجانبية.

إنه خلق يخالف تعاليم الإسلام الذي يربي أبناءه على الاستماع لمختلف الآراء ومحاكمتها على أساس الدليل والمنطق، لا التعصب والانفعال. يقول تعالى: (... فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ...) 1.

وأكثر من ذلك فإن رسول الله والذي لا يشك في أحقية دعوته بمقدار ذرة واحدة، يخاطب المشركين بمنتهى التواضع والموضوعية قائلاً (... وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) 2.

إنه منهج تربوي عظيم، يصوغ شخصية الإنسان على أساس احترام الآخرين، ومركزية العقل والوجدان.

والتعصب المطلق للرأي، والحدية والتشنج تجاه آراء الآخرين، يمنع الإنسان من الانفتاح على الرأي الآخر، واستماعه والإطلاع عليه، وربما كان هو الرأي الصحيح والصائب. ثم أن ذلك قد يجعل الإنسان في موقف حرج مستقبلاً إذ قد يتبين له خطأ رأيه، فكم من إنسان تراجع عن رأيه، وتغيرت قناعاته؟ وتلك حالة طبيعية قد تحصل للإنسان تجاه مختلف المسائل والقضايا.

يقول شاعر المهجر إيليا أبو ماضي:

رب فكر بان في لوحـة نفسي و تجلى

خلتـه مني و لكـن لم يقـم حتى تولى

مثل طيف بان في بئـر قليلاً واضمحلا

كيف وافى و لماذا فرّ مني؟ لست أدري

وقد رأينا أناساً كانوا يبالغون في التعصب لآرائهم حول بعض المسائل والأشخاص والجهات، ويعتبرون القول بهذا الرأي هو الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، أو يعتقدون أن الولاء لهذا الشخص أو لهذه الجهة هو مقياس الحق والباطل، ويعادون الناس ويناوؤنهم على هذا الأساس. لكنهم بعد فترة من الزمن تغيرت قناعاتهم وآراؤهم، مئة وثمانين درجة، مما أوقعهم في حرج مع أنفسهم وتجاه الناس.

إن الاعتدال والوسطية هو المنهج السليم، فلا يكون الإنسان متطرفاً ولا متشنجاً حاداً في مواقفه مع الآخرين، وعلى هذا المعنى يحمل قول أمير المؤمنين علي : «أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما».

وجميل ما قاله أحد العلماء: إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

تفّهم مواقف الآخرين

حينما تعتقد أحقية رأي معين، وتجد آخرين يخالفون هذا الرأي الحق –في نظرك- فإن عليك قبل أن تتهمهم بالعناد والجحود والمروق، وأن تتخذ منهم موقفاً عدائياً، عليك أن تتفهم ظروفهم وخلفية مواقفهم.

فلعل لديهم أدلة مقنعة على ما يذهبون إليه.

أو لعلهم يجهلون الرأي الحق، لقصور في مداركهم ومعلوماتهم.

أو لعلهم يعيشون ضمن بيئة وأجواء تحجب عنهم الحقائق.

أو لعلّ هناك شبهات تشوّش على أذهانهم وأفكارهم.

وتجاه مثل هذه الاحتمالات فإن المطلوب منك هو دراسة موقف الطرف الآخر، ومعرفة وجهة نظره، والدخول في حوار موضوعي معه، ومساعدته على الوصول إلى الحقيقة.

ونشير هنا إلى ملاحظة دقيقة هي: أن الإنسان قد يؤمن برأي من الآراء، ويعتبره حقيقة واضحة، تصل إلى مستوى المسلمات والبديهيات، لأنه قد أشبع الأمر بحثاً، وانشد إليه نفسياً، وعاش ضمن محيط قائم على أساس ذلك الرأي، فالمسألة أمامه واضحة جلية لا نقاش فيها، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للآخرين.

نهج موضوعي

وربانا القرآن على هذا النهج الموضوعي حينما يتحدث عن فئات من الرافضين لرسالات الأنبياء، بأن سبب ذلك الرفض هو الجهل وعدم العلم، كقوله تعالى: (... ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) 3. وقوله تعالى: (... وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) 4. ويقول تعالى: (ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ...) 5.

فنبي الله نوح في بدء رسالته يخاطب قومه مبدياً تفهمه لظروفهم التي تجعلهم يرفضون رسالته، بسبب التشويش على أذهانهم، ووجود الشبهات التي تعيق تفكيرهم، مع أنه يحمل إليهم الدعوة الصادقة، والحجة الواضحة مطالباً لهم بتجاوز تلك الحواجز ليروا الحق. يقول تعالى:  (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) 6 .

وفي لفتة تربوية معبرة يتحدث القرآن الكريم عن بني إسرائيل بعد نجاتهم من الغرق مع نبي الله موسى، وطلبهم منه أن يجعل لهم أصناماً كما للمشركين أصنام!! ومع سخافة الطلب ومخالفته الواضحة للدين، إلا أن نبي الله موسى أرجع ذلك إلى جهلهم، ثم صار يقرر عليهم حقيقة التوحيد من جديد، يقول تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) 7.


الهوامش:

1. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 17 و 18، الصفحة: 460.

2. القران الكريم: سورة سبإ (34)، الآية: 24، الصفحة: 431.

3. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 6، الصفحة: 187.

4. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 37، الصفحة: 132.

5. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآية: 30، الصفحة: 527.

6. القران الكريم: سورة هود (11)، الآية: 28، الصفحة: 224.

7. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآيات: 138 - 140، الصفحة: 167.

2020/03/01

لماذا وصف الإمام السجاد عمته زينب (ع) بـ «عالمة غير معلمة»؟

السيد جعفر مرتضى العاملي

ما هو معنى قول الإمام السجاد عليه السلام للسيد زينب عليها السلام «عالمة غير معلمة»؟

وكيف يصف الإمام عليه السلام عمته بصفة هي لله عز وجل؟

وعليه كيف نفرق بين علم الله عز وجل وعلم السيدة زينب عليها السلام من حيث إنهما من غير معلم؟

وفي الجواب نقول: إن الإمام السجاد للسيدة زينب عليهما السلام: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة» .. فهو يحتمل أحد معنيين:

الأول: أنها عالمة بالله تعالى وبآياته الظاهرة، من خلال فطرتها الصافية، وعقلها الراجح، وتدبرها في آيات الله تعالى، فلا تحتاج إلى من يعرفها بما يتوجب عليها في مثل هذه المواقع الحساسة ما يجب عليها من التحلي بالصبر، وجميل العزاء، والكون في مواقع القرب من الله تعالى، راضية بقضائه صابرة على نزول بلائه.

ولعل هذا المعنى هو المناسب لواقع الأمور التي تواجهها عليها .. والتي دعت الإمام السجاد عليه السلام لأن يقول لها ذلك.

الثاني: أن يكون مراده عليه السلام: أنها قد بلغت مراتب عالية جعلتها أهلاً لتلقي الإلهامات الإلهية الهادية، ومحلاً لنور العلم الذي يقذفه الله في قلب من يشاء، على قاعدة «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ».

وأما وصف الإمام عليه السلام عمته بصفة هي لله تعالى، فنقول:

إن المراد بقول الإمام زين العابدين عليه السلام: إن السيدة زينب عالمة بتعليم الله تعالى لها . عن طريق إلهامها للحقائق، وفتح باب فهمها .. ويقظة فطرتها، وتدبرها في آيات الله تعالى ..

فهي عالمة غير معلمة من أحد من الناس . وإن كانت معلمة بتعليم الله، وتوفيقه، وهداياته، وشتان ما بين علم الله تعالى وعلمها عليها السلام، فإنه تعالى عالم بالذات، وأما زينب عليها السلام فهي عالمة بتعليمه تعالى، تماماً ككون الله غنياً بالذات، وفلان من الناس غني بالله تعالى .. والله قادر بالذات وغيره قادر بأقداره تبارك وتعالى.

2020/01/01

في العراق: 10حالات طلاق كل ساعة من أسبابها «الدليفري» و «الباجة»!

*دلال العكيلي

حتى سنوات مضت، كان الطلاق يعد من اللثمات الاجتماعية التي تؤتي بنتائجها السلبية على المرأة في المجتمع العراقي، إلا أنه ومع الانفتاح الذي شهده العراق خلال السنوات الأخيرة، خفت حدة النظرة الدونية للمرأة المطلقة، إلا أن ذلك صاحبه في الوقت ذاته ارتفاع معدلات الطلاق، الغريب في ارتفاع حالات الطلاق بالعراق انه فقط في العام الماضي وصلت إلى حوالي 74 ألف حالة تفريق بسبب التطور التكنولوجي والانفتاح الثقافي والصراعات السياسية التي أثرت على الاسرة، وكذلك المسلسلات الغرامية وانتشار تعاطي المخدرات وارتفاع الجرائم المجتمعي.

في حديث للقاضي أحمد الصفار عن اسباب الطلاق أن "الآونة الأخيرة شهدت ارتفاع حالات الطلاق بسبب الرسائل ‏والصور أو المسلسلات الغرامية أو الألعاب الالكترونية كلعبة "البوبجي"، وهذا كله ‏من الإخطار المجتمعية".. لافتًا إلى أن "قضايا الابتزاز الالكتروني إحدى الصور التي شكلت نسبة من حالات ‏الطلاق"، لافتا إلى أن "عدة عوامل أخرى تقف وراء أسباب تنامي هذه الظاهرة.

واشار إلى انه "من العوامل المعروفة أيضا تدخل الأطراف الأخرى في الشؤون الزوجية ‏والعوامل الاقتصادية وعدم توفر فرص العمل والوظائف كذلك انخفاض مستوى دخل ‏الأسرة وتباين مستوى الوعي الفكري والثقافي بين الزوجين والتحصيل الدراسي"، وأقترح القاضي استحداث موظف بصفة باحث نفسي يساعد الباحث الاجتماعي ‏في المحاكم لمعرفة الطابع النفسي لكلا الزوجين، مؤكدا على ان "هذا الاجراء يحد من حوادث ‏الطلاق".‏

أسباب اجتماعية واقتصادية

من جهتها، حددت إنعام صاحب سلمان - مديرة قسم البحث الاجتماعي في مجلس القضاء ‏الأعلى- اسباب الفرق بين نسب العامين المتتاليين في حالات الطلاق قائلة إن "أسبابا اجتماعية وراء تسجيل ارتفاع ‏الحالات عن العام السابق والاطراد الملحوظ في العقد الأخير" لافتة إلى الاسباب ‏المجتمعية مثل عدم توفر السكن والخلافات العائلية وأسباب اقتصادية هي من ضمن ‏الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق وسببها عدم توفر فرص العمل للزوج وعدم توفر ‏الوظائف للزوجين وان وجدت فرص عمل فتكون بمردود شهري لا يكفي لسد الحاجة ‏في ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع فواتير المتطلبات اللازمة للمكتب سواء أكانت من ‏ناحية القوت او الناحية الطبية او الناحية المعيشية.‏

شبكات التواصل الاجتماعي

لا تقف أسباب الطلاق على الأسباب السابقة فحسب، إذ تتعداها إلى أخرى غريبة على المجتمع العراقي، تقول رئيسة جمعية العراق الجديد سهام أحمد إن الجمعية أجرت دراسة ميدانية في مختلف محافظات البلاد، ونتائجها كشفت أن 60% من حالات الطلاق سببها الفقر والبطالة وانعدام بيئة سكن صالحة للزوجين، إضافة إلى آفة المخدرات وقلة التعليم.

وأكدت أحمد أن الطلاق الناتج عن الشك بسبب استخدام أحد الزوجين مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية التفاعلية شكلت نسبة لا بأس بها من الدراسة التي أجرتها الجمعية، وتعتقد أن انعدام التوعية وضعف دور المحاكم كجهات إصلاحية إضافة إلى مهامها القضائية أدى إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق المسجلة، التي بالنهاية ستظهر آثارها على الأبناء ابتداءً ثم تمتد آثارها إلى بقية أفراد المجتمع، ويؤيد هذا الطرح الدكتور كريم ماهر علوان، إذ يرى أن الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي وما ينتج عنه من تفكك للأسرة وانعدام الثقة بين الزوجين، يؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع العراقي.

أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك الارتفاع هو غياب التوعية الأسرية للأبناء والبنات المقبلين على الزواج، في ظل انشغال الأهل بالتواصل الشبكي والألعاب الإلكترونية التفاعلية، ويضيف علوان أن الزواج المبكر يجعل الزوجين غير قادرين على تحمل تكاليف الحياة، خاصة بعد أن شهدت السنوات الأخيرة ارتفاع متطلبات الزواج وتنوعها وتكاليف الحياة الزوجية ذاتها، ما يجعل الزواج مهدداً ولا يقوى على الصمود بوجه المشاكل المتزايدة، فيكون الطلاق الحل بنظر الزوجين أو عائلتيهما.

منحى آخر يتحدث به الحقوقي صهيب أحمد إذ يرى أن الفقر وتدهور الحالة الاقتصادية والبطالة، كلها عوامل عايشها الشعب العراقي إبان الحصار الدولي على العراق بين عامي (1991-2003) إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، لم يسجل العراق ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الطلاق على النحو الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة، ويعزو أحمد في حديث له ارتفاع معدلات الطلاق إلى جملة من الأسباب التي باتت دخيلة على المجتمع، ومنها الطائفية والحرب التي عايشتها البلاد طيلة الـ16 عامًا الماضية، إضافة إلى انفتاح البلاد على العالم ومواقع التواصل الاجتماعي والعولمة.

ومن بين أهم الأسباب التي يعتقد أحمد أنها تقف وراء ذلك الارتفاع هو غياب التوعية الأسرية للأبناء والبنات المقبلين على الزواج، في ظل انشغال الأهل بالتواصل الشبكي والألعاب الإلكترونية التفاعلية، حتى باتت الفترة التي يقضيها الآباء مع أبنائهم لا تتعدى الدقائق المعدودة خلال اليوم الواحد، لافتًا إلى أن ذلك أدى بالمجمل إلى تأثر الشباب (ذكور وإناث) بما يشاهدونه ويتابعونه على وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات المدبلجة التي تعرض قصص الحب الخيالية التي تنعكس سلبًا على حياتهم الشخصية.

الدليفري والباجة

قضية غريبة ومثيرة قد يراها البعض طريفة، لكن خطورتها أوصلت زوجين الى المحاكم، فقد طلبت آمنة (22 عاماً) من زوجها الطلاق لأنه يرفض اعتمادها على "الدليفري" ويطلب منها تحضير الطعام بنفسها، اذ أنها لم تتعود على إعداد الطعام قبل الزواج ولم تقم به حتى بعد زواجها، وأمام هذا الخلاف قررت الزوجة اللجوء الى المحاكم لطلب الطلاق.

اما الحالة الأخرى التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فهي عدم معرفة الزوجة كيفية تحضير الأكلة الشعبية "الباجة"، فبعد علاقة حب دامت لسنوات وتكللت بالزواج، طلب الزوج من زوجته تحضير هذه الأكلة، إلا أن عدم معرفة الزوجة بطريقة تحضيرها ومحاولاتها لمرات عديدة في إعدادها باءت بالفشل، ما جعله يهددها بالطلاق، وبعد نقاش وتهديد احتكم الزوج الى المحكمة لطلب التفريق، فطبق "الباجة" كان سبباً في نهاية أسرة!

الملل والروتين

على الرغم من توفر كل وسائل العيش الكريم لدى بعض من المتزوجين، التي توفر السعادة بينهما، إلا أن العديد منهم بات الملل والروتين المستمر بينهما سيدَي هذه العلاقة، لذا ترى بعضهم يتعمدون خلق المشاكل بينهما حتى يعطي لتلك العلاقة نكهة التغيير، أميرة جليل (45 عاماً) تحدثنا بعين ملؤها الدموع وتقول: إن الالتزام بنمط معين في العلاقة الزوجية هو ماجعل هذه العلاقة تنذر بالفشل، فقد حاولت في العديد من المرات أن أدخل بعض التغييرات على حياتي الزوجية لكني لم أفلح بذلك، وعدم معرفتي بما يسعد زوجي كان أحد أسباب هجره لي، فقد قال عندما سأله القاضي عن سبب الطلاق، حسب ادعائه: "هيجي عيشة متنراد، الملل حطمني، وخلاني انفر منها"، وهذا طبعاً بعد أن فات أوان التغيير، ما يدعوني الى أن أناشد جميع الزوجات أن يضفين نوعاً من التغييرات باستمرار على حياتهن الزوجية حتى لا تنتهي كما انتهت بالنسبة لي.

10حالات طلاق كل ساعة

وتكشف ارقام سُجلت خلال سبعة اشهر اولى من العام الماضي وقوع نحو 10 حالات طلاق في العراق خلال كل ساعة كان النصيب الأكبر منها من حصة العاصمة بغداد، حيث سجلت الأخيرة أعلى نسبة من حالات الطلاق مقارنة مع المحافظات العراقية الأخرى خلال السنوات الـ15 الماضية بلغت 44% وتشير الإحصائيات الرسمية إلى وقوع نحو 800 ألف حالة طلاق منذ عام 2004 وحتى شهر يوليو 2018 بمعدل 4،500 و4،900 ألف حالة طلاق شهريًا حيث 20% من حالات الزواج في البلاد تنتهي بالطلاق بحسب الإحصائيات المتوفرة وهي نسبة مقلقة جدًا في مجتمع لا تتمتع فيه المرأة بكامل حقوقها بحسب مؤسسة "ألترا صوت".

وتبرز في إحصائيات السلطة القضائية، إشارات إلى أن نحو 70% من حالات الطلاق تتم خارج المحاكم العراقية، حيث يلجأ كثيرون إلى المكاتب الشرعية لتوقيع الطلاق تفادياً لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية، فيما لا يتجاوز عمر الزيجات في الكثير من حالات الطلاق أكثر من خمس سنوات، ووفقاً للمادة 39 من قانون ‏‏الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لعام1959 المعدل والتي تنص على وجوب إقامة الدعوى في المحكمة ‏الشرعية لمن يريد الطلاق والحصول على حكم الا انه على الرغم من ذلك، فإن هناك حوالي 70% من حالات الطلاق تتم خارج تلك المحاكم حيث يلجأ كثيرون إلى المكاتب الشرعية لتوقيع الطلاق تفاديًا لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية، ما يؤشر إلى غياب الوعي القانوني وعدم إدراك نتائج التفكك الأسري.

24088 حالة طلاق لـ 2019

اعلن مرصد الحريات للدفاع عن المرأة المعنفة عن تسجيل 24088 حالة طلاق في المحاكم العراقية يقابلها 109707حالة زواج في الاشهر الاولى من سنة 2019، وفي بيان للمرصد "بحسب الاحصائيات الرسمية الصادرة من مجلس القضاء الاعلى فأن نسبة الطلاق في العراق لسنة 2017 بلغت 49328 يقابلها 262007، الا ان حالات الطلاق ارتفعت في سنة 2018 حيث بلغت 73569 يقابلها 245296 حالة زواج في المحافظات العراقية باستثناء محافظات اقليم كردستان".

واضاف ان "حالات الطلاق في شهر كانون الثاني وشباط واذار ونيسان لسنة 2019 بلغت 24088 حالة يقابلها 109707 حالة زواج"، مبينا ان "المرصد يتخوف من ارتفاع حالات الطلاق في نهاية العام الحالي وتسجيل نسبة تتجاوز الحد المعقول"، وبحسب مرصد الحريات للدفاع عن المرأة المعنفة، بأن "نسبة الطلاق بدأت بالارتفاع في السنوات الاخيرة، بسبب الاوضاع الاقتصادية ومواقع التواصل الاجتماعي، اضافة الى الزواج المبكر، هو سجل نسبة 65% من حالات الطلاق في العراق".

بغداد في المقدمة

واوضح مجلس القضاء الأعلى ان محاكم العراق كافة سجلت (73569) حالة طلاق" مشيرة إلى ان العاصمة "بغداد بجانبيها الكرخ ‏والرصافة حلت في المرتبة الأولى مقارنة ببقية المحافظات من خلال تسجيل محاكم ‏العاصمة (30028) حالة، بـ(16724) طلاقا في جانب الرصافة ‏و(13304) حالات طلاق في الكرخ "، وقال قاضي محكمة الأحوال الشخصية احمد الصفار إن "المحاكم سجلت تزايدا في ‏حالات الطلاق لاسيما خلال العقد الأخير".. مبينا أن "الدوافع متنوعة ومتعددة ‏بسبب المتغيرات الاجتماعية وانفتاح المجتمع على عصر التواصل الالكتروني وكثرة ‏الصراعات السياسية وأثرها على الأسرة وهذا التغير السريع أصبح يهدد اغلب ‏المجتمعات وبمختلف الفئات العمرية".‏

أرقام مُخيبة جنوب العراق

أعلنت رئاسة محكمة استئناف البصرة الاتحادية، أن محاكم الأحوال الشخصية التابعة لها في المحافظة شهدت خلال العام المنصرم 2018 إبرام 25864 عقد زواج مقابل تسجيل 5854 حالة طلاق، وقالت رئاسة المحكمة في بيان إن "محاكم الأحوال الشخصية في البصرة أنجزت خلال العام المنصرم 19598 دعوى شرعية معروضة أمامها من أصل 20344 دعوى، بحيث بلغت نسبة الانجاز 99%"، مبيناً أن "محاكم الأحوال الشخصية أبرمت 25864 عقد زواج، فيما سجلت 5864 حالة طلاق، وقد تمخض الدور الكبير لشعبة البحث الاجتماعي في حل الخلافات وإعادة الحياة الزوجية لأكثر من 1861 حالة".

كيف نحد من حالات الطلاق؟

حلول عديدة قد تسهم في الحد من حالات الطلاق في البلاد، ولعل من أهمها التدابير الوقائية التي يمكن أن تتخذها الحكومة العراقية في سبيل الحفاظ على الأسر من التفكك، الطلاق بحد ذاته يعد خياراً شخصياً للمتزوجين، خاصة إذا تم برضاهما، إلا أنه في الوقت ذاته يعد مشكلة متفاقمة للأزواج المنفصلين الذين يتركون وراءهم أطفالاً سيعانون من المشاكل طيلة حياتهم وقد تنعكس بالتالي على حياتهم الزوجية المستقبلية، قد تسهم حلول عديدة في الحد من حالات الطلاق بالبلاد، ومن أهمها التدابير الوقائية التي يمكن أن تتخذها الحكومة العراقية في سبيل الحفاظ على الأسر من التفكك.

ولعل أهم تجربة في هذا المجال التجربة الماليزية، إذ كانت هذه الدولة الآسيوية سباقة في تجربة ثورية في الحياة الزوجية، حققت من خلالها الحكومة قفزة نوعية في مجال المحافظة على الأسرة واستقرارها والحد من حالات الطلاق، ويمكن تلخيص التجربة الماليزية تلك بأن الحكومة باتت ومنذ سنوات تلزم المقبلين على الزواج باجتياز دورات تدريبية تمكنهم من الحصول على "رخصة الزواج"، وتقوم الفكرة على أن كل متقدم للزواج لا بد أن يقدم للقاضي المختص شهادة من وزارة الشؤون الاجتماعية، تؤكد أنه اجتاز دورات في الحياة الزوجية والأسرية في نقاط محددة كأهداف الأسرة والتخطيط للحياة الزوجية والتغلب على المشاكل البينية بين الزوجين، إضافة إلى تجارب ميدانية أبدعت الحكومة الماليزية في تضمينها في تلك الدورات.

ويمكن للحكومة العراقية أن تستثمر دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في هذا المضمار، كما يمكن لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن تلعب دوراً مهماً في هذا الصدد من خلال الندوات واللقاءات التي يمكن أن تضفي التوعية اللازمة والمعرفة للشباب المقبلين على الزواج في البلاد، ومع ارتفاع حالات الطلاق في العراق ووصولها إلى معدلات قياسية غير مسبوقة، بات من الضرورة بمكان أن تبدأ الجهات الحكومية بوضع خطط لأجل معالجة هذه المشكلة، خاصة أن تقارير عدة تؤكد أنه وفي ظل استمرار معدلات الطلاق على الحال الذي عليه الآن، فإنه وفي السنوات القليلة المقبلة، سيكون العراق قد سجّل مليون حالة طلاق منذ عام 2003.

  • نقلاً عن النبأ

المصادر

- الشبكة العراقية

- مجلس القضاء الاعلى

- ايلاف

- السومرية

- وكالة يقين

- نون بوست

2019/12/17

ليست كالطعام والشراب.. إحذروا «الغريزة الجنسية»!

ثمة اعتقاد سائد بأن الغريزة الجنسية لا تعدو أكثر من كونها حاجة يطلبها الجسد كما يطلب الطعام والشراب، لكن هذا المقال سيوضح لك حقيقة الأمر.  

إن الغدد المرتبطة بالغريزة الجنسية تترشح في الدم، وحينما يتم هذا الترشح يحصل التغير العجيب في جسم وروح الشباب، فتى كان أم فتاة. وهذا التغير يبدو واضحا جليا حتى على وجه الشاب مما يلفت انـظار الأخرين إليه؛ وهذه الحالة يسميها الإسلام بـ «البلوغ» حيث يقال للشخص الذي تعتريه حالة التغيّر تلك "بالغ".

إن ترشح الغدد المرتبطة بالغريزة الجنسية يكسب الفتى أو الفتاة ميلاً او رغبة، يمكن أن نطلق عليه اسم الميل الجنسي أو الـرغبة الجنسية، وبعبارة أخرى، ما دامت الغريرة الجنسية كالنار تحت الرماد يبدو على الشاب التبختر في مشيته، والتحليق في عالم آخر غير العالم الواقعي ، والميل والرغبة إلى اشياء أخرى، ما كان قبل ذلك يميل أو يرغب إليها، وعندها ينبغي أن يحصل الشاب على جواب رغباته وميوله تلك، وإذا ما حِلنا دون إجابته ستـطفو على السطح مشاكل نحن في غنى عنها لو كنّا قد اجبنا على ميول ذلك الشاب.

هل الرغبة الجنسية كحاجتنا إلى الطعام والمال؟!

إن الرغبة الجنسية ليست كالـرغبة إلى الأكل والشرب، وليست نظير غرائز حب المال، أو حب الرئاسة، أو ما شابه من الغرائز الأخرى، ولو كان حديث فرويد بصدد هذه المسالة صائبا لكانت كل الغرائز ترجع في أساسها إلى هذه الغريزة، ولكن حديث فرويد ذاك ليس صحيحا، ويبقى أن نعلم بأن الغريزة الجنسية ليست كغريزة الرغبة إلى الخبز والماء.

إن العشق، والذوق، والشعر كله، وكل ما يشبهه ينبع من تلك الغريزة، إنكم لم تسمعوا بذلك الذي قال شعرا في الخبز؟! او قصيدة شعرية تغزلا بالماء، وعلى علمي انكم لم تسمعوا بأحدٍ عشق الخبز او الماء، ولكن العشق المرتبط بالغريزة الجنسية موفور، عشق الإنسان لإنسان آخر، وهذا يقينا يرجع في اساسه، ويستمد ما لديه من منبع الغريزة الجنسية.

وهنا لا بد من تحذير الشباب بشكل إجمالي من خطورة المحبة المفرطة بين فتيـين او فتاتين، لأن ذلك يؤدي إلى حالات مرضية خطيرة.

وقد يقول البعض، إن ذلك غير معقول، كونه يحب رفيقه أو صديقه اكثر من اصدقـائه الآخرين، وأن ذلك لا يرجع في الأساس إلى الغريزة الجنسية، وأنه لن يحصل ما لا تحمد عقباه؛ ونقول له: كذبت؛ لأن محبة احد بني البشر لا تنفلت أبدا ولو بنسبة واحد بالمليون من دائرة الغريزة الجنسية، هذا إذا كان الحب المتبادل بين الشباب حبا مفرطا وإفراطيا، او ما يطلق عليه بالعشق، والعشق يرتبط بالغريزة الجنسية.

أما العشق السليم فهو ذاك المرتبط بالله تبارك وتعالى، أجل يمكن أن يعشق أحدهم الإمام الحسين عليه السلام، ويعشق ولي العصر الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه، ويعشق ظهوره، فلا غرابة في الأمر لأن ذلك العشق يرتبط بالله العلي العظيم، ولو لم يكن هؤلاء الذين ذكرنا يعشقون الله لما عشقناهم.

اما الأفراد الذين لا يعرفون معنى الفضيلة، ولا يرتبطون بالله ارتباطا وثيقا يكون عشقهم خطرا، وخطرا جدا.

أريـد أن أقول: إن الـذي يقول شعرا في معشوقه بعد أن تعلق قلبه بالآخرين يستقي عشقه ذاك من تلك الغريزة الجنسية، أما الذي عشق الماء، أو عشق الخبز وقال فيهما شعرا، لا يمكن أن يعد جائعا إلى هذه الـدرجة، ولكن ذوقه تألق ليساعده على قول الشعر في الخبز، وكذا الأمر بالنسبة للذي يقول شعرا في الماء إذ لا يمكن أن نتصور ذلك الشاعر ظمآنا إلى درجة كبيرة بحيث حرك عطشه قريحته الشعرية فالأمر ليس هكذا ابدا.

من هنا نفهم بأن الغريزة الجنسية - بالرغم من عدم صحة نظرية فرويد - يجب أن يكون لها حساب خاص، لذا ينبغي لجميع الشباب، الآباء، الأمهات، وجميع أفراد المجتمع أن يحسبوا لهذه الغريزة حسابا منفصلاً عن بقية القضايا التي تمس المجتمع بشكل عام.

2019/10/24

كيف نحافظ على أسرنا من التصدّع؟

* الشيخ فوزي السيف

موقع العفاف كمفهوم يعتبر في الدرجات العالية ليس فقط في مقياس الأخلاق بل حتى بالقياس للعبادات .. فقد أعتبر كما في الروايات : أفضل العبادة ، كما في حديث عن أمير المؤمنين (ع) : أفضل العبادة شيء واحد ، وهو العفاف .. وأحب العفاف إلى الله عفاف البطن والفرج .. وفي الصحيح ، عن أبي بصير قال : قال رجل لأبي جعفر (ع) : إني ضعيف العمل ، قليل الصيام . ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا قال فقال له : وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج . وإذا كان لكثير من الذنوب ، كالسرقة ، وأكل الحرام ، والزنا ، منشأ هو الحرص ومد اليد أو النظر أو التطلع إلى الشهوة المحرمة ، فإن منشأ ما يقابلها من الأمانة والامتناع عن الحرام ، وعدم القرب من الزنا ينتهي إلى العفاف .. في الحياة الزوجية والأسرية.

يلعب العفاف الدور الأكبر في حفظ الأسرة من التصدع .. فإنه قد اعتبر أفضل ما تتحلى به المرأة (الزوجة) : وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.. واعتبر النبي (ص) هذا النمط من النساء ممن يستحق أن يكنز !! ، فقد روي أنه لما نزلت آية : الذين يكنزون الذهب والفضة .. قال : ألا أخبركم بخير ما يكنز؟ المرأة الصالحة، اذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته! وهناك علاقة تبادلية: وجدلية ( مؤثرة ومتأثرة ) بين عفاف الزوجة وعفاف الزوج، ولهذا وجه للزوج الحديث (عفوا تعف نساؤكم) وأنه (كما تدين تدان) وهو أمر ليس بالغيبي بالضرورة بل هو قانون اجتماعي .. في الحديث عن النبي (ص) : (تزوجوا في آل فلان فإنهم عفوا فعفت نساؤهم) .

بيئة العفاف الاجتماعي: تأتي التوجيهات الاجتماعية لتخلق تلك البيئة بدءا من قضية التفكير والهم والنية : ففي الخبر الصحيح عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال : اجتمع الحواريون إلى عيسى عليه السلام فقالوا له : يا معلم الخير أرشدنا فقال لهم .. فقال إن موسى نبي الله أمركم أن لا تزنوا وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلا أن تزنوا فإنه من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت . وعن أبي حمزة قال : كنت عند علي بن الحسين (ع) فجاءه رجل فقال : يا أبا محمد إني مبتلى بالنساء فأزني يوماً وأصوم يوماً فيكون ذا كفارةً لذا ، فقال له علي بن الحسين (ع) : «إنه ليس شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يطاع فلا يعصى فلا تزني ولا تصوم» فاجتذبه أبو جعفر (ع) إليه فأخذه بيده فقال: «تعمل عمل أهل النار وترجو أن تدخل الجنة»

الحجاب والتستر: والغرض منه منع إثارة الشهوة، ويقابله بالنسبة للرجل لزوم غض البصر، لا أن يقول البعض انظر إلى فلان شيء منها ظاهر، وهو يدقق في ذلك (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ).. الحجاب هو اعلان التزام، وينبغي أن يكون هو تصادق بين الإعلان وبين المعلن عنه.. الحجاب غرضه ما قاله القرآن (ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، (أزكى لهم)..

الحجاب دعوة اجتماعية، وتبليغ متنقل.. فلا ينبغي أن يخالف ما وضع له.. لو أن شخصا أخذ معه لافتة تقول أنا ملتزم لكان ذلك شيئا ممجوجا لكن المرأة المحجبة تصنع ذلك بحجابها بلطف.

( كلام المسلمة مينة أمينة ت 2010 التي كادت ان تُقتل لإسلامها وحرمت من حضانة أبنائها، تتحدث عن أن الكثيرات من المسلمات لا يعرفن لماذا يضعن قطعة القماش على رؤوسهن.. يُعرفن / فلا يؤذين.. تعرف أنها مسلمة وبالتالي ملتزمة بالوفاء والخلق ..الخ . هي مسلمة وليست لعبة !

المنع من الاختلاء المؤدي إلى الحرام: فإن التحريم هنا مقدمي.. ومثله التواصل المؤدي إلى الحرام، يسأل البعض عن هل يجوز التواصل بين الشاب والشابة؟ فيقال: إن الأمر يحكم بمؤدياته..

من دوافع الخيانات: الحياة الجنسية الباردة، وهذا بالطبع ليس تبريرا، وإنما هو ذكر سبب لفهم طريقة علاجه، مثلما أنك تقول إن سبب الأيدز مثلا هو العلاقات الجنسية الخاطئة، فإن معرفة هذا السبب لابد أن يقود إلى علاجه بترك تلك العلاقات .

ترك التهيئة:  ففي القوي عن الحسن بن جهم قال رأيت أبا الحسن (ع) اختضب فقلت جعلت فداك اختضبت؟ فقال نعم إن التهيئة مما تزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء «أو نساء» العفة بترك أزواجهن التهيئة، ثمَّ قال: أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت لا قال فهو ذاك)، فالتسويف من قبل كل منهما قد ينتهي إلى الانحراف الجنسي.

يعتقد بعض الرجال أنهم يمكنهم أن يكوّنوا علاقة مع نساء أجنبيات وأن يمارسوا المحرمات معهن.. ولكن زوجته ينبغي أن تكون وفية وأمينة له فقط, ومن ناحية أخرى تعتقد بعض الزوجات أنه يجب معاملة الزوج بمثل معاملته لزوجته أي السيئة بالسيئة .

2019/10/02

لهذه الأسباب تعاني المرأة في المجتمعات الإسلامية!

إنّ المرأة بل وحتى الرجل الشاب والطفل يعانون من التخلّف وعدم الوعي في وظائفهم العامة والخاصة التي ذكرتها الشريعة لهم وأوجبت عليهم القيام بها، فالتخلّف والظلم عام للمرأة وغيرها، - وهي - تعاني من التخلّف والقيود غير المشروعة بسبب الجهل بالشريعة الإسلامية التي شرّعت لها حقوقها وجعلتها مساوية للرجل في الإنسانية والكرامة والحقوق والواجبات الفطرية التي تهدي إليها الشريعة، وبسبب سيطرة التقاليد والأعراف الجاهلية الموروثة والدخيلة الطارئة من المجتمعات التي دخلت في الإسلام.

بل إنّ المرأة في المجتمعات الإسلامية قد لا تعرف وظيفتها الخاصة في الأُسرة كزوجة وأُمّ، فهي تدخل الحياة الزوجية ولا تعرف شيئاً عن هذه الاُمور الخاصة بها.

إذن لابدّ من قيام حركة إصلاحية لوضع المرأة على أساس الإسلام بحيث تعاد كرامة المرأة ويعاد دورها الفاعل في بناء المجتمع، ولابدّ من تربية المرأة وتعليمها وتأهيلها لما يناسب وظيفتها العامة في المجتمع، وما يناسب وظيفتها الخاصة في الأُسرة، ولا نهمل العناية في الجانب الخاص لحساب الجانب العام الاجتماعي.

هذا، ولكنّ الذي حصل: أنّ بعض المتأثرين بالفكر الغربي من المسلمين وغيرهم نادوا بتحرير المرأة في المجتمعات الإسلامية ومساواتها بالرجل، ونقدوا حكم الشريعة الإسلامية في جملة من التشريعات التي هي متفرّعة على اختلاف وظيفة الرجل والمرأة "كوجوب ستر الجسد، وقواميّة الزوج، والطلاق، والميراث، والشهادة" فدعوا إلى إلغاء هذه الأحكام الشرعية التي ادّعوا أنّها سبب تمييز بين الرجل والمرأة..

 إنّ المساواة التي ينادي بها الإسلام تكمن في الإنسانية والحقوق والواجبات الفطرية الطبيعية والقيم، وليس المماثلة في جميع الجهات. أمّا الاختلاف بين الرجل والمرأة في الشكل الذي يكون موضوعاً للاختلاف في الوظيفة الخاصة لكلّ من الرجل والمرأة، والذي يقتضي توزيع المسؤوليات والأدوار في الأُسرة والجميع، فهو أمر واقعي لابدّ منه، كالاختلاف بين الرجال في اختصاصاتهم وعلمهم الذي يقتضي توزيع المسؤوليات والأدوار نتيجة هذا الاختلاف.

إنّ قواميّة الزوج الناشئة من عقد الزواج تعني المحافظة على الزوجة والاهتمام بها وتدبير شؤونها، فهو امتياز لها لا يجوز سلبه عنها بحجة حقوقها، أي إنّه حقّ لها لا عليها. كما أنّ حقّ الطاعة ـ الذي أوجبه الإسلام على الزوجة للزوج ـ لا يعدو أن يكون حكماً احترامياً للزوج، ولا يحدّ من حرية المرأة وكرامتها وإنسانيتها وتصرّفاتها وأعمالها، وكذا خروجها من البيت بإذن الزوج، فهو لاحترام الزوج وقيمومته على تسيير سفينة البيت الزوجي إلى شاطئ السلامة، بدون أن يدخل المتطفّلون في بيت الزوجية لتخريبه وإفساده.

وأمّا الميراث: فهو ليس كما يصوّره غير العارفين بالشريعة الإسلامية من كون حصة المرأة في الميراث نصف حصة الذكر، فهو ظلم للمرأة; لأنّ بعض النساء يكون لهنّ نصيب من الإرث أكثر من الرجل، كما فيما إذا ترك الميّت أباً وأماً وبنتاً، فإنّ البنت قد فرض الله لها في هذا الفرض نصف التركة، أمّا الأب فله السدس وكذا الأمّ، والباقي وهو السدس يقسّم أخماساً، فتأخذ البنت ثلاثة أخماس، ويأخذ الأب خمساً، وكذا الاُم، فتكون البنت قد أخذت ضعفي الذكر.

وكذا يكون للمرأة أكثر من الذكر فيما إذا كان للميت بنتان وأب، فإنّ للبنتين الثلثين، لكلّ واحدة ثلث التركة، أمّا الأب فله السدس، والباقي وهو السدس يقسم على خمسة أقسام، كلّ بنت تأخذ خمسين، ولكن الأب يأخذ خمساً واحداً، فتكون كلّ بنت قد أخذت ضعف الأب.

والسؤال هنا: لماذا لم تتصاعد الأصوات للدفاع عن الرجل في هاتين الصورتين وأمثالهما الذي يكون للأنثى أكثر من الذكر؟! أين من ينادي بالمساواة من هذه الفروض؟

ولماذا لم يعترض على وجوب النفقة على الزوج، ووجوب إعطاء المهر للزوجة من قبل الزوج في عملية جنسية وإنشاء بيت ينتفع به الطرفان؟!...

وأمّا التستر عن الأجنبي ـ الذي فرضه القرآن على الإناث، كما فرض التستر على الرجل ولكن بمساحة أقلّ ممّا فرضه على المرأة ـ فهو لا يعتبر قيداً على المرأة بمقدار ما يكون وقاراً واحتراماً لها، ومنعاً من إثارة الرجل بالتعرّي وبكلّ ما من شأنه إثارة الرجل من دون إشباع لهذه الإثارة عن طريق الزواج، فلا يجوز أن تكون المرأة آلة يتفرّج عليها المتسولون، وقد تصل الحاجة إلى التحرّش والاعتداء والاغتصاب المهين الذي تتعرّض له النساء عادة بإثارة الرجل. ولا يجوز أن يتحوّل المجتمع إلى دار مجون ومتعة وجنس بلا ضوابط.

بل نريد من المرأة ـ التي هي نصف المجتمع ـ أن تقوم بدورها في الأُسرة والحياة الاجتماعية العامة بطهارة وإخلاص إذا سنحت لها الفرصة في العمل الاجتماعي وكانت قادرة على ذلك ومؤهلة له، فتجلب للمجتمع السعادة والرقي، وهذا هو المنسجم تماماً مع التستر والعفّة، والإنسانية والكرامة الذي يسعى الإسلام للحفاظ عليها، ولا يكون ستر البدن مانعاً من عملها العام في المجتمع...

 إذا كان التستر حدّاً لحرية المرأة، فإنّ الرجل أيضاً قد حدّد بذلك، حيث أوجب الله عليه الغض من بصره للنساء الأجانب، وأوجب الله عليه التستر بمساحة أقل، حيث لا يجوز له المشي عارياً في الأماكن التي يوجد فيها إنسان محترم.

 إنّ التستر على المرأة بمساحة أوسع من الرجل وعدم إظهار زينتها للأجانب مبتني على الفوارق الجسمية (الفسيولوجية والسيكولوجية) بين الجنسين، فالمرأة مثار للشهوة، والإثارة بدون إشباع صحيح وشرعي يؤدّي إلى كوارث بشرية واعتداءات فاضعة واغتصاب مهين للمرأة...

إذن، لا يمكن لنا أن نصف المجتمع الإسلامي بالتخلّف نتيجة هذه الأحكام الشرعية المتفرّعة على اختلاف الصنف، الذي هو يقتضي اختلافاً في الوظيفة الخاصة وفي المجتمع; لأنّ المعيار في التخلّف الحضاري والتقدّم الحضاري لابدّ أن يستند إلى خصوصيات هذه التشريعات وفلسفتها والنظرة الكلية للكون والحياة والإنسان في الحضارة الإسلامية، فالتقدّم والتأخّر مرتبط بنظام القيم والحقوق والواجبات، لا بالنظر إلى، بعض الأحكام الشرعية المستندة إلى موضوعات مختلفة في الصنف.


*من كتاب: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي، لسماحة الشيخ حسن الجواهري.

2019/09/29

لين بحزم.. هكذا نعامل الزوجة المسيئة!

الشيخ عباس امين حرب العاملي

نهى الرسول الاكرم عن استخدام القسوة مع المرأة ، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها ، ففي جوابه على سؤال خولة بني الاسود حول حق المرأة قال:(حقك عليه ان يطعمك مما يأكل ، ويكسوك مما يلبس ، ولا يلطم ولا يصيح في وجهك)(1) ، وقال ايضا (صلى الله عليه واله وسلم) (خير الرجال من امتي الذين لا يتطاولون على اهليهم ، ويحنون عليهم ، ولا يظلمونهم)(2) ، ومن اجل تحجيم نطاق المشاكل والاضطرابات الأسرية  يستحسن الصبر على اساءة الزوجة ، لان رد الاساءة بالإساءة او بالعقوبة يوسع دائرة الخلافات والتشنجات ويزيد المشاكل تعقيدا ، فيستحب الصبر على اساءة الزوجة قولا كانت ام فعلا ، قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام) :(من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة ، اعتق الله رقبته من النار ، واوجب له الجنة)(3) ، وحث الحبيب المصطفى الزوج على الصبر على سوء اخلاق الزوجة ، فقال(صلى الله عليه واله وسلم) :(من صبر على سوء خلق امراته اعطاه الله من الاجر ما اعطى ايوب بلائه). ولقد ورد في سيرته (صلى الله عليه واله وسلم) انه كان يصبر على اذى زوجاته وغضبهن (صلى الله عليه وآله وسلم) لكي نتجنب كثيرا من حالات التصدع والتفكك في حياتنا الزوجية ، ونحافظ على سلامة العلاقات داخل محيط الأسرة .

سيرة اهل البيت روافد المصطفى

وكانت سيرة ائمة اهل البيت (عليهم السلام) مثالا لسيرة جدهم المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) في كل مفردات العقيدة والسلوك ، وهكذا كانت في مسالة الصبر على اذى الزوجة لأجل تقويم سلوكها واصلاحها ، فعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال:(كانت لابي (عليه السلام) امرأة ، وكانت تؤذيه ، وكان يغفر لها)(4) ، ومن حقوق الزوجة حق المضاجعة ، فاذا حرمها الزوج من ذلك كما هو الحال في الايلاء ، بان يحلف ان لا يجامع زوجته فالزوجة حق الخيار ، ان شاءت صبرت عليه ابدا ، وان شاءت خاصمته الى الحاكم الشرعي ، حيث يمهله لمدة اربعة اشهر ليراجع نفسه ويعود الى مراعاة حقها او يطلقها ، فان ابى كليهما حبسه الحاكم وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يرجع الى زوجته ، او يطلقها ، واذا تزوجت من رجل على انه سليم ، فظهر انه عنّين انتظرت به سنة ، فان استطاع مجامعتها فتبقى على زوجيتها ، وان لم يستطع كان لها الخيار ، فان اختارت المقام معه على انه عنّين لم يكن لها بعد ذلك خيار ، ولا يجوز اجبار المرأة على الزواج من رجل غير راغبة فيه كما تقدم ، وان كان للرجل زوجتان ، فيجب عليه العدل بينهما ، ووضع الاسلام حدودا في العلاقات الزوجية، فلا يجوز للزوج ان يقذف زوجته ، فلو قذفها جلد الحد.


 1ـ مكارم الاخلاق : 218 .

2- مكارم الاخلاق : 216 . 217 .

3- مكارم الاخلاق : 216 .

4- الدر المنثور 6 : 243 .

2019/09/26

10 طرق للتعامل مع الأطفال وكسب ثقتهم

*جنات عبدالرحيم

يشكِّل غياب الثقة بين الطفل ومحيطه عاملاً رئيساً لضعف تقديره لذاته. وممّا لاشكّ فيه أن الوالدين يمثِّلان القدوة والمثال الأعلى الذي لا يخطئ أبداً في عينيّ صغيرهما، لذا يجدر بهما أن يكونا أهلين لهذه الثقة وأن يدركا حجم مكانتهما في نفسه وأن يراقبا تقصرُّفاتها بما يتناسب وهذه المكانة.

ومعلوم أنّه إذا نجح الوالدان في بناء جسور من الثقة والتواصل مع الطفل، يمكنهما اكتشاف طاقات النبوغ والتمييز والإبداع لديه، وبالتالي تدعيمها وتنميتها. ومع متابعته بين الحين والآخر، يمكنهما أن يلتمسا أيضاً مناطق الضعف داخل نفسه فيعيدان إليها توازنها، كما يستطيعان من خلال ثقة الطفل بهما أن يغرسا فيه مبادئ الأخلاق والصفات الحميدة... لكل هذه الأسباب، تعتبر ثقة الطفل بوالديه من ضروريات العملية التربوية.

الاختصاصية في علم النفس وتعديل السلوك جنات عبدالرحيم تقف هنا على بعض الطرق التي يمكن من خلالها كسب ثقة الطفل:

1- الثبات في المعاملة

يقضي الثبات في المعاملة في اعتماد الأب أو الأم أسلوباً محدّداً للثواب والعقاب، فلا يعاقب الطفل على سلوك معيّن مرّة، ويثاب مرّة أخرى لدى اقترافه السلوك عينه! ومعلوم أن هذه الطريقة تضع الصغير في مواجهة الحيرة، إذ لا يدرك ما إذا كان على صواب أم على خطأ. وغالباً ما يترتّب عن إتّباع هذا الأسلوب المتناقض من الوالدين تقلّب وازدواج شخصيّة الطفل، فنجده يتعامل برفق وحنان تارة وبقسوة بدون أي مبرّر تارة أخرى.

2- لا تستخفّي بعقله

أجيبي عن كل أسئلة طفلك، مهما شملت من موضوعات، بلغة بسيطة يفهمها، ولا تجرحي شعوره عبر الضحك والسخرية منها، علماً أنّ الطفل يكتشف أسرار الحياة اليوميّة من الملاحظات التي يوجّهها إليه الأهل. وبالطبع، إن الاستخفاف بعقله ومدّه بمعلومات وحجج واهية لردعه عن القيام ببعض الأمور قد تكون سبباً في جهله لكثير من الحقائق، ليتّسم تعامله مع المواقف المختلفة بالسطحية!

3- لا تميّزي في المعاملة

لا تقارني بين أطفالك، واحذري التمييز في معاملتهم، لأن من شأن ذلك أن يثير حفيظة وغيرة الطفل "الأقل شأناً"، فيصيبه الحزن لأنّه لم يحظّ بإعجاب والديه ويفقد ثقته فيهما ولا يستطيع إدراك قدراته الشخصية التي يتميّز بها عن الآخرين لأنّه يعتقد أنّهم أفضل منه.

4- لا تفشي سراً ائتمنك عليه صغيرك

للطفل أسراره التي لا يرغب أن يشاركه بها الآخرون، إلا أنّ الأُم ونتيجة لقربها الدائم من طفلها فإنّها تستطيع اكتشاف هذه الخفايا. وفي هذا الإطار، إذا حطّم أحد أغراض المنزل أو ضاعت منه نقود أو تشاجر مع أحدهم، وإذا تفاهمت معه على أنّ الأمر بسيط وعالجت الموقف بينكما، يعتاد على أنّك كاتمة لأسراره ويعتبرك الملاذ الآمن له من أي ورطة أو موقف صعب، وستجدينه يبادر إلى إخبارك قبل ان تكتشفي أسراره بنفسك.

5- لا تخلفي وعودك له

إحرصي على ألا تعدي طفلك بشيء يتمنّاه بهدف الخروج من موقف أو لتحفيزه على القيام ببعض المهام، فيما تعلمين أنّك لن تفي به. فعندما يكتشف كذبك عليه، سيخيب أمله فيك ولن يصدّقك أبداً في وعود أخرى. واعلمي أن نكث العهود هو من بين أكثر التصرّفات التي تهزّ الصورة المثالية التي يرسمها الطفل عن والديه. وإذا كان لابدّ أن تعديه بشيء، فاختاري ما تقدرين على تحقيقه.

6- اكسيري حاجز الخجل

يتمّ هذا الأمر عن طريق التحدّث معه في كل ما يخصّه ومنحه فرصة للتعبير عمّا يجول في فكره، حتى ولو كانت أسئلته محرجة أو تتعلّق بأمور شخصية. وساعديه في التخلّص من الشعور بالإحراج والخجل أمامك، ودعيه يتعامل ببساطة معك دون أي تكلّف... وبذا، يمكنه التغلّب على نقاط الضعف لديه (الخجل والخوف وضعف الثقة في نفسه).

7- لا تهدّدي بدون تنفيذ

لا تواجهي أخطاء طفلك بتهديدات قد تتراجعين في ما بعد عن تنفيذها إشفاقاً عليه، واعلمي أن التهديد لا يعتبر أداة ردع ما لم يوقن الطفل بأنّه سينفّذ لا محالة، وإلا سيعتبر كل تهديداتك له مجرّد كلام ولن يكترث بها. وفي هذا الإطار، كلّما ابتعدت عن استخدام العنف والعصبية في تهديد طفلك كلّما اعاد معك الصدق والصراحة، واعلمي أن عصبيتك تضع حاجزاً من الخوف بينه وبينك.

8- صادقي طفلكِ

إنّ قضاء بعض الوقت في مشاركة طفلك اللعب أمر في غاية الأهمية، لأنّه سينتقل بك من مرتبة الأُم التي تعطي التعليمات والأوامر إلى مرتبة الصديقة التي تشاركه تفكيره وإهتماماته وتلهو وتمرح مثله.. فعندما ترصّين مع طفلك مكعّباته لعمل شكل متقن أو تحيكين فستاناً لعروسة طفلتك وتمشِّطين معها شعرها، فأنتِ بذا تبنين جسراً للصداقة والثقة.

9- كوني قريبة

قدّمي لصغيرك ما يسعده وتجنّبي ما يبكيه، وامنحيه الشعور بالأمان والطمأنينة ووفِّري له إحتياجاته، وتابعي أحداثه اليومية وامنحيه فرصة لمحادثتك، وحاولي إشباع حاجاته النفسية وأشعريه بأنّه محبوب في حدود معقولة لا تصل إلى التدليل. إفعلي ذلك بحبّ ومتعة، لأن شعورك سوف ينتقل إليه بكل تأكيد وسيكون على ثقة من محبّتك الحقيقية له، ولا تعطي الفرصة لغيرك أن يكون أكثر قرباً لطفلك منّك.

10- كوني قدوة

الطفل مرآة لوالديه، فإن رأيا أنّ ثمة ما يعيب خلق طفلهما يجدر بهما إعادة النظر في أخلاقهما. وبالطبع، إنّ تصرّفاتهما أمام صغيرهما تحدِّد تصرّفاته مع الآخرين. لذا، كوني ووالده قدوة طيِّبة، وإذا نهيتماه عن سلوك معيّن، فلا يأتي أحدكما بمثله أبداً.

2019/09/21

تعدد الزوجات: قبل الإسلام كان للرجل أن يتزوج من النساء ما وسعه

الحالة الطبيعية أن يتزوج الرجل امرأة واحدة، تتمرکز مشاعر الحب و المودة بينهما، ويسيطر كل منهما على قلب الأخر، دون أي منافس، ويشتركان في بناء حياة عائلية سعيدة، تنتج للمجتمع أبناء وأفراداً صالحين.

لكنه شاع في المجتمعات البشرية، ومن قديم التاريخ، نظام تعدد الزوجات لدى قسم من الرجال في المجتمع، ولم يكن ذلك حالة عامة، في أي مجتمع من المجتمعات، بحيث يتزوج كل رجل أكثر من زوجة، وإنما كان يحصل أن يتزوج بعض من الرجال عدداً من النساء، وغالبا ما كان أولئك الرجال الذين تتعدد زوجاتهم من طبقة الحاكمين، أو الأثرياء والنافذين.

ومن أشهر الشعوب التي أخذت بنظام تعدد الزوجات في العصور القديمة: العبريون، والعرب في الجاهلية، والصقالبة، وبعض الشعوب السكسونية، وكان معمولا به لدى اليهود، والإيرانيين في عهد الساسانيين، ولدى شعوب أخرى، وقد أباحت اليهودية تعدد الزوجات، ولم يرد في المسيحية نص يمنعه.

ولم يكن لتعدد الزوجات حد في بعض المجتمعات، كعرب الجاهلية، فقد ورد أن غيلان بن سلمة أسلم على عشر نسوة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” أمسك أربعاً وفارق سائرهن”.(1)

وروى أبو داود وابن ماجة، عن قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت ذلك له، فقال: اختر منهن أربعاً.

وروى الشافعي عن نوفل بن معاوية: أنه أسلم وتحته خمس نسوة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أمسك أربعة وفارق الأخرى(2).

وذكر (کریستینسن) في كتاب (إيران في زمان الساسانيين): إن مبدأ تعدد الزوجات يعد الأساس في تشكيل العائلة، وكان للرجل أن يتزوج من النساء ما وسعه(3).

تحليل اجتماعي

تحدث العالم المؤرخ (ول دیورانت) في موسوعته قصة الحضارة، عن نظام تعدد الزوجات في التاريخ البشري، والمبررات التي أنتجته في المجتمعات الإنسانية، ونقتطف من تحليله الفقرات التالية:

لقد ظن رجال الدين (المسيحي) في العصور الوسطى، أن تعدد الزوجات للزوج الواحد، نظام إبتكره محمد إبتكاراً لم يسبق إليه، لكنه في الواقع نظام سابق للإسلام بأعوام طوال، لأنه النظام الذي ساد العالم البدائي، وهنالك من الأسباب عدة عممت كلها على تعميم هذا النظام ونشره.

إن حياة الرجال في المجتمع الأول: كانت أشد عنفاً، وأكثر تعرضاً للخطر، بسبب إضطلاعهم بالصيد والقتال، ولذا زاد الموت في الرجال عليه في النساء، وسبب لزيادة في عدد النساء يضع أمام المرأة اختيارا بين حالتين: فإما تعدد الزوجات للرجل الواحد. وإما عزوبة عقيمة ليس عنها محيص لبعض النساء.

كذلك يحب الرجال أن تكون عشيراتهم في سن الشباب، وللنساء یکتهلن بسرعة في المجتمعات البدائية، بل إن النساء أنفسهن كنّ أحيانا يحبّذن تعدد الزوجات، حتى يباعدن بين فترات الولادة، دون أن ينقصن عند الرجل شهوته وحبه للنسل، وأحياناً ترى الزوجة الأولى، وقد أبهضها عبء العمل، تشجع زوجها على الزواج من إمرأة ثانية، حتى تقاسمها مشقة العمل، وتنسل للأسرة أطفالا يزيدون من إنتاجها وثرائها.

ولا شك أن تعدد الزوجات، لاءم حاجة المجتمع البدائي في ذلك الصدد، أتم ملاءمة، لأن النساء فيه يزدن عدداً على الرجال، وقد كان لتعدد الزوجات فضل في تحسين النسل، أعظم من فضل الزواج من واحدة، الذي نأخذ به اليوم، لأنه بينما ترى أقدر الرجال وأحكمهم في العصر الحديث، هم الذين يتأخر بهم الزواج عن سواهم، وهم الذين لا ينسلون إلا أقل عدد من الأبناء، ترى العكس في ظل تعدد الزوجات، الذي يتيح لأقدر الرجال أن يظفروا -على الأرجح – بخير النساء، أن ينسلوا أكثر الأبناء، ولهذا استطاع تعدد الزوجات أن يطول بقاؤه بين الشعوب الفطرية كلها تقريباً، بل بين معظم جماعات الإنسان المتحضر، ولم يبدأ في الزوال في بلاد الشرق إلا في عصرنا الحاضر، لأنه قد تآمرت على زواله بعض العوامل.

وفي هذه الحالة أصبح تعدد الزوجات المكشوف، حتى في الجماعات البدائية، ميزة تتمتع بها الأقلية الغنية وحدها، أما سواد الناس فلا يجاوزون الزوجة الواحدة، ثم يخففون وطأة ذلك على نفوسهم بالزنا، بينما ترى أقلية أخرى آثرت العزوبة راضية أو كارهة(4).

مبررات تعدد الزوجات

وما أشار إليه هذا العالم المؤرخ، من مبررات لتعدد الزوجات في المجتمعات الإنسانية، هي مبررات حقيقية، ويمكننا توضيحها أكثر عبر النقاط التالية:

١- عادة ما يكون عدد الإناث أكثر من عدد الذكور، وليس ذلك لسبب زيادة مواليد الفتيات على الفتيان دائما، وإنما أيضا لتعرض الذكور للأخطار وأسباب الموت أكثر، كالحروب وحوادث العمل.

ويذكر الفيلسوف البريطاني (برتراند رسل) في كتاب (الزواج والأخلاق) أنه: يوجد الآن – وقت کتابته – في إنكلترا أكثر من مليوني امرأة زائدة على عدد الرجال، وهؤلاء النسوة طبقا للعرف السائد، يجب أن يعشن إلى آخر العمر عقيمات في الواقع، وهذا يشكل حرماناً عظيماً لهن، إن نظام الزوجة الواحدة مبني على افتراض تساوي عدد النساء والرجال في البلد، فحين ينعدم التساوي، يقع ظلم عظيم على أولئك الذين يجب أن يعيشوا حالة العزوبة، طبقاً لهذا القانون الرياضي(5).

 

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، كتبت الصحف الألمانية عن حرمان عدد كبير من النساء من الحصول على زوج وبيت عائلي، وحصلت حركة ضغط من النساء على الحكومة الألمانية، لإلغاء قانون الزوجة الواحدة، وإقرار تعدد الزوجات، لكن الكنيسة عارضت ذلك(6).

۲- والمرأة أسرع بلوغاً وتهيئاً للزواج من الرجل، فالفتيات اللاتي يولدن مع الفتيان في سنة واحدة، يتهيأن للزواج بيلوجياً وسيكيلوجياً قبلهم ببضع سنوات، كما هو معروف. وفي نفس الوقت فإن الاستعداد الجنسي أسرع نضوباً وخفوتاً عند المرأة، حيث تتلاشى قدرتها على الإنجاب، ولياقتها الجسمية قبل الرجل. لذلك أصبح مألوفاً أن يتزوج الرجل من امرأة تصغره بعدة سنوات.

٣- وتمر على المرأة فترات تعاني فيها من العوائق الجنسية، كأيام العادة الشهرية، وبعض فترات الحمل، بينما لا يعاني الرجل من مثل ذلك.

٤- وهناك نساء يفقدن أزواجهن لبعض الأسباب، من وفاة أو طلاق، فلا يتيسر لهن جلب اهتمام الرجال كزوجة أولى، وقد تكون المرأة مصابة بالعقم أو أي مرض آخر، ففي ظل نظام الزوجة الواحدة فقط، تصعب معالجة مثل هذه الحالات.

كل هذه الأسباب تنتج حالات العنوسة والحرمان من الزواج، لعدد من النساء، كما قد تدفع الرجال للعلاقات الجنسية غير المشروعة، وهو ما تعاني منه المجتمعات الغربية الآن، وبشکل مبتذل فاضح. من أجل ذلك أمضى الإسلام ما كان معمولاً به من تعدد الزوجات، ولكن ضمن حدود وضوابط.

حدود التعدد

اتفقت كلمة فقهاء المسلمين: على أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من أربع زوجات بالنكاح الدائم، في وقت واحد، وحتى لو طلق واحدة منهن، لم يجز له أن يتزوج الخامسة، حتى تخرج زوجته المطلقة من عدتها، إذا كان الطلاق رجعياً، أي يصح له الرجوع فيه.

أما إذا كان الطلاق بائناً، فالمشهور عند فقهاء الشيعة: أنه يجوز له الزواج من أخرى قبل انتهاء عدتها، وهو رأي السيد الشيرازي من المعاصرين. كما أفتى بذلك المالكية والشافعية(7) واحتاط بعض الفقهاء الشيعة بوجوب الانتظار إلى انتهاء عدة البائنة، كما هو رأي السيد السيستاني من المعاصرين. وهو رأي الحنفية أيضاً، حيث يرون وجوب الانتظار حتى في الطلاق البائن(8).

أما إذا كانت العدة لفسخ الزواج فلا يجب الانتظار باتفاق الفقهاء.

وإذا ماتت الزوجة الرابعة فهل يجب عليه الانتظار؟ أو يجوز له الزواج من أخرى فوراً؟. المشهور عند فقهاء الشيعة عدم وجوب الانتظار، وهو رأي فقهاء السنة أيضا. لكن بعض فقهاء الشيعة أوجب الصبر احتياطا مدة عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام. وهو رأي السيد السيستاني.

 

وتحديد تعدد الزوجات بأربع لقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)(9). إضافة إلى العديد من الأحاديث الصريحة بهذا التحديد. والواو في قوله تعالى:(مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) للتخيير،يعني: إما إثنتان، أو ثلاث، أو أربع، وهذا باتفاق المسلمين.

ونسب الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه (الفقه الإسلامي وأدلته إلى الشيعة: أنهم يجوزون الزواج بتسع نساء، على أساس أنهم يعتبرون الواو هنا للجمع مثنى وثلاث ورباع، فالمجموع تسعة (10). ولم يذكر مصدراً لهذا الادعاء.

وهذا القول افتراء على الشيعة، حيث لم يرد لا في كتب تفاسيرهم، ولا في کتب فقههم، وهو نموذج للنقل عن الشيعة من مصادر مخالفيهم ومناوئيهم، الرسم صورة مشوهة عنهم، بعيدة عن الموضوعية والواقع. والتحديد بأربع خاص بالزواج الدائم، أما الزواج المؤقت الذي يرى الشيعة استمرار جوازه، فإنه غير مشمول بهذا التحديد.

لزوم العدل بين الزوجات

إنما يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من زوجة، إذا كان يجد نفسه قادراً على التعامل معهن بعدالة، بأن لا يجور على حقوق واحدة لصالح الأخرى، في النفقة أو في المبيت، حيث يجب عليه أن يتحمل نفقات زوجاته، فلا يصح له أن يجحف باحتياجات واحدة منهن، ونفقة كل واحدة بحسب وضعها وشأنها، فليس المقصود بالعدالة المساواة، وإنما توفير المستلزمات، فلو كانت حياة إحداهن تتطلب نفقة أكثر من الأخرى، وجب عليه ذلك، مع توفير حاجة الأخرى ضمن إحتياجها.

وبالنسبة للمبيت فإن عليه أن يعدل في القسمة بين زوجاته، وحق الزوجة أن يبيت عندها زوجها ليلة من كل أربع ليال، ولا يجوز لمن يعرف من نفسه عدم القدرة على العدل أن يتزوج أكثر من واحدة، لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً (11).

اشتراط عدم التعدد

إذا اشترطت الزوجة على الزوج، في عقد النكاح أو في غيره، أن لا يتزوج عليها صح الشرط، ويلزم عليه أن لا يتزوج، وإذا تزوج عليها يكون آثماً مذنباً لكن زواجه صحيح (12).

الموقف من تعدد الزوجات

من الناحية الشرعية، فإن الإسلام قد أجاز تعدد الزوجات ضمن الحدود والضوابط المقررة، ولا يستطيع مسلم أن يعترض على تشريعات الإسلام، وما دامت المسألة في إطار الجواز والإباحة، فالأمر متروك لوضع كل إنسان وظروفه، وللأعراف والاعتبارات السائدة في المجتمع.

ومن الواضح أن ظروف الحياة اليوم، أصبحت أكثر تعقيداً من السابق، فأخذ زوجة أخرى، يعني إدارة عائلة وأسرة أخرى، تستلزم نفقات مادية، وجهوداً في الرعاية والتربية، فمن كان قادراً على ذلك، ومطمئنا من تطبيق العدالة المطلوبة شرعا، فليس من الصحيح تعویق رغبته وإرادته في تعدد الزوجات.

 

إن هناك أشخاصاً في المجتمع، تستدعي ظروفهم الشخصية والعائلية اتخاذ زوجة أخرى، لكن تحسس الزوجة الأولى بشكل مبالغ فيه، قد يجعل الرجل أمام أحد خیارین کلاهما صعب: إما أن يكبت رغبته، ويتجاهل حاجته، وقد يلجأ إلى طريق الحرام. أو يغامر بخراب وهدم بيته العائلي.

من ناحية أخرى فإن عدد النساء العوانس في تصاعد وتزايد، وتعدد الزوجات هو الذي يفسح أمامهن أمل الحياة الطبيعية، ويتيح لهن فرصة السعادة الزوجية، وممارسة دور الأمومة.

وأشارت إحصائيات لوزارة التخطيط في المملكة العربية السعودية: أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن، وتجاوزن سن الزواج اجتماعياً (30 عاما) بلغ حتى نهاية ۱۹۹۹م حوالي مليون و925 ألفاً و814 فتاة. وأوضحت الإحصائية: أن عدد المتزوجات في السعودية بلغ مليونين و836 ألفا و475 امرأة(13). وذكرت إحصائية سابقة أن عدد العوانس في الكويت بلغ 40 ألف عانس(14).

ويجب أن نعترف بأن جزء من المشكلة يكمن في النماذج والتجارب السيئة، التي قد تحصل من قبل من يتزوجون زوجة أخرى، ثم لا يمارسون العدالة، بل يهملون الزوجة الأولى، ويجحفون بحقوقها، وتتضاءل حتى رعايتهم واهتمامهم بأبنائهم منها.

وإذا كان مفهوماً وجود مبررات للميل العاطفي نحو الزوجة الجديدة، عبرت عنه الآية الكريمة ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ(15)

حيث تعني استحالة العدالة في الميل النفسي والعاطفي، ولكنه ليس منطقياً أن لا يعدل الإنسان في الجانب الممكن، وهو العدالة في النفقة والرعاية، وأداء الحقوق الشرعية.

يقول تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً(16) ورد عن الإمام محمد الباقر عليه السلام عن جده رسول الله “ص” أنه قال: «من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولاً مائلاً شقّه حتى يدخل النار(17). وورد مثله عن أبي هريرة عنه و أخرجه الترمذي والحاكم.


(1) ابن عاشور: محمد الطاهر، التحرير والتنوير ج4 ص 17.

(2) الزحيلي: وهبة الفقه الاسلامي وأدلته ج7 ص 166

(3)مطهري: مرتضى، نظام حقوق المرأة في الإسلام ص 264 الطبعة الثالثة 1987م طهران.

(4) ديورانت: ول، قصة الحضارة ج1 ص 70 – 72 دار الفكر 1988م.

(5) المطهري: مرتضى، نظام حقوق المرأة ص 297 – 292.

(6)المصدر السابق

(7) الموسوعة الفقهية – الكويت ج 36 ص225.

(8) المصىدر السابق

(9) سورة النساء: الآية 3.

(10) الزحيلي: وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته ج7 ص 166.

(11) سورة النساء: الآية 3.

(12) السيستاني: السيد علي، منهاج الصالحين ج3 مسألة ۳۳۳، الشيرازي: السيد محمد، أجوبة المسائل الشرعية، إعداد جعفر الحائري 4۳۹۲.

(13) المجلة: أسبوعية، لندن عدد 1071 بتاريخ 26 / 8 / 2000 م ص21

(14) المسلمون: جريدة، لندن عدد 666 بتاريخ 7 / 7/ 1418هـ

(15) سورة النساء: الآية 129.

(16) سورة النساء: الآية 3.

(17) الحر العاملي: محمد بن الحسن، وسائل الشيعة حديث رقم27248.

2019/08/22

واقعة «الغدير» على لسان علماء السُنّة
يكفي في أهميّة هذا الحدث التاريخي -يوم غدير خم- أنّ هذه الواقعة رواها مائة وعشرة صحابيّ، على أن هذه العبارة لا تعني أنّ رواية هذه الواقعة اقتصرت على هؤلاء المائة والعشرة من ذلك الحشد الهائل بل يعني أن هؤلاء جاء ذكرهم في كتب أهل السنّة ومصنفاتهم.

صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه واله) ألقى خطابه المعروف الذي تضمّن نصب عليّ (عليه السلام) للخلافة في مائة الف او يزيدون من الناس ولكن كثيرا منهم كانوا قد أتوا من مناطق نائية من الحجاز ولهذا لم يروعنهم هذا الحديث، كما ان كثيرا من الذين حضروا ذلك المشهد التاريخي العظيم رووا ونقلوا للآخرين هذا الحديث ولكن التاريخ لم يوفق لذكر أسمائهم، أو إذا تمّ ذلك لكن لم يصل إلينا.

ثم إنّه روى هذا الحديث في القرن الثاني الاسلاميّ وهو عصر التابعين تسعة وثمانون تابعيا.

وقد بلغ عدد من روى حديث الغدير في القرون اللاحقة في كتابه من علماء أهل السنة وفضلائهم ثلاثمائة وستون شخصا، وصحّحه جمع كبير منهم واعترفوا بتواتره.

ففي القرن الثالث رواه اثنان وتسعون عالما.

وفي القرن الرابع رواه أربعة واربعون.

وفي القرن الخامس رواه     أربعة وعشرون.

وفي القرن السادس رواه    عشرون.

وفي القرن السابع رواه واحد وعشرون.

وفي القرن الثامن رواه    ثمانية عشر.

وفي القرن التاسع رواه    ستة عشر.

وفي القرن العاشر رواه    أربعة عشر.

وفي القرن الحادي عشر رواه اثنا عشر.

وفي القرن الثاني عشر رواه ثلاثة عشر.

وفي القرن الثالث عشر رواه اثنا عشر.

وفي القرن الرابع عشر رواه عشرون عالما.

ولم يكتف البعض بنقل ورواية هذا الحديث في كتبهم ومؤلّفاتهم بل ألّفوا حوله رسائل أو كتبا مستقلة.

وقد ألّف المؤرخ الاسلامي الكبير الطبري كتابا في هذا المجال أسماه الولاية في طرق حديث الغدير روى فيه هذا الحديث عن النبي بخمس وسبعين سندا.

ولقد روى ابن عقدة  في رسالة الولاية  هذا الحديث بمائة وخمسين حديثا.

وروى أبو بكر محمّد بن عمر البغدادي المعروف بالجمعاني هذا الحديث بخمس وعشرين سندا.

كما روى من علماء الحديث هذه الواقعة نظراء:

أحمد بن حنبل الشيباني    بـ 40 سندا

ابن حجر العسقلاني بـ 25 سندا

الجزري الشافعي بـ 30 سندا

أبو سعيد السجستاني بـ 120 سندا

الأمير محمّد اليمني بـ 40

النسائي    بـ 250 سندا

أبو العلاء الهمداني بـ 100 سندا

أبو العرفان الحبان بـ 30 سندا

وبلغ عدد من ألّف رسالة خاصة أو كتابا مستقلا حول هذه الواقعة وخصوصياتها وتفاصيلها 29 شخصا ولعلّ هناك غيرهم ممن ألّف كتابا أو رسالة مستقلّة حول هذه الحدث التاريخي الهامّ لم يذكر التاريخ أسماءهم، أو ضاعت مؤلفاتهم مع التطورات التي طرأت على الامة الإسلامية وضيّعت الكثير من تراثها الفكريّ خلال عمليات الاغارة والنهب أو الهدم والإحراق (ولقد اقتبسنا كل هذه الاحصاءات من كتاب الغدير الجزء الاول).

ولقد كتب علماء الشيعة كتبا قيمة حول هذه الواقعة أجمعها واشملها كتاب الغدير  بقلم العلامة الجليل والكاتب الاسلامي القدير المرحوم آية الله الشيخ الأميني، والذي يقع في أحد عشر مجلدا في ما يقرب من ستة آلاف صفحة، وقد استفدنا كثيرا من تلك الموسوعة في تنظيم الفصل الحاضر.

ثم ان النبي (صلى الله عليه واله) لم يلبث ان نزل عليه قوله تعالى بعد نصبه عليا لإمرة المسلمين في تلك الواقعة:

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3] فكبّر النبي (صلى الله عليه واله) بصوت عال ثم أضاف قائلا: الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدى.

ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه واله) من ذلك المنبر المصنوع من حدائج الابل وأمر امير المؤمنين عليّا (عليه السلام) أن يجلس في خيمة وأمر أطباق الناس وكلّ من حضر المشهد من امته ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار كما أمر امّهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تنصيبه لمنصب الامامة والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه واله).

ففعل الناس ذلك وانكبّوا على علي  (عليه السلام) بأيديهم وكان أول من صافق وهنأ عليّا أبو بكر وعمر واصفين إياه بالولاية.

وهنا قام حسان بن ثابت الأنصاري  شاعر الاسلام واستأذن رسول الله (صلى الله عليه واله) في أن ينشد شعرا بهذه المناسبة، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه واله) قائلا : قل على بركة الله.

فقام حسان وقال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم ...     بخم وأسمع بالنبيّ مناديا

وقد جاءه جبريل عن أمر ربّه ... بأنّك معصوم فلا تك وانيا

وبلّغهم ما انزل الله ربهم ...    إليك ولا تخشى هناك الأعاديا

فقام به إذ ذاك رافع كفّه ...    بكف عليّ معلن الصوت عاليا

فقال فمن مولاكم ووليّكم ...    فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا ...    ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا

فقال له : قم يا عليّ فإنني ...    رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه ...    فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليّه ...    وكن للذي عادى عليّا معاديا

فيا ربّ انصر ناصريه لنصرهم ...    امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

لقد كان هذا الحديث على مدى التاريخ الاسلامي اكبر دليل على أفضلية علي (عليه السلام) على جميع صحابة النبي (صلى الله عليه واله) كافة، حتى أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) احتج به مرارا فقد احتج به في مجلس الشورى الذي عقد لتعيين الخليفة عقيب وفاة الخليفة الثاني، وفي أيام خلافة عثمان وفي أيام خلافته (عليه السلام) أيضا، كما أن شخصيات كثيرة من وجوه المسلمين احتجوا به على منكري حق عليّ وأفضليته وكان ذلك دأبهم دائما وأبدا.

2019/08/18

التربية باللعب: طفلك لا يلعب... لا تتجاهل الأمر!!

*د. صالح عبد الكريم

اللعب ظاهرة سلوكية تسود عالم الكائنات الحية (الانسان والحيوان) ولا تقتصر على الانسان، فالحيوانات تلعب ولذا نرى القطط والكلاب والطيور تلعب، وكأن اللعب جزء لا يتجزأ من حركة الحياة.

واللعب حاجة فطرية يحتاج اليها الاطفال والمراهقون والشباب والراشدون والمسنون ولكل طريقته في اللعب.

واللعب هو كل حياة الطفل لاسيما في مرحلة الطفولة المبكرة (ما قبل المدرسة)

والطفل الذي لا يلعب هو طفل غير طبيعي لان اللعب نشاط تلقائي لا يتم تعلمه.

فاللعب لا يقل أهمية عن الاكل والشراب والتنفس بل ان الطفل أحيانا يفضل اللعب على الاكل فهو يعيش مع لعبته يحكي لها، يشكي لها، يضربها ويبوسها ويحضنها ويرميها ويفكها ويركبها.

ولا شك ان للعب أهمية كبرى بالنسبة للطفل حيث تساعده على النمو النفسي والجسمي والعقلي والحركي والاجتماعي واللغوي والاخلاقي.

ـ المعتقدات الخاطئة عن اللعب:

 هناك بعض المعتقدات الخاطئة عن اللعب ومنها:

1ـ اللعبة مضيعة للوقت: والحقيقة ان اللعب استثمار للوقت لان الطفل ان لم يلعب بعض الوقت.. سوف يلعب معظم الوقت ويقل تركيزه واهتمامه بالواجبات.

2ـ اللعبة مضيعة للجهد: ولكن اللعب هو تنقية الجهد بل مقوي للجهد.

3ـ عدم اللعب رجولة: فالبعض يعامل الطفل على انه رجل وتجد البعض يقول (بلاش لعب عايزين الولد يطلع راجل) والحقيقة ان لعب الطفل لا يتنافى مع الجدية وتحمل المسئولية بل هو من يصنع شخصية سوية، ومن ثم يصنع الرجال وربما من لا يلعب في طفولته يكون رجلاً.. لكنه رجلا غير سوي.

ـ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يلاعب الاطفال:

ولقد كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعلم ان الاطفال يحتاجون الى اللعب، فكان ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرا من بني العباس رضي الله عنهم ثم يقول (من سبق الى فله كذا وكذا، فيستبقون اليه فيقعون على ظهره وصدره فيقلبهم) فالنبي يقترح اللعبة بل يشاركهم في اللعب.

ولقد جاء الحسن والحسين فركبا على ظهر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وحينما رفع رأسه أمسكهما وقال نعم المطية مطيتكما...

ـ أنواع اللعب لدى الاطفال:

تتعدى أنواع اللعب عند الاطفال ومنها:

1ـ اللعب الايهامي أو اللعب الخيالي: ويظهر هذا النوع لدى الاطفال من سن سنة ونصف وهو مبنى على التخيل، فالطفل يصنع حوارا خياليا مع اللعبة.

2ـ اللعب التلقائي: وهو نوع من اللعب لا يعتمد على قواعد منظمة، وهو فردى، وفيه يتم تكسير اللعب بسبب نقص الاتزان الحسي الحركي.

3ـ اللعب الاستطلاعي: وهو نوع من اللعب يظهر في مرحلة الطفولة المبكرة حيث يكون لدى الطفل فضول وحب استطلاع ورغبة في اكتشاف المجهول وما وراء الاشياء فالطفل احيانا يكسر اللعبة ليعرف ما بداخلها.

4ـ اللعب الفردي: وفيه يلعب الطفل بمفرده، ويتحدث مع اللعبة وكأنها شخص حقيقي وهنا نوع من التعويض عن غياب الاب والام.

5ـ اللعب المتوازي: يجتمع الاطفال في مكان واحد للعب ولكن يلعب كل واحد منهما بمفرده.

6ـ اللعب التمثيلي: يقلد فيه الطفل سلوك الوالدين، فالبنت مثلا تضع مكياجا وتقلد الام، والولد يلبس النظارة ويجلس على المكتب ويقلد الاب.

7ـ اللعب بالمشاركة: وفي هذا النوع من اللعب يشترك مجموعة من الاطفال في لعبة معينة لكن دون قائد.

8ـ اللعب الجماعي التعاوني: وهذا النوع من اللعب هو أقرب أنواع لعب الاطفال الى لعب الكبار وفيه يلعب الاطفال معا كجماعة ويكون لهم قائد يوجههم.

ـ أهمية اللعب عند الاطفال:

لا شك ان للعب أهمية كبرى في حياة الاطفال وله أدوار متعددة منها دور استكشافي ودور نمائي ودور وقائي ودور علاجي وهي كالتالي:

أولا: الدور الاستكشافي للعب:

وهو كالتالي:

1ـ يكشف اللعب عن شخصية الطفل بشكل عام: فالطفل أثناء اللعب يتصرف بتلقائية بما يسمح بالتعرف علي جوانب شخصيته.

2ـ التعرف على جوانب القوة وايجابيات الطفل ومهاراته مثل الذكاء والابداع والقدرة على التواصل والشخصية والانبساطية والاجتماعية والقيادية.. الخ.

3ـ التعرف على جوانب الضعف وسلبيات الطفل مثل الخجل والانطواء والانانية وعدم القدرة على التصرف واليأس والاحباط السريع.. الخ.

4ـ التعرف على المشكلات النفسية والسلوكية للطفل مثل العناد والعصبية الزائدة والعنف والعدوان والخوف ونقص الثقة بالنفس والكذب.. الخ.

5ـ استكشاف العالم الخارجي: من خلال اللعب يستكشف الطفل العالم الخارجي ومن ثم يتدرب على التعامل معه رويداً رويداً

6ـ اللعب فن تعلم الحياة: فاللعب بالنسبة للطفل يعد بمثابة اعادة بناء الحياة بحيث يمارس الطفل سلوكه في الحياة دون الخوف من النتائج، فاللعب مثل الحياة فيه التعاون والتنافس والصراع والمكسب والخسارة والنجاح والفشل والحزن والسعادة ،ومن ثم فهو الذي يعد الطفل للحياة.

ثانيا الدور النمائي للعب:

وهو كالتالي:

1ـ اللعب ينمي شخصية الطفل في كل جوانبها.

2ـ اللعب ينمي القدرات الجسمية للطفل حيث يمرن الاعضاء فيساعد على نموها وتقويتها.

3ـ اللعب ينمي القدرات الحركية فهو ينمي المهارات اليدوية ومهارة الفك والتركيب..الخ.

4ـ اللعب ينمي الجوانب النفسية للطفل مثل الثقة بالنفس وتنمية القدرة على الاتصال الفعال والشعور بتقدير الذات والقدرة على تحمل الاحباط في حالة الفشل وكذلك الشعور بالمتعة والسعادة في حالة الفوز.

5ـ اللعب ينمي الجوانب العقلية والمعرفية (الانتباه، الادراك، التركيز، التفكير) حيث يتعرف

الطفل على الاشياء وتصنيعها، وتعلم المفاهيم والتفكير المجرد وتعلم الاوزان والاطوال والمسافات والاحجام.. الخ.

6ـ اللعب ينمي الجوانب الابداعية، مثل حب الاستطلاع والتفكير الابداعي القدرة على حل المشكلات... الخ

7ـ اللعب ينمي الجانب الاجتماعي لدى الطفل اثناء اللعب الجماعي مثل تنمية القدرة على المشاركة لعبة مثل تشابك الايدي مثلا وغيرها الكثير والكثير.

8ـ اللعب ينمي الجانب اللغوي: وذلك من خلال الحوار بين الاطفال أثناء اللعب والحوار مع الام أثناء اللعب، والتحدث مع اخيه من خلال لعبة مثل لعبة التليفون.

9ـ اللعب ينمي الثقة بالنفس: وذلك من خلال المكسب والفوز والاستبصار بالقوة الذاتية واظهار القدرات الكامنة.

10ـ اللعب يساعد على تبادل المعرفة والثراء الثقافي عند الطفل من خلال لعبه مع الاطفال الاخرين.

11ـ يتعلم الطفل التحكم في الذات وذلك من خلال احترام قوانين اللعب، ومعرفة ان لكل شيء قوانين وحدود، ومن ثم يتدرب الطفل على احترام معايير الصواب والخطأ والحلال والحرام.

12ـ تنمية الصفات الخلقية مثل الصدق والامانة والعدل والتعاون.. الخ.

13ـ التعلم عن طريق اللعب: مثل الحساب وذلك من خلال اعداد الارقام وتعلم الحروف من خلال الورق المقوى والحروف المجوفة وما شابه، وكذلك يتعلم الطفل اسماء واشكال واصوات الحيوانات، وكذلك تعلم انواع الفاكهة وجسم الانسان والالوان.. الخ لا سيما وان الطفل اثناء التعلم باللعب يكون له دور تفاعلي وليس مجرد متلق سلبي كما يتم في التعليم التلقيني.

14ـ من خلال اللعب يتجاوز الطفل عمره الواقعي ويتخيل المرحلة العمرية القادمة فالطفلة مثلا تلعب بالعروسة وتنظفها وتغيرها لها ملابسها وتغني لها وتهدهدها كي تنام وكأنها تلعب دور الام مستقبلاً.

ثالثا: الدور الوقائي:

وهو كالتالي:

1ـ اللعب يقي الطفل من العصبية الزائدة لان اللعب يسعده.

2ـ اللعب يقي الطفل من النشاط الحركي الزائد وليس اللعب مجرد تنفيس عن انفعالات مكبوتة وانما هو نشاط يؤدي الى اعادة الاتزان الحيوي والنفسي في حياة الطفل.

3ـ اللعب يقي الطفل من الاضطرابات العضوية.

4ـ اللعب يقي الطفل من مشاعر الخجل.

5ـ اللعب يقي الطفل من الاكتئاب.

6ـ اللعب يقي الطفل من المخاوف.

7ـ اللعب يقي الطفل من الشعور بالوحدة.

8ـ الطفل يعبر من خلال اللعب عن صراعاته اللاشعورية، مثل الخوف من الاب او الام، او من المدرسة، او من الحيوانات ومن ثم يتم تدارك هذه المخاوف بسرعة، فبمجرد رمي الطفل للعب هو تعبير رمزي عن شعوره بانه ملقى، ومجرد تكسير اللعب هو ـ في كثير من الاوقات ـ اسقاط لعدوان الطفل ضد الاب والام.

9ـ الطفل الذي يكون عنيفا في اللعب يكون لديه مشكلة نفسية ومن ثم يتم تداركها بسرعة قبل ان تتفاقم.

10ـ الطفل الذي تقع منه اللعب كثيرا ربما يكون السبب في ذلك نوبة صرعية صغرى وكأنه (يفصل) لمدة ثوان فيفقد التحكم في الاشياء فتقع منه، وهنا يجب التدخل لعلاجه .

11ـ احضر مجموعة من الدمى تمثل الاب والام والاخوة ولاحظ علاقة الطفل بهم.

12ـ اللعب يقي الطفل من السوك العدواني: فالغضب يؤدي الى العدوان غالبا، ولكن اللعب فيه تنفيس للغضب حتى لا يزيد ويتحول لعدوان.

13ـ اللعب يقي الطفل من الانانية والتمركز حول الذات وذلك من خلال اللعب الجماعي.

رابعا: الدور العلاجي:

كما ان اللعب وسيلة لتربية وله دور استكشافي ودور وقائي فان له دوراً علاجيا، وهناك نوع من العلاج لمشكلات الاطفال يسمى (العلاج باللعب).

وهو يؤدي الى الاتي:

1ـ يساعد اللعب الطفل في التخلص من النشاط الحركي الزائد وفرط الحركة وذلك من خلال تفريغ الطاقات الجسمية والانفعالية الزائدة بل استثمار الطاقات الزائد بدلا من اهدارها (فاللعب افضل استثمار للطاقة الزائدة) لأنها سوف تخرج إما في اللعب وإما في العدوان، وذلك أشبه بالثلاجة فحينما تكهرب يقال لك (اعمل لها توصيلة أرضي) وذلك لسحب الكهرباء الزائدة ومثل عربات النقل التي تحمل المواد الملتهبة ونلاحظ انهم يضعون سلسلة تجر وراءها لتفريغ التفاعلات السلبية وحمايتها من الانفجار أو الاشتعال.

2ـ اللعب يساعد في التخلص من العصبية: فاللعب يصفي صراعات الطفل اللاشعورية المكبوتة أثناء اللعب، كذلك يساعد اللعب الطفل في التعبير عن صراعاته بشكل مباشر في حين ان الراشد يعبر عن صراعاته بشكل غير مباشر للحفاظ على شكله وعلاقاته، وكذلك يخلص اللعب الطفل من الطاقات العدوانية بشكل جيد.

3ـ يساعد اللعب في التخلص من العناد فمثلا تلعب الأم مع ابنها بالمكعبات وتقول له هات المكعب الاحمر أو الاخضر، او المكعب الكبير او الصغير وهو يستجيب بسهولة وينفذ هذه الاوامر ومن ثم يعتاد على تنفيذ الاوامر والنواهي ويقل عناده.

4ـ يساعد اللعب في التخلص من الخجل لا سيما اللعب التفاعلي اي اللعب مع الاخرين.

5ـ يساعد اللعب في التخلص من الانطواء والشعور بالوحدة.

6ـ يساعد اللعب في التخلص من العنف والعدوان بتفريغ الطاقات السلبية فمثلا قد يتخيل الطفل ان الحصان هو الاب الذي ضربه فيضرب الحصان ويرميه، وتتخيل الطفلة ان العروسة هي الام التي تضربها فتفقأ عينها وترميها.

7ـ اللعب يخلص الطفل من الاكتئاب لشعوره بحب والديه والاخرين له.

8ـ اللعب يخلص الطفل من المخاوف فمثلا لو ان هناك طفلا يخاف من الحصان فنجعله يمثل دور الحصان لمرات عديدة، وفي لعبة اخرى نجعله يركب عصا على انها حصان، ومثلا لو ان الطفل يخاف من القطط فنعالجه من خلال اللعب تدريجيا كآلاتي:

نحكي له قصة جميلة عن قطة ثم نجعله يرى دمية لقطة ثم نريه لقطات فديو لقطة حقيقية ثم يشاهد قطة حقيقية من بعيد ثم نحضر له قطة صغيرة يلعب معها ورويدا رويدا يقترب من القطة الكبير ويقل الخوف منها تدريجيا حتى ينتهي الخوف من القطط تماما.

ومن خلال اللعب يتخلص الطفل من الخوف من الظلام وذلك من خلال لعبة الحضور والغياب، فمثلا تختفي الام في الظلام وهو يبحث عنها ثم يقوم الطفل بدوره في اللعبة فيختفي في الظلام على مقربة من الام وهو يسمع صوتها ثم تقوم الام بالبحث عنه في الظلام وسوف يقوم الطفل بالاختباء أكثر في الظلام حتى لا تراه الام وحينها لا يفكر الطفل في مخاوفه من الظلام بقدرة تفكيره في اللعبة واستمتاعه بها.

مثال: طفل تتركه أمه بمفرده بلعبة الحضور والغياب التي تعطيه الامان حيث يقوم بقذف بكرة الخيط تحت السرير ويحزن ثم يجذب الخيط فتأتي البكرة ويفرح وكأنه يمثل وجود غياب الام، والذهاب والعودة فيقوم هو بإخفائها واحضارها وكأنه المتحكم في غياب الام وحضورها ومن ثم يتحكم في القلق.

9ـ يستخدم اللعب في الثواب والعقاب

فالثواب ان تقوم الام باللعب مع طفلها في حاله مكافأته على سلوك جيد، والعقاب ان تعاقبه على سلوك سيء بالحرمان من اللعب.

2019/08/07

كيف نتصرف عندما يكذب أطفالنا؟

ظاهرة جديدة بدأت أراها بكثرة في الاستشارات، وهي خوف الأمهات وتوترهن المبالغ فيه من تصرفات الأطفال وسلوكياتهم الخاطئة، مع أن أغلب المشاكل طبيعية ومرحلية يمر بها أغلب الأطفال وتمضي بسلام بانتهاء هذه المرحلة.

 أو قد تكون بسببنا نحن الذين نحمل الطفل فوق طاقته وفوق قدراته بدون معرفة سمات وخصائص هذه المرحلة للأسف.

سأضرب أمثلة للتوضيح:

الكلام البذيء

جاءتني استشارة من أم تشتكي طفلها البالغ عمره سنتين ونصف مشكلته هي: «الكلام البذيء»، كانت الأم متوترة ومنزعجة جداً من سلوك طفلها، وهي التي تحلم بتربيته على الأخلاق الحسنة! وتعمل دائماً على منعه من استخدام العبارات البذيئة!

وعند طلبها الاستشارة، سألت كيف تتصرف معه، هل تمنعه من اللعب مع أطفال الأقارب كي تحميه وتحفظ لسانه؟! أم أن هنالك حلولاً أخرى.

جاءتني نفس الاستشارة من عدة أمهات لذلك أركز عليها..

أقدر طبعاً هذه الأم وأحترمها وأفرح بهمتها وبأمثالها، لكن تصرف طفلها في هذا العمر طبيعي جداً بل ان كل الأطفال يمرون بهذا التطور اللغوي الذي يأتي بعد فترة تسجيل للمفردات او الجمل التي يسمعها الطفل ممن حوله.

الطفل في هذا العمر لن يستطيع التفريق بين الكلام الجميل والقبيح الا من خلال درات فعلنا عليه، مثلاً عندما نصفق له ونمدحه لأنه قال كلاماً جميلاً فنحن ندعمه ونشجعه ليكررها ونتجاهل او نستنكر الكلام القبيح كي لا يعيدها.

ولا نضحك له ونصفق عندما يتكلم كلاما بذيئاً لأننا بذلك نشجعه عليها فلا يلام حينها!

خوف الأمهات من مشكلة الكذب

لن أبالغ إن قلت إن كل الأطفال يتعلمون الكذب في العشر سنوات الأولى! نعم لا تتفاجأوا من هذا الأمر، وبلا شك فإن للكذب أسباب كثيرة لكن يجب أن نقول:

إن الطفل في السنوات الأربع الى الخمس الأولى لا يستطيع التفريق بين ما هو حقيقي وبين ما هو خيالي فيخلط بين أحداث وقعت ويختلق أحداثاً أخرى، فمن الخطأ أن نحكم على كلامه في هذه المرحلة بالكذب أو أن نطلق عليه صفة الكذاب وهو لم يتطور عقله بعد، لذلك فإن ضرب الأم للطفل بسبب الكذب فهذه المرحلة أمر محسن جداً وكذلك شتمه أو سبه ووصفه بأوصاف "سلبية".

ليس هذا فحسب بل تستخدم الأسلوب الاقوى والأكثر تأثيراً وهو تخويفه بالحرق بالنار في جهنم، بل اتركي الطفل في هذا العمر حتى يكتمل وينمو ويتطور ثم بعمر الـ "خمس سنوات" نبدأ بتعليمه مفهومي الصدق والكذب.

ونزرع فيه قيمة الصدق، بكوننا قدوة له أولاً وأخيراً وأيضاً نحكي له قصص الصادقين والكاذبين وعاقبتهم في الدنيا والآخرة الخ.

المهم الآن، هو أن لا نخاف ونتوتر ونكتئب لأن طفلنا يكذب، فبعض الأمهات تبالغ جداً في خوفها فتأتيها الأفكار السلبية مثل:

  • أصبح كاذباً وسيبقى كذلك طول حياته!
  • أنا أم فاشلة لن أستطيع أن أربي ابني على القيم الإسلامية!
  • تعلم طفلي الكذب مع أنني لا أكذب فهذا يعني أنني أخطأت في تربيتي له.. الخ.

ما نحتاجه هو الهدوء لمواجهة هذه العادات، والقراءة عن خصائص نمو الطفل، عندها سنجد أن الكذب عند الأطفال وغيره مشاكل طبيعية وينبغي التعامل معها بدون توتر وخوف مبالغ فيه.

 

2019/07/24

«الغربيون» لم يتقيدوا بواحدة... تعدد الزوجات: كان شائعاً قبل الإسلام

قال تعالى : (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)[1].

لقد أجازت الآية الحاضرة تعدد الزوجات (ولكن بشرائط ثقيلة وفي حدود معينة) وقد أثارت هذه الإِباحة جماعة، فانطلقوا يوجهون إِليها الإِعتراضات والإِشكالات، وتعرض هذا القانون الإِسلامي لهجمة كبيرة من المعارضين الذين تسرعوا في إصدار الحكم عن هذا القانون الإِسلامي متأثرين بالأحاسيس، ودون أن يتناولوه بالدرس والتمحيص، والتأمل والتحقيق.

وكان الغربيون أكثر هذه الجماعة معارضة لهذا القانون وهجوماً عليه، متسائلين كيف يجوز للإِسلام أن يسمح للرجال أن يقيموا لأنفسهم حريماً ويتخذوا زوجات متعددة على نحو ما كان شائعاً في الجاهلية؟

كلاّ، إِنّ الإِسلام لم يسمح لأحد بأن يقيم حريماً بالمعنى الذي تصورتم، ولا أنّه أباح تعدد الزوجات دون قيد أو شرط، ودون حدّ أو قانون.

ولتوضيح هذه الحقائق نقول: إِن دراسة البيئات المختلفة قبل الإِسلام تكشف لنا أنّ تعدد الزوجات دونما عدد معين كان أمراً عادياً وشائعاً، لدرجة أنّ بعض الوثنيين أسلموا وتحت الرجل منهم عشر زوجات أو أقل، من هنا لم تكن مسألة تعدد الزّوجات ممّا أبدعه الإِسلام، نعم إنّ ما فعله الإِسلام هو وضع هذا الأمر في إطار الحاجة والضرورة الحيوية الإِنسانية، وتقييده بطائفة من القيود والشروط الثقيلة.

إنّ قوانين الإِسلام وتشريعاته تدور على محور الحاجات الإِنسانية، وتقوم على أساس مراعاة الضرورات الحيوية في دنيا البشر، لا الدعاية الظاهرة ولا المشاعر الموجهة توجيهاً غير صحيح، ومسألة تعدد الزوجات من هذا القبيل أيضاً، فقد لوحظت هي الاُخرى من هذه الزاوية، لأنّه لا أحد يمكنه أن ينكر أنّ الرجال أكثر تعرضاً من النساء لخطر الفناء والموت بسبب كثرة ما يحيط بهم من الحوادث، المختلفة.

فالرجال يشكلون القسم الأكبر من ضحايا الحروب، والمعارك.

كما أنّه لا يمكن إِنكار أنّ أعمار الرجال من الناحية الجنسية أطول من أعمار النساء في هذا المجال، فالنساء يفقدن القدرة الجنسية (والقدرة على الإِنجاب) في سن معين من العمر قريب، في حين يبقى الرجال متحفظين بهذه الطاقة والقدرة مدّة أطول بكثير.

كما أنّ النساء ـ في فترة العادة الشهرية وشيء من فترة الحمل ـ يعانين من موانع جنسية بصورة عملية في حين لا يعاني الرجل من أي مانع جنسي من هذا النوع.

هذا كلّه مضافاً إِلى أن هناك نساء يفقدن أزواجهنّ لبعض الأسباب، فلا يتيسر لهن أن يجلبن اهتمام نظر الرجال إِلى أنفسهن كزوجة أُولى، فإِذا لم يسمح بتعدد الزوجات، وجب أن تبقى تلك النسوة بلا أزواج، كما نقرأ ذلك في الصحف المختلفة حيث يشكو هذا النوع من النساء الأرامل من صعوبات الحياة ومشكلات العيش بسبب تحديد مسألة تعدد الأزواج أو إِلغائها بالمرّة، وحيث يعتبرن المنع من التعدد نوعاً من القوانين الظالمة الجائرة والمعادية لهنّ.

بالنظر إِلى هذه الحقائق، وعندما يضطرب التوازن بين عدد النساء والرجال نجد أنفسنا مضطرين لأن نختار أحد طرق ثلاث هي:

1 ـ أنْ يقنع كل رجل بزوجة واحدة فقط في جميع الحالات والموارد، ويبقى العدد الإِضافي من النساء بلا أزواج إِلى اخر أعمارهن، ويكبتن حاجاتهنّ الفطرية ويقمعن غرائزهنّ الباطنية الملتهبة.

2 ـ أن يتزوج الرجل بامرأة واحدة بصورة مشروعة ثمّ يترك حرّاً لإِقامة علاقات جنسية مع من شاء وأراد من النساء اللائي فقدن ازواجهن لسبب وآخر على غرار اتّخاذ الأخدان والعشيقات.

3 ـ أنْ يسمح لمن يقدر أن يتزوج بأكثر من واحدة ولا يقع في أية مشكلة من الناحية «الجسمية» و«المالية» و«الخلقية» من جراء هذا الأمر، كما ويمكنه أن يقيم علاقات عادلة بين الزوجات المتعددة وأولادهن، أن يسمح لهم بأن يتزوجوا بأكثر من واحدة (على أن لا يتجاوز عدد الأزواج أربعاً)، وهذه هي ثلاث خيارات وطرق لا رابع لها.

وإِذا أردنا اختيار الطريق الأوّل يلزم أن نعادي الفطرة والغريزة البشرية، ونحارب جميع الحاجات الروحية والجسمية لدى البشر، ونتجاهل مشاعر هذه الطّائفة من هذه النّسوة، هذه الحرب والمعركة التي لن يكون فيها أي انتصار، وحتى لو نجح هذا الطرح وكتب له التوفيق، فإِن ما فيها من الجوانب اللاإِنسانية أظهر من أن تخفى على أحد.

وبعبارة أُخرى أن تعدد الزوجات في الموارد الضرورية يجب أن لا ينظر إليه أو يدرس من منظار الزوجة الأُولى، بل يجب أن يدرس من منظار الزوجة الثانية أيضاً.

إِنّ الذين يعالجون هذه المسألة وينظرون إِلى خصوص مشاكل الزوجة الأُولى في صورة تعدد الزوجات هم أشبه بمن يطالع مسألة ذات زوايا ثلاث من زاوية واحدة، لأن مسألة تعدد الزوجات ذات ثلاث زوايا، فهي يجب أن تطالع من ناحية الرجل، ومن ناحية الزوجة الأُولى، ومن ناحية الزوجة الثانية أيضاً، ويجب أن يكون الحكم بعد ملاحظة كل هذه الزوايا في المسألة، ويتمّ على أساس مراعاة مصلحة المجموع في هذا الصعيد.

وإذا اخترنا الطريق الثاني وجب أن نعترف بالفحشاء والبغاء بصورة قانونية، هذا مضافاً إِلى أن النساء العشيقات اللائي يجعلن أنفسهنّ في متناول هؤلاء الرجال لإِرواء حاجتهم الجنسية يفتقدن كل ضمانة وكل مستقبل، ويعني ذلك سحق شخصيتهنّ سحقاً كاملا ـ في الحقيقة ـ إِذ يصبحن حينئذ مجرد متاع يقتنى عند الحاجة ويترك عند ارتفاعها دون التزام ومسؤولية، ولا شك أن هذه الأُمور ممّا لا يسمح به أي عاقل مطلقاً.

وعلى هذا الأساس لا يبقى إِلاّ الطريق الثالث، وهو الطريق الذي يلبي الحاجات الفطرية والغريزية للنساء، كما أنه يجنب هذه الطائفة من النساء ويحفظهنّ من عواقب الفحشاء والإِنزلاق إِلى الفساد، وبالتالي ينقذ المجتمع من مستنقع الأثام والذنوب.

..ففي الحرب العالمية الثانية برزت حاجة شديدة في البلاد التي تعرضت لويلات الحرب هذه وبالأخص ألمانيا، إِلى هذا الموضوع مما دفع بطائفة من المفكرين في سياق البحث عن حلّ لهذه المشكلة إِلى إعادة النظر في مسألة المنع عن تعدد الزوجات، إِلى درجة أنّهم طلبوا من الجامع «الأزهر» بالقاهرة البرنامج الإِسلامي حول تعدد الزوجات للدراسة، ولكنهم اضطروا ـ وتحت ضغوط شديدة من جانب الكنائس ـ إِلى التوقف عن المضي في دراسة هذا البرنامج، وكانت النّتيجة هو تفشي الفحشاء والفساد الجنسي الشديدين في جميع البلاد التي تعرضت للحرب وويلاتها.

..إِن المؤرخ الفرنسي المعروف «غوستاف لوبون» يعتبر قانون تعدد الزوجات الذي يقرّه الإِسلام ضمن حدود وشروط خاصّة ـ من مزايا هذا الدين، ويكتب عند المقارنة بينه وبين طريقة العلاقات الجنسية الحرّة غير المشروعة الرائجة في الغرب قائلا: «وفي الغرب حيث الجو والطبيعة لا يساعدان على تعدد الزوجات، وبرغم أنّ القوانين الغربية تمنع التعدد، ولكن الغربيين قلما تقيدوا بهذه القوانين وخرقوها بعلاقاتهم السرّية الآثمة.

ولا أرى سبباً لجعل مبدأ تعدد الزوجات الشرعي عند الشرقيين أدنى مرتبة من مبدأ تعدد الزوجات السري عند الأوروبيين، بل أرى ما يجعله أسنى منه»[2]

طبعاً لا يمكننا إنكار أنّ هناك بعض أدعياء الإِسلام ممن يستخدمون هذا القانون الإِسلامي من دون مراعاة الروح الإِسلامية فيه فيتخذون حريماً كلّه فساد وفجور ويتعدون على حقوق أزواجهم، بيد أنّ هذا ليس هو عيب في هذا القانون الإِسلامي ولا يجوز اعتبار أعمالهم القبيحة وأفعالهم الرخيصة هذه من الإِسلام، فهي ليست من أحكام الإِسلام في شيء. ترى أي حكم أو قانون جيد من الأحكام والقوانين لم يستغله النفعيون والمصلحيون استغلالا سيئاً ؟)[3]

العدالة بين الزوجات

قال تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)[4]

أهي العدالة في الجوانب المادية كالمضاجعة وتوفير وسائل العيش وتحقيق الرّفاه والمتطلبات المعيشية؟ أم أنّ المراد أيضاً هو العدالة في نطاق القلب والعواطف والأحاسيس الإِنسانية؟ وبعبارة صريحة: العدالة في الحبّ والرغبة، مضافاً إِلى العدالة في الجوانب المادية؟

لا شكّ أنّ مراعاة العدالة في الميل القلبي، والحبّ، والرغبة شيء خارج عن نطاق القدرة البشرية.

فمن ذا يستطيع أن يضبط حبّه من جميع الجوانب، ويعطيه الحجم الذي يريد، والحال أنّ موجباته وعوامله خارجة عن نطاق قدرته، وإطار إرادته؟

ولهذا لم يوجب سبحانه مراعاة مثل هذه العدالة حيث قال سبحانه في الآية 129 من نفس هذه السّورة ـ النساء: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) أي لا يمكنكم مهما أردتم أن تعدلوا بين الأزواج في الميل القلبي، والحبّ والمودّة.

إذن فلا ضير في الحبّ والميل القلبي الذي لا يوجب تفضيل بعض الأزواج في المواقف العملية، وعلى هذا الأساس فإِن ما يجب على الرجل مراعاته هو العدالة بين أزواجه في الجوانب العملية الخارجية أي في نوع التعامل العملي خاصّة إِذ يستحيل مثل هذه المراعاة في المجال العاطفي.

من هذا الكلام يتّضح بجلاء إن الذين أرادوا من ضمّ قوله تعالى: (وإِن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) إِلى قوله تعالى في الآية (129): (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) أن يستنتجوا حرمة تعدد الأزواج مطلقاً بحجّة استحالة مراعاة العدالة بينهن قد وقعوا في خطأ كبير، لأن العدالة المستحيلة مراعاتها ـ كما أسلفنا ـ هي العدالة في المجال العاطفي، ـ وليس هذا من شرائط جواز التعدد في الأزواج، بل إن من شرائط جوازه هو مراعاة العدالة في المجال العملي.

ويشهد بذلك ما جاء في ذيل الآية (129) من نفس هذه السّورة حيث يقول سبحانه: (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) أي أنّكم إِذ لا تقدرون على مراعاة المساواة الكاملة في محبّة الزوجات وودّهنّ، فلا أقل أن لا تميلوا في حبّ بعض الأزواج ميلا شديداً يحملكم على أن تذروا التي لا تميلون إليها، فلا هي ذات زوج ولا أيم.

وخلاصة القول ونتيجته، هي أن الذين أمسكوا بقسم من هذه الآية، ونسوا القسم الآخر وتورطوا في رفض تعدد الزوجات في خطأ يدهش كل محقق، ويستغرب منه كل باحث.

أضف إِلى ذلك أن مسألة جواز تعدد الأزواج بشرائطها على درجة من الثبوت والوضوح في الفقه الإِسلامي ومصادره الشيعية والسنية بحيث لا يبقى مجال للجدل، ولا محل للنقاش، بل هو من ضروريات الفقه الإِسلامي ومسلماته، وبديهياته.)[5]


[1] النساء : 3

[2] حضارة العرب، ص 398.

[3] تفسير الأمثل : ج3 ص92 .

[4] النساء : 3

[5] تفسير الأمثل: ج3 ص91 .

2019/07/18

للمتزوجات فقط!! تعرّفن على أبرز حقوقكنّ

وضع الإسلام حقوقا للزوجة يجب على الزوج تنفيذها وأدائها، وهي ضرورية لإشاعة الاستقرار والاطمئنان في أجواء الاُسرة، وإنهاء أسباب المنافرة والتدابر قبل وقوعها.

النفقة

ومن حقوق الزوجة على زوجها: حق النفقة، حيث جعله اللّه تعالى من الحقوق التي يتوقف عليها حقّ القيمومة للرجل، كما جاء في قوله تعالى: الرِجالُ قوّامُونَ على النِّساءِ بما فَضّلَّ اللّه بَعضهُم على بَعضٍ وبما أنفقُوا مِن أموالِهم»[1].

فيجب على الزوج الانفاق على زوجته، وشدّد رسول اللّه صلى الله عليه وآله على هذا الواجب حتى جعل المقصّر في أدائه ملعونا، فقال: «ملعون ملعون من يضيّع من يعول»[2].

والنفقة الواجبة هي الاطعام والكسوة للشتاء والصيف وما تحتاج إليه من الزينة حسب يسار الزوج[3].

والضابط في النفقة القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام وأداء وكسوة وفراش وغطاء واسكان واخدام وآلات تحتاج إليها لشربها وطبخها وتنظيفها[4].

ويقدم الاطعام والاكساء على غيره من أنواع النفقة، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «حقّ المرأة على زوجها أن يسدَّ جوعتها، وأن يستر عورتها، ولا يقبّح لها وجها، فإذا فعل ذلك أدّى واللّه حقّها»[5].

والنفقة هي ملك شخصي للزوجة، فلو دفع لها الزوج نفقتها ليوم أو اسبوع أو شهر، وانقضت المدة ولم تصرفها على نفسها بأن أنفقت من غيرها، أو أنفق عليها أحد بقيت ملكا لها[6].

ولو مضت أيام ولم ينفق الزوج عليها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة سواء طالبته بها أو سكتت عنها[7].

ولضرورة هذا الحق جعل الاسلام للحاكم الشرعي ـ وهو الفقيه العادل ـ صلاحية إجبار الزوج على النفقة، فإن امتنع كان له حق التفريق بينهما[8]، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة، وإلاّ فرّق بينهما»[9].

ولا تسقط النفقة حتى في حال الطلاق، فما دامت المطلقة في عدتها فعلى الزوج الانفاق عليها، وتسقط نفقتها في حال الطلاق الثالث، قال الإمام محمد الباقر عليه السلام: «إنَّ المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها، إنّما هي للتي لزوجها عليها رجعة[10]، إلاّ الحامل فإنّها تستحقُّ النفقة بعد الطلاق الثالث»[11].

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا طلّق الرجل المرأة وهي حبلى، أنفق عليها حتى تضع ..»[12].

وتسقط النفقة في حال عدم التمكين للزوج، ولا تسقط إن كان عدم التمكين لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض[13].

وتسقط النفقة إن خرجت بدون إذن زوجها، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع»[14].

وحثّ الإسلام على اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع التدابر والتقاطع، فدعا إلى توثيق روابط المودّة والمحبة وأمر بالعشرة بالمعروف، قال اللّه تعالى: « ... وعَاشرُوهنَّ بالمعرُوفِ فإنّ كَرِهتُمُوهُنَّ فَعَسى أن تَكرهوا شَيئا ويجعل اللّه فيهِ خيرا كثيرا»[15].

ومن مصاديق العشرة بالمعروف حسن الصحبة، قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية: «إنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلِّ حال، وأحسن الصحبة لها، فيصفو عيشك»[16].

التعامل بخلق حسن

ومن حقها أن يتعامل زوجها معها بحسن الخلق، وهو أحد العوامل التي تُعمّق المودة والرحمة والحب داخل الاُسرة، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: «لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة؛ ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها..»[17].

أكرم زوجتك..

ومن حقها الاكرام، والرفق بها، واحاطتها بالرحمة والمؤانسة، قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: «وأمّا حقُّ رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن اللّه جعلها سكنا ومستراحا وأُنسا وواقية، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد اللّه على صاحبه، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة اللّه ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصية، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها..»[18].

وقد ركّز أهل البيت: على جملة من التوصيات من أجل ادامة علاقات الحب والمودّة داخل الاُسرة، وهي حق للزوجة على زوجها.

قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي»[19].

وقال صلى الله عليه وآله: «من اتخذ زوجة فليكرمها»[20].

وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه وبين زوجته»[21].

وجاءت توصيات جبرئيل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله مؤكدّة لحق الزوجة قال: «أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة»[22].

لا تضربها

ونهى صلى الله عليه وآله عن استخدام القسوة مع المرأة، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها، ففي جوابه على سؤال خولة بنت الأسود حول حق المرأة قال: «حقك عليه أن يطعمك ممّا يأكل، ويكسوك ممّا يلبس، ولا يلطم ولا يصيح في وجهك»[23].

وقال صلى الله عليه وآله: «خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم»[24].

الصبر على إساءة الزوجة

ومن أجل تحجيم نطاق المشاكل والاضطرابات الاُسرية، يستحسن الصبر على إساءة الزوجة، لأنّ ردّ الاساءة بالإساءة أو بالعقوبة يوسّع دائرة الخلافات والتشنجات ويزيد المشاكل تعقيدا، فيستحب الصبر على إساءة الزوجة قولاً كانت أم فعلاً، قال الامام محمد الباقر عليه السلام: «من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة، أعتق اللّه رقبته من النار، وأوجب له الجنّة»[25].

وحثّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله الزوج على الصبر على سوء أخلاق الزوجة، فقال: «من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه اللّه من الأجر ما أعطى أيوب على بلائه»[26].

ولقد ورد في سيرته صلى الله عليه وآله أنّه كان يصبر على أذى زوجاته وغضبهن عليه وهجرهن إياه، فحري بنا أن نقتدي بسيرة سيّد البشر لكي نتجنب كثيرا من حالات التصدّع والتفكك في حياتنا الزوجية، ونحافظ على سلامة العلاقات داخل محيط الاُسرة.

عن عمر بن الخطاب قال: غضبت على امرأتي يوما، فإذا هي تراجعني، فانكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر من ذلك! فو اللّه إنّ أزواج النبي صلى الله عليه وآله ليراجعنه وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل[27].

وقال عمر لحفصة ابنته: أتغضب احداكنّ على النبي صلى الله عليه وآله اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم[28].

وكانت سيرة أئمة أهل البيت: مثالاً لسيرة جدهم المصطفى صلى الله عليه وآله في كل مفردات العقيدة والسلوك، وهكذا كانت في مسألة الصبر على أذى الزوجة لأجل تقويم سلوكها واصلاحها، فعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: «كانت لأبي عليه السلام امرأة، وكانت تؤذيه، وكان يغفر لها»[29].

المضاجعة

ومن حقوق الزوجة حق المضاجعة، فإذا حرمها الزوج من ذلك ـ كما هو الحال في الايلاء، بأن يحلف ألا يجامع زوجته ـ فللزوجة حق الخيار، إن شاءت صبرت عليه أبدا، وإن شاءت خاصمته إلى الحاكم الشرعي، حيث يمهله لمدة أربعة أشهر ليراجع نفسه ويعود إلى مراعاة حقها، أو يطلقها، فان أبى كليهما حبسه الحاكم وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يرجع إلى زوجته، أو يطلقها[30].

وإذا تزوجت من رجل على أنّه سليم، فظهر أنه عنّين انتظرت به سنة، فان استطاع مجامعتها فتبقى على زوجيتها، وإن لم يستطع كان لها الخيار، فان اختارت المقام معه على أنّه عنّين لم يكن لها بعد ذلك خيار[31].

ولا يجوز اجبار المرأة على الزواج من رجل غير راغبة فيه ـ كما تقدم ـ.

وإن كان للرجل زوجتان، فيجب عليه العدل بينهما[32].

ووضع الإسلام حدودا في العلاقات الزوجية، فلا يجوز للزوج أن يقذف زوجته، فلو قذفها جلد الحدّ.

 


[1] النساء 4: 34.

 

[2] عدة الداعي / أحمد بن فهد الحلي: 72 ـ مكتبة الوجداني قم.

[3] الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 285.

[4] مهذب الاحكام 25: 298. والصراط القويم: 215.

[5] عدة الداعي: 81.

[6] مهذب الاحكام 25: 305.

[7] مهذب الاحكام 25: 304.

[8]  مهذب الاحكام 25: 305.

[9]  وسائل الشيعة 21: 512.

[10] الكافي 6: 104.

[11] المقنعة: 531.

[12] الكافي 6: 103.

[13] مهذب الاحكام 25: 292.

[14] الكافي 5: 514.

[15] سورة النساء: 4 / 19.

[16] مكارم الاخلاق: 218.

[17] تحف العقول: 239.

[18] تحف العقول: 188.

[19] من لا يحضره الفقيه 3: 281.

[20] مكارم الاخلاق: 216 ـ 217.

[21] من لا يحضره الفقيه 3: 281.

[22] من لا يحضره الفقيه 3: 278.

[23]مكارم الاخلاق: 218.

[24] مكارم الاخلاق: 216.

[25]مكارم الاخلاق: 216.

[26] مكارم الاخلاق: 213.

[27] الدر المنثور 6: 243.

[28] المعجم الكبير 23: 209.

[29] من لا يحضره الفقيه 3: 279.

[30] المقنعة : 523.

[31] المقنعة : 520.

[32] المقنعة : 516.

2019/07/16

الأسرة المسلمة.. ما هي حقوق الزوج؟

وضع المنهج الإسلامي حقوقا وواجبات على جميع أفراد الاُسرة، وأمر بمراعاتها من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء ال اُسرة، والتقيّد بها يسهم في تعميق الأواصر وتمتين العلاقات، وينفي كل أنواع المشاحنات والخلافات المحتملة، والتي تؤثر سلبا على جوّ الاستقرار الذي يحيط بالاُسرة، وبالتالي تؤثر على استقرار المجتمع المتكون من مجموعة من الاُسر.

من أهمّ حقوق الزوج حقّ القيمومة، قال اللّه تعالى: «الرِجالُ قوّامُونَ على النِّساءِ بما فَضّلَّ اللّه بَعضهُم على بَعضٍ وبما أنفقُوا مِن أموالِهم»[1]

فالأسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيّم ومسؤول عن أفرادها له حقّ الاشراف والتوجيه ومتابعة الأعمال والممارسات، وقد أوكل اللّه تعالى هذا الحق إلى الزوج، فالواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية لكلٍّ من الزوجين، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال وتشعرهم بمقام والدهم.

ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تصدّق من بيتها شيئا إلاّ باذنه، ولا تصوم تطوعا إلاّ باذنه، ولا تمنعه نفسها، وإن كانت على ظهر قتب، ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه... »[2].

حتى إنّه ورد كراهة إطالة الصلاة من قبل المرأة لكي تتهرب من زوجها، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «لا تطوّلن صلاتكن لتمنعنَّ أزواجكن»[3].

ويجب عليها احراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة، فلا يجوز لها الاعتكاف المستحب إلاّ باذنه، ولا يجوز لها أن تحجّ استحبابا إلاّ باذنه، وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها»[4].

ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية وإدامة الروابط الروحية وادخال السرور والمتعة في نفس الزوج، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات ذلك، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول اللّه، ما حقّ الزوج على المرأة؟ قال: أكثر من ذلك،  فقالت: فخبّرني عن شيء منه فقال: ليس لها أن تصوم إلاّ باذنه ـ يعني تطوعا ـ ولا تخرج من بيتها إلاّ باذنه، وعليها أن تطّيّب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتزيّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية وأكثر من ذلك حقوقه عليها»[5].

ويستحب لها كما يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام: «.. إظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه »[6].

وفي رواية (جاء رجل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله فقال: إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموما قالت: ما يهمّك، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك اللّه همّا، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «بشرها بالجنة، وقل لها: إنّك عاملة من عمّال اللّه، ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيدا».

وفي رواية: «إنّ للّه عزَّ وجلَّ عمّالاً، وهذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد»[7].

ويحرم على الزوجة أن تعمل ما يسخط زوجها ويؤلمه في ما يتعلق بالحقوق العائدة إليه، كادخال بيته من يكرهه، أو سوء خُلقها معه، أو اسماعه الكلمات المثيرة وغير اللائقة.

قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: «أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل منها صرفا ولا عدلاً ولا حسنة من عملها حتى ترضيه»[8].

وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ، لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها، وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها، لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها، كغسلها من جنابتها»[9].

ويحرم على الزوجة أن تهجر زوجها دون مبرر شرعي[10]، قال رسول اللّه صلى الله عليه واله: «أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدرك الأسفل من النار إلاّ أن تتوب وترجع»[11]

ومن أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة التي تخلق أجواء التوتر في الاُسرة، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدبة لها إذا لم ينفع معها الوعظ والارشاد، وتندرج العقوبة من الأخف أولاً ثم الأشد ثانيا حسب حال المرأة ومقدار نشوزها واعراضها وعدم طاعتها بعد بذل النصيحة والموعظة، قال اللّه تعالى: «... واللاتي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهنَّ واهجُرُوهُنَّ في المضاجعِ واضرِبُوهُنَّ فإنَّ أطعنّكُم فلا تَبغُوا عَليهنَّ سَبيلاً... »[12]. فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها، وتسلّطت عليه بالقول أو الفعل، فيبدأ بوعظها وتخويفها من اللّه تعالى، فإن أثّر ذلك وإلاّ هجرها بالأعراض عنها في مدخله ومخرجه ومبيته من غير اخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس، فان أثّر ذلك وإلاّ ضربها ضربا غير مبرّح، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردّها، وإن أبت فله تأديبها بالأعراض عنها وقطع الانفاق[13].

وأكدت الروايات على مراعاة حق الزوج، واتّباع الأساليب الشيّقة في ادامة أواصر الحبّ والوئام، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الاُسرة، فجعل الإمام الباقر عليه السلام حسن التبعل جهادا للمرأة فقال عليه السلام: «جهاد المرأة حسن التبعل»[14].

ولأهمية مراعاة هذا الحق قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: «لا تؤدي المرأة حقّ اللّه عزَّ وجلَّ حتى تؤدي حقّ زوجها»[15].

وذكر صلى الله عليه وآله طاعة الزوج في سياق ذكره لسائر العبادات والطاعات التي توجب دخول الجنة، حيث قال: «إذا صلّت المرأة خَمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، فلتدخل من أيّ أبواب الجنة شاءت»[16].

ووضع رسول اللّه وأهل بيته: منهجا في العلاقات بين الزوجين يعصم الحياة الزوجية من التصدّع والاضطراب، فأكد على الزوجة أن لا تكلف زوجها مالا يطيق في أمر النفقة، وهو أمر يسبب كثيرا من المتاعب في الحياة الزوجية ويضرّ بصفوها وانسجامها.

قال صلى الله عليه وآله: «أيّما امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلّفته مالا يطيق، لا يقبل اللّه منها صرفا ولا عدلاً إلاّ أن تتوب وترجع وتطلب منه طاقته»[17].

وحث صلى الله عليه وآله المرأة على اصلاح شؤون البيت واستقبال الزوج بأحسن استقبال فقال: «حقّ الرجل على المرأة إنارة السراج، واصلاح الطعام، وان تستقبله عند باب بيتها فترحب به، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل...»[18].

ويستحب للزوجة أن تكسب رضا الزوج وتنال مودته، قال الامام جعفر الصادق عليه السلام: «خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى عني»[19].

وجعل الإمام محمد الباقر عليه السلام رضا الزوج على زوجته شفيعا لها عند اللّه تعالى، فقال: «لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها، ولمّا ماتت فاطمة عليها السلام قام عليها أمير المؤمنين عليه السلام وقال: اللهمّ إنّي راضٍ عن ابنت نبيك، اللهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها»[20].

ومن أجل التغلب على المشاكل المعكّرة لصفو المودة والوئام، يستحب للزوجة أن تصبر على أذى الزوج، فلا تقابل الأذى بالأذى والاساءة بالإساءة؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الاُسرة بالتوترات الدائمة والمشاكل التي لا تنقضي، والصبر هو الاُسلوب القادر على ايصال العلاقات الى الانسجام التام بعودة الزوج إلى سلوكه المنطقي الهادى ء، فلا يبقى له مبرر للاصرار على سلوكه غير المقبول، قال الإمام الباقر عليه السلام: «وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته».

ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الاُسري أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه، فيحفظون له مقامه، ويؤدون له حق القيمومة فيطيعون أوامره، ويستجيبون لإرشاداته ونصائحه، فتسير العملية التربوية سيرا متكاملاً، ويعمّ الاستقرار والطمأنينة جوّ الاُسرة بأكمله، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة.

 


[1] النساء 4: 34.

[2] من لا يحضره الفقيه 3: 277.

[3] الكافي 5: 508.

[4] الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 191.

[5] الكافي 5: 508.

[6] تحف العقول: 239.

[7] مكارم الاخلاق: 200.

[8] مكارم الاخلاق: 202.

[9] الكافي 5: 507.

[10] جواهر الكلام 31: 201. ومنهاج الصالحين، المعاملات: 103.

[11] مكارم الاخلاق: 202.

[12] سورة النساء: 4 / 34.

[13] الكافي في الفقه: 294.

[14] من لا يحضره الفقيه 3: 278.

[15] مكارم الاخلاق: 215.

[16] مكارم الاخلاق: 201.

[17] مكارم الاخلاق: 202.

[18] مكارم الاخلاق: 215.

[19] مكارم الاخلاق: 200.

[20] بحار الانوار 103: 257.

2019/07/14

الأسرة المسلمة: كيف تختار شريكة حياتك؟

لا يخفى بأنّ الإسلام يرشد الزوجين إلى الأُسس السليمة عند الاختيار، ويكشف عن المواصفات التي يجب مراعاتها، فهو يحث كلا من الزوجين على بذل الوسع واستنفاذ الجهد بغية التعرف على أوصاف شريك العمر والمشورة مع الأقارب وغيرهم لكون القضية حيوية لا تقتصر على سعادتهما بل تنعكس آثارها على النسل.

وكان عباد الله الصالحون يطلبون المدد والعون من الله تعالى لكي يوفقهم لحسن الاختيار، وأن يهب لهم الزوجة والذرية الصالحة (والَّذِينَ يَقُولُونَ ربَّنا هَب لنا مِنْ أزواجِنَا وذُرِياتِنَا قُرَّةَ أعيُنٍ واجعَلنَا لِلمُتَّقينَ إمَامَاً)[1].

وسوف نستعرض بإيجاز المواصفات المثالية التي حددها الإسلام لكلِّ من الزوجين.

1 ـ مواصفات الزوجة الصالحة: 

في ضوء قراءتنا الفاحصة للنصوص الواردة في هذا الشأن، نجد أن الاسلام يقدّم الارشادات المناسبة للزوج وأسس اختيار الزوجة فبضوء معايير سليمة.

إنَّ الإسلام يرى أنّ الوقاية خيرٌ من العلاج، لذلك يُسدي نصائحه بسخاء للزوج يحثه فيها على التثبت والتأني عند الاختيار حتى لا يكون كحاطب ليل لا يدري ما يجمع في حزمته، وقد كشف له عن خطأ النظرة الأحادية الجانب التي تركّز على الجمال أو المال فحسب، مؤكدا على النظرة الشمولية التي تتجاوز الظواهر المادية، بل تغوص نحو العمق لتبحث عن المواصفات المعنوية من دين وأخلاق وما إلى ذلك.

وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام: «إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، وليس للمرأة خطر، لا لصالحتهنَّ ولا لطالحتهنَّ: فأما صالحتهنَّ فليس خطرها الذّهب والفضة، هي خير من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها»[2].

وقد أولى الأئمة من عترة المصطفى عليهم السلام عناية خاصة لمسألة اختيار الزوجة، وكانوا مع سموّ مقامهم ورجاحة عقلهم وكثرة تجاربهم، يستشيرون الآخرين في هذا الشأن، ومن الشواهد الدالة على ذلك، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليها السلام: (لما أراد أن يتزوّج قال لأخيه عقيل: «انظر لي امرأة قد أولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوَّجها فتلدُ لي غلاماً فارساً». وفكَّر عقيل قليلاً ثم قال لأخيه: تزوج أمُّ البنين الكلابية، فإنه ليس في العرب على وجه الإطلاق أشجع من آبائها.. وصار عقيل يُعدِّد أمجاد أعمام وأخوال أمُّ البنين، فخطبها الإمام وتزوَّجها.. وأنجبت أمُّ البنين من الإمام أربعة ذكور.. هم: العبّاسُ وعبدالله، وجعفر، وعثمان)[3].

وكان أهل البيت عليهم السلام يسدون النصيحة المخلصة لكلِّ من استشارهم في هذا الشأن، فعندما استشار داود الكرخي الإمام الصادق عليه السلام قائلاً له: إنَّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، قال الإمام عليه السلام: «اُنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك، وأمانتك فإن كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق»[4].

وما يبدو مثيراً للاهتمام أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليه السلام يقدمون رؤيتهم المعرفية للشباب التي تكشف النقاب عن طبائع النساء، وسوف نسلط الضوء على هذا المطلب.

طبائع النساء

لقد كشف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ومن خلال أحاديث كثيرة في هذا المجال عن طبائع النساء المختلفة، وذلك لتنمية وعي الشباب وتعميق خبرتهم لاختيار الأنسب والأفضل منهنَّ.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا أُخبركم بخير نسائكم؟ قالوا بلى. قال: إنَّ خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذّل له تبذّل الرجل»[5].

وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر عليه السلام: «النساء أربعة أصناف:  فمنهنَّ ربيع مربّع، ومنهن جامع مجمّع، ومنهن كرب مقمّع، ومنهن غلّ قمّل.

فأما الربيع المربّع:  فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر، والجامع المجمّع:  الكثيرة الخير المحصنة، والكرب المقمّع:  السيئة الخلق مع زوجها، وغلّ قمّل:  هي التي عند زوجها كالغل القمل، وهو غلّ من جلد يقع فيه القمل فيأكله، فلا يتهيأ أن يحلّ منه شيئاً، وهو مثل للعرب»[6].

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «هنَّ ثلاث: فامرأة ولودٌ، ودود، تعين زوجها على دهره، وتساعده على دنياه وآخرته، ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خُلق ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخّابة، ولاّجة، خرّاجة، همّازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير»[7].

وفي هذا الاطار يلفت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنظارنا إلى قضية جوهرية لابدّ أن تستحضر في الذهن عند الاختيار، وذلك في قوله عليه السلام: «خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو، والجبن، والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوّة لم تمكّن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرَقت من كلِّ شيءٍ يعرض لها»[8].

وهكذا نجد أنّ أهل البيت عليهم السلام يؤكدون على ضرورة الاختيار الحر والواعي لشريكة العمر، ومن خلال استقراء الآيات والروايات الواردة حول مواصفات الزوجة الصالحة، وجدنا بالإمكان تصنيفها إلى قسمين رئيسين: 

أ ـ مواصفات دينية ومعنوية: 

إنَّ من الأهمية بمكان أن تكون الزوجة ذات دين يعصمها عن الخطأ والخطيئة، ويزرع في وعيها العقيدة الصحيحة والآداب السامية التي ستنقلها بدورها إلى أبنائها، ولأجل ذلك حرم الإسلام الزواج من المشركات، قال تعالى: (ولا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حتى يُؤمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤمِنةٌ خَيْرٌ مِن مُشرِكَةٍ ولَو أعجَبَتكُم)[9].

ولأجل أنّ الدين له مدخلية كبرى في استقامة الزوجة، أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشباب بأن لا ينظروا بعين الشهوة والطمع لمن يرغبون الاقتران بها كأن يركّزون على جمالها ومالها، بل عليهم في المقام الأول أن ينظروا إلى دينها وتدينها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تنكح المرأة على أربع خلال: على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدين»[10]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً: «من تزوج امرأة لا يتزوّجها إلاّ لجمالها لم يرَ فيها ما يحبّ، ومن تزوّجها لمالها لا يتزوّجها إلاّ وكّله الله إليه، فعليكم بذات الدين»[11].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تتزوجوا النساء لحسنهنَّ، فعسى حسنهنَّ أن يرديهنَّ، ولا تتزوجوهنَّ لأموالهن فعسى أموالهنَّ أن تطغيهنَّ، ولكن تزوجوهنَّ على الدين»[12].

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إذا تزوج الرّجل المرأة لمالها أو جمالها لم يُرزق ذلك، فإن تزوجها لدينها رزقه الله جمالها ومالها»[13].

ومن المسائل المعنوية التي تتطلب الاشارة في هذا المقام والأخذ بنظر الاعتبار، هي مسألة النسب والحسب فإنه لا نزاع في أنَّ للنسب دوراً خطيراً في بناء شخصية الإنسان وإرساء دعائمها الأساسية.

إنَّ كثيراً من الصفات المعنوية والجسدية يرثها الإنسان عن آبائه وأخواله وأجداده وهي تتحكم في رسم معالم شخصيته، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تخيّروا لنطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهنَّ وأخواتهنَّ»[14].

وفي هذا الصدد قال الإمام الصادق عليه السلام: «تزوَّجوا في الحجز الصالح، فإنَّ العرق دسّاس»[15].

ممّا تقدّم يتّضح لنا أنّ الاقتران بذات الدين هو قطب الرحى في توجهات القرآن والسُنّة، وذلك لإرساء أُسس متينة تقوم عليها الحياة الاُسرية، وبدون ذلك يصبح البناء الاُسري متزلزلاً كالبناء فوق رمال متحركة، وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: «أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره في النكاح، فقال: نعم إنكح، وعليك بذوات الدين تربت يداك»[16].

وصفوة القول أنّ الإسلام يرشد الشاب أن يتبع ميزاناً معيارياً يرجّح فيه الصفات المعنوية كالدين والصلاح عند اختيار الزوجة، قال تعالى: (وانكِحُوا الأيامَى مِنكُم والصَّالِحينَ مِن عِبادِكُم وإمائكُم).


[1] سورة الفرقان:  25 / 74.

[2] وسائل الشيعة 14:  17 كتاب النكاح.

[3] العباس بن علي ـ سلسلة عظماء الإسلام، محمد كامل المحامي:  20 ـ 23 منشورات المكتب العالمي للطباعة ـ بيروت 1980 م ط3.

[4] من لا يحضره الفقيه 3:  244 باب اصناف النساء.

[5] مكارم الأخلاق:  200.

[6] مكارم الأخلاق:  198. ومن لا يحضره الفقيه 3:  244.

[7] من لا يحضره الفقيه 3:  244 باب أصناف النساء.

[8] نهج البلاغة، ضبط صبحي الصالح:  509 / الحكمة 234.

[9] سورة البقرة:  2 / 221.

[10] كنز العمال 16:  303 / 44602.

[11] روضة الواعضين، للفتال النيسابوري:  374 منشورات الرضي ـ قم.

[12] كنز العمال 16:  292 / 44537.

[13]  من لا يحضره الفقيه 3:  248 باب الوصية بالنساء.

[14] كنز العمال 16:  295 / 44557.

[15] مكارم الاخلاق:  197.

[16] وسائل الشيعة 14:  21 باب استحباب اختيار الزوجة الصالحة.

2019/07/07

عن الأسرة المسلمة... كيف يقينا الإسلام من الانحراف الجنسي؟

يطلق لفظ الأسرة في اللغة على عشيرة الرجل ورهطه الأدنون وأهل بيته لأنه يتقوى بهم.

أما في الاصطلاح فإنّ مفهوم الاُسرة يتطور عبر الزمان ويتأثر بالمكان، ويطلق في الإسلام على الجماعة المكونة من الزوج والزوجة وأولادهما غير المتزوجين الذين يقيمون معاً في مسكن واحد، وعندما نقيّد الاُسرة بقولنا: الاُسرة المسلمة، فلا بدّ لأفرادها من أن يكونوا في أفكارهم وعواطفهم وسلوكهم من الملتزمين بأحكام الإسلام.

فالدين الإسلامي ـ باعتباره منهجاً شاملاً لجميع جوانب الحياة الإنسانية ـ أولى الاُسرة أهمية خاصة في مفردات منهجه المتكامل، ذلك لما لها من دور فعال يسهم في بناء إنسان صالح يشارك في خدمة المجتمع ورقيه وتنمية قدراته. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأنَّ الإسلام يقدّم نظرته المثلى قبل تشكيل الاُسرة، كخطوة استباقية لما يجب أن تكون عليه الاُسرة المسلمة؛ تنحرف عن مسارها الذي رسمه لها كمؤسسة تربوية أساسية في المجتمع.

الإسلام يستخدم الترغيب في التشجيع على الزواج

يمكن تحديد المنهج الإسلامي في التشجيع على الزواج باعتباره النواة الاُولى لتكوين الاُسرة المسلمة أُسلوبي الترغيب على الزواج والترهيب من تركه الواردين في الكتاب الكريم والسنة المطهّرة.

قال تعالى: (وأنكِحُوا الأيامَى مِنكُم والصَّالِحينَ مِنْ عِبَادِكُم وإمائكُم إن يكُونُوا فُقَراءَ يُغنِهِم اللهُ مِن فَضلِهِ واللهُ واسعٌ علِيمٌ).

فهذه الآية تدل على أمرٍ إلهي في التشجيع على الزواج والوعد بتذليل العقبات الاقتصادية التي تعتريه.

كما كشف لنا القرآن الكريم ـ وفي معرض الامتنان على البشرية ـ عن أنّ الزواج آية من آياته الرحمانية التي تعمُّ جميع الناس، سواء منهم المسلم أو الكافر، ينعمون من خلاله بالسكينة والاطمئنان في أجواءٍ من المودة والرحمة، فقال عزَّ من قائل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أنفُسِكُمْ أزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذلِكَ لأَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

وإذا طالعنا السُنّة المباركة نجد أنَّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد وضّح لنا الرغبة الالهية للبناء الاسري القائم على أساس الزواج وله صلى الله عليه وآله وسلم: « ما بني بناء في الإسلام أحبُّ إلى الله من التزويج ».

وحرص صلى الله عليه وآله وسلم على إبراز المعطيات الإيجابية للزواج تشجيعاً للشباب من أجل الإقدام عليه عندما قال صلى الله عليه وآله وسلم: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباه فليتزوج، فإنّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج .. ».

وبصرف النظر عما ورد في النقل ـ من آيات وروايات ـ بخصوص الترغيب في الزواج فإن العقل يحكم بضرورته لكونه السبب المباشر وراء تشكيل أول خلية اجتماعية، هي الأسرة، التي ترفد المجتمع بأفراد صالحين يسهمون في بنائه وتطويره وفق أُسس سليمة بعيدة عن أسباب الانحراف والابتذال.

ومن هذه الجهة يكشف لنا الإمام الرضا عليه السلام ضرورة الزواج الاجتماعية يستقل بادراكها العقل بغض النظر عن الشرع، فيقول عليه السلام: « لو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة منزلة ولا سُنَّة متبعة، لكان فيما جعل لله فيها من برّ القريب وتآلف البعيد ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارع إليه الموفق المصيب ... ».

كما أنَّ الزواج من السنن الاجتماعية التي لم تزل دائرة في تاريخ النوع الإنساني إلى هذا اليوم، وهو دليل على كونه سنة فطرية حافظت على بقاء النوع الإنساني ؛ ذلك لأن الأنواع تبقى ببقاء نسلها، ناهيك عن أنّ الذكر والاُنثى مجهزان بحسب البنية الجسمانية بوسائل التناسل والتوالد .. وكلاهما في ابتغاء ذلك شرع سواء، وإن زيدت الاُنثى بجهاز الارضاع والعواطف الفطرية الملائمة لتربية الأولاد، وقد أودع تعالى كلا الجنسين غرائز انسانية تنعطف إلى محبة الأولاد ورعايتهم، وتنقضي بكون كلّ منهما مسكناً للآخر، وبلزوم تأسيس البيت، إذن فالفحشاء والسفاح الذي يقطع النسل ويفسد الأنساب أول ما تبغضه الفطرة الإنسانية القاضية بالنكاح.

وممّا يدل على أن الزواج أمر فطري سول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: « من أحبّ فطرتي، فليستنَّ بسنتي، ومن سنتي التزويج ».

وعليه فالزواج يقف سداً منيعاً يحول دون الانحراف الجنسي، وهو من أفضل الوسائل الوقائية التي تحصن الناس من الانزلاق إلى هاوية الرذيلة، وبالتالي الوقوع في الفتنة.

روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: « نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد إنّ ربّك يُقرؤك السلام ويقول: إنَّ الأبكار من النّساء بمنزلة الثمر على الشجر، فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلاّ اجتنائه، وإلاّ أفسدته الشمس، وغيرته الرّيح، وإنّ الأبكار إذا أدركن ما تدرك النّساء فلا دواء لهن إلاّ البعول، وإلاّ لم يؤمن عليهن الفتنة، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنبر، فجمع الناس، ثمّ أعلمهم ما أمر الله عزَّ وجلَّ به ».

ولم يكتف الإسلام بتشجيع الشباب من الجنسين على الزواج، بل دعا المسلمين إلى تحقيق أعلى درجة من المشاركة والتعاون ومد يد العون لكلِّ من تضيق يده عن تهيئة الوسائل اللازمة للزواج، ووعد كل من يساهم في هذا العمل الخيري بالثواب الجزيل، وثمة شواهد نقلية على هذا التوجه، منها.

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: « ... ومن زوَّجه زوجة يأنس بها ويسكن إليها، آنسه الله في قبره بصورة أحبّ أهله إليه » وقال حفيده الإمام الكاظم عليه السلام: « ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم، أو خدمه أو كتم له سراً ».

وفي هذا الإطارة ملحة لتوسيع المشاركة الاجتماعية في هذه القضية الحيوية دفع المسلمين للقيام بدور الوساطة بين الشباب المؤهلين للزواج وفتح قنوات الاتصال والتعارف بين عوائلهم وكذلك مدّ جسور الفهم والتفاهم بين العروسين، وهي أمور لابدّ منها حتى يكون الزواج عن قناعة ورضا وطيب نفس، وعلى نحو مدروس، وليس قراراً ارتجالياً قد تترتب عليه عواقب لا تحمد عقباها.

ثم إنّ الوسيط أو الشفيع يساهم مساهمة فعّالة في تذليل الصعوبات ورفع الموانع والعقبات التي تعترض الجانبين، ومن أشاد أمير المؤمنين عليه السلام بدور الشفيع أو الوسيط فقال: « أفضل الشفاعات أن يشفع بين اثنين في نكاح، حتى يجمع شملهما ».

2019/07/01

من حلم الإمام الحسن (ع).. كيف نتعامل مع الغضب والتشنج؟
من أبرز صفات الإمام الحسن التي عرف بها صفة الحلم، حيث اشتهر عنه أنه (حليم أهل البيت)، روى المدائني عن جويرية بن أسماء قال: لما مات الحسن أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره، فقال له الحسين: تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعّه الغيظ؟ قال مروان: نعم، كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال[1] .

وهذه الصفة في الحقيقة هي منهج للتعامل الاجتماعي، عمل الإمام على إرسائه في حياته، وعلى أتباعه ومحبيه أن يقتدوا به في هذا المنهج.

إننا يجب أن نقرأ حلم الإمام الحسن كمنهج في التسامح الاجتماعي، ونعمل على تأهيل المجتمع بهذه الصفة.

ولابد لنا أن نشير إلى أن أهل البيت كلهم يتصفون بالحلم، إلا أن الظروف التي عاشها الإمام الحسن اقتضت وساعدت على بروز هذه الصفة في شخصيته بشكل أجلى وأوضح، فالإمام كان يواجه تشنجات واستفزازات من جهتين:

الجهة الأولى: خارجية، وتتمثل في معاوية بن أبي سفيان، وجبهة الشام، حيث سعى بكل جهده وقوته، وإمكانات سلطته وحكمه، إلى أن يشوّه سمعة الإمام الحسن، لعزله شعبياً، فعمل على إثارة الدعايات والإشاعات الكاذبة والمغرضة على الإمام الحسن، وعلى أبيه أمير المؤمنين، واستطاع نتيجةً لذلك أن يوجد تياراً في الشام يكره أهل البيت، حتى لقد صدّق بعضهم أن علي بن أبي طالب لم يكن يصلي!!

ولقد كان معاوية يتعمد كثيراً أن يُسمع الحسن وفي حضوره بعض الاستفزازات، وكان بعض أتباعه والمقربين منه كمروان بن الحكم، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، يقومون بمثل هذا الدور.

الجهة الثانية: داخلية، حيث إن قرار الإمام بالصلح مع معاوية، الذي فرضته عليه الظروف، ورعاية مصلحة الأمة، أثار مشاعر بعض المحيطين بالإمام، ونظروا إلى الصلح على أنه موقف ذل وخنوع واستسلام، فراحوا يوجهّون لومهم العنيف، وعتابهم الشديد، وبعبارات مسيئة وغير لائقة.

فهذا حجر بن عدي الصحابي الجليل يخاطبه قائلاً: «أما واللَّه لوددت أنك مت في ذلك اليوم ومتنا معك». وعدي بن حاتم يقول: «أخرجتنا من العدل إلى الجور». وبشير الهمداني وسليمان بن صرد الخزاعي يدخل كل منهما عليه هاتفاً: «السلام عليك يا مذل المؤمنين». وخاطبه بعض أصحابه قائلاً: «يابن رسول اللَّه أذللت رقابنا بتسليمك الأمر إلى هذا الطاغية»[2] .

وجاء في (الإصابة): «كان أصحاب الحسن يقولون له: يا عار أمير المؤمنين. فيقول: العار خير من النار»[3] .

ومثل هذه الكلمات لا شك أنها تستفز الإنسان، وتؤجج غيظه، لكن الإمام الحسن واجهها بحلم وأناة بالغين، واستطاع بذلك امتصاص الآثار والنتائج السلبية، التي يمكن أن تتمخض عنها… لقد كانت جبهة الإمام الحسن بحاجة إلى التماسك والتلاحم، فهناك شروط على معاوية أن ينفذّها، لكنه إذا رأى جبهة الإمام متشتتة مختلفة، ومكانة الإمام مهزوزة في وسط جماعته، فإن ذلك سيشجعه أكثر على تجاهل تلك الاتفاقات، وهو لم يكن في الأساس عازماً على الوفاء بها.

الحلم لغة واصطلاحاً

مصدر حَلُمَ فلان أي صار حليماً، قال ابن فارس: الحِلم: خلاف الطيش، وقال الجوهري: الحِلم: الأناة، ويقال: حَلَمَ الرجل في منامه يحَلُمُ حُلْماً، إذا رأى رؤيا، وحَلُمَ يَحلُمُ حِلماً تأنى وسكن عند غضب أو مكروه مع قدرة وقوة.

واصطلاحاً: هو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب، كما يقول الراغب[4] .

قيل للإمام الحسن : ما الحلم؟ قال: «كظم الغيظ وملك النفس»[5]، أي أن يسيطر الإنسان على نفسه، حينما يواجهه الآخر بتصرف مستفز، ذلك أن غريزة الغضب تتحرك عنده، لتحميه من الاستفزاز الموجه إليه

ولكن الحليم هو من يتحكم في توجيه هذه الغريزة، ولا يستخدمها إلا في ظرفها المناسب، لأن إتاحة الفرصة لهذه الغريزة أن تنفجر على شكل تصرف غاضب، قد يضر الإنسان بدلاً من أن يفيده.

وكم من مظلوم تصرف تصرفاً طائشاً، وتحول بسبب ذلك التصرف إلى ظالم مدان، فأعطى الفرصة لعدوه، يقول الإمام علي : «الغضب شر إن أطلقته دمر»[6] .

إن الغضب في الحقيقة هو نتيجة استثارة خارجية، يستقبلها الإنسان، فتحفزّه على اتخاذ رد فعل غاضب.

وللتحكم في هذه الغريزة، ولتوجيهها التوجيه المناسب، تنصح التوجيهات الإسلامية بذكر اللَّه تعالى، ففي الحديث القدسي «يا بن آدم اذكرني حين تغضب»[7]، وقال : «يا علي لا تغضب، فإذا غضبت فاقعد وتفكر في قدرة الربّ على العباد، وحلمه عنهم، وإذا قيل لك اتق اللَّه، فانبذ غضبك، وراجع حلمك»[8] .

وليس أروع من أن يداوي الإنسان ثورة غضبه، بلجوئه إلى العبادة، فصلاة ركعتين قربة إلى اللَّه تعالى بإخلاص وخشوع لاشك أنها ستنقل الإنسان إلى الاتصال بعالم الكمال والروحانية، حيث يستلهم الإنسان من خالقه فيوضات رحمته، وألطاف كرامته.

كما تنصح بعض الروايات بالانتقال من حال إلى حالة أخرى عند الغضب. عن أبي ذر أن رسول اللَّه قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع»[9] .

والهدف من ذلك، هو تفريغ شحنات الغضب في حركة لا ضرر فيها. وفي حديث عن الرسول أنه ينصح بالوضوء، قال : «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء،فإذا غضب أحدكم فليتوضأ»[10] .

أضرار حالة الانفعال والتشنج

تسود البعض من الناس حالة من التشنج والانفعال السريع، لأتفه الأسباب،كما يفسح المجال لفورة غضبه أن تأخذ مداها العنيف، وهذه الحالة سيئة ومضرة، وأهم نتائجها السيئة أمران:

أولاً: الأضرار الصحية، حيث تشير التقارير الطبية، إلى أن الغضب والانفعال، يعتبر سبباً لأمراض السكري، وضغط الدم، وأمراض القلب، ولهذا فإن أهم ما يوصي به الأطباء هؤلاء المرضى، هو السيطرة على النفس، وعدم الانفعال.

ثانياً: إضعاف حالة التماسك الاجتماعي، حيث ينشغل أفراد المجتمع بمشاكلهم الجزئية والثانوية، التي تذكيها حالة التشنج، وفي غمرة كل ذلك تتلاشى الأهداف والطموحات الكبيرة، التي كان ينبغي أن ينشغل الكل بها، فيتأخر تحقيق المجتمع للأهداف والمصالح العامة، بسبب الانشغال بالخلافات الهامشية.

الحلم منهج اجتماعي

تارة يكون الحديث عن الحلم باعتباره صفة فردية حميدة، وتارة يبحث الحلم كحالة اجتماعية عامة، بين آحاد أفراد المجتمع، وبين التكتلات والتجمعات فيه.

إذ من الواضح أن في كل مجتمع تقسيمات اجتماعية متفاوتة، مناطقية وسكنية، أو عشائرية وقبلية، أو فكرية ومذهبية، أو انتماءات سياسية، وما أشبه.

والسؤال: كيف يجب أن تكون العلاقة بين كل مجموعة وأخرى؟

إن شيوع حالة التشنج والغضب يؤثر على علاقة هذه الانتماءات، فتقاطع كل فئة الأخرى، أو توجه بعضاً من جهودها للمناوأة والتخريب على الجهة الأخرى.

أما إذا ساد الحلم، وشاع التسامح بين التجمعات والتوجهات، تحول الحلم حينئذٍ إلى منهج اجتماعي عام، وآتى ثماره في تحقيق وحدة المجتمع وانسجامه، وتوجه جهوده وطاقاته نحو الأهداف الكبيرة، والتحديات الخطيرة.

ومن الملاحظ أن الخلافات والصراعات بين الجماعات، عادة تحدث بسبب تصرفات فردية متشنجة، لدى هذا الطرف أو ذاك، فيتعامل معها الطرف الآخر بنظره تعميمية، ويتخذ ردَّ فعل على أساسها.

كيف نتعامل مع التشنجات الفئوية؟

أولاً: عدم تعميم الإساءة، ومحاسبة الجماعة بكاملها عليها.

ثانياً: بث روح التسامح والإغضاء عن الإساءات التي قد تصدر من هذه ضد تلك وبالعكس، حيث ينبغي أن يتصف أفراد وقادة الجماعات بالحلم، لأن تلك الإساءة قد تكون نتيجة لسوء فهم أو التباس، أو لأن جهة ما تريد أن تخلق مشكلة بين الطرفين.

ثالثاً: عدم رفع وتيرة الاختلاف الفكري والثقافي إلى مستوى الخلاف والنزاع. ونشر ثقافة التعددية والقبول بالرأي الآخر.

إن تضخيم الخلاف حول بعض القضايا الجانبية، كثبوت هلال شهر رمضان أو العيد، أو اختيار مرجع تقليد، أو تبني هذه الفكرة أو تلك، واعتبار مثل هذه القضايا الجزئية حدوداً فاصلة بين الإيمان والكفر، والعدالة والفسق، أمر خاطئ ناشئ من الجهل أو سوء الخلق.

نهج الإمام الحسن

لقد كان الحلم منهجاً سلوكياً، ومعلماً بارزاً، في حياة الإمام الحسن، وكان يتعامل به في مقابل الاستفزازات الفردية العادية، ومع ذوي التوجهات المخالفة له، والمختلفة معه، وكشاهد على المنحى الأول: يروى أنه كانت عنده شاة فوجدها يوماً قد كسرت رجلها، فقال لغلامه: من فعل هذا بها؟ قال الغلام: أنا. قال الإمام: لم ذلك؟ قال الغلام: لأجلب لك الهمّ والغمّ.

فتبسم، وقال له: لأسرك، فأعتقه وأجزل له في العطاء[11] .

وضمن المنحى الثاني، ينقل المؤرخون: أنه اجتاز على الإمام شخص من أهل الشام، ممن غذاّهم معاوية بالكراهية والحقد على آل البيت، فجعل يكيل للإمام السب والشتم، والإمام ساكت لم يرد عليه شيئاً من مقالته، وبعد فراغه التفت الإمام فخاطبه بناعم القول، وقابله ببسمات فياضة بالبشر، قائلاً:

 «أيها الشيخ: أظنك غريباً؟ لو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أطعمناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك» ومازال يلاطف الشامي بهذا ومثله ليقلع روح العداء والشر من نفسه حتى ذهل ولم يطق ردّ الكلام، وبقي حائراً خجلاً كيف يعتذر للإمام وكيف يمحو الذنب عنه! وطفق يقول: «اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته»[12] .

إن مما يساعد على اتخاذ الموقف الحليم فهم الطرف المقابل ومعرفة الظرف النفسي والفكري الذي يحيط به، فإذا فهمت أنه مضلل، أو معبأ، وأنه هو الآخر ضحية لعدو واحد، كنتَ أقدرَ على السيطرة على الموقف، وتحويله لصالحك، لا لصالح عدوكما.

ولهذا فإن العاقل هو الذي يملك الحلم، يقول علي : «بوفور العقل يتوفر الحلم»[13] ويقول: «عليك بالحلم فإنه ثمرة العلم»[14] ويقول الرسول الأكرم : «والذي نفسي بيده ما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم»[15]، فالعالم هو الذي ينبغي أن يتحلى بالحلم، لأنه يتفهم سلبيات الجاهلين، ودوافع أخطائهم

ويحدث أحياناً أن يفد على المجتمع أفراد من مجتمعات أخرى، يحملون معلومات وأفكاراً مضللة حول المجتمع وأفكاره وعقائده.

فإذا كان الشخص المقابل لهم واعياً، يعرف أنهم بسطاء ومضللون، فإنه يستوعب أولاً الصدمة التي يحدثها كلامهم، ثم يبدأ في تغيير تلك الصورة المشوهة، ويعطي للوافد بأخلاقه وسلوكه مثالاً حياً على خطأ تصوراته السابقة.

أما إذا كان من يقابله شخصية متشنجة، فسوف يستفزها ذلك الكلام لترد عليه بكلام أقسى وباتهامات ونعوت مضادة، وهذا الأسلوب غالباً ما يؤدي إلى تأكيد التصورات الخاطئة عن المجتمع.

ومن المثير للدهشة والعجب أحياناً، أن يعتبر هؤلاء الأشخاص تصرفاتهم المتشنجة تلك بطولات وإنجازات، تستحق الذكر والإشادة، فترى بعضهم يحدثك عنها وكأنه انتصر على عدو، وهو لا يعلم أنه بذلك أكدَّ هزيمته.

ففي الحديث عن الرسول : «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»[16] .

وفي ذكرى الإمام الحسن ما أحوجنا إلى قراءة سيرته العطرة، والتزام خطه الرسالي، والأخذ بمنهجه في التسامح الاجتماعي، لتسود أجواءنا المحبة والوئام، ولنتوجه لمواجهة الأعداء والأخطار صفّاً كالبنيان المرصوص.


 [1] ابن أبي الحديد: عبد الحميد، شرح نهج البلاغة ج16 ص13 دار الجيل – بيروت، الطبعة الأولى 1987م. [2] القرشي: باقر شريف، حياة الإمام الحسن ج 2 ص 273 – 282، دار الكتب العلمية ـ قم. [3] العسقلاني: ابن حجر، الإصابة ج2 ص72 الطبعة الأولى 1992م دار الجيل – بيروت. [4] مجموعة من المختصين: موسوعة نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ص1735 الجزء الخامس، الطبعة الأولى 1998م دار الوسيلة، جدة. [5] المجلسي: محمد باقر، بحار الأنوار ج75 ص102. [6] الآمدي التميمي: عبد الواحد، غرر الحكم ودرر الكلم. [7] الكليني: محمد بن يعقوب، الكافي ج2 ص304. [8] ابن شعبة الحراني: الحسن بن علي، تحف العقول ص18. [9] السجستاني: أبو داود سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود ج2 ص664 حديث رقم 4782. [10] المصدر السابق حديث رقم 4784. [11] القرشي: باقر شريف، حياة الإمام الحسن ج1 ص214. [12] المصدر السابق ص314 ـ 315. [13] الآمدي التميمي: عبد الواحد، غرر الحكم ودرر الكلم. [14] المصدر السابق. [15] المجلسي: محمد باقر، بحار الأنوار ج2 ص46. [16] الريشهري: محمدي، ميزان الحكمة ج7 ص234.
2019/05/21

لماذا يكره أبناؤنا المدرسة؟

من الأمور الجليّة الواضحة التي أصبحت بمثابة الظاهرة في مجتمعنا قضيّة كره أبنائنا للمدارس، وقد تجاوزت الكراهية نفس الدراسة لتشمل كلّ ما تعلّق بها مثل ما نراه في هذه الأيّام من تمزيق للكتب الدراسيّة وإلقائها في الشوارع العامّة احتفالا بنهاية العام الدراسي، أو كره يوم الأحد لكونه أوّل أيّام الأسبوع بعد أن كان يوم السبت هو أبغض الأيّام لطلّاب المدارس!

والسؤال الذي علينا طرحه: ما هو سبب هذه الحالة الموجودة عند أبنائنا؟

دور الأسرة..

السبب الأوّل: يتمثّل في الأسرة التي لا تعدّ أبناءها إعدادا كاملا للمدارس، فالطفل يكون يعيش حياة حرّة بلا قيود ولا حسيب ولا رقيب، وفجأة يجد نفسه قد دخل نظاما صارما يغيّر نمط حياته ويوجب عليه الالتزام يوميّا دون سابق إنذار، فمن الطبيعيّ جدّا أن يصاب بصدمة من الوضع الجديد تجعله دائم الحنين لحياته القديمة.

إنّ أوّل دور تقوم به الأسرة للطفل هو غرس هدف في حياته من صغره وتفهيمه أنّ هذا الهدف لا يتحقّق دون هذه السنوات الطويلة من الدراسة، وبالتالي سيقبل على المدرسة وهو يحمل في نفسه هدفا واضحا جليّا، بخلاف الذي يدخل المدرسة خال من كلّ هدف وطموح إذ أنّه سيكون متخبّطا في نفسه ومع غيره وسينقل حالة التخبط للمدرسة لا لسوء فيه بل لفراغ داخليّ يعيشه بسبب تقصير الأسرة في عنصر مهمّ من عناصر التربية وهو "الطموح".

اغرس في ابنك طموحا قل له أنت ستكون "طبيبا، مهندسا، عالما، كاتبا" وعامله على هذا الأساس وسترى أنّ لهذا الأمر تأثيرا كبيرا عليها حتى في نمط تفكيره وتعامله مع محيطه لاسيما المدرسة.

المجتمع يحب أيام الإجازة

السبب الثاني: هو المجتمع الذي يتعامل مع المدرسة على أنّها عبء ثقيل جدّا، فالجميع يحبّ أيّام الإجازة ويكره أيّام المدارس والجميع يشتكي ويتذمّر من كلّ شيء يتعلّق بالمدرسة والتعليم بدءا من الكتب ووصولا إلى ازدحام الشوارع، وهذه الحالة ستنعكس على أطفالنا وتنتقل لهم عدوى التذمّر من المدرسة وكراهيّة كلّ ما يتعلّق بها.

لابدّ للمجتمع من تحبيب المدرسة للطالب والقيام بكلّ ما يجب لتغيير هذا الواقع، وذلك بتغيّر نظرة المجتمع للمدرسة وعدم التذمّر منها أمام الصغار، وثانيا بالاهتمام بنتائج الصغار وتكريمهم على تفوّقهم ونجاحهم، لأنّ الصغير أو الشاب إذا رأى أنّ تميّزه في المدرسة سيجعل منه متميّزا في المجتمع فإنّه سيسعى لذلك وسيبلغ جهده فيه بغرض تحصيل هذا التميّز.

المدرسة بيئة طاردة!

السبب الثالث: هي نفس المدارس التي لا تعتبر بيئة جاذبة للطلاب بل طاردة لهم، فلو نظرت للأعمّ الأغلب للمدارس لوجدتها مبان ضخمة لكنّها كئيبة من الداخل لا يوجد فيها أي نحو من أنحاء الحياة التي يحبّها الطفل، ولذلك ينفر منها ولا يحبّ البقاء فيها، في حين أنّ كلّ الدراسات تؤكّد على أنّ الطريقة المثلى لتعليم الصغار هي التعليم بالترفيه، فإذا كان الطفل ينظر للمدرسة على أنّها سجن كبير خال من كلّ شكل من أشكال الترويح والترفيه فكيف يمكن أن يتعلّم؟!

والأمر الآخر المهمّ هو نفس المجتمع المدرسي الذي يعاني من مشاكل كثيرة أصبحت تمثّل همّا لأولياء الأمور عندما يذهب أبناؤهم للمدارس كظاهرة التنمّر بين الطلاب، واختلاط الطفل بغيره من الذين عرفوا بسوء سلوكهم وتأثره بهم وغيرها من الأمور التي يفترض انعدامها في المدرسة لكون دورها الأساسي هو التربية قبل التعليم.

ومن هنا فإنّ تطوير التعليم لابدّ أن ينطلق من عمليّة تحبيب أبنائنا للمدرسة والدراسة، وغياب هذا العنصر المهمّ يعني انعدام وجود المبدعين في أبنائنا، إذ أنّ الإبداع يكون إذا أحبّ الإنسان ما يعمله ولا يمكن أن يبدع الإنسان فيما يكرهه، ونحن نريد أن نخرّج جيلا مبدعا متميّزا ينهض بمجتمعنا.


*المصدر: موقع سماحة الشيخ أحمد السلمان

2019/04/27

6 أمور تنتظرها المرأة من الرجل!!

*استشارية في مركز الإرشاد الأسري

ان خير وسيلة للتأثير على الزوجة في كسب قلبها واحتوائها عاطفيا من اجل الدخول الى القلب واجتذاب مودتها هو الحب، فإن المحب غالبا يطيع من يحب.

ومن هنا ينبغي أن نوجد جواً من الارتباط العاطفي في الحياة الزوجية، فمن خلال ذلك يتم التعامل وبسهولة مع الزوجة.

ولكي تبنى هذه المحبة على الأزواج اتباع الاتي:

1- تحتاج الزوجة للشعور بأن زوجها يُسخر نفسه لرعايتها وحمايتها وتلبية احتياجاتها، بأن تكون زوجته اهم عنده من امور اخرى في حياته، كـ (العمل، الدراسة، الهوايات، العلاقات الاجتماعية) وبأنه لا يتردد في بذل نفسه من اجل سعادتها وراحتها. فمثل هذه المشاعر تسعد الزوجة كثيرا وسيزداد اعجابها وحبها بزوجها عندما تشعر بأنها أولى اهتماماته.

2- المرونة في التعامل مع الزوجة من خلال اتباع اسلوب الحوار السليم عندما يكون هناك موضوع خاص في الحياة الزوجية والسماع لوجهات نظرها الى ان يتم الوصول الى القرار السليم.

3- الاحترام: تحتاج المرأة ان تدرك ان زوجها يعطي اهمية اولى لمشاعرها وحاجاتها ورغبتها وامنياتها، هذا يجعلها تشعر بحبه وعاطفته اتجاهها.

4- الاطمئنان: تحتاج المرأة الى استمرار تطمين الرجل لها، والخطأ الذي يقع فيه الرجل عندما يظن بعد ان يخبر زوجته بحبه لها بأنها لا تعود بحاجة للمزيد من التأكيد او التطمين، والصحيح ان المرأة تحتاج الى دوام تطمين الرجل لها مره بعد مرة، والى انه مستمر في حبها وتقديرها، ويقدم الرجل هذا التطمين من خلال اظهار رعايته وتفهمه واحترامه لها، واقرار لمشاعرها، وتفانيه في حبها ورعايتها.

5- الاهتمام بالمناسبات الخاصة: ومن خلال تذكر هذه المناسبات التي تتعلق بها، كذكرى زوجهما، ومن خلال القيام بالأعمال المادية التي تظهر اهتمامه بها كالهدية او باقة ورد.

6- تجنب امتهان الزوجة وتوجيه الكلام غير اللائق لها لأتفه الاسباب لان ذلك يزيد من البرود العاطفي اتجاه الزوج.

ختاما: لتكن حياتنا أجمل من خلال بث روح المحبة... والعطف... لانهما اساس نجاح العلاقة الزوجية فلولا وجودهما لكانت الحياة بلا معنى.

2019/04/25

للمتزوجين فقط.. هل تشكون من «البرود»؟!

​قد تمضي فترة ليست بالطويلة بعد الزواج حتى يستعد "البرود العاطفي" بالتسلل إلى الحياة الزوجية، فيبدأ كل واحد منهم بسرد سلسلة من المواقف السلبية ويحصيان أخطاء وهفوات بعضهما.

وعلى طريق الحد من اتساع دائرة البرود بين الزوجين، وفي سبيل المحافظة على هذا الرباط المقدس، نضع أمامكم أبرز الأسباب المؤدية إلى ذلك:

  1.  قلة الاهتمام: قد يكون أحد الزوجين بحاجة إلى اهتمام زائد من قبل الشريك فلا مانع من اشباع تلك الحاجة المهمة.
  2.  احترام الأهل: إن عدم إبداء أحد الزوجين الاحترام اللازم لعائلة الشخص الآخر وخاصة الأبوين فيه بوادر تدمير الحياة العائلية.
  3.  الإهمال: إن تكرار قيام أحد الزوجين بإهمال المنزل أو الأطفال بشكل مستمر من أجل أمور غير ضرورية مما يؤدي إلى شعور الطرف الآخر بالإهمال والملل.
  4.  الغيرة الزائدة من قبل الزوجين: أن يكون أحد الزوجين يعاني من الغيرة الزائدة إذ يضيق على الشريك لدرجة تؤدي إلى استحالة الحياة بين الزوجين.
  5.  عدم احترام الخصوصية: أن يقوم أحد الزوجين بمناقشة الحياة العائلية وعلاقاتهما الشخصية مع الأصدقاء أنما يعني هدم أسوار الخصوصية الشخصية والعائلية.
  6.  الأنانية المفرطة: قد يتمتع أحد الزوجين بشخصية تملكيه وأنانية إذ يقوم أحد الطرفين بالتضييق على الشخص الآخر مما يضع بداية لنفور بين الطرفين.
  7.  الخيانة: من أكثر الأسباب شيوعا للانفصال الخيانة الزوجية وخيانة الأمانة من أي من الطرفين.
  8.  عدم اظهار احترام أحدهما للآخر أمام الأصدقاء، كأن يقوم أحد الطرفين برفع صوته على الآخر أمام الأصدقاء أو في مكان عام.
  9.  العنف: الاعتداء بالسب أو الإيذاء الجسدي، علما بأن علاج ذلك هو التوقف فورا عن مناقشة موضوع الخلاف وتأجيله إلى وقت تهدأ فيه النفوس.
  10. إطلاق كلمات غير محببة في لحظة غضب: إن تهديد كل طرف للطرف الآخر بالطلاق عند أي نزاع قد يحدث الطلاق في ثورة غضب يؤدي إلى الندم لاحقا.
  11. عدم تقديم تنازلات بين الطرفين: يجب أن يحافظ كل طرف على حماية العائلة والمنزل والاستماتة في ذلك خصوصا إذا كان هناك أولاد وذلك بتقديم التنازلات والتضحيات من كلا الجانبين اعتبار ذلك تنازلا مهينا فلا يجب أن يكون بين الأزواج هذا الشعور المنبوذ.
  12. عدم تحديد الوقت المناسب لمناقشة الأمور: إذا كانت هناك مشكلة عائلية فيجب اختيار الوقت المناسب لمناقشتها فلا يجب الاصرار على تلك المشكلة عند عودة أي منها من عمله أو عند خروجه للعمل صباحا فأن ذلك قد يؤدي إلى الفشل الذريع في ايجاد حل للمشكلة علاوة على أنه قد يؤثر على أدائه وعلاقته بزملائه مما يؤدي إلى تعرضه للفشل بالنهاية، الأمر الذي سينعكس سلبا على عائلته ومنزله.
  13. الكذب: على كلا الزوجين تفادي الكذب الناتج عن الخوف أو التقصير فالصراحة والصدق فقط هما بر الأمان.
  14. تدخل الأهل في الأمور الشخصية: على الزوجين عدم فتح المجال لتدخل الأهل وذلك بحصر المشكلات الشخصية بين أسوار منازلهما ويستحسن الذهاب لهم للاطمئنان بين فترات معينة يتم الاتفاق عليها بين الزوجين.
  15. الطلب فوق المعقول: ألا تطلب الزوجة من زوجها ما هو فوق طاقته المادية وألا تشجعه على الاقتراض من الأفراد أو من البنوك للصرف على المواد الاستهلاكية أو السفر... الخ لأن ذلك سيعقد الأمور في المستقبل، فالحمد والشكر لله على عطائه والتمتع بالرزق الحلال هو ما يديم النعمة.
  16. عدم التغير: أن يحاول الزوجان أن يكسرا جليد الملل وروتين الحياة، والسعي إلى التغير والتجديد في الأمور اليومية وملئ الفراغ بأشياء مفيدة وأفكار بسيطة يمكننا الإفادة منها.
  17. استبعاد الهدايا بين الزوجين: تهادوا تحابوا، على كلا الزوجين تقديم هدايا أحدهما للآخر حتى لو كان شيئا رمزي مثلا وردة للتعبير عن العواطف والحب بينهما، مع الحرص على تذكير المناسبات المهمة كأعياد الميلاد وتواريخ الزواج وغيرها.
  18. كلام بلا تطبيق: عدم الاكتفاء بأطلاق الشعارات حول مدى رغبة كل طرف في انجاح الزواج بل يجب تحويل تلك الرغبة إلى واقع ملموس، بهذه الطريقة فقط يمكن أن ينجح الزواج وليس عن طريقة الكلام فقط.
  19. إن الحياة الزوجية معرضة إلى هزات قاسية، لذا على الزوجين أن يقررا مهما كانت الظروف صعبة، والآمال متشائمة، والعلاقات متوترة أن يتمسكا بالعلاقة الزوجية مهما بلغت تلك المشكلات من سوء، لأن التوقف عن التعلق بالأمل والتمسك بوشائج المحبة أنما يعني وضع نهاية مؤسفة لتلك العلاقة التي شرعها الله سبحانه وتعالى لأعمار هذا الكون، ولتكن حياتنا سعيدة خالية من أي مشكلة وعلينا تجنب ما ذكر اعلاه مع أطيب التمنيات للجميع بحياة زوجية وعائلة سعيدة.

- مركز الإرشاد الأسري

 

2019/04/16

ما معنى أن «النساء ناقصات العقول»؟

يُعد مبدأ المساواة من أهم الحقوق المتفق عليها بين البشر حتى عُد من الحقوق الأساسية للإنسان، ولكننا نجد اليوم أن الأديان عموماً متهمة بالعنصرية وتقديم جانب الرجل على المرأة ولذلك عدة تطبيقات، منها ما أقره الشرع الإسلامي من عدم الاكتفاء بشهادة المرأة الواحدة ، والاكتفاء بشهادة الرجل، كما في قوله تعالى: "وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" البقرة: 282، فأشار الى الغاية من تعددها بأن وجود الشاهدة الثانية ضمان لعدم ضلال الأولى، وعلل ذلك في الأحاديث الواردة عن طريق الفريقين بأنهن ناقصات عقل، فمن طرقنا ما جاء في التفسير المنسوب الى الإمام العسكري عليه السلام  وهو ينقل عن جده أمير المؤمنين عليه السلام: معاشر النساء، خلقتن ناقصات العقول، فاحترزن من الغلط في الشهادات .. الحديث. وسائل الشيعة: ج27، ص335.

ومن طرق المخالفين ما  أخرجه الشيخان في صحيحيهما صحيح البخاري (1/68)، صحيح مسلم (1/86) واللفظ للبخاري بسنده عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا».

وقبل الجواب عن الآية الكريمة لابد من التوقف عند معنى ناقصات العقول، فهل المراد منه أنهن أقل ذكاءً من الرجال؟ قطعا لا.

لما ثبت علمياً من تفوق المرأة في العديد من الوظائف الذهنية على الرجل، ففي دراسة نشرتها مجلة الدلي تلغراف البريطانية اشتركت فيها جامعة لوس انجلس الأمريكية  وجامعة مدريد الإسبانية جاء فيها "على هذا المستوى الهيكلي، الإناث قد تظهرن كفاءة أكبر تتطلب مادة عصبية أقل لإنجاز نتائج سلوكية على قدم المساواة مع الذكور".

ولا يؤثر كون حجم دماغ المرأة أصغر مما هو في الرجل، يقول تريفور روبينز استاذ العلوم العصبية بجامعة كامبريدج البريطانية: "البحث يشير الى أنه كلما كان الحصين في المرأة أصغر حجماً كان أداءه افضل، وحجم البنية لا يشير بالضرورة الى أي علاقة بمدى كفاءة الأداء". الدراسة السابقة.

والخلاصة ليس المراد من الحديث ان الرجل أكثر كفاءة ذهنية وذكاء من المرأة. إذن ما هو المراد؟

كما هو المنهج في سائر الدراسات لا يمكن أخذ حديث واحد وفصله عن غيره من الأدلة، بل لابد من ملاحظتها كمنظومة واحدة يبين ويشرح بعضها البعض الآخر، من هنا لابد من الرجوع لباقي الأحاديث التي تناولت هذا المعنى لنتلمس فيها المراد، فقد جاء في بعضها ما يصلح أن يكون بياناً لها،  ففي حديث مالك بن أعين ـ قال : حرض أمير المؤمنين عليه السلام الناس بصفين فقال: ... ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ناقصات القوى والانفس والعقول، وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده... الحديث. وسائل الشيعة: ج15، ص95.

والحديث واضح الدلالة في النهي عن التخاصم مع النساء حتى لو شتمن عرض الرجل وسببن رموزه، وذلك لأنهن لا يقدرن على تمالك أنفسهن عن الرد، فيكشف الحديث عن حقيقة تكوينية في خلقة المرأة، وانها ضعيفة السيطرة على مشاعرها  وكثيراً ما يتأثر قراراها بالعاطفة، وهذا ما أثبتته الدراسة الأخيرة، وبعبارة اوضح: يتحدث العلماء على أن أهم أجزاء المخ (Cerebrum) هو القشرة الدماغية او ما يسمى بالقشرة الحديثة (Neocortex) ، وهي ما تظهر في الصور بالتلافيف المخية ، وتعتبر أهم ما يميز الإنسان عن غيره، لأنها تشكل 40% من حجم المخ في الإنسان، بينما نجد في أكثر الرئيسيات تطوراً وهي الشمبانزي لا تشكل أكثر من 17%، وفي الكلب 7%. وفي القطط 3.5 %، وتتكون من خمسة فصوص، ولكل واحد منها وظائفه الخاصة:

الأول: الفص الجبهي (Frontal lobe)، وله عدة وظائف: الإدراك وحل المشكلات والتفكير، تطوير المهارات الحركية، أجزاء من الكلام، السيطرة على الانفعالات، تنظيم العواطف، التخطيط.

الثاني: الفص الجداري (Parietal lobe)، ومن أهم وظائفه: استشعار الألم والضغط واللمس، الإدراك البصري والحركي.

الثالث: الفص الصدغي (Temporal lobe)، وله مدخلية مهمة في تفسير المدركات الحسية وخصوصاً الواردة عن طريق السمع، فمن خلاله يتم التعرف على اللغة وربط الألفاظ بمعانيها.

الرابع: الفص القذالي (Occipital lobe ) ويقع في مؤخرة المخ وهو المركز البصري في الدماغ، ويحتوي على معظم المنطقة التشريحية للقشرة البصرية.

الخامس: الفص الحوفي (Limbic System): وهو نفسه المخ المشاعري الوجداني (EmotionalBrain)، او المخ الكيميائي (Chemical Brain)، وهذا الجزء من الدماغ يتعلق جزء كبير منه بالعواطف والانفعالات.

من هنا يتضح أن القرارات التي يتخذها الإنسان ـ رجلاً كان او امرأة ـ من خلال الفص الجبهي لابد أن تتأثر بمخرجات الفص الحوفي، وبعبارة أخرى هناك مساحة من تأثير العاطفة على قرارات الإنسان، لكن اكتشف العلماء إن هذه الفصوص ترتبط فيما بينها بألياف يقدر عددها ب200مليون ليف عصبي وتسمى الجسم الثفني او الجسم الجاسر (Corpus Callosum)، وقد أثبتت  الدراسات ان هذه الألياف عند النساء اثخن بكثير مما هي في الرجال مما يجعل قراراتها  أكثر تأثراً بالعواطف من الرجل، وتضعف سيطرتها على مشاعرها غالباً.

وهذا ما يفسر لنا علمياً معنى (ناقصات العقل)، بمعنى أن القوى الماسكة والتي تسيطر على السلوك تنقص مما هي عند الرجل، فالعقل لغة هو المسك، والعقال هو الماسك للكوفية، وعَقَلَ الناقة أي مسكها وثبتها.

ومن هنا يتضح السر في عدم الاكتفاء بالمرأة الواحدة في الشهادة، فللعاطفة تأثير كبير على شهادة المرأة، فقد تكون شهادتها ضد من تحب او لصالح من تكره.

وهذا لا يمثل نقصاً فيها وانما هو تشريع وفق الخلقة، فلزيادة القوة العاقلة أي الماسكة والمسيطرة على العواطف عند الرجل أوكل له جملة من الوظائف كالقيادة والقضاء ونحو ذلك، ولزيادة تأثير العاطفة عند النساء أوكل لها وظائف أخرى تتناسب والموهوب لها، فكمال المجتمع بهذين القبيلين ـ الرجل والمرأة ـ ولا غنى له عن واحد منهما.

ولا يصلح شأن الإنسان بالعقل المجرد دون العاطفة، ولا بالخشونة والغلظة لو لا اللينة والرقة، ولا بالغضب لو لا الشهوة، ولا أمر الدنيا بالدفع لو لا الجذب.

وبالجملة هذان تجهيزان متعادلان في الرجل والمرأة يتعادل بهما كفتا الحياة في المجتمع المختلط المركب منهما، وحاشاه سبحانه أن يحيف في كلامه أو يظلم في حكمه وهو القائل: "أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" النور: 50، وقال ايضاً: "وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً". الكهف: 49.

فإن قلت: كيف وقد صرح تعالى بتفضيل الرجال على النساء في قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". النساء: 34؟

قلت: ليس المراد من التفضيل في الآية الكريمة أن الرجال أقرب وأكرم، بل الكرامة عند الله تعالى هي بحسب القربى والزلفى منه تعالى "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ". الحجرات: 13، فالإسلام لا يعبأ بشيء من الأمور المادية التي لا يستفاد منها إلا للحياة المادية وإنما هي وسائل يتوسل بها لما عند الله.

وإنما المراد من التفضيل زيادة روح التعقل بحسب الطبع في الرجل ومزيته على المرأة في هذا الشأن، وهذا لا يمنع من تفضيل المرأة بما يقابلها من الإحساسات اللطيفة والعواطف الرقيقة التي لا غنى للمجتمع عنها في حياته، ولها آثار هامة في مختلف جوانب المجتمع.

 

2019/03/27

2019/03/18

«ثلاثة» أمور لا تفعلها مع زوجتك!

- لا تهن زوجتك..

ايها الزوج الكريم كما لا تحب ان تهان من قريب او بعيد فكذلك زوجتك كلاكما انسان خلق في أحسن تقويم، بل انها تحتاج الى زوج يدافع عنها إذا تعرضت للإهانة، واعلم ايها الرجل الكريم ان الاهانة من السمات غير الحميدة والذميمة التي نهانا الله عنها، والانسان الذي يستخدم هذا الاسلوب هو انسان جاهل، كما أنك إذا اهنتها سيلحقك الذنب الذي عليه عقوبة في الدنيا والاخرة.

واعلم ان الإهانة التي توجهها اليها يمكن ان تبقى راسخة في قلبها وعقلها لذلك احذر من اهانتها، واعتذر منها واطلب السماح منها لكي تغفر لك.

- لا تضربها..

ايها الزوج الكريم إذا كنت ترى ان الرجولة في ضرب الزوجة فأنت مخطئ، لان الضرب ليس من الوسائل التي تؤدي الى الحل بل الحل بالحوار لا غيره، بالحوار الصحيح كل المشاكل تذوب وتتلاشى.

ان الضرب مهما كان نوعه له اثار سلبية على اولادك وما يأخذون من انطباع سلبي عن الاب يؤثر عليهم مستقبلا.

- لا تعد للبيت عبوس الوجه..

لا تعد الى بيتك مقطب الوجه، عابس المحيا، صامتا، فإن ذلك يثير فيها القلق، تذكر دائما ان زوجتك تحب ان تجلس لتتحدث معها واليها في كل ما يخطر ببالك، كما تحتاج الى الكلمة الطيبة التي تحلى بها مسامعها، واعلم عزيزي ان ذلك يجعل حياتها أجمل كما يؤثر ذلك على تعاملها مع من هم داخل البيت.    

2019/03/06

لا تحولوا البيوت إلى صفوف دراسية!

"والله إني أبكي من الألم النفسي بسبب الواجبات المدرسية"...

هكذا بدأت إحدى الأمهات كلامها وهي تتحدث عن تدريس أطفالها في البيت "ولد وبنت في الصف الأول والثالث".

تقول إنها تقضي معظم نهارها في خصام وجدال وغضب وقلق متواصل حتى يكمل أطفالها واجباتهم والمطلوبة منهم وهناك الكثير من الأمهات مثلها.

فأقول لزملائي المعلمين والمعلمات:

  1. التعليم يا أحبتي تراكمي ويحدث على مدى سنوات فلو سألتك متى أتقنت القراءة والإملاء فلن تستطيع تحديد وقت بعينه وهذا يجب أن نضعه في الحسبان عندما نعلم الطلاب، الغلو والمبالغة في التعليم والتكرار وكثرة الواجبات واثقال كاهل الطالب بأشياء من خارج المنهج لا يتناسب مع طبيعة التعليم وما فيها من تدرج منطقي، ثم لو راجعنا المهارات المطلوب اتقانها في الصف الثاني والثالث فسنجدها قريبة من مهارات الصف الأول فلماذا هذا الحشد والإكثار مادامت مطلوبة منه على مدى ثلاث سنوات، ولا يخفى عليكم كم أن المبالغة في التعليم (الأكاديمي) وإعطائه أكثر من وقته مضر ومحبط ومتعب بالنسبة للطلاب متوسطي المستوى وهم الأغلبية، فليس لديهم الوقت الكافي للعب وبقية أنشطة الطفولة التي يستحقونها والتي تعلمهم هي أيضًا.
  2. مع انفتاح فضاء الإنترنت وكثرة (الإبداعات) من المعلمين والمعلمات ومجموعات الواتساب والتليجرام والمنتديات وكل مواقع التواصل التي يتوفر فيها الكثير من أوراق العمل والدروس النموذجية؛ يجب علينا كمعلمين أن نستفيد من هذه النماذج لننتج ما يحقق أهدافنا الخاصة بنا داخل الصف بما يناسب طلابنا الذين نرى تقدمهم ونقيس قدراتهم، أما عملية الطباعة والتوزيع بكثرة وبمبالغة وكلما أعجبنا شيء طبعناه ثم طلبناه من طلابنا كواجب فهذه مبالغة وإسراف يثقل كاهل الطالب وعائلته بالكم الذي يضيع معه الكيف، وعلينا أن نفكر في رحمة هؤلاء الصغار أكثر من تفكيرنا في كلام المشرف التربوي وتقييمه ، وعلى المشرفين التربويين أن يكونوا أكثر وعيًا وينشروا الوعي بأهمية التركيز على حب القراءة وبناء اتجاهات إيجابية نحو العلم والتعلم وأن المبالغة تنافي هذا.
  3. الطالب يتعلم داخل الصف ونلقي عليه دروسًا بعد أن خططنا لها جيدًا وقدمناها باستراتيجية معينة، ثم نلاحظ تقدمه من خلال التغذية الراجعة لما قدمناه نحن (وليس ما يقوم به الأهل في البيوت) ثم بعد ذلك نحكم على جهدنا وعلى طريقتنا ونضع خطط العلاج بناءً على ما نلاحظه ونراه نحن ومع أهمية مشاركة البيت في التعليم، إلا أن ما يتعلمه الطفل في الصف هو الأهم مهما كان بسيطًا وهو مهنتنا التي من أجلها جاء هذا الطفل من بيته، كما لا ينبغي علينا أن نعوّل على البيت كثيرًا وذلك لأن الأصل في البيت (بالنسبة للطفل) ليس مكانًا للدراسة ولكن قد يعطي الدراسة بعض الوقت بحل واجب مختصر يناسب عمره.
  4.  الواجب المدرسي التقليدي الذي نعرفه هو أن يقول المعلم في نهاية الحصة "خذوا باقي التمرينات واجب" أو "اكتبوا الدرس واجب" ثم في اليوم التالي يسألهم "من الذي لم يحل الواجب؟) ... وإلى آخره من الروتين الذي يكون الهدف منه أن يدرس الطفل ويتعلم ويستفيد، حسب رأي المعلم الذي يعطي الواجب بهذه الطريقة، ولكن بهذه الطريقة قد (نكرّه) الطفل وأم الطفل في المدرسة وفي العلم والتعلم ... فإذا أردنا أن يكون الواجب ممتعًا ومفيدًا يجب أن يكون قصيرًا قدر المستطاع ومناسبًا لسن الطفل بحيث يساعده على استذكار ما تعلمه دون أن يكلف عليه.
  5. الأستاذ توفيق الشماسي ضرب لي مثالًا بالمصباح الكهربائي الذي يعمل على 12 فولت لو شغلناه على 50 فولت -مثلًا- فسيعمل وبإضاءة أقوى لكن بعد وقت بسيط سيحترق، كذلك الطالب يمل يسأم ويحترق!!

هوّن على نفسك عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة فهلك المتنطعون والأجر يكون بالاجتهاد ويكون بالراحة وأخذ الأمور بحكمة، كما أن التدرج سنة كونية وبالمنطق التوسط والاستمرارية أكثر فائدة من الإكثار والإجهاد المنفر.

لا ينبغي أن تتحول البيوت إلى صفوف دراسة واستنفار وعراك وليس كل الأمهات كما تظنون هناك المشغول وهناك الأمي وهناك المريض.

2019/02/24

للنساء فقط! لماذا لا تملكين شيئاً كصديقاتك؟!!

قالت إحداهن: ﺟﻠﺴﺖُ ﻣﻌﻬﺎ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ، ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ، ﻭﺍﻷﺛﺎﺙ، ﻭﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻳﺎﺕ.

ﺣﺘﻰ ﺷﻌﺮﺕُ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻧّﻲ ﻻ ﺃﻣﻠﻚُ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.

ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ،  ﻓﺤﻜﺖ لي ﻋﻦ ﻗﻮﺍﺋﻢ ﻣﺸﺘﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻒ،  ﻭﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﺴﺘﺎﺋﺮ ﻭﻭﻭ...

ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﺎ ﺧﻄﻴﺮﺍ.. ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺃﻧّﻲ ﺑﺮﻓﻘﺘﻬﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻨﻘﺺ، ﻭﺑﺪﻭﻧﻬﺎ ﺃﺷﻌﺮ باﻣﺘﻼﺀ  ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

 ﻓﻘﺮﺭﺕُ ﺃﻥ ﺃﺑﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ!!

 ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ أﻗﺮﺃ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻓﻘﺮﺃﺕ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: «ﻭﻻ ﺗﻄﻊ ﻣﻦ ﺃﻏﻔﻠﻨﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﻫﻮﺍﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺮﻃﺎ»

ﺃﺳﺮﻋﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ (ﻓﺮﻃﺎ)؟

 ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺿﻴﻊ ﺃﻣﺮ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﺗﻬﺎﻭﻥ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻧﺸﻐﻞ ﺑﺪﻧﻴﺎﻩ، ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﻛﺎﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻭﺗﻔﺮﻁ

ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺑﺼﺤﺔ ﻗﺮﺍﺭﻱ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻨﻬﺎ.

ﻧﻌﻢ..

 ﻣﻦ ﺍﻵﻥ ﻓﻜﺮي ﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻚ!

ثقي ﺃﻧﻚ ﺳﺘﺄﺧﺬي ﻣﻨﻬﻢ شيئا ﻣﺎ..

صاحبي ﺍﻟﺤﻔّﺎﻅ ستحفظين ﻣﺜﻠﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ..

صاحبي ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ستصبحين ﻣﺜﻠﻬﻢ..

صاحبي ﺍﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﺳﺘﺒﺪعين ﻛﺤﺎﻟﻬﻢ..

صاحبي ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ ستصبحين ﻣﺜﻠﻬﻢ..

إن جالست فجالسي الصالحة..

وأن شاورت فشاوري عاقلة..

وإياك ومن سفهت نفسها ولم تقم لآخرتها وزنا أن ترخي لها سمعا..

صاحبي ﻣﻦ ﻻ يكوﻥ ﺃﻣﺮها ﻓﺮﻃﺎ  ﻭﺇﻻ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺜﻠها!

2019/02/16

أرقام وحقائق تكشف لأول مرة عن مستشفى تابع للعتبة الحسينية

بنبرة صوت انثوي، ولد الشاب (م . أ) من اهالي مدينة البصرة جنوب العراق على الرغم من تجاوزه سن الـ 15 من العمر التي يتغير فيها صوت الشباب الى صوت اكثر رجولة.

مثلت عقدة الصوت هذه مشكلة لـ (م . أ) على الرغم من انها خارج ارادته، فهو لم يعاني من مرض في الاوتار او الحنجرة حتى يصبح على هذه الحال.

لم يترك الشاب العشريني بابا الا طرقه باحثا عن حل لتغيير صوته، فارشده مختصون الى مستشفى الامام زين العابدين عليه السلام في كربلاء التابعة للعتبة الحسينية المقدسة.

لم يرقد (م . أ) في المستشفى سوى يوم واحد بعد اجراء عملية جراحية لتغيير الصوت على يد الدكتور ناظم عمران كاظم اخصائي الانف والاذن والحنجرة في المستشفى، حتى تغير صوته بشكل جذري.

يقول الشاب البصري في حديث لاعلام المستشفى، ان صوته "تغير تماما عما كان عليه في السابق".

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

حقائق وارقام

يقول المشرف العام على المستشفى زهير عبد الكريم لموقع "الائمة الاثني عشر"، ان العتبة الحسينية المقدسة بدأت تقديم الخدمات الطبية في القطاعين العام والخاص، حيث شملت الخدمات الصحية في القطاع العام التي تتم بالتعاون مع وزارة الصحة تقديم الخدمات الطبية المجانية في مستشفى سفير  الحسين الجراحي، ومركز السيدة زينب التخصصي لجراحة العيون.

ويضيف عبد الكريم، انه بموجب الشراكة بين العتبة الحسينية ووزارة الصحة فإن الوزارة ترفد العتبة الحسينية بالكوادر الطبية، وتتبنى العتبة الحسينية بدورها توفير الامور الاخرى.

ويمضي بالقول، ان عوائد الخدمات الطبية في المستشفى والمركز هي اجور رمزية تذهب الى وزارة الصحة والعتبة لا تأخذ شيء منها، وهي ذات الاجور التي يدفعها اي مواطن عند مراجعته لمستشفيات ومراكز وزارة الصحة.

ويشير عبد الكريم، وهو عضو مجلس ادارة العتبة الحسينية، الى ان العتبة تتكفل بـ "تجهيز هذه المراكز والمستشفيات بالأجهزة والمستلزمات الطبية والخدمات والكادر الاداري والخدمي، وحتى الكادر الطبي التي يحتاجها المركز او المستشفى ولا تتوفر لدى وزارة الصحة تتعاقد معها العتبة الحسينية وتدفع اجورها ايضا".

وتابع قائلا، ان النفقات التي تدفعها العتبة الحسينية لإدارة المراكز والمستشفيات بالقطاع العام تبلغ 150 مليون دينار عراقي شهريا دون مقابل، حتى تتمكن من ادارة هذه المراكز والمستشفيات".

مشاريع القطاع الخاص

في العام 2016 افتتحت العتبة الحسينية مستشفى الامام زين العابدين عليه السلام في شارع الوائلي بمركز كربلاء، على قطعة ارض متبرع بها، بعد شراء قطع اراض مجاورة لتوسيع مساحة المستشفى، شيدت المستشفى مؤسسة الكوثر الخيرية الايرانية بأموال موقوفة للامام الحسين عليه السلام، فيما تحملت العتبة الحسينية تكاليف تغليف وتحديث صالات المستشفى بمبلغ تجاوز 3,5 مليار دينار عراقي.

امر بين امرين

في العام 2016 وقبيل افتتاح المستشفى، عقد مجلس ادارة المستشفى انذاك اجتماعا مع المتولي الشرعي للعتبة الحسينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الذي حدد حينها السياسة العامة للمستشفى بالقول "ان نظام المستشفى لن يكون كما المستشفيات الخاصة بأجورها المرتفعة، ولن يكون مجانيا كما في المستشفيات العامة، بل الاساس هو ان تكون هناك خدمات طبية نوعية مقابل اجور مخفضة".

اÙصÙرة اÙرئÙسÙØ©

يقول عبد الكريم، "ان العتبة الحسينية المقدسة تدفع شهريا اكثر من 500 مليون دينار كأجور للخدمات الطبية والكوادر ولو لا هذا الدعم لم تكن الاسعار بالشكل الحالي بل ستكون اكثر من ذلك بكثير".

ويشير الى ان هناك الكثير من المبادرات لتخفيض الاجور الطبية ومبادرات لخدمات طبية مجانية بالتزامن مع ولادات وشهادات ائمة اهل البيت عليهم السلام، كما حصل في ايام الجمعة من شهر رجب، وشهري محرم وصفر، وذكرى استشهاد الزهراء عليها السلام، وعمليات القلب المفتوح للاطفال المجانية والمخفضة.

ويبين عبد الكريم، وهو المشرف على قسم الشؤون الطبية في العتبة، ان المستشفى عمد الى اصدار بطاقة وفاء للعوائل المتعففة, وهي بطاقة قيمتها 500 الف دينار تكون كل العلاجات والفحوصات عبر هذه البطاقة المجانية، حيث تم توزيع اكثر من 250 بطاقة على العوائل المتعففة في كربلاء,

ويستطرد قائلا، "تحملت العتبة الحسينية والمستشفى تكاليف العلاج والخدمات الطبية وفق هذه البطاقة التي بلغت اكثر من 125 مليون دينار تقريبا".

ويؤكد، ان المستشفى ان المستشفى غير ربحية، وحتى ان ظهرت ارباح فتستثمر في تطوير المستشفى وتقديم خدمات طبية للمواطنين".

في السياق ذاته، اعلن المستشفى اواخر كانون الاول الماضي احصائية نهاية العام 2018 التي اوضح فيها الاتي :

- استقبل المستشفى 260,093 حالة.

- اجرى المستشفى 322،877 فحص (سونار، رنين مغناطيسي، مفراس حلزوني، منظار المعدة، وفحوصات مختبرية).

- عمليات مجانية 1106 عملية وفحص مجاني بقيمة اجمالية بلغت مليار ونصف المليار دينار عراقي.

يقول مدير المستشفى الدكتور ماجد العامري لموقع "الائمة الاثني عشر "ان المستشفى يقوم بإجراء عمليات مجانية في مناسبات ولادات واستشهاد ائمة اهل البيت عليهم السلام خصوصا عمليات الولادة الطبيعية والقيصيرية، وتخفيض اجور الخدمات الطبية الى النصف".

ويضيف العامري، ان عوائل الشهداء لهم ميزة خاصة في المستشفى، حيث تقدم الخدمات الطبية كافة لهم بشكل مجاني".

زمن بين العمليات النوعية والنادرة التي اجراها المستشفى، عمليات تعديل اعوجاج العمود الفقري، وعمليات تغيير الصوت، وعمليات تركيب انبوب التغذية بالمعدة دون عمل جراحي، وعمليات زراعة المفاصل، وعليات اعادة الحركة الى اطراف مشلولة.

بدوره، يقول حيدر الساعدي، وهو احد مراجعي المستشفى من بغداد، ان مستشفى الامام زين العابدين عليه السلام هو من المستشفيات السباقة في تقديم الخدمة الطبية للمواطنين وبمعايير جودة عالية، وتستثمر مناسبات اهل البيت عليهم السلام في خدمة الناس والصالح العام.

واعرب الساعدي، عن شكره للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة ولكادر المستشفى.

2019/02/12